الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُمْ مُعَيَّنُونَ وَأَنْكَرُوا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ: الْحَقُّ تَقْيِيدُ الْمَقْدِسِيِّ وَلَهُ حَاصِلٌ، فَلَيْسَ كُلُّ نَاظِرٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَزْلِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ وَظَائِفهمْ مِنْ غَيْرِ إبْدَاء مُسْتَنَدٍ فِي ذَلِكَ إذَا نَازَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ، فَإِنَّ عَدَالَتَهُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً، فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لَهُ الْخَلَلُ، وَعِلْمُهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا بِظَنِّ مَا لَيْسَ بِقَادِحٍ قَادِحًا، بِخِلَافِ مَنْ تَمَكَّنَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَكَانَ فِيهِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يَكْفِي فِي مُطْلَقِ النُّظَّارِ: مِنْ تَمْيِيزٍ بَيْنَ مَا يُقْدَحُ وَمَا لَا يُقْدَحُ، وَمِنْ وَرَعٍ وَتَقْوَى يَحُولَانِ بَيْنه وَبَيْنُ مُتَابَعَةِ الْهَوَى.
وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ، مَعَ فَتْوَاهُ بِمَا تَقَدَّمَ: إنْ عَزْلُ النَّاظِرِ لِلْمُدَرِّسِ وَغَيْرِهِ تَهَوُّرًا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ تُسَوِّغُ: لَا يَنْفُذُ. وَيَكُونُ قَادِحًا فِي نَظَرِهِ، فَيُحْمَل كُلٌّ مِنْ جَوَابَيْهِ عَلَى حَالَةٍ انْتَهَى. هَذَا حُكْمُ وِلَايَاتِ الْوَقْفِ.
وَأَمَّا أَصْلُ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ الْوَاقِفِ، وَمِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا، إذَا قَبِلَ. حَيْثُ شَرَطْنَا الْقَبُولَ، فَلَوْ رَدَّ بَعْدَ الْقَبُولِ. لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَلَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ. وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ السُّبْكِيّ: كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ شَخْصًا يُقِرُّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ، أَوْ أَنَّ زَيْدًا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ دُونَهُ، وَيَخْرُجُ شَرْطُ الْوَاقِفِ مُكَذِّبًا لِلْمُقِرِّ، مُقْتَضِيًا لِاسْتِحْقَاقِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ الْأَغْنِيَاءِ أَنَّ الْمُقِرَّ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ، سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَكَذَبَ فِي إقْرَارِهِ، أَمْ لَمْ يَعْلَمْ. فَإِنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لَهُ لَا يَنْتَقِلُ بِكَذِبِهِ.
ضَابِطٌ:
لَيْسَ لَنَا فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِقْرَارٍ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا الْبَيْعُ، وَالسَّلَمُ، وَالْإِجَارَةُ وَالْمُسَابَقَةُ، وَالصَّدَاقُ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ.
[مِنْ الْعُقُودِ مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا]
تَقْسِيمٌ ثَالِثٌ مِنْ الْعُقُودِ مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ لَفْظًا. وَمِنْهَا: مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا. وَمِنْهَا: مَا يَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ لَفْظًا، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا. بَلْ يَكْفِي الْفِعْلُ. وَمِنْهَا: مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ أَصْلًا، بَلْ شَرْطُهُ: عَدَمُ الرَّدِّ وَمِنْهَا: مَا لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، فَالْأَوَّلُ مِنْهُ: الْهَدِيَّةُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا، بَلْ يَكْفِي
الْبَعْثُ مِنْ الْمُهْدِي، وَالْقَبْضُ مِنْ الْمُهْدَى إلَيْهِ، وَفِي وَجْهٍ: يُشْتَرَطَانِ، وَفِي ثَالِث: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَأْكُولَاتِ، وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي رَابِعٍ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الِانْتِفَاعِ، وَيُشْتَرَطَانِ فِي التَّصَرُّفِ. وَمِنْهُ: الصَّدَقَةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ كَالْهَدِيَّةِ، بِلَا فَرْقٍ.
وَمِنْهُ: مَا يَخْلَعهُ السُّلْطَانُ عَلَى الْعَادَةِ. وَمِنْهُ: مَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْمُعَاطَاةِ فِيهِ: مِنْ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَنَحْوِهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ: مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمُحَقَّرَاتِ، كَرَطْلِ خُبْزٍ، وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: بِمَا دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ.
وَالثَّانِي: الْبَيْعُ، وَالصَّرْفُ، وَالسَّلَمُ، وَالتَّوْلِيَةُ، وَالتَّشْرِيكُ، وَصُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ، وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّمِ، عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِقَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْهِبَةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ، إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ، أَوْ الزَّوْجَةُ بِصِفَةِ مُعَاوَضَةٍ، وَالْخِطْبَةِ.
فَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِجَابَةِ لَمْ تُحَرَّمْ الْخِطْبَةُ عَلَيْهِ، وَالْكِتَابَةُ وَعَقْدُ الْإِمَامَةِ، وَالْوِصَايَةُ: وَعَقَدُ الْجِزْيَةِ، وَكَذَا الْقَرْضُ فِي الْأَصَحِّ، وَالْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ، وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، فِي الْأَصَحِّ. كَمَا ذَكَره الشَّيْخَانِ فِي بَابِهِ. وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ: عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَالسُّبْكِيُّ، وَالْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمُخْتَارُ فِي الرَّوْضَةِ، لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْأَكْثَرِينَ، بَلْ بِمَعْنَى الصَّحِيحُ وَالرَّاجِحُ. وَأَمَّا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ: فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالْوَكَالَةِ.
وَالثَّالِثُ: الْوَكَالَةُ، وَالْقِرَاضُ، الْوَدِيعَةُ، وَالْعَارِيَّةُ، وَالْجَعَالَةُ، وَلَوْ عُيِّنَ الْعَامِلُ وَالْخُلْعُ إنْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ، كَمَتَى أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَالْأَمَانُ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَط قَبُولُهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَكْفِي فِيهِ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ.
وَالرَّابِعُ: الْوَقْفُ، عَلَى مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ.
وَالْخَامِسُ: الضَّمَانُ، وَكَذَا الْوَقْفُ فِي وَجْهٍ، وَالْإِبْرَاءُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى الدِّيَةِ، وَإِجَازَةُ الْحَدِيثِ. صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ: بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا: أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ.