الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المولودينَ فيها، وغير ذلك.
وقد ذكر أحد علماء الفلك أن مسألة الأبراج تعبر عن حقيقة واحدة فقط، وهي كمية الغباء الموجودة عند المنجِّمين؛ وذلك لأن عدد الأبراج اثْنَا عَشَرَ بُرجاً، يبدأون دائماً ببرج الحمل، وينتهون ببرج الحوت.
وفي الواقع أن الشمس كانت في برج الحمل، وذلك قبل الميلاد بنحو ألف سنة؛ والآنَ الشمس واقعة في برج الحوت؛ فجماعة المنجمين لا يعلمون هذا الموضوع، فهل سينجِّم المنجِّمون بناءً على ما كان قبل ألف سنة أم بعد ذلك؟!!
**وقال: إن الصِّحافة العالمية المرموقة -على حَدِّ تعبيره- تَخجل من وضع صفحة مثل (حظك اليوم)، إنما نجد ذلك في الصحافة المتخلفة أو في الكتب المتخلفة فحسْب.
* فرع:
حكم تعلّم "علم التنجيم
":
تعريف "علم التنجيم":
التنجيم هو أحد أقسام الكِهانة؛ ولذا يسمي بعضهم المنجِّم كاهناً.
وقد اتخذ المنجِّمون علم النجوم وسيلةً لادّعاء علم الغيب وادعاء علم الكوائن والحوادث التي ستقع في مستقبل الزمان كأوقات هبوب الرياح ومجيء الأمطار وتغير الأسعار وما في معناها من الأمور التي يزعمون أنها تُدرَك بمعرفتها مسير الكواكب والنجوم.
(1)
** وأما حكم تعلم هذا النوع من العلوم فهو على قسمين:
1 -
القسم الأول: علم التأثير.
2 -
القسم الثاني: "علم التسيير".
1) أما القسم الأول:
فهو ما يُبنى على ادعاء علم الغيب وربط الأشياء وتأثيرها
(1)
مجموع الفتاوى (35/ 192)، ومعالم السنن (4/ 229).
بالتنجيم، والاستدلال بالأحوال الفلكية على الأحداث الأرضية، وهو ما يسمى "علم التأثير"، فهو محرَّم، وهو ضَرْبٌ من السحر، عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال:
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: «مَن اقتبسَ عِلماً مِن النجومِ اقتبسَ شُعْبَةً مِن السِّحْرِ، زادَ ما زادَ» .
(1)
وقد نصَّ الرافعي والنووي وغيرهما على أن تعلّم السحر وتعليمه حرام، ودرجاته متفاوتة، وهذا إن لم يحتج في تعليمه إلى اعتقادٍ هو كُفرٌ، وأما فِعله فيحرم إجماعاً، ومن اعتقد إباحتَه كفرَ، ولا يظهر السحر إلا على فاسق.
فهذا القسم يحرم تعلمه؛ لأنه ينبني على دعوى علم الغيب، وهذا من الكفر المخرج من الملة.
(2)
*فالمحرَّم من علم النجوم إنما هو ما يزعم به أصحابه الاستدلالَ على الحوادث الأرضية، فيستدل مثلاً باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا؛ وهذه أمور بيِّنة البطلان،
فإن الأحوال الفلكية لا عَلاقة بينها وبين الحوادث الأرضية، كما أن قيام المنجّم بالاستدلال على الحوادث والوقائع عن طريق حركات النجوم هو من جنس الاستقسام بالأزلام، وقد قال-تعالى-في ذكره للمحرَّمات: {
…
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ
…
} [المائدة: 3]، وقد ورد في حديث الصحيحينِ، حديث زيد بن خالد عن النبي-صلى الله عليه وسلم-مرفوعاً:
«مَن قال: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا، فذلكَ كافرٌ بي مُؤْمِنٌ بالكَوْكَبِ» .
(3)
فمثل هذا النوع من علم النجوم قد حرّم الشرع تداوُلَه وأخْذ الأجرة عليه:
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ
(1)
أخرجه أحمد (2000)، وأبو داود (3905)، وصححه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (35/ 193)، والنووي في رياض الصالحين ح (1673)، وانظر الصحيحة (793).
(2)
وانظر نواقض الإيمان القولية والعملية (ص/514)، وتنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين (ص/191)، وتيسير العزيز الحميد (ص/422).
(3)
متفق عليه.
الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»
(1)
وحُلْوان الكاهن:
هو ما يُعطاه على كهانته. وقد نقل البغوي والقاضي عياض إجماع المسلمين على تحريمه؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"لا يجوز للإمام أن يعطيَ أحداً لأجْل منفعةٍ محرمةٍ، كعَطِيّة العرَّافين من الكهان والمنجِّمين ونحوهم".
(2)
وقال رحمه الله ذامّاً هؤلاء المنجِّمين:
"فإنّ هؤلاء المَلاعينَ يقولون الإثم ويأكلون السُّحْت بإجماع المسلمين، وثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصِّدِّيق عنه أنه قال: «إنّ الناس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ ولم يُغيِّروه أَوْشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابٍ منهُ»؛ وأيُّ منكرٍ أنكرُ مِن عملِ هؤلاء الأَخابثِ، سُوسِ المُلْكِ، وأعداءِ الرُّسُلِ، وأَفْراخ الصابِئة عُبّادِ الكَواكِبِ؟!! ".
(3)
قال الماوردي:
"ويَمنع المُحْتَسِبُ مَن يكتسب بالكِهانة واللهو، ويؤدِّب عليه الآخِذ والمُعطي".
(4)
قال ضياء الدين القرشي:
"وأما المنجِّمون فقد وردت أحاديث دالة على النهي عن الاشتغال بهذا العلم، وهو ليس علماً يُعتمد فيه على شيء، بل جعلوه أُحْبُولةً لأخذ الرزق؛ وحينئذ يؤخذ عليهم ألا يجلسوا في دَرْبٍ، ولا زقاق، فإنّ معظم من يجلس عندهم النِّسْوانُ، وقد صار في هذا الزمان يجلس عند هؤلاء الكتاب
(1)
أخرجه مسلم (1567). و"حُلوان الكاهن " هو ما يعطاه على كهانته، يقال منه: حَلَوْتُهُ حُلْواناً إذا أعطيتَه. قال الهروي وغيره: أصلُه من الحَلاوة، شُبِّه بالشيء الحُلْو من حيث إنه يأخذه سهلاً بلا كُلْفة ولا مقابلة مشقة، يقال: حَلَوْتُه إذا أطعمتَه الحُلْوَ، كما يقال: عَسَلْتُهُ إذا أطعمتَه العَسَلَ. وانظر المُعْلِم بفوائد مسلم (2/ 291)، والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (10/ 232).
(2)
السياسة الشرعية (ص/43).
(3)
مجموع الفتاوى (35/ 195).
(4)
الأحكام السلطانية (ص/373).
والمنجَّمين مَن لا له حاجة عندهم من الشباب وغيرهم، وليس لهم قصد سوى حضور امرأة تكشف نَجْمها أو تكتب رسالة أو حاجة لها، فيُشاكلها ويتمكن من الحديث معها بسبب جلوسه وجلوسها، ويؤدي ذلك إلى أشياء لا يَليق ذِكرُها؛ ولو وجد أحداً يفعل ذلك عُزِّرَ ليَرتَدِعَ به غيرُه".
(1)
2) القسم الثانى:
ما يُحتاج إليه لمعرفة ما يُدرَك بالمشاهدة كمعرفة ظِلّ الشمس وجِهَةِ القِبْلة ونحو ذلك؛ فلا يدخل تحت النهي، وهو ما يسمى "علم التسيير".
وقد رخَّصَ في تعلُّم المنازل أحمدُ وإسحاقُ، وروى ابن المنذر عن مجاهد:
"أنه كان لا يرى بأساً أن يتعلم الرجل منازل القمر".
*قال ابن رجب:
"المأذون في تعلمه: علم التسيير، لا علم التأثير؛ فإنه باطلٌ محرَّمٌ قليلُه وكثيرُه، وأما علم التسيير فيُتعلم ما يُحتاج إليه من الاهتداء ومعرفة القبلة والطرق جائزٌ عند الجمهور".
(2)
قال ابن بطة:
وأمر النجوم على وجهين:
فأحدهما واجب علمه والعمل به، فأما ما يجب علمه والعمل به فهو أن يتعلم من النجوم ما يهتدي به في ظلمات البر والبحر، ويعرف به القبلة والصلاة والطرقات، فبهذا العلم من النجوم نطق الكتاب ومضت السنة.
وأما ما لا يجوز النظر فيه
(1)
معالم القُرْبة في طلب الحِسْبة (ص/183)
وقوله: "جعلوه أُحْبُولة لأخذ الرزق": الأُحْبُولة: مفرد حَبائِلُ، والأحبول: المِصْيَدة، يقال: أَوْقَعَتْهُ في أَحابِيلِها: في شِراك حُبّها [المعجم الوسيط (1/ 153)].
** والذي يُطالع كتب التاريخ يجد مدى شغف الكثير من الملوك والأمراء قديماً بتقريب المنجِّمين منهم؛ وذلك لسؤالهم عما سيقع لهم من أمور الولاية. ومن عجيب ما وردَ في هذا الأمر: ما حكاه أحمد بن علي القلقشندي في ذكره لخلافة هارون الرشيد، حيث قال عنه:"ومن عجيب أمرِه: أنه لما اشتد به المرض أُحضر المنجِّمون فنظروا في مولده فقدروا له أن يعيش خمسين سنة مستأنَفةً بعد ذلك، فلم يَعِشْ بعدَ قولِهم غيرَ عشرةَ أيامٍ؛ فسُبْحانَ المستأْثِرِ بعلم الغيب! "
وانظر مآثر الإنافة في مَعالم الخلافة (ص/225).
(2)
وانظر لذلك: فتح الباري شرح صحيح البخاري (3/ 69)، والزواجر للهيتمي (2/ 193).
والتصديق به، ويجب علينا الإمساك عنه من علم النجوم فهو أن لا يحكم للنجوم بفعل، ولا يقضي لها بحدوث أمره كما يدعي الجاهلون من علم الغيوب بعلم النجوم، ولا قوة إلا بالله.
(1)
قال البربهاري:
وأقلَّ النظر في النجوم، إلا ما تستعين به على مواقيت الصلاة، واَلْهَ عمَّا سوى ذلك، فإنه يدعو إلى الزندقة.
(2)
* وعلى هذا يقال:
ما يُنقل عن أحوال الطقس كلَّ يوم: ليس من ادَّعاء علم الغيب؛ بل هي من علم الشهادة؛ لأنَّ الأقمار الصناعية تصور السحاب وحركة المنخفِضات والمرتفِعات والرياح، وليس في ذلك شبهٌ بدعوى علم الغيب؛ فهو يستند إلى أمورٍ حسّيّة.
(3)
تم بحمد الله
(1)
الإبانة الكبرى (1282)
(2)
شرح السنة (ص/384)
(3)
وجاء في بحثٍ عن ذلك كتبَه الدكتور عبد الشكور العروسي الأستاذ بقسم العقيدة- كلية الدعوة وأصول الدين- جامعة أُمّ القُرى، قال فيه:
"فإنْ قِيلَ: إذا كان الخَلق لا يعلمون ما يُستقبَلُ من الحوادث، فكيف استطاع الفَلَكِيُّونَ معرفة تواريخ الكسوف وساعاته، واستطاع مراقبو أحوال الطقس عن طريق المَراصد الجَوِّيّة الإخبارَ بأخباره قبل حدوثه؛ قِيلَ: إنّ ذلك من التجارِب البشرية المتكررة التي مكّنت العلماء الذين يقومون بالرصد المتواصل مِن توقُّع تلك الحوادث على سبيل التوقُّع والظن، لا على سبيل العلم واليقين، فكما يَستنتج أحدُنا تقابُلَ قطارينِ في نقطة معينة إذا كان انطلاقهما في وقت واحد وسرعة واحدة سائراً كلٌّ منهما في الاتجاه المواجه للآخَر، فكذلك توقُّع الفلكيّينَ مرور القمر بين الأرض والشمس في موضع معين في ساعة معينة لا يدل على علم الغيب، وإنما هو توقعٌ مبنيٌّ على التجارِب والملاحظات المتواصلة والاختبارات المتكررة؛ وهذا مما لا يُجزَم بحدوثه ووقوعه، والعلم بالشيء هو الجزم بما هو عليه، أو بما سيقع لا مَحالةَ؛ فلْيُتأمَّلْ". اهـ