الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الربيع: يا رسول الله أتقتصّ من فلانة، والله لا يُقتصُّ منها! (1) فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : سُبْحانَ اللَّهِ يا أُمَّ الرَبيعِ القِصَاصُ كتابُ الله " (2) .
قلتُ: أصل الحديث في " الصحيحين "، ولكن هذا المذكور لفظ مسلم وهو غرضنا هنا، والرُبَيِّع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وكسر الياء المشددة.
1007 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن عمران بن الحُصين رضي الله عنهما في حديثه الطويل، في قصة المرأة التي أُسرت، فانفلتتْ وركبتْ ناقةَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ونذرتْ إن نجّاها الله تعالى لتنحرنّها، فجاءت فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال:" سُبْحانَ الله بِئْسَ ما جَزَتْها ".
1008 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في حديث الاستئذان أنه قال لعمر رضي الله عنه
…
الحديث، وفي آخره " يا ابْنَ الخَطابِ لا تَكُونَنَّ عَذَاباً على أصْحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: سبحانَ الله، إنما سمعتُ شيئاً فأحببتُ أن أثَّبَّتَ ".
1009 -
وروينا في " الصحيحين " في حديث عبد الله بن سلام الطويل لما قيل: إنك من أهل الجنة، قال: سبحان الله ما ينبغي لأحدٍ أن يقول ما لم يعلم
…
وذكر الحديث.
(بابُ الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكرِ)
هذا الباب أهمُّ الأبواب، أو من أهمِّها لكثرة النصوص الواردة فيه، لعظم موقعه، وشدّة الاهتمام به، وكثرة تساهل أكثر الناس فيه، ولا يمكن استقصاء ما فيه هنا، لكن لا نخلّ بشئ من أصوله، وقد صنَّفَ العلماءُ فيه متفرّقات، وقد جمعتُ قطعةً منه في أوائل " شرح صحيح مسلم " ونبّهت فيه على مهمات لا يُستغنى عن معرفتها، قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ، ويأْمرونَ بالمَعْروفِ وَيَنْهَوْنَ عن المنكر
(1) ليس معناه رد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص، واستحباب الشفاعة الشفاعة إليهم في العفو، وإنما حلفت ثقة بهم أن لا يحنثوها، أو ثقة بفضل الله ولطفه بها أن لا يحنثها، بل يلهمهم العفو.
(2)
أي: حكم كتاب الله وجوب القصاص، وفي الحديث استحباب العفو عن القصاص، واستحباب الشفاعة في العفو، وأن فيه الخبرة في القصاص والدية إلى مستحقه، لا المستحق عليه، وفيه إثبات القصاص بين الرجل والمرأة.
(*)
وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104] وقال تعالى: (خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ)[الأعراف: 199] وقال تعالى: (وَالمُؤْمِنُونَ والمُؤْمناتُ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ، يأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهُونَ عَنِ المُنْكَرِ)[التوبة: 71] وقال تعالى: (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ)[المائدة: 79] والآيات بمعنى ما ذكرته مشهورة.
1011 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " مَنْ رأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذلكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ ".
1011 -
وروينا في كتاب الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ تَعالى أن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقاباً مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجَابَ لَكُمْ " قال الترمذي: حديث حسن.
1012 -
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا أيُّهَا النَّاسُ، إنكم تقرؤون هذه الآية:(يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ)[المائدة: 105] وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ النَّاسَ إذَا رأوا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا على يَدَيْهِ أوْشَكَ أنْ
يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقابٍ مِنْهُ ".
1013 -
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفْضَلُ الجهادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عنْدَ سُلْطَانٍ جائرٍ ".
قال الترمذي: حديث حسن.
قلت: والأحاديثُ في الباب أشهر من أن تُذكر، وهذه الآية الكريمة مما يَغترّ بها كثير من الجاهلين ويحملونها على غير وجهها، بل الصواب في معناها: أنكم إذا فعلتم ما أُمرتم به فلا يَضرّكم ضَلالةُ مَن ضلّ.
ومن جملة ما أمروا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآية قريبة المعنى من قوله تعالى:(ما على الرَّسُولِ إِلَاّ البَلاغُ)[العنكبوت: 18] .
واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شروط وصفات معروفة ليس هذا موضع بسطها، وأحسنُ مظانّها " إحياء علوم الدين "، وقد أوضحتُ مهماتها في شرح مسلم "، وبالله التوفيق.