الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْل أَنْ يَتُوب مِنْهَا، فَذَلِكَ مُضَادّ لِلتَّوْبَةِ، فَيُؤَاخَذ بِهِ بِلَا إشْكَال، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رَزِينٍ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِر جَوَابه: وَالْعَزْم عَلَى الْكَبِيرَة، وَإِنْ كَانَ سَيِّئَة، فَهُوَ دُون الْكَبِيرَة الْمَعْزُوم عَلَيْهَا.
[الْمَبْحَث السَّادِس: فِي شُرُوط النِّيَّة]
الْأَوَّل: الْإِسْلَام، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحّ الْعِبَادَات مِنْ الْكَافِر، وَقِيلَ يَصِحّ غُسْله دُون وُضُوئِهِ وَتَيَمُّمه، وَقِيلَ يَصِحّ الْوُضُوء أَيْضًا، وَقِيلَ يَصِحّ التَّيَمُّم أَيْضًا، وَمَحِلّ الْخِلَاف فِي الْأَصْلِيّ، أَمَّا الْمُرْتَدّ فَلَا يَصِحّ مِنْهُ غُسْل وَلَا غَيْره، كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ جَمَاعَة أَجْرُوا الْخِلَاف فِي الْمُرْتَدِّ، وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ صُوَر:
الْأُولَى: الْكِتَابِيَّة تَحْت الْمُسْلِم، يَصِحّ غُسْلهَا عَنْ الْحَيْض، لِيَحِلّ وَطْؤُهَا بِلَا خِلَاف لِلضَّرُورَةِ، وَيُشْتَرَط نِيَّتهَا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ فِي بَاب الْوُضُوء وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، كَمَا لَا يُجْزِي الْكَافِرَ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَة إلَّا بِنِيَّةِ الْعِتْق، وَادَّعَى فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْمَجْزُوم بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فِي النِّكَاحِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ، وَمَا ادَّعَاهُ بَاطِلٌ، سَبَبُهُ سُوءُ الْفَهْمِ، فَإِنَّ عِبَارَة الرَّوْضَةِ هُنَاكَ، إذَا طَهُرَتْ الذِّمِّيَّة مِنْ الْحَيْض وَالنِّفَاس أَلْزَمَهَا الزَّوْج الِاغْتِسَال، فَإِنْ امْتَنَعَتْ أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ وَاسْتَبَاحَهَا ; وَإِنْ لَمْ تَنْوِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَا يُجْبِر الْمُسْلِمَة الْمَجْنُونَة، فَقَوْله " وَإِنْ لَمْ تَنْوِ " بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّة، عَائِد إلَى مَسْأَلَة الِامْتِنَاع، لَا إلَى أَصْل غُسْل الذِّمِّيَّة، وَحِينَئِذٍ لَا شَكَّ فِي أَنَّ نِيَّتهَا لَا تُشْتَرَط، كَالْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَة.
وَأَمَّا عَدَم اشْتِرَاط نِيَّة الزَّوْج عِنْد الِامْتِنَاع وَالْمَجْنُون، أَوْ عَدَم اشْتِرَاط نِيَّتهَا فِي غَيْر حَالَ الْإِجْبَار، فَلَا تَعَرُّض لَهُ فِي الْكَلَام لَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا، بَلْ فِي قَوْله فِي مَسْأَلَة الِامْتِنَاع " اسْتَبَاحَهَا وَإِنْ لَمْ تَنْوِ لِلضَّرُورَةِ " مَا يُشْعِر بِوُجُوبِ النِّيَّة فِي غَيْر حَالَ الِامْتِنَاع.
وَعَجِبْتُ لِلْإِسْنَوِيِّ كَيْف غَفَلَ عَنْ هَذَا؟ وَكَيْف حَكَاهُ مُتَابِعُوهُ عَنْهُ سَاكِتِينَ عَلَيْهِ؟ وَالْفَهْم مِنْ خَيْر مَا أُوتِيَ الْعَبْد.
الثَّانِيَة: الْكَفَّارَة تَصِحّ مِنْ الْكَافِر، وَيُشْتَرَط مِنْهُ نِيَّتهَا، لِأَنَّ الْمُغَلَّب فِيهَا جَانِب الْغَرَامَات، وَالنِّيَّة فِيهَا لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْقُرْبَةِ، وَهِيَ بِالدُّيُونِ أَشْبَه، وَبِهَذَا يُعْرَف الْفَرْق بَيْن عَدَم وُجُوب إعَادَتهَا بَعْد الْإِسْلَام وَوُجُوب إعَادَة الْغُسْل بَعْده.
الثَّالِثَة: إذَا أَخْرَجَ الْمُرْتَدّ الزَّكَاة فِي حَالَ الرِّدَّة، تَصِحّ وَتُجْزِيهِ.
الرَّابِعَة: ذَكَرَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ: أَنَّهُ يَصِحّ صَوْم الْكَافِر فِي صُورَة، وَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، ثُمَّ إنْ وَافَقَ آخِرُ إسْلَامِهِ الطُّلُوعَ فَهُوَ مُسْلِمٌ حَقِيقَةً وَيَصِحُّ مِنْهُ النَّفَل مُطْلَقًا، قَالَ: وَنَظِيرهَا مِنْ الْمَنْقُول صُورَة الْمُجَامِع، يُحِسّ وَهُوَ مُجَامِع بِالْفَجْرِ فَيَنْزِع بِحَيْثُ يُوَافِق آخِر نَزْعه الطُّلُوع، وَإِنْ وَافَقَ أَوَّل إسْلَامه الطُّلُوع، فَهَذَا إذَا نَوَى
النَّفَل صَحَّ عَلَى الْأَرْجَح.
وَلَا أَثَر لِمَا وُجِدَ مِنْ مُوَافَقَة أَوَّل الْإِسْلَام الطُّلُوع، كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَاب فِي صُورَة أَنْ يَطْلُع وَهُوَ مَجَامِع وَيَعْلَم بِالطُّلُوعِ فِي أَوَّله، فَيَنْزِع فِي الْحَال أَنَّهُ لَا يَبْطُل الصَّوْم فِيهَا عَلَى الْأَصَحّ، فَحِينَئِذٍ تِلْكَ اللَّحْظَة الَّتِي كَانَتْ وَقْت الطُّلُوع هِيَ الْمُرَادَة بِالتَّصْوِيرِ وَذَلِكَ قَبْل الْحُكْم بِالْإِسْلَامِ، وَالْأَخْذ فِي الْإِسْلَام لَيْسَ بَقَاءً عَلَى الْكُفْر، كَمَا أَنَّ النَّزْع لَيْسَ بَقَاءً عَلَى الْجِمَاعِ، وَلَا يَصِحّ مِنْهُ صَوْم الْفَرْض وَالْحَالَة هَذِهِ ; لِأَنَّ التَّبْيِيت شَرْط، فَإِنْ بَيَّتَ وَهُوَ كَافِر، ثُمَّ أَسْلَمَ كَمَا صَوَّرْنَا.
قَالَ: فَهَلْ لِهَذِهِ النِّيَّةِ أَثَر؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَيَجُوز أَنْ يُقَال: الشُّرُوط لَا تُعْتَبَر وَقْت النِّيَّة كَمَا قَالُوا فِي الْحَائِض: تَنْوِي مِنْ اللَّيْل قَبْل انْقِطَاع دَمهَا، ثُمَّ يَنْقَطِع الْأَكْثَر أَوْ الْعَادَة، فَلَا يُحْتَاج إلَى التَّجْدِيد، وَيَجُوز أَنْ يُقَال: يُعْتَبَر شَرْط الْإِسْلَام وَقْت النِّيَّة ; لِأَنَّ الْمُعْتَادَةَ عَلَى يَقِين مِنْ الِانْقِطَاع لِأَكْثَر الْحَيْض، وَعَلَى ظَنّ قَوِيٍّ لِلْعَادَةِ بِظُهُورِهَا، وَلَيْسَ فِي إسْلَام الْكَافِر يَقِين وَلَا ظَاهِر، فَكَانَ مُتَرَدِّدًا حَالَ النِّيَّة، فَيَبْطُل الْجَزْم، كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَة أَوْ لَهَا عَادَة مُخْتَلِفَة، وَلَوْ اتَّفَقَ الطُّهْر بِاللَّيْلِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ.
قَالَ: وَمِمَّا يُنَاظِر ذَلِكَ: مَا إذَا نَوَى سَفَر الْقَصْر وَهُوَ كَافِر فَإِنَّهُ تُعْتَبَر نِيَّته، فَإِذَا أَسْلَمَ فِي أَثْنَاء الْمَسَافَة قَصَرَ عَلَى الْأَرْجَح. اهـ.
الشَّرْط الثَّانِي: التَّمْيِيز: فَلَا تَصِحّ عِبَادَة صَبِيّ، لَا يُمَيِّز وَلَا مَجْنُون: وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الطِّفْل يُوَضِّئهُ الْوَلِيّ لِلطَّوَافِ حَيْثُ يُحْرِم عَنْهُ، وَالْمَجْنُونَة يُغَسِّلهَا الزَّوْج عَنْ الْحَيْض، وَيَنْوِي عَلَى الْأَصَحّ.
وَمِنْ فُرُوع هَذَا الشَّرْط: مَسْأَلَة عَمْدهَا فِي الْجِنَايَات هَلْ هُوَ عَمْد أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّر مِنْهُمَا الْقَصْد، وَصَحَّحُوا أَنَّ عَمْدهمَا عَمْد، وَخَصَّ الْأَئِمَّة الْخِلَاف بِمَنْ لَهُ نَوْع تَمْيِيز، فَغَيْر الْمُمَيِّز مِنْهُمَا عَمْده خَطَأٌ قَطْعًا.
وَنَظِير ذَلِكَ: السَّكْرَان لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْحَدَثِ حَتَّى يَسْتَغْرِق دُون أَوَّل النَّشْوَة، وَكَذَا حُكْم صَلَاته وَسَائِر أَفْعَاله.
الشَّرْط الثَّالِث: الْعِلْم بِالْمَنْوِيِّ: قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْره: فَمَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّة الْوُضُوء أَوْ الصَّلَاة لَمْ يَصِحّ مِنْهُ فِعْلهَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَعْض الصَّلَاة فَرْض وَلَمْ يَعْلَم فَرْضِيَّة الَّتِي شَرَعَ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ الْفَرْضِيَّة وَجَهِلَ الْأَرْكَان، فَإِنْ اعْتَقَدَ الْكُلّ سُنَّة أَوْ الْبَعْض فَرْضًا وَالْبَعْض سُنَّة وَلَمْ يُمَيِّزهَا لَمْ تَصِحّ قَطْعًا، أَوْ الْكُلّ فَرْضًا فَوَجْهَانِ: أَصَحّهمَا الصِّحَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَر مِنْ أَنَّهُ أَدَّى سُنَّة بِاعْتِقَادِ الْفَرْض وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّر.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الَّذِي لَا يُمَيِّز الْفَرَائِض مِنْ السُّنَن تَصِحّ عِبَادَته، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِد التَّنَفُّلَ بِمَا هُوَ فَرْضٌ، فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ غَفَلَ عَنْ التَّفْصِيلِ فَنِيَّةُ الْجُمْلَةِ كَافِيَةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَغَيْر الْوُضُوء وَالصَّلَاة فِي مَعْنَاهُمَا، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: الظَّاهِر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط ذَلِكَ فِي الْحَجّ، وَيُفَارِق الصَّلَاة، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَط فِيهِ تَعْيِين الْمَنْوِيّ ; بَلْ يَنْعَقِد مُطْلَقًا وَيَصْرِفهُ بِخِلَافِ الصَّلَاة، وَيُمْكِن تَعَلُّم الْأَحْكَام بَعْد الْإِحْرَام بِخِلَافِ الصَّلَاة، وَلَا يُشْتَرَط الْعِلْم بِالْفَرْضِيَّةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى النَّفَل انْصَرَفَ إلَى الْفَرْض.
وَمِنْ فُرُوع هَذَا الشَّرْط: مَا لَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةِ الطَّلَاق بُلْغَةٍ لَا يَعْرِفهَا وَقَالَ قَصَدْت بِهَا مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَقَع الطَّلَاق فِي الْأَصَحّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَمْ أَعْلَم مَعْنَاهَا وَلَكِنْ نَوَيْت بِهَا الطَّلَاقَ وَقَطْعَ النِّكَاح فَإِنَّهُ لَا يَقَع، كَمَا لَوْ خَاطَبَهَا بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا وَقَالَ: أَرَدْت الطَّلَاق وَنَظِير ذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِق طَلْقَة فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ: أَرَدْت مَعْنَاهُ عِنْد أَهْل الْحِسَاب ; فَإِنْ عَرَفَهُ وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَوَاحِدَة فِي الْأَصَحّ، لِأَنَّ مَا لَا يُعْلَم مَعْنَاهُ لَا يَصِحّ قَصْده.
وَنَظِيره أَيْضًا: أَنْ يَقُول: طَلَّقْتُك مِثْل مَا طَلَّقَ زَيْدٌ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ طَلَّقَ زَيْدٌ، وَكَذَا لَوْ نَوَى عَدَد طَلَاق زَيْدٍ وَلَمْ يَتَلَفَّظ.
وَنَظِير أَنْتِ طَالِق طَلْقَة فِي طَلْقَتَيْنِ قَوْل الْمُقِرِّ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَم فِي عَشَرَة، فَإِنَّهُ إنْ قَصَدَ الْحِسَاب يَلْزَمهُ عَشَرَة، كَذَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا، وَقَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنْ يَعْرِفهُ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَيُشْبِه لُزُومَ دِرْهَمٍ فَقَطْ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ مَا يُرِيدُهُ الْحِسَابُ، عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الطَّلَاقِ انْتَهَى، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَنَظِير طَلَّقْتُك مِثْل مَا طَلَّقَ زَيْدٌ: بِعْتُك بِمِثْلِ مَا بَاعَ بِهِ فُلَان فَرَسه، وَهُوَ لَا يَعْلَم قَدْره فَإِنَّ الْبَيْع لَا يَصِحّ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ فَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ التَّيَمُّمِ بَطَلَ، أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَمْ يَبْطُلَا ; لِأَنَّ أَفْعَالَهُمَا غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِبَعْضِهَا، وَلَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمَغْسُولُ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ ; وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِهِ ; وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
وَأَمَّا الْأَجْرُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ وَإِنْ عَادَ فَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّهَا تُحْبِطُ أَيْضًا ; وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا إنَّمَا تُحْبِطُ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ ; بَلْ فِي الْأَسَالِيبِ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا فَحَجُّهُ وَعِبَادَتُهُ بَاقِيَةٌ وَتُفِيدُهُ الْمَنْعَ مِنْ الْعِقَابِ ; فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا لَعُوقِبَ عَلَى تَرْكِهَا وَلَكِنْ لَا تُفِيدُهُ ثَوَابًا ; لِأَنَّ دَارَ الثَّوَابِ الْجَنَّةُ وَهُوَ لَا يَدْخُلُهَا وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ خِلَافًا فِي الْكَافِرِ يُؤْمِنُ ثُمَّ يَرْتَدُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُطَالَبًا بِجَمِيعِ كُفْرِهِ، وَأَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْإِيمَانَ السَّابِقَ. قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْإِيمَانِ كَمَنْ لَمْ يَكْفُرْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْد أَنْ ارْتَفَعَ حُكْمُهُ قَالَ. وَهُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ ثُمَّ عَاوَدَ الذَّنْبَ، هَلْ يَقْدَحُ فِي صِحَّةٍ التَّوْبَةِ الْمَاضِيَةِ؟ وَالْمَشْهُورُ: لَا.