الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَشْهَدُ لَهُ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، مَعَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ وَلِهَذَا أَيَّدَ الْإِمَامُ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْوُقُوعِ.
الرَّابِعَةُ يُعَبَّرُ عَنْ الْأَصْلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي فِي الْحَاضِرِ وَأَمَّا اسْتِصْحَابُ الْحَاضِرِ فِي الْمَاضِي فَهُوَ الِاسْتِصْحَابُ الْمَقْلُوبُ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَاهُ مُدَّعٍ وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ، فَإِنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى ثُبُوتِ الرُّجُوعِ لَهُ عَلَى الْبَائِع، بَلْ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَهَبَ، وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ لَلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ أَيْضًا، فَهَذَا اسْتِصْحَابُ الْحَالِ فِي الْمَاضِي فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُنْشِئُ الْمِلْكَ وَلَكِنْ تُظْهِرُهُ، وَالْمِلْكُ سَابِقٌ عَلَى إقَامَتِهَا، لَا بُدّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَانٍ لَطِيفٍ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُدَّعِي وَلَكِنَّهُمْ اسْتَصْحَبُوا مَقْلُوبًا، وَهُوَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَنْهُ فِيمَا مَضَى.
قَالَ ابْنُهُ تَاجُ الدِّينِ: وَقِيلَ بِهِ أَيْضًا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِيمَا إذَا وَجَدْنَا رِكَازًا، وَلَمْ نَدْرِ هَلْ هُوَ جَاهِلِيٌّ أَوْ إسْلَامِيٌّ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِأَنَّهُ جَاهِلِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا، وَهُوَ أَعْوَرُ مَثَلًا فَقَالَ الْغَاصِبُ: هَكَذَا غَصَبْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ فَهَذَا اسْتِصْحَابٌ مَقْلُوبٌ.
وَنَظِيرُهُ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: كَانَ طَعَامِي جَدِيدًا، وَقَالَ الْغَاصِبُ عَتِيقًا فَالْمُصَدَّقُ الْغَاصِبُ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ]
[أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا]
الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْمَشَقَّةُ: تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْله تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَالدَّيْلَمِيِّ، وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ، قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ " «أَيُّ الْإِسْلَامِ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «إنَّ أَحَبَّ الدِّينِ إلَى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» .
وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ «وَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» وَحَدِيثِ «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» .
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ - ثَلَاثًا» وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «إنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ» وَرَوَى ابْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ مَرْفُوعًا " «إنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْيُسْرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِمْ الْعُسْرَ» ".
وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها " «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ شَرَعَ الدِّينَ فَجَعَلَهُ سَهْلًا سَمْحًا وَاسِعًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ ضَيِّقًا» .
قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَمِيعُ رُخَصِ الشَّرْعِ وَتَخْفِيفَاتِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا سَبْعَةٌ:
الْأَوَّل: السَّفَرُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَرُخَصُهُ ثَمَانِيَةٌ مِنْهَا: مَا يَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ قَطْعًا وَهُوَ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ وَالْمَسْحُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَمِنْهَا: مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ قَطْعًا، وَهُوَ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ.
وَمِنْهَا: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِهِ وَهُوَ الْجَمْعُ.
وَمِنْهَا: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ عَدَم اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَهُوَ التَّنَفُّل عَلَى الدَّابَّةِ وَإِسْقَاطُ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ.
وَاسْتَدْرَكَ ابْنُ الْوَكِيلِ رُخْصَةً تَاسِعَةً، صَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ وَهِيَ: مَا إذَا كَانَ لَهُ نِسْوَةٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ، فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ. وَيَأْخُذُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ، وَلَا يَلْزَمهُ الْقَضَاءُ لِضَرَّاتِهَا إذَا رَجَعَ. وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالطَّوِيلِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا.
الثَّانِي: الْمَرَضُ.
وَرُخَصُهُ كَثِيرَةٌ، التَّيَمُّمُ عِنْدَ مَشَقَّةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ أَوْ يَغْسِلُ أَعْضَاءَهُ، وَالْقُعُودُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ. وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالِاضْطِجَاعُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِيمَاءُ وَالْجَمْعُ بَيْن الصَّلَاتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَنُقِلَ عَنْ النَّصّ، وَصَحَّ فِيهِ الْحَدِيثُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ مَعَ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ وَتَرْكُ الصَّوْمِ لِلشَّيْخِ الْهَرِمِ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَالِانْتِقَالُ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ وَعَدَمُ قَطْع التَّتَابُعِ الْمَشْرُوطِ فِي الِاعْتِكَافِ، وَالِاسْتِنَابَةُ فِي الْحَجِّ وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ ; وَإِبَاحَةُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَالتَّحَلُّلُ عَلَى وَجْهٍ.
فَإِنْ شَرَطَهُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ، وَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ وَبِالْخَمْرِ عَلَى وَجْهٍ، وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِهَا إذَا غَصَّ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِبَاحَةُ النَّظَرِ حَتَّى لِلْعَوْرَةِ وَالسَّوْأَتَيْنِ.
الثَّالِثُ: الْإِكْرَاهُ.
الرَّابِعُ: النِّسْيَانُ
الْخَامِسُ: الْجَهْلُ وَسَيَأْتِي لَهَا مَبَاحِثُ.
السَّادِسُ: الْعُسْرُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى.
كَالصَّلَاةِ مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا، كَدَمِ الْقُرُوحِ وَالدَّمَامِلِ وَالْبَرَاغِيثِ، وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، وَقَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ وَطِينِ الشَّارِعِ، وَأَثَرِ نَجَاسَةٍ عَسِرَ زَوَالُهُ، وَذَرْقُ الطُّيُورِ إذَا عَمَّ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَطَافِ وَمَا يُصِيبُ الْحَبَّ فِي الدَّوْسِ مِنْ رَوْثِ الْبَقَرِ وَبَوْلِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَرِيقُ النَّائِمِ، وَفَمُ الْهِرَّةِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَا يَتَعَدَّى إلَى حَيَوَانٍ لَا يَعُمُّ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّاسِ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَأَفْوَاهُ الصِّبْيَانِ.
وَغُبَارُ السِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ وَقَلِيلُ الدُّخَانِ أَوْ الشَّعْرِ النَّجِسِ، وَمَنْفَذُ الْحَيَوَانِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَا يُعْفَى عَنْ مَنْفَذِ الْآدَمِيّ، لِإِمْكَانِ صَوْنِهِ عَنْ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ، وَرَوْثِ مَا نَشْؤُهُ فِي الْمَاءِ وَالْمَائِع، وَمَا فِي جَوْفِ السَّمَكِ الصِّغَارِ عَلَى وَجْهٍ اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ.
وَمِنْ ذَلِكَ: مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ وَإِبَاحَةُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْبُنْيَانِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ لِلصَّبِيِّ الْمُحْدِثِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَا يُبَاحُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّمًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِمْ، وَجَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَة لِمَشَقَّةِ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ، وَمَسْح الْخُفِّ فِي الْحَضَرِ لِمَشَقَّةِ نَزْعِهِ فِي كُلّ وُضُوءٍ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ نَزْعُهُ فِي الْغُسْلِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ.
وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ، وَلَا يَضُرّهُ التَّغْيِيرُ بِالْمُكْثِ وَالطِّينُ وَالطُّحْلُبُ وَكُلّ مَا يَعْسُر صَوْنُهُ عَنْهُ، وَإِبَاحَةُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَإِبَاحَةُ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَضَرِ عَلَى وَجْهٍ، وَإِبَاحَةُ الْقُعُودِ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَكَذَا الِاضْطِجَاعُ وَالْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَمِنْ ثَمَّ لَا إبْرَادَ بِالْجُمُعَةِ لِاسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ إلَيْهَا.
وَالْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ وَتَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ بِالْأَعْذَارِ الْمَعْرُوفَةِ وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَمَالِ الْغَيْرِ مَعَ ضَمَانِ الْبَدَلِ إذَا اُضْطُرَّ، وَأَكْلُ الْوَلِيّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إذَا احْتَاجَ وَجَوَازُ تَقْدِيمِ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى أَوَّلِهِ، وَنِيَّةُ صَوْمِ النَّفْلِ بِالنَّهَارِ، وَإِبَاحَةُ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ بِالْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ، وَلُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ وَالْقِتَالِ وَبَيْعُ نَحْوِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ فِي قِشْرَةٍ وَالْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ السَّلَمُ، مَعَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ وَأُنْمُوذَجُ الْمُتَمَاثِلِ، وَبَارِزُ الدَّارِ عَنْ أُسِّهَا.
وَمَشْرُوعِيَّةُ الْخِيَارِ لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ يَقَعُ غَالِبًا مِنْ غَيْرِ تَرَوٍّ وَيَحْصُلُ فِيهِ النَّدَمُ فَيَشُقُّ عَلَى الْعَاقِدِ، فَسَهَّلَ الشَّارِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِجَوَازِ الْفَسْخِ فِي مَجْلِسِهِ
وَشَرَعَ لَهُ أَيْضًا شَرْطَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ; وَالتَّحَالُفُ، وَالْإِقَالَةُ وَالْحَوَالَةُ، وَالرَّهْنُ، وَالضَّمَانُ وَالْإِبْرَاءُ، وَالْقَرْضُ، وَالشَّرِكَةُ، وَالصُّلْحُ، وَالْحَجْرُ، وَالْوَكَالَةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْمُسَاقَاةُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْقِرَاضُ، وَالْعَارِيَّةُ، الْوَدِيعَةُ لِلْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ فِي أَنَّ كُلّ أَحَدٍ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِمَا هُوَ مِلْكُهُ، وَلَا يَسْتَوْفِي إلَّا مِمَّنْ عَلَيْهِ حَقُّهُ، وَلَا يَأْخُذهُ إلَّا بِكَمَالِهِ، وَلَا يَتَعَاطَى أُمُورَهُ إلَّا بِنَفْسِهِ ; فَسَهَّلَ الْأَمْرَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْر، بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ أَوْ الْقِرَاضِ، وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِالْغَيْرِ وَكَالَةً، وَإِيدَاعًا، وَشَرِكَةً وَقِرَاضًا وَمُسَاقَاةً، وَبِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ الْمَدْيُونِ حَوَالَةً، وَبِالتَّوَثُّقِ عَلَى الدَّيْن بِرَهْنٍ وَضَامِنٍ وَكَفِيلٍ وَحَجْرٍ، وَبِإِسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ صُلْحًا، أَوْ كُلِّهِ إبْرَاءً.
وَمِنْ التَّخْفِيفِ: جَوَازُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ ; لِأَنَّ لُزُومَهَا يَشُقُّ، وَيَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ تَعَاطِيهَا وَلُزُومُ اللَّازِمِ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرّ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ.
وَمِنْهُ: إبَاحَةُ النَّظَرِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ، وَلِلتَّعْلِيمِ، وَالْإِشْهَادِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَالَجَةِ وَلِلسَّيِّدِ وَمِنْهُ: جَوَازُ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ، لِمَا فِي اشْتِرَاطِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا يَحْتَمِلُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي بَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ مِنْ نَظَرِ كُلِّ خَاطِبٍ فَنَاسَبَ التَّيْسِيرُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الرُّؤْيَةِ فِيهِ لَا يُفْضِي إلَى عُسْر وَمَشَقَّة.
وَمِنْهُ: إبَاحَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى وَاحِدَةٍ تَيْسِيرًا عَلَى الرِّجَالِ وَعَلَى النِّسَاءِ أَيْضًا لِكَثْرَتِهِنَّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ.
وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الطَّلَاقِ، لِمَا فِي الْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الْمَشَقَّة عِنْدَ التَّنَافُرِ، وَكَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْعِ وَالِافْتِدَاءِ وَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ، وَالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ لَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ غَالِبًا بَغْتَةً فِي الْخِصَامِ وَالْجَرْح وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الْتِزَامُهُ فَشُرِعَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ: وَلَمْ تُشْرَعْ دَائِمًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا قُصِدَ إضْرَارُهَا بِالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ.
وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ فِي الْمُولِي.
وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لِمَا فِي الْتِزَامِ مُوجِب ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ النَّدَمِ.
وَكَذَا مَشْرُوعِيَّةُ التَّخْيِيرِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ لِنُدْرَةِ وُقُوعِهَا ; وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الزَّجْرُ عَنْهَا.
وَمَشْرُوعِيَّةُ التَّخْيِيرِ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ: بَيْن مَا اُلْتُزِمَ وَالْكَفَّارَةِ لِمَا فِي الِالْتِزَام بِالنُّذُورِ لَجَاجًا مِنْ الْمَشَقَّةِ.
وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ التَّخْيِير بَيْن الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ تَيْسِيرًا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْجَانِي وَالْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي شَرْعِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْقِصَاصُ مُتَحَتِّمًا وَلَا دِيَةَ.