الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغنت ببيت يلبث الركب عنده
…
حيارى بصوت عنده يرقص البر
أراد بالبر خلاف الفاجر
إذا كنت منظوراً فلا زلت هكذا
…
وإن كنت مسحوراً فلا برىء السحر
فقلت لها والله يا ابنة مالك
…
لما شفنى إلا القطيعة والهجر
رمتني العيون البابليات أسهماً
…
فاقصدني منها سهامكم الحمر
فقالت وألقت في الحشا من كلامها
…
تأجج نار أنت من ملكنا حر
فوالله ما أنسى وقد بكرت لنا
…
بإبريقها تسعى بها القينة والبكر
تدور بكاسات العقار كأنجم
…
إذا طلعت من برجها أفل البدر
نداماي نعم والرباب وزينب
…
ثلاث شخوص بيننا النظم والنثر
على الناي والعود الرخيم وقهوة
…
يذكرها ديناً لأقدامنا العصر
فتقتص من ألبابنا ورؤسنا
…
فلم ندر هل ذاك النعاس أم السكر
يريد أن هذه القهوة عصرناها بأقدامنا فاقتصت من رؤوسنا وهو معنى حسن إلا أنه ضعف التركيب غبر في وجهه وهو من قول أبي نواس
عاقرتم معقورة لو سالمت
…
شرابها ما سميت بعقار
ذكرت حقاً يدها القديمة إذ غدت
…
صرعى تداس بأرجل العصار
ورنت لهم حتى انتشوا وتمكنت
…
منهم فصاحت فيهم بالثار
وإنما نبهت على ذلك كله لأن بعض أهل العصر يغالي في استحسانها زاعماً أنها من أعلى طبقات الشعر وليس الأمر كما توهم ولا حاجة بنا إلى اثبات جميعها ومن مديحها قوله
مليك له سر خفي كأنما
…
يناجيه بالغيب ابن داود والجفر
فإن كذبوا أعداء زيد فحسبه
…
من الشاهد المقبول قصته البكر
ليالي إذ جاء الحصي وأكثروا
…
أقاويل عني ضاق ذرعاً بها الصدر
فأيقظه من نومه بعد هجعة
…
من الليل بيت زاد فخراً به الشعر
كأن لم يكن أمر وإن كان كائن
…
لكان به أمر نفاذ لك الأمر
وفي طي هذا عبرة لأولي النهى
…
وذكر لمن كانت له فطنة تعر
يشير بذلك إلى ما وقع للشريف المذكور وهو أن سلطان الروم وجه خادماً خصياً من أعاظم خدامه إلى مكة المشرفة وأمره بالقبض على الشريف وتقييده وأن يأتي به إليه وشاع اخبر بذلك فلما بلغ الشريف قلق واهتم فسمع في بعض الليالي هاتفاً ينشد هذا البيت
كأن لم يكن أمر وإن كان كائن
…
لكان به أمر نفاذ لك الأمر
فلم يصل الخادم إلى وادي فاطمة حتى وافى البريد يخبر موت السلطان والأمر بعدم التعرض للشريف بمكروه فعد ذلك من غرائب الوقائع والله أعلم
بدر الدين محمد بن سليمان
أبو فاضل المرهبي اليمني
أحد فضلاء اليمن. وواحد أدباء الزمن. إن نثر أزري بزهر المروج. وأوفى على زهر البروج. وإن نظم أخجل جواهر العقود. وفعل بالألباب فعل ابنة العنقود. وكلامه يطرب الأسماع. ويأخذ بمجامع القلوب والأسماع. على أنه كان مغالياً بشعره. أسفا أن يقرن شعر أقرانه بشعره. وإذا ذكر معه أحد من الشعراء. قال ايقاس الفحل بالعشراء. وقد وقفت له على نثر اتبعه بنظم. نهك فيه من أدباء بلده اللحم والعظم. وهو رسالة كتبها إلى جمال الاسلام والمسلمين. علي بن المتوكل على الله أمير المؤمنين. وقد أحسن التوجيه فيها بأسماء السور. وجلا معانيها في أحسن الصور. وصورتها مولانا جمال الاسلام. وبهجة الايام. لا زالت آيات الثنا عليه منزلة. وسور المدائح لديه مجملة ومفصلة. فإن الشعراء ببابك العالي كالنمل. ولو طاب ما يخرج في أفواههم لقلت كالنحل. قد ملؤا الحجرات. وأشبهوا بأكمامهم الصافات. وبسرعة عدوهم إلى السفرة العاديات. فهم كالانعام لدى المائده. ما منهم إلا من يرى الحذر في الأطعمة. ولا يجيز الترتيل للقم البارده. قد جودوا الأكل لكنهم يرون اظهار البلع في موضع الاخفاه. ويلزمون العشا القصر والمقلاة الامالة وهذا مخالف لما عليه القراء طالما وقفوا في السفرة حيث لا يحسن الوقوف. وكم سمعت لهم عند رؤية الثريد غنة تنبىء عن معرفتهم بمخارج الحروف. يستجيدون في اللقم الادغام. ولا يقنعون من الطبائخ بالاشمام. لهم في تسهيل النجم تدقيق. وعند تفخيم الهضبات ترقيق. فأما فلان فللوغد عند صوته فخامه. ومتى أنشد قصيدة ظن السامع أنها الحاقة أو القيامه. لا يحسن العصص. ولا يجيد الفاتحة ولا المخلص. ليس له حجر إبراهيم. ولا عرفات بالطلاق والتحريم. يروم أن ينظم ما حرروه لقمان من الحكم. فيأتي من كهف خياله بقصة يونس وما لقي من الألم. فسبحان من أسرى بعقله من تلك الثياب. وصيره ضحكة بين الأحزاب. وأما فلان فما أحقه أن يتلى له الواقعه. ويرمي بجميع ما قاله في القارعه. لأن البقرة عنده انسان. وله عند الأنفال نضنضة افعوان. طالما نسجت على شعره العنكبوت. وضاقت بما قاله المنازل والبيوت. وتبرم به البلد. واستجار بالمعوذات منه كل أحد. يحب التكاثر ويبخل بالماعون. ويحضر الجمعة هو والمنافقون. وأما فلان وإن عز ببابه الغاشيه. وأعجب قاعداً بالانشاد على ركبه الجاثيه. وادعى أنه فرد العصر. وأنه لا يأتي الزمان بمثل إلى الحشر. فإنه يستعين في زخرف نظمه بالزمر. وكثيراً ما تراه لا يفرق في البروج بين النجم والشمس والقمر. فإذا رأيته يزمزم بالفتح في الكلام. ويتشبه بمحمد عليه الصلاة والسلام. فنعوذ بالله من جهل كالليل المظلم. وانسان في صورة الفيل المفلم. نعم أجمع أهل الشورى على أن يذري جميع ما قالوه في الذاريات. ويحال جوائزهم فيه على النازعات. ويؤمروا بالحج والتوبه. وأن لا يكون لهم إلى تعاطي الشعر من أوبه. ويخوفوا بالنبأ. وتتلى عليهم الأواخر من سبأ. وقد نظم المملوك قصيدة صعد بها الأعراف. وأتى فيها من أوصاف النساء بمحاسن الأوصاف. وأجاد فيها تشبيه العذار بالدخان والأرداف بالأحقاف. ووشحها بتقاصير الحكم. وعوذها من الناس بتبارك وحصنها من الجن بالقلم. وقطع في تنقيح مرسلات أمثالها شطر الدهر. واشتغل بتنميقها عن رعاية القدر في ليالي هذا الشهر. قضاء لحق نعمتك التي أحلتني الطور. وأقبستني النور. فإن تقض بالفرق بين شعري وشعرهم فكرتك الممتحنة. وتحقق أن فضل قافيتي على قوافيهم كالضحى مردوفة بالبينة. وتميز بين النظمين بالتباين. وإلا وقع في المعارج التغابن. وربما قطعت عليهم النشيد. وبرزت في الصف شاكاً في الحديد. لا زال النصر قرين لوائك. والزلزلة في بيوت أعدائك. وتبت يدا معاديك. وقر بالاخلاص قلب مواليك. والقصيدة الموعود بها هي هذه
أما آن أن ترقي الجفون السواجم
…
وتقصر هاتيك القلوب الهوائم
وقد سمعت زهر النجوم دعايتي
…
وملت مناجاتي لهن الحمائم
إلى الله حتى البرق أعداه رقة
…
نحولي واعتلت لجسمي النسائم
ومن حر ما ألقاه من مهيع الصبا
…
غدت نسمات الحي وهي سمائم
وقد ذهبت لوني يد الشوق واكتسى
…
أصيل الحمى من صغرتي وهو نائم
ولولا بكاي في المعاهد سحرة
…
لما سمعت للطير فيها مآثم
وكم يستمد القيظ من حر زفرتي
…
وتمتار من أجفان عيني الغمائم
وما الرعد إلا أنه من جوانحي
…
تنم بما زارته مني الحياء دم
فحتام قلبي في الصبابة هائم
…
وإنسان عيني في المدامع عائم
خليلي كم أخفى الهوى وتذيعه
…
جفون مساعي الدمع فيها النمائم
ولم أر مثل القلب عوناً على الهوى
…
تشب به نار الجوى وهو كاتم
وفي كبدي من حب اسما جراحة
…
تعز على الأسى فيها المراهم
وإن شفائي ما استدار نطاقها
…
عليه وما ضمنته منه المباسم
ودون لقاء أسماء من بأس قومها
…
سباسب ما سارت عليها المناسم
ومن ذا على خوض المهالك مسعدي
…
وقد قل في هذا الزمان المسالم
أخلاي طرا حاسد ومفند
…
وقال ومغتاب وواش ولائم
سقى تلعات الجزع فالشط فاللوى
…
فسفح النقا سار من المزن ساجم
مغان قضت فيها الشبيبة حقها
…
سروراً وغصن اللهو ريان ناعم
ولي بين هاتيك المعاهد ظبية
…
تبات حواليها الليوث الضراغم
من الهيف نعساء النواظر طفلة
…
لها السمر والبيض الرقاق تمائم
تنام فلم يلمم بها الطيف غرة
…
بفحش ولم يحلم بها قط حالم
ترى علمت أني بها الدهر مغرم
…
وأن فؤادي في الصبابة هائم
وإن لقلب لوعة يستثيرها
…
إذا هدأت جنح الظلام الهمائم
لئن درست تلك المعاهد أو عفت
…
فلم تعف من شهوى إليها معالم
وأن زماناً قد قضت لي صروفه
…
بفرقة هاتيك الديار لظالم
وهل جاز لي أرض عن الدهر أواري
…
به ضاحكاً والفضل غضبان واجم
ومالي لا أشكو الزمان وقد هوت
…
بأهل النهى أحقاده والسخائم
يحار ذا ما سيل لم أخصب الفتى
…
جهولاً ولم أكدى بها وهو عالم
وما هي إلا حكمة دون فهمها
…
فلاة مطي العقل فيها روارم
تقاصرت الأوهام عنها كأنما
…
عليها لتضليل العقول طلاسم
وأسلم شيءٍ أن يقال بأنها
…
حظوظ قضى الباري بها ومقاسم
ألم ترني أستنهض الجد عاثراً
…
وأستنطق الأقدار وهي أعاجم
وأستنجح الأيام وهي حوائل
…
وأستمطر الأنواء وهي حوائم
وذنبي أن في البلاغة صادح
…
وغيري في أسر الفهاهة باغم
وفي الناس من يستقصر الشعر رتبة
…
وما الناس لولا الشعر إلا بهائم
فبي ختمت رسل الفصاحة وانتهت
…
إلى ابن أمير المؤمنين المكارم
فتى يسعد الآمال والفضل عنده
…
وتشقى القنا في كفه والدراهم
بمن ذا من الأجواد يوماً أقيسه
…
وقد جاز في مسعاه كعب وحاتم
أنال الخراد البيض وهي كواعب
…
وأعطي عتاق الخيل وهي كوائم
غدا حاكماً شرق البلاد وغربها
…
وآمالنا فيما حواه حواكم
يجل صغير الأمر في عين غيره
…
وتصغر في عينيه منه العظائم
أنيطت به الأحكام طفلاً وأنها
…
تمائم مخصوص بهن الأكارم
نديماه يوم السلم شعر وعالم
…
وخدناه يوم الروع رمح وصارم
ترج نداه المغني وهو نافع
…
ولذ بحماه أمناً وهو عاصم
تخيلته في الدست بدراً متوجاً
…
ولكنه في السرج ليث ضيارم
رسائله السمر العوالي إلى العدا
…
وكم حمدت سمر العوالي العوالم
إذا سارا قذى مقلة الشمس عثيراً
…
وروعت الجوازا به والنعائم
وسد الفضا الرحب بالخيل والقنا
…
وضاقت به أنجاده والتهائم