الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها، وقالوا: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإِقبال على ذكر الله تعالى والإِكثار منه.
وقال السيد الجليل أحمد بن أبي الحواري - بفتح الراء وكسرها - شكوتُ إلى أبي سُليمان الداراني الوسواس، فقال: إذا أردت أن ينقطع عنك، فأيّ وقت أحْسَسْتَ به فافرح، فإنك إذا فرحتَ به انقطع عنك، لأنه ليس شئ أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن، وإن اغتممت به زادك قلت: وهذا مما يُؤيد ما قاله بعض الأئمة: إن الوسواس إنما يُبتلى به من كمل إيمانه، فإن اللصّ لا يقصد بيتا خربا.
(بابُ ما يُقرأُ على المَعْتُوهِ والمَلْدُوغ)
375 -
روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: انطلق نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفْرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب، فاستضافُوهم، فأبوا أن يُضيِّفوهم، فلُدغ سيِّدُ ذلك الحيّ، فسعَوْا له بكل شئ، لا ينفعه شئ (1) فقال بعضُهم: لو أتيتم هؤلاء الرَّهَطَ الذين نزلوا لعلَّهم أن يكونَ عندهم بعض شئ، فأتوهُم فقالوا: يا أيُّها الرَّهط ; إنَّ سيدنا لُدغ، وسعينا له بكل شئ، لا ينفعه شئ، فهل عندَ أحدٍ منكم من شئ؟ قال بعضُهم: إني والله لأَرْقي، ولكنْ والله لقد استضفناكم فلم تضيِّفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلا (2) ، فصالحُوهم على قطيع من الغنم، فانطلقَ يتفلُ عليه ويقرأُ:(الحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ العَالَمِينَ)(3) ، فكأنما نَشِطَ من عِقَال، فانطلقَ يمشي وما به قَلَبَة، فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، وقال بعضُهم: اقسموا، فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنذكرَ له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له، فقال:" وَما يُدْرِيكَ أنها رُقْيَةٌ "؟ ثم قال: " قَدْ أصَبْتُمُ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لي مَعَكُم سَهماً "، وضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم.
هذا لفظ رواية البخاري، وهي أتمّ الروايات.
وفي رواية " فجعل يقرأ أُمّ الكتاب ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ الرجل ".
وفي رواية: " فأمر له بثلاثين شاة ".
(1) فيه استئناف.
(2)
جُعلاً بضم الجيم: اسم مصدر، والمصدر الجَعل بالفتح، يقال: جعلت كذا جُعلاً وجَعلاً: وهو الأجرة على الشئ فعلا وقولا.
(3)
المراد جميع سورة الفاتحة، كما جاء مصرفا في رواية في " الصحيحين " قال: فجعل الرجل يقرا بام القرآن.
(*)
قلت: قوله " وما به قَلَبَة "، وهي بفتح القاف واللام والباء الموحدة.
أي: وجع.
376 -
وروينا في كتاب ابن السني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل، عن أبيه، قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي وجع، فقال: وَما وَجَعُ أخِيكَ؟ قال: به لمم، قال: فابْعَث بِهِ إليَّ، فجاء فجلس بين يديه، فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: فاتحة الكتاب، وأربع آياتٍ من أوّل سورة البقرة، وآيتين من وسطها: (وإلهُكُمْ إِلهُ وَاحِدٌ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ
…
) حتى فرغَ من الآية [البقرة: 163، 164] وآية الكرسي، وثلاث آيات مِنْ آخِرِ سُورَةِ البقرة، وآية من أوّل سورة آل عمران، و (شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ
…
) إلى آخر الآية [آل عمران: 18]، وآية من سورة [الأعراف: 54] (إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السموات والأرض
…
) ، وآية من سورة [المؤمنين: 116] (فَتَعَالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِله إِلَاّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكريم)، وآية من سورة [الجنّ: 3] (وأنَّه تَعالى جَدُّ رَبِّنا ما اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا ولدا) وعشر آيات من سورة الصّافّات من أوّلها، وثلاثاً مِنْ آخِرِ سُورَةِ الحشر، و (قل هو الله أحد) والمعوّذتين " (1) .
قلت: قال أهل اللغة: اللمم: طرف من الجنون يلمّ بالإِنسان ويعتريه.
377 -
وروينا في " سنن أبي داود " بإسناد صحيح، عن خارجة بن الصلت، عن عمّه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلمت، ثم رجعتُ فمررتُ على قوم عندهم رجل مجنون مُوثق بالحديد، فقال أهله: إنا حُدِّثنا أن صاحبَك هذا قد جاء بخير، فهل عندك شئ تُداويه؟ فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مائة شاة، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال:" هَلْ إِلَاّ هَذَا " وفي رواية: " هَلْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا؟ " قلتُ: لا، قال:" خُذْها فَلَعَمرِي لَمَنْ أكَلَ بِرُقْيَةِ باطِلٍ، " قد أكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ " (2) .
378 -
وروينا في كتاب ابن السني بلفظ آخر، وهي رواية أخرى لأبي داود، قال فيها عن خارجة عن عمّه قال: أقبلنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتينا على حيّ من العرب فقالوا: عندكم دواءٌ، فإن عندنا معتوهاً في القيود، فجاؤوا بالمعتوه في القيود، فقرأتُ عليه فاتحةَ الكتاب ثلاثةَ أيامٍ غدْوةً وعشيّةً، أجمع بزاقي ثم أتفلُ، فكأنما نَشِطَ من عِقال، فأعطوني جُعْلاً، فقلتُ: لا، فقالوا: سلِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: " كل فَلَعَمْرِي مَنْ أكَلَ
(1) وإسناده ضعيف، قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الحافظ: في تخرجه: حديث حسن.
(2)
قال الحافظ: حديث حسن.
(*)