الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَهْرِ، فَالْعَقْدُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الذِّمَّةِ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، لَا بِمُسَمَّى غَيْرُهُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ.
وَإِنْ أَذِنَ فِي عَيْنٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ مَهْر الْمِثْل فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ فِي الزَّائِدِ. وَفِي الْبَاقِي خِلَافٌ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، أَوْ هُوَ كَبَيْعِهِ بِالْإِذْنِ عَيْنًا مِنْ مَالِهِ.
قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِقَوْلِهِ: انْكِحْ فُلَانَةِ، وَأَصْدِقْهَا مِنْ هَذَا الْمَالِ، فَأَصْدَقَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، لَكِنْ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي إذْنه فِي الْبَيْعِ.
قَالَ: وَقَدْ تُصَوِّرَ بِمَا إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْمَهْرِ، وَعَقَدَ عَلَى زَائِدٍ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَعِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ: يُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَعِنْدَ غَيْرِهِ: يَصِحُّ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِمَّا سُمِّيَ. انْتَهَى.
السَّابِعُ: أَنْ يُورِدَ عَلَى الْجُمْلَةِ لِيُخْرِج مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ قَطْعًا، وَلَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْتُ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ، فَالضَّمَانُ فِي الْغَدِ، وَمَا بَعْدَهُ فَاسِدٌ، وَهَلْ يَصِحُّ فِي يَوْمِ الضَّمَانِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَة الْإِجَارَةِ.
الثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُومُ إلَى الْجَائِز يَقْبَلُ الْعَقْد فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي وَابْنِي، أَوْ وَفَرَسِي: صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْمَضْمُومَ لَا يَقْبَلُ النِّكَاحَ، فَلَغَا. وَقِيلَ: بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ.
تَنْبِيهٌ:
كَمَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ فِي الْمُثَمَّنِ تُفَرَّقُ فِي الثَّمَنِ وَمِثَالُهُ: مَا قَالُوهُ فِي الشُّفْعَةِ: لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْمُسَمَّى مُسْتَحِقًّا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ.
[فَصْلٌ: اجْتَمَعَ فِي الْعِبَادَةِ جَانِبُ الْحَضَرِ وَجَانِبُ السَّفَرِ]
فَصْلٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا: قَاعِدَةُ " إذَا اجْتَمَعَ فِي الْعِبَادَةِ جَانِبُ الْحَضَرِ، وَجَانِبُ السَّفَرِ غَلَبَ جَانِبُ الْحَضَرِ " لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ، وَالْمُحَرِّمُ فَغَلَبَ الْمُحَرِّمُ.
فَلَوْ مَسَحَ حَضَرًا، ثُمَّ سَافَرَ، أَوْ عَكَسَ. أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ.
وَلَوْ مَسَحَ إحْدَى الْخُفَّيْنِ حَضَرًا، وَالْأُخْرَى سَفَرًا، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْد النَّوَوِيِّ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ.
وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا، فَبَلَغَتْ سَفِينَتُهُ دَار إقَامَتِهِ أَتَمَّ.
وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي دَارِ الْإِقَامَةِ، فَسَافَرَتْ سَفِينَتُهُ، فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ.
وَاسْتَشْكَلَ تَصْوِيرُهُ ; لِأَنَّ الْقَصْرَ شَرْطُهُ النِّيَّةُ فِي الْإِحْرَام. وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّتِهِ فِي الْإِقَامَةِ فَامْتِنَاعُ الْقَصْرِ إذَا سَافَرَ أَثْنَاءَهَا، لِفَقْدِ نِيَّتِهِ، لَا لِتَغْلِيبِ حُكْمِ الْحَضَرِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّا نُعَلِّلَ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ بِعِلَّتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: اجْتِمَاعُ حُكْمِ الْحَضَرِ، وَالسَّفَرِ وَالْأُخْرَى: فَقْدُ نِيَّةِ الْقَصْر.
وَلَوْ قَضَى فَائِتَةَ سَفَرٍ فِي الْحَضَرِ، أَوْ عَكْسَهُ: امْتَنَعَ الْقَصْرُ.
وَلَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْإِقَامَةِ، فَسَافَرَ أَثْنَاءَ النَّهَارِ، أَوْ فِي السَّفَرِ، فَأَقَامَ أَثْنَاءَهُ: حُرِّمَ الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَلَوْ ابْتَدَأَ النَّافِلَةَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ فَأَرَادَ تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ: لَمْ يَجُزْ لَهُ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
وَلَوْ أَقَامَ بَيْن الصَّلَاتَيْنِ: بَطَلَ الْجَمْعُ، أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ: صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً.
وَلَوْ شَرَعَ الْمُسَافِرُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ، فَرَأَى الْمَاءَ: لَمْ تَبْطُلْ، فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَهُ بَطَلَتْ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ، وَلَمْ يَرَ مَاءً: أَتَمّهَا. وَهَلْ تَجِبُ الْإِعَادَةُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدهمَا: نَعَمْ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا، وَالْمُقِيمُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَالثَّانِي: لَا وَبِهِ قَطَعَ الرُّويَانِيّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ.
قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ اتَّصَلَتْ السَّفِينَةُ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا بِدَارَ الْإِقَامَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ لَمْ تَبْطُلْ. وَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ. نَقَلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَأَقَرَّهُ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ. يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ الْقَاعِدَةِ.
فَرْعٌ:
وَلَدْتُهُ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَوْ أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ فِي سَفِينَةٍ بِدَارِ الْإِقَامَةِ عَلَى الشَّطِّ ; بِأَنْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ إلَيْهِ، فَصَلَّى مَعَ الْإِمَام رَكْعَة، ثُمَّ نَوَى الْمُفَارَقَة جَازَ وَصَحَّ إتْمَامُهُ الْجُمُعَة.
فَلَوْ سَارَتْ السَّفِينَةُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَفَارَقَتْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتِمَّ الْجُمُعَةَ ; لِأَنَّهُ أَدْرَكَهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَنْقَلِبَ ظُهْرًا ; لِأَنَّ الْجُمُعَةَ شَرْطُهَا دَارُ الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا فَارَقَهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِي أَثْنَائِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ طَرَأَ مَانِعٌ مِنْ إتْمَامِهَا جُمُعَة وَالْوَقْتُ بَاقٍ. وَفَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ عَاصٍ بِمُفَارَقَتِهِ بَلَدَ الْجُمُعَةِ قَبْل انْقِضَائِهَا، وَمُتَمَكِّنٌ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا لِإِدْرَاكِهَا، وَمَنْ