الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجِبُ قَطْعًا بَيْنَ كَلِمَاتِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَرَدِّ السَّلَامِ، وَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ إلَّا الْوَصِيَّةَ.
[قَاعِدَةٌ " مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ فَالتَّخَلُّلُ الْقَاطِعُ لَهَا مُضِرٌّ]
قَاعِدَةٌ مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُوَالَاةُ.
وَغَالِبُهَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَرُبَّمَا كَانَ مِقْدَارُ أَمْنِ التَّخَلُّلِ مُغْتَفَرًا فِي بَابٍ دُونَ بَابٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ. أَمَّا الطَّهَارَةُ: فَفِي تَخَلُّلِهَا الْقَاطِعِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ الطَّوِيلُ الْمُتَفَاحِشُ
وَالثَّالِثُ: مَا يُمْكِنُ فِيهِ تَمَامُ الطَّهَارَةِ. وَالرَّابِعُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يَجِفُّ فِيهِ الْمَغْسُولُ آخِرًا مَعَ اعْتِدَالِ الزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا.
وَأَمَّا طَهَارَةُ دَائِمِ الْحَدَثِ، وَصَلَاتِهِ ; فَقَالَ الْإِمَامُ: ذَهَبَ الذَّاهِبُونَ إلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْأَمْرِ بِالْبِدَارِ وَقَالَ آخَرُونَ: يُغْتَفَرُ تَخَلُّلُ فَصْلٍ يَسِيرٍ، قَالَ: وَضَبْطُهُ عَلَى التَّقْرِيبِ عِنْدِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى قَدْرِ الزَّمَنِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَ صَلَاةِ الْجَمْعِ اهـ.
وَالْمَرْجِعُ فِي تَخَلُّلِ صَلَاةِ الْجَمْعِ إلَى الْعُرْفِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَقَلُّ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ بَيْنهمَا: مَا كَانَ بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ. وَالطَّوِيلُ: مَا زَادَ وَعَلَى الْأَوَّلِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: مَا مَنَعَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا مَنَعَ الْجَمْعَ، وَمَا لَا فَلَا.
تَنْبِيهٌ:
اُغْتُفِرَ تَأْخِيرُ دَائِمِ الْحَدَثِ لِانْتِظَارِهِ الْجَمَاعَةَ، وَلَمْ يُغْتَفَرْ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ. قَالَ فِي الْوَافِي: وَالْفَرْقُ أَنَّ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ كَالْوَاحِدَةِ فَيَضُرُّ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ وَيُرْجَعُ إلَى الْعُرْفِ أَيْضًا فِي مُوَالَاةِ الْفَاتِحَةِ فَيَقْطَعُهَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ عَمْدًا وَيَسِيرٌ قُصِدَ بِهِ قَطْعُ الْقِرَاءَةِ، وَذِكْرٌ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا يَقْطَعُهَا تَكْرَارُ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَّا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْآيَةُ مُنْقَطِعَةً عَنْ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا ; فَإِنَّهَا تَقْطَعُهُ بِأَنْ وَصَلَ إلَى {أَنْعَمْتَ} [الفاتحة: 7] ثُمَّ قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] فَقَطْ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ظَاهِرٌ، يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَيْهِ، لَا سِيَّمَا أَنَّ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ نَادِرَةٌ يَبْعُدُ إرَادَتُهَا
وَيُرْجَعُ إلَى الْعُرْفِ أَيْضًا فِي مُوَالَاةِ الْأَذَانِ فَلَا يَقْطَعُهُ الْيَسِيرُ مِنْ السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ وَالنَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالرِّدَّةِ، وَيَقْطَعُهُ الطَّوِيلُ مِنْهَا وَقِيلَ: لَا يَقْطَعُهُ الطَّوِيلُ أَيْضًا وَقِيلَ: يَقْطَعُهُ الْيَسِيرُ أَيْضًا وَالْكَلَامُ أَوْلَى بِالْإِبْطَالِ مِنْ السُّكُوتِ، وَالنَّوْمُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَالْإِغْمَاءُ أَوْلَى بِهِ مِنْ النَّوْمِ، وَالْجُنُونُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْإِغْمَاءِ، وَالرِّدَّةُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْجُنُونِ، وَالْإِقَامَةُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأَذَانِ.
وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَقْطَعُهُ الطَّوِيلُ، فَالْمُرَادُ: إذَا لَمْ يَفْحُشْ الطُّولُ بِحَيْثُ لَا يُعَدَّ مَعَ الْأَوَّلِ أَذَانًا وَيُرْجَعُ إلَيْهِ أَيْضًا فِي مُوَالَاةِ الْخُطْبَةِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. قَالَ الْإِمَامُ: التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ. وَفِي سَنَةِ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ قَالَ الْإِمَامُ: فَلَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ السَّنَةِ، بَلْ لَا يُعَرِّفُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَسْتَوْعِبُ الْأَيَّامَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَادِ ; فَيُعَرِّفُ فِي الِابْتِدَاءِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ، ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ، ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ، بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ.
وَأَمَّا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَنَحْوُهُمَا فَضَابِطُ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ فِيهَا: مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقَبُولِ وَفِي وَجْهٍ مَا خَرَجَ عَنْ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ. وَفِي ثَالِثٍ: مَا لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْكَلَامِ فِي الْعَادَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ حَصَلَ الْفَصْلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ قَصِيرٍ، فَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَنَّهُ يَضُرُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ: أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ الِاتِّصَالُ بَيْن الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَوَافَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْبَيْعِ: وَلَوْ تَخَلَّلَتْ كَلِمَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ.
قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ أَوْسَعُ قَلِيلًا عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ مِنْ الِاتِّصَالِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا رَدُّ السَّلَامِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: الِاتِّصَالُ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَبْلَغُ مِنْهُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ; لِصُدُورِهِمَا مِنْ شَخْصَيْنِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ مِنْ شَخْصَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ مِنْ وَاحِدٍ ; فَلَا تَضُرُّ فِيهِ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ، لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُمَا حَكَيَا عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةً صَحَّ، وَاحْتَجَّا بِأَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَلْفٌ يَا فُلَانُ إلَّا مِائَةً.