الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروينا هذه الكيفية في صحيح البخاري ومسلم، عن كعب بن عُجْرَة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا بعضها (1) ، فهو صحيح من رواية غير كعب، وسيأتي تفصيله في كتاب الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
والواجب منه: اللَّهمّ صلِّ على النبي، وإن شاء قال: صلى الله على محمد، وإن شاء قال: صلى الله على رسوله، أو صلى الله على النبي.
ولنا وجه أنه لا يجوز إلا قوله: اللَّهم صلِّ على محمد.
ولنا وجه أنه يجوز أن يقول: وصلى الله على أحمد.
ووجه أنه يقول: صلَّى الله عليه، والله أعلم.
وأما التشهدُ الأول، فلا تجب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، وهل تستحبّ؟ فيه قولان: أصحُّهما: تستحبُّ، ولا تستحبُّ الصلاة على الآل على الصحيح، وقيل: تستحبُّ، ولا يُستحبّ الدعاء في التشهّد الأول عندنا، بل قال أصحابنا: يُكره لأنه مبني على التخفيف، بخلاف التشهد الأخير، والله أعلم.
(بابُ الدُّعَاء بعدَ التشهّدِ الأخير)
اعلم أنَّ الدعاء بعد التشهّد الأخير مشروعٌ بلا خلاف.
172 -
روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
" أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمهم التشهّد ثم قال في آخر: " ثم يتخير [بعد] منَ الدُّعَاءِ " وفي رواية البخاري: "[ثُمَّ ليَتَخَيَّرْ مِنَ الدعاء] أعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُو ".
وفي روايات لمسلم: " ثُمَّ ليَتَخَيَّرْ مِنَ المَسْأَلَةِ ما شاءَ ".
واعلم أن هذا الدعاء مستحبٌّ ليس بواجب، ويستحبُّ تطويلُه، إلا أن يكون إماماً، وله أن يدعوَ بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعوَ بالدعوات المأثورة، وله أن يدعو بدعوات يخترعها، والمأثورة أفضل.
ثم المأثورة منها ما وردَ في هذا الموطن، ومنها ما وردَ في غيره، وأفضلُها هنا ما ورد هنا.
173 -
وثبت في هذا الموضع أدعية كثيرة، منها ما رويناه في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا فرغ أحدكم من
(1) قال الحافظ: والبعض المستثنى أربعة أشياء: أولاها: عبدك ورسولك، ثانها: النبي الأمي، ثالثها: أزواجه وذريته، رابعها: في العالمين.
(*)
التَّشَهُّدِ الأخِيرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، ومن عذاب القبر، ومن فِتْنَةِ المَحيَا وَالمَماتِ، ومن شر المَسِيحِ الدَّجَّالِ ".
174 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عائشة رضي الله عنها، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:" اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسيحِ الدَّجَّال، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ من المأثمِ والمَغْرَمِ ".
175 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن عليّ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهّد والتسليم: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أسْرَفْتُ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ وأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إِلهَ إِلَاّ أنْتَ ".
176 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم "، عن عبد الله بن عمرو بن العاص،
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علّمني دُعاءً أدعُو به في صَلاتي، قال:" قُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أنْتَ، فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْني إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " هكذا ضبطناه: " ظُلْماً كَثِيراً " بالثاء المثلثة في معظم الروايات، وفي بعض روايات مسلم:" كَبِيراً " بالباء الموحدة (2) ، وكلاهما حسن، فينبغي أن يُجمع بينهما فيُقال:" ظُلْماً كَثِيراً كَبِيراً ".
وقد احتجّ البخاري في " صحيحه "، والبيهقيّ، وغيرهما من الأئمة بهذا الحديث على الدعاء في آخر الصلاة، وهو استدلال صحيح، فإن قوله: في صلاتي، يعمّ جميعها، ومن مظانّ الدعاء في الصلاة هذا الموطن.
177 -
وروينا بإسناد صحيح في سنن أبي داود، عن أبي صالح ذكوان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لرجل: " كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ؟ " قال: أتشهد
(1) قال ابن علاّن في شرح الأذكار: أي فرغ من التشهد، والمراد الأخير لما في الحديث قبله.
(2)
قال الحافظ: بين مسلم أن رواية " كبيرا " بالموحده عنده من رواية محمد رمح عن الليث، قال الحافظ: ولم يقع عند غيره ممن ذكرنا إلا بالمثلة، نعم أخرجه أحمد من وجه عن ابن لهعة وصرح أنه عنده بالموحده.
(*)