الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْقِصَاصِ: لَا تَقَابُلَ جَزْمًا، فَلَا يُقَادُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ حُرٍّ، بِلَا خِلَافٍ.
خَاتِمَةٌ لَا يُقَدَّمُ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ أَحَدٌ، إلَّا بِمُرَجِّحٍ. وَلَهُ أَسْبَابٌ: أَحَدُهَا: السَّبْقُ، كَجَمَاعَةٍ مَاتُوا، وَهُنَاكَ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ، قُدِّمَ أَسْبَقُهُمْ مَوْتًا. وَالْمُسْتَحَاضَةُ: تَرَى الدَّمَ بِصِفَتَيْنِ مُسْتَوِيَتَيْنِ، فَيُرَجَّحُ الْأَسْبَقُ. وَكَالِازْدِحَامِ فِي الدَّعْوَى، وَالْإِحْيَاءِ، وَالدَّرْسِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي بَيْعِ عَبْدِهِ، وَآخَرَ فِي عِتْقِهِ، قَالَ الدَّبِيلِيُّ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ الْحُكْمُ. ثَانِيهَا: الْقُوَّةُ، فَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِدَيْنٍ، وَالتَّرِكَةُ لَا تَفِي بِهِمَا قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ: يُقَدَّمُ دَيْنُ الْبَيِّنَةِ. ثَالِثُهَا: الْقُرْعَةُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، كَازْدِحَامِ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ، وَالْعَبِيدِ فِي الْعِتْقِ، وَالْمُقْتَصِّينَ فِي الْجَانِي عَلَيْهِمْ مَعًا.
[الْقَوْلُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَتَوَابِعِهَا]
أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ: فَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوَاضِعَ: فِي شِرَاءِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَشِرَاءِ الزَّادِ، وَنَحْوِهِ فِي الْحَجِّ، وَفِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَالْمُفْلِسِ وَالْمُوَكِّلِ، وَالْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَتَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَمِثْلِ الْمَغْصُوبِ، وَإِبِلِ الدِّيَةِ، وَغَيْرِهَا. وَيَلْحَقُ بِهَا، كُلُّ مَوْضِعٍ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ، فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَنَبْدَأُ بِذِكْرِ حَقِيقَتِهِ، فَنَقُولُ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِهِ، أَوْ مَكَانِهِ. الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ: التَّيَمُّمُ فَذَكَرُوا فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ أُجْرَةُ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَذَا الْمُشْتَرَى فِيهِ. وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا.
الثَّانِي: أَنَّهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ، فَإِنَّ الشَّرْبَةَ الْوَاحِدَةَ فِي وَقْتِ عِزَّةِ الْمَاءِ: يُرْغَبُ فِيهَا بِدَنَانِيرَ.
فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ شِرَاءَهُ بِقِيمَتِهِ فِي الْحَالِ، لَحِقَتْهُ الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ حَالَةَ التَّقْوِيمِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ، عَنْ الْأَكْثَرِينَ.
قَالَ: وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ بَنَاهُ قَائِلُوهُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ: وَالثَّانِي أَيْضًا لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَعَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِينَ: الْأَقْرَبُ، أَنْ يُقَالَ. لَا يُعْتَبَرُ ثَمَنُ الْمَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ، وَرُبَّمَا رُغِبَ فِي الشَّرْبَةِ حِينَئِذٍ بِدَنَانِيرَ، وَيَبْعُدُ فِي الرُّخْصُ.
وَالتَّحْقِيقَاتُ: أَنْ يُوجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَلَكِنْ يُعْتَبَرُ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَمْرِ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي الْحَجُّ جَزَمَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ لِلزَّادِ وَالْمَاءِ: الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ. هَكَذَا: أَطْلَقَهُ عَنْهُمْ الشَّيْخَانِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذَا الْإِطْلَاقُ إنَّمَا يَسْتَمِرُّ فِي الزَّادِ. أَمَّا الْمَاءُ: فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّيَمُّمِ فِيهِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجْرِيَ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِقِيمَةِ الْمَاءِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ فِيهِ، وَإِنَّمَا جَرَى فِي التَّيَمُّمِ لِتَكَرُّرِهِ.
وَفِي الْوَافِي: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِمَا جَرَتْ بِهِ غَالِبُ الْعَادَةِ مِنْ مَاضِي السِّنِينَ، فَإِنْ وُجِدَ بِمِثْلِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ عَرَضَ فِي الطَّرِيقِ غَلَاءٌ، وَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ: غَلَاءُ ثَمَنِ الْمَاءِ وَالزَّادِ، فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ سَنَةٍ تُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا، لَكِنْ يَعْسُرُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ إلَى الْمَنْهَلِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ. الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ حَالَ الْمَخْمَصَةِ. وَثَمَنُ الْمِثْلِ فِيهِ: هُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ قَطْعًا، وَكَذَا ثَمَنُ مِثْلِ
السُّتْرَةِ، وَالرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَالْمَبِيعِ بِوَكَالَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا. وَالْمَسْرُوقُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، وَالسَّرِقَةِ، وَمَكَانُهُ قَطْعًا. الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ الْمَبِيعُ: إذَا تَخَالَفَا، وَفُسِخَ، كَانَ تَالِفًا يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ.
وَفِي وَقْتِ اعْتِبَارِهَا أَقْوَالٌ، أَوْ وُجُوهٌ. أَصَحُّهَا: يَوْمُ التَّلَفِ ; لِأَنَّ مُورِدَ الْفَسْخِ: هُوَ الْعَيْنُ، وَالْقِيمَةُ بَدَلٌ عَنْهَا، فَإِذَا فَاتَ الْأَصْلُ تَعَيَّنَ النَّظَرُ فِي الْقِيمَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَالثَّانِي: يَوْمُ الْقَبْضِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِهِ، وَمَا يَعْرِضُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَهُوَ فِي مِلْكِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَقَلُّهُمَا ; لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ، فَهُوَ يَوْمُ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ.
وَالرَّابِعُ: أَكْثَرُ الْقِيَمِ مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّلَفِ ; لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ ضَمَانٍ.
وَالْخَامِسُ: أَقَلُّهَا، مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ.
الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ اطَّلَعَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى عَيْبٍ، وَاقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ بِالْأَرْشِ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ، بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ.
وَفِي اعْتِبَارِهَا طَرِيقَانِ: الْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ قِيمَةٍ مِنْ الْبَيْعِ إلَى الْقَبْضِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيلِ الثَّالِثِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ.
وَالثَّانِي: فِيهِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: يَوْمَ الْبَيْعِ ; لِأَنَّ الثَّمَنَ قَابَلَ الْمَبِيعَ يَوْمئِذٍ. وَالثَّالِثُ: يَوْمَ الْقَبْضِ لِمَا تَقَدَّمَ
تَنْبِيهٌ قَوْلِي " أَقَلِّ قِيمَةٍ " تَبِعْت فِيهِ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ، وَظَاهِرُهَا: اقْتِضَاءُ اعْتِبَارِ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الدَّقَائِقِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ غَرِيبٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَحْكِيًّا فِي أُصُولِهِ الْمَبْسُوطَةِ، وَجْهًا، فَضْلًا عَنْ اخْتِيَارِهِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ: أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ.
قَالَ: وَأَيْضًا فَلِأَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَهُ، لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الْخِيَارُ فَكَيْفَ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ؟ نَعَمْ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فِيمَا إذَا تَلِفَ الثَّمَنُ، وَرُدَّ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ، أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِثْلَهُ، أَوْ قِيمَتَهُ أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْقَبْضِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ السَّادِسُ.
الْمَوْضِعُ السَّابِعُ إذَا تَقَايَلَا، وَالْمَبِيعُ تَالِفٌ، فَالْمُعْتَبَرُ: أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَالْقَبْضِ. كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.
الثَّامِنُ الْمُسْلَمُ فِيهِ إذَا قُلْنَا: يَأْخُذُ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ، فَيُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ بِالْوَضْعِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ فِيهِ التَّسْلِيمُ. كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ. وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِاعْتِبَارِ بَلَدِ الْعَقْدِ.
التَّاسِعُ: الْقَرْضُ إذَا جَازَ لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ زِيَادَةُ الْمِثْلِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ بَلَدِ الْقَرْضِ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ. وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَرُدُّ فِي الْمَنْقُولِ الْقِيمَةَ، فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ. إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِهِ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالتَّصَرُّفِ، فِي وَجْهٍ.
وَفِي آخَرَ: أَكْثَرُ قِيمَةٍ مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّصَرُّفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحَيْنِ، وَشَرْحُ الْوَسِيطِ عَلَى هَذَا.
الْعَاشِرُ الْمُسْتَعَارُ إذَا تَلِفَ وَفِي اعْتِبَارِهِ أَوْجُهٌ قَاعِدَةٌ أَصَحُّهَا قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ ; إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ الْأَقْصَى، لَأَدَّى إلَى تَضْمِينِ الْأَجْزَاءِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهَا.
وَالثَّانِي: يَوْمَ الْقَبْضِ، كَالْقَرْضِ.
وَالثَّالِثُ: أَقْصَى الْقِيَمِ: مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّلَفِ، كَالْغَصْبِ ; لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي حَالِ الزِّيَادَةِ لَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهُ تِلْكَ الْحَالَةِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ الْمَقْبُوضُ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ. إذَا تَلِفَ، وَفِيهِ الْأَوْجُهُ فِي الْمُسْتَعَارُ: لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ فِيهِ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَصَحُّ يَوْمِ التَّلَفِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ الْمَغْصُوبُ إذَا تَلِفَ، وَهُوَ مُتَقَوِّمٌ فَالْمُعْتَبَرُ: أَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي تَلِفَ فِيهِ، لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَوْلُنَا " بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي تَلِفَ فِيهِ " كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ، فَإِنْ نَقَلَهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَيَتَّجِهُ أَنْ يُعْتَبَرَ نَقْدُ الْبَلَدِ الَّذِي تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِيهِ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً ; كَمَا فِي الْمِثْلِيِّ إذَا نَقَلَهُ ; وَفَقَدَ الْمِثْلَ، فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ وَتَسَاوَيَا: عَيَّنَ الْقَاضِي وَاحِدًا ; وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَتَعَذَّرَ الْمِثْلُ أَخَذَ الْقِيمَةَ. وَفِي اعْتِبَارِهَا: أَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا. أَصَحُّهَا: أَقْصَى الْقِيَمِ: مِنْ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ ; لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَبَقَاءِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا بِتَسْلِيمِهِ ; كَمَا كَانَ مَأْمُورًا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ ; فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ. غَرِمَ أَقْصَى قِيمَةٍ فِي الْمُدَّتَيْنِ ; كَمَا أَنَّ الْمُتَقَوِّمَ يُضْمَنُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ لِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ، كَمَا لَا نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ الْمُتَقَوِّمِ.
وَالثَّانِي: أَقْصَاهَا مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ.
وَالثَّالِثُ: الْأَقْصَى مِنْ التَّلَفِ إلَى التَّعَذُّرِ. وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَ إعْوَازِ الْمِثْلِ: قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي تَلِفَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ قِيمَةُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عِنْدَ التَّلَفِ. وَإِنَّمَا رَجَعْنَا إلَى الْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ.
وَالرَّابِعُ: الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الْمِثْلَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْوَازِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى وِجْدَانِهِ.
وَالْخَامِسُ: الْأَقْصَى مِنْ التَّعَذُّرِ إلَى الْمُطَالَبَةِ ; لِأَنَّ التَّعَذُّرَ هُوَ وَقْتُ الْحَاجَةِ إلَى الْعُدُولِ إلَى الْقِيمَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْأَقْصَى يَوْمئِذٍ.
وَالسَّادِسُ: الْأَقْصَى مِنْ التَّلَفِ إلَى الْمُطَالَبَةِ ; لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَجِبُ حِينَئِذٍ.
وَالسَّابِعُ: قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ تَوْجِيهَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمِثْلِ عَلَى رَأْيٍ، فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ وُجُوبِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا تَعَدَّى فِي الْمَغْصُوبِ، فَأَشْبَهَ الْعَارِيَّةَ.
وَالثَّامِنُ: قِيمَةُ يَوْمِ التَّعَذُّرِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْعُدُولِ إلَى الْقِيمَةِ.
وَالتَّاسِعُ: يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ ; لِأَنَّ الْإِعْوَازَ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ.
وَالْعَاشِرُ: إنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّعَذُّرِ، وَإِنْ فُقِدَ هُنَاكَ فَقَطْ، فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ.
وَالْحَادِيَ عَشَرَ: قِيمَتُهُ يَوْمَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ: أَنَّهُ ثَابِتٌ: فَقَدْ حَكَاهُ عَنْهُ تِلْمِيذَاهُ، الْبَنْدَنِيجِيُّ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ.
وَحَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ: وَجْهًا.
ثَانِيَ عَشَرَ وَهُوَ، اعْتِبَارُ الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى يَوْمِ الْأَخْذِ، وَرَجَعَ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَذَلِكَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَنْقُولٍ صَرِيحًا وَلَكِنَّهُ يَنْشَأُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: قَالَ: وَرُبَّمَا يَتَرَجَّحُ عَلَى سَائِرِ الْوُجُوهِ، فَلَا بَأْسَ بِالْمَصِيرِ إلَيْهِ، انْتَهَى هَذَا إنْ كَانَ التَّلَفُ، وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ، فَإِنْ كَانَ وَالْمِثْلُ مُتَعَذِّرٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي الْأَقْصَى مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ. وَعَلَى الثَّالِثِ وَالسَّابِعِ وَالثَّامِنِ يَوْمَ التَّلَفِ. وَعَلَى الْخَامِسِ الْأَقْصَى مِنْ التَّلَفِ إلَى الْمُطَالَبَةِ، وَالْأَوْجُهُ الْبَاقِيَةُ بِحَالِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَسَائِلِ، لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَوْجُهِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ، وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا إنْ كَانَ تَلَفُهُ سِرَايَةً جِنَايَةً سَابِقَةً، فَالْمُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْهَا، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى تَعَذَّرَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، الْأَقْصَى مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى التَّعَذُّرِ: وَعَلَى الرَّابِعِ، مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى الْمُطَالَبَةِ، وَالْقِيَاسُ عَوْدُ الْأَوْجُهِ الْبَاقِيَةِ، أَوْ وَالْمِثْلُ مُتَعَذِّرٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالسَّابِعِ وَالثَّامِنِ، قِيمَةُ يَوْمِ الْإِتْلَافِ. وَعَلَى الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ، الْأَقْصَى مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى الْمُطَالَبَةِ، وَعَلَى التَّاسِعِ يَوْمِ الْمُطَالَبَةِ. وَعَلَى الْعَاشِرِ، إنْ كَانَ مَفْقُودًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَيَوْمَ الْإِتْلَافِ، وَإِلَّا فَيَوْمَ الْمُطَالَبَةِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ الْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا تَلِفَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالْمَغْصُوبِ، يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقَبْضِ إلَى التَّلَفِ، وَالثَّانِي، يَوْمَ الْقَبْضِ، وَالثَّالِث، يَوْمَ التَّلَف الْخَامِسَ عَشَرَ إبِلُ الدِّيَةِ إذَا فُقِدَتْ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَالْإِبِلُ مَفْقُودَةٌ، اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ وَإِنْ وَجَبَتْ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ، فَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى أَعْوَزَتْ، وَجَبَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِعْوَازِ. وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ. مَوْضِعِ الْوُجُودِ أَوْ مَوْضِعِ الْإِعْوَازِ، لَوْ كَانَ فِيهِ إبِلٌ؟ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ الثَّانِي.
السَّادِسَ عَشَرَ إذَا جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ صَيْدٍ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ آخَرُ وَلَمْ يَمُتْ.
فَإِنْ كَانَ الثَّانِي جَنَى بَعْدَ الِانْدِمَالِ، لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ قِيمَتِهِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِقَطْعِ يَدِ الْعَبْدِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَ الثَّانِيَ نِصْفُ مَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ، وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّهُ انْتَقَصَ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ الْجُرْحَيْنِ - وَكَانَتْ الْقِيمَةُ عِنْدَ جُرْحِ الثَّانِي نَاقِصَةً بِسَبَبِ الْأَوَّلِ - كَأَنْ جَرَحَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ جِرَاحَةً، أَرْشُهَا دِينَارٌ، ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أَرْشُهَا دِينَارٌ فَفِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا سِتَّةُ أَوْجُهٍ.
الْأَوَّلُ: عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ ; لِأَنَّ الْجُرْحَيْنِ سَرَيَا وَصَارَا قَتْلًا، فَلَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ: بِأَنَّ فِيهِ ضَيَاعُ نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْمَالِكِ.
الثَّانِي: قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَفَّالُ، يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، فَلَوْ نَقَصَتْ جِنَايَةُ الْأَوَّلِ دِينَارًا وَالثَّانِي دِينَارَيْنِ، لَزِمَ الْأَوَّلَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَالثَّانِيَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ: أَوْ نَقَصَتْ الْأُولَى دِينَارَيْنِ وَالثَّانِيَةُ دِينَارًا فَعَكْسُهُ. وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ قِيمَتِهِ حَالَ جِنَايَتِهِمَا.
الثَّالِثُ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ خَمْسَةٌ ; وَنِصْفٌ وَالثَّانِيَ خَمْسَةٌ ; لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلِّ وَاحِدٍ نَقَصَتْ دِينَارًا ثُمَّ سَرَتَا، وَالْأَرْشُ يَسْقُطُ إذَا صَارَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا فَيَسْقُطُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْأَرْشِ
لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ نِصْفُ الْقَتْلِ. وَضُعِّفَ بِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الْوَاجِبِ عَلَى قِيمَةِ الْمُتْلَفِ.
الرَّابِعُ: قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ، يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ وَنِصْفُ الْأَرْشِ، لَكِنْ لَا يَزِيدُ الْوَاجِبُ عَلَى الْقِيمَةِ فَيُجْمَعُ مَا لَزِمَهُمَا تَقْدِيرًا، وَهُوَ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ وَتُقَسَّمُ الْقِيمَةُ - وَهِيَ عَشَرَةٌ - عَلَى الْعَشَرَةِ وَالنِّصْفِ لِيُرَاعَى التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فَتُبْسَطُ أَنْصَافًا فَيَكُونُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ، فَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَيَلْزَمُ الثَّانِيَ عَشَرَةٌ مِنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ. وَضُعِّفَ بِإِفْرَادِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَنْ بَدَلِ النَّفْسِ.
الْخَامِسُ: قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ وَالثَّانِيَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ انْفَرَدَ بِالْجَرْحِ وَالسِّرَايَةِ لَزِمَهُ الْعَشَرَةُ، فَلَا يَسْقُطْ عَنْهُ إلَّا مَا لَزِمَ الثَّانِيَ، وَالثَّانِيَ إنَّمَا جَنَى عَلَى نِصْفِ مَا يُسَاوِي تِسْعَةً.
السَّادِسُ: قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ وَأَطْبَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى تَرْجِيحِهِ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَيَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَيُقَسَّمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَ وَهُوَ عَشَرَةٌ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي: تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ.
الْمَوْضِعُ السَّابِعَ عَشَرَ: سِرَايَةُ الْعِتْقِ إنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ بِاللَّفْظِ أَوْ التَّبْيِينِ، اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَدَاءِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْأَدَاءِ أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْهُ إلَيْهِ؟ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الْأَوَّلُ.
الْمَوْضِعُ الثَّامِنَ عَشَرَ الْعَبْدُ إذَا جَنَى، وَأَرَادَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: النَّصُّ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ يَوْمَ الْفِدَاءِ ; لِأَنَّ مَا نَقَصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ السَّيِّدُ. وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَا إذَا سَبَقَ مِنْ السَّيِّدِ مَنْعٌ مِنْ بَيْعِهِ ثُمَّ نَقَصَ، وَأَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ: إذَا جَنَتْ، فَالْأَصَحُّ: اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ، وَالثَّانِي: يَوْمَ الِاسْتِيلَادِ.
التَّاسِعَ عَشَرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا وَجَبَتْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ وَضْعِهِ وَيَجِبُ فِي صُوَرٍ: مِنْهَا: إذَا غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَوَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ وَأَحْبَلَهُمَا.
الْعِشْرُونَ الْجَنِينُ الرَّقِيقُ: فِي إجْهَاضِهِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ.
وَفِي اعْتِبَارِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: قِيمَةُ يَوْمِ الْإِجْهَاضِ، وَالْأَصَحُّ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ، أَمَّا جَنِينُ الْبَهِيمَةِ: إذَا أَلْقَتْهُ حَيًّا بِجِنَايَةٍ ثَمَّ مَاتَ فَهَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ حَيًّا أَوْ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ نَقْصِ الْأُمِّ بِالْوِلَادَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي النِّهَايَةِ.
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: قِيمَةُ الصَّيْدِ الْمُتْلَفِ: فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ.
يُعْتَبَرُ بِمَحِلِّ الْإِتْلَافِ، وَإِلَّا فَبِمَكَّةَ يَوْمئِذٍ ; لِأَنَّ مَحِلَّ الذَّبْحِ مَكَّةُ، وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ؟ فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعُدُولِ إلَى الطَّعَامِ: سِعْرُهُ هُنَاكَ أَوْ بِمَكَّةَ؟ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالظَّاهِرُ: الثَّانِي.
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: قِيمَةُ اللُّقَطَةِ، إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ وَهِيَ تَالِفَةٌ وَيُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّمَلُّكِ.
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قِيمَةُ جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا أَحْبَلَهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ
وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّيْخَانِ بِوَقْتِ اعْتِبَارِهَا وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْإِيلَاجِ لِإِيجَابِهِمْ الْمَهْرَ مَعَهَا، بَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْحُكْمِ بِانْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قُبَيْلَ الْعُلُوقِ، نَقَلَاهُ عَنْ تَرْجِيحِ الْبَغَوِيِّ.
وَالثَّانِي: مَعَهُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ.
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قِيمَةُ الْمُعَجَّلِ فِي الزَّكَاةِ إذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْدَادُ وَهُوَ تَالِفٌ. وَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ الْقَبْضِ، عَلَى الْأَصَحِّ وَالثَّانِي: يَوْمُ التَّلَفِ.
وَالثَّالِثُ: أَقْصَى الْقِيَمِ.
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: قِيمَةُ الصَّدَاقِ: إذَا تَشَطَّرَ وَهُوَ تَالِفٌ أَوْ مَعِيبٌ.
وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِوَقْتِ اعْتِبَارِهِ. وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ اعْتِبَارُ وَقْتِ الطَّلَاقِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْعَوْدِ إلَى مِلْكِهِ، وَالزِّيَادَةُ قَبْلَهُ عَلَى مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهَا.
ضَابِطٌ:
حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ جَزَمَ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ التَّلَفِ فِي الْإِتْلَافِ بِلَا غَصْبٍ، وَفِي مَعْنَاهُ: إحْبَالُ أَمَةِ الْوَلَدِ، كَمَا قِسْته وَالْإِعْتَاقُ. وَبِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْقَبْضِ فِي اللُّقَطَةِ. وَبِاعْتِبَارِ الْأَقْصَى فِي الْغَصْبِ. وَبِاعْتِبَارِ الْأَقَلِّ فِي الْإِقَالَةِ، وَثَمَنِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ. وَبِاعْتِبَارِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْقَرْضِ الْمِثْلِيِّ. وَبِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ فِي الْوَلَدِ وَالصَّدَاقِ، كَمَا قِسْته. وَصُحِّحَ الْأَوَّلُ فِي التَّحَالُفِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَامِ. وَصُحِّحَ الثَّانِي فِي مُعَجَّلِ الزَّكَاةِ. وَصُحِّحَ الثَّالِثُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالْجَنِينِ وَالرَّقِيقِ. وَصُحِّحَ الرَّابِعُ فِي الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ. وَصُحِّحَ الْخَامِسُ فِي السَّلَمِ. وَصُحِّحَ السَّادِسُ فِي إبِلِ الدِّيَة وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَالْمُسْتَوْلَدَةِ الْجَانِيَةِ، فَاحْفَظْ هَذِهِ النَّظَائِرَ ; فَإِنَّك لَا تَجِدُهَا مَجْمُوعَةً فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.