الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واسكن المحبوب في داري
…
خالياً في خده الناري
ورد حسن ماؤه جاري
…
فوقه والنار تتقد
وهو وسط الدار. ساطع الأنوار
…
حوله الأقمار قد سجدوا
والنجوم الزهر قد أفلت
…
كلها من نوره خجلت
والمصابيح التي شعلت
…
خجلت من نوره خمد
كلما أزهر. نوره الأنور.
…
ناظري أمطر. واغتدى البرد
ضاحك في بارق عذب
…
باسم عن لؤلؤ رطب
برده يطفى لظى الكرب
…
جارت النظار إذ شهدوا
وجهه الوضاح. فالق الأصباح.
…
يشبه المصباح. يتقد
أبو البحر جعفر بن محمد حسن
بن علي بن ناصر بن عبد الامام الشهير بالخطي البحراني العبيدي أحد بني
عبد القيس بن شن بن قصي بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان رحمه الله تعالى
ناهج طرق البلاغة والفصاحة. الزاخر الباحث الرحيب المساحة. البديع الأثر والعيان. الحكيم الشعر الساحر البيان. ثقف بالبراعة قداحه. ودار على السامع كؤوسه وأقداحه. فأتى بكل مبتدع مطرب. ومخترع في حسنه مغرب. ومع قرب عهده فقد بلغ ديوان شعره من الشهرة المدى. وسار به من لا يسير مشمر وغني به من لا يغنى مفرداً. وقد وقفت على فرائده التي لمعت. فرأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. وكان قد دخل الديار العجمية فقطن منها بفارس. ولم يزل بها وهو لرياض الأدب جان وغارس. حتى اختطفته أيدي المنون. فغرس بفناء الفنا وخلد عرايس الفنون. وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله تعالى ولما دخل أصبهان اجتمع بالشيخ بهاء الدين محمد العاملي وعرض عليه أدبه فاقترح عليه معارضة قصيدته الرائية المشهوره التي مطلعها
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري
…
عهوداً بحزوى والعذيب وذي قار
فعارضها بقصيدة طنانة أولها
هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري
…
فسقيا فخير الدمع ما كان للدار
ولا تستطع دمعاً تريق عيونه
…
لعزّته ما بين نوء وأحجار
فأنت امرءٌ قد كنت بالأمس جارها
…
وللجار حق قد علمت على الجار
عشوت إلى اللذات فيها على سنى
…
سناء شموس ما يغبن وأقمار
فأصبحت قد أنفقت أطيب ما مضى
…
من العمر فيما بين عون وأبكار
نواصع بيض لو أفضن على الدجى
…
سناهن لاستغنى عن الأنجم الساري
حراير ينصرن الأصول بأوجه
…
تغص بأمواه النضارة أحرار
معاطير لم تغمس يداً في لطيمة
…
لهن ولا استعقبن جونة عطار
أيحنك ممنوع الوصال نوازلاً
…
على حكم ناه كيف شا وأمّار
إذا بت تستسقى الثغور مدامة
…
أتتك فحيتك الخدود بأزهار
أموسم لذاتي وسوق مآربي
…
ومجني لباناتي ومهبط أوطاري
سقتك برغم المحل أخلاق مزنة
…
تلفّ إذا جاشت سهولاً بأوعار
وفج كما شا المجال حشوته
…
بعزمة عواد على الهول كرار
تمرس بالأسفار حتى تركته
…
بدقته كالقدح أرهفه الباري
إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى
…
إلى معشر بيض أماجد أخيار
ومضطلع بالفضل زر قميصه
…
على كنز آثار وعيبة أسرار
سمي النبي المصطفى وأمينه
…
على الدين في إيراد حكم واصدار
به قام بعد الميل وانتصبت به
…
دعائم قد كانت على جرف هار
فلما أناخت بي على باب داره
…
مطاياي لم أذمم مغبة أسفار
فكان نزولي إذ نزلت بمغدق
…
على المجد فضل البرد عار من العار
أساغ على رغم الحوادث مشربي
…
وأعذب ورد العيش لي بعد امرار
وأنقذني من قبضة الدهر بعدما
…
ألح بأنياب عليّ واظفار
جهات على معروف فضلي فلم يكن
…
سواه من الأقوام يعرف مقداري
ولما انتهى إلى هذا البيت في الانشاد قال له وأشار إلى جماع من سادات البحرين وأعيانهم كانوا عنده وهؤلاء يعرفون مقدارك إنشاء الله تعالى رجع
على أنه لم يبق فيما أظنه
…
من الأرض شبر لم تطبقه أخباري
ولا غرو فالا كسيراً أكبر شهرة
…
وما زال من جهل به تحت أستاري
متى بلّ لي كفاً فليس بأسف
…
على درهم إن لم ينله ودينار
فيابن الأولى أثنى الوصي عليهم
…
بما ليس تثنى وجهه يد انكار
بصفين إذ لم يلف من أوليائه
…
وقد عض نابا للوغى غير فرار
وأبصر منهم حرب جن تهافتوا
…
على الموت إسراع الفراش إلى النار
سراعاً إلى داعي الحروب يرونها
…
على شربها الأعمار مورد أعمار
أطاروا غمود البيض واتكلوا على
…
مفارق قوم فارقوا الحق فجار
وأرسلوا وقد لاثوا على الركب الجثى
…
بروكاً كهدي أبركوه لجزار
فقال وقد طابت هنالك نفسه
…
رضيّ وأقروا عينه أيّ اقرار
فلو كنت بواباً على باب جنة
…
كما أفصحت عنه صحيحات آثار
يشير بذلك إلى همدان وهي قبيلة من اليمن ينتهي إليهم نسب الممدوح وكانوا قد أبلوا يوم صفين بلاء حسناً فروى أنهم في بعض أيامها حين استحق القتل وراوا فرار الناس أغمدوا سيوفهم فكسروها وعقلوا أنفسهم بعمائهم وجثوا على الركب وبركوا للقتل فقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
لهمدان أخلاق ودين يزينها
…
وبأس إذا لاقوا وحسن كلام
فلو كنت بواباً على باب جنة
…
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
وقال فيهم يوم الجمل لوت تمت عدتهم ألفاً لعبد الله حق عبادته وكان إذا رآهم تمثل بقول الشاعر
ناديت همدان والأبواب مغلقة
…
ومثل همدان ثنى فتحة الباب
كالهند وإني لم تقلل مضاربه
…
وجه جميل وقلب غير وجاب
ذكره ابن عبد ربه في كتاب العقد وهمدان بسكون الميم وبعدها دال مهمله وإن همذان بفتح الميم والذال المعجمة فبلد من بلاد العجم وهي أول عراق العجم وإليها ينسب بديع الزمان الهمذاني في صاحب المقامات الذي اقتفى الحريري أثره فيها وتمام القصيدة يؤخذ من ديوان الشاعر المذكور ولما أتم انشادها كتب إليه الشيخ بهاء الدين مقرظاً. أيها الأخ الفاضل الأعز الألمعي بدر سما أدباء الاعصار. وغرة سيما بلغاء الأمصار. أيم الله إني كلما سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء. ورويت رايد فكري من حياض خريدتك العذرا. زاد بها ولوعي وهيامي واشتد إليها ولهي وأوامي. فكأنما عناها من قال
قصيدتك الغراء يا فرد دهره
…
تنوب عن الماء الزلال لمن يظما
فنروى متى نروي بدائع نظمها
…
ونظمأ إذا لم نرو يوماً لها نظما
ولعمري لا أزال إلا آخذاً فيها بأزمة أو أبد اللسن. نقودها حيث أردت. ونورها إني شئت وارتدت. حتى كأن الألفاظ تتحاسد على التسابق إلى لسانك. والمعاني تتغاير في الانهيال على جنانك. والسلام. ومن بديع قصايده أيضاً قوله في صباه يمدح وزير البحرين ركن الدين محمد بن نور الدين وهي أول قصيدة أثبتها في المدح وأنشدها يوم عيد الفطر للسنة الحادية بعد الألف
ماذا يفيدك من سوال الأربع
…
وهي التي إن خوطبت لم تسمع
سفه وقوفك في رسوم رثة
…
عجماء لا تدري الكلام ولا تعي
فذر الوقوف على محاني منزل
…
عافٍ لمختلف الرياح الأربع
وامسك عنان الدمع عن جريانه
…
في دمنة لا تحمدنك ومربع
الله جارك هل رأيت منازلاً
…
عطلت فحلتها عقود الأدمع
واستبق قلباً لا تعيش بغيره
…
وشعاع نفس إن يغب لم يطلع
واصرف بصرف الراح همك إنها
…
مهما تفرق من سرورك تجمع
كرميّة تذر البخيل كأنما
…
نزل ابن مامة من يديه باصبع
فهي التي آلت اليّة صادق
…
أن لا تجاورها الهموم بموضع
مع كل ساحرة اللحاظ كأنما
…
ترنو بناظرتي مهاة مرضع
وكأنما تثني على شمس الضحى
…
أما هي انتقبت حواشي البرقع
وكأنما وضع البرى منها على
…
عشر تعاوره الحيا أو خروع
يا من يفر من الخطوب وصرفها
…
إني أراه يفر عنها يتبع
لذ بالوزير فإنما تأوى إلى
…
الكنف الأعز المنع ابن الأمنع
ملك رقى درج الفخار فلم يدع
…
فيها لراق بعده من مضمع
وتناولت كفاه أشرف رتبة
…
لو قام يلمسها السهى لم يسطع
أندى من الغيث الملث إذا اجتدى
…
أحمى من الليث الهزبر إذا دعى
التارك الأبطال صرعى في الوغى
…
فكأنهم اعجاز نخل منقع
يذر الجماجم في المكر سواقطاً
…
سقط الثمار من المحب الزعزع
أفديه وهو على أغر محجل
…
ظامي الغصوص سليم سبر الأكرع
نهد المراكل واللبان بعيد ما
…
وضع العنان به عصيّ طيّع
فكأنه لما استقام تليه
…
مضع تلقف نباة من برقع
في جحفل كاليمّ إلا أنه
…
لا ماء فيه غير لمع الأدرع
حتى ترجل للصلاة ولم نجد
…
أسداً يصلي قبله في مجمع
بيناه أفتك فاتك أبصرته
…
في النسك أخشع خاشع متخشع
حييت يا كسرى الملوك تحية
…
تربى على كسرى الملوك وتبع
يا ابن الأولى جعلوا مراكز سمرهم
…
حب القلوب بكل يوم مفظع
واستبدلوا للبيض من أغمادها
…
في الحرب هامة كل ليث أروع
النازلين من العلى في رتبة
…
هام السهى منها بأدنى موضع
ما حدثت نفس امرءٍ ببلوغها
…
إلا ومات بغلة لم تنفع
وإليك من عرب الكلام خريدة
…
جآتك مسفرة ولم تتبرقع
عذراء أولى ما جلاه لناظرٍ
…
نظمي وأول ما تلاه لمسمع
من شاعر ذرب اللسان مفوه
…
طب بتركيب القوافي مصفع
فاضمم عليه يديك تحظ بآحظ
…
أزكى من المتقدمين وأبرع
فليسمعنّك إن بقى لك بعدها
…
ما تستبين لديه ذل الأشجع
قال مؤلفه عفا الله عنه لما وقفت على هذه القصيدة راق لي هذا الوزن والروي فأحببت أن الظم عليها وبالله التوفيق
يا دار مية باللوى فالأجرع
…
حياك منهمل الحيا من أدمعي
وسرى نسيم الروض يسحب ذيله
…
بمصيف أنس في حماك ومربع
لو لم تبيتي من أنيسك بلقعا
…
ما بت أندب كل دار بلقع
لم أنس عهدك والحبة جيرة
…
والعيش صفو في ثراك الممرع
أيام لا أصغي للومة لائم
…
سمعاً وأن تفر الصبابة أسمع
حيث الربا تسري برياها الصبا
…
والروض زاهي النور عذب المشرع
تحنو عليّ عواطفاً أفنانه
…
عند المبيت به حنو المرضع
والورق في عذب الغصون سواجع
…
تشدو بمراي من سعاد ومسمع
كم بت فيه صريع كاس مدامة
…
حلف البطالة لا أفيق ولا أعي
أصبو بقلب لا يزال موزعاً
…
في الحب بين معمم ومقنع
مستهتر طوع الصبابة في هوى
…
قمري جمالٍ مسفراً ومبرقع
ما سآني أن كنت أول مغرم
…
بجمال رب ردا وربة برقع
يعتادني زهو الشباب وعفتي
…
فيه عفاف الناسك المتورع
لله أيامي بمنعرج اللوى
…
حيث الهوى طوعي ومن أهوى معي
لم أنسه والبين ينعق بيننا
…
متصاعد الزفرات وهو مودعي
إن شب في قلبي الغضا بفراقه
…
فلقد ثوى بالمنحني من أضلعي
أتجشم السلوان عنه تكلفاً
…
والطبع يغلب شيمة المتطبع
رجع. ومن غرر قصايده أيضاً قوله يصف حاله وقد ضربته في وجهه سمكة تعرف بالسبيطية فشجته وهو خارج من قرية يقال لها مرى بكسر الميم وتشديد الراء المهملة وبعدها ياء مثناة من تحت متجاوز من بحرين يقال لأحدهما البلاد والأخر نويلي ومعه ابنه حسان ومن تأمل هذه القصيدة عرف سمو مقداره في البلاغة وأخذه برقاب الكلام وتلاعبه بمحاسن المعاني وهي قوله
برغم العوالي والمهندة والبتر
…
دماء أراقتها سبيطية البحر
ألا قد جنى بحر البلاد ونويلي
…
عليّ بما ضاقت به ساحة البر
فويل بني شن ابن قصي وما الذي
…
رمتهم به أيدي الحوادث من وتر
دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى
…
على حد ناب للعدوّ ولا ظفر
تحامته أطراف القنا وتعرضت
…
له الحوت يا بؤس الحوادث والدهر
لعمري أبى الأيام أن باءً صرفها
…
بثار امرءٍ من كل صالحة مثر
فلا غرو فالأيام بين صروفها
…
وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر
ألا فابلغ الحيين بكراً وتغلباً
…
فما الغوث إلا عند تغلب أو بكر
أيرضيكما أن امرأ من بنيكما
…
وأي امرءٍ للخير يدعي وللشر
يراق على غير الظبا دم وجيه
…
ويجري على غير المثقفة السمر
وتنبو ينوبٌ عنه أيضاً وينثني
…
أخو الحوت عنه دامي الفم والثغر
ليقض امرء من قصتي عجباً ومن
…
يرد شرح هذا الحال ينظر إلى شعري
أنا الرجل المشهور ما من محلة
…
من الأرض إلاّ قد تخللها ذكري
فإن أمسي في قطر من الأرض أن لي
…
بريد اشتهار في مناكبها يسري
طوالع بي صرف القضاء ولم يكن
…
لتجري صروف الدهر الأعلى الحر
توجهت من مرّى ضحى فكأنما
…
توجهت من مرّى إلى العلقم المر
تلججت خور القريتين مشمراً
…
وشبلي معي والماء في أول الجزر
فما هو إلا أن فجئت بظافر
…
من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لقد شق يمنى وجنتيّ بنطحة
…
وقعت لها دامي المحيا على قطر
فخيّل لي أن السموات أطبقت
…
عليّ وأبصرت الكواكب في الظهر
وقمت كجدي ندّ من يد ذابح
…
وقد بلغت سكينه ثغرة النحر
يطوحني نزف الدماء كأنني
…
نزيف طلا مالت به نشوة الخمر
فمن لامرءٍ لا يلبس الوشي قد غدا
…
وراح موشى الجيب بالنقط الحمر
ووافيت بيتي ما رآني امرؤ ولم
…
يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر
فها هو قد أبقى بوجهي علامة
…
كما اعترضت في الطرس اعرابة الكسر
فإن يمح شيئاً من محياي أثرها
…
بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر
فلا غرو بالبيض الرقاق إذا لها
…
على العنق ما لاحت به سمة الأثر
وقل بعد هذا للسبيطيّة افخري
…
على سائر الشجعان بالفتكة البكر
وقل للظبا مهلاً إليك عن الطلى
…
وللسمر لا تهززن يوماً إلى صدر
فلو همّ غير الحوت لي لتواثبت
…
رجال يخوضون الحمام إلى نصري
فأما إذا ما عزّ ذاك ولم يكن
…
لادراك ثاري منه ما مد في عمري
فلست بمولى الشعر إن لم أزجه
…
بكل شرود الذكر أعدى من العسر
أمر على الأجفان من حادث العمى
…
وأبلى على الآذان من عارض الوقر
يخاف على من يركب البحر شرها
…
وليس بمأمون على سالك البر
تجوس خلال البحر تطفح تارة
…
وترسو رسو الغيض مبتدر القعر
لعمر أبي الخطيّ إن بات ثاره
…
لدى غير كفوء وهو نادرة العصر
فثار عليّ بات عند ابن ملجم
…
وأعقبه ثار الحسين لدى شمر
ولما عرضت هذه القصيدة على الشريف العلامة ماجد بن هاشم البحراني قدس الله سره كتب عليها مقرظاً قوله. أجلت رايد النظر في ألفاظها ومعانيها. وأحللت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها. فوجدتها قرة في عين الابداع. ومسرة في قلب الاختراع. والحق أحق بالاتباع. فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها. وتقويم راية البلاغة بعد أساسها. ورد غرايب الفصاحة إلى مسقط راسها وإزالة وحشتها وإيناسها. وكتب ماجد بن هاشم البحراني وقال وهو بشيراز وكتبها إلى أهله بالبحرين يتشوق إليهم. ويبث لواعج أشجانه عليهم
سلام يغادي جوكم ويراوحه
…
ونشر ثناء تحكيم روايحه
ولا زال مرفوع الثناء يؤمكم
…
على كاهل البرق الشمالي صالحه
أأحبابنا والمرء يا ربما دعى
…
أخا النأي إن ضاقت عليه منادحه
هل الدهر مدنيني إليكم فمبرد
…
لهيب اشتياق يرمض القلب لافحه
ومجمع دمع كلما هتفت به
…
دواعي هواكم قرح الجفن سافحه
كفى حزناً أني بشيراز مفرد
…
أبا كرما يضني الحشا وأرايحه
وفرط هموم لو تضيفون يذبلا
…
تضاءل واستعلت عليه أباطحه
وشوقاً لو استجلى ثناء أخو الدجى
…
لأغناه عن ضوء المصابيح قادحه
غدا وهو عنوان الحوادث فاستوى
…
لديه به خافي البداد وواضحه
وأشياء ضاق النظم عنها وبعضها
…
يلوذ بظل الاستقالة جارحه
أحن فلا ألفي سوى هاتف الضحى
…
يطارحني شكوى النوى أطارحه
يقطع آناء النهار بنوحه
…
إلى أن يرى وجه الظلام يصافحه
وإنّ له بعد الهدو لعولة
…
وأجزى وأشجى النوح ما لح نايحه
شكا وحشتي سجن وناى فأجرشت
…
له رقة مما يحن جوارحه
يكاد إلى هز الجناح فخانه
…
تغص بترجيع الحنين جوانحه
خلا أنه ذو رفقة فمتى دعا
…
تجبه على قرب المكان صوادحه
وإني إذا ما اشتقتكم حال دونكم
…
ودوني غيلان الفلا وصحاصحه
وملتطم الأمواج ما عبثت به
…
يد الريح إلا وامتطى النجم طافحه
على أنه في السجن أرغد عيشة
…
ولا يستوي داني القرين ونازحه
يشن عليّ البعد غارات جوره
…
وتهتف بي من كل فج صوائحه
له الغلب فليثن الأعنة مبقياً
…
عليّ فما عندي جنود تكافحه
ولا المفرد العاني يهز رماحه
…
لطعن ولا تنضي الضروب صفائحه
سقى جد حفص البيض سحا ولو سما
…
لها الدمع أغناها عن الغيث راشحه
ولا زال خفاق النسيم إذا سرى
…
عليلاً يماسي جوها ويصابحه
بلاد أقام القلب فيها فلم يزل
…
وإن طمحت بالجسم عنها طوامحه
هل الله مستبق ذمامي بعودة
…
إليها يريني الدمع قد هش كالحه
ويصبح هذا البعد قد ريض صعبه
…
وأمكن من فضل المفادة جامحه
وقال في صدد آخر
لعبت بعطفيه الشمول فمادا
…
كالغصن حركه الهوى فأنادا
ريم أعار مهى الصريم لواحظاً
…
نجلاً وآرام الحمى أجيادا
خنث اللحاظ وأنها لا شد من
…
بيض الظبا يوم القراح جلادا
هاتيك جاورت الجفون وهذه
…
أبت الجفون وحلت الأكبادا
نازعته راحا كبرد رضا به
…
طعماً وجمرة خده ايقادا
فانقاد كالمهر الجموح جذبته
…
رفقاً ثنى لعنانه فانقادا
والليل زنجي الملاة لناشر
…
لمماً كأحداق الحسان جعادا
فضا دجاه بغرة أوفى بها
…
حسناً على البدر المنير وزادا
قسماً بخوص كالحنيّ ضوامر
…
وصلت بتدآب السرى الأسادا
يحملنّ شعثاً من ذوابة وائل
…
شم المعاطس سادة أمجادا
لأفارقن الخط غير معول
…
فيها على من ضن أو من جادا
بلد تهين الأكرمين بلومها
…
تروى الزمان وتكرم الأوغادا
وقال أيضاً
عاطنيها قبل ابتسام الصباح
…
فهي تغنيك عن سنا المصباح
أنت تدري أن المدامة نار
…
فاقتدحها بالصب في الأقداح
فهي تمحو بضوءها صبغة اللي
…
ل فيغدو بها الدجى وهو ضاح
وإذا ما أخاط بي وقد همّ
…
مهدياً إلى طرائف الأتراح
فأرسلنها وردية كدم الكبش
…
أسالته مدية الذبّاح
فهي تقصي إذا دنت وارد الهم
…
وتدني شوارد الأفراح
الحفت في السؤال هل من فكاك
…
لا سير ما إن له من سراح
مزجوها فقيدوها فلو تترك
…
صرفاً طارت بغير جناح
يا خليلي ولا أرى لي من النا
…
س خليلاً إلا فتى غير صاح
يتلقى عذل العذول بهيهات
…
ويحثو في أوجه النصاح
ألف الراح فهو بين اغتباق
…
لا ينادي وليده واصطباح
رح على الراح بي فليس على الأ
…
جسام عيب في السعي للأرواح
واسقنيها صرفاً فللنار أنائي
…
جانباً عن وصال ماءٍ قراح
خير ما يشرب المدام عليه
…
وجه خود من الحسان قراح
ذات قد تثنى الغصون عليها
…
حين تجفو به نسيم الرياح
فقوه طرة تظل محيا
…
جايلاً ماؤه مضيىء النواحي
فهي من نور وجهها وظلام الش
…
عر في حالتي مسا وصباح
وثغور يخلن في بارد الظلم
…
حباباً يطفو على وجه راح
ما ترى الدهر كيف رقت ليا
…
ليه فشقت عن أوجه الأفراح
وقال أيضاً
خذ في البكا أن الخليط مقوض
…
فمصرح بفراقهم ومعرض
واذب فؤادك فالنصير على النوى
…
عين تعيض ومهجة تتعضض
هاتيك أحداج تشد وهذه
…
أطناب أحبية تحل وتنقض
ووراء عيسهم المناخة عصة
…
أكبادهم وهم وقوف تركض
وقفوا وأحشاء الضماير بالأسى
…
تحشى وأوعية المدامع تنفض
يتخافتون ضنى فمطلب أنة
…
ومطامن من زفرة ومخفض
قبضوا بأيديهم على أكبادهم
…
والشوق ينزع من يد ما تقبض
فإذا هم أمنوا المراقب عرضوا
…
بشكاتهم وإذا استرابوا أعرضوا
رحلوا وأرآء البكاة وراءهم
…
شتى فسافح عبرة ومغيض
أتبعتهم نفساً ودمعاً نادراً
…
تشوى الرياض وماء ذاك يروض
من ناشد لي بالعقيق حشاشة
…
طاحت وراء الركب ساعة قوضوا
لم تلو راجعة ولم تلحق بهم
…
حتى وهت مما تطيح وتنهض
أترى رماتهم دروا من أوغلوا
…
في قلبه تلك السهام وخضخضوا
أنا قد رضيت بما أراقوا من دمي
…
عمداً على سخط القتيل فهل رضوا
فهناهم صفو الزمان وإن هم
…
بالريق يوم وداعهم لي أجرضوا
باتوا أصحاء القلوب وعندنا
…
منهم على الناي المعل الممرض
يا صاح أنت المستشار لمن عدا
…
من حادث الأيام والمستنهض
أشكو إليك صباتعين على دمي
…
برق تالق بعد وهن يومض
فمن المذم على المحاجر من سنا
…
برق لصل الرمل حين ينضض
فلق الوميض فليس يغمض طرفه
…
ليلاً ولا يدع المحاجر تغمض
نشرت له ليلاً على كثب الحمى
…
حلل تذهب تارة وتفضض
أحيا الدجى نبضاً وأحياني فما
…
أجلى سناه وفي عرق ينبض
ويمنحني الجرعاء حي ثوروا
…
بالقلب ثايرة الظعون واربضوا
ولقد دعوت ووجد شوقي مقبل
…
بهم ووجه الصبر عني معرض
ردوه أحيا يرده أو فالحقوا
…
كلى به فالحي لا يتبعض
نفسوا بردهم النفيس وعوضوا
…
عنه الأسي بعداً لما قد عوضوا
يا صاح هل يهب التجلد واهب
…
أو يقرض السلوان عنه مقرض
وأبي لقد عز العزاء وما بقى
…
بيديّ من سيف التجلد مقبض
أنفضت من زاد السلو وما عسى
…
يبق عقيب نفاد زاد منفض
ومن محاسن مراثيه قوله يرثي الشيخ أبا علي عبد الله بن ناصر بن حسين بن المقلد من بني وائل للسنة الحادية بعد الألف
أكف البرايا من تراسهم صفر
…
وبيض المنايا من دمائهم حمر
وخيل الرزايا ما تزال معدة
…
تقاتلنا فرسانها ولها النصر
تكر علينا البيض والسمر بالردي
…
فتبلغ ما لا يبلغ البيض والسمر
ومورد هذا الأمر مر وأنه
…
لأعذب شيءٍ عندنا ذلك المر
خليلي من أبناء بكر بن وائل
…
قفا واندبا شيخاً به فجعت بكر
وبدراً ترآى للنواظر فاهتدت
…
به برهة ثم اختفى ذلك البدر
وعضباً ثنت أيدي النوايب حده
…
وكان اعتراها من مضار به عقر
أرامي الردى أخطأتنا وأصبته
…
أسأت بنا شلّت أناملك العشر
فيا أيها الثاوي الذي اتخذ الثرى
…
مقاماً فهل لا كان في صدري القبر
وهل لاستخار الغاسلون مدامعي
…
لجسمك غسلاً ثم شيب به السدر
فإن جعل الماء القراح بزعم من
…
راه لكم طهراً فأنتم له طهر
وإن بليت أكفانك البيض في الثرى
…
فما بلى المعروف منك ولا الذكر
كأنك مغناطيس كل مهذب
…
فما كامل إلا وفيك له قبر
ليهنك فخراً إن ظفرت بتربه
…
يعفر خداً دون إدراكها العفر
ثوابك من آل المقلد سيد
…
هو الذهب الابريز والعالم الصغر
فتى كرمت أباؤه وجدوده
…
وطابت مساعيه فتم له الفخر
عفيف ملاث البرد عن كل زلة
…
وفي أذنه عن كل فاحشة وقر
جواد له في كل أنملة مجد
…
بصير له في كل جارحة فكر
ويا بلد الحظ اعتراك لفقده
…
مدا الدهر كسر لا يرام له جبر
من الآن بدؤ الشر فيك وأنه
…
لمتصل باق وآخره الحشر
فأي فتى لا يرهب الضيم جاره
…
فقدت ويسر لا يمازجه عسر
وليث وغى لو قبابل الليث أعزلا
…
وحاربه لم يغنه الناب والظفر
فاقسم لولا موته في فراشه
…
لجردت البيض المهندة البتر
وأرعشت الملد المثقفة السمر
…
وأقبلت الخيل المسومة الشقر
عليهن من آل المقلد غلمة
…
مساعير حرب لا يضيع لهم وتر
تثقف ملاّد الرماح أكفهم
…
وتمنحها طولاً إذا شأنها قصر
كأنهم والسابغات عليهم
…
إذا ما دجى ليل الوغى أنجم زهر
ولو خلد المعروف في الناس واحداً
…
لخلد عبد الله نائله الغمر
ولكنها الأيام جاءته تبتغي
…
نوالاً فأولاها نوالاً هو العمر
فيا قبره حيّاك منعبق الكلا
…
ونشّر من ابراده حولك الزهر
بنيه اصبروا فالصبر أجمل حلة
…
تردي بها من مس جانبه الضر
فلولا انقضا الأعوام ما فني الدهر
…
ولولا فنا الأيام ما نفد الشهر
ودونكم من لجة الفكر درة
…
منظمة يعنو لها النظم والشهر
وعذراء من حر الكلام خريدة
…
بأمثالها في الشعر يفتخر الشعر