الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّةٌ وَالْأَصَحُّ: أَنْ لَا يَمْنَعَ مِلْكَ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ، وَلَا شِرَاءَ الْقَرِيبِ وَيَمْنَعُ نُفُوذَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّبَرُّعَ وَتَصَرُّفَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَجَوَازَ الصَّدَقَةِ، مَا لَمْ يَرْجُ وَفَاءً.
[مَا مَا ثَبُتَ فِي الذِّمَّةِ بِالْإِعْسَارِ وَمَا لَا يَثْبُتُ]
مَا ثَبُتَ فِي الذِّمَّةِ بِالْإِعْسَارِ، وَمَا لَا يَثْبُتُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ. ضَرْبٌ يَجِبُ، لَا بِسَبَبِ مُبَاشَرَةٍ مِنْ الْعَبْدِ: كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ: لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَجِبْ. وَضَرْبٌ: يَجِبُ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ، عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ. كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ، وَالطِّيبِ، وَاللِّبَاسِ فِي الْحَجِّ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ وَقْتَ وُجُوبِهِ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ، تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الْغَرَامَةِ ; لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مَحْضٌ. وَضَرْبٌ: يَجِبُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةٍ.
لَا عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ، كَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَالظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ، وَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ، وَالنَّذْرِ، وَكَفَّارَةِ قَوْلِهِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَفِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ.
أَصَحُّهُمَا: يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، فَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ: لَزِمَهُ.
وَالثَّانِي: لَا، وَتَشْبِيهُهَا بِجَزَاءِ الصَّيْدِ أَوْلَى مِنْ الْفِطْرَةِ ; لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُؤَاخَذَةٌ عَلَى فِعْلِهِ، كَجَزَاءِ الصَّيْدِ، بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ. انْتَهَى قُلْت: وَلَوْ لَزِمَتْ الْفِدْيَةُ الشَّيْخَ الْهَرِمَ عَنْ الصَّوْمِ، وَكَانَ مُعْسِرًا، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: قَوْلَانِ فِي ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ، كَالْكَفَّارَةِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ هُنَا: أَنَّهَا تَسْقُطُ. وَلَا تَلْزَمُهُ إذَا أَيْسَرَ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ. فَالْأَقْسَامُ عَلَى هَذَا أَرْبَعَةٌ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ: لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا. فَمَرَّتْ أَيَّامٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ. ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ وَهُوَ غَائِبٌ، فَجُهِّزَتْ مِنْ مَالِهَا. لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ. أَفْتَى بِهِ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ.
تَذْنِيبٌ:
مِنْ الْغَرِيبِ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: إنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: حَكَيْت مَرَّةً لِابْنِ الرِّفْعَةِ، فَقَالَ: عُمْرِي مَا سَمِعْت ثُبُوتَ طَلَاقٍ فِي الذِّمَّةِ. قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ سَمِعَهُ، وَكَتَبَهُ مَرَّاتٍ. لَكِنَّهُ لِغَرَابَتِهِ وَنَكَارَتِهِ، لَمْ يَبْقَ عَلَى ذِهْنِهِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ، وَمَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَيْمَانِ: إذَا وَفَّتْ التَّرِكَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ، وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قُضِيَتْ جَمِيعًا.
وَإِنْ لَمْ تَفِ، وَتَعَلَّقَ بَعْضُهَا بِالْعَيْنِ، وَبَعْضُهَا بِالذِّمَّةِ: قُدِّمَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَ النَّوْعَانِ، أَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا. وَإِنْ اجْتَمَعَا، وَتَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِالْعَيْنِ، أَوْ الذِّمَّةِ فَهَلْ يُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ الْآدَمِيِّ، أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ. وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، إذَا اجْتَمَعَ النَّوْعَانِ. بَلْ تُقَدَّمُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّ، وَتُؤَخَّرُ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ حَيًّا اهـ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ. اجْتِمَاعُ الدَّيْنِ مَعَ الزَّكَاةِ، أَوْ الْفِطْرَةِ، أَوْ الْكَفَّارَةِ، أَوْ النَّذْرِ، أَوْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، أَوْ الْحَجِّ. كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ: تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّيْنِ، وَكَذَا: سِرَايَةُ الْعِتْقِ، مَعَ الدَّيْنِ. وَصَحَّحَا فِي اجْتِمَاعِ الْجِزْيَةِ، مَعَ الدَّيْنِ: التَّسْوِيَةَ ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْأُجْرَةِ. فَالْتَحَقَتْ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ.
وَمِنْ اجْتِمَاعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ الزَّكَاةُ. وَالْكَفَّارَةُ. وَالْحَجُّ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ.
تَذْنِيبٌ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ غَيْرِ الدُّيُونِ اجْتَمَعَ مُحْدِثٌ. وَجُنُبٌ. وَحَائِضٌ. وَذُو نَجَاسَةٍ. وَمَيِّتٌ، وَهُنَاكَ مَاءٌ مُبَاحٌ. أَوْ مُوصًى
بِهِ لِأَحْوَجِ النَّاسِ إلَيْهِ، وَلَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمْ. قُدِّمَ الْمَيِّتُ عَلَى الْجَمِيعِ ; لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ، فَخُصَّ بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ ; وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِهِ تَنْظِيفُهُ، وَلَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ. وَالْقَصْدُ مِنْ طَهَارَةِ الْأَحْيَاءِ: اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّيَمُّمِ. وَيُقَدَّمُ بَعْدَهُ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ ; لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِطَهَارَتِهِ، ثُمَّ الْحَائِضُ ; لِأَنَّ حَدَثَهَا أَغْلَظُ.
وَفِي وَجْهٍ: يُقَدَّمُ الْجُنُبُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ غُسْلَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ، وَلِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي صِحَّةِ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ دُونَهَا. وَفِي وَجْهٍ: يَسْتَوِيَانِ، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا.
وَقِيلَ: يُقَسَّمُ وَيُقَدَّمُ الْجُنُبُ عَلَى الْمُحْدِثِ إنْ لَمْ يَكْفِ الْمَاءُ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ كَفَى كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ كَفَى الْجُنُبَ فَقَطْ، وَإِنْ كَفَى الْمُحْدِثَ فَقَطْ: قُدِّمَ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ ظَامِئٌ، قُدِّمَ عَلَى الْمَيِّتِ لِبَقَاءِ الرُّوحِ. اجْتَمَعَ مُغْتَسِلٌ لِجُمُعَةٍ، وَغُسْلُ الْمَيِّتِ فَإِنْ قُلْنَا: غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ. قُدِّمَ، أَوْ غُسْلُ الْمَيِّتِ قُدِّمَ. اجْتَمَعَ حَدَثٌ، وَطِيبٌ: وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ غَسْلُ الطِّيبِ بَعْدَ الْوُضُوءِ، فَذَاكَ وَإِلَّا قُدِّمَ غَسْلُ الطِّيبِ ; لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، وَالْوُضُوءُ لَهُ بَدَلٌ.
وَلَوْ كَانَ نَجَاسَةٌ، وَطِيبٌ: قُدِّمَتْ النَّجَاسَةُ ; لِأَنَّهَا أَغْلَظُ، وَتُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهِ. اجْتَمَعَ كُسُوفٌ، وَجُمُعَةٌ. أَوْ فَرْضٌ آخَرُ فَإِنْ خِيفَ فَوْتُ الْفَرْضِ قُدِّمَ ; لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَإِلَّا قُدِّمَ الْكُسُوفُ فِي الْأَظْهَرِ ; لِأَنَّهُ يُخْشَى فَوَاتُهُ بِالِانْجِلَاءِ، ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ: ثَمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعِ خُطَبٍ. اجْتَمَعَ عِيدٌ، وَكُسُوفٌ، وَجِنَازَةٌ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ، خَوْفًا مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ جُمُعَةٌ، وَجِنَازَةٌ، فَكَذَلِكَ، إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، فَإِنْ ضَاقَ، قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ ; لِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَقِيلَ: الْجِنَازَةُ ; لِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا. اجْتَمَعَ كُسُوفٌ، وَوِتْرٌ، أَوْ تَرَاوِيحُ. قُدِّمَ الْكُسُوفُ مُطْلَقًا، أَوْ كُسُوفٌ، وَعِيدٌ، وَخِيفَ فَوْتُ الْعِيدِ قُدِّمَ، وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ. اجْتَمَعَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ: رَجُلٌ، وَزَوْجَتُهُ، وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالْأَبُ، وَالْأُمُّ، وَلَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الصِّيعَانِ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ، حَكَاهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَصَحُّهَا: تَقْدِيمُ نَفْسِهِ ثُمَّ زَوْجَتِهِ ثُمَّ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُمِّ ثُمَّ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ.
وَالثَّانِي: يُقَدِّمُ الزَّوْجَةَ عَلَى نَفْسِهِ ; لِأَنَّ فِطْرَتَهَا تَجِبُ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ.
وَالثَّالِثُ: يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِمَنْ شَاءَ، وَالرَّابِعُ: يَتَخَيَّرُ
وَالْخَامِسُ: يُخْرِجُهُ مُوَزَّعًا عَلَى الْجَمِيعِ. وَالسَّادِسُ: يُخْرِجُهُ عَنْ أَحَدِهِمْ، لَا بِعَيْنِهِ.
وَالسَّابِعُ: يُقَدِّمُ الْأُمَّ عَلَى الْأَبِ.
وَالثَّامِنُ: يَسْتَوِيَانِ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا.
وَالتَّاسِعُ: يُقَدِّمُ الِابْنَ الْكَبِيرَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ ; لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِنَفَقَتِهِ، وَالْفِطْرَةُ تَتْبَعُهَا.
وَالْعَاشِرُ: يُقَدِّمُ الْأَقَارِبَ عَلَى الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إزَالَةِ سَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ بِالطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ الْمَذْكُورُونَ فِي النَّفَقَةِ، قُدِّمُوا عَلَى مَا ذُكِرَ، إلَّا أَنَّ الْأُمَّ تُقَدَّمُ فِيهَا عَلَى الْأَبِ، فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ شُرِعَتْ لِسَدِّ الْخَلَّةِ، وَدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَالْأُمُّ أَكْثَرُ حَاجَةً، وَأَقَلُّ حِيلَةً، وَالْفِطْرَةُ لَمْ تُشْرَعْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ. بَلْ لِتَشْرِيفِهِ، وَتَطْهِيرِهِ.
وَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَذَا، فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْفِطْرَةِ اثْنَانِ فِي مَرْتَبَةٍ: تَخَيَّرَ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْإِقْرَاعِ، وَلَهُ فِيهِ مَجَالٌ كَنَظَائِرِهِ اجْتَمَعَ عَلَى رَجُلٍ حُدُودٌ، فَإِنْ كَانَتْ لِلَّهِ تَعَالَى، قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ، فَيُقَدَّمُ حَدُّ الشُّرْبِ، ثُمَّ جَلْدُ الزِّنَا، ثُمَّ قَطْعُ السَّرِقَةِ، أَوْ الْمُحَارَبَةِ، ثُمَّ قَتْلُ الرِّدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِآدَمِيٍّ فَكَذَلِكَ: فَيُقَدَّمُ حَدُّ الْقَذْفِ ثُمَّ الْقَطْعُ ثُمَّ الْقَتْلُ، فَلَوْ اجْتَمَعَ مُسْتَحِقَّا قَطْعٍ، أَوْ قَتْلٍ: قُدِّمَ مَنْ سَبَقَتْ جِنَايَتُهُ، فَإِنْ جُهِلَ، أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِمْ مَعًا أُقْرِعَ. وَإِنْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ، قُدِّمَ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى جَلْدِ الزِّنَا ; لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ. وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا: اجْتِمَاعُ حَدِّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ، فَعَلَى الْأَصَحِّ: يُقَامُ الْقَذْفُ، وَعَلَى الثَّانِي: الشُّرْبُ. وَيَجْرِيَانِ فِي اجْتِمَاعِ الْقَطْعِ، وَالْقَتْلِ قِصَاصًا مَعَ جَلْدِ الزِّنَا.
فَعَلَى الْأَصَحِّ: يُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ الْقِصَاصِ، وَالرِّدَّةِ، وَالزِّنَا قُدِّمَ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَقِيلَ فِي الزِّنَا: يُقْتَلُ رَجْمًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، لِيَتَأَدَّى الْحَقَّانِ. وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ الزِّنَا، وَالرِّدَّةِ، لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ يُرْجَمُ ; لِأَنَّهُ مَقْصُودُهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، فَإِنَّهُ مُحَصِّلٌ قَتْلَ الرِّدَّةِ، دُونَ الزِّنَا.