الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
قَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: لَيْسَ لَنَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إلَّا ابْتِدَاءَ السَّلَامِ. فَلَوْ لَقِيَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً فَسَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَفَى لِأَدَاءِ السُّنَّةِ، وَاسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِنْهَا: تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ. صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ.
وَمِنْهَا: التَّسْمِيَةُ عَلَى الْأَكْلِ، فَلَوْ سَمَّى وَاحِدٌ مِنْ الْآكِلِينَ أَجْزَأَ عَنْهُمْ. نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. وَمِنْهَا: الْأُضْحِيَّةُ إذَا ضَحَّى بِشَاةٍ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ تَأَدَّى الشِّعَارُ بِهَا وَالسُّنَّةُ عَنْ جَمِيعِهِمْ. وَمِنْهَا: مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِمَّا نُدِبَ إلَيْهِ. وَمِنْهَا: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سُنَّتَا عَيْنٍ، وَإِلَّا لَعُدَّتْ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ. وَالْعِيدُ، وَالْكُسُوفُ، وَالِاسْتِسْقَاءُ. وَمِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُعَدَّ مِنْهَا: مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعِلْمِ: أَنَّهُ مَنْدُوبٌ. وَتَلْقِينُ الْمَيِّت إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ.
[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ]
ِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: رُخَصُ السَّفَرِ: ثَمَانِيَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْفِطْرُ، وَالْمَسْحُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ، وَالتَّنَفُّلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَإِسْقَاطُ الْجُمُعَةِ، وَأَكْلُ الْمَيِّتِ، وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ أُخْرَى. وَهِيَ: عَدَمُ الْقَضَاءِ لِمَنْ سَافَرَ بِهَا مَعَهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى التَّخْفِيفَاتِ. وَنَزِيدُ هُنَا أَنَّ السَّفَرَ اُخْتُصَّ بِأُمُورٍ أُخْرَى غَيْرِ التَّخْفِيفَاتِ. مِنْهَا: عَدَمُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ، وَمِنْهَا: تَحْرِيمُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ إلَّا مَعَ زَوْجٍ، أَوْ مَحْرَمٍ، لِلْحَدِيثِ وَسَوَاءٌ السَّفَرُ الطَّوِيلُ، وَالْقَصِيرُ. كَمَا فِي شَرْح الْمُهَذَّبِ، وَالْمُبَاحُ، وَالْوَاجِبُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ
وَلَا التَّغْرِيبُ فِي الزِّنَا، إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَحْرَمُ مِنْ الْخُرُوجِ.
نَعَمْ: أُقِيمَ مَقَامَهَا فِي الْحَجِّ: النِّسْوَةُ الثِّقَاتُ. وَالتَّعْبِيرُ بِالثِّقَاتِ: يُخْرِجُ غَيْرَهُنَّ. وَبِالنِّسْوَةِ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ، فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ لِلْحَجِّ مَعَهَا، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا لِأَدَاءِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ:
إحْدَاهُمَا شَرْطُ وُجُوبِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
وَالثَّانِيَةُ: جَوَازُ الْخُرُوجِ لِأَدَائِهَا. وَقَدْ اشْتَبَهَتَا عَلَى كَثِيرٍ حَتَّى تَوَهَّمُوا اخْتِلَافَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي ذَلِكَ. وَلَيْسَ لَهَا أَنَّ تَخْرُجَ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْفَارِ الَّتِي لَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ وَلَا مَعَ النِّسْوَةِ الْخُلَّصِ عِنْد الْجُمْهُور.
وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ لَهَا الْهِجْرَةَ مِنْ بِلَاد الْكُفْرِ وَحْدَهَا، فَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِ الْقَاعِدَةِ. وَمِنْهَا: تَحْرِيمُهُ عَلَى الْوَلَدِ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ وَيُسْتَثْنَى السَّفَرُ لِحَجِّ الْفَرْضِ وَلِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَالتِّجَارَةِ وَمِنْهَا: تَحْرِيمُهُ عَلَى الْمَدْيُونِ، إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا. وَقِيلَ يُمْنَعُ فِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ سَفَرٍ مَخُوفٍ. وَمِنْهَا: وُجُوبُ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى مُرِيدِهِ مِنْ مَكَّةَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَسَوَاءٌ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ. وَمِنْهَا: جَوَازُ إيدَاعِ الْمُودَعِ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِهِ إذَا أَرَادَ سَفَرًا وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ.
ضَابِطٌ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فِي حُكْمِ الْبَعِيدِ، وَمَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، إلَّا فِي صُوَرٍ: الْأُولَى: نَقْلُ الزَّكَاةِ.
الثَّانِيَةُ: عَدَمُ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ.
الثَّالِثَةُ: إحْضَارُ الْمَكْفُولِ.
الرَّابِعَةُ: إذَا أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ سَفَرَ نُقْلَةٍ فَالْأَبُ أَوْلَى مُطْلَقًا.
فَائِدَةٌ: الْأَبْنِيَةُ تُعْتَبَرُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَرُخَصِ السَّفَرِ الثَّمَانِيَةِ، وَعَدَمِ تَحْرِيمِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ لِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَفِي بِيَعِ الْقَرْيَةِ، وَفِي حُكْمِ قَاضِي الْبَلَدِ.