الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخفف عني ما أقاسي تحققي
…
بأنك أنت المبتلي والمقدر
على أن الحكيم إذا حدق البصر. وحقق النظر. وعرج عن حضيض المجاز إلى ذروة الحقيقه. وركب سفينة النجاة مستمداً من المبدئ الفياض تأييده وتوفيقه. أعترف بأن ذلك بالنسبة إلى تلك النفس الزكيه. واللطيفة القدسيه. من أكمل النعم. وأفضل القسم. إذ هو في الحقيقة رجوع من الغربة إلى الوطن. وهجوع بعد طول الأرق والوسن. وقفول بعد نيل الآمال. من اقتناص شوارد المعارف وتزكية الأخلاق والأعمال
فكأنها ذكرت عهوداً بالحمى
…
ومنازلاً بفراقها لم تقنع
وصلى الله على سيدنا محمد وآله. فراجعه الشيخ عبد الرحمن بقوله يقبل الأرض حزين خانه صبره. وحانه دهره. وأسيف عضد البين عضده. وكبد الحين كبده. لم تزل الحسرات عليه تتوالى. والزفرات فيه تتعالى. فدمعه المهراق لا يكف إذ يكف. ووجده المحراق بمحاريب ضلوعه معتكف أضحى فريداً عن الأليف. ووحيداً عن الحليف. لم تمر به ساعة إلا بعد أن يتجرع من ألم الفراق أعظم غصه. ولم يتجاوز من لحظة إلا بعد أن يسهم له فيها من الهموم بأوفر حصه. حالة أجار الله منها العدا. وأبعد عن قدر مداها المدا. لم يزل الحزن فيها يتجدد. والأسف بمعاهد جوانحه بتعهد. والتذكر في كل آونة يتزايد ويتأكد
يذكرني طلوع الشمس صخراً
…
وأذكره لكل غروب شمس
قرح الدمع أجفاني. ولم أوفه بذلك فما أجفاني
ولولا كثرة الباكين حولي
…
على اخوانهم لقتلت نفسي
غير إني حين أراجع الوجدان. وأرى بكاء الاخوة على الاخوان. أتوهم تبريد الغله. وأتظنى زوال العله
وما يبكون مثل أخي ولكن
…
أسلي النفس عنه بالتأسي
فالمسؤل من الأنفاس المتصل سندها بالأنفس الزكيه. المرتفع شأوها إلى ذرى الشؤون العليه. أن تلحظ هذا المصاب بالدعاء بالهام الصبر كيلا تتكرر المصيبه. وأن يعوض ذلك الشاب أعظم الأجر. عما فاته من عنفوان الشبيبه. وأن يرفع له في عليين. من الدرجات إلى الفردوس طريقاً. مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن أولئك رفيقاً
القاضي جمال الدين بن محمد
بن حسن وراز المكي
جمال العلوم والمعارف. المتفيء ظل ظليلها الوارف. أشرقت بالفضل أقماره وشموسه. وزخر بالعلم عبابه وقاموسه. فدوخ صيته الأقطار. وطار ذكره في منابت الأرض واستطار. وتهادت أخباره الركبان. وظهر فضله في كل صقع وبان. وله الأدب الذي ما قام به مضطلع. ولا ظهر على مكنونه مطلع. استنزل عصم البلاغة من صياصيها. واستذل صعاب البراعة فسفع بنواصيها. إن نثر فما اللؤلؤ المنثور انفصم نظامه. أو نظم فما الدر المشهور نسقه نظامه. بخط يزدري بخط العذار إذا بقل. وتحسبه سائر الجوارح على مشاهدة حسنه المقل. ولما رحل إلى اليمن في دولة الروم. قام له رئيسها بما يحب ويروم. فولاه منصب القضا. وسطع نور أمله هناك وأضا. ولم يزل مجتلياً به وجوه أمانيه الحسان. مجتنياً من رياضه أزاهر المحاسن والاحسان. إلى أن انقضت مدة ذلك الأمير. ومني اليمن بعده بالافساد والتدمير. فانقلب إلى وطنه وأهله. فكابد حزن العيش بعد سهله. كما أنبأ بذلك قوله في بعض كتبه. ولما حصلت عائداً من اليمن. بعد وفاة المرحوم سنان باشا وانقضاء ذلك الزمن. أخثرت الاقامة في الوطن. بعد التشرف بمجلس القضاء في ذلك العطن. إلا إنه لم يحل لي التحلي عن تذكر ما كان في خزانة الخيال مرسوماً. وتفكر ما كان في لوح المفكرة موسوماً. فاخترت أن أكون مدرساً في البلد الحرام. وممارساً لما أذن غب الحصول بالانصرام. ولم يكن في البلد الأمين كفايه. ولا ما يقوم به الاتمام والوفايه. انتهى. وما زال مقيماً في وطنه وبلده. متدرعاً جلباب صبره وجلده. حتى انصرمت من العيش مدته. وتمت من الحياة عدته. وها أنا مثبت من بديع نثره. ما يذهب اللب حائراً في أثره. واتبعه من عالي شعره. ما يرخص الدر بغالي سعره. فمن نثره ما كتبه إلى بعض أصحابه من كتاب. ينهى المملوك إنه لا يزال ذاكراً لتلك الأيام الماضيه. شاكراً لهاتيك الأعوام التي حلت بفضل مولانا ولا أقول مرت بمسرات لا تزال النفس لدينها متقاضيه
كم أردنا هذا الزمان بذم
…
فشغلنا بمدح ذاك الزمان
اقفر الصفا. من اخوان الصفا. وخلى الحطيم. من رضيع الأدب والفطيم. وأقوت المشاعر. من أرباب الادراك والمشاعر
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
…
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
وكان مولاي محيطاً بحالي. إذ كنت آنس بأولئك الجلة وأرباب المعالي. كالشيخ العلامة كريم الدين القطبي. والفهامة المحقق الملا على العصامي المربي. والعلامة الأفندي خضر. وذلك المجلس السامي النضر. فلم يبق من يدانيهم. فضلاً عمن يساويهم. فكيف بمن يباريهم.
ولقد ذكرت هنا قول بعضهم
دجا الليل حتى ما يبين طريق
…
وخوّف حتى ما يقر فريق
وجردت يا برق المنون مناصلاً
…
لها في قلوب المبصرين بريق
وزعزعت يا ريح الردا كل شاهق
…
عليه لأنفاس النفوس شهيق
سلام على الأيام إن صنيعها
…
أساء فهل لي بالنجاة لحوق
هذا وإن سألتم عن شوقي إليكم فأقول إن السعير دون ما أجده في أضلعي من الوهج. وذات الوقود من الزفير المتصعد من الشغاف فهو المقتبس لمن سرج. إذا تذكرتكم كانت الثكلى بواحد ترعى البدور سنادوني. وإن تفكرتكم فما الآرام أضلت أخشافها في القفار تعدوني
أشتاقكم حتى إذا نهض الهوى
…
بي نحوكم قعدت بي الأيام
ولولا الأمل في الله تعالى أن يطوي شقة البين. ويكحل بمرآكم الذي هو زلال الواله الحزين العين. لكنت ممن درج بآهات شوقه. وعرج بأنات توقه. ولما توجهت ركابكم إلى تلك الأمصار. أخذ الفقير قاصداً حضرة الوزير الذي ازدانت به الأعصار. فوجده مستمداً بالممالك اليمانيه. في هيئة كسرى أنوشروان وبذة بالمزايا الايمانيه. فلزمت حضرته لزوم الظل واختلت في خمائل عزه في الحرم والحل. فقلدني قضاء جذه بعد أب وأضاف. إلى ذلك النظر في الأوقاف. وفعل بي ما يفعل المحب بالحب فمكثت ثلاث سنين أتقلب في تلك الرياض وأتفيأ ظلال الاعزاز في خمائل هاتيك الغياض مرموقاً لديه بعين مقروره موموقاً ببهجة لا تزال بحرفة الأدب وذويه مسروره. إلى أن أتاه نذير الأجل. والجد في المخا بعد أن كان لصيت قدومه إلى الحجاز زجل. وكان الفقير حال وفاته في بلد يسمي حيس. مزمعاً على سعيه إلى مكة ظناً أن ذلك من الكيس. فجاءنا خبر وفاته هنالك. وأظهر السرور بذلك أهل تلك الممالك. وسبب انتقاله إلى الدار الباقيه. سورة تلك النفس السعيدة التي يعلمها مولانا كفاها الله لوافح لظى بآياته الواقيه. وذلك إنه لما نزل من صنعا. وأحسن في جمع العساكر والأموال والآلات والعدد صنعا. أراد أن يجتمع بحافظ اليمن جعفر باشا وهو إذ ذاك بتعز. وقد أكثر أمراء اليمن الأرجاف وأرهبوا جعفر باشا من لقيا سنان الذي تهابه الليوث وهي أجنة في الأرحام وتحترز. وكان مراد الوزير سنان. أرسل الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان. الاجتماع به لأمر قد دبره. وفي نفسه من أمراء اليمن الأقدمين كالروم والشرعبي أحقاد وأحن عظم صغيرها وكبره. وربما خطر بباله إنه حال لقياه بجعفر. يتمكن ممن يريد التمكن منه ويظفر. ففهم الأمراء منه ذلك. فما زالوا يسعون في صده حتى الجؤه إلى المرور من أوعر المسالك. وأوقفوا على الطريق السلطاني جملة من العساكر. وأشعلوا الذبالات لقصد الرمي حتى كأن نجوم الأفق نشرت في بساط البسيطة والأدخنة كالليالي العواكر. فلما وافت محفته ذلك المكان. وتزعزعت للصعود والهبوط منها الأركان. أنكر المرور بتلك الوعور. واستوقف المقدم من الأجناد والأمراء حتى دنا الجمهور. فسألهم عن سبب الصعود والهبوط. والأمر الذي انتقض وهو بذمام السلطان مربوط. فقيل له إن مروركم هذا. إذا قصدتم الطريق السلطاني أفسد وآذى. لاختلاط العساكر بالعساكر. والمساجد بالدساكر. لما في قلوبهم منكم من الإحن. وما قاسوه منكم من المصائب والمحن. فخشى مولانا جعفر باشا. من أحداث العسكرين إيحاشاً. فحينئذ نصب سنان بالبعد من تعز ديوانه. وأقام هنالك وقد أخذت منه حمة الغضب التي تحمله على أن لا يبقي جماد العالم وحيوانه. وتفوه فيما قيل بكلمات يتدكدك منها ثبير. ويتفطر مرارة الليث الهصور إذا مر بسمعه زائر ذلك الخبير. ثم تفكر فرأى أن إغماد النتنة أولى. وأن الآخرة خير له من الأولى. فارتحل نازلاً إلى المخا وقد ابتدأت به من القهر الأسقام. وشب في جوفه نار لا يطفئها إلا الانتقام. فحصل من ذلك حبس في الطبيعه. ويبس في الدافعة التي كانت بالاجابة سريعه. وكان معتاداً بشرب دواء مخصوص. إذا اعتراه شيء من هذا المنصوص. فشربه فلم ينجع. ثم شريه أخرى فأسجح الأمعاء وأوجع. وكان ذلك سبباً لمماته. ودفنه بتربة الشاذلي محاذياً للولي وكماته. ثم آب الفقير راجعاً قافلاً إلى وطنه. وحيث كان رافلاً في شرخ شبيبته وعطفه. فلم يجد به ذلك الأنس المألوف. ولا رأى ذلك الرواق المعروف. وتنكرت عليه الديار. وأقوت الربوع والمعاهد من الصفوة وأولئك الأخيار. وغصت الصدور بالمتشدقين والمتزندقين والأعثار. وزبب قوم قبل أن يحصرموا. لا تمحضوا للتحصيل ولا تخضرموا. وصرفت المدارس السلطانية لمن لا يعرف التهجي. فكيف إذا طلب منه الفرق بين التوقع والترجي. ولا يفرق بين الاسم والمسمى. فكيف يفك فك اللغز والمعمى. ثم إنهم أرتجوا أبوابها. ومزقوا جلبابها. تمر السنون والأعوام. ولا يكحل بألفاظهم المسودة للوجوه ولا أقول للآماق يوماً من الأيام. وهم على ما فيهم من عوج. كأنهم أهل بدر فلا يخشون من حرج. يختالون في صدور المواكب. بالعذبات المعوجة وهز المناكب. ويتنافسون في المجالس. ويتقاعسون عما يروم المجالس. ويدرجون العمائم. ولا يتحرجون عن النمائم. أستغفر الله فيما جرى به القلم. وإنما هو نفثة
مصدور أصدرها الألم. فلذلك ضاقت على محبكم هذا بلاده. وهان عليه الجلاء من مآلفه وآن جداله وجلاده. والعجب من مولانا وهمته ومودته. التي يوثق بها من بين كماة الفضل وأئمته. أنه يمحو صداقته عن صحيفة خاطره. ويدع عناكب النسيان تنسج عليه فتنسخ ما أثبت في وده من قماطره. ولله در ابن الخياط الدمشقي حيث يقولور أصدرها الألم. فلذلك ضاقت على محبكم هذا بلاده. وهان عليه الجلاء من مآلفه وآن جداله وجلاده. والعجب من مولانا وهمته ومودته. التي يوثق بها من بين كماة الفضل وأئمته. أنه يمحو صداقته عن صحيفة خاطره. ويدع عناكب النسيان تنسج عليه فتنسخ ما أثبت في وده من قماطره. ولله در ابن الخياط الدمشقي حيث يقول
أبعد تعلقي بك مستعيذاً
…
وأخذي منك بالحبل المتين
يرشح للعلا من ليس مثلي
…
ويدعي للغنى من كان دوني
ومالي لا أذم إليك دهراً
…
إذا المتأخرون تقدموني
وما إن قلت ذا حسداً ولكن
…
أفاق الدهر فيه من الجنون
نعود ونتلو عليكم باختصار. ما جرى للسيد فهيد من تقاعس اخوانه عن المعاونة والانتصار. وما ذاك إلا إنه جبر الله خاطره. وأدر عليه من خلف العناية مواطره. كان قد شد قوسه على مولانا الشريف واخائه. واستل صارم الصرامة عليه في شدته ورخائه. ومولانا الشريف متدرع جلباب الصبر. متورع عن فتح باب المصارمة وصدع ما لا يلتئم بالجبر. يغار على مشاعره وحرمه. كما يغار على مفاخره وحرمه. فلما زاد كما تقول العامة الماء على الدقيق. ولوحظ ما حقه التفخيم بالترقيق. وأخذ مولانا السيد فهيد بجانب أكمل الدين القطبي. وأراد أن يلبسه القفطان من قبل أن يحرم ويلبي. وقف مولانا الشريف ذلك الموقف. وأعتنق السمهري بعاتق لا ينثني ولو أن الخميس العرمرم بزمزم أبطاله ترعب وترجف. وأقسم لا يلبس القفطان إلا وقد ورد السنان نحره. فقال مولانا السيد فهيد ولو خربت البلاد فقال ولو خربت قبل سحره. فعند ذلك تراجعاً إلى النهي. وفكرا في المبدا والمنتهي. وعادا وفي قلب كل منهما وقد. ومولانا الشريف أخذ من ذلك الآن في حل ما مضى من العقد. خصوصاً لما صمم القطبي ورجع مع الأمير. ولم يجعل التفكر في عواقب الأمور أصدق ضمير. ودخل معه إلى المدرسة المعروفه. ولبس الخلعة السنية الموصوفه. وتجاهه من جماعة الأمير. اثنان من الاساكفة أرباب التشمير. وشق الشارع الأعظم حتى انتهى إلى سويقه. وصواهل خيله تسمع من كل شباك وطويقه. كل ذلك عناد لسيده ومولاه. وكفر لمن خوله هذه النعمة وأولاه. فاضمر مولانا الشريف حينئذ الحقد. وابطن في ضميره وأضمر في نفسه أن يصوغ له خلخالاً ولكن مشدود بالقد. فلما انثنى الحج راجعاً. وبقى الفج فاجعاً. راسل مولانا الشريف ابن أخيه محسن في هذا الأمر المهم. واستدعاه لانتزاع ما كان قسم لفهيد وسهم. فأقبل السيد محسن هو وجنده من اليمن. وغيرهم من السادات الذين يقدون بصوارمهم الجواشن والجنن. فقل في وصفهم ليوث آجام. أم جن يثبون على الصهوات غير معتمدين على ركاب ولجام. ومولانا الشريف فهيد في جمع من نقاوة بني حسن. ومعه من الرماة مائتان لا يخطؤن إذا رموا في ليلة من جمادي ولو أن جفونهم ملأى من الوسن. فلم يزل كل منهم يبرق ويرعد. والجد لجند مولانا الشريف مسعد. ثم ألح أعوان مولانا الشريف في الاقدام. ولما تبين مولانا السيد فهيد أنهم لا يبالون بالفناء والاعدام. فتر مولانا السيد فهيد عن سفك الدماء في الحرم. وانتهاك الحرمات وهتك الحرم. وقبل قولهم في الخروج من البلاد. ولكن بعد مدة يمكنه فيها الاستقلال والاستعداد. فأجابه الشريف إلى الملتمس. ولابالي بمن هيثم أو همس. فلما دنت المده. توجه إلى الشرق بتلك العده. ولم يسفك بمكة من الدماء المحترمة دم. ولا سال ما يوجب الطهارة فكيف ما يملأ الأدم. ثم إن مولانا الشريف عن له أن ينتقم. ممن كان سبباً لهذه الفتنة وقد كتب عليه في الأزل ورقم. فأول ما ابتدأ بأمر الله الكاتب. لفلتات لسانه ووضعه اعداد الكلام في غير المراتب. وعدم جمعه بنفسه. وطرحه الزوائد التي لا تليق بجنسه. فعومل معاملة ابن هاني. واستراح من التعازي والتهاني. ثم ثنى بأكمل الدين. وجعله من أهل البادية بعد التمدين. وطلب إلى الفريق. وكاد أن يأمر بارتكاب إحدى المشقتين لولا الحلم والعرق العريق. ووفى له الشريف بذلك الخلخال الموعود. وأعلاه الأدهم بعد ركوبه الأشقر. بعيشه الأخضر. ومن يومه المسعود. وهكذا الدنيا شعر
دار إذا ما أضحكت في يومها
…
أبكت غداً سحقاً لها من دار
وهو إلى الآن في فريقه. يغص في كل آن بريقه. والله تعالى يعينه. فإنه الذي يصدق عليه المثل ولا يمينه. يداك أوكتا وفوك نفخ. هذا ولا يحتاج هذا المخلص في إعادة سور التأكيد. فإن مولانا حافظ لذمام المودة والاخاء وللشاني مكيد. والسلام. وفي تذكرته ما نصه كتبت إلى المولى عفيف الدين كاتب الحضرتين الشريفتين الحسنية والطالبيه وأنا أعزيه بسلطان الحجاز الشريف أبي طالب بن حسن في عام اثنى عشر بعد الالف كتبت إليك يا مولاي كتب الله لك سعداً لا يزال يتجدد. ومجداً لا ينقطع بانقضاء ملك إلا واتصل بملك ملكي مؤبد. وإنما كتبته بدم الفؤاد. وأمددت اليراع سويدائي وشفعها اللحظ بما في انسانه من السواد. والكون علم الله كأنما هو بحر من مداد. والقلوب ولا أقول الأجساد. مسربلة بلباس الحداد. لا يسمع إلا الأنين. ولا يصغى إلا لمن تفضح بنعيها ذوات الحنين. أضحى النقع من مثار النقع كليلة من جمادي. وربات الخدور يلطمن الخدود مثني وفرادى. وذو الحجا يغوص في لجة الفكر فيسمع له زفير. وليث العرين كاد من صدمة هذا المصاب أن يتفطر من الزئير. وشارف الحطيم أن يتحطم. وأبو قبيس أن يتقطم. وبيت الله لولا التقى لقلت ودلو بتهدم. والأبطح يزحف للقيا ذلك الجسد الذي أودع روحه في الفردوس الأعلى ويتقدم. وأخال أن الحجر اسف حيث لم يكن تابوتاً لذلك الجثمان وتندم. أي داهية دهياء أصابت قطان هذا الحرم. وأي بلية نزلت بلازم أذيال ذلك الملتزم. إنا لله وإنا إليه راجعون. كلمة تقال عند المصائب ولا نجد لهذه المصيبة مثلاً. ولم تشاركنا فيها زينة ولا ثكلى. بأي لسان نناجي. وقد أخرسنا هذا النازل. بأي قلب نحاجي. وقد بلغنا هذا المجد الهازل. بينا نحن في سرور وفرح. إذ نحن في هموم وترح. أشكو إلى مخدومي ضحوة يوم شمسه كاسفه. أزفت الآزفه. ليس لها من دون الله كاشفه. أقبل نعش لابس أثواب المرحمة بعد الخلافه. المتلقى روحة الملائك. مع الحور على الأرائك. تتحفنه بالسلافه. والأيدي ممتدة تشير إليه بالعوبل. والحجاج وأرباب الفجاج. يضجون بالنحب الطويل. وكادت آماقنا والله أن تسل. وأضحت جلاميد القلوب كضحضاح المسيل. فلم نجد شخصاً من الرعايا إلا وهو محرور. وذو قرابته في الحي مسرور. إنا لله من هذه الطامه. التي أدهشت العامه. وأذهبت الشامه. ليت شعري أبعده السلاهب تركب. أم الجنائب تجنب. أم القربات تقرب. أم المنابر يتلي عليها غير اسمه ويخطب شعر واحر قلباه ممن قلبه شبم
مضى من أقام الناس في ظل عدله
…
وآمن من خطب تدب عقاربه
فكم من حمى صعب أباحت سيوفه
…
ومن مستباح قد حمته كتائبه
أرى اليوم دست الملك أصبح خالياً
…
أما فيكم من مخبر أين صاحبه
فمن سائلي عن سائل الدمع لم جرى
…
لعل فؤدي بالوجيب يجاوبه
فكم من ندوب في قلوب نضيجة
…
بنار كروب أحجبتها نوادبه
سقت قبره الغرّ الغوادي وجادها
…
من الغيث ساريه الملث وساربه
فما كان في الأكلمحة طرف. أو حلول حتف. وقد وضع على الباب الشريف. وسمع من أجنحة الملائكة حفيف. وتليت ولكنت أود أن أكون المصلى ولا أقول التالي في جمع ذلك الترصيف. فما ترك الرئيس لقباً من الألقاب التي يتنافس بها الصماصيم. ولا مكرمة من المكارم التي يتحامس بها القماميم إلا وحلاه بدره. وعله بدره. حتى كاد النهار أن ينتصف. والمقل أن تسح بالدموع وتكف. ومن عدم إنصاف الدهر الخون. إن لم يطف به سبعاً وهو الملك هذا لبيت مسنون. ثم ازدحم على رفع جنازته قاضي الشرع والساده. فذادوه عنها ورفعوه على أعناق السلاطين والقاده. وقلت في ذلك المقام. وعيناي تهمل ولا همول الغمام. يعز عليّ أن أراك على غير صهوه. وأن تنادي يا مرغم الأنوف ولا تجيب دعوه. وأن تحف بك الصفوف. ولا تدع لكرك فيها فجوه. فلطالما ضرعت لك السلاطين. وخضعت لك الأساطين. وارعدت الفرائص. وأوهنت القلائص. وحميت الحمى ولم يرعك جساس. واقتنصت حتى لم تدع شادناً في كناس. أو ليثاً في افتراس. فلله جدث ضمك وقد ضاقت الأرض عن علاك. ولله لحد علاك وقد اتخذت انعلك من السماك. وكيف بك تحل في الثرى فبالأثير ملعب جودك. والسدرة مضمار أسلافك والنبوة لحمة بردك. فلك بجدك في ارتقائك إلى العالم العلوي اسوه. ولنا بنقدك الجزع الذي لا يعقبه سلوه فأنت لقيت الحبيب. ولقينا بعدك ما يلقي الكئيب. فلك البشرى بلقيا ربك. ونرجو بك اللقيا على الكوثر وأنت فرح بثوابك وشربك. ثم يا عفيف لا تسأل عن نعش حفه الوقار. وتقدم الروح الأمين والملائكة الأبرار. وفوائح المسك الأذفر تنفح من كل جانب. كأنما ينفض من غدائر خرعوبة كاعب. وبالله أقسم أن طيبه نفحني وأنا في الخلوه. وهم في تجهيز تلك الذات على هاتيك العلوه. وحاصل ما أقص عليك من القصص. إنا أودعنا في كنف الرحمن ذلك القفص. وعدنا ونحن كما يقال شاهت الوجوه. حيارى ولا نعمل من نؤمله ونرجوه. وقد اطلحم قتام العثير. ودجا النقع حتى خيل لم يكن صبح اسفر. وحين هجوم هذا الخبر المهيل. كادت البلدان أن تنهب لولا تسهيل بعض السادات بأصعب فيه التسهيل. والنداء من الحاكم بالعافيه. والأعين قد امتلأت من الهاربين بالسافيه. وغلقت الأبواب. وانقطعت الأسباب. حتى والله كانت القيامة قد قامت. وحقت كريمة يوم يفر المرء والأنفس قد حامت. وحال بيني وبين الخلوة طرق طالما عهدته صاحب الربا. وسبيل وبيل صرت أقطعه وثبا. فكل من لاقيته لا يجيب. ومن كان من ورائي فكأنما هو طريد أو سليب. وبعد الدفن كثر القال والقيل. ونودي كما بلغكم وصليل السيوف منعنا المقيل. وزف المنادي عصبة مشهورة القواضب. معنونة الشوازب. والأسواق من السكان خاليه. فكأنما هي خود أضحت عاطلة بعد أن كانت حاليه. ودور مكة كأنها وابله أقسم دور البرامكه. وكأنا لم يتغزل فيها برهة كدار عاتكه. ولقد تذكرت فيها قينة الأمين. وقولها كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس غير الأنين. هذا وقد أطلت عليك ما ينبغي أن يقتصر فيه مع علو مكانك. ومشيد مبانيك في البلاغة وأركانك. والله تعالى يلهمك صبراً جميلاً. على هذا المصاب ويوليك أجراً جزيلاً. على فقد ذلك المليك المهاب. ولا يسمعنا وإياك بعدها صوت عزاء. ولا فقد أحد من الأعزاء. ولا يحملنا ما لا طاقة لنا به من مثل هذه الأرزاء. فوالرحمن لهو الرزء الذي كل رزء بالنسبة إليه أقل الأرزاء. والسلام. ومن انشائه أيضاً ما كتبه إلى جدي الأمير نصير الدين حسين قدس سره مراجعاً
أمولاي يا نجل خير البرايا
…
ومن في العلوم إليه المصير
أبوك غياث لدين تسامى
…
وأنت لنا صرت نعم النصير
وصل إلي من تلقاه سيد تولى الروح الأمين تحريك مهود آبائه. وجاء إلي من أرجاء أيدي جده الذي نفحت شنشنته الأرجة من دوحة إبائه. وتنقل في الأصلاب الطاهره. فأضحت شمائله هذه الشمائل العنبرية الباهره. أبت أخلاقه إلا أن تسمو وتتقاصر دون معاليه أرباب الرتب. وأبى فضله إلا أن يتسنزل دراري الأفق إذا كتب من كتب. تبارك الذي أنشأه وحلاه بهذه المعارف. وأظله في خميلة شرف تهتز أعطافه في روضها البديع الوارف. ولا بدع فمن كان محمد أباه. وعلى أودعه في الأصداف الثمينة وحباه. أن يتطاول إلى الأتير بفخاره. ويسمو على كافة الحسب والنسب بنجاره. كتاب ما هو إلا سحر بابل. وسلافة أدب تلعب بعقول الأنابل. وأيم الله أنه ترك الفكر حيارى. والذكر من جوابه سكارى وما هم بسكارى. إن تأملت بيانه. قلت لله در منشئه وحرس بنيانه. ما هو إلا تقاصير عقود نحور الخرد الكواعب أناط بها مولانا ابريزه وعقيانه. ثم أنه أفاض الله على أعطافه سوابغ فضله. وأسبل جوده الهامر على ساحاته المشرقة ومساعيه التي تنفحت بشمائم نبله. أودع كتابه جملة فنون لا يقوم بالاحاطة بكنهها أحد. وكليات اندرج تحتها جزئيات لو رآها الرئيس لم يتجاوز في ضرب قانونه الحد. وبالله أقسم أنه كشف لي ما انبههم من مخدرات الحكم. وأماط نقاب الفضل عن محررات فهوم يجزم فرسان التدقيق بأنه بين أرباب العقول الفاضلة حكم. ولله دره فيما حكى عن حاله من غوامض الاشارات. بعبارة مفهمة لتلك الرموز والاعتبارات. وفهمت من كتاب مولانا أنه شكا ألماً ألم بجسمه. وما هو إلا أنه زار ذلك الجثمان للتشرف وحاشا أن يكون لمحو رسمه. وكيف وهو حياة العالم. وخيرة الله من بني آدم. وهو الذي بوجوده استنت السنن وفرض الفرض. وصدقت عليه كلمة قوله تعالى وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. وعرف مكنونات التنزيل ومضمونات الأثر صحيحها والهزيل. ولقد بالغ المملوك في تكليف سيده بالمكاتبه. ولم يطلع على ما حكاه لسان قلمه من الفتور عن المخاطبه. إلا بتحبير انبوبته التي لا تزال بالفضائل راعفه. وتحرير كلمه التي لا تفتأ تهدى لخدم أعتابه كل عارفه. ولعمري لقد سررت بأن مولانا تتمايد أعطافه في رياض العافيه. وتتمايل أكتافه إلا أنها في غياض أنهار صافيه. وأيم الله لا أزال أشتاق إلى محيا أقسم أنه فطرت قسماته من ملامح النبوة. وعطرت نسماته من ريحانتي هاتيك المكارم والفتوه. ثم أن سيدي لا تزال صدقاته على المملوك متواليه. من تفاح فياح. وأوراق عطرة الأرواح. متتاليه. وترنج كأنما هو أنامل بالندى مبسوطه. وبأنواع العبائر المخضلة محوطه. حتى أن المملوك القروي. وأما ما أشار إليه مولانا من أم القرى وكونها من مقتضيات الفصاحه. فما أنا إلا عن جراثيمك الطيبة الزكية اقتبس محسنات الألفاظ وأروى مآثر السماحه. وإلا فالمعجز من البلاغات والسور. هو ما حكته لهاة جدك عن مفيض الفيوضات القدسية على الذوات والصور. فما المملوك إلا سلمان بيتكم. وحسان كرمكم وصيتكم. والباذل لمهجته في مرضاة أبيك الفاتح الخاتم. المتمسك بود آل بيت لا يفرحون بالمسرات ولا يترحون بالمآتم. هذا والله يجزي سيدنا ومولانا عنا أفضل الجزا. ويجعل نصيبه من الثواب الجزيل أوفى الأنصباء والأجزا. والملتمس أن لا يخليني من دعائه ووداده. وأن يكون وسيلتي يوم لا وسيلة إلا هو وأسلافه الكرام إلى كوثر النعيم ووراده. والسلام. ومنه ما كتبه أيضاً إليه. وقد سأله عن خبر الناب الوارد م مصر. يقبل الأرض لاثماً تلك الأعتاب الشريفه. ويؤدي الفرض جازماً بأنه تشرف بالاضافة إلى شرائف تلك الرحاب المنيفه. رحاب سيدنا ومولانا الذي تفرع من ذلك المحتد المعظم. وغدى لبان النبوة فلا بدع إذا ارتفع مقامه العلي وتنظم. وتدرع سربال الفتوة بكريمة قل لا أسألكم عليه أجراً. وتشرع بجلباب الفضائل فكان مصداقاً لعظيمة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس شرفاً وذكراً. غرة ذلك المحيا النبوي. درة عقد ذلك المحيا الأماني العلوي. سلالة الائمة الذين حبهم يسند على أرائك النعيم. دلالة الجلة الذين ودهم أداهم إلى تلقي الأكواب من راحات ملائك التنعيم. الغني بنسبه الواضح عن الطراز الأخضر. السني بحسبه الفاضح إذا ازدهر روض الاحساب الأنضر. السيد الذي إذا قال قال الذي عنده علم من الكتاب. الأيد إذا طال قصر كماة الفصول والأجناس عن حد
نوعه بالرسوم والأبواب. فما الرازي إلا ملثمس بفخره. وما ابن كثير إلا قليل بالنسبة إلى شرف ذكره. وما الرئيس إلا ناطق عن اشاراته. وما ابن النفيس إلا مقتبس من عباراته. مولانا وسيدنا العالم المحقق. الايد الفهامة المدقق. أبو المعالي نصير الدين ابن العلامة المحقق غياث الدين منصور حرس الله تعالى ايوان الفضل بودوده. وروح ديوان الكرم الوافر السجل بأويده. وابقاه لحياة أرواح العلوم. وتحقيق الفرق الأدق بين الاسم والمسمى والعلم والمعلوم. آمين. وينهى وصول الكتاب المنبي عن كرم مرسله. وهمم مهديه وموصله. وسجايا مسديه وملحمه. ومزايا مؤديه ومفهمه. لله دره من كتاب. وعين الله على أنامل رقمته فما ألفت إلا نجم الأفق قلائد للرقاب. ولقد تصدق مولانا وأنعم. وملأ قلب المملوك بوده ولعمري كيف يملأ ما هو مشحون بحبه ومنعم. ولقد أدى مولانا حقوق السياده. وكاتب المملوك مع أنه لا يرغب إلا في الرق لباب علي والدخول في العبودية من باب الزياده. ولما اطلع على ما رقمه مولانا في الحاشية وهو ما لفظه المحب نصير الحسيني. هملت عينه بالدموع ويقل في حب تلك الريحانة ان تهمل بالدماء عيني. وسألت الله أن يجعلني يوم لا يوم من المحشور في زمرتكم الفائزه. المنشورين في نور غرركم يعرفون به فينادون أيها الفرقة الناجية الحار جدك الذي تولى تزويجه البتول فاطر السموات والأرض من حوض الكوثر. واسمع مولى كل من خامر الايمان قلبه ومن طبع الله على قلبه ارتد وتعثر. هذا وكم وكم أقول. وفي الذكر المنزل ما يغني عن النصوص والنقول. وما ذكره مولانا من جهة النجاب. والخبر الذي ضرب بيننا وبينه سوراً إلا أنه ليس له باب. إلى غير ذلك. ومنه ما كتبه إليه مراجعاً وصدره بهذه الأبيات من نظمه وهيه بالرسوم والأبواب. فما الرازي إلا ملثمس بفخره. وما ابن كثير إلا قليل بالنسبة إلى شرف ذكره. وما الرئيس إلا ناطق عن اشاراته. وما ابن النفيس إلا مقتبس من عباراته. مولانا وسيدنا العالم المحقق. الايد الفهامة المدقق. أبو المعالي نصير الدين ابن العلامة المحقق غياث الدين منصور حرس الله تعالى ايوان الفضل بودوده. وروح ديوان الكرم الوافر السجل بأويده. وابقاه لحياة أرواح العلوم. وتحقيق الفرق الأدق بين الاسم والمسمى والعلم والمعلوم. آمين. وينهى وصول الكتاب المنبي عن كرم مرسله. وهمم مهديه وموصله. وسجايا مسديه وملحمه. ومزايا مؤديه ومفهمه. لله دره من كتاب. وعين الله على أنامل رقمته فما ألفت إلا نجم الأفق قلائد للرقاب. ولقد تصدق مولانا وأنعم. وملأ قلب المملوك بوده ولعمري كيف يملأ ما هو مشحون بحبه ومنعم. ولقد أدى مولانا حقوق السياده. وكاتب المملوك مع أنه لا يرغب إلا في الرق لباب علي والدخول في العبودية من باب الزياده. ولما اطلع على ما رقمه مولانا في الحاشية وهو ما لفظه المحب نصير الحسيني. هملت عينه بالدموع ويقل في حب تلك الريحانة ان تهمل بالدماء عيني. وسألت الله أن يجعلني يوم لا يوم من المحشور في زمرتكم الفائزه. المنشورين في نور غرركم يعرفون به فينادون أيها الفرقة الناجية الحار جدك الذي تولى تزويجه البتول فاطر السموات والأرض من حوض الكوثر. واسمع مولى كل من خامر الايمان قلبه ومن طبع الله على قلبه ارتد وتعثر. هذا وكم وكم أقول. وفي الذكر المنزل ما يغني عن النصوص والنقول. وما ذكره مولانا من جهة النجاب. والخبر الذي ضرب بيننا وبينه سوراً إلا أنه ليس له باب. إلى غير ذلك. ومنه ما كتبه إليه مراجعاً وصدره بهذه الأبيات من نظمه وهي
أنت نعم النصير في كل نادي
…
أنت نعم المولى لكل العباد
ذو الأيادي والأيدي أنت جميعاً
…
سيد الناس أوحد العباد
ولك الارث في الولاء بحق
…
في رقاب الورى ليوم التناد
لمقال النبيّ في ماء خم
…
أنت مولى لمؤمن ذي قياد
فتهادي بالطوع قوم ففازوا
…
وتمادي الغبيّ في الانتقاد
ثم قال النبيّ وال علياً
…
يا إلهي فكاد حتف المعاد
خص باللعن من تولى عتوّا
…
وحشاه مقطع بالعناد
شرف شامخ ومجد رفيع
…
وافتخار يذيل غلب الهوادي
كنت في الصلب إذ دنا فتدلى
…
كنت في الصف في مقر الجلاد
ثم من قبل إذ أجبت نداء
…
لأ لست الاله في كل وادي
من يباريك في السيادة غر
…
بمزايا تنير منها الدآدي
أو يجاريك في العلوم جهول
…
ماله في الفهوم من مستفاد
أنت أنت المعروف في كل فضل
…
أنت صدر الاصدار والايراد
وسوى بينك المنكر جهلاً
…
وسواك الضنين بالامداد
فابق واسلم لك السلامة دار
…
والمثاني من الثنا في ازدياد
كيف لا اثنى على امام فضل جاد وأجاد. أم كيف لا أعني همام نبل لا أعلم غيره البر البحر السجاد. نعم هو السيد المفضال إذا عدت السادات الأجواد. وهو الأيد الفضال إذا مدت الافادات أيدي الأعلام الأطواد. سلسلة مدارج الشرف التي ليس لسدرة عزها منتهى. صلصلة معارج الغرف التي من دونها أزهى الفراقد والسها. نضرة محيا رافع علم الرساله. خضرة محيا شافع السماحة بالبساله. اذفر لطائم النبوه. عبهر شمائم الفتوه. ريحان مشام المكلم من قاب. ريعان مسام العلم فصل الخطاب غربة جبين الامامه. درة ثمين الكرامه. مياد معاطف العلوم. مياس معاً كف الفهوم. نصير كتائب السياده. مصير سحائب السعاده. أرج الشناشن والسجايا. بهج المحاسن والمزايا. السيد الذي أورقت أغصان سيادته في خمائل المعالي. والأيد الذي أورفت أفنان سعادته في الأفلاك العوالي. ومولانا السيد الأعلم. أبو المعالي. نصير الدين ابن مولانا المحقق الأفهم. غياث الدين منصور. أدام الله عزته إلى يوم ينفخ في الصور. آمين. ورد الكتاب. الذي أزهرت أفانينه. وازدهرت دراريه وقوانينه. وما هو إلا روضة بليلة الأدواح. عليلة النسائم والأرواح. سقيت بسلسال البراعه. وبقيت في صلصال البداعه. صدحت حمائم همزاتها على منابر البلاغه. ونفحت شمائم رمزاتها فأخذ للقوة منها بلاغه. سبحان من أفاض على منشيء هذه الرسالة مطارف المعارف. وأسبل على أكناف موشي هذه النسالة لطائف العوارف. مهلاً يا درة التاج من أبناء العواتك. وغرة مستخدمي الأرواح المجردة من الملائك. فما أناملي تتطاول لاجابة من استنزل المشترى وأودعه من كتابه. ولا عواملي تهتز في ميادين اثابة من استخدم عطارد لترجمة خطابه. على رسلك فما أهديتك الانيرات الفلك تتألق. وما أسديت الأشمو ما أذبتها وطبعتها صحائف فهي بأناملك الشريفة تتملق. رجع إلى ذكر حقائقها. وعود إلى شكر شقائقها. إن مرت على ناد قلت هذه إذا فرفضت لطائمها. أو على واد قلت هذا الوادي المقدس تنشقك من أزاهره شمائمها. يا ليت شعري أهذا كتاب أم جنة الخلد ومعانيه الكواعب. أم سماء وألفاظه الكواكب. أم فراديس النعيم وهذا مقيل الحور والملاعب. وهذه المتلوات سحر هاروت الذي هو للعقول خالب. أم شمول يطوف بها ولدان مخلدون بأباريق على الأصاحب. أم سلاف أدب تديرها حور عين كأنهن بيض مكنون. مزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون. لعمري إن لك في أنهار الطرس سبحاً طويلاً. وفي أسحار النفس تقوم الليل إلا قليلاً. جل من أقدرك على إجراء جداول مشارع البيان العذبه وسواك فعدلك في صورة المقتدر على ابتداع خطبة بعد خطبه. ابلست عنادل الفصاحة بسجع حمائمك إبان الربيع. وبخست منادل الخمائل النفاحة لمعطار كلامك الذي سلك في الحكيم ينابيع. حرس الله مشاهد الفضل ومقاعده. ومعاهد الفصل ومعاقده. ببقائك يا سيد الاعلام. وامام أرباب التأليف والإعلام. آمين. وما نوه به مولانا في الحاشيه. من المكارم التي لم تزل للمملوك غاشيه. وبكرائم الاثنية فاشية. وبنمائم الامداح العنبريه واشيه. من الاحجام والاستعجام. والبروز من باب هضم النفس والدخول إلى أجناس البلاغة والآجام. كيف وقد أتى سيدنا بالمعجز الذي يكع عن مباراته فيه المصقع ذو السقاسق. والقرم الذي تنفهق لهاته بالشقاشق. ولا بدع فهو العربي أصلاً. الأدبي جنساً وفصلاً. والمعرفة الذي بالاعتزاء إليه يتعرف المتوغل في الابهام. والعلم الذي تنقشع بمفهوه سحائب الايهام. ولعمري أنه العمدة الذي يخبر عن مكارمه. والصدر الذي تتفرع عنه الأفعال الطيبة وتتعرف عن معالمه. وأما صحة جثمان المملوك فوحق جدك الأجد. ووصيه الأشد الساعد والأسد. فما كأنها كانت إلا منوطة بكتابكم الذي هو برء ساعه. وخطابكم الذي لا أشك أن ملبيه فائز بما لا يفوز به شهود الجمعة والجماعة. كأن الكتاب والشفاء وردا معاً. وكأن مولانا أجابه الله إذ توجه لشفاء المملوك ودعا. نعم وامتثلت لاشارته أولاً بمنع نفسي عن شرب الماء بعد الغذاء قدر ساعتين أو ثلاث. وتقليل المأكول بمقدار مثنى من اللقم وثلاث. إذ المعدة كانت عاجزة عن تحمل الكثير. كالة عن انضاج ما كانت تنضجه غير قادرة على التأثير. والآن بحمد الله إذ ثنيتم عنان العنايه. ولم يتم عنوان الالتفات إلى مربكم والرعايه. فهو في نعمة سابغة المطارف. فياضة الذوارف. وأما شوق
المملوك إلى المثول بساحتكم المخضلة الربا. المعتلة النسائم والصبا. فهو والله كاد أن يماثل الرمال. بل ويتجدد بمعاقد التأكيد كما تتجدد الأعمال. وفي الحقيقة ما أخلفت الوعد بملكي. ولكن الدهر لا يزال يوقفني مواقل التشكي. كيف أقول أم كيف أحكي. وقد نثرت الأقدار درر الاثراء من سلكي. والله تعالى يحفظ مولانا ويديمه. ولطاعته يقيمه. آمين. ومن انشائه أيضاً قوله. يقبل الأرض وفؤاده من لظى هذه الفجائع الهائلة بتسعر. وانهار شؤونه من هذه الوجائع النازلة تتفجر. وجوانحه من لوافج هذه الوقائع القاتلة تكاد تتميز من الغيظ وتتفطر. وأحشاؤه صليت بنار هذه الفادحة الصائلة فأضحى دم السويداء السواد يتقطر. كيف لا وقد عمت مصيبتها البلاد. وشملت نكاية صعوبتها العباد. وانثلم بمكانها بنيان الثغور. وانفصم بزمانها عرى الدواوين والصدور. وحق للمحابر والاقلام. أن تهشم وترمي في البحور. والدفاتر والأرقام أن تحرق وتذر في مهب النكباء والدبور. ولمداد الخط أن يفيض. ولا مداد اللحظ أن يقيض. ولقد أصبح وجه الكورة متسربلاً بشعار العباس. وشق جيب اليراع وسود وجه القرطاس. ونعق غراب البين بعد صدح حمائم الأفراح. وخلت المنازل من تلك الوجوه الصباح. وك إلى المثول بساحتكم المخضلة الربا. المعتلة النسائم والصبا. فهو والله كاد أن يماثل الرمال. بل ويتجدد بمعاقد التأكيد كما تتجدد الأعمال. وفي الحقيقة ما أخلفت الوعد بملكي. ولكن الدهر لا يزال يوقفني مواقل التشكي. كيف أقول أم كيف أحكي. وقد نثرت الأقدار درر الاثراء من سلكي. والله تعالى يحفظ مولانا ويديمه. ولطاعته يقيمه. آمين. ومن انشائه أيضاً قوله. يقبل الأرض وفؤاده من لظى هذه الفجائع الهائلة بتسعر. وانهار شؤونه من هذه الوجائع النازلة تتفجر. وجوانحه من لوافج هذه الوقائع القاتلة تكاد تتميز من الغيظ وتتفطر. وأحشاؤه صليت بنار هذه الفادحة الصائلة فأضحى دم السويداء السواد يتقطر. كيف لا وقد عمت مصيبتها البلاد. وشملت نكاية صعوبتها العباد. وانثلم بمكانها بنيان الثغور. وانفصم بزمانها عرى الدواوين والصدور. وحق للمحابر والاقلام. أن تهشم وترمي في البحور. والدفاتر والأرقام أن تحرق وتذر في مهب النكباء والدبور. ولمداد الخط أن يفيض. ولا مداد اللحظ أن يقيض. ولقد أصبح وجه الكورة متسربلاً بشعار العباس. وشق جيب اليراع وسود وجه القرطاس. ونعق غراب البين بعد صدح حمائم الأفراح. وخلت المنازل من تلك الوجوه الصباح.
علينا لك الاسعاد إن كان نافعاً
…
بشق قلوب لا بشق جيوب
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
…
ولا موجعات القلب حتى تولت
وأيم والله لقد تزعزعت لافول ذلك النير أركان الرياسه. وتضعضعت لفقده حيطان البسالة والنفاسه. بوأه الله مقعد صدق عند مليك مقتدر. ولا برحت رشحات سحاب رحمته على مثواه تدر. ولم يبق إلا الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآله في الصبر والاحتساب. وتسليم الأمر إلى صاحبه الذي كتب هذا المصرع على الرقاب. وهذا مصاب لم يكن بد من الاصطبار. على تصاريف الزمان الغدار. وطوارق نوائب أدوار الفلك الدوار، إذ من البين الذي لا يشتبه على ذي بصيره. إن الله جعل هذا مآل كل حي ومصيره. سليت خاطري الكئيب بوجودكم المغتنم. وأخمدت نار حزن كان قد شب لظاها واضطرم. ومن شعره قوله في صدر كتاب
هذا نظامك أم در بمنتسق
…
أم الدراري التي لاحت على الأفق
وذا كلامك أم سحر به سلبت
…
نهى العقول فتتلو سورة الفلق
وذا بيانك أم صهباء شعشعها
…
أغن ذو مقلة مكحولة الحدق
بتاج كل مليك منه لامعة
…
وجيد كل مجيد منه في أنق
روض من الزهر والأنوار زاهية
…
كأنجم الأفق في اللآلاء والنمق
وذي حمائم ألفاظ سجعن ضحى
…
على الخمائل غب العارض الغدق
رسالة كفراديس الجنان بها
…
من كل مؤتلق يلفى ومنتشق
كأنما الألفات المائدات بها
…
غصون بان على أيد من الورق
تعلو منابرها الهمزات صادحة
…
كالورق ناحت على الأفنان من حرق
ميماتها كثغور يبتسمن بها
…
يزرى على الدر إذ يزهى على العنق
فطرسها كبياض الصبح من يقق
…
ونقسها كسواد الليل في غسق
يا ذا الرسالة قد أرسلت معجزة
…
ردت بلاغتها الدعوى من الفرق
ويا مليك ذوي الآداب قاطبة
…
ويا اماماً هدانا أوضح الطرق
من ذا يعارض ما قد صاغ فكرك من
…
خلى البيان ومن يقفوك في السبق
أنت المجلى بمضمار العلوم إذا
…
أضحى قروم أولى التحقيق في قلق
صلي أئمة أهل الفضل خلفك يا
…
مولى الموالي ورب المنطق الذلق
مسلمين لما قد حزت من أدب
…
مصدقين بما شرفت من خلق
مهلاً فباعى من التقصير في قصر
…
وأنت في الطول والاحسان ذو عمق
سبحان بارىء هذي الذات من همم
…
سبحان فاطر ذا الانسان من علق
يا ليت شعري هل شبه يرى لكم
…
كلا وربي ولا الأملاك في الخلق
عذراً فما فكرتي صوّاغة درراً
…
حتى أصوغ لك الأسلاك في نسق
واسلم ودم وتعالى في مشيد علا
…
تستنزل الشهب للانشا فلم تعق
وقوله مخاطباً بعض أكابر عصره لأمر اقتضى ذلك
حصل القصد والمنى والمراد
…
واستكانت لمجدك الأضداد
اسجد الله في عتابك شوساً
…
تتقي الأسد بأسها والجلاد
وأذلت لك الجدود أناساً
…
شيد للمجد في رباهم عماد
ثم جاءت إليك طوعاً وكرهاً
…
تتهادى حيناً وحيناً تقاد
أنت في الشهب ثاقب لا تسامى
…
في معاليك حين تثني الوساد
لا تبالي بنازل وملمّ
…
ولو أن الملمّ سبع شداد
ساهراً في طلاب كل منيع
…
عزّ نيلاً فلم ينله العباد
سهره النفس إن يسمه كميّ
…
والطريق السهاد والجسم زاد
من يجد بالجنان نال مناه
…
والشحيح الجنن عنة يذاد
لا تنال العلى بغير العوالي
…
لا ولا الحمد يكتسيه الجماد
احمد الناس أنت قولاً وفعلاً
…
والوفيّ الذمام والمستجاد
يا شهاباً بجده حاز جداً
…
ومقاماً لغيرة لا يشاد
ماز بيني وبين خدني فدم
…
ذو سبال يدب فيها القراد
ولو أن الذي تحكم فينا
…
ألمعيّ لقر منى الفؤاد
أنكر المارقون فضل عليّ
…
ورماهم إلى الجحيم العناد
وحقيق أن البلاء قديم
…
وأهالي الفهوم منه تكاد
ويولىّ الأمي حكم البرايا
…
والبليغ المقال لا يستفاد
وولاة الأمور فينا حيارى
…
وذوو النقص لا تزال تزاد
عادة الدهر أن يؤخر مثلي
…
وعلى الأصل جاء هذا المفاد
قل لمن يبتغي التفاضل بيني
…
ثم بين القضاة هذا الزماد
فاقتبس من زنادهم لك ناراً
…
أو فدعهم إن لاح منه الرماد
ويح دهر لا يعرف الفرق فيه
…
بين عيّ وقائل يستجاد
هين ما لقيت ما دمت فينا
…
ذا عفاف وصح منك الوداد
وقوله أيضاً
سلام على الدار التي قد تباعدت
…
ودمعي على طول الزمان سفوح
يعز علينا أن تشط بنا النوى
…
ولي عندكم دون البرية روح
إذا نسمت من جانب الرمل نفحة
…
وفيها عرار للغوير وشيح
تذكرتكم والدمع يستر مقلتي
…
وقلبي مشوق بالبعاد جريح
فقلت ولى من لاعج الوجد زفرة
…
لها لوعة تغدو بها وتروح
ألا هل يعيد الدهر أيامنا التي
…
نعمنا بها والكاشحون نزوح
وقوله في صدر كتاب
بحق الوفا بالود بالشيمة التي
…
عرفتم بها بالجود والكرم الجم