الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: فَإِنْ قُلْت: لَوْ قَالَ: لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْتُهُ إلَى الْقَاضِي فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْقَاضِي، بَلْ قَاضِي تِلْكَ الْبَلَدِ مَنْ كَانَ حَالَةَ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَهَا.
قُلْت: نَعَمْ. وَكَذَا أَقُولُ: لَا يَتَعَيَّنُ قَاضِي حَالَةَ الْوَقْفِ، بَلْ هُوَ أَوْ مَنْ تَوَلَّى مَكَانَهُ وَالثَّلَاثَةُ لَمْ يُوَلَّوْا مَكَانَهُ.
قَالَ: فَإِنْ قُلْت: لَوْ كَانَ حَالَ الْيَمِينِ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ، بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَقِيَاسُهُ إذًا شَرْطُ النَّظَرِ لِلْقَاضِي، وَهُنَاكَ قَاضِيَانِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِ.
قُلْت: الْمَقْصُودُ فِي الْيَمِينِ: الرَّفْعُ إلَى مَنْ يُغَيِّر الْمُنْكَرَ، وَكِلَاهُمَا يُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ فَكُلُّ مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِهِ الْغَرَضُ، وَالْمَقْصُودُ بِاشْتِرَاطِ النَّظَر فِعْل مَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَالِاشْتِرَاكِ يُؤَدِّي إلَى الْمَفْسَدَةِ بِاخْتِلَافِ الْآرَاءِ، فَوَجَبَ الصَّرْفُ إلَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ.
قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ وَقْفُ بَلَدٍ عَلَى الْحَرَمِ وَشَرَطَ النَّظَرَ فِيهِ لِلْقَاضِي وَأَطْلَقَ فَفِيهِ احْتِمَالَاتٌ: -
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَاضِي الْحَرَم.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَاضِي الْبَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ قَالَ: وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ يُشْبِهَانِ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ كَانَ الْيَتِيمُ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ: أَنَّ النَّظَرَ لِقَاضِي بَلَدِ الْيَتِيمِ، وَعِنْدَ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لِقَاضِي بَلَدِ الْمَالِ فَعَلَى مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَكُونُ لِقَاضِي الْحَرَمِ.
وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِقَاضِي بَلَدِ السُّلْطَانِ، كَمَا فِي الْيَمِينِ.
فَعَلَى هَذَا: هَلْ يَكُونُ قَاضِي بَلَدِ السُّلْطَانِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِصْرُ، أَوْ قَاضِي الْبَلَدِ الَّتِي كَانَ السُّلْطَانُ بِهَا حِين الْوَقْفِ.
قَالَ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِقَاضِي الْبَلَدِ الْمَوْقُوفَةِ ; لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَصَالِحِهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَصَدَهُ وَبِهِ تَحْصُلُ الْمَصْلَحَةُ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ حِينَ الْوَقْفِ فِيهَا.
قُلْت: الظَّاهِرُ احْتِمَالٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِقَاضِي الْبَلَدِ الَّتِي جَرَى الْوَقْفُ بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ السُّبْكِيّ بِبَلَدِ السُّلْطَانِ بِقَرِينَةِ تَشْبِيهِهِ بِمَسْأَلَةِ الْيَتِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ: كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا بِلَا ضَابِطٍ لَهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ اللُّغَةِ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ]
الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ قَالَ الْفُقَهَاءُ: كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا، وَلَا ضَابِطَ لَهُ فِيهِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.
وَمَثَّلُوهُ بِالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ، وَالتَّفَرُّقِ فِي الْبَيْعِ، وَالْقَبْضِ وَوَقْتِ الْحَيْضِ وَقَدْرِهِ وَالْإِحْيَاءِ وَالِاسْتِيلَاءِ فِي الْغَصْبِ، وَالِاكْتِفَاءِ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ، بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالُوا فِي الْأَيْمَانِ: أَنَّهَا تُبْنَى أَوَّلًا عَلَى اللُّغَةِ، ثُمَّ عَلَى الْعُرْفِ.
وَخَرَجُوا عَنْ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ لَمْ يَعْتَبِرُوا فِيهَا الْعُرْفَ، مَعَ أَنَّهَا لَا ضَابِطَ لَهَا فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ.
مِنْهَا: الْمُعَاطَاةُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا، وَلَوْ اُعْتِيدَتْ لَا جَرَمَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ: الْمُخْتَارُ الرَّاجِحُ دَلِيلًا الصِّحَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحّ فِي الشَّرْعِ اعْتِبَارَ لَفْظٍ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ.
وَمِنْهَا: مَسْأَلَةُ اسْتِصْنَاعِ الصُّنَّاعِ الْجَارِيَةِ عَادَتُهُمْ بِالْعَمَلِ بِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا، إذَا لَمْ يَشْرُطُوهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أَنْ يَدْفَع ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ أَوْ قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ جَلَسَ بَيْن يَدَيَّ حَلَّاقٍ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ دَلَّاكٍ فَدَلَكَهُ، أَوْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنٍ وَسَارَ إلَى السَّاحِلِ. وَأَمَّا دُخُولُ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ قَطْعًا لِأَنَّ الدَّاخِلَ مُسْتَوْفٍ مَنْفَعَةِ الْحَمَّام بِسُكُوتِهِ، وَهُنَا صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ صَرَفَهَا.
وَمِنْهَا: لَمْ يَرْجِعُوا فِي ضَبْطِ مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ وَخِفَّةِ الشَّعْرِ وَكَثَافَتِهِ، لِلْعُرْفِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا فِي ضَابِطِ التَّحْذِيرِ.
فَرْعٌ:
سُئِلَ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْيَهُودِيِّ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً مَا حُكْمُ السُّبُوتِ الَّتِي تَتَخَلَّلهَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا فَإِنْ اسْتَثْنَاهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ عَنْ الْعَقْدِ، فَأَجَابَ: إذَا اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ كَانَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ كَالتَّصْرِيحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، كَاسْتِثْنَاءِ اللَّيْلِ فِي عَمَلٍ لَا يُتَوَلَّى إلَّا بِالنَّهَارِ.
وَحُكْمُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْإِجَارَةَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ مُصَرِّحًا بِالْإِضَافَةِ إلَى أَوَّلِ الْغَدِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْعَمَل كَمَا لَوْ أَجَّرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَفِي وَقْتٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْمُبَادَرَةُ إلَى زَرْعهَا أَوْ أَجَّرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِالْأَمْتِعَةِ، لَا تُفَرَّغُ إلَّا فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، انْتَهَى.
وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَلَمْ يَنْقُلَاهُ عَنْ غَيْرِهِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مُسْلِمٌ بَلْ يُنْظَرُ فِيهِ.
قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيِّ فَقَالَ: يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِشَرْعِنَا فِي ذَلِكَ، فَذُكِرَ لَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى بِالْعُرْفِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ مَتِينٌ وَقَوِيمٌ وَفِيهِ فَوَائِدَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْل أَبِي بَكْرٍ الشَّامِيُّ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا، لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُرْفِ فِي أَوْقَاتِ الرَّاحَةِ، وَنَحْوِهَا.
قَالَ: وَقَوْلُهُ إذَا اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَل عَلَى عُرْفِ الْمُسْتَأْجِر وَالْمُؤَجِّر جَمِيعًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُسْلِمًا أَمْ لَا، فَلَوْ كَانَ عُرْفُ الْيَهُودِ مُطَّرِدًا بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْمُسْلِمَ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُ الْعَقْدِ فِي حَقّه مُنَزَّلًا مَنْزِلَة الِاسْتِثْنَاءِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ حَالِهِ مَا يَقْتَضِي مَعْرِفَتَهُ بِذَلِكَ الْعُرْفِ. وَحِينَئِذٍ هَلْ يَقُولُ الْعَقْدُ بَاطِلٌ، أَوْ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ يُلْزِمُ الْيَهُودِيَّ بِالْعَمَلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ ; لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ مُفَرِّطٌ بِالْإِطْلَاقِ مَعَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُرْفِ قَالَ: وَإِذَا اقْتَضَى الْحَالُ اسْتِثْنَاءَهَا، وَأَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَأَتَى عَلَيْهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ يَوْمَ سَبْتٍ، وَجَبَ الْعَمَلُ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ ; فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَرَى فِي الْإِجَارَة خِلَافٌ، كَإِجَارَةِ الْعَقِبِ وَلَجَازَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ يَوْم السَّبْتِ لِآخَرَ، وَتَجْوِيزُ ذَلِكَ بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْعَيْنِ لِشَخْصَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ فِي مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ.
وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ يَأْبَاهُ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا وَرَدَ عَقْدٌ عَلَى عَيْنٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا مِثْلَهُ. وَهَكَذَا نَقُولُ فِي اسْتِثْنَاءِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مُتَخَلَّلَةٌ بَيْن أَزْمَانِ الْإِجَارَةِ، كَإِجَارَةِ الْعَقِبِ، بَلْ يَقُولُ فِي كُلِّ ذَلِكَ إنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمُدَّةِ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، مَمْلُوكَةٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمَعَ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَوْفِيرُهُ مِنْ الْعَمَلِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، كَمَا أَنَّ السَّيِّدَ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَةُ عَبْدِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ تَوْفِيرُهُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالرَّاحَةِ بِاللَّيْلِ وَنَحْوِهَا.
فَهَذَا هُوَ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، لَا مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. وَإِنْ شِئْت قُلْت: مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَمْلُوكِ، لَا مِنْ الْمِلْكِ ; وَإِنْ شِئْت قُلْت: الْعَقْدُ مُقْتَضٍ لِاسْتِحْقَاقِهَا، وَلَكِنْ مَنَعَ مَانِعٌ فَاسْتَثْنَاهَا.
وَحِينَئِذٍ فَالسُّبُوتُ دَاخِلَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَمَلَكَ الْمُسْتَأْجِرِ مَنْفَعَتُهُ فِيهَا وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِيفَاءُ لِأَمْرٍ عُرْفِيّ مَشْرُوطٍ بِبَقَاءِ الْيَهُودِيَّةِ، فَإِذَا أَسْلَمَ لَمْ يَبْقَ مَانِعٌ وَالِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتٌ لِعُمُومِ الْعَقْدِ فَيَسْتَوْفِيهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا وَيَزُولُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْتَأْجِرِ لِاسْتِيفَائِهَا بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِالْعَقْدِ، كَمَا لَمْ يَسْتَحِقُّ اسْتِيفَاءَهَا فِي اسْتِئْجَار الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ اسْتِحْقَاقُ صَرْفِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ إلَى الْعَمَلِ ; لِعَدَمِ الْمَانِع مِنْ اسْتِيفَائِهَا مَعَ اسْتِحْقَاقهَا.
وَنَظِيرُهُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِعَمَلٍ مُدَّة فَحَاضَتْ فِي بَعْضِهَا، فَأَوْقَاتُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ وَفِي غَيْرِهِ مُسْتَثْنَاةٌ وَلَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى حَالِ الْعَقْدِ بَلْ حَالِ الِاسْتِيفَاءِ وَهَكَذَا اكْتِرَاءُ الْإِبِلِ إلَى الْحَجّ وَسَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعَادَةِ وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادَة فَلَوْ اُتُّفِقَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَغْيِيرُ الْعَادَةِ وَسَارَ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ مَا كَانُوا يَسِيرُونَ فِيمَا لَا يَضُرُّ بِالْأَجِيرِ