الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثانى عشر: إعلام الطالبين بفوائد حديث السبعين
** نص الحديث **
عن ابْنُ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَقَوْمُهُ، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي:
انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللهِ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟» فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ:
…
«هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: " ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:«أَنْتَ مِنْهُمْ؟» ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ:«سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» .
** تخريج الحديث:
أخرجه البخاري (6541) وترجم له: بَابٌ: يَدْخُلُ الجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ. ومسلم (220) بَابُ: الدَّلِيلِ عَلَى دُخُولِ طَوَائِفَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ.
* قال ابن كثير:
ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب.
(1)
** شرح وفوائد الحديث:
الفائدة الأولى: قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
" عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ ":
أي رآهم النبي صلى الله عليه وسلم بما سيؤول إليه أمرهم يوم القيامة، فهم مُثَّلِوا له في الرؤيا، ورؤيا الأنبياء وحى، وهذا ما سوف يقع للنبي- صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
2 -
الفائدة الثانية:
قوله-صلى الله عليه وسلم: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ:
والرهيط تصغير الرهط، والرهط هم الجماعة دون العشرة.
قوله صلى الله عليه وسلم: " إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَقَوْمُهُ ":
* فإن قيل:
كيف لم يعرف أمته حتى ظن أن أمة موسي صلى الله عليه وسلم هي أمته، وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة-رضى الله عنه عند - أنه صلى الله عليه وسلم يعرفهم من آثار الغرة والتحجيل؟
*والجواب:
الأشخاص التي رآها في الأفق لا يُدرك منها إلا الكثرة من غير تمييز لأعيانهم، وأما ما في حديث أبي هريرة -رضى الله عنه- فمحمول على ما إذا قربوا منه، وهذا كما يرى الشخص شخصاً على بعد فيكلمه ولا يعرف أنه أخوه، فإذا صار بحيث يتميَّز عن غيره عرفه.
(2)
* ومن الفوائد المتعلقة بحديث الباب:
قوله صلى الله عليه وسلم: فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ.... "
قد ورد في غير الصحيحين روايات فيها زيادة عن السبعين ألفاً الوارد ذكرهم عند البخاري ومسلم، ومن ذلك ما يلى:
ففي حديث أبي هريرة- رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
تفسير القرآن العظيم (7/ 519)
(2)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (11/ 408)
يقول:
" وعدني ربي أنْ يدخلَ الجنةَ مِنْ أمتي سبعينَ ألفاً لا حسابَ عليهم ولا عذابَ، مع كلِ ألفٍ سبعونَ ألفاً ".
(1)
وفي رواية أبي أمامة - رضى الله عنه- مرفوعاً: " إنَّ ربِّي قَدْ وَعَدَنِي سَبْعِينَ ألْفاً، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفاً، وَزَادَنِي حَثَيَاتٍ من حثيات ربي "
(2)
ومن مجموع هذه الروايات تبين أن عدد هؤلاء السابقين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب يزيد عن السبعين ألفاً الوارد ذكرهم في رواية الصحيحين، فيقرب العدد بمجموع الروايات من خمسة ملايين، أضف إلى ذلك ما ورد من رواية " وَزَادَنِي حَثَيَاتٍ من حثيات ربي "، وهذا فضل الله -تعالى- الذى يُوَفَّى بغير حساب.
* عودٌ إلى حديث الباب:
ثُمَّ نَهَضَ النبي صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللهِ
…
* وفيه من الفوائد:
قوله: (فخاض الناس): أي تكلموا وتناظروا، وفي هذا إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع على جهة الاستفادة وإظهار الحق، والله أعلم.
(3)
** فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
«مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟» فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ:«هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، ولا يَكْتَوون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ،
تبيه: ورد عند الإمام مسلم لفظة (لَا يَرْقُونَ
…
وهذه اللفظة مما قد انفرد بها الإمام مسلم في صحيحه، فلم يروها الإمام البخاري، وهي لفظة -على الراجح-
(1)
أخرجه أحمد (8707) والبيهقي في البعث (328)
قال ابن حجر: سنده جيد، في الباب عن أبي أيوب عند الطبراني وعن حذيفة عند أحمد وعن أنس عند البزار، وعن ثوبان عند بن أبي عاصم، فهذه طرق يقوي بعضها بعضاً. انظرفتح الباري (11/ 410)
(2)
أخرجه أحمد (22156) والترمذي (2437) وابن حبان في صحيحه (7246) وحسَّنه الترمذي، وصححه الألبانى في ظلال الجنة (1/ 260).
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (3/ 95)
شاذة من جهة السند والمتن:
* أما من جهة السند:
فإن اللفظ المحفوظ الذى اتفق عليه الثقات الذين رووا هذا الحديث هو:
«هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ، فهذا الذى اتفق عليه الشيخان وغيرهما من أصحاب السنن في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وإن كان عند البعض تقديم وتأخير.
لكن جاء في رواية سعيد بن منصور عند مسلم قال: " هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْقُونَ، "، بدلاً من:"لا يكتُوون"، فهى زيادة شاذة.
(1)
* أما من جهة المتن:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره، لكنه لم يسترق، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره، بخلاف الشخص الذى يرقي غيره فإنه يدعو له في صورة الرقية الشرعية.
فإن الراقي محسن إلى أخيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الرقية فقال:
«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ»
(2)
، وقال: «"اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، وَلَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا
(1)
فإن قيل: ألا يقال أن لفظة "لا يَرقون" زيادة ثقة مقبولة؛ لأنها من رواية سعيد بن منصور، وهو ثقة حافظ تُقبل زيادته؟
والجواب:
أما زيادة الثقة فلا شك في قبولها، ولكن هذه اللفظة ليست من هذا الباب؛ لأن الوهم وقع للرواي فخالف الثقات فأبدل لفظة مكان أخري، والوهم قد يقع للثقة كما يقع لغيره، فليس الثقة الذي لا يخطأ قط، إنما الثقة الذى قلَّ خطئه، فوافق الثقات في غالب مروياته.
قال الشافعي: "إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ وهم عدد "ا. هـ
فأشار إلى أن الزيادة متى تضمنت مخالفة الأحفظ أوالأكثر عدداً أنها تكون مردودة.
وفي سؤالات السلمي للدارقطني: عن الحديث إذا اختلف فيه الثقات؛ مثل أن يروي الثوري حديثا، ويخالفه فيه مالك، والطريق إلى كل واحد منهما صحيح؟
فقال: ينظر ما اجتمع عليه ثقتان يحكم بصحته، أو جاء بلفظة زائدة تثبت، تقبل منه تلك الزيادة، ويحكم لأكثرهم حفظا وثبتاً على من دونه.
وانظر سؤالات السلمي للدارقطني (ص/360) والنكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (ص/688)
(2)
أخرجه مسلم (2199)
لَمْ يَكُنْ شِرْكًا"»
(1)
، والفرق بين الراقي والمسترقي أن المسترقي سائل مستعطٍ ملتفت إلى غير الله بقلبه، والراقي محسن نافع.
وإنما الحديث " «هم الذين لا يسترقون» ؛ فهؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب، لكمال توحيدهم،
ولهذا نفى عنهم الاسترقاء، وقال في آخر الحديث:«وعلى ربهم يتوكلون» ، فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه، وثقتهم به، ورضاهم عنه، وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئاً.
(2)
** عودٌ إلى حديث الباب: قوله صلى الله عليه وسلم: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ....
و الاسترقاء: هو طلب الرقية من الغير، وهذه هي أولى الصفات التى اختص بها السابقين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ووجه المدح فيها أنهم قد تركوا طلب الرقية من الغير لكمال توكلهم على الله عزوجل.
فلا شك أن الطلب والسؤال من الناس فيه افتقار القلب والتفاته إلى غير الله، وهذا نوع من الفقر للمخلوق، فهم لقوة اعتمادهم على الله عز وجل-و لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله تركوا الاسترقاء.
فليس محرماً أن يطلب أحد من شخص أن يرقيه، ولكن من فعل ذلك فقد فاته الكمال والسبق، وقد فعل خلاف الأفضل والأكمل. وعليه يُحمل قوله صلى الله عليه وسلم:
" " مَنِ اكْتَوَى، أَوْ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ " "
(3)
، و المراد هنا هو نفي كمال التوكل المستحب؛ وما ذلك إلا لفعله ما كان الأولى له التنزه عنه، والذى هو الاحتياج للغير.
وقد يتوجه النفي إلى أصل التوكل، وذلك لمن اكتوى أو
(1)
أخرجه مسلم (2200)
(2)
وانظر لذلك اقتضاء الصراط المستقيم (ص/367) ومجموع الفتاوى (28/ 123) ومفتاح دار السعادة
(ص/580) وزاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 476)
(3)
أخرجه أحمد (18180) والترمذي (2055) وقال الترمذي: حسن صحيح. وانظر صحيح الجامع (6081)
استرقى متوجهاً حال ذلك بكلية توكله على غير الله تعالى.
* قال الإمام أحمد:
يشبه أن يكون هذا -أى مدح عدم الاسترقاء- ترغيباً في التوكل على الله عز وجل، وقطع القلوب عن الأسباب التي كانوا في الجاهلية يرجون منها الشفاء دون من جعلها أسباباً لها.
(1)
* لذا فإن الرقية مندوبة في حق الراقي؛ لأنها من باب الإحسان، ولما فيها من النفع، وهي جائزة في حق المرقي، إلا أنه لا ينبغي له أن يبتدئ بطلبها، فإن من كمال توكل العبد وقوة يقينه أن لا يسأل أحداً من الخلق لا رقية ولا غيرها، وهذا من أسرار تحقيق التوحيد ومعانيه البديعة التي لا يوفَّق للتفقه فيها والعمل بها إلا الكمَّل من العباد.
(2)
وهذا إن دل إنما يدل على أثر تفاوت أعمال القلوب على رفعة الدرجات والسبق إلى الجنان، كما قال تعالى " هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ "، فهذا الارتقاء عند الله -تعالى- يكون بأعمال القلوب كما يكون بأعمال الجوارح.
* فوائد تتعلق بمسألة الاسترقاء:
1) من طلب الرقية لزوجته أو لولده مثلاً، فهذا داخل في معنى الاسترقاء، هذا بخلاف من أرشد أولياء المريض أن يسترقوا له، هذا من باب النصح والإرشاد، ودليل ذلك ما روته أُمّ سَلَمَةَ- رضي الله عنها عن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أنه رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ:
«اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ» .
(3)
أى اطلبوا لها من يرقيها، " فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ " أى أصيبت بالعين، والسفعة هي صفرة بالوجه.
* إشكال والرد عليه:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا
(1)
معرفة السنن والآثار (14/ 120)
(2)
القول السديد في مقاصد التوحيد (ص/50)
(3)
أخرجه البخاري (5739) ومسلم (2197)
وَجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ» قَالَتْ عَائِشَةُ:«فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ» .
(1)
أليس هذا من الاسترقاء؟؟؟
* والرد عليه:
أنه كان صلى الله عليه وسلم هو الذى ينفث على نفسه، وضعفه ووجعه يمنعه من إمرار يده
على جسده كله، فكان يأمر عائشة-رضى الله عنها- أن تمر بيده على جسده بعد نفثه هو، وليس
ذلك من الاسترقاء في شيء. وهي لم تقل " كان يأمرني أن أرقيه "، وإنما ذكرت المسح بيده بعد النفث على جسده، ثم قالت: كان يأمرني أن أفعل ذلك به، أي: أن أمسح جسده بيده، كما كان هو يفعل.
(2)
…
شروط الرقية الشرعية:
1) أن تكون من الكتاب والسنة، فلا تتضمن شركاً:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِا شِرْكٌ.
(3)
وعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رضى الله عنه- دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها- وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ ".
(4)
وعليه فإنه ما ورد من أحاديث تنهى عن الرقية فهى تحمل على الرقى الشركية، التى يُستعان فيها بغير الله عزوجل، أو على من كانوا يعتقدون نفعها وتأثيرها بطبعها، كما كان أهل الجاهلية يزعمون.
*قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
الرقى والعزائم الأعجمية هي تتضمن أسماء رجال من الجن يُدعون ويُستغاث بهم ويُقسم عليهم بمن يعظمونه، فتطيعهم الشياطين بسبب ذلك في بعض الأمور من جنس السحر والشرك.
قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولكنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ
(1)
متفق عليه.
(2)
زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 478)
(3)
سبق تخريجه قريباً.
(4)
رواه مالك في الموطأ (1982) وسنده صحيح.
النَّاسَ السِّحْرَ {.
(1)
2) أن تكون باللغة العربية: واضحة الألفاظ ومفهومة المعني:
وقد أجاز قوم كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها، لكن قد دل الحديث على أنه مهما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك يمنع، وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطاً.
(2)
.. فالرقية تكون محرمة إذا حوت على أسماء لا يُفهم معناها؛ لأنها تجر إلى الشرك، ولا يؤمن أن يكون في الكلام الذى لا يُفهم معناه شيء من الشرك، فلا بد أن يكون من الكلام المفهوم.
قال القرافي:
من الرقى ما هو مشروع، كالفاتحة والمعوذتين، ومنها ما هو غير مشروع كرقى الجاهلية والهند وغيرهما، وربما كان كفراً؛ ولذلك نهى مالك وغيره عن الرقى بالعجمية لاحتمال أن يكون فيه محرَّم.
(3)
تحدّث شيخ الإسلام رحمه الله عنها، وذكر حرمتها في موضع آخر فقال:
"وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلاسم والرقى التي لا تفقه بالعربية، فيها ما هو شرك بالجنّ. ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفقه معناها لأنها مظنة الشرك، وإن لم يعرف الراقي أنها شرك.
(4)
وأما من كان لا يحسن العربية فرقي بلغة أخري بكلام مفهوم المعنى فلا حرج في ذلك.
3 -
ألا يعتقد المرء أن الرقية تنفع بذاتها:
فالرقية سبب يقع أثره بتقدير الله عزوجل، فلا تأثير لها إلا بإذن الله غير وجل، فقد يتوفر السبب ويتخلف التأثير، وقد يقع التأثير -الذى هو الشفاء-بغير سبب.
(1)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/329)
(2)
فتح الباري بتصرف يسير (10/ 195)
(3)
أنوار البروق في أنواء الفروق (3/ 1295)
(4)
مجموع الفتاوى (19/ 13)
قال البيهقي:
قد نهى عن الرقية إذا كان فيها شرك، أو استعمل شئ من ذلك، على الوجه الذي كانوا يستعملونه في الجاهلية من إضافة الشفاء إليها دون الله عز وجل.
(1)
وقد نقل ابن حجر والسيوطى إجماع العلماء على هذه الشروط الثلاثة.
قال ابن حجر:
أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله -تعالى- أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى.
(2)
** فوائد مهمة تتعلق بالرقية:
1) الرقية توفيقية وليست توقيفية:
بمعنى ان الرقى لا يجب فيها الإلتزام بنص أو بذكر معين، بل إن رقى بذكر أو قراءة، فرأى أثرها الطيب، فله أن يكررها ما لم يكن فيها محذور يخالف صحيح العقيدة؛ ذلك لأن التداوي بالرقي من جنس التداوي بالأدوية، فهي مبنية على التجربة، لا على التلقي.
يؤيد ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «اعرضوا علىَّ رقاكم» ، فلم يلزمهم بذكر بعينه، مع إرشادهم لأنفع أوراد الرقية الشرعية.
(3)
2) من استرقى وهو لا يعلم بحديث السبعين، وأن طلب الرقية مخرج من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وأنه خلاف الأولى، فإذا علم ذلك فأقلع عن الاسترقاء، وحقق الصفات الأخرى المذكورة في الحديث فهو معدود - بإذن الله - في السبعين ألفاً، فالعبرة في ذلك بمن علم الحديث ثم فعل ذلك بعد علمه به.
* ومما يؤيد ذلك أمور منها:
1) عن عمران بن حصين-رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الكَيِّ، قَالَ: فَابْتُلِينَا
(1)
معرفة السنن والآثار (14/ 120)
(2)
فتح الباري (10/ 195)
(3)
وتأملوا الفارق بين قوله صلى الله عليه وسلم: «اعرضوا على رقاكم» وقوله (صلوا كما رأيتونى صلى) وقوله (خذوا عنى مناسككم) فهذا مما يوضح لنا الفارق بين الأمور التوقيفية، والأمور التوفيقية.
فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أَنْجَحْنَا".
قال أبو داود: وكان يسمع تسليم الملائكة، فلما اكتوى انقطع عنه، فلما ترك رجع إليه".
(1)
2) أن العبرة بالخواتيم؛ فلقد كان الصحابة - رضى الله عنهم- قبل إسلامهم كفاراً، فأسلموا وحسن إسلامهم، وصاروا خير أمة أخرجت للناس، وهذا فيمن ترك الإيمان ثم عاد إليه، فمن باب أولى أن الذي يترك كمال التوكل، حين يطلب الإسترقاء، ثم يعود إليه يقبل منه.
3) مراتب وحالات الرقية:
هناك ثلاث مراتب للرقية:
المرتبة الأولى: أن يطلب من يرقيه، وهذا هو الاسترقاء، وهذا قد فاته الكمال.
المرتبة الثانية: أن يمنع من يرقيه، وهذا خلاف السنة; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع جبريل عليه السلام أن يرقيه، وكذلك الصحابة -رضى الله عنهم-لم يمنعوا أحداً أن يرقيهم؛ لأن هذا لا يؤثر في التوكل.
المرتبة الثالثة: أن لا يمنع من يرقيه، وهذا لم يفته الكمال; لأنه لم يسترق ولم يطلب.
(2)
وعليه فلا بأس أن يقبل المرء الرقية ممن يعرضها عليه؛ لأن هذا ليس فيه طلب ولا مسألة، بل عُرِض عليه عرضاً.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري-رضى الله عنه- أَنَّ جِبْرِيلَ، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ» .
(3)
(1)
أخرجه أبوداود (3865) والترمذي (2049)، قال الترمذي:" هذا حديث حسن صحيح "، وقال الحافظ في الفتح (10/ 155) سنده قوي.
(2)
القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 111)
(3)
أخرجه مسلم (2186)
* سؤال: إذا طلب منك شخص أن ترقيه، فهل تمتنع من ذلك وتخبره بالحديث أم ترقيه؟
الجواب: ترقيه لأنه طلب بالفعل، ثم تخبره بحديث الاسترقاء، وبيان فضل من ترك الاسترقاء.
4) جواز أخذ الأجرة على الرقية:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه -قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -فِي سَفْرَةٍ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:
«وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا.
(1)
وعَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ -رضى الله عنه- أن عَمَّهِ قد رَقَى رجلاً بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا، فَقَالَ له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كُلْ، فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ» .
(2)
فهذا الأثار دالة على جواز أخذ الأجرة على الرقية، بل وأمرهم أن يضربوا له معهم سهماً، فجمع صلى الله عليه وسلم في ذلك بين السنة الفعلية والسنة الإقرارية.
…
طرق الرقية الشرعية:
1) النفث بالمعوذات على المريض:
بأن يقرأ بالمعوذات بين يديه، ثم يخرج ريقه أثناء القراءة، ويجعله في يديه ويمسح بها على موضع الألم من نفسه أو لغيره.
قالت
(1)
أخرجه البخاري (2276) ومسلم (2201) وقد ترجم له البخاري: بَابُ مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ.
وقد ورد في رواية الترمذى (2063) أن الصحابي الذى ذهب لرقية اللديغ هو أبو سعيد الخدري رضى الله عنه، وأنه قد قرأ علي اللديغ " الحمد لله " سبع مرات،.
(2)
أخرجه أحمد (21835) وأبوداود (3420) وصححه الألبانى.
عائشة - رضى الله عنها -كان النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه يرقي نفسه بالمعوذات وينفث، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه؛ رجاء بركتها»
(1)
2) المسح مع القراءة لمن به وجع:
عن عثمان بن أبي العاص - رضى الله عنه - أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
««ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» . " قَالَ: «فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عز وجل مَا كَانَ بِي، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهِ أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ» .
(2)
3) الرقية من تربة الأرض:
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا «بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا» .
(3)
(1)
متفق عليه.
(2)
أخرجه مسلم (2202) وأبوداود (3891)
(3)
متفق عليه.
ومعنى الحديث: أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح.
وليس هذا مخصوصًا بريقه صلى الله عليه وسلم -على الراجح- لقوله " بِرِيقَةِ بَعْضِنَا "؛ فهذا عام في ريق المؤمنين.
* قال جمهورالعلماء المراد بقوله صلى الله عليه وسلم " تُرْبَةُ أَرْضِنَا " جملة الأرض، وليس أرض المدينة خاصة.
* قال ابن القيم: وهل المراد بقوله تربة أرضنا جميع الأرض أو أرض المدينة خاصة؟؟
فيه قولان:
ولا ريب أن من التربة ما يكون فيه خاصية ينفع بها من أدواء كثيرة ويشفي بها أسقاما ردية.
قال جالينوس: رأيت بالإسكندرية أناساً يستعملون طين مصر على سوقهم وأفخاذهم، فينتفعون به منفعة بينة. وإذا كان هذا في هذه التربات فما الظن بأطيب تربة على وجه الأرض وأبركها وقد خالطت ريق رسول الله وقاربت رقيته باسم ربه وتفويض الأمر إليه.
قال القاضى عياض:
هذا من فعله عليه السلام حقيقة الطب مع التبرك باسم الله والتشفى به، وذلك أن تراب الأرض لبرده ويبسه يقوِّى الموضع الذى به الألم، ويمنع انصباب المواد إليه يبسه وتجفيفه مع منعته فى تجفيف الجراح وإدمالها.
وانظرزاد المعاد (4/ 172) وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود (10/ 266) وإِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِد مسلم (7/ 90)
4) القراءة مع جمع البزاق والتفل:
كما مر بنا في حديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه؛ حين رقي سيد القوم الذي لُدغ،
قال أبوسعيد -رضى الله عنه -: فقرأت فاتحة الكتاب، وجعلت أجمع بزاقي وأتفل، فبرأ الرجل.
5) الرقية بالأدعية والأذكار:
كما مر بنا في حديث رقية جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال له:
يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ» .
(1)
6) القراءة على الماء وشربه:
قال ابن القيم:
ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بالفاتحة آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع.
(2)
* تنبيه مهم:
من طرق الرقية البدعية التى تنتشر بين الناس، وليس لها أصل:
الرقية بالبخور وخز الورقة بالإبرة ثم إحراقها بغرض دفع الحسد والعين، وعقد العقد.
…
نعود إلى أصل الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم: " ولا يكتوون.....»
(1)
سبق تخريحه قريباً.
(2)
زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 164)
* قلت: لا يشترط أن يكون الماء المقروء عليه ماء زمزم، بل أي ماء، وإن كان زمزم هو أفضل ماء على وجه الأرض، ونفعه أبلغ.
** ويتفرع على ذلك:
كتابة آيات من القرآن في طبق أو ورق بمادة طاهرة غير مضرة كالزعفران أو ماء الورد، ثم شرب هذا الماء أو وضعه على موضع الألم، لورود ذلك عن جماعة من السلف. وقد نص عليه الإمام أحمد ونقله عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه كان يكتب كلمات من القرآن والذكر ويأمر بأن تسقى لمن به داء، وهذا يقتضي أن لذلك بركة. وجوَّزه شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال رحمه الله:
وإذا كتب شيء من القرآن أو الذكر في إناء أو لوح ومحي بالماء وغيره وشرب ذلك فلا بأس به ا. هـ
وانظرمجموع الفتاوى (12/ 599) وزاد المعاد (4/ 170)