الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليحذرْ كلَّ الحذرِ مما اعتاده جهلةُ أئمة كثير من المساجد من قراءة سورة الأنعام بكمالها في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة من شهر رمضان، زاعمين أنها نزلتْ جملةً، وهذه بدعة قبيحة وجهالة ظاهرة مشتملة على مفاسد كثيرة، وقد أوضحتها في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن " وبالله التوفيق.
(بابُ أذكارِ صَلاةِ الحَاجة)
531 -
روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلى اللَّهِ تَعالى أوْ إلى أحدٍ مِن بَني آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأ وَلْيُحْسِنِ الوُضُوءِ، ثُمَّ ليُصَلّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ لِيُثْنِ على الله عز وجل، وَلْيُصَلّ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ليَقُلْ: لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، سُبْحانَ اللَّه رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ، أسألُكَ مُوجِباتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلّ بِرّ، والسَّلامَةَ مِنْ كُلّ إثْمٍ، لا تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلَاّ غَفَرْتَهُ، وَلا هَمَّاً إِلَاّ فَرَّجْتَهُ، وَلا حاجَةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلَاّ قَضَيْتَها يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ".
قال الترمذي: في إسناده مقال (1) .
قلتُ: ويُستحبّ أن يدعوَ بدعاء الكرب، وهو: اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النَّارِ، لما قدّمناه عن " الصحيحين " فيهما.
532 -
وروينا في كتاب الترمذي، وابن ماجه، عن عثمان بن حُنَيْف رضي الله عنه، أن رجلاً ضريرَ البصر أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: ادعُ اللَّهَ تعالى أن يعافيني، قال:" إنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قال فادعُه، فأمره أن يتوضأَ فيُحسنَ وضوءَه ويدعوَ بهذا الدعاء: اللَّهُمَّ إني أسألُكَ وأتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا مُحَمَّدُ إني تَوَجَّهْتُ بكَ إلى رَبّي في حاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيّ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(باب أذكار المتعلقة بالزكاة)
533 -
روينا في كتاب الترمذي عنه قال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح، لا يصح منه كبير شئ (2) .
قال: وقد رأى ابن المبارك وغير واحد من
(1) ولكن له شاهد من حديث أنس عند الطبراني بإسناد ضعيف، ولحديث أنس طرق أخرى في مسند الفردوس وإسنااده ضعيف أيضا، كما قال الحافظ في تخريج الأذكار.
(2)
لكن له شواهد بمعناه ربما يقوى بها، قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قال الحافظ: ووجدت له شاهدا = (*)
أهل العلم صلاة التسبيح، وذكروا الفضل فيه.
قال الترمذي: حدّثنا أحمد بن عبدة، قال: حدّثنا أبو وهب، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يسبّح فيها، قال: يكبّر ثم يقول: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبارَكَ اسْمُكَ وَتَعالى جَدُّكَ وَلا إِلهَ غَيْرُكَ، ثم يقول خمس عشرة مرّة: سُبحانَ الله والحَمْدُ لِلَّهِ ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يتعوّذ ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وفاتحة الكتاب، وسورة، ثم يقول عشر مرات: سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إله إلا الله وَاللَّهُ أكْبَرُ، ثم يركع فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد الثانية فيقولها عشراً، يصلي أربع ركعات على هذا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة، يبدأ بخمس عشرة تسبيحة، ثم يقرأ، ثم يسبّح عشراً، فإن صلى ليلاً، فأحبّ إليّ أن يسلّم في ركعتين، وإن صلّى نهاراً، فإن شاء سلّم، وإن شاء لم يسلّم (1) .
وفي رواية عن عبد الله بن المبارك أنه قال: يبدأ في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، ثم يُسبِّح التسبيحات، وقيل لابن المبارك: إن سها في هذه الصلاة، هل يُسبِّح في سجدتي السهو عشراً عشراً؟ قال: لا، إنما هي ثلاثمائة تسبيحة.
534 -
وروينا في كتاب الترمذي، وابن ماجه، عن أبي رافع رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: يا عَمُّ ألا أصِلُكَ ألا أحْبُوكَ ألا أنْفَعُكَ؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: " يا عَمّ صَلّ أرْبَعَ رَكعَاتٍ تَقْرأُ فِي كُلّ رَكْعَةٍ بِفاتِحَةِ القُرآنِ وَسُورَةٍ، فإذَا انْقَضَتِ القِرَاءةُ، فَقُلِ: اللَّهُ أكْبَرُ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قَبْلَ أنْ تَرْكَعَ، ثُمَّ ارْكَعْ فَقُلْها عَشْراً ثُمَّ ارْفَعْ رأسَكَ، فَقُلْها عَشْراً، ثُمَّ اسْجُدْ، فَقلْها عَشْراً، ثُمَّ ارْفَعْ رأسَكَ، فَقُلْها عَشْراً قَبْلَ أنْ تَقُومَ، فَتِلْكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلّ رِكْعَةٍ، وهي ثلاثمائة
= من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا طلبت حاجة فأردت أن تنجح فَقُلْ: لا إِلهَ إلا الله
…
فذكر نحو حديث عبد الله بن أبي أوفى بطوله وأتم منه، لكن لم يذكر الركعتين، قال احافظ بعن تخريجه من طريق الطبراني أحدهما في كتاب الدعاء والثاني في غيره قال: وقال الطبراني في هذه رواية: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن سليمان المغربي، قال الحافظ: وأبو معمر، يعني شيخ يحيى بن سليمان واسمه حماد بن عبد الصمد، وهو راوي عن أنس، ضعيف جداً.
قال الحافظ: ولحديث أنس طريق أخرى في مسند الفردوس من رواية شقيق بن إبراهيم البلخي العابد المشهور عن أبي هاشم عن أنس بمعناه، ولكن ابن هاشم واسمه كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضعف وأشد.
(1)
ولكن له شواهد وطرق يقوى بها. منها حديث أبي رافع الذي سيأتي رواية الترمذي وابن ماجه.
(*)
في أرْبَعِ رَكَعاتٍ، فَلَوْ كانَتْ ذُنُوبُكَ مِثْلَ رَمْلِ عالِجٍ غَفَرَهَا اللَّهُ تَعالى لَكَ "، قال: يا رَسولَ الله مَن يستطيع أن يقولها في يوم؟ قال: " إنْ لَمْ تَسْتَطِعْ أنْ تَقُولَهَا فِي يَوْمٍ فَقُلْها فِي جُمُعَةٍ، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ أنْ تَقُولَهَا في جُمُعَةٍ فَقُلْها فِي شَهْرٍ، فلم يزل يقول له حتى قال: قُلْها في سَنَةٍ " قال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: قال الإِمام أبو بكر بن العربي في كتابه " الأحوذيّ في شرح الترمذي ": حديث أبي رافع هذا ضعيف ليس له أصل في الصحة ولا في الحسن، قال: وإنما ذكره الترمذي لينبّه عليه لئلا يغترّ به، قال: وقول ابِن المبارك ليس بحجة، هذا كلام أبي بكر بن العربي.
وقال العُقَيْلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وذكر أبو الفرج بن الجوزي أحاديثَ صلاة التسبيح وطرقها، ثم ضعَّفها كلَّها وبيّن ضعفَها، ذكره في كتابه في الموضوعات (1) .
وبلغنا عن الإِمام الحافظ أبي الحسن الدارقطني رحمه الله أنه قال: أصح شئ في فضائل السوَر، فضل:(قل هو الله أحد) وأصحّ شئ في فضائل الصلوات فضل صلاة التسبيح، وقد ذكرتُ هذا الكلامَ مسنداً في كتاب " طبقات الفقهاء " في ترجمة أبي الحسن عليّ بن عمر الدارقطني، ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون حديثُ صلاة التسبيح صحيحاً، فإنهم يقولون: هذا أصحُّ ما جاء في الباب، وإن كان ضعيفاً، ومرادُهم أرجحُه وأقلُّه ضعفاً (2) .
قلت: وقد نصَّ جماعةٌ من أئمة أصحابنا على استحباب صلاة التسبيح هذه، منهم
أبو محمد البغوي وأبو المحاسن الروياني.
قال الروياني في كتابه " البحر " في آخر " كتاب الجنائز " منه: اعلم أن صلاة التسبيح مُرَغَّب فيها، يُستحبّ أن يعتادها في كل حين، ولا يتغافل عنها، قال: هكذا قال عبد الله بن المبارك وجماعة من العلماء.
قال: وقيل لعبد الله بن المبارك: إن سهَا في صلاة التسبيح، أيُسبِّح في سجدتي السهو عشراً عشراً؟ قال: لا، وإنما هي ثلاثمائة تسبيحة، وإنما ذكرتُ هذا الكلام في سجود السهو، وإن كان قد تقدم لفائدة لطيفة، وهي أن مثل هذا الإِمام إذا حكى هذا ولم ينكره أشعر بذلك بأنه يوافقه، فيكثر القائل بهذا الحكم، وهذا الروياني من فضلاء أصحابنا المطّلعين، والله أعلم.
(1) ولكن للحديث طرق وشواهد تدلّ على أن له أصلا، وهو حديث حسن أو صحيح.
(2)
بل هو حديث صحيح لطرقه وشواهده.
(*)