الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تَنْبِيهٌ: الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ]
تَنْبِيهٌ:
الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَبْدِ تَارَةً تَكُونُ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ يَدٍ وَتَارَةً بِإِثْبَاتِ الْيَدِ فَقَطْ وَتَارَةً بِهِمَا فَالْأَوَّلُ تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ فِي نَفْسِهِ وَفِي أَطْرَافِهِ مِنْ الْقِيمَةِ مَا فِي أَطْرَافِ الْحُرِّ مِنْ الدِّيَةِ وَفِي غَيْرِ الْمُقَدَّرَةِ مَا نَقَصَ مِنْهَا.
وَالثَّانِي فِيهِ أَرْشُ النَّقْصِ فَقَطْ، وَالثَّالِثُ فِيهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُمَا.
[حُكْمُ إقْرَار الْعَبْد]
حُكْمُ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ فِيمَا أَوْجَبَ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَلَوْ أَقَرَّ بِالْقِصَاصِ فَعَفَا عَلَى مَالٍ فَالْأَصَحُّ تَعَلُّقُهُ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِالْعُقُوبَةِ وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ فِيهَا بَعِيدٌ، وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ قُطِعَ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ إذَا كَانَ تَالِفًا فِي الْأَظْهَرِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَهُوَ فِي يَدِ السَّيِّدِ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ فِي يَدِ الْعَبْدِ فَقِيلَ: يُقْبَل قَطْعًا وَقِيلَ: لَا قَطْعًا وَقِيلَ قَوْلَانِ وَالْأَظْهَرُ: لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ أَوْ إتْلَافٍ وَصَدَّقَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ، وَإِلَّا فَبِذِمَّتِهِ أَوْ مُعَامَلَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ بَلْ بِذِمَّتِهِ أَوْ مَأْذُونًا قَبْلُ وَأَدَّى مِنْ كَسْبِهِ.
[الْأَمْوَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَبْدِ]
ِ " هِيَ أَقْسَامٌ " الْأَوَّلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَبَدَلُ الْمُتْلَفَاتِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَمْ لَا لِوُجُوبِهِ بِغَيْرِ رِضَى الْمُسْتَحِقِّ.
وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَعْجَمِيًّا يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ الْأَمْرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ضَمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ، فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ وَالثَّانِي: نَعَمْ لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ.
الثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَهُوَ مَا وَجَبَ بِرِضَى الْمُسْتَحِقِّ دُونَ السَّيِّدِ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ إذَا أَتْلَفَهُمَا، وَكَذَا لَوْ نَكَحَ وَزَادَ عَلَى مَا قَدَّرَهُ لَهُ السَّيِّدُ، فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ امْتَثَلَ وَلَيْسَ مُكْتَسِبًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ.
وَفِي قَوْلٍ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى السَّيِّدِ وَفِي آخَرَ فِي رَقَبَتِهِ، وَلَوْ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَطِئَ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ وَجَبَ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ ; لِأَنَّهُ إتْلَافٌ قَوْلَانِ أَظْهَرهُمَا: الْأَوَّلُ.
فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَأَنْ نَكَحَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْن سَيِّدِهَا وَوَطِئَهَا فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ كَمَا لَوْ أَكْرَه أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى الزِّنَا، وَلَوْ أَذِنَ سَيِّدُهُ فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ فَاسِدًا وَوَطِئَ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ أَوْ سِنِّهِ؟ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ.
وَلَوْ أَفْطَرَتْ فِي رَمَضَانَ لِحَمْلٍ أَوْ رَضَاعٍ خَوْفًا عَلَى الْوَلَدِ فَالْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ.
الثَّالِثُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِرِضَاهُمَا وَذَلِكَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ كَسُوبٌ أَوْ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَا إذَا نَكَحَ صَحِيحًا وَفَسَدَ الْمَهْرُ أَوْ أُذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قِيَاسًا، أَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوَلَزِمَهُ دَيْنُ تِجَارَةٍ. وَحَيْثُ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ فَسَوَاءٌ الْمُعْتَادُ وَالنَّادِرُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَخْتَصُّ بِالْحَادِثِ بَعْد الْإِذْنِ دُونَ مَا قَبْلَهُ.
وَحَيْثُ كَانَ مَأْذُونًا تَعَلَّقَ بِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَهُ وَبِرَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَحَيْثُ لَمْ يُوَفِّ فِي الصُّوَرِ تَعَلَّقَ الْفَاضِلُ بِذِمَّتِهِ وَلَا يَتَعَلَّق بِكَسْبِهِ بَعْد الْحَجْرِ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْمَالَ فِي الضَّمَانِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَفِي آخَر بِرَقَبَتِهِ.
الرَّابِعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ وَذَلِكَ جِنَايَةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْعَبْدِ الْأَعْجَمِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا مَرَّ، وَالْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ إذَا أُذِنَ فِي النِّكَاحِ عَلَى الْقَدِيمِ.
تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْمُشْكِلِ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ بَاعَ مَأْذُونٌ لَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلَفَ فِي يَدِهِ فَخَرَجَتْ السِّلْعَةُ مُسْتَحَقَّةً رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ فِي يَد الْعَبْدِ وَفَاءٌ، فَلَا. وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً، فَفِي مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِهَا هَذَا الْخِلَافُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَتِهِ وَلَا ذِمَّةِ سَيِّدِهِ، بَلْ يُؤَدَّى مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ. وَكَذَا مِنْ كَسْبِهِ، فَمَا ذَكَرَهُ: مِنْ أَنَّ دَيْنَ التِّجَارَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ قَبْلُ: إنَّ السَّيِّدَ يُطَالَبُ بِبَدَلِ الثَّمَنِ التَّالِفِ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَبِثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَيْضًا، وَقَدْ وَقَعَ الْمَوْضِعَانِ كَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ وَالثَّانِي عَلَى بَيَانِ مَحَلِّ الدَّفْعِ، فَإِنَّ الْوَجْهَ الثَّالِثَ الْمُفَصَّلَ يَأْبَى ذَلِكَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ: وَسَبَبُ وُقُوعِ هَذَا التَّنَاقُضِ أَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا هُوَ طَرِيقَةُ