الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: شُهُودُ النِّكَاحِ يَكْفِي أَنْ يَكُونُوا مَسْتُورِينَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ مَعْرِفَةُ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَمَنْ يُشَقُّ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْهَا فَاكْتُفِيَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلِهَذَا لَا يُكْتَفَى بِهَا لَوْ أُرِيدَ إثْبَاتُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ كَانَ الْعَاقِدُ الْحَاكِمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمِنْهَا: الرِّوَايَةُ، الْأَصَحُّ فِيهَا قَبُولُ الْمَسْتُورِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ.
وَمِنْهَا: وَلِيُّ النِّكَاحِ، وَالْأَبُ فِي مَالِ وَلَدِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ. وَمِنْهَا: الْمُفْتِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ.
وَمِنْهَا: مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ. وَمِنْهَا: مَا فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ: أَنَّ النَّاظِرَ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ كَالنَّاظِرِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، أَوْ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْمُجَوِّزَةُ لِتَصَرُّفِ الْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ؟ مُحْتَمَلٌ وَالظَّاهِرُ: الثَّانِي. وَإِذَا حَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِالنَّظَرِ هَلْ يَتَوَقَّف عَلَى ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ الْبَاطِنَةِ، أَوْ تَكْفِي عَدَالَتُهُ الظَّاهِرَةُ؟ مُحْتَمَلٌ وَيَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ كَالْأَبِ إذَا بَاعَ شَيْئًا وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ جَزْمًا
تَنْبِيهٌ: فِي الْمُرَادِ بِالْمَسْتُورِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مَنْ عُلِمَ إسْلَامُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ فِسْقُهُ، وَهُوَ الَّذِي بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ تَرْجِيحُهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا فِي الْمَاضِي، وَشُكَّ فِيهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَيُسْتَصْحَبُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ.
[مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَمَا لَا]
اتَّفَقُوا عَلَى قَبُولِ الْوَاحِدِ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَنَحْوِهِ، وَفِي دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ. وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ: إجْمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي إهْدَاءِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَيْلَةَ الزِّفَافِ، مَعَ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ تَعْيِينِ مُبَاحٍ جُزْئِيٍّ لِجُزْئِيٍّ، فَكَانَ مُقْتَضَاهُ: أَنْ لَا يُقْبَلُ فِي مِثْلِهِ
لَكِنْ اعْتَضَدَ هَذَا بِالْقَرِينَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ عَادَةً: أَنَّ التَّدْلِيسَ لَا يَدْخُلُ فِي مِثْل هَذَا، وَيُبَدَّلُ عَلَى الزَّوْجِ غَيْرُ زَوْجَتِهِ.
وَهَذِهِ فُرُوعٌ جَرَى فِيهَا خِلَافٌ:
الْأَوَّلُ: الشَّهَادَةُ، وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِيهَا: إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، فَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَقَبُولُ الْوَاحِدِ فِيهِ وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا هَلْ هُوَ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ، أَوْ الرِّوَايَةِ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا قَبُولُ الْمَرْأَةِ، وَالْعَبْدُ فِيهِ، وَالْمَسْتُورُ، وَالْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَالِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْوَاحِدِ عَنْ الْوَاحِدِ. وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ: مُرَاعَاةُ حُكْمِ الشَّهَادَةِ، إلَّا فِي الْمَسْتُورِ. وَحَيْثُ قُبِلَ الْوَاحِدُ، فَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ، وَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ دُونَ حُلُولِ الْآجَالِ، وَالتَّعْلِيقَاتِ وَانْقِضَاءِ الْعُدَدِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ: لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِسْلَامِ ذِمِّيٍّ مَاتَ، قُبِلَ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ دُونَ إرْثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَمَنْعُ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ اتِّفَاقًا.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا: لَوْ شُهِدَ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ ; إذْ لَا فَائِدَةَ لَهَا، إلَّا تَفْوِيتُ صَلَاةِ الْعِيدِ نَعَمْ: تُقْبَلُ فِي الْآجَالِ، وَالتَّعْلِيقَاتِ، وَنَحْوِهَا.
الثَّانِي: الرِّوَايَةُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِيهَا وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ رِوَايَةَ اثْنَيْنِ، وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ. وَقَدْ ذَكَرْت حُجَجَ ذَلِكَ، وَرَدَّهَا فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ وَالتَّيْسِيرِ مَبْسُوطًا الثَّالِثُ: الْخَارِصُ وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ، تَشْبِيهًا بِالْحُكْمِ وَالثَّانِي: غَلَّبَ جَانِبَ الشَّهَادَةِ وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: إنْ خَرَصَ عَلَى مَحْجُورٍ أَوْ غَائِبٍ شُرِطَ اثْنَانِ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الْأَوَّلِ: الْأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ حُرِّيَّتِهِ وَذُكُورَتِهِ، كَمَا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ.
الرَّابِعُ: الْقَاسِم، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِتَرَدُّدِهِ أَيْضًا بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ، وَالْأَصَحُّ: يَكْفِي وَاحِدٌ الْخَامِسُ الْمُقَوِّمُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا لِأَنَّ التَّقْوِيمَ شَهَادَةٌ مَحْضَةٌ، وَمَالِكٌ أَلْحَقَهُ بِالْحَاكِمِ السَّادِسُ الْقَائِفُ وَفِيهِ خِلَافٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْأَصَحُّ: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ مُنْتَصِبٌ انْتِصَابًا عَامًّا لِإِلْحَاقِ النَّسَبِ السَّابِعُ الْمُتَرْجِمُ كَلَامَ الْخُصُومِ لِلْقَاضِي، وَالْمَذْهَبُ: اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِيهِ الثَّامِنُ الْمُسْمِعُ إذَا كَانَ الْقَاضِي أَصَمَّ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِيهِ وَالثَّانِي: غَلَّبَ جَانِبَ الرِّوَايَةِ.
وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْخَصْمَانِ أَصَمَّيْنِ أَيْضًا: اُشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا إسْمَاعُ الْخُصُومِ كَلَامَ الْقَاضِي وَمَا يَقُولُهُ الْخَصْمُ: فَجَزَمَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى الْعَدَدِ وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ رِوَايَةً فَقَطْ.
التَّاسِعُ: الْمُعَرِّفُ، ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوِكَالَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ الْغَائِبِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَنَّ الْعَبَّادِيَّ قَالَ: لَا بُدَّ وَأَنْ يُعَرِّفَ بِالْمُوَكِّلِ شَاهِدَانِ يَعْرِفْهُمَا الْقَاضِي، وَيَثِقُ بِهِمَا. قَالَ: هَذِهِ عِبَارَةُ الْعَبَّادِيِّ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْعَبَّادِيِّ: يُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِمُعَرِّفٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ، كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَنَّ تَعْرِيفَهُ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا يَحْصُل بِمُعَرِّفٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِشَهَادَةِ.
الْعَاشِرُ: بَعْثُ الْحَكَمِ عِنْدَ الشِّقَاقِ. هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ اخْتَارَ ابْنُ كَجٍّ: الْمَنْعَ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جَعَلْنَاهُ تَحْكِيمًا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَدَدُ، أَوْ تَوْكِيلًا فَكَذَلِكَ، إلَّا فِي الْخُلْعِ فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَوَلِّي الْوَاحِدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ؟ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِأَنَّهُ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ. وَاعْتَبَرَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ شَهَادَةَ اثْنَيْنِ، لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِالشَّهَادَةِ، كَالتَّقْوِيمِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قُرْحَةٍ هَلْ هِيَ جُذَامٌ؟ أَوْ فِي بَيَاضٍ هَلْ هُوَ بَرَصٌ؟ اُشْتُرِطَ فِيهِ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عَالِمَيْنِ بِالطِّبِّ. كَذَا جُزِمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ; فِي النِّكَاحِ
الثَّانِيَ عَشَرَ: فِي الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ الطَّبِيبِ، وَذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: فِي الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِمُرَاجَعَةِ أَهْلِ الطِّبِّ. قَالَ فِي الْبَيَانِ: إنْ قَالَ طَبِيبَانِ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ كُرِهَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَاشْتِرَاطُ طَبِيبَيْنِ ضَعِيفٌ، بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ، فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ.
ثَانِيهَا: اعْتِمَادُهُ فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَكْفِي قَوْلُ طَبِيبٍ وَاحِدٍ وَفِي وَجْهٍ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَفِي. ثَالِثٍ: يَجُوزُ اعْتِمَادُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ.
وَفِي رَابِعٍ: وَالْفَاسِقُ وَالْمُرَاهِقُ وَفِي خَامِسٍ: وَالْكَافِرُ.
ثَالِثُهَا: اعْتِمَادُهُ فِي كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا فِي الْوَصِيَّةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ. قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ الَّذِي فِي التَّيَمُّمِ هُنَا.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَذْهَبُ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ آدَمِيِّينَ