الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: الْجَارِيَةُ الْمَبِيعَةُ، هَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ قَبْلَ التَّحَالُفِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبَعْدَ التَّحَالُفِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَدَثَ فِي الْمَغْصُوب نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً، فَهَلْ هُوَ كَالتَّالِفِ أَوْ لَا؟ بَلْ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ.
تَنْبِيهٌ:
جُزِمَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: إذَا وُهِبَ لِلطِّفْلِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي الْحَالِ، فَكَانَ قَبُولُ هَذِهِ الْهِبَةِ تَحْصِيلَ خَيْرٍ، وَهُوَ الْعِتْقُ بِلَا ضَرَرٍ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا لَعَلَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْ حُصُولِ يَسَارٍ لِلصَّبِيِّ، وَإِعْسَارٍ لِهَذَا الْقَرِيبِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ أَنَّهُ آيِلٌ.
وَجُزِمَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: بَيْعُ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ حَالًا لِتَوَقُّعِ النَّفْعِ بِهِ مَآلًا.
وَمِنْهَا: جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِمَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَحْتَاجُ إلَى شُرْبِهِ فِي الْمَآلِ، لَا فِي الْحَالِ.
وَمِنْهَا: الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا لَا يُثْمِر فِي السَّنَةِ، وَيُثْمِرُ بَعْدَهَا جَائِزٌ بِخِلَافِ إجَارَةِ الْجَحْشِ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْإِجَارَةِ تَعْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ، إذْ تَأَخُّرُ الثِّمَارِ مُحْتَمَلٌ فِيهَا.
كَذَا فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيُّ: وَبِهِ يَظْهَر لَك أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُشْتَرَطَةَ فِي الْبَيْعِ غَيْرُ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْإِجَارَةِ، إذْ تِلْكَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا حَالًا أَوْ مَآلًا، وَلَا كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ.
[تَنْبِيهٌ: يَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَاعِدَةُ تَنْزِيلِ الِاكْتِسَابِ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْحَاضِرِ]
تَنْبِيهٌ:
يَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَاعِدَةُ " تَنْزِيلِ الِاكْتِسَابِ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْحَاضِرِ " وَفِيهَا فُرُوعٌ: مِنْهَا: فِي الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ، قَطَعُوا بِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ كَوَاجِدِ الْمَالِ.
وَمِنْهَا: فِي سَهْمِ الْغَارِمِينَ، هَلْ يُنَزَّلُ الِاكْتِسَابُ مَنْزِلَةَ الْمَالِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، الْأَشْبَهُ: لَا وَفَارَقَ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ بِأَنَّ الْحَاجَةَ تَتَجَدَّدُ كُلَّ وَقْتٍ، وَالْكَسْبُ يَتَجَدَّدُ كَذَلِكَ، وَالْغَارِمُ مُحْتَاجٌ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ الْآنَ، وَكَسْبُهُ مُتَوَقَّعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَمِنْهَا: الْمُكَاتَبُ إذَا كَانَ كَسُوبًا، هَلْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاة؟ فِيهِ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: نَعَمْ، كَالْغَارِمِ.
وَمِنْهَا: إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، أُنْفِقَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ إلَى أَنْ يُقْسَمَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَسُوبًا.
وَمِنْهَا: إذَا قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَكَانَ كَسُوبًا، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ.
قَالَ الْفَرَاوِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَزِمَهُ بِسَبَبٍ هُوَ عَاصٍ بِهِ، كَإِتْلَافِ مَالِ إنْسَانٍ عُدْوَانًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ لِوَفَائِهِ ; لِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْهُ وَاجِبَةٌ وَمِنْ شُرُوطِهَا: إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَيَلْزَمُهُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ، حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ وَمِنْهَا: مَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ وَلَا مَالَ لَهُ، هَلْ يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَا يَجِب لِوَفَاءِ الدَّيْنِ، وَالْأَصَحُّ: نَعَمْ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِالْكَسْبِ، فَكَذَلِكَ إحْيَاءُ بَعْضِهِ.
وَفِي التَّتِمَّةِ: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفَقَةِ الْأُصُولِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفَقَةِ الْفُرُوعِ فَيَجِبُ الِاكْتِسَابُ قَطْعًا ; لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأُصُولِ سَبِيلُهَا سَبِيلُ الْمُوَاسَاةِ، فَلَا تَكَلُّفَ أَنْ يَكْتَسِبَ لِيَصِيرَ مِنْ أَهْل الْمُوَاسَاةِ، وَنَفَقَةُ الْفُرُوعِ بِسَبَبِ حُصُولِ الِاسْتِمْتَاعِ، فَأُلْحِقَتْ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَهِيَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا ذَهَابٌ إلَى الْقَطْعِ بِوُجُوبِ الِاكْتِسَابِ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ; وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ فِيهَا وَجْهَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ عَلَى وُجُوبِ الِاكْتِسَابِ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ ; لِالْتِحَاقِهَا بِالدُّيُونِ.
وَمِنْهَا: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاكْتِسَابِ فَهَلْ يُكَلَّفُ بِهِ، وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ؟ أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا: لَا يُكَلَّفُهَا الْأَصْلُ ; لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ فَتَجِب نَفَقَتُهُ، بِخِلَافِ الْفَرْعِ.
وَالثَّانِي: يُكَلَّفَانِ ; لِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ مُسْتَغْنٍ عَنْ أَنْ يَحْمِلَ غَيْرُهُ كُلَّهُ.
وَالثَّالِثُ: لَا يُكَلَّفَانِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُمَا إذْ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلِّفَ الْإِنْسَانُ قَرِيبَهُ الْكَسْبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ.
وَمِنْهَا: إذَا كَانَ الْأَبُ قَادِرًا عَلَى كَسْبِ مَهْرِ حُرَّةٍ، أَوْ ثَمَنِ سُرِّيَّةٍ لَا يَجِبُ إعْفَافُهُ. وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَالِ الْحَاضِرِ. قَالَهُ الشَّيْخ أَبُو عَلِيٍّ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي النَّفَقَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ، هَلْ يَبْطُلُ، كَبَيْعِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ؟ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْعَبَّادِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَفِي الْحَاوِي: إنْ آجَرَ نَفْسَهُ فِيمَا هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ عَمَلِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ صَانِعًا، وَعَمَلُهُ مَقْصُودٌ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، مِثْلَ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ فِي حَجٍّ، أَوْ وَكَالَةٍ فِي عَمَلٍ صَحَّ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْ غَيْرِهِ بِعَمَلِهِ، فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ بِعِوَضٍ، كَمَا قَالُوا: يَصِحُّ خَلْعُهُ ; لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا، فَبِالْعِوَضِ أَوْلَى انْتَهَى.