الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ الدعاء لمن يُقاتلُ أو يعملُ على ما يُعين على القتال في وجهه وذكر ما يُنَشِّطُهم ويحرِّضُهم على القتال)
قال الله تعالى: (يا أيُّها النَّبِيُّ حَرّضِ المُؤْمِنِينَ على القِتالِ)[الأنفال: 65] وقال تعالى: (وحَرّضِ المُؤْمِنِينَ)[النساء: 84] .
581 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أنس رضي الله عنه قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلما رأى
ما بهم من النَّصَب والجوع قال: " اللَّهُمَّ إنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ، فاغْفِرْ لِلأنْصَارِ وَالمُهاجِرَةِ ".
(بابُ الدعاء والتضرّع والتكبير عند القتال واستنجاز الله ما وعد من نصر المؤمنين)
قال الله عز وجل: (يا أيُّها الَّذين آمَنُوا إذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا الله كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وأطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ، وَلا تَكُونُوا كالَّذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بطرا ورثاء النَّاسِ وَيَصُدُونَ عَنْ سَبِيلِ الله)[الأنفال: 45 - 47] قال بعضُ العلماء هذه الآية الكريمة أجمع شئ جاء في آداب القتال.
582 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن ابن عباس قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في قُبّته: " اللَّهُمَّ إني أنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ " فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده فقال: حَسْبُكَ يا رسول الله فقد أَلْحَحْتَ على ربِّك، فخرج وهو يقول:(سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأمَرُّ)[القمر: 45 - 46] ، وفي رواية " كان ذلك يوم بدر " هذا لفظ رواية البخاري.
وأما لفظ مسلم فقال: استقبل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مَدََّ يديه فجعل يهتفُ بربه عز وجل يقول: " اللَّهُمَّ أنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ مِنْ أهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأرْضِ " فما زال يهتف بربه مادّاً يديه حتى سقطَ رداؤُه.
قلتُ: يَهتف بفتح أوله وكسر ثالثه، ومعناه: يرفع صوته بالدعاء.
583 -
وروينا في " صحيحيهما " عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو - انتظر حتى مالتِ الشمسُ، ثم قامَ
في الناس قال: " أيُّها النَّاسُ لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوّ (1) واسألوا اللَّهَ العافِيَةَ، فإذَا لَقيتُموهُم فاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ "، ثم قال:" اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وَهازِم الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ " وفي رواية: " اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتابِ، سَرِيعَ الحِسابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ ".
584 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين.
قال اسيوطي في " تحفة بنكت الأذكار ": قال الحافظ: كذا في النسخة يوم حنين، بالمهملة المضمومة والنون، وهو تصحيف قديم، وإنما هو يوم خبير - في الأصل: جبير، وهو تصحيف.
وروينا في " صحيحيهما " عن أنس رضي الله عنه قال: صبَّحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خيبرَ، فلما رأوْه قالوا: محمد والخميس (2) ، فلجؤوا إلى الحصن، فرفعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يديه فقال:" اللَّهُ أكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذَا نَزَلْنا بِساحَةِ قَوْمٍ فَساءَ صَباحُ المُنْذَرِينَ ".
585 -
وروينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ - أوْ قَلَّما تُرَدَّانِ - الدُعاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ البأسِ حِينَ يُلْجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ".
قلت: في بعض النسخ المعتمدة " يلحم " بالحاء، وفي بعضها بالجيم، وكلاهما ظاهر.
586 -
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: " اللَّهُمَّ أنْتَ عَضُدِي وَنَصيرِي، بِكَ أحُولُ، وَبِكَ أصُولُ، وَبِكَ أُقاتِلُ ".
قال الترمذي: حديث حسن (3) .
قُلْتُ: معنى عَضُدِي: عوني.
قال الخطابي: معنى أحول: أحتال.
قال: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معناه: المنع والدفع، من قولك: حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما من الآخر، فمعناه: لا أمنعُ ولا أدفعُ إلا بك.
(1) قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن بطال: حكمة النهي أن المرء لا يعلمُ ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال
العافية من الفتن.
(2)
الخمسين هو الجيش، كما وفع في نسخة من الأذكار، وقد فسره به في البخاري، قال: سمي خميسا، لأنه خمسة أقسام: ميمنة وميسرة، ومقدمة، ومؤخرة، وقلب.
(3)
وأخرجه أيضا ابن حبّان في صحيحه، وهو حديث صحيح، صححه الحافظ وغيره.
(*)
587 -
وروينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: " اللَّهُمَّ إنا نجعلك في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ ".
588 -
وروينا في كتاب الترمذي عن عمارة بن زَعْكَرَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: إنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي، الَّذي يَذْكُرُنِي وَهُوَ مُلاقٍ قِرْنَهُ " يعني عند القتال.
قال الترمذي: ليس إسناده بالقويّ (1) .
قلت: زَعْكَرة بفتح الزاي والكاف وإسكان العين المهملة بينهما.
589 -
وروينا في كتاب ابن السني عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: " لا تَتَمَّنَّوْا لِقَاءَ العَدُوّ، فإنَّكُمْ لا تَدْرُونَ ما تبتلون بِهِ مِنْهُمْ، فإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبُّنا وَرَبُّهُمْ، وَقُلُوبُنا وَقُلُوبُهُمْ بِيَدِكَ، وإنَّمَا يَغْلِبُهُمْ أنْتَ ".
590 -
وروينا في الحديث الذي قدّمناه عن كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه قال: " كنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة، فلقي العدو، فسمعته يقول: " يا مالكَ يَوْمِ الدّينِ، إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ " (2) ، فلقد رأيتُ الرِّجالَ تُصرَع تضربُها الملائكةُ من بين أيديها ومن خلفها (3) .
591 -
وروى الإِمام الشافعي رحمه الله في " الأُم " بإسناد مُرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجُيُوشِ، وإقامَةِ الصَّلاةِ، وَنُزُولِ الغَيْثِ "(4) .
قلت: ويستحبّ استحباباً متأكداً أن يقرأ ما تيسر له من القرآن، وأن يقول دُعاء الكَرْب الذي قدَّمنا ذكره.
592 -
وأنه في " الصحيحين "" لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إِلهَ إِلَاّ اللَّه رَبّ العَرْشِ العظيم، لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ".
593 -
ويقول ما قدَّمناه هناك في الحديث الآخَر: " لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ الحَلِيمُ الكَريمُ، سُبْحان اللَّهِ رَبّ السَّمَوَاتِ السَّبْع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنْتَ، عَزَّ جارُكَ وجل ثناؤك ".
(1) لكن له شاهد حسَّنه به الحافظ، قال ابن عالن في " شرح الأذكار ": قال احافظ: ولكن وجدت له شاهدا قويا مع أرساله أخرجه البغوي من طريق جبير بن نفير فلذلك قلت: حسن.
(2)
في بعض النشخ: إيَّاك أعْبُدُ وإيَّاكَ أستعين.
(3)
؟ قدم التعليق عليه في الصفحة 105.
(4)
انظر التعليق عليه في الصفحة 33.
(*)