الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: تَوْكِيلُ مُعْسِرٍ مُوسِرًا فِي نِكَاحِ أَمَةٍ، يَجُوزُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ. وَمِنْهَا: تَوْكِيلُ شَخْصٍ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ وَنَحْوِهَا.
[بَابُ الْإِقْرَارِ]
ِ ضَابِطٌ:
قَالَ فِي الرَّوْنَقِ: الْإِقْرَارُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: لَا يُقْبَل بِحَالٍ، وَهُوَ إقْرَارُ الْمَجْنُونِ.
الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي حَالٍ وَيُقْبَلُ فِي ثَانِي حَالٍ، وَهُوَ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ.
الثَّالِثُ: لَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ إقْرَارُ الصَّبِيّ فِي الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فِي الْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ.
الرَّابِعُ: الصَّحِيحُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ.
قَاعِدَةٌ:
مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ، وَمَنْ لَا فَلَا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ: الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ لَا الْإِقْرَارَ بِهِ وَالرَّاهِنُ الْمُوسِرُ: يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْعِتْقِ، لَا الْإِقْرَارَ بِهِ.
وَمِنْ الثَّانِي: الْمَرْأَةُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى إنْشَائِهِ. وَالْمَرِيضُ: يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِبَةٍ، وَإِقْبَاضٌ لِلْوَارِثِ فِي الصِّحَّةِ، فِيمَا اخْتَارَهُ الرَّافِعِيُّ. وَالْإِنْسَانُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُرِقَّ نَفْسَهُ بِالْإِنْشَاءِ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ.
وَالْقَاضِي إذَا عُزِلَ، فَأَقَرَّ أَمِينٌ أَنَّهُ تَسَلَّمَ مِنْهُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَأَنَّهُ فُلَانٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ، قُبِلَ مِنْ الْقَاضِي وَلَمْ يُقْبَل مِنْ الْأَمِينِ. وَالْأَعْمَى: يُقِرُّ بِالْبَيْعِ وَلَا يُنْشِئَهُ، وَالْمُفْلِسُ كَذَلِكَ، وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ ; قُبِلَ وُرُودُ الْفَسْخِ، وَلَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ حِينَئِذٍ. وَلَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَبْدًا فِي وَفَاءِ دَيْنِ غَائِبٍ فَحَضَرَ، وَقَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتُهُ قُبِلَ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ حِينَئِذٍ.
قَاعِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ فِي اللَّطِيفِ: إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ مَقْبُولٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا فِي صُورَةٍ.
وَهِيَ: مَا إذَا أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوَارِثٍ، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَحِقَ بِمَنْ أَقَرُّوا عَلَيْهِ. قُلْت: قَدْ يُضَمُّ إلَيْهَا صُورَةٌ ثَانِيَة، وَهِيَ: مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ إقْرَارَ الْإِمَامِ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ نَافِذٌ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ عَلَى مَحْجُورِهِ.
وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِيَضُرَّ بِهِ غَيْرَهُ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي صُورَةٍ وَهِيَ: أَنْ يُقِرَّ الْعَبْدُ بِقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَيُقْبَلُ وَإِنْ ضَرَّ سَيِّدَهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ رَجَعَ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْت: يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّ الْأَبُ بِعَيْنٍ لِلِابْنِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ تَصْحِيحٌ.
قَاعِدَةٌ:
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فِي ذِمَّتِهِ، فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، قُبِلَ، إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي فِي ذِمَّة زَوْجِهَا وَإِذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ بِمَا خَالَعَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّةِ امْرَأَتِهِ. وَإِذَا أَقَرَّ بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ فِي بَدَنِهِ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْفُرُوقِ. هَذَا إذَا مَنَعْنَا بَيْعَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ، وَأَوْجَبْنَا رِضَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِمَا ذُكِرَ. وَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ بِهَا عَقِيبَ ثُبُوتِهَا، بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَاقِلٍ. قَالَ: لَكِنَّ سَائِرَ الدُّيُونِ أَيْضًا كَذَلِكَ، فَلَا يَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ.
قَاعِدَةٌ:
الْإِقْرَارُ: لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْشَاءِ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ مَحْضٌ يَدْخُلهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ. نَعَمْ: يُؤَاخَذُ ظَاهِرًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْكَذِبِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْ فُرُوعِهِ
إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، نَفَذَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، صَارَ إنْشَاءً حَتَّى يُحَرَّم عَلَيْهِ بَاطِنًا. وَمِنْهَا: اخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ، وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَادَّعَاهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، ثُمَّ أَطْلَقَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْإِنْشَاءِ
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ تَزَوَّجْت هَذِهِ الْأَمَةَ، وَأَنَا أَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ، فَفِي نَصِّهِ: أَنَّهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدُ، عَادَتْ بِطَلْقَتَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: هِيَ فِرْقَةُ فَسْخٍ لَا تُنْقِصُ الْعَدَدَ، وَمَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ.
وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَأَنْكَرَ، فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: لَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يُجْعَلُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَكَحْتُهَا وَأَنَا أَجِدُ طَوْلَ حُرَّةٍ ; لِأَنَّهُ هُنَاكَ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَى مَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَهُنَا لَمْ يُقِرَّ أَصْلًا. وَقِيلَ: بَلْ يَتَلَطَّفُ الْحَاكِمُ بِهِ، حَتَّى يَقُولَ: إنْ كُنْتَ نَكَحْتُهَا ; فَقَدْ طَلَّقْتُهَا. نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ، طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَقَالَتْ: بَلْ سَأَلْتُك ذَلِكَ وَطَلَّقَنِي وَاحِدَةً. فَلَكَ ثُلُثُ الْأَلْفِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ طَالَ وَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُهُ جَوَابًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِإِقْرَارِهِ. وَمِنْهَا: لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِمُفْسِدٍ: مِنْ إحْرَامٍ أَوْ عِدَّةٍ أَوْ رِدَّةٍ وَأَنْكَرَتْ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ. قَالَ أَصْحَابُ الْقَفَّالِ: وَهُوَ طَلْقَةٌ حَتَّى لَوْ نَكَحَهَا، عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَتَيْنِ.
قَاعِدَةٌ:
مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ: قُبِلَ إلَّا فِي صُوَرٍ: مِنْهَا: إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا زَوْجِيَّةً، فَقَالَتْ: زَوَّجَنِي الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِي، ثُمَّ صَدَّقَتْهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُقْبَلُ وَأَخَذَ بِهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يُقْبَلُ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ. وَمِنْهَا: لَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْل أَنْ تُرَاجِعَنِي ثُمَّ صَدَّقَتْهُ، فَفِي قَبُولِهِ قَوْلَانِ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ قَبِلْنَاهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ إلَّا حَيْثُ تَتَعَلَّقُ بِهِ شَهَادَةٌ كَشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ، وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَنَحْوِهِ، أَوْ دَعْوَى: كَوِلَادَةِ الْوَلَدِ الْمَجْهُولِ، وَاسْتِلْحَاقِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَسَيَأْتِي لِهَذَا تَتِمَّةٌ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ.