الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي الْحَجِّ: مُقْتَضَى إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ بَيْن الْمَرْأَةِ الْمَكْفِيَّةِ بِإِخْدَامِ الزَّوْجِ، وَإِسْكَانِهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ تَنْقَطِعُ فَتَحْتَاجُ إلَيْهِمَا قَالَ: وَكَذَلِكَ اعْتِبَارُ الْمَسْكَنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَفَقِّهَةِ، وَالصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ بُيُوتَ الْمُدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي الزَّكَاةِ: لَوْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ ; فَالظَّاهِرُ: خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ.
الثَّالِثُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يُبَاعُ الْمَسْكَنُ، وَالْخَادِمُ فِي الْحَجْرِ عَلَى الْغَرِيبِ قَطْعًا ; لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَدْ قُلْت فِي الْخُلَاصَةِ، جَامِعًا هَذِهِ النَّظَائِرَ:
اضْطَرَبَ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ فِي
…
حُكْمِهِمَا فَالْمَنْعُ لِلْبَيْعِ قِفْ
هُنَا وَفِي عَاقِلَةٍ وَالسُّتْرَهْ
…
وَفِي نِكَاحِ أَمَةٍ وَالْفِطْرَهْ
وَالْبَيْعُ فِي التَّفَلُّسِ وَالْإِنْفَاقِ
…
لِلزَّوْجِ وَالْقَرِيبِ وَالْإِعْتَاقِ
فِي الْحَجِّ وَالتَّكْفِيرِ إنْ لَاقَا فَلَا
…
ثُمَّ لِذِي الْحَجِّ النَّفِيسِ أُبْدِلَا
وَلَوْ لِمَأْلُوفٍ وَفِي التَّكْفِيرِ
…
إنْ لَمْ يَكُنْ يُؤْلَفُ فِي الشَّهِيرِ
وَلَيْسَ يَمْنَعَانِ وَصْفَ الْفَقْرِ
…
وَلَا الَّتِي لِلْوَطْءِ فِي ذَا تَجْرِي
[كُتُبُ الْفَقِيهِ وَسِلَاحُ الْجُنْدِيِّ وَآلَةُ الصَّانِعِ]
ِ ذُكِرَتْ فِي مَوَاضِعَ أَحَدُهَا: الزَّكَاةُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ: لَوْ كَانَ لَهُ كُتُبُ فِقْهٍ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ: يَعْنِي وَالْفَقْرِ. قَالَ: وَلَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ، وَحُكْمُ كِتَابِهِ حُكْمُ أَثَاثِ الْبَيْتِ ; لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ قَالَ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي فَهْمِ الْحَاجَةِ إلَى الْكِتَابِ فَالْكِتَابُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِثَلَاثَةِ أَغْرَاضٍ: التَّعْلِيمُ، وَالتَّفَرُّجُ بِالْمُطَالَعَةِ، وَالِاسْتِفَادَةُ.
فَالتَّفَرُّجُ: لَا يُعَدُّ حَاجَةً، كَاقْتِنَاءِ كُتُبِ الشِّعْرِ، وَالتَّوَارِيخِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا فِي الدُّنْيَا
فَهَذَا يُبَاعُ فِي الْكَفَّارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَيَمْنَعُ اسْمَ الْمَسْكَنَةِ. وَأَمَّا حَاجَةُ التَّعْلِيمِ: فَإِنْ كَانَ لِلْكَسْبِ كَالْمُؤَدِّبِ، وَالْمُدَرِّسِ بِأُجْرَةٍ، فَهَذِهِ آلَتُهُ فَلَا تُبَاعُ فِي الْفِطْرَةِ: كَآلَةِ الْخَيَّاطِ. وَإِنْ كَانَ يُدَرِّسُ لِقِيَامِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَمْ يَبِعْ، وَلَا يَسْلُبُهُ اسْمَ الْمَسْكَنَةِ ; لِأَنَّهَا حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ وَأَمَّا حَاجَةُ الِاسْتِفَادَةِ وَالتَّعَلُّمِ مِنْ الْكِتَابِ، كَادِّخَارِهِ كِتَابَ طِبٍّ لِيُعَالِجَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ كِتَابَ وَعْظٍ لِيُطَالِعَهُ، وَيَتَّعِظَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ طَبِيبٌ وَوَاعِظٌ، فَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْكِتَابِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ، ثُمَّ رُبَّمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مُطَالَعَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ، فَيُقَالُ: مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ، فَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ. فَيُقَدَّرُ حَاجَةُ أَثَاثِ الْبَيْتِ وَثِيَابِ الْبَدَنِ بِالسَّنَةِ، فَلَا تُبَاعُ ثِيَابُ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَلَا ثِيَابُ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَالْكُتُبُ بِالثِّيَابِ أَشْبَهُ. وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ، فَلَا حَاجَةَ لَهُ إلَّا إلَى إحْدَاهُمَا فَإِنْ قَالَ: إحْدَاهُمَا أَصَحُّ، وَالْأُخْرَى حَسَنٌ قُلْنَا: اكْتَفِ بِالْأَصَحِّ وَبِعْ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ لَهُ كِتَابَانِ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا: مَبْسُوطٌ وَالْآخَرُ: وَجِيزٌ فَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ: الِاسْتِفَادَةَ، فَلْيَكْتَفِ بِالْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ التَّدْرِيسَ: احْتَاجَ إلَيْهِمَا. هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، إلَّا قَوْلَهُ " فِي كِتَابِ الْوَعْظِ " إنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَاعِظِ، فَلَيْسَ كَمَا قَالَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلّ أَحَدٍ يَنْتَفِعُ بِالْوَاعِظِ، كَانْتِفَاعِهِ فِي خَلْوَتِهِ عَلَى حَسْبِ إرَادَتِهِ. قُلْت: وَكَذَا قَوْلُهُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ: إنَّهُ يَكْتَفِي بِالطَّبِيبِ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ طَبِيبٌ مُتَبَرِّعٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِأُجْرَةٍ، لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَ الْكِتَابِ وَالِاسْتِئْجَارَ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: الْحَجُّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَ فَقِيهًا وَلَهُ كُتُبٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا لِلْحَجِّ؟ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِكُلِّ كِتَابٍ إلَّا نُسْخَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى كُلِّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نُسْخَتَانِ لَزِمَهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِمَا.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَلْزَمُ لِلْفَقِيهِ بَيْعُ كُتُبِهِ فِي الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ