الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهَا، بَلْ يُعْدَلُ إلَى قِيمَتِهَا، كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا خِلَافُ الْغَاصِبِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ، أَنَّ تَعَدِّيَ الْقَاتِلِ، إنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ، وَلَيْسَتْ الدِّيَةُ مِثْلَ مَا أَتْلَفَ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْغَصْبِ، فَإِنَّ الْمِثْلِيَّ مِثْلُ مَا تَعَدَّى فِيهِ، فَأَتْلَفَهُ.
قَالَ: فَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً، فَيُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، كَالتَّيَمُّمِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. وَمِنْ نَظَائِرِ هَذِهِ الْفُرُوعِ لَوْ طَلَبَ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، لَمْ يَجِبْ اسْتِئْجَارُهُ ; جَزَمُوا بِهِ. وَمِنْهَا: لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا حُرَّةً، تَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا. جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَوَافَقَهُ آخَرُونَ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ: إنْ كَانَتْ زِيَادَةً يُعَدُّ بَذْلُهَا إسْرَافًا: حَلَّتْ الْأَمَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ: بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ، وَبِأَنَّ هَذَا النَّاكِحَ لَا يُعَدُّ مَغْبُونًا، وَتُشْبِهُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ.
[مَا يَجِبُ نَقْلُهُ وَمَا لَا يَجِبُ]
وَتُشْبِه هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَا يَجِبُ نَقْلُهُ، وَمَا لَا يَجِبُ وَفِيهِ فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: الْمُسْلَمُ فِيهِ. يَجِبُ نَقْلُهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا. وَفِي ضَبْطِ الْقُرْبِ خِلَافٌ. الْأَصَحُّ: يَجِبُ نَقْلُهُ مِمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالثَّانِي: مِنْ مَسَافَةٍ، لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا بُكْرَةً أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا. هَذَا فِي مَحِلِّ يَجِبُ التَّسْلِيمُ، فَلَوْ طُولِبَ فِي غَيْرِهِ، فَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَالْمَنْعُ إنْ كَانَ.
الثَّانِي: الْقَرْضُ، وَهُوَ كَالسَّلَمِ فِيمَا ذُكِرَ.
الثَّالِثُ: الْغَصْبُ، وَهُوَ كَالسَّلَمِ أَيْضًا، فَيَجِبُ نَقْلُهُ مِمَّا يَنْقُلُ مِنْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَلَوْ طُولِبَ بِالْمِثْلِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْإِتْلَافِ، كُلِّفَ نَقْلَهُ. إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا فَلَا. عَلَى الْأَصَحِّ.
الرَّابِعُ: الْمُتْلَفُ بِلَا غَصْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
الْخَامِسُ: إبِلُ الدِّيَةِ، يَجِبُ نَقْلُهَا إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ، لَا إنْ بَعُدَتْ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ زَادَتْ مُؤْنَةُ إحْضَارِهَا مَعَ الْقِيمَةِ عَلَى قِيمَتِهَا فِي مَوْضِعِ الْغُرَّةِ: لَمْ يَلْزَمْ نَقْلُهَا، وَإِلَّا لَزِمَ. وَضَبَطَهُ الْمُتَوَلِّي: بِالْحَدِّ الْمُعْتَبَرِ فِي السَّلَمِ، وَهُوَ مَعْنَى ضَبْطِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. فَإِنَّهُ الْأَصَحُّ فِيهِ، كَمَا سَبَقَ، فَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْفُرُوعَ الْخَمْسَةَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.
فَرْعٌ " لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: لَا آخُذُ الْقِيمَةِ، بَلْ أَنْتَظِرُ وُجُودَ الْمِثْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ "، نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ. كَذَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ، فِي أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، هَلْ يُجْبَرُ؟ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ. انْتَهَى.
وَنَظِيرُهُ فِي السَّلَمِ: لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: اصْبِرْ حَتَّى يُوجَدَ، وَإِلَّا افْسَخْ، أُجِيبَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي الْقَرْضِ كَذَلِكَ.
وَفِي الدِّيَةِ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ إعْوَازِ الْإِبِلِ: لَا أُطَالِبُ الْآنَ بِشَيْءٍ وَأَصْبِرُ إلَى أَنْ تُوجَدَ. قَالَ الْإِمَامُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ إلَيْهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْإِبِلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ، لِمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَلِّفَهُ قَبْضَ مَا عَلَيْهِ ; لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ، فَالْفُرُوعُ الْخَمْسَةُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
فَرْعٌ آخَرُ:
قَالَ الْإِمَامُ: لَمْ يَصِرْ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ وُجِدَتْ الْإِبِلُ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ، وَيَرْجِعُ إلَى الْإِبِلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْمِثْلِ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ لِإِعْوَازِ الْمِثْلِ ; ثُمَّ وُجِدَ، فَفِي الرُّجُوعِ إلَى الْمِثْلِ خِلَافٌ. وَالْأَصَحُّ فِيهِمَا أَيْضًا، عَدَمُ الرُّجُوعِ. وَفِي الْقَرْضِ: إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ فِي بَلَدٍ، لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا أَدَاءُ الْمِثْلِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَانِهِ، لَا رُجُوعَ أَيْضًا، عَلَى الْأَصَحِّ.
وَكَذَا فِي السَّلَمِ إنْ قُلْنَا بِأَخْذِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.