الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَمَى مَانِعٌ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ حِفْظَ الْأُمِّ لِلْوَلَدِ الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ لَيْسَ مِمَّا يَقْبَلُ (الْقَرَائِنَ) فَإِنَّ الْمَوْلُودَ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَلْحُوظًا مِنْ مُرَاقِبٍ لَا يَسْهُو وَلَا يَغْفُلُ لَأَوْشَكَ أَنْ يَهْلَكَ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْعَمَى يَمْنَعُ، فَإِنَّ الْمُلَاحَظَةَ مَعَهُ كَمَا وُصِفَ لَا تَتَأَتَّى.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَضَانَةِ الْعَمْيَاءِ فَقَالَ: لَمْ أَرَ فِيهَا مَسْطُورًا، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا فَإِنْ كَانَتْ نَاهِضَةً بِحِفْظِ الصَّغِيرِ وَتَدْبِيرِهِ وَالنُّهُوضِ بِمَصْلَحَتِهِ، وَأَنْ تَقِيَهُ مِنْ الْأَسْوَاءِ وَالْمَضَارِّ فَلَهَا الْحَضَانَةُ وَإِلَّا فَلَا وَأَفْتَى قَاضِي قُضَاةِ حَمَاةَ، بِأَنَّ الْعَمَى لَيْسَ بِقَادِحٍ فِي الْحَضَانَة بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْحَاضِنُ قَائِمًا بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ، إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ.
وَفِي فَتَاوَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيِّ الْهَمْدَانِيِّ شَارِحِ الْمِفْتَاحِ مِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهَا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّهُ أَشْبَهَ، وَقَدْ قُلْت قَدِيمًا:
يُخَالِفُ الْأَعْمَى غَيْرَهُ، فِي مَسَائِلَ
…
فَدُونَكَهَا نَظْمًا، وَأَفْرِغْ لَهَا فِكْرًا
إمَامَتُهُ الْعُظْمَى، قَضَاءُ، شَهَادَةٍ
…
وَعَقْدٌ، وَقَبْضٌ مِنْهُ، أَبْطِلْهُمَا طُرَّا
سِوَى السَّلَمِ التَّوْكِيلِ، لَا إنْكَاحَ عِتْقِهِ
…
وَلَا يَتَحَرَّى قَطُّ فِي الْقِبْلَةِ الْغَرَّا
وَكُرِهَ أَذَانُ وَحْدِهِ، وَذَكَاتُهُ
…
وَأَوْلَى اصْطِيَادِ مِنْهُ، أَوْ رَمْيِهِ حَظَرَا
وَلَا جُمُعَةَ، أَوْ حَجّ ; إذْ لَيْسَ قَائِدٌ
…
وَلَا عِتْقُهُ يُجْزِي، لِفَرْضٍ خَلَا النَّذْرَا
وَلَيْسَ لَهُ فِي نَجْلِهِ مِنْ حَضَانَةٍ
…
وَفِي غَسْلِ مَيِّتٍ غَيْرُهُ مِنْهُ قُلْ أَحْرَى
وَلَا دِيَةَ فِي عَيْنِهِ، بَلْ حُكُومَةٌ
…
وَلَا يَكْفِ فِي الْأَسْفَارِ مَعَ امْرَأَةِ خِدْرًا
فَهَذَا الَّذِي اُسْتُثْنِيَ وَقَدْ زَادَ بَعْضُهُمْ
…
أُمُورًا عَلَى رَأْيٍ ضَعِيفٍ فَطِبْ ذِكْرَا
[مَسَائِلُ خَاصَّة بِالْأَعْمَى فِيهَا خِلَافٌ]
وَبَقِيَ مَسَائِلُ فِيهَا خِلَافٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَالْبَصِيرِ
مِنْهَا: الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَاةِ فِيهَا أَوْجُهٌ، قِيلَ الْبَصِيرُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشَدُّ تَحَفُّظًا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَقِيلَ الْأَعْمَى لِأَنَّهُ أَخْشَعُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ.
وَمِنْهَا: هَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ الْعَارِفِ فِي الْغَيْمِ وَالصَّحْوِ، فِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الْجَوَازُ لِلْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى، وَثَالِثُهَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى دُونَ الْبَصِيرِ، وَرَابِعُهَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى مُطْلَقًا وَلِلْبَصِيرِ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ ; لِأَنَّ فَرْضَ الْبَصِيرِ الِاجْتِهَادُ وَالْمُؤَذِّنُ فِي الْغَيْمِ مُجْتَهِدٌ فَلَا يُقَلِّدهُ مَنْ فَرْضِهِ الِاجْتِهَادُ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ.
وَمِنْهَا: فِي صِحَّة السَّلَمِ مِنْهُ: وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ: نَعَمْ.
وَالثَّانِي: إنْ عَمِي قَبْلَ تَمْيِيزِهِ لَمْ يَصِحَّ.
وَمِنْهَا: فِي إجْزَاءِ عِتْقِهِ، فِي النَّذْرِ: الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْإِجْزَاءُ. وَمِنْهَا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: نَعَمْ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ يُوَكَّلُ فِيهِ.
وَمِنْهَا: فِي كَوْنِهِ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: يَلِي، وَمِنْهَا: فِي قَتْلِهِ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا: قَوْلَانِ: الْأَظْهَرُ: يُقْتَلُ، وَالثَّانِي: يُرَقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، كَالنِّسَاءِ.
وَمِنْهَا: فِي ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ طَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ: الضَّرْبُ. وَمِنْهَا: فِي كَوْنِهِ مُتَرْجِمًا لِلْقَاضِي: وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ ; لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى الْمُتَرْجَمَ عَنْهُ، وَالْأَعْمَى يَحْكِي كَلَامًا يَسْمَعُهُ. وَمِنْهَا: فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ مَا تَحَمَّلَهُ بَعْدَ الْعَمَى. وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْقَبُولُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِخَطٍّ مَوْثُوقٍ بِهِ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعَ.
وَمِنْهَا: فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: نَعَم، إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفِينَ لَا يَحْتَاجُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى إشَارَةٍ. وَمِنْهَا: هَلْ يُكَافِئُ الْبَصِيرُ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: نَعَمْ. وَمِنْهَا: هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: نَعَمْ، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْعِتْقِ، أَمَّا قَبُولُ الْكِتَابَةِ مِنْ سَيِّدِهِ، فَيَصِحُّ جَزْمًا.
وَأَمَّا مَسَائِلُ اجْتِهَادِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ مُدْرَكَهَا الْأَوْرَادُ وَالْأَذْكَارُ، وَشِبْهَهَا وَهُوَ يُشَارِكُ الْبَصِيرَ فِي ذَلِكَ. وَلَا خِلَافَ: أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ ; لِأَنَّ غَالِبَ أَدِلَّتهَا بَصَرِيَّةٌ. وَفِي الْأَوَانِي قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا، يَجْتَهِدُ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ عَلَى الْأَمَارَاتِ، بِاللَّمْسِ وَالشَّمِّ، وَاعْوِجَاجِ الْإِنَاءِ، وَاضْطِرَابِ الْغِطَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّ لِلنَّظَرِ أَثَرًا فِي حُصُولِ الظَّنِّ بِالْمُجْتَهَدِ فِيهِ، لَكِنَّهُ فِي الْوَقْتِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ، وَفِي الْأَوَانِي لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي الْأَوْقَاتِ، إنَّمَا يَتَأَتَّى بِأَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ، وَفِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَانِي، فَإِنْ تَخَيَّرَ فِي الْأَوَانِي: قَلَّدَ وَلَا يُقَلِّدُ الْبَصِيرُ إنْ تَخَيَّرَ، بَلْ يَتَيَمَّمُ. وَأَمَّا اجْتِهَادُهُ فِي الثِّيَابِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، فِي الْأَوَانِي، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ.