الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستحبّ التأمين في الصلاة للإِمام والمأموم والمنفرد، ويجهر به الإمام والمنفرد في الصلاة الجهرية، والصحيح: أن المأموم يجهر به أيضا، سواء كان الجمع قليلاً أو كثيراً.
ويستحبّ أَنْ يكون تأمين المأموم مع تأمين الإِمام لا قبله ولا بعده، وليس في الصلاة موضع يستحب أن يقترن فيه قول المأموم بقول الإِمام إلا في قوله: آمين، وأما باقي الأقوال فيتأخر قول المأموم.
فصل:
يسنّ لكل مَن قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مرّ بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرّ بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشرّ، أو من المكروه، أو يقول: اللهمّ إني أسألك العافية أو نحو ذلك، وإذا مرّ بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى، نزَّهَ فقال: سبحانه وتعالى، أو: تبارك اللَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، أو جلَّت عظمة ربنا، أو نحو ذلك.
126 -
روينا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " صَلَّيْتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى [فقلت: يركع بها] ، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها يقرأ، مترسّلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبَّحَ، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ، رواه مسلم في " صحيحه ".
قال أصحابنا: يستحبّ هذا التسبيح والسؤال والاستعاذة للقارئ في الصلاة وغيرها، وللإِمام والمأموم والمنفرد لأنه دعاء، فاستووا فيه كالتأمين.
127 -
ويُستحبّ لكل مَن قرأ: (ألَيْسَ اللَّهُ بأحْكَمِ الحاكمين) أن يقول: بلى وأنا
على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ:(أَلَيْسَ ذلكَ بِقادِرٍ على أنْ يحيي الموتى) قال: بلى أشهد، وإذا قرأ:(فَبِأيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يؤْمِنُونَ) قال: آمنت بالله، وإذا قرأ:(سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى) قال: سبحان ربي الأعلى، ويقول هذا كله في الصلاة وغيرها، وقد بينت، أدلته في كتاب " التبيان في آداب حملة القرآن ".
(بابُ أذكارِ الركوع)
قد تظاهرت الأخبارُ الصحيحةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يُكَبِّر للركوع وهو سنّة، ولو تركه كان مكروهاً كراهة تنزيه، ولا تبطلُ صلاتُه ولا يسجدُ للسهو، وكذلك جميع
التكبيرات التي في الصلاة هذا حكمها، إلا تكبيرة الإِحرام، فإنها ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، وقد قدّمنا عَدَّ تكبيرات الصلاة في أوّل أبواب الدخول في الصلاة.
وعن الإِمام أحمد رواية: أن جميع هذه التكبيرات واجبة.
وهل يستحبّ مدُّ هذا التكبير؟ فيه قولان للشافعي رحمه الله، أصحُّهما وهو الجديد: يستحبّ مدّه إلى أن يصل إلى حدّ الراكعين، فيشتغل بتسبيح الركوع لئلا يخلو جزء من صلاته عن ذكر، بخلاف تكبيرة الإِحرام، فإن الصحيح استحباب ترك المدّ فيها لأنه يحتاج إلى بسط النيّة عليها، فإذا مدّها شقّ عليه، وإذا اختصرها سهل عليه، وهكذا حكم باقي التكبيرات، وقد تقدم إيضاحُ هذا في " باب تكبيرة الإِحرام "، والله أعلم.
فصل:
فإذا وصل إلى حدّ الراكعين اشتغل بأذكار الركوع فيقول: " سُبْحَانَ رَبيَ العَظِيمِ، سُبْحانَ رَبيَ العَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبيَ العَظِيمِ ".
128 -
فقد ثبت في " صحيح مسلم " من حديث حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركوعه الطويل الذي كان قريباً من قراءة (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) : " سُبْحانَ رَبيَ العَظِيمِ " ومعناه: كرّر سبحان ربي العظيم فيه، كما جاء مبيِّناً في " سنن أبي داود " وغيره.
129 -
وجاء في كتب السنن: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذَا قالَ أحَدُكُمْ: سُبْحانَ رَبيَ العَظِيمِ
ثَلاثاً فَقَدْ تم ركوعه ".
130 -
وثبت في " الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده:" سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللهم اغفر لي ".
131 -
وثبت في " صحيح مسلم " عن عليّ رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع يقول: " اللهمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ أسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، ومُخِّي وَعَظْمِي وَعَصبِي ".
وجاء في كتاب السنن: " خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي، ومُخِّي وَعَظْمِي ومَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ ".
132 -
وثبت في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: " سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ " قال أهل اللغة: سبوح قدوس: بضم أولهما وبالفتح أيضاً: لغتان، أجودهما وأشهرهما وأكثرهما: الضمُّ.
133 -
وروينا عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: " قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام، فقرأ (سورة البقرة) لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمرّ بآية عذاب إلا وقف وتعوّذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه " سُبْحانَ ذِي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة "، ثم قال في سجوده مثل ذلك، هذا حديث صحيح، رواه أبو داود، والنسائي في " سننهما "، والترمذي في كتاب " الشمائل " بأسانيد صحيحة.
134 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ".
واعلم أن هذا الحديث الأخير هو مقصودُ الفصل، وهو تعظيم الربّ سبحانه وتعالى في الركوع بأيّ لفظ كان، ولكن الأفضل أن يجمعَ بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك بحيث لا يشقّ على غيره، ويقدم التسبيح منها، فإن أراد الاقتصارَ فيستحبُّ التسبيح، وأدنى الكمال منه ثلاث تسبيحات، ولو اقتصر على مرّة كان فاعلاً لأصل التسبيح.
ويُستحبّ إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضاً آخر، وهكذا يفعل في الأوقات حتى يكون فاعلاً لجميعها، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب.
واعلم أن الذكرَ في الركوع سنّةٌ عندنا، وعند جماهير العلماء، فلو تركه عمداً أو سهوا لا تبطلُ صلاته، ولا يأثمُ، ولا يسجد للسهو.
وذهب الإِمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه واجب، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به كحديث ابن عباس رضي الله عنهما:" أما الركوع فعظموا فيه الربّ "، وغيره مما سبق، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله، والله أعلم.
فصل:
يُكره قراءة القرآن في الركوع والسجود، فإن قرأ غير الفاتحة لم تبطل صلاتُه، وكذا لو قرأ الفاتحة لا تبطل صلاته على الأصحّ، وقال بعض أصحابنا: تبطل.
135 -
روينا في " صحيح مسلم " عن عليّ رضي الله عنه قال: " نهاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً ".
136 -
وروينا في " صحيح مسلم " أيضاً: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ألا وَإني نُهِيتُ أنْ أقْرأ القُرآنَ رَاكِعاً أوْ ساجِداً ".