الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: الْمَرْأَةُ فِي الْعَوْرَةِ. لَهَا أَحْوَالٌ: حَالَةٌ مَعَ الزَّوْجِ، وَلَا عَوْرَةَ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْفَرْجِ وَجْهٌ.
وَحَالَةٌ مَعَ الْأَجَانِبِ، وَعَوْرَتُهَا: كُلُّ الْبَدَنِ، حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فِي الْأَصَحِّ. وَحَالَةٌ مَعَ الْمَحَارِمِ وَالنِّسَاءِ، وَعَوْرَتُهَا: مَا بَيْن السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَحَالَةٌ فِي الصَّلَاة، وَعَوْرَتُهَا: كُلُّ الْبَدَنِ، إلَّا الْوَجْهُ وَالْكَفَّيْنِ. وَصَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ: بِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ سَتْرُهُ مِنْهَا فِي الْخَلْوَةِ: هِيَ الْعَوْرَةُ الصُّغْرَى، وَهُوَ الْمَسْتُورُ مِنْ عَوْرَةِ الرَّجُلِ. وَمِنْهَا: الْمَجْزُومُ بِهِ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ: " «إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نَابَهَا شَيْءٌ فِي صَلَاتِهَا تُصَفِّقُ. وَلَا تُسَبِّحُ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ صَحَّحُوا أَنَّهَا تَجْهَرُ فِي الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ زَوْجٍ، أَوْ مُحْرِمٍ، أَوْ نِسْوَةٍ أَوْ وَحْدَهَا: وَقِيَاسُ ذَلِكَ: أَنْ تُسَبِّحَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ. كَالرَّجُلِ. وَيُحْمَل الْحَدِيثُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الصَّلَاةِ أَلْيَقُ مِنْ الْفِعْلِ، خُصُوصًا التَّصْفِيقُ. وَمِنْهَا: هَلْ يُحَرَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ تَعْزِيَةِ الشَّابَّةِ؟ لَا تَصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الرَّافِعِيِّ، وَالنَّوَوِيِّ، وَابْنِ الرِّفْعَةِ. وَذَكَرَ أَبُو الْفُتُوحِ فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى: أَنَّ الْمَحَارِمَ يُعَزُّونَهَا، وَغَيْرَ الْمَحَارِمِ يُعَزُّونَ الْعَجُوزَ دُونَ الشَّابَّةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ التَّحْرِيمُ.
وَمِنْهَا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَة نَبِيَّةً؟ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ. وَمِمَّنْ قِيلَ بِنُبُوَّتِهَا: مَرْيَم. قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ: وَيَشْهَدُ لِنُبُوَّتِهَا ذِكْرُهَا فِي سُورَةِ مَرْيَمَ، مَعَ الْأَنْبِيَاءِ. وَهُوَ قَرِينَةٌ. قَالَ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّةِ نِسْوَةٍ غَيْرِ مَرْيَمَ، كَأُمِّ مُوسَى، وَآسِيَةَ، وَحَوَّاءَ، وَسَارَةَ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ انْتَهَى.
[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى]
قَالَ الْأَصْحَابُ: الْأَصْلُ فِي الْخُنْثَى بِمَا رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ - فِي مَوْلُودٍ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ، وَمَا لِلنِّسَاءِ -:«يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَكِنْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَغَيْرِهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ
قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ عَدُوَّنَا يَسْأَلنَا عَمَّا نَزَلَ بِهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ: إنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَيَّ يَسْأَلُنِي عَنْ الْخُنْثَى، فَكَتَبْت إلَيْهِ: أَنْ يُوَرِّثَهُ مِنْ قِبَلِ مَبَالِهِ ".
قَالَ النَّوَوِيُّ: الْخُنْثَى ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ لَهُ فَرْجُ الْمَرْأَةِ، وَذَكَرُ الرِّجَالِ.
وَضَرْبٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. بَلْ لَهُ ثُقْبَةٌ يَخْرُجُ مِنْهَا الْخَارِجُ، وَلَا تُشْبِهُ فَرْجَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَالْأَوَّلُ: يُتَبَيَّنُ أَمْرُهُ بِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: الْبَوْلُ، فَإِنْ بَالَ بِذَكَرِ الرِّجَالِ وَحْدَهُ: فَرَجُلٌ، أَوْ بِفَرْجِ النِّسَاءِ: فَامْرَأَةٌ أَوْ بِهِمَا اُعْتُبِرَ بِالسَّابِقِ، إنْ انْقَطَعَا مَعًا. وَبِالْمُتَأَخِّرِ إنْ ابْتَدَآ مَعًا، فَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ، وَتَأَخَّرَ آخَرُ: اُعْتُبِرَ بِالسَّابِقِ، فَإِنْ اتَّفَقَا فِيهِمَا فَلَا دَلَالَةَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْبَوْلِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا إلَى التَّزْرِيقِ بِهِمَا، أَوْ التَّرْشِيشِ.
الثَّانِي، وَالثَّالِثُ: خُرُوجُ الْمَنِيّ وَالْحَيْض فِي وَقْتِ الْإِمْكَانِ. فَإِنْ أَمْنَى بِالذَّكَرِ، فَرَجُلٌ أَوْ الْفَرْجِ أَوْ حَاضَ، فَامْرَأَةٌ. بِشَرْطِ أَنْ يَتَكَرَّر خُرُوجُهُ لِيَتَأَكَّدَ الظَّنَّ بِهِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنِهِ اتِّفَاقِيًّا. كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسُكُوتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ فِيهِ.
وَالْمُتَّجَهُ: اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ قَالَ: وَأَمَّا الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّكْرَارِ. فَالْمُتَّجَهُ: إلْحَاقُهُ بِمَا قِيلَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ: بِأَنْ يَصِيرَ عَادَةً لَهُ. فَإِنْ أَمْنَى بِهِمَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ، فَإِنْ أَمْنَى نِصْفَهُ مَنِيَّ الرِّجَالِ فَرَجُلٌ، أَوْ نِصْفُهُ مَنِيُّ النِّسَاء، فَامْرَأَةٌ، فَإِنْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَال نِصْفُهُ مَنِيُّهُمْ. وَمِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ نِصْفُهُ مَنِيُّهُنَّ، أَوْ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ نِصْفُهُ مَنِيّ الرِّجَالِ، أَوْ عَكْسُهُ، فَلَا دَلَالَةَ، وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ بَوْلٌ وَحَيْضٌ، أَوْ مَنِيٌّ. بِأَنْ بَالَ بِفَرْجِ الرِّجَالِ، وَحَاضَ أَوْ أَمْنَى بِفَرْجِ النِّسَاءِ. وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ الْمَنِيُّ وَالْحَيْضُ فِي الْأَصَحِّ.
الرَّابِعُ: الْوِلَادَةُ. وَهِيَ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِأُنُوثَتِهِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلَامَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ أَلْقَى مُضْغَة. وَقَالَ الْقَوَابِلُ: إنَّهُ مَبْدَأ خَلْقِ آدَمِيٍّ: حُكِمَ بِهِ. وَإِنْ شَكَكْنَ دَامَ الْإِشْكَالُ. قَالَ: وَلَوْ انْتَفَخَ بَطْنُهُ، وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ حَمْلٍ: لَمْ يُحْكَم بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْحَمْلُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِظُهُورِ الْأَمَارَةِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى. وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. كَذَا فِي شَرْح الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ
الْمُوَافِقُ، الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَتَحْرِيمِ الطَّلَاقِ، وَاسْتِحْقَاقِ الْمُطَلَّقَةِ النَّفَقَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
الْخَامِسُ: عَدَمُ الْحَيْضِ فِي وَقْتِهِ عَلَامَةٌ عَلَى الذُّكُورَةِ، يُسْتَدَلُّ بِهَا عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْبَوْلِ: نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ، قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا.
السَّادِسُ: إحْبَالُهُ لِغَيْرِهِ، نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْعُدَّةِ، لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيِّ، وَابْنِ أَبِي الْفُتُوحِ وَابْنِ الْمُسْلِمِ. قَالَ: وَلَوْ عَارَضَهُ حَبَلُهُ قُدِّمَ عَلَى إحْبَالِهِ، حَتَّى لَوْ وَطِئَ كُلٌّ مِنْ الْمُشْكِلَيْنِ صَاحِبُهُ " فَأَحْبَلَهُ، حَكَمْنَا بِأَنَّهُمَا أُنْثَيَانِ، وَنَفَيْنَا نَسَبَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ.
السَّابِعُ: الْمَيْلُ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ، عَنْ الْأَمَارَاتِ، السَّابِقَةِ، فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَالَ إلَى الرَّجُلِ فَامْرَأَةٌ، أَوْ إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ، فَإِنْ قَالَ: أَمِيلُ إلَيْهِمَا مَيْلًا وَاحِدًا، وَلَا أَمِيلُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَمُشْكِلٌ.
الثَّامِنُ: ظُهُورُ الشُّجَاعَةِ، وَالْفُرُوسِيَّةِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْمُسْلِمِ.
التَّاسِعُ إلَى الثَّانِيَ عَشَرَ: نَبَاتُ اللِّحْيَةِ، وَنُهُودُ الثَّدْيِ، وَنُزُولُ اللَّبَنِ، وَتَفَاوُتُ الْأَضْلَاعَ فِي وَجْهٍ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا دَلَالَةَ لَهَا.
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ لَا يُتَبَيَّن إلَّا بِالْمَيْلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَبَيَّن أَيْضًا بِالْمَنِيِّ الْمُتَّصِفِ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ. قَالَ: وَأَمَّا الْحَيْضُ، فَيَتَّجِه اعْتِبَارُهُ أَيْضًا. وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ ; لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِصِفَةِ الْحَيْضِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَمَ فَسَادٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ.
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْخُنْثَى الَّذِي لَمْ يَبِنْ فَأَقْسَامٌ وَالضَّابِطُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِي حَقِّهِ بِالِاحْتِيَاطِ، وَطَرْح الشَّكِّ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَا هُوَ فِيهِ كَالْأُنْثَى ذَلِكَ فِي نَتْفِ الْعَانَةِ، وَدُخُولِ الْحَمَّامِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ ; وَنَضْحِ الْبَوْلِ، وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالْعَوْرَةِ، وَالْجَهْرِ فِي الصَّلَاةِ، وَالتَّصْفِيقِ فِيمَا إذَا نَابَهُ شَيْءٌ، وَالْجَمَاعَةِ، وَالِاقْتِدَاءِ وَالْجُمُعَةِ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّلْبِيَةِ، وَالتَّكْفِينِ، وَوُقُوفِ الْمُصَلِّي عِنْدَ عَجُزِهَا.
وَعَدَمِ سُقُوطِ فَرْضِ الْجِنَازَةِ بِهَا، وَكَوْنهَا لَا تَأْخُذُ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ وَلَا سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا الْمُؤَلَّفَةِ.
وَشَرْطُ وُجُوبِ الْحَجِّ، وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، وَالْقُرْبِ مِنْ الْبَيْتِ، وَالرَّمَلِ، وَالِاضْطِبَاعِ وَالرُّقِيِّ، وَالْعَدْوِ، وَالْوُقُوفِ، وَالتَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةٍ، وَالْعَقِيقَةِ، وَالذَّبْحِ، وَالتَّوْكِيلِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَالْقَضَاءِ، وَالشَّهَادَةِ، وَالدِّيَةِ، وَعَدَمِ تَحَمُّلِ الْعَقْلِ. وَفِي الْجِهَادِ، وَالسَّلَبِ وَالرَّضْخِ، وَالْجِزْيَةِ. وَالسَّفَرِ بِلَا مَحْرَمٍ. وَلَا يَحُلُّ وَطْؤُهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا هُوَ فِيهِ كَالذَّكَرِ وَذَلِكَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَحُلِيِّ الذَّهَبِ، وَالْوُقُوفِ أَمَامِ النِّسَاءِ إذَا أَمَّهُنَّ، لَا أَوْسَطَهُنَّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا، فَيُؤَدِّي وُقُوفُهُ وَسَطَهُنَّ إلَى مُسَاوَاةِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ، وَفِي الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ وَطْؤُهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَسْخًا، وَلَا إجَازَةً. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي اسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ، كَمَا صَحَّحَهُ أَبُو الْفُتُوحِ، وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَلَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ، وَلَا دِيَةَ فِي حَلَمَتِهِ، وَلَا حُكُومَةَ فِي إرْسَالِ ثَدْيِهِ، أَوْ جَفَافِ لَبَنِهِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا وُزِّعَ فِيهِ الْحُكْمُ وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ:
الْأَوَّلُ: لِحْيَتُهُ، لَا يُسْتَحَبُّ حَلْقُهَا. لِاحْتِمَالِ أَنْ تَتَبَيَّنَ ذُكُورَتَهُ، فَيَتَشَوَّهُ.
وَيَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْلُ بَاطِنِهَا ; لِاحْتِمَالِ كَوْنه امْرَأَةً، كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا.
وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُ كَالرَّجُلِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْوُجُوبِ.
الثَّانِي:: لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ لَا بِالْخُرُوجِ مِنْ فَرْجَيْهِ، أَوْ مَسِّهِمَا، أَوْ لَمْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأَةً وَلَا غُسْلُهُ إلَّا بِالْإِنْزَالِ مِنْهُمَا، أَوْ بِإِيلَاجِهِ، وَالْإِيلَاجِ فِيهِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ فِيهِ الْغُسْلُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُولِجِ. لَا يُبْطِلُ صَوْمَهُ، وَلَا حَجَّهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي أَوْلَجَ فِيهَا عِدَّةٌ، وَلَا مَهْرَ لَهَا. وَأَمَّا الْحَدُّ: فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُولَجِ فِيهِ، وَلَا الْمُولِجِ. وَيَجِب عَلَى الْخُنْثَى الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ وَلَوْ أَوْلَجَ فِيهِ رَجُلٌ، وَأُولِجَ الْخُنْثَى فِي دُبُرِهِ، فَعَلَى الْخُنْثَى الْجَلْدُ. وَكَذَا الرَّجُلُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا، فَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا، فَإِنَّ حَدَّهُ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَةِ الْخُنْثَى: الرَّجْمُ، وَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ: الْجَلْدُ.
وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَ جِنْسَيْنِ مِنْ الْعُقُوبَةِ، إذَا لَمْ يَشْتَرِكَا فِي الْفِعْلِ، يَقْتَضِي إسْقَاطَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَالِانْتِقَالِ إلَى التَّعْزِيرِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مَنْ الْآخَرِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ التَّعْزِيرُ.
وَهَذِهِ مِنْ غَرَائِبِ الْمَسَائِلِ: شَخْصٌ أَتَى مَا يُوجِبُ الْحَدُّ. فَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا عُزِّرَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ: جُلِدَ، وَعُزِّرَ. وَإِيَّاهَا عَنَيْت بِقَوْلِي مُلْغِزًا:
قُلْ لِلْفَقِيهِ، إذَا لَقِيت
…
مُحَاجِيًا وَمُغْرِبَا:
فَرْعٌ بَدَا فِي حُكْمِهِ
…
لِأُولِي النُّهَى مُسْتَغْرَبًا
شَخْصٌ أَتَى مَا حَدُّهُ
…
قَطْعًا غَدَا مُسْتَوْجِبَا
إنْ تُلْفِهِ بِكْرًا جَلَدْ
…
تَ مِائَةً تُتَمُّ وَغُرِّبَا
وَإِذَا تَرَاهُ مُحْصَنَا
…
عَزَّرْته مُتَرَقَّبَا
قَدْ أَصْبَحَ النِّحْرِيرُ
…
مِمَّا قُلْته مُتَعَجِّبَا
فَأَبِنْهُ دُمْت مُوَضِّحَا
…
لِلْمُشْكِلَاتِ مُهَذَّبَا.
الثَّالِثُ: إذَا حَاضَ مِنْ الْفَرْجِ ; حُكِمَ بِأُنُوثَتِهِ وَبُلُوغِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُحَرَّمَاتُ الْحَيْضِ لِجَوَازِ كَوْنه رَجُلًا، وَالْخَارِجُ دَمٌ فَاسِدٌ.
الرَّابِعُ: يَجِب عَلَيْهِ سَتْرُ كُلِّ بَدَنِهِ ; لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً ; فَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى سَتْرِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَصَلَّى. فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي التَّحْقِيقِ: الصِّحَّةُ، لِلشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ. وَصُحِّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَزَوَائِدِ الرَّوْضَةِ: الْبُطْلَانُ ; لِأَنَّ السَّتْرَ شَرْطٌ وَقَدْ شَكَّكْنَا فِي حُصُولِهِ.
الْخَامِسُ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الْحَجِّ إلَّا لِسَتْرِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ مَعًا، وَالْأَحْوَطُ لَهُ. أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ دُونَ وَجْهِهِ وَبَدَنِهِ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ كَمَا قَالَ الْقَفَّالُ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
السَّادِسُ: الْإِرْثُ. يُعَامَلُ فِي حَقِّهِ كَالْمَرْأَةِ، وَفِي حَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ كَالرَّجُلِ، وَيُوقَفُ الْقَدْرُ الْفَاضِلُ لِلْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِاصْطِلَاحِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا خَالَفَ فِيهِ النَّوْعَيْنِ فِيهِ فُرُوعٌ مِنْهَا: خِتَانُهُ وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ ; لِأَنَّ الْجَرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ، وَمِنْهَا: لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ، لَا فِي ذَكَرِهِ، وَلَا فِي فَرْجِهِ، لِالْتِبَاسِ الْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ. وَالْحَجَرُ: لَا يُجْزِئُ، إلَّا فِي الْأَصْلِيِّ.
وَمِنْهَا: إذَا مَاتَ لَا يُغَسِّلهُ الرِّجَالُ، وَلَا النِّسَاءُ الْأَجَانِبُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. وَصُحِّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَنَّهُ يَغْسِلهُ كُلٌّ مِنْهُمَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ فِي النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ مَعَ الرِّجَالِ كَامْرَأَةٍ وَمَعَ النِّسَاءِ كَرَجُلِ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ مِنْ الْفِضَّة كَمَا يُبَاح لِلنِّسَاءِ، وَلَا يُبَاح لِلرِّجَالِ. وَمِنْهَا: لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِنُدُورِهِ. وَلَا يَصِحُّ قَبْضه عَنْ السَّلَمِ فِي جَارِيَة، أَوْ عَبْد ; لِاحْتِمَالِ كَوْنه عَكْس مَا أُسْلِمَ فِيهِ، وَمِنْهَا: لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ.
الْقِسْمُ الْخَامِسُ: مَا وَسَطَ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ: مِنْهَا: أَوْصَى بِثَوْبٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ، قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ، ثُمَّ الْخُنْثَى، ثُمَّ الرَّجُلُ. وَمِنْهَا يَقِفُ خَلْفَ الْإِمَامِ. الذُّكُورُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ. وَمِنْهَا: يَنْصَرِفُ بَعْدَ الصَّلَاةِ: النِّسَاءُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ الرِّجَالُ. وَمِنْهَا يُقَدَّمُ فِي الْجَنَائِزِ: إلَى الْأَمَامِ وَإِلَى اللَّحْدِ الذُّكُورُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ وَمِنْهَا الْأَوْلَى بِحَمْلِ الْجِنَازَةِ الرِّجَالُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ -
وَمِنْهَا: - التَّضْحِيَةُ بِالذَّكَرِ أَفْضَلُ، ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأُنْثَى. وَمِنْهَا: - الْأَوْلَى فِي الذَّبْحِ: الرَّجُلُ، ثُمَّ الْخُنْثَى ; ثُمَّ الْأُنْثَى.
فَرْعٌ: إذَا فَعَلَ شَيْئًا فِي حَالِ إشْكَالِهِ، ثُمَّ بَانَ مَا يَقْتَضِي تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ. هَلْ يُعْتَدُّ بِهِ؟ فِيهِ نَظَائِرُ:
الْأَوَّلُ: إذَا اقْتَدَى بِخُنْثَى: فَبَانَ رَجُلًا، فَفِي الْإِجْزَاءِ: قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.
الثَّانِي: إذَا عُقِدَ النِّكَاحُ بِخُنْثَيَيْنِ، فَبَانَا ذَكَرَيْنِ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا: الصِّحَّةُ ; لِأَنَّ عَدَمَ جَزْمِ النِّيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي الصَّلَاةِ.
الثَّالِثُ: لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ بِخُنْثَى، ثُمَّ بَانَ امْرَأَةً، أَوْ عَكْسَهُ. جَزَمَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَجْرُوا فِيهِ خِلَافَ الِاقْتِدَاءِ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ النِّكَاحِ، وَالصَّلَاةِ. بِأَنَّ احْتِيَاطَ الشَّرْعِ فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِيَاطِهِ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ أَمْرَ النِّكَاحِ غَيْرُ قَاصِرٍ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، وَأَمْرَ الصَّلَاةِ قَاصِرٌ عَلَى الْمُصَلِّي. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ بِالِاجْتِهَادِ، عِنْدَ اشْتِبَاهِ مَنْ تَحِلُّ بِمَنْ لَا تَحِلُّ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ: مِنْ طَهَارَةٍ، وَسُتْرَةٍ، وَاسْتِقْبَالٍ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الصَّوَابُ إلْحَاقُهُ إذَا كَانَ شَاهِدًا، لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي الرُّكْنِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ
قَالَ: وَيُؤَيِّدُ الصِّحَّةَ مَا فِي الْبَحْرِ: أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَهُمَا يَعْتَقِدَانِ بَيْنهمَا أُخُوَّةٌ مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ، صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ.
الرَّابِعُ: إذَا تَوَضَّأَ، أَوْ اغْتَسَلَ حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَلَوْ بَانَ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ الْحُكْمُ بِاسْتِعْمَالِهِ؟ يَنْبَنِي عَلَى طَهَارَةِ الِاحْتِيَاطِ هَلْ تَرْفَعُ الْحَدَثَ الْوَاقِعَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، أَمْ لَا؟ وَالْأَصَحُّ: لَا، فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ. ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَخْرِيجًا.
الْخَامِسُ: لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ. الْجُمُعَةِ، لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَزِمَهُ إعَادَةُ الظُّهْرِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَمْ يَصِحَّ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
السَّادِسُ: لَوْ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ كَانَ أَحَدِ الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا، لَمْ يَجُزْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
السَّابِعُ: لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ مَعَ وُجُودِ الرَّجُلِ، ثُمَّ بَانَ رَجُلًا لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَوَجْهُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ وَاجِبَةٌ وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ فِيهَا.
الثَّامِنُ: إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِ لَبَنِ الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ، فَبِيعَ لَبَنِ الْخُنْثَى ثُمَّ بَانَ امْرَأَةً فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.
التَّاسِعُ: أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ أَوْ جَارِيَةٍ، فَسَلَّمَهُ خُنْثَى لَمْ يَصِحَّ، فَلَوْ قَبَضَهُ فَبَانَ بِالصِّفَّةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا فَوَجْهَانِ: كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَيَجْرِيَانِ أَيْضًا: فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَهْدِيَ نَاقَةً أَوْ جَمَلًا، فَأَهْدَى خُنْثَى وَبَانَ أَوْ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، فَأَعْتَقَ خُنْثَى وَبَانَ. قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ أَيْضًا.
الْعَاشِرُ: وَكُلُّ خُنْثَى فِي إيجَابِ النِّكَاحِ أَوْ قَبُولِهِ فَبَانَ رَجُلًا، فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ وَجْهَانِ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلهَا، قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ.
الْحَادِيَ عَشَرَ: رَضَعَ مِنْهُ طِفْلٌ ثُمَّ بَانَ أُنْثَى، ثَبَتَ التَّحْرِيمُ جَزْمًا.
الثَّانِيَ عَشَرَ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، لَمْ يَحْمِلْ الْخُنْثَى فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا فَهَلْ يَغْرَم حِصَّتَهُ الَّتِي أَدَّاهَا غَيْرُهُ؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ، فِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّهْذِيبِ. وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ: الْغُرْمُ بَحْثًا وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْفُتُوحِ وَصَاحِبِ الْبَيَانِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: لَا جِزْيَةَ عَلَى الْخُنْثَى، فَلَوْ بَانَ ذَكَرًا فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ؟ وَجْهَانِ فِي الشَّرْحِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْأَخْذَ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي تَصْحِيحُ الْعَكْسِ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَنَا وَبَقِيَ مُدَّةً ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ، لَا نَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا لِمَا مَضَى عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ عِمَادَ الْجِزْيَةِ الْقَبُولُ، وَهَذَا حَرْبِيٌّ لَمْ يَلْتَزِم شَيْئًا وَهَذَا مَوْجُود هُنَا، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ الْأَهْلِيَّةَ فِي الْخُنْثَى.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسْلِمِ: إنْ كَانَ الْخُنْثَى حَرْبِيًّا وَدَخَلَ بِأَمَانٍ، ثُمَّ تُبُيِّنَ أَنَّهُ رَجُلٌ فَلَا جِزْيَةَ لِعَدَمِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ وَلَدَ ذِمِّيٍّ فَإِنْ قُلْنَا إنَّ مَنْ بَلَغَ مِنْ ذُكُورِهِمْ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي قَالَهُ مُدْرَكٌ حَسَنٌ.
الرَّابِعَ عَشَرَ: لَوْ وَلِيَ الْقَضَاءَ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا، لَمْ يَنْفُذ حُكْمُهُ الْوَاقِع فِي حَالِ الْإِشْكَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْقِيَاسُ نَعَمْ، فَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ وَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ وَإِنْ بَانَ أَهْلًا.
الْخَامِسَ عَشَرَ: لَوْ لَمْ يُحْكَمُ بِانْتِقَاضِ طُهْرِهِ بِلَمْسٍ أَوْ إيلَاجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَصَلَّى ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الْقِبْلَةِ، وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِالْإِعَادَةِ كَمَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا. وَالْفَرْقُ: أَنَّ أَمْرَ الْقِبْلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ بِدَلِيلِ تَرْكِهَا فِي نَافِلَةِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ.
فَرْعٌ:
لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْخُنْثَى بِمِثْلِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْإِمَامِ امْرَأَةً وَالْمَأْمُومِ رَجُلًا وَنَظِيرُهُ: لَوْ اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ مِنْ الْخَنَاثَى فِي قَرْيَةٍ لَمْ تَصِحَّ إقَامَتُهُمْ الْجُمُعَةَ ذَكَرَهُ أَبُو الْفُتُوحِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ خَنَاثَى، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجْزِيَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ ذَكَرًا وَالْبَاقِي إنَاثٌ، بَلْ يَشْتَرِي أُنْثَى بِقِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِيَ لِأَنَّهُ عَلَى صِفَةِ الْمَالِ، فَلَا يُكَلَّفُ الْمَالِكُ سِوَاهُ.
فَرْعٌ:
الْخُنْثَى إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ وَقِيلَ: إنَّهُ نَوْعٌ ثَالِثٌ،