الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُهَذَّبِ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْأَرْكَانِ يَكْثُرُ لِكَثْرَتِهَا، بِخِلَافِ الشُّرُوطِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الصَّوْمِ: لَوْ شَكَّ الصَّائِمُ فِي النِّيَّةِ بَعْد الْغُرُوبِ فَلَا أَثَر لَهُ.
[قَاعِدَة: النِّيَّةُ فِي الْيَمِينِ تُخَصِّصُ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَلَا تُعَمِّمُ الْخَاصَّ]
قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ: النِّيَّةُ فِي الْيَمِينِ تُخَصِّصُ اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَلَا تُعَمِّمُ الْخَاصَّ مِثَالُ الْأَوَّلِ: أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا، وَيَنْوِي زَيْدًا.
وَمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ يَمُنّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِمَا نَالَ مِنْهُ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ مِنْهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ، فَإِنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاء مِنْ عَطَشٍ خَاصَّةً، وَلَا يَحْنَثُ بِطَعَامِهِ وَثِيَابِهِ، وَلَوْ نَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ مَا نَوَى، بِجِهَةٍ يَتَجَوَّزُ بِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهِ جِهَةٌ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ إطْلَاقُ اسْمِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ.
[قَاعِدَة: مَقَاصِدُ اللَّفْظِ عَلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ]
مَقَاصِدُ اللَّفْظِ عَلَى نِيَّةِ اللَّافِظِ، إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْيَمِينُ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي دُون الْحَالِفِ، إنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الِاعْتِقَادِ، فَإِنْ خَالَفَهُ، كَحَنَفِيٍّ اسْتَحْلَفَ شَافِعِيَّا فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ، فَفِيمَنْ تُعْتَبَر نِيَّتُهُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْقَاضِي أَيْضًا.
وَهَذِهِ فُرُوعٌ مَنْثُورَةٌ وَمَعَ نَظِيرٍ فَأَكْثَرَ لِكُلِّ فَرْعٍ فَرْعٌ فَرْع: أَدْخَلَ الْجُنُبُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ النِّيَّةِ، أَوْ الْمُحْدِثُ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، أَوْ الِاغْتِرَافَ فَلَا أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَصِيرُ. وَلَهُ نَظَائِرُ:
مِنْهَا: إذَا عَقَّبَ النِّيَّةَ بِالْمَشِيئَةِ، فَإِنْ نَوَى التَّعْلِيقَ بَطَلَتْ، أَوْ التَّبَرُّكَ فَلَا، أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا تَبْطُلُ.
وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقٌ، أَوْ حُرَّةٌ، فَقَالَ: يَا طَالِقُ، أَوْ يَا حُرَّةُ، فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ، أَوْ الْعِتْقَ حَصَلَا، أَوْ النِّدَاءَ فَلَا، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَوَجْهَانِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا عَدَمُ الْحُصُولِ.
وَمِنْهَا: لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاق بِلَا عَطْفٍ: فَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَقَعَ الثَّلَاثُ، أَوْ التَّأْكِيدَ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ، الْأَصَحّ ثَلَاثٌ.
وَمِنْهَا: قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ، فَإِنْ قَصَدَ الظَّرْفَ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ الْحِسَابَ فَثِنْتَانِ، أَوْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا وَاحِدَةٌ وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، أَوْ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي، أَوْ بِالثَّالِثِ: فَثَلَاثٌ، أَوْ تَأْكِيدَ الثَّانِي بِالثَّالِثِ: فَثِنْتَانِ، أَوْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا ثَلَاثٌ وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ، فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَمُولٍ مِنْ الْكُلِّ، أَوْ وَاحِدَةٍ فَمُولٍ مِنْهَا، أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْحَمْلُ عَلَى التَّعْمِيمِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَعَيْنِ أُمِّي فَإِنْ قَصَدَ الظِّهَارَ فَمُظَاهِرٌ، أَوْ الْكَرَامَةَ فَلَا، أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا شَيْءَ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ لِعَلَوِيٍّ: لَسْت ابْنَ عَلِيٍّ وَقَالَ: أَرَدْت: لَسْت مِنْ صُلْبِهِ، بَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ آبَاءٌ فَلَا حَدَّ أَوْ قَصْدَ الْقَذْفَ حُدَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا لَمْ يُحَدّ جَزَمَ بِهِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ.
وَمِنْهَا: إذَا اتَّخَذَ الْحُلِيَّ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ فِي مُبَاحٍ، لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ بِقَصْدِ كَنْزِهِ وَجَبَتْ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ اسْتِعْمَالًا وَلَا كَنْزًا، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: لَا زَكَاةَ. وَمِنْهَا: لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ، بِحَيْثُ يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى صَوْغٍ، وَيَقْبَلُ الْإِصْلَاحَ بِالْإِلْحَامِ، فَإِنْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ كَنَزَهُ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ الِانْكِسَارِ. وَإِنْ قَصَدَ إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ تَمَادَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَذَا وَلَا ذَاكَ فَوَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا: الْوُجُوبُ.
وَمِنْهَا: مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقِ وَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَى الْأَسْفَلِ، فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ الْأَسْفَلِ صَحَّ أَوْ الْأَعْلَى فَقَطْ فَلَا، أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ: الصِّحَّةُ. وَلَهُ حَالَةٌ رَابِعَةٌ: أَنْ يَقْصِدَهُمَا وَالْحُكْمُ الصِّحَّةُ.
وَلَهُ فِي ذَلِكَ نَظِيرَانِ: أَحَدُهُمَا: إذَا نَطَقَ فِي الصَّلَاةِ بِنَظْمِ الْقُرْآنَ، وَلَمْ يَقْصِدْ سِوَاهُ، فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ فَقَطْ، بَطَلَتْ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا مَعًا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ: الْأَصَحُّ الْبُطْلَانُ.
الثَّانِي: إذَا تَلَفَّظَ الْجُنُبُ بِأَذْكَارِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، حُرِّمَ، أَوْ الذِّكْرَ فَقَطْ فَلَا، وَإِنْ قَصَدَهُمَا حُرِّمَ، أَوْ أَطْلَقَ حُرِّمَ أَيْضًا، بِلَا خِلَافٍ، وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ حَمْلُ الْمُصْحَفِ فِي أَمْتِعَة، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحَمْلِ حُرِّمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَمْتِعَةُ فَقَطْ، أَوْ هُمَا، فَلَا.
فَرْع:
إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّة الْوُضُوءِ بِالْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقُ لَمْ تَصِحّ إلَّا أَنْ يَنْغَسِلَ مَعَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ فَتَصِحُّ النِّيَّةُ لَكِنْ لَا يُجْزِئُ الْمَغْسُولُ عَنْ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ الْفَرْضِ، فَتَجِبُ إعَادَتُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ، وَادَّعَى فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَغْسُولِ عَنْ الْفَرْضِ غَيْرُ مَعْقُولٍ.
قُلْت: وَجَدْت لَهُ نَظِيرًا، وَهُوَ مَا إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا تُجْزِيهِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، عَلَى قَوْلٍ. وَعَلَى هَذَا فَقَدْ صَحَّحْنَا نِيَّةَ أَصْلِ