الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني: البيان المناط بفوائد حديث ذات أنواط
*نَصُّ الحديث:
عن أبي واقِدٍ اللَّيْثِيّ -رضى الله عنه- قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، وَيَنُوطُونَ بِها أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَها: ذَاتُ أَنْوَاطٍ. قَالَ: فَمَرَرْنَا بِالسِّدْرَةِ، فَقُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أَكْبَرُ! إنَّهَا السُّنَنُ، قُلْتُمْ -وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لموسى:{اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138]،
لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ».
*تخريج الحديث:
قال المُزَنِيّ: حدَّثَنا الشافعيُّ، قالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنانٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ
…
ثُمَّ ساقَ الحديثَ
…
(1)
.
وأخرجه أحمد في المُسنَد (21897)، والمروزي في السُّنّة (37)، والتِّرْمِذِيّ في باب الفِتَن (2180)، وقالَ:"حَسَن صحيح"، والنَّسائيّ في التفسير مِن سُنَنه الكُبرى (11121)، وابن أَبي عاصمٍ في السُّنّة (76)، وصححه الأَلبانيّ في [ظِلال الجَنّة](76)، وقال شُعَيبٌ الأرنؤوط:"إسناده صحيح على شَرْطِ مُسلمٍ".
(2)
(1)
السُّنن المأثورة للشافعي (1/ 338).
(2)
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف (11/ 112)، جامع الأصول (10/ 34)، وصحيح مَوارد الظمآن (1540).
*غَريب الحديث:
قول الراوي: "خرجْنا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى حُنَيْنٍ": (حُنَين) هي مَوْضِعٌ بَيْنَ الطّائفِ ومَكّةَ، وقعتْ فيه مَعْرَكة "حُنين" المشهورةُ.
قوله: "يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ": قال الحَمَوِيّ:
"شجرة خضراءُ عظيمة، كانت الجاهلية تأتيها كُلَّ سَنةٍ؛ تعظيماً لها، فتُعلِّقُ عليها أسلحتها، وتَذبحُ عندَها، وكانت قريبةً من مكةَ.
وذُكِرَ هذا من كلام ياقوت الحموي أيضاً أنهم كانوا إذا أتَوْا يَحُجُّون يُعلّقون أَرْدِيَتَهم عليها، ويدخلون الحَرَم بغير أَرديةٍ؛ تعظيماً للبيت؛ ولذلك سُمّيت ذاتَ أنواط، أو نقول: سُميت أنواطًا، يقال: ناطَ الشيءَ، يَنُوطُهُ، إذا عَلَّقَهُ".
(1)
*قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا السُّنَنُ» : جَمْعُ سُنّة، و (السُّنّة) لغةً: الطَّريقة، حَسَنةً كانت أو سيّئةً، والمراد هنا: طريقة أهل الأهواء والبِدَع التي ابتدعوها مِن تِلقاءِ أنفُسهم بعد أنبيائهم، مِن تغيير دينهم، وتحريف كتابهم، كما أتى على بَني إسرائيل، حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ.
(2)
المعنى العامّ لحديث الباب:
قوله أبي واقِدٍ اللَّيْثِيّ -رضى الله عنه-:
"خرجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنينٍ ونَحْنُ حديثو عهدٍ بكفرٍ":
يقصد بذلك مَن خرجَ معَ النبي صلى الله عليه وسلم يومَ حُنين من الصحابة -رضى الله عنهم-الذين أسلموا بعدَ فتح مكةَ، وكانوا يُطلَقُ عليهم "مُسْلِمةُ الفَتْحِ"؛ فخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم -في غَزْوَة حُنين.
قال الراوي: "وَلِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا": والعُكُوفُ للشّيء هو مُلازَمَتُه، كما في قول الله سبحانه عن إبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ
(1)
مُعْجَم البلدان (1/ 273).
(2)
تحفة الأحوذي (5 / ص 472).