الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّيِّبَ فَلَا فِدْيَةَ، وَلَوْ خَالَطَ الْمَائِعُ الْمَاءَ بِحَيْثُ اسْتَهْلَكَ فِيهِ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ كُلُّهُ فِي الطَّهَارَة " وَلَوْ مُزِجَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِمَاءٍ بِحَيْثُ اسْتَهْلَكَ فِيهِ، لَمْ يُحَرَّمْ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ، وَلَكِنْ لَمْ يَشْرَبْ الْكُلَّ، وَلَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ عَلَى الْمَغْشُوشِ. قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَهْلَكًا وَمِنْهَا: لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ: فَلَهُ النِّكَاحُ مِنْهُنَّ.
وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مَمْلُوك بِمُبَاحٍ لَا يَنْحَصِرُ. جَازَ الصَّيْدُ وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ.
قَالَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ: وَمِنْ الْمُهِمِّ: ضَبْطُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ. فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَقَلَّ مَنْ بَيَّنَهُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالتَّقْرِيبِ، فَكُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، لَعَسُرَ عَلَى النَّاظِرِينَ عَدُّهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَر. كَالْأَلْفِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ. وَمَا سَهُلَ، كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ فَهُوَ مَحْصُورٌ، وَبَيْن الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ، تُلْحَق بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالظَّنِّ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ اُسْتُفْتِيَ فِيهِ الْقَلْبُ.
وَلَوْ مَلَكَ الْمَاءَ بِالِاسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ انْصَبَّ فِي نَهْرٍ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يُمْنَعُ النَّاسُ مِنْ الِاسْتِقَاءِ. وَهُوَ فِي حُكْمِ الِاخْتِلَاطِ بِغَيْرِ الْمَحْصُورِ.
قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَلَوْ اخْتَلَطَ فِي الْبَلَدِ حَرَامٌ لَا يَنْحَصِرُ. لَمْ يَحْرُمْ الشِّرَاءُ مِنْهُ، بَلْ يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ عَلَامَة عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحَرَامِ.
[فَصْلٌ: مَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ]
[تَفْرِيقُ الصَّفْقَة]
فَصْلٌ يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: تَفْرِيقُ الصَّفْقَة. وَهِيَ أَنْ يُجْمَعَ فِي عَقْدَيْنِ حَرَامٌ وَحَلَالٌ.
وَيَجْرِي فِي أَبْوَابٍ وَفِيهَا غَالِبًا قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ فِي الْحَلَالِ، وَالثَّانِي: الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ. وَادَّعَى فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّتِهِ.
فَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا الْجَمْعُ بَيْن الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَغَلَبَ الْحَرَامُ وَقِيلَ: الْجَهَالَةُ بِمَا يَخُصُّ الْمِلْكَ مِنْ الْعِوَض.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ: أَنْ يَبِيعَ خَلًّا وَخَمْرًا، أَوْ شَاةً وَخِنْزِيرًا، أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا، أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ، أَوْ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، أَوْ مَالِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا، أَوْ الْمَاءِ الْجَارِي مَعَ قَرَارِهِ، أَوْ غَيْرِ الْجَارِي، وَقُلْنَا: الْمَاءُ لَا يُمَلَّكُ. وَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ فِي الْقَدْرِ الْمَمْلُوك بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى.
وَمِنْهَا: أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ، فِيمَا إذَا وَهَبَ عَبْدًا فَخَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَرْهَنَهُ، أَوْ يَصْدُقَهُ، أَوْ يُخَالِع عَلَيْهِ.
وَفِي النِّكَاحِ: أَنَّ يَجْمَعَ مَنْ لَا تَحِلَّ، لَهُ الْأَمَةُ: بَيْن حُرَّةٍ وَأَمَةٍ فِي عَقْدٍ، فَالْأَظْهَرُ: صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الْحُرَّةِ. وَكَذَا لَوْ جَمَعَ فِي عَقْدٍ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ خَلِيَّةٍ.
وَمُعْتَدَّةٍ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ. وَكَذَا لَوْ جَمَعَ مَنْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ بَيْن أَمَةٍ وَأُخْتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْأُخْتَيْنِ وَفِي الْأَمَةِ: الْقَوْلَانِ.
وَفِي الْهُدْنَةِ: إذَا زَادَتْ عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ. بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ: وَفِي الْبَاقِي: الْقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ.
وَفِي الْمُنَاضَلَةِ: إذَا كَانَتْ بَيْنَ حِزْبَيْنِ، فَظَهَرَ فِي أَحَدِهِمَا مَنْ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ. وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ مُقَابِلُهُ وَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي: فِيهِ الْقَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
وَفِي الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ: لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى فُلَانِ، أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْك، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا، فَهَلْ يَصِحُّ فِي ثَلَاثَةٍ ; لِأَنَّهَا الْقَدْرُ الْمُسْتَيْقَنُ:
وَجْهَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي الصَّدَاقِ وَمُقْتَضَاهُ الصِّحَّةُ.
وَذَكَر الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الضَّمَانِ، وَقَالَا: وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ أَجَّرَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ. وَهَلْ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ الْبُطْلَانِ، فَإِنَّهُ الْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ.
وَلَوْ أَهْدَى مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْإِهْدَاءِ لِلْقَاضِي، وَزَادَ عَلَى الْمُعْتَاد قَبْل الْوِلَايَة، فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: صَارَتْ هَدِيَّتُهُ كَهَدِيَّةِ مَنْ لَمْ تُعْهَدْ مِنْهُ الْهَدِيَّةُ، وَمُقْتَضَاهُ: تَحْرِيمُ الْكُلِّ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْقِيَاسُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا زَادَ، وَتَخْرِيجُ الْبَاقِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَحِينَئِذٍ فَتَصِيرُ الْهَدِيَّةُ مُشْتَرَكَةً عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ زَادَ فِي الْمَعْنَى، كَأَنْ أَهْدَى الْحَرِيرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُهْدِي الْكَتَّانَ، فَهَلْ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ يَصِحُّ فِيهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ: الْأَوَّلُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُ التَّحْرِيمِ بِالزِّيَادَةِ، فَإِنْ تَمَيَّزَتْ، وَإِلَّا حَرُمَ الْكُلُّ. وَفِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: لَوْ تَحَجَّرَ الشَّخْصُ فَأَكْثَر مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى إحْيَائِهِ، فَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْجَمِيع ; لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي. يَصِحُّ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ.
وَفِي الْوَصِيَّةِ: لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيّ، بَطَلَتْ فِي الْوَارِثِ. وَفِي الْآخَرِ: وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ.
وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ: مَا إذَا أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ، فَالْمَعْرُوفُ فِيهِ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ فِي الثُّلُثِ.
وَفِي الشَّهَادَاتِ: لَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْن مَا يَجُوزُ، وَمَا لَا يَجُوزُ، هَلْ تَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، أَوْ فِيمَا لَا يَجُوزُ خَاصَّةً، وَيُقْبَلُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَة.
وَمِنْ أَمْثِلَته: لَوْ ادَّعَى بِأَلْفٍ: فَشَهِدَ لَهُ بِأَلْفَيْنِ. بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَفِي الْأَلْفِ الْمُدَّعَى بِهَا قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ.
تَنْبِيهٌ:
ذَكَرُوا لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَة شُرُوطًا:
الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعِبَادَاتِ، فَإِنْ كَانَتْ فِيهَا، صَحَّ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ قَطْعًا.
فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ سَنَتَيْنِ، صَحَّ لِسَنَةٍ قَطْعًا.
وَلَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ: انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ قَطْعًا.
وَلَوْ نَوَى فِي النَّفْلِ: أَرْبَع رَكَعَاتِ بِتَسْلِيمَتَيْنِ. انْعَقَدَتْ بِرَكْعَتَيْنِ قَطْعًا، دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ مِنْهُمَا خَرَجَ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، إلَّا بِنِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ. ذَكَره الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ.
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ: الْأُولَى: لَوْ نَوَى فِي رَمَضَانَ صَوْمَ جَمِيعِ الشَّهْرِ، بَطَل فِيمَا عَدَا الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ نَوَى التَّيَمُّم لِفَرْضَيْنِ، بَطَل فِي أَحَدِهِمَا، وَفِي الْآخَرِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ.
وَقَدْ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الزَّرْكَشِيّ، فَقَالَ، فِي قَوَاعِدِهِ: صَحَّ لِوَاحِدٍ قَطْعًا. وَفِي الْآخَرِ خِلَافٌ، وَهُوَ غَلَطٌ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى عَلَى الْخَارِصِ الْغَلَطَ بِمَا يُبْعِدُ، لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَمَلِ. وَفِي الْمُحْتَمَلِ: وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْقَبُولُ فِيهِ.
الرَّابِعَةُ: نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ فِي أَثْنَائِهِ. بَطَل مَا صَادَفَ النِّيَّةَ قَطْعًا ; وَفِي الْمَاضِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: لَا.
قَالَ فِي الْخَادِم: وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْعِبَادَاتِ.
الْخَامِسَةُ: مَسْحُ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَى أَسْفَل الْقَوِيِّ، وَقَصَدَهُمَا، لَمْ يَصِحّ فِي الْأَعْلَى، وَفِي الْأَسْفَلِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ.
السَّادِسَةُ: صَلَّى عَلَى مَوْتَى، وَاعْتَقَدَهُمْ أَحَدَ عَشْرَ، فَبَانُوا عَشْرَةَ فَوَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ
وَالثَّانِي: الْبُطْلَانُ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ قَدْ بَطَلَتْ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ، لِكَوْنِهِ مَعْدُومًا، فَتَبْطُلُ فِي الْبَاقِي.
السَّابِعَةُ: صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَة، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ: إنْ جَهِلَ الْحَالَ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا. كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.
الثَّامِنَةُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا - إذَا جَاوَزَ الْغَائِطُ الْأَلْيَتَيْنِ، أَوْ الْبَوْلُ الْحَشَفَةَ، وَتَقَطَّعَ فَإِنَّ الْمَاءَ يَتَعَيَّنُ فِي الْمُجَاوِز قَطْعًا، وَفِي غَيْره وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: يُجْزِي فِيهِ الْحَجْرُ. ذَكَرَهُ
فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ النَّصِّ، وَالرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ
وَالثَّانِي: يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ، حَكَاهُ فِي الْحَاوِي.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُون مَبْنِيًّا عَلَى السِّرَايَةِ، وَالتَّغْلِيب، فَإِنْ كَانَ، كَالطَّلَاقِ، وَالْعِتْق بِأَنَّ طَلَّقَ زَوْجَته وَغَيْرهَا، أَوْ أَعْتَقَ عَبْده وَغَيْره، أَوْ طَلَّقَهَا أَرْبَعَا، نَفَّذَ فِيمَا يَمْلِكهُ إجْمَاعًا
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ مُعَيَّنًا بِالشَّخْصِ، أَوَالْجُزْئِيَّةِ، لِيَخْرُجَ مَا إذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الثَّلَاثَةِ: وَغَلَطَ الْبَالِسِيُّ، فِي شَرْح التَّنْبِيهِ، حَيْثُ خَرَّجَهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ، أَوْ أُخْتَيْنِ مَعًا، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالصِّحَّةِ فِي الْبَعْضِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ بِأَوْلَى مِنْ هَذِهِ، وَغَلَطَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ بِتَخْرِيجِهَا.
وَلَوْ جَمَعَ مَنْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ لِإِعْسَارِهِ بَيْن حُرَّةٍ وَأَمَةٍ فِي عَقْدٍ فَطَرِيقَانِ: أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَابْنِ الْقَاصِّ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَأَبُو زَيْدٍ وَآخَرُونَ: يَبْطُلُ قَطْعًا لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْن امْرَأَتَيْنِ، يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ، فَأَشْبَهَ الْأُخْتَيْنِ. وَالْأَوَّلُ فَرَّقَ بِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى. وَالْحُرَّةُ أَقْوَى.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ مَسْأَلَتَا الْمُنَاضَلَةِ، وَالتَّحَجُّرِ السَّابِقَتَانِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِيهِمَا: الصِّحَّةُ. تَخْرِيجًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ.
الرَّابِعُ: إمْكَانُ التَّوْزِيعِ، لِيَخْرُجَ مَا لَوْ بَاعَ مَجْهُولًا وَمَعْلُومًا وَمِنْ ذَلِكَ: مَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ، أَوْ زَرْعٍ. لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِي الْأَرْضِ الْقَوْلَانِ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْمَاءِ مَعَ قَرَارِهِ، فَإِنَّ الْمَاءَ الْجَارِي مَجْهُولُ الْقَدْرِ.
الْخَامِسُ: أَنْ لَا يُخَالِفَ الْإِذْنَ، لِيُخْرِجَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئَا لِيَرْهَنهُ عَلَى عَشْرَةٍ فَرَهَنَهُ بِأَكْثَرَ فَالْمَذْهَبُ: الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ، لِمُخَالَفَةِ الْإِذْنِ. وَقِيلَ: تُخْرَجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا، طُولُهُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ، فِي عَرْضٍ مُعَيَّنٍ، فَنَسَجَ أَحَدَ عَشَرَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ، أَوْ تِسْعَةَ فَإِنْ كَانَ طُولُ السُّدَى عَشْرَةً، اسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَة
بِقَدْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْسِجَ عَشْرَةً لَتَمَكَّنَ مِنْهُ: وَإِنْ كَانَ طُولُهُ تِسْعَةً، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ.
وَلَوْ أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحَلِّ الدَّيْنِ: بَطَلَ فِي الْكُلِّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: بَلْ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ: أَنْ يَشْرِطَ الْوَاقِفُ: أَنْ لَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَيُزَادُ، فَأَفْتَى الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّين الْعِرَاقِيّ بِالْبُطْلَانِ فِي الْكُلِّ، قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ.
وَأَفْتَى قَاضِي الْقُضَاةِ: جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ بِالصِّحَّةِ، فِي الْقَدْرِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِف. قَالَ لَهُ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ: أَنْتَ تَقُولُ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الرَّهْنِ قَالَ: لَا. قَالَ: فَافْرُقْ. قَالَ: حَتَّى أُعْطِي الْمَسْأَلَةَ كَتِفًا.
قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ ذَكَرهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ. وَقَالَ: لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَى خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، حَتَّى يَصِحَّ فِي الْمَشْرُوطِ وَحْدَهُ: وَذَكَرهَا أَيْضًا الْغَزِّيُّ، فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَقَالَ: لَا نَقْلَ فِيهَا وَالْمُتَّجَهُ: التَّخْرِيجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُخَالَفَةُ الْإِذْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُخَالَفَةُ إذْنٍ وَصْفِيٍّ، كَمَسْأَلَةِ الْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ، وَمُخَالَفَةُ إذْنِ شَرْعِيٍّ، كَمَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْمَرْهُونِ. وَمُخَالَفَةُ إذْنٍ شَرْطِيٍّ، كَمَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَةِ.
السَّادِسُ: أَنْ لَا يُبْنَى عَلَى الِاحْتِيَاطِ، فَلَوْ زَادَ فِي الْعَرَايَا عَلَى الْقَدْرِ الْجَائِزِ. فَالْمَذْهَبُ: الْبُطْلَانُ فِي الْكُلِّ: وَفِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ: تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَلَوْ أَصْدَقَ الْوَلِيُّ عَنْ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ، عَيْنًا مِنْ مَالِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْر الْمِثْلِ، فَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الصَّدَاقِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَسَادُ الصَّدَاق، وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ: أَنَّهُ يَبْطُلُ الزَّائِدُ فَقَطْ، وَيَصِحُّ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ، ثُمَّ حُكِيَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ: أَنَّ الْقِيَاسَ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْل فِي الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: تَسْتَحِقّ الزَّوْجَةُ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَهَذَا تَنَاقُضٌ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْن وَلِيّ الطِّفْلِ، وَوَلِيِّ السَّفِيهِ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ: فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَة بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ: نَظَرٌ: فَإِنَّ الْوَلِيَّ