الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابَةٍ أَوْ دَيْنًا آخَرَ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا، فَفِي كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ: أَنَّهُ كَالنَّقْدِ. وَسَوَّى فِي التَّتِمَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ ; لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ: لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التِّجَارَةُ وَادَّعَى نَفْيَ الْخِلَافِ. وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْبُرْهَانُ الْفَزَارِيّ: أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي عَرْضٍ، بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا. أَمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، فَوَاضِحٌ. وَأَمَّا كَوْنُ الِاسْتِقْرَارِ شَرْطَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَقَوْلُهُمْ فِي الْأُجْرَةِ: لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ.
قَالَ: وَالسَّلَمُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْأُجْرَةِ ; لِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ، يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِخِلَافِهِ. قَالَ: وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: إنَّ الْعَرْضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ بِالْقَرْضِ انْتَهَى.
وَفِي الْبَحْرِ، وَالْحَاوِي: الْمُسْلَمُ فِيهِ لِلتِّجَارَةِ، لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، فَإِذَا قَبَضَهُ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ، فَلَا يَدْفَعُ حَتَّى يَقْبِضَ. وَهَلْ يُقَوَّمُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ أَوْ الْقَبْضِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالصَّوَابُ: اعْتِبَارُ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ كَالْأَرْشِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ انْتَهَى.
وَأَمَّا النَّقْدُ: فَالْجَدِيدُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ، ثَمَّ إنْ كَانَ حَالًّا وَتَيَسَّرَ أَخْذُهُ - بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ حَاضِرٍ بَاذِلٍ وَجَبَ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُنْكِرٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ، لَمْ تَجِبْ حَتَّى يَقْبِضَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ، كَالْأَعْيَانِ، أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِهِ، فَهَلْ يُسْمَعُ دَعْوَى الْمَالِكِ بِالْكُلِّ ; لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْقَبْضِ، لِأَجْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ؟ وَإِذَا حَلَفَ، فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْكُلِّ؟ أَوْ يَقُولُ: إنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ؟ يَنْبَغِي الثَّانِي.
[مَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُ]
ُ فِيهِ فُرُوعٌ الْأَوَّلُ: الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ، يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ شِرَائِهِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ، وَالْمُؤَجَّلِ.
الثَّانِي: السُّتْرَةُ، كَذَلِكَ.
الثَّالِثُ: الزَّكَاةُ، وَفِيهَا أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا ; لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، وَالدَّيْنُ بِالذِّمَّةِ، فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَالدَّيْنِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ.
وَالثَّانِي: يَمْنَعُ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لِتَسَلُّطِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى أَخْذِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ.
فَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى الْمَدْيُونِ أَيْضًا، لَزِمَ مِنْهُ تَثْنِيَةُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْوَاحِدِ.
وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ، وَهِيَ: النَّقْدُ، وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، دُونَ الظَّاهِرَةِ. وَهِيَ: الزُّرُوعُ. وَالثِّمَارُ. وَالْمَوَاشِي. وَالْمَعَادِنُ ; لِأَنَّهَا تَامَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِهِ، لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ. كَالزَّكَاةِ السَّابِقَةِ، وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. الرَّابِعُ: زَكَاةُ الْفِطْرِ.
نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا، كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى صَرْفِهِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ تَمْنَعُهُ. قَالَ: وَلَوْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، كَمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا كَانَ مُبْعِدًا. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ: مَنْعَ الْوُجُوبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْكَبِيرِ.
الْخَامِسُ: الْحَجُّ يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهُ حَالًّا. كَانَ، أَوْ مُؤَجَّلًا. وَفِي وَجْهٍ: إنْ كَانَ الْأَجَلُ يَنْقَضِي بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ الْحَجِّ. لَزِمَهُ، وَهُوَ شَاذٌّ. السَّادِسُ: الْكَفَّارَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِعْتَاقِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، إلَّا أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ فِي الْقُوتِ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْحَجِّ. السَّابِعُ: الْعَقْلُ، وَيَمْنَعُ تَحَمُّلَهُ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ. الثَّامِنُ: نَفَقَةُ الْقَرِيبِ.
التَّاسِعُ: سِرَايَةُ الْإِعْتَاقِ، لَا يَمْنَعُهَا الدَّيْنُ فِي الْأَظْهَرِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قِيمَةُ الْبَاقِي، قُوِّمَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ نَافِذٌ تَصَرُّفُهُ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ.
وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوسِرٍ