الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ ما يقولُه مَنْ مرَّتْ به جنازة أو رآها)
يُستحبّ أن يقول: سُبْحانَ الحَيِّ الَّذي لَا يَمُوتُ.
وقال القاضي الإمام أبو المحاسن الروياني من أصحابنا في كتابه " البحر ": يُستحبّ أن يدعوَ ويقول: لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ الحَيّ الَّذي لَا يَمُوتُ، فيستحبّ أن يدعوَ لها ويثني عليها بالخير إن كانت أهلاً للثناء، ولا يُجازف في ثنائه.
(بابُ ما يقولُه مَن يُدْخِلْ الميّتَ قبرَه)
465 -
روينا في سنن أبي داود، والترمذي، والبيهقي، وغيرها، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قالَ:" بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلى سُنَّة رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ".
قال الترمذي: حديث حسن.
قال الشافعي والأصحاب رحمهم
الله: يُستحبّ أن يدعو للميت مع هذا.
ومن حسن الدعاء، ما نصّ عليه الشافعي رحمه الله في مختصر المزني قال: يقول الذين يدخلونه القبر: اللَّهُمَّ أسْلَمَهُ إلَيْكَ الأشحاء مِنْ أهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَقَرابَتِهِ وَإِخْوَانِهِ، وَفَارَقَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيا وَالحَياةِ إلى ظُلْمَةِ القَبْرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، إنْ عاقَبْتَهُ فَبِذَنْبٍ، وإنْ عَفَوتَ عَنْهُ فأنْتَ أهْلُ العَفْوِ، أنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إلى رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْكُرْ حَسَنَتَهُ، وَاغْفِرْ سَيِّئَتَهُ، وأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَاجْمَعْ لَهُ بِرَحْمَتِكَ الأمْنَ منْ عَذَابِكَ، واكْفِهِ كل هَوْلٍ دُونَ الجَنَّةِ، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الغابِرِينَ، وَارْفَعْهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَعْدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ".
(بابُ ما يقولُه بعدَ الدَّفْن)
466 -
السنّة لمن كان على القبر أن يحثي في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعاً من قِبل رأسه.
قال جماعة من أصحابنا: يُستحبّ أن يقول في الحثية الأولى: (مِنْها خَلَقْناكُم) وفي الثانية: (وفِيها نُعِيدُكُمْ) وفي الثالثة: (وَمِنْها نُخرِجُكُمْ تارَةً أُخْرَى)[طه: 56] ويُستحبّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما يُنحر جزور ويُقسم لحمُها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأخبار الصالحين.
467 -
روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عليٍّ رضي الله عنه، قال:" كنّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقعدَ وقعدنا حولَه ومعه مِخصَرَة "(1) ،
(1) وهو ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مِقرعة أو قضيت، وقد يتكئ عليه.
(*)
فنكسَ، وجعلَ ينكتُ (1) بمخصرته، ثم قال: ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلَاّ قَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، فقالوا: يارسول الله أفلا نتكلُ على كتابنا؟ فقال: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ
…
" وذكر تمام الحديث.
468 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما يُنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنسَ بكم، وأنظرَ ماذا أراجعُ به رسلَ ربي.
469 -
وروينا في " سنن أبي داود " والبيهقي بإسناد حسن، عن عثمان رضي الله عنه، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرغَ من دفن الميت، وقفَ عليه فقال:" اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ، وسألوا الله لَهُ التَّثْبِيتَ فإنَّهُ الآنَ يُسْألُ ".
قال الشافعي والأصحاب: يُستحبّ أن يقرؤوا عنده شيئاً من القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآن كلَّه كان حسناً.
470 -
وروينا في " سنن البيهقي " بإسناد حسن، أن ابن عمر استحبَّ أن يقرأ على القبر بعد الدفن أوّل سورة البقرة وخاتمتها.
[فصل] :
وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن، فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه: القاضي حسين في تعليقه، وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه " التتمة "، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب.
وأما لفظه فقال الشيخ نصر: إذا فرغ من دفنه يقف عند رأسه ويقول: يا فلان بن فلان، اذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا: شهادة أنْ لا إِلهَ إِلَاّ اللَّه وحدَه لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن الله ببعث مَن في القبور، قل رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبالمسلمين إخواناً، ربّي الله، لا إِلهَ إِلا هو، وهو رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ، هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه " التهذيب "، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقص عنه، ثم منهم مَن يقول: يا عبد الله ابن أمة الله، ومنهم مَن يقول: يا عبد الله بن حوّاء، ومنهم من يقول: يا فلان - باسمه - ابن أمة الله، أو يا فلان بن حوّاء، وكله بمعنى.
(1) وفي نسخة: ينكت في الأرض، في الصحاح: ينكت في الأرض بقضيب: أي يضرب ليؤثر فيها.
وفي النهاية: ينكت الأرض بقضيب: هو أن يؤثر فيها بطرفه، فعل المفكر المهموم.
(*)