الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِحْرَامِ، وَلَمْ نَعْتَدّ بِالْمَفْعُولِ عَنْ الْوَاجِبِ، وَهَذَا نَظِيرٌ حَسَنٌ، لَمْ أَرَ مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ. وَمِنْ هُنَا انْجَرَّ بِنَا الْقَوْلُ إلَى تَأَدِّي الْفَرْضِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ إجْزَائِهِ وَفِيهِ فُرُوعٌ: أَتَى بِالصَّلَاةِ: مُعْتَقِدًا أَنَّ جَمِيع أَفْعَالِهَا سُنَّةٌ.
عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَبَنَى عَلَيْهِ الْفَاتِحَةَ.
سَلَّمَ الْأُولَى عَلَى نِيَّة الثَّانِيَة، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، لَمْ تُحْسَبْ، وَلَا خِلَافَ فِي كُلِّ ذَلِكَ.
تَوَضَّأَ الشَّاكُّ احْتِيَاطًا، ثُمَّ تَيَقَّنَ الْحَدَث لَمْ يُجْزِئْهُ فِي الْأَصَحِّ.
تَرَكَ لُمْعَةً، ثُمَّ جَدَّدَ الْوُضُوء، فَانْغَسَلَتْ فِيهِ. لَمْ تُجْزِئهُ فِي الْأَصَحِّ.
اغْتَسَلَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ لَا تُجْزِيهِ عَنْ الْجَنَابَةِ فِي الْأَصَحِّ.
تَرَكَ سَجْدَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةً لِلتِّلَاوَةِ، لَا تُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ فِي الْأَصَحِّ.
[الصُّوَرُ الَّتِي يَتَأَدَّى فِيهَا الْفَرْضُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ]
ذِكْرُ صُوَرٍ خَرَجَتْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ فَتَأَدَّى فِيهَا الْفَرْضُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ: ضَابِطُهَا أَنْ تَسْبِقَ نِيَّةٌ تَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ، يَنْوِي بِهِ النَّفَلَ، وَيُصَادِف بَقَاءُ الْفَرْض عَلَيْهِ.
قُلْت: هَذَا الضَّابِطُ مُنْتَقِضٌ طَرْدًا وَعَكْسًا، كَمَا يُعْرَفُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ.
مِنْ ذَلِكَ: جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ يَظُنُّهُ الْأَوَّلَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَجْزَأَهُ.
نَوَى الْحَجّ، أَوْ الْعُمْرَة، أَوْ الطَّوَاف تَطَوُّعًا، وَعَلَيْهِ الْفَرْضُ: انْصَرَفَ إلَيْهِ، بِلَا خِلَافٍ.
تَذَكَّر فِي الْقِيَام تَرْكَ سَجْدَةٍ، وَكَانَ جَلَسَ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَة كَفَاهُ عَنْ جُلُوس الرُّكْنِ فِي الْأَصَحِّ.
أَغْفَلَ الْمُتَطَهِّرُ لُمْعَةً، وَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ التَّكْرَارِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ: أَجْزَأهُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْغَسَلَتْ فِي التَّجْدِيدِ لِأَنَّ التَّجْدِيدِ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَمْ يَنْوِ فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَصْلًا، وَالثَّلَاثُ طَهَارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ جَمِيعًا. وَمُقْتَضَى نِيَّتِهِ: أَنْ لَا يَقَعَ شَيْءٌ عَنْ النَّفْلِ حَتَّى يَرْتَفِعَ الْحَدَثُ بِالْفَرْضِ.
قَامَ فِي الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ إلَى ثَالِثَةٍ، ثُمَّ ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ سَلَّمَ، وَأَنَّ الَّذِي يَأْتِي بِهِ الْآنَ صَلَاةُ نَفْلٍ. ثُمَّ تَذَكَّرَ الْحَالَ. قَالَ الْعَلَائِيُّ: لَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا وَالظَّاهِرُ: أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ عَنْ الْفَرْضِ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّشَهُّدِ. قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِيهَا عِنْدَهُمْ قَوْلَانِ. وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، هَلْ تَتِمُّ الصَّلَاةُ الْأُولَى بِذَلِكَ؟ وَفِيهَا عِنْدَهُمْ قَوْلَانِ. قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِجْزَاءَ فِي هَذِهِ أَبْعَد مِنْ الْأُولَى.
قُلْت: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَنْقُولَة فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ: لَوْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاةٍ، وَأَحْرَمَ بِأُخْرَى، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأُولَى: لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّانِيَةُ.
وَأَمَّا
الْأُولَى فَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ بَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ طَالَ، وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَمِنْ الْفُرُوعِ: مَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي الْجَوَاهِرِ: أَنَّهُ لَوْ قَنَتَ فِي سُنَّةِ الصُّبْحِ ظَانًّا أَنَّهُ الصُّبْحُ، فَسَلَّمَ وَبَانَ. قَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ لِشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ، وَإِتْيَانُ أَفْعَالِ الصَّلَاة عَلَى الشَّكِّ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ.
قُلْت: وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ نَظَرٍ. ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْكَافِي تَوَقَّفَ فِيهِ: قَالَ: فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ وَسَهَا. وَالْخَطَأُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا.
فَرْعٌ:
لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ أَنْ يُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ كُرِهَتْ لَهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَنَظِيرُهُ فِيمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ بَحْثًا: أَنْ يَقْرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ فَعَلَى هَذَا إذَا سَجَدَ بَطَلَتْ الصَّلَاة. وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: لَا يُنْهَى فِي قِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ لِيَسْجُدَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ جَمْعُ آيَاتِ السُّجُود وَقِرَاءَتُهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ السُّجُودِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ. وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَأَفْتَى بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا: مَا لَوْ أَخَّرَ الْفَائِتَةَ لِيُصَلِّيَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَقَاسَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ: أَنْ يُؤَخِّرَ قَضَاءَ الصَّوْمِ، لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا: مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْأَبْعَدَ، بِقَصْدِ الْقَصْرِ لَا غَيْر، لَا يَقْصُرُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ، فَلَمَّا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ نَوَى مُفَارَقَتَهُ، وَاقْتَدَى بِآخَرَ قَدْ رَكَعَ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَيُحْتَمَل أَنْ لَا تَصِحَّ الْقُدْوَةُ لِذَلِكَ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ سَافَرَ لِقَصْدِ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، فَإِنَّ هَذَا قَاصِدٌ أَصْلَ السَّفَرِ، وَذَاكَ قَاصِدٌ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ.
وَنَظِيرُ هَذَا: أَنْ يَقْصِدَ بِأَصْلِ الِاقْتِدَاء تَحَمُّلَ الْفَاتِحَةِ وَسُجُودَ السَّهْوِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ، فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ: الْجَوَابُ فِيهَا: مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ يُسَافِرُ.
فَرْع:
الْمُنْقَطِعُ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ مِنْ أَعْذَارِهَا، إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ حُضُورَهَا لَوْلَا الْعُذْرُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا، كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَنَقَلَ عَنْ التَّلْخِيصِ لِلرُّويَانِيِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ، وَارْتَضَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ، وَهُوَ الْحَقُّ انْتَهَى.
وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ: أَنَّ مُعْتَادَ الْجَمَاعَةِ إذَا تَرَكَهَا لِعُذْرٍ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُهَا قَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ: هَذَا أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِ الرُّويَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ، وَدُونَهُ مِنْ وَجْهٍ فَأَبْلَغُ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الْقَصْدَ، بَلْ اكْتَفَى بِالْعَادَةِ السَّابِقَةِ، وَدُونَهُ مِنْ جِهَة
أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهِ الْعَادَةَ، وَمِمَّنْ اخْتَارَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا.
وَالْمُصَحَّحُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ الْأَوَّلُ، وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ لِذَلِكَ. وَنَظِيرُهُ: الْمَعْذُورُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى، لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَلَوْلَا أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْحَاضِرِ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حُصُولُ الْأَجْرِ لَهُ بِلَا شَكٍّ.
وَخَرَجَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الْوَاقِف لَوْ شَرَطَ الْمَبِيتَ فِي خَانِقَاه، مَثَلًا، فَبَاتَ مَنْ شَرَطَ مَبِيتَهُ خَارِجَهَا لِعُذْرٍ: مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ نَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ. قَالَ: وَهُوَ مِنْ الْقِيَاسِ الْحَسَنِ لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ.
وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ: مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ لَمْ يَبْطُل حَقّه مِنْ الْإِسْهَام لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ أَمْ لَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَنْ تَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ لِيَسْتَنْجِدَ بِهَا يُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمُوهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ.
فَرْع:
ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الطَّلَاقِ: أَنَّهُ إذَا وَطِئَ امْرَأَتَيْنِ وَاغْتَسَلَ، عَنْ الْجَنَابَةِ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ عَنْ الثَّانِيَةِ لَمْ يَحْنَثْ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَائِلِ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ عَنْك. سَأَلْنَاهُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت لَا أُجَامِعُكِ فَمُولٍ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الِامْتِنَاعَ مِنْ الْغُسْلِ، أَوْ أَنِّي أُقَدِّمُ عَلَى وَطْئِهَا وَطْءَ غَيْرِهَا فَيَكُونُ الْغُسْلُ عَنْ الْأُولَى بِحُصُولِ الْجَنَابَةِ بِهَا قَبْلُ، وَلَا يَكُونُ مُولِيًا.
وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ لِلسِّنْجِيِّ: لَوْ أَجْنَبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ حَاضَتْ وَاغْتَسَلَتْ، وَكَانَتْ حَلَفَتْ أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ عَنْ الْجَنَابَةِ فَالْعِبْرَةُ عِنْدَنَا بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَتْ الِاغْتِسَالَ، عَنْهُمَا تَكُونُ مُغْتَسِلَةً عَنْهُمَا وَتَحْنَثُ، وَإِنْ نَوَتْ عَنْ الْحَيْضِ وَحْدَهُ لَمْ تَحْنَث لِأَنَّهَا لَمْ تَغْتَسِلْ عَنْ الْجَنَابَة، وَإِنْ كَانَ غُسْلُهَا مُجْزِيًا عَنْهُمَا مَعًا.
فَرْع:
تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقَصْدُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِ غَيْرِهِمَا، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ:
مِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت: الْجَوَابَ، أَوْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الِابْتِدَاءَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَمِنْهَا: الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ: هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، عِبَارَتَانِ لِلرَّافِعِيِّ، ذَكَرَ الْأُولَى فِي الرَّهْنِ، وَالثَّانِيَةَ فِي الْغَصْبِ، فَلَوْ عُصِرَتْ بِلَا قَصْدٍ، فَمُحْتَرَمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ، دُونَ الْأُولَى.
وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ التَّرْتِيبُ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ التَّنْكِيسِ؟ وَجْهَانِ: الْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ: فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ مَعًا صَحَّ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ تَقْدِيمِ النَّذْرِ خِلَافُ. الْأَصَحُّ الثَّانِي، فَلَوْ اسْتَنَابَ الْمَعْضُوبُ رَجُلَيْنِ، فَحَجَّا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، صَحَّ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ ظُهُورُ الْقُرْبَةِ، أَوْ الشَّرْطُ انْتِفَاءُ الْمَعْصِيَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، فَيَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْفَسَقَةِ عَلَى الثَّانِي، دُون الْأَوَّلِ وَجَزَمَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالثَّانِي.
وَمِنْهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ؟ وَجْهَانِ، صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ، وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، وَصَحَّحَ فِي السَّرِقَةِ مِنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الثَّانِيَ، وَيَجْرِيَانِ فِي الْإِبْرَاءِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ: الثَّانِي عَلَى قَوْلِ التَّمْلِيكِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِسْقَاطِ فَلَا يُشْتَرَطُ جَزْمًا.
مِنْهَا: إذَا ضُرِبَتْ الْقُرْعَةُ بَيْن مُسْتَحِقِّي الْقِصَاصِ، فَخَرَجَتْ لِوَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِاسْتِيفَاء إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَهَلِ الْإِذْنُ شَرْطٌ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ الْمَنْعِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.
وَمِنْهَا: الْمُتَصَرِّفُ عَنْ الْغَيْرِ شَرْطُهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْمَصْلَحَةِ أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ الْمَفْسَدَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا الْأَوَّل فَإِذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَفْسَدَةُ لَمْ يَتَصَرَّفْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَتَصَرَّفُ عَلَى الثَّانِي.
وَمِنْهَا: الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقِ، هَلْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ غَيْرِهِ بِالتَّوْرِيَةِ أَوْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَهُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَأَجْرَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ.
وَمِنْهَا: مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ هَلْ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ، أَوْ الشَّرْطُ عَدَمُ تَكْذِيبِهِ؟ وَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي.
لَطِيفَةٌ:
لِهَذِهِ النَّظَائِرِ نَظَائِرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَيَحْضُرُنِي مِنْهَا مَسْأَلَةٌ فِي بَابِ مَا لَا يَنْصَرِفُ، وَهُوَ أَنَّ " فَعْلَانَ " الْوَصْفَ. هَلْ يُشْتَرَطُ فِي مَنْع صَرْفِهِ وُجُودُ " فَعْلَى " أَوْ الشَّرْطُ انْتِفَاءُ " فَعْلَانَةَ؟ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصْرَف نَحْو " رَحْمَنٍ، وَلِحْيَان " وَعَلَى الثَّانِي: لَا.
تَنْبِيهُ: اشْتَمَلَتْ قَاعِدَةُ " الْأُمُور بِمَقَاصِدِهَا " عَلَى عِدَّة قَوَاعِدَ، كَمَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ مَشْرُوحًا وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى عُيُونِ مَسَائِلهَا وَإِلَّا فَمَسَائِلُهَا لَا تُحْصَى، وَفُرُوعُهَا لَا تُسْتَقْصَى.
خَاتِمَةٌ:
تَجْرِي قَاعِدَةُ " الْأُمُورِ بِمَقَاصِدِهَا " فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا، فَالْأَوَّلُ مَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ وَالْجُمْهُورُ: بِاشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِيهِ، فَلَا يُسَمَّى كَلَامًا مَا نَطَقَ بِهِ النَّائِمُ وَالسَّاهِي، وَمَا تَحْكِيهِ الْحَيَوَانَاتُ الْمُعَلَّمَةُ. وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ، فَلَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَسَمَّى كُلّ ذَلِكَ كَلَامًا وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّانَ.
وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِقْهِ: مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمهُ، فَكَلَّمَهُ نَائِمًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ