الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ ما يَقُولُ إذا أفطرَ عندَ قوم)
549 -
روينا في سنن أبي داود وغيره بالإِسناد الصحيح (1) ، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة، فجاء بخبزٍ وزيْتٍ، وهو كذلك في نسخ الأذكار، ولكنه تصحيف، والصحيح أنه جاء بخبز وزبيب.
فأكل، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وأكَلَ طَعَامَكُمُ الأبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلَائِكَةُ ".
550 -
وروينا في كتاب ابن السني عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم دعا لهم فقال: " أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ
…
" إلى آخره (2) .
(بابُ ما يَدعُو به إذا صَادَفَ ليلةَ القَدْر)
551 -
روينا بالأسانيد الصحيحة في كتب الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرها عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قلتُ: يارسول اللَّه إن علمتُ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: " قُولي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال أصحابَنا رحمهم الله: يُستحبّ أن يُكثِر فيها من هذا الدعاء، ويُستحبّ قراءةُ القرآن وسائر الأذكار والدعوات المستحبة في المواطن الشريفة، وقد سبقَ بيانها مجموعةً ومفرّقةً.
قال الشافعي رحمه الله: أستحبّ أن يكون اجتهادُه في يومها كاجتهاده في
ليلتها، هذا نصّه، ويستحبّ أن يُكثرَ فيها من الدعوات بمهمات المسلمين، فهذا شعار الصالحين وعباد الله العارفين، وبالله التوفيق.
(بابٌ الأَذْكَارِ في الاعْتِكَاف)
يُستحبّ أن يُكثر فيه من تلاوة القرآن وغيرِه من الأذكار.
كتاب أذكارِ الحجّ
اعلم أن أذكار الحجّ ودعواته كثيرة لا تنحصر، ولكن نُشير إلى المهمّ من مقاصدها، والأذكار التي فيها على ضربين: أذكار في سفره، وأذكار في نفس الحجّ.
فأما التي في سفره، فنؤخرها لنذكرَها في أذكار الأسفار إن شاء الله تعالى.
وأما التي في نفس الحج فنذكرُها على ترتيب عمل الحجّ إن شاء الله تعالى، وأحذفُ الأدلة والأحاديث في
(1) وفي إسناده ضعيف، وهو حديث صحيح بطرقه.
(2)
وهو حديث حسن.
(*)
أكثرها خوفاً من طول الكتاب، وحصول السآمة على مُطالِعِهِ، فإن هذا البابَ طويلٌ جداً، فلهذا أسلُك فيه الاختصار إن شاء الله تعالى.
فأول ذلك: إذا أراد الإِحرام اغتسل وتوضأ ولبس إزاره ورداءه (1) ، وقد قدمنا ما يقوله المتوضئ والمغتسل، وما يقول إذا لبس الثوب، ثم يُصلِّي ركعتين، وتقدمت أذكار الصلاة، ويُستحبّ أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة (قُلْ يا أيها الكافرون) وفي الثانية (قل هو اللَّهُ أحَدٌ) فإذا فَرغَ من الصلاة استحبّ أن يدعوَ بما شاء، وتقدَّم ذكرُ جُملٍ من الدعواتِ والأذكار خلفَ الصلاة، فإذا أراد الإِحرام نواه بقلبه.
ويُستحبُّ أن يساعدَ بلسانه قلبه (2)، فيقول: نويتُ الحجَّ وأحرمتُ به لله عز وجل، لبّيك اللَّهمَّ لبّيك
…
إلى آخر التلبية.
والواجب نيّة القلب، واللفظ سنّة، فلو اقتصرَ على القلب أجزأه، ولو اقتصر على اللسان لم يجزئه.
قال الإِمام أبو الفتح سُليم بن أيوب الرازي: لو قال يعني بعد هذا: اللَّهمّ لك أحرم نفسي وشعري وبشري ولحمي ودمي، كان حسناً (3) .
وقال غيره: يقول أيضاً: اللهمّ إني نويت الحجّ فأعنّي عليه وتقبله مني، ويلبّي فيقول:
552 -
لبيكَ اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلْك، لا شريك لك، هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُستحبّ أن يقولَ في أوّل تلبية يلبّيها: لبّيك اللَّهمّ بحجة، إن كان أحرم بحجة، أو لبّيك بعمرة، إن كان أحرم بها، ولا يُعيد ذكرَ الحجّ والعمرة فيما يأتي بعد ذلك من التلبية على المذهب الصحيح المختار.
واعلم أن التلبيةَ سنّةٌ لو تركها صحّ حجّه وعمرتُه ولا شئ عليه، لكن فاتته الفضيلةُ العظيمة والاقتداء برسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصحيح من مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، وقد أوجبها بعضُ أصحابنا، واشترطَها لصحة الحجّ بعضُهم، والصوابُ الأوّل، لكنْ
(1) قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": أي لصحة ذلك عنه صلى الله عليه وسلم فعلاً، روى الشيخان " أنه صلى الله عليه وسلم أحرم في إزار ورداء " أو قولاً رواه أبو عوانة في " صحيحه " ولفظه " ليُحرم أحدكم في إزاره ورداء ونعلين "، والسنة كون الإِزار والرداء أبيضين، ويُسنّ كونهما جديدين نظيفين، وإلا فنظيفين، ويُكره المتنجس الجافّ والمصبوغ كله أو بعضه، ولو قبل النسج على الأوجه، أما المعصفر والمزعفر فيتعين اجتنابهما.
(2)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": ويستدل لخصوصية الإحرام باللسان بما أخرجه الشافعي عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت عائشة: يا ابن إخي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول، قالت: اللهم الحج أردت، وإليه عمدت، فإن يسر ته لي فهو الحج.
(1)
قال الحافظ: ما ذكره الشيخ - يعني النووي - عن سُليم بن أيوب وغيره لم أر له سلفا.
(*)
تُستحبّ المحافظة عليها للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وللخروج من الخلاف، واللَّهُ أعلم.
وإذا أحرم عن غيره قال: نويتُ الحجَّ وأحرمتُ به لله تعالى عن فلان، لبّيك اللَّهمّ
عن فلان
…
إلى آخر ما يقوله مَن يُحرم عن نفسه.
[فصل] :
ويُستحبّ أن يصلِّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، وأن يدعوَ لنفسه ولمن أراد بأمور الآخرة والدنيا، ويسألُ الله تعالى رضوانَه والجنّة، ويستعيذُ به من النار، ويُستحبّ الإِكثار من التلبية، ويستحبّ ذلك في كلّ حال قائِماً، وقاعداً، وماشياً، وراكباً، ومضطجعاً، ونازلاً، وسائراً، ومُحْدِثاً، وجُنباً، وحائضاً، وعند تجدّد الأحوال وتغايرها زماناً ومكاناً، وغير ذلك، كإقبال الليل والنهار، وعند الأسحار، واجتماع الرِّفاق، وعند القيام والقعود، والصعود والهبوط، والركوب والنزول، وأدبار الصَّلواتِ، وفي المساجد كلِّها، والأصحُّ أنه لا يُلبّي في حال الطواف والسعي، لأن لهما أذكاراً مخصوصة.
ويُستحبّ أن يرفعَ صوتَه بالتلبية بحيث لا يشقّ عليه، وليس للمرأة رفع الصوت، لأن صوتَها يُخاف الافتتان به.
ويُستحبّ أن يُكرِّر التلبية كل مرّة ثلاث مرات فأكثر، ويأتي بها متوالية لا يقطعها بكلام لا غيره.
وإن سلَّم عليه إنسانٌ ردّ السلام، ويُكره السلام عليه في هذه الحالة.
553 -
وإذا رأى شَيْئاً فَأعْجَبَهُ قال: لبّيك إن العيشَ عيشُ الآخرة، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم (1) .
واعلم أن التلبية لا تزالُ مستحبةً حتى يرميَ جمرة العقبة يومَ النحر أو يطوفَ طوافَ الإِفاضة إن قدّمه عليها، فإذا بدأ بواحد منهما قطعَ التلبية مع أول شروعه فيه، واشتغلَ بالتكبير.
قال الإِمام الشافعي رحمه الله: ويُلبّي المعتمرُ حتى يَستلم الركن.
[فصل] :
فإذا وصل المحرمُ إلى حرم مكة زاده الله شرفاً، أستحبَّ له أن يقولَ: اللهم
(1) قال ابن علاّن في شرح الأذكار: وأورد الحافظ مستند ما ذكره المصنف من قول ما ذكر إذا أعجبه، من طريق الشافعي عن مُجاهد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من تلبية: لبيك
…
إلى آخرها، حتى إذا كان ذات يوم والناس يدفعون عنه فكأنه أعجبه ما هو فيه فقال: لبّيك إن العيشَ عيش الآخرة، قال ابن جريج: وحسبت أن ذلك كان يوم عرفة، قال الحافظ: هذا مرسل.
(*)