المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفضل بن عبد الله الطبريخلف ذلك السف. والمعيد من عهد مجدهم ما سلف. الفضل اسمه وسمته. النافحة - سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر

[ابن معصوم الحسني]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة المؤلف

- ‌الوالد الأمير نظام الدينأحمد بن الأمير محمد معصوم الحسيني ناشر علم. وعلم. وشاهر سيف وقلم

- ‌السيد أحمد بن مسعودبن سلطان مكة المشرفة الشريف حسن بن بركات الحسني نابغة بني حسن. وباقعة

- ‌السيد عماد الدين بن بركاتبن جعفر بن بركات بن أبي غي الحسني رحمه الله تعالى: عماد أبنية المجد

- ‌السيد محمد يحيىبن الأمير نظام الدين أحمد الحسيني

- ‌الامام عبد القادر محيي الدينبن يحيى الطبري الحسني الشافعي المكي

- ‌الإمام زين العابدينبن عبد القادر الطبري الحسني المكي

- ‌الفضل بن عبد الله الطبريخلف ذلك السف. والمعيد من عهد مجدهم ما سلف. الفضل اسمه وسمته. النافحة

- ‌الشيخ حنيف الدينبن الشيخ عبد الرحمن المرشدي

- ‌السيد عمر بن السيد عبد الرحيمالبصير الحسيني الشافعي المكي

- ‌القاضي جمال الدين بن محمدبن حسن وراز المكي

- ‌الشيخ عبد الملكبن الشيخ جمال الدين العصامى

- ‌الشيخ محمد بن أحمد المنوفيهو جدي لأمي. ومن ملت به من عريق النسب كمي. إمام الأئمة الشافعيه. ورب

- ‌ابنهالقاضي عبد الجواد المنوفي

- ‌القاضي تاج الدين بن أحمدبن إبراهيم المالكي المكي

- ‌الشيخ محمد بن الشيخ أحمدحكيم الملك رحمه الله تعالى

- ‌الملا علي بن الملا قاسمبن نعمة الله الشيرازي المكي

- ‌ابنهشهاب الدين أحمد بن الملا علي

- ‌الشيخ عبد العزيز بن محمد الزمزميالشافعي المكي

- ‌الشيخ فخر الدين أبو بكر الخاتوني

- ‌الشيخ أحمد بن محمد عليالجوهري المكي

- ‌شهاب الدين أحمد بن الفضلبن محمد باكثير المكي

- ‌الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الشاهد

- ‌الشيخ عبد الله بن سعيد باقشير

- ‌أخوه الشيخ محمد بن سعيد باقشير

- ‌القاضي محمد بن الخليلالإحسائي المكي

- ‌الشيخ تقي الدين بن يحيى السنجاري

- ‌الشيخ أحمد بن عبد اللهبن عبد الرؤف المكي

- ‌عفيف الدين عبد الله بن حسينبن جاشل الثقفي

- ‌أبو الفضل بن محمد العقاد المكي

- ‌إبراهيم بن يوسف المهتار المكي

- ‌السيد حسن بن شدقم الحسيني المدني

- ‌ابنهالسيد محمد بن حسنبن شدقم الحسيني

- ‌السيد حسين بن عليبن حسن بن شدقم الحسيني

- ‌السيد محمد بن عبد الله الموسويالمشهور بكبريت المدني

- ‌الخطيب أحمد بن عبد الله البريالحنفي المدني

- ‌الشيخ إبراهيم بن أبي الحسن المدني

- ‌الخطيب محمد بن الخطيب الياس المدني

- ‌أخوهالخطيب عبد الله بن الخطيب الياس

- ‌أخوهالشيخ حسين بن عبد الملك العصامي

- ‌الأديب أبو حميدة المدني

- ‌الشيخ فتح الله بن النحاسنزيل المدينة المنورة

- ‌الشيخ درويش مصطفىبن قاسم الطرابلسي نزيل المدينة المنورة

- ‌الشيخ محمد بن مبارك باكراعالحضرمي محتداً المدني مولداً

- ‌السيد نور الدين عليابن أبي الحسن الحسيني الشامي العاملي

- ‌الشيخ حسن زين الدين الشهيدالشامي العاملي

- ‌سبط الشيخ زين بن الشيخ محمدبن الشيخ حسن بن زين الدين الشامي العاملي

- ‌الشيخ نجيب الدين عليبن محمد بن مكي الشامي العاملي

- ‌الشيخ محمد بن عليبن أحمد الحرفوشي الحويزي الشامي العاملي

- ‌شيخناالعلامة محمد بن علي بن محمودبن يوسف بن محمد بن إبراهيم الشامي العاملي

- ‌الشيخ حسين بن شهاب الدينبن حسين بن خاندار الشامي الكركي العاملي

- ‌الشيخ محمد بن علي الحرالأديب الشامي العاملي

- ‌السيد أحمد الصفديالدمشقي‌‌ الشامي

- ‌ الشامي

- ‌الشيخ حسن بن محمد البوريني

- ‌الشيخ عبد الرحمن العاديمفتي الحنفية بدمشق المحمية

- ‌المولى أحمد بن شاهين الشامي

- ‌الشيخ خضر بن عطاء اللهالموصلي الشامي

- ‌أبو الطيب بدر الدينبن رضى الدين الغري العامري الشامي

- ‌حسين جلبيبن الجزري الشامي

- ‌الأديب عبد اللطيف بن شمس الدينمحمد المنقاري

- ‌الأديب محمد الجوهريالشامي

- ‌الشيخ محمد بن سعيد الكاشنيالدمشقي الصوفي

- ‌أبو الفتح محمد بن حمدبن عبد السلام التونسي الأصل الدمشقي المنشأ

- ‌الشيخ محمد خضير الدمشقي

- ‌الشيخ فتح الله بن محمودبن بدر الدين البيلوني الحلبي

- ‌الشيخ مصطفى الفرفوري

- ‌الشيخ عرس الدين الحمصيالخليلي

- ‌السيد محمد بن موسىالجوادي الحسني

- ‌فمنهمالشيخ أبو المواهبمحمد بن الشيخ الاستاذ محمد بن أبي الحسن البكري

- ‌ومنهم ابن أخيهالشيخ أحمد بن زين العابدين‌‌البكري

- ‌البكري

- ‌ومنهم أخو المذكور قبلهلشيخ عبد الرحمن بن زين العابدين

- ‌الشيخ تاج العارفين بن محمدبن أمين الدين

- ‌الشيخ جمال الدين المصري

- ‌الشيخ شرف الدين يحيى الأصيلي

- ‌الشيخ محمد بن أحمد الحثاديالمصري

- ‌بدر الدين حسينالشهير بباشا زاده

- ‌شهاب الدين أحمد الخفاجيالمصري صاحب الريحانة

- ‌السيد محمد وفابن زين العابدين الحسيني المصري

- ‌الشيخ داود الأنطاكيالحكيم المشهور بالبصير

- ‌السيد محمد بن عبد اللهبن الامام شرف الدين يحيى الزيدي اليمني

- ‌السيد محمد بن عبد اللهبن الهادي

- ‌السيد حسين بن المطهر اليمني

- ‌السيد حاتم بن السيد أحمد الأهدلالحسيني

- ‌السيد زيد بن علي بن إبراهيمالحجاف

- ‌السيد محمد بن أحمدبن الامام حاكم بندر المخا سابقاً

- ‌السيد إسماعيل بن إبراهيم الحجاف

- ‌السيد محمد بن عبد القادرالمقاطعجي اليمني

- ‌الشيخ عبد الصمد بن عبد اللهباكثير

- ‌الشيخ عبد الرحمن بن المهديالعقبي اليمني

- ‌الشيخ علي بن حسن المرزوقياليمني

- ‌شهاب الدين أحمد بن محمد الأنسياليمني

- ‌بدر الدين محمد بن سليمانأبو فاضل المرهبي اليمني

- ‌الأديب صارم الدين إبراهيم بن صالحالمهتدي الهندي اليمني

- ‌الميرزا بن الميرزا إبراهيمالهمداني

- ‌الحكيم أبو الحسن بن إبراهيمالطبيب الشيرازي

- ‌الملا فرج الله الشوشتري

- ‌بن علي بن المرتضى بن علي بن ماجد الحسيني البحراني أنا ابتدى هذا الفصل

- ‌السيد أبو محمد حسين بن حسنبن أحمد بن سليمان الحسيني الغريفي البحراني

- ‌السيد أبو عبد الله محمد بن عبد اللهالحسيني بن إبراهيم بن شبابه البحراني

- ‌ابنهالسيد عبد الله بن محمد البحراني

- ‌السيد ناصر بن سليمانالقاروني البحراني

- ‌السيد عبد الرضا بن عبد الصمدالولي البحراني

- ‌أخوهلسيد أحمد بن عبد الصمد‌‌البحراني

- ‌البحراني

- ‌السيد علوي بن إسماعيل

- ‌السيد عبد الله بن السيد حسين‌‌البحراني

- ‌البحراني

- ‌الشيخ داوود بن أبي شافين

- ‌أبو البحر جعفر بن محمد حسنبن علي بن ناصر بن عبد الامام الشهير بالخطي البحراني العبيدي أحد بني

- ‌السيد أبو الغنايم محمد الحلي

- ‌السيد حسين بن كمال الدينبن الأبرز الحسيني الحلي

- ‌الشيخ عبد علي بن ناصربن رحمه الحوزي

- ‌الشيخ جمال الدين محمدبن عبد الله النجفي المالكي من أولاد مالك الأشتر

- ‌جمال الدين محمد بن عوادالحلي الشهير بالهيكلي

- ‌الشيخ عيسى بن حسينبن شجاع النجفي

- ‌وايراد شيء من نثرهم ونظمهم المطرب

- ‌أبو العباس أحمد المنصور باللهبن أبي عبد الله المهدي القاسم بأمر الله الشريف الحسني سلطان المغرب

- ‌السيد أحمد الحسني المغربي

- ‌السيد علي المغربيالمعروف بالأخضري

- ‌أبو فارس عبد العزيز محمد الفشتالي

- ‌الشي أحمد بن محمدالشهير بالمقري المغرب المالكي

- ‌أبو الحسن علي بن أحمد الشاميالمغربي أديب له في الأدب مذهب. طرازه بحسن البلاغة مذهب. وشعره ألطف من

الفصل: ‌الفضل بن عبد الله الطبريخلف ذلك السف. والمعيد من عهد مجدهم ما سلف. الفضل اسمه وسمته. النافحة

إلى نحوها حملته نسمة الصبا

لتكسب وصفا من شذا ذلك الوصف

جال الدين محمد بن عبد الله الطبري أحد أولئك الجله. وواحد تلك البدور والأهلة. الضارب في كل فن بسهم. والقارع صفاة كل قريحة وفهم. ضاع نشر ادبه وما ضاع.. ورضع ثدي الفضل فشب على حب ذلك الرضاع. وله قريض يزرى بقراضة الذهب. ثبت في صفحات الصحايف حسنه وما ذهب. وقفت له على كافية هي في الشهادة بفضله كافيه وقافيه. راحت الباب أولى الآداب لاثرها قافيه. وهي

أسير العيون الدعج ليس له فك

لان سيوف اللحظ من شأنها الفتك

حذار خليّ القلب من علق الهوى

فأولها سقم وآخرها سفك

ورح سالماً قبل الغرام ولا تقس

على فاني هالك فيه لا شك

ألم ترني ودعت يوم فراقهم

حشاي لعلمي إن ما دونه الهلك

وكيف خلاصي من يدي شادن إذا

بدا أبيض في الديجور من نوره الحلك

وهيهات أن ترجي لمثلي سلامة

وقد سل بيض الهند ألحاظه الترك

يقولون ترك الحب أسلم للفتى

نعم صدقوا لو كان يمكنه الترك

دعوني وذكرى بين بانات لعلع

غريباً هواهم في المواقف لي نسك

وإن رمتمو ارشاد قلبي فكرروا

أحاديث عشق طاب في نظمها السبك

أما والخدود العندميات لم أحل

وكل الذي عنى روى عاذلي أفك

وما بمصون الثغر من ماء كوثر

وكأس عقيق ختمه حاله المسك

لقد لذلي خلع العذار وطاب في

هوي الخرّد الغيد الدمي عندي الهتك

تنبيه قد يتوهم إن قوله في البيت الثالث فإني هالك فيه لا شك لحن بناء على أن لا نافية للجنس واسمها في مثل ذلك مبني على الفتح ولا لحن بل فيه وجهان أحدهما منع كونها نافية للجنس بل عاملة عمل ليس والخبر محذوف جوازاً كقول الحماسي

والحرب لا يبقى لجا

حمها التحيل والمراح

إلا الفتى الصبار في النج

دات والفرس الوقاح

من صد عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح

والثاني أن تكون نافية للجنس إلا أنها ملغاة والرفع بالابتداء ولم يجب تكرارها لجواز تركه في الشعر فاعلم

‌الفضل بن عبد الله الطبري

خلف ذلك السف. والمعيد من عهد مجدهم ما سلف. الفضل اسمه وسمته. النافحة

بارجه نسمته. رفع عماد ذلك البيت. فأقر عين الحي منهم والميت. وهو الآن مفتي الشافعية بالبلد الحرام. والمحفوظ بعين الاجلال والاحترام. يشنف السطور بفرائده. ويفوق الطروس بفوائده. مع إنافته في الأدب بمكانه. شيد من ربعها المشيد أركانه. فاجتلى بها نجوم لياليه. واقتنى منها منظوم لآليه. ولا يحضرني الآن من شعره غير قوله في التفضيل بين مسمعين يعرف أحدهما بركن والآخر بالقصبى

تخالف الناس في ركن فقدمه

قوم وقوم عليه قدموا القصبى

وقائل الحق والانصاف قال متى

أسمعهما ألق استاذاً وألق صبي

وقال مؤرخاً السيل الوارد مكة سنة ألف وتسع وثلاثين

سئلت عن سيل أتي

والبيت منه قد سقط

متى أتي قلت لهم

مجيئه كان غلط

ولغيره

لله سيل قد أتى

لطهر بيت مرتضى

من دنس عنه نأي

تاريخه حل رضا

وكان من خبر هذا السيل إنه لما كان فجر الأربعاء التاسع عشر من شعبان سنة تسع وثلاثين وألف نشأت على مكة وأقطارها شرفها الله تعالى سحابة غربية مدلهمة فلم تزل كذلك إلى وقت الزوال فأرعدت وأبرقت وأتت بمطر كأفواه القرب واستمرت ساعتين ودرجتين ثم أمسكت فأقبل السيل ودخل المسجد الحرام وأعتلي على باب الكعبة ذراعين عمليين وربع فأهلك الأطفال. والنساء والرجال ثم باتت تمطر إلى نصف الليل فلما كان قبل الغروب يوم الخميس العشرين من شعبان سقط من البيت الشريف جانباه الشرقي والشامي فكان الساقط منها قدر نصفها ثم أعقب هذا السيل في أهل مكة من الفناء ما أشبه الوباء المصري والله أعلم

ص: 35

الشيخ شرف المدرسين عبد الرحمن وجيه الدين بن عيسى بن مرشد العمري نسباً الحنفي مذهباً علامة القطر الحجازي ومفتيه، ومولى معروف المعارف ومؤتيه. وبحر العلم الذي لا يدرك ساحله. وبره الذي لا تطوى مراحله. أشرقت في سماء الفضائل ذكاء ذكائه. وخرس به ناطق الجهل بعد تصديته ومكائه. فأصبح وهو للعلم والجهل مثبت وما حق. وسبق إلى غايات الفضل وما للوجيه لا حق.

حتى طار صيته في الآفاق. وانعقد على فضله الوفاق، وانتهت إليه رياسة العلم بالبلد الأمين فتصدر وهو منتجع الوافدين والآمين. منه تقتبس أنوار أنواع الفنون. وعنه تؤخذ أحكام المفروض والمسنون. تشد الرحال إلى لقائه. ويستنشق أرج الفضل من تلقائه. وتصانيفه في أقسام العلم صنوف. وتآليفه في مسامع الدهر أقراط وشنوف. إن نثر فما أزاهر الرياض غب المزن الهاطل، أو نظم فما جواهر العقود تحلت به الغيد العواطل وها أنا أقص عليك من خبره. ما يزدهيك وشي حبره.

وأتلو عليك من تفصيل حاله. ما يروقك خصبه وتأسف على امحاله. ثم أثبت من منظومه بعد منثوره. ما يطرب الأسماع بحسن مأثوره فصل في ذكر انتقال جده من شيراز إلى الحجاز وتوطنه بمكة المشرفة على الحقيقة لا المجاز. وخبر ابتداء أمر الشيخ المشار إليه. وذكر من أخذ عنه وقرأ عليه قرأت في بعض التذاكر ما نصه. قدم جده الشيخ مرشد إلى مكة المشرفة من بلده شيراز في حدود الثلاثين وتسعمائة وكان وروده إليها بعد أن وصل إلى الديار الرومية وخدم سلطانها الأعظم يومئذ ببعض مؤلفاته ثم استوطن مكة المشرفة متصدياً للتأليف والتدريس مع الانقطاع للعبادة وألف حاشية على تفسير البيضاوي لم تتم بل بقيت مسودة وله عدة تعاليق وشروح وحواش ورسائل وتفرقت كتبه إلى الآفاق بأيدي تلامذته لصغر أولاده وكان أصغرهم والد صاحب الترجمة الشيخ عيسي فحفظ القرآن واستقل وكتب الخط الحسن وصار المشار إليه فيه وجميع ما على أبواب المسجد الحرام والمدارس السلطانيه العظام من الآيات والطرازات بخط المشار إليه تأهل في حدود سنة أربع وسبعين وتسعمائة وولد له صاحب الترجمة ليلة الجمعة خامس جمادي الأولى سنة خمس وسبعين وتسعمائة ونشأ في حجر والده وحفظ القرآن العظيم وقرأ به التراويح في المسجد الحرام أما ما وحفظ الألفية والأربعين حديثاً للنووي وكنز الدقائق إلا قليلاً منه والجزرية والشاطبية وقطعة من منظومة التلخيص للجلال السيوطي وغير ذلك وشرع في الاشتغال في حدود سنة ثمانين وتسعمائة ولازم الشيخ عبد الرحيم بن حسان وقرأ عليه الآجرومية وشرحها للفاكهي ومقدمة الشيخ محمد الحطاب وشرح القواعد الصغرى للشيخ خالد الأزهري وشرح القطر للمصنف وقطعة من الألفية والمنهل الصافي للدماميني ما عدا شيأً يسيراً منه وشرح التصريف للسعد التفتازاني مع حاشيته وفي علم الفقه منية المصلى وربع العبادات من شرح النقاية وقطعة من شرح الكنز للعيني وأخذ عن القاضي علي بن جار الله بن ظهيرة الحنفي الفقه والفرائض وقطعة من شرح المنار وشرح النخبة لابن حجر العسقلاني في دراية الحديث وشرح السراجية في الفرائض لمير باد شاه الحنفي وقرأ على الملا عبد الله السندي آداب البحث وأخذ علم العروض عن الشيخ محمد بن علي الركروك الجزايري قرأ عليه شرح السيد الغرناطي على الخزرجية فأجازه إياه مع رواية الصحيحين والشفا وروى صحيح البخاري عن الامام شمس الدين محمد الرملي الشافعي وأجازه المذكورون وغيرهم بتدريس مدرسة المرحوم محمد باشا في حدود سنة تسع وتسعين وتسعمائة فدرس بها صحيح البخاري وأملي عليه شرحاً بلغ فيه إلى باب رفع العلم وظهور الجهل فعزل عنها ووافا مدرسها السابق ونظم منظومة في علم التصريف عدتها خمسمائة بيت من بحر الرجز وشرحها شرحاً مستوفي وشرح كتاب الوافي في علم العروض والقوافي.

ص: 36

وألف رسالة مسماة ببراعة الاستهلال. فيما يتعلق بالشهر والهلال. ونظم رسالة متعلقة بمنازل القمر. موسومة بمناهل السمر. وشرحها وكتب على آية الكرسي رسالة وكتب قطعة على الخزرجية وولى التدريس سنة خمس بعد الألف فدرس به في أوائل شهر ربيع الثاني من السنة المذكورة وشرع في كتابة شرح على كنز الدقائق مجرداً عن نقل خلاف غير المذهب فشرح كتاب النكاح والرضاع وكتاب الحج منه بديباجة مستقلة فصار كتاباً مفيداً في المناسك وذلك في سنة ثمان بعد الألف وأفتى بعد موت شيخه القاضي علي بن جار الله على مذهب أبي حنيفة وانتهت إليه الفتوى بالديار المكية انتهى. وقرأت في إجازته للشيخ العلامة شهاب الدين أحمد المقري الأندلسي ما نصه. كان مولدي بمكة المشرفة ليلة الجمعة الخامس من جمادي الأولى سنة خمس وسبعين وتسعمائة فلقبت بشرف المدرسين وهو تاريخ عام ولادتي المذكورة على ما جرت به عادات المشارقة من ضبط تواريخ المواليد والوقائع بلفظ يكون عدد حروفه بحساب الجمل مطابقاً لعدد ذلك العام ثم شرعت في الاشتغال على علمآء الحرم. ومن يفد إليه من عرب وعجم بعد أن حفظت القرآن العظيم وصليت به التراويح اماماً بالمسجد الحرام سنين عديدة وحفظت متوناً عديده.

في فنون مفيده. أجزت بها عند عرضها على المشايخ ثم قلدت تدريس مدرسة الوزير محمد باشا التي بمكة المكرمة في عام تسع وتسعين وتسعمائة فدرست بها الجامع الصحيح للبخاري وأمليت عليه شرحاً إلى كتاب العلم وصنفت في عام ألف منظومتي التي في الصرف التي قلت في آخرها شعر

فهاك نظماً شافياً في الصرف

ألف في مكة عام ألف

ثم اشتغلت بالتأليف والتدريس والاشتغال إلى أن قلدت الأمر الخطير. والشأن الذي لولا الرجا لعفو الله لكنت منه على وجل كبير. وهو القيام بأعبآء الفتوى في سنة إحدى عشرة بعد الألف وهي سنة وفاة شيخنا الامام. شيخ مشايخ الاسلام. الشيخ علي ابن جار الله بن ظهيرة القرشي الحنفي مفتي مكة وابن مفتيها فباشرته حسبة إلى سنة عشرين بعد الألف فقلدت الافتاء السلطاني وخدمة الامامة والخطابة بالمسجد الحرام ثم قلدت في سنة سبع وعشرين بعد الألف تدريس المدرسة السليمانية فأقرأت فيها تفسير البيضاوي مع حاشية جدي الشيخ مرشد العمري وكنت في أيام الشباب. وخلو الزرع من الأوصاب. ربما تعلقت بأهداب الشعر فلي فيه قصائد ومقاطيع وأسئلة منظومة وأجوبة كذلك حسبما يرد من ذلك النوع واخوانيات ومداعبات. والغازات ومعمايات ومعارضات. وقد امتدحت شريف مكة وحامي حماها الحسن بن أبي نمي بن بركات بقصيدة عارضت بها قصيدة ابن هانيء المغربي التي مطلعها

فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر

وأمدكم فلق الصباح المسفر

وامتدحت ابنه المسعود بقصيدة ذات تواريخ ستة مشجرة في أبياتها على اسلوب عنوان الشرف لابن المقري فلما تقلدت القيام بأمر الفتوى أشغلني ذلك. عن سلوك هذه المسالك.

وأنشدت قول المعري

بعين الشعر أبصرني أناس

فلما ساءني أخرجت عينه

خروجاً بعد راء فهو راء

فسار الشعر مني الشرع عينه

اللهم إلا ما يستدعيه الحال من أجوبة ما برد إلي من رسائل الاخوان مشتملة على نظم قلائد العقيان. فتقتضي لمشاكله. والموافقة في المراسله. فلي أجوبة عما ورد إلي من علماء الآفاق. مما يستدعيه الوفا. وقد اجتمع عندي من ذلك شيء كثير. ضمن سفر كبير. ولي ديوان خطب لاني منذ تقلدت الخطابة لم أزل أنشي في كل نوبة خطبة تناسب الوقت فاجتمع عندي من ذلك في نحو عشر سنين ما يناهز الستين انتهى ما أردت نقله من كلامه في اجازته المذكورة وعد من مصنفاته فيها الفتح القدسي. تفسير آية الكرسي. وتعميم الفائده. بتفسير المآئده. وهي رسالة وقع الكلام فيها على معنى قول الجلال السيوطي عند تفسير قوله تعالى لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير. ومنه إثابة الطائع وتعذيب العاصي وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر.

ص: 37

ومنها شرح صحيح البخاري المقدم ذكره وشرح مناسك الكنز. المسمى بفتح مسالك الرمز. ومنها رسالة تتعلق بالوقف مسماة بوقوف الهمام المنصف. عند كلام الامام أبي يوسف. ألفها لما وقع الخلاف بينه وبين بعض المفتين في مسئلة تتعلق بالأوقاف ومنها المنظومة في علم التصريف. المسماة بترصيف التصريف. وشرحها الموسوم بالشرح اللطيف. ومنها الوافي. لشرح الكافي. في العروض والقوافي. ومنها شرح عقود الجمان. في المعاني والبيان. للجلال السيوطي شرحها مزجاً بشرح مطول. يكاد يزيد على المطول. ومنها رسالة منظومة في منازل القمر. وشرح عليها موسوم بمناهل السمر. ومنها كتاب يتعلق بالشهور والأيام. وما يناسب ذلك من مباحث وكلام. له بكل علم تعلق والمام. مسمى ببراعة الاستهلال. فيما يتعلق بالشهر والهلال ومما لم يذكره شرح ألفية الجلال السيوطي والأشعار. بما لقائله من الانشا والأشعار. والله أعلم ولم يزل ممتطياً صهوة العز المتين. وراقياً ذروة طود الجاه الركين. لا يقاس به قرين. ولا تطأ آساد الشرى له عرين.

إلى أن تولى الشريف أحمد بن عبد المطلب مكة المشرفه. ورفل في حلل ولايتها المفوفه. وكان في نفسه من الشيخ المشار إليه ضغن. حل بصميم مهجته وما ظعن. فأمر أولاً بنهب داره. وخفض محله ومقداره. ثم قبض عليه قبض المعتمد على ابن عمار. وجزاه الدهر على يديه جزاء سنمار. إلا أن المعتمد أغص ابن عمار بالحسام الأبيض. وهذا طوفه هلال فتر من أنامل عبد أسود. فجرعه طعم كاس الموت الأحمر. وكان قد أبقاه في مجلسه إلى ليلة عرفه. ثم خشى أن يسعى في خلاصه من أكابر الروم من عرفه. فوجه إليه بزنجي أشوه خلق الله خلقاً. وتقدم إليه لقتله في تلك الليله خنقاً. فامتثل أمره فيه. وجلله من برد الهلاك بضافيه. فأقفرت لموته المدارس. وأصبحت ربوع الفضل وهي دوارس. وذلك في عام سبع وثلاثين وألف ومن الاتفاق إن الشريف المذكور قتل هذه القتلة بعينها. حتى تقاضت منه الليالي ما أسلفته من دينها. وفي الأثر كما تدين تدان. وهذا حال الدهر مع كل قاص ودان.

فصل وهذا حين أثبت من نثره الباهر. ونظمه المزرى بعقود الجواهر. ما تستلذه المسامع. ويطرب له الناظر والسامع. فمن نثره البديع ما كتبه إلى شيخ الاسلام محمد بن سعد الدين المفتي بقسطنطينية يقبل الأرض التي تمنى الشمس إن لو حظيت منها بالقبل. وبدلتها ببرج درجة شرفها الحمل.

أرضاً تقاعست عنها الأفلاك. أرضاً ترافعت على الفرقدين والسماك. أرضاً تحيط بها الأعاظم. إحاطة الهالة بالقمر. أرضاً تنيط بها الأفاخم. ما يختص به كل من نهى وأمر. أرضاً أعد التضمخ بثراها طيبي. وأرى التخلق ببراها أعز سهم من نصيبي. أرضاً تنافس حصباؤها الدراري. أرضاً تنافح شذا المسك الداري. أرضاً تمشت فيها إقدام تستقل الثريا موطئاً ومرقي. وتجل عن أن ترى بينها وبين السها في العلياء فرقاً. أرضاً مقبلة بشفاه الأعاظم. مبجلة بشفاه الأفاخم. بها تشديد بنيان المعالي. بها تأيد إيوان الأعالي. بها اكتحلت ألحاظ الموالي. بها افتخر الثرى على الأثير العالي. ولا بدع إذ هي ممشى لسيد كرع من معين الفضل سلسبيله. وأوضح لمفترع هضاب الفرع دليله. وأصبح كماله موقي من العين والعيب فلا مجال لعين الرضى عن كل عيب كليله. أعلم من قضى وأفتى. أفضل من باشر التدريس والأفتا. أكثر العلماء علماً. أغزر مشايخ الاسلام فهماً. أجمع أرباب العلوم رواية. أوسع أصحاب الفهوم دراية.

ص: 38

أرفع أهل النصوص رايه. أبرع ولى الخصوص آيه. ابن الأثير دونه في الأثر. ومسلم مسلم له صحة الخبر. من سد على ابن الجوزي طرق المجاز. وفتح على ابن معين باب الأعواز. وتواتر خبر فضله. وعرف حديث بيته القديم ولم يكن غريباً في أهله. واعترف له ابن كثير بقلة الجمع. وقال الفخر لمعقوله ما أنت وأدلة السمع. وتطامن ابن الحاجب لشرف أصله. ومنى القطب بالقطوب عند بيان جنسه وفصله. وأصبح النظام لديه مجدلاً. وكان الانسان أكثر شيء جدلاً. وابن مالك عنه اكتسب تلك الملكة في العربية. وأقر ابن عصفور إنه ليست له حوصلة على هذه الفنون الأدبية. وأضحى به مذهب النعمان منصوراً. ونصر الايمان عليه مقصوراً وأناط به ملك الربع المسكون مهمات الدين والدنيا. فابان فيهما عن الباع الأطول واليد العليا. وصارت أعتابه العلية لذوي الفضائل قبله. وأبوابه السنية مترافعة عن أن يحظي النجم منها بقبله. ما قصدها قاصد من مشارق الأرض ومغاربها. إلا ونال أقصى مرام نفسه ومطالبها. ولا انتسب إليها منتسب إلا ارتفع قدره على الفلك. وكان دليلاً على أفضلية خواص البشر على خواص الملك. سيدنا ومولانا وسندنا وملجأنا. شيخ الاسلام. ومفتي الأنام. مولانا محمد أفندي بن سعد الدين.

لا زال مؤيداً به الشرع المبين. ولا برح الاسلام به مؤيد الحجج والبراهين. والايمان به مسدد الأدلة والتبيين. وينهى إلى حضرته التي هي الغاية القصوى للآمل. والنهاية الرجوى لكل عالم وعامل. بعد إهداء سلام عبق الأكوان عنبره وريحه. ونبت في الأرجاء الحرمية عبهره وشيحه. مع دعاء ترفعه الملائكة من مواطن الاجابة. وتثبته في دواوين الدعوات المستجابة. البقاء على صدق الخلوص في الانتساب. إلى ذلك المقام العالي. الذي هو عند أولي الألباب. من أعظم المفاخر والمعالي. ولعمري لهو الشرف الأقعس. والمجد الأنفس. فنسأل الله تعالى أن يبقيه على رؤسنا تاجاً. ولنفوسنا طريقاً إلي الخير ومنهاجاً. هذا وقد ورد الكتاب الكريم. والخطاب الوسيم. فتشرفنا بوصوله. وتزينت حلالنا بحلوله. واتخذناه خوذة من سطعات الدهر. وعوذة من تسلطات القهر. وقر الناظر وصوله. وسر الخاطر حلوله. كيف لا وقد تضمن تبليغ المراد والمرام. والانعام بمناصب الافتاء والخطابة والامامة بالمسجد الحرام. لا زالت منن مولانا في أعناق الأنام. هي الأطواق والناس أكمام. إلى غير ذلك والسلام. ومنه ما كتبه إلى السيد محسن بن الحسين حين صالح عمه الشريف ادريس ابن الحسن وذلك في عام خمس عشرة بعد الألف. يقبل الأرض مهنياً بما عم بشره كافة البشر. ورفعت له في قلوب الرعايا رايات الفرح والظفر. ودقت له نوبات التهاني. وبلغت به أنفس الأوداء غاية الأمل والأماني، وانشد لسان الحال. على الارتجال

حسم الصلح ما اشتهته الأعادي

وأذاعته السن الحساد

وأرادته أنفس حال تدبي

رك ما بينها وبين المراد

فلعمري لقد كان الداهية الدهياء. والصاخة العميا

فكيف يتم بأسك في أناس

تصيبهم فيؤلمك المصاب

هل أنتم النفس تفرقت في أجسام. ونفس تصاعد من اخشام

لا عدا الشر من بغي لكما الشر

وخص الفساد أهل الفساد

أنتما ما انفقتما الجسم والرو

ح فلا احتجتما إلى العوّاد

فوالله لقد ناجتني بذلك نفسي. وقرطس في غرض الإصابة سهم حدسي. وكنت جاز ما بان هذه الحالة لا تستقر. وإن نار الحرب بينكما لا تستعر. أني يتمي ذلك وأنتم السنم رصانه. التي لا توازيها الأطواد ثباتاً ورزانه. لستم ممن يستخفه الطيش ويستشيره. ولا من لا ينظر فيما يقتضيه قبل الأمر ولا دبيره. بل أنتم ممن جبل على الرحمة والرأفة. واستحكمت بينكما اللحمة والالفة. وتواصلت بينكم الارحام. وحفظ فيكم الذمام.

منع الود والرعاية والسو

دد إن تبلغا إلى الاحقاد

وحقوق ترقق القلب ولو

ضمنت قلوب الجماد

حتى أني كنت ممن يشاهد هذا الأمر من كتب. ويتحققه تحقق من سطر وثائقه وكتب. فأرخت ذلك بقولي عاقبة الأمر هو الصلح. فكان فالاجاء كفلق الصبح. فالحمد لله الذي أبدل الضراء بالسراء. وأزال عن المسلمين الباس والبأساء. وجمع بكم شمل السيادة. وحرس بكم بلاده

ص: 39

فغدا الملك باهراً من رآه

شاكراً ما أتيتما من سداد

فيه أيديكما على الظفر الحلو

وأيدي قوم على الأكباد

هذه دولة المكارم والرأ

فة والمجد والندا والايادي

كسفت ساعة كما تكسف الشمس

وعادت فنورها في ازدياد

لله در أبي الطيب، كأنما شاهد هذه الواقعة. فوضع هذا الدر مواضعه. فلا بدع للمتنبي إذ أخبر بالمغيبات. وحدث عما هو آت. وكان ذلك مما له من المعجزات. والآيات البينات. فالله تعالى يصون شملكم عن التفريق. ويوشى شملكم بطراز الوفاق والتوفيق. ويمتع بكم الرعايا. بل كافة البرايا. والسلام. على الدوام. ومنه ما كتبه إلى الشريف ادريس بن الحسن سلطان مكة المشرفة مهنياً له بالبرء من مرضه الذي مرضه بالشرق. يقبل الأرض متضرع اعتاض من الهجوع الهجود. وارتاض بالركوع والسجود. ولاذ بالملتزم الشريف والمستجار. وعاذ بالركن المنيف والاستار. وتوصل إلى الله تعالى بكل نبي ورسول. وتوسل إليه في أعز مرام وسول. مذ طرقه طارق أسهره وأقلقه. وأوقعه في بحار الفكر والمغرقة. وأضجعه على القتاد والمعك. حين لايم ذلك الجسد الشريف الوعك. فإني لك والتجري على حمي مصون بأسوار السور. يحوط بها عن تطرق الحوادث والغير. لم يزل قايماً في طاعة خالقة ومنشيه. دائماً في مساعي مبدعه ومبديه. كيف تطرقت الحمى إلى ذلك الحمي. وإني استجازت المقام حيثما. يا لها جرأة على متهيب. واقداماً على ممتنع متجنب. لكن لا بدع في ذلك. ولا عجب مما هنالك.

فمنازل الحمى الجسوم فقل لنا

ما عذرها في تركها خيراتها

اعجب بها شرفاً فطال وقوفها

لتأمل الأعضاء لا لاذاتها

وإلا

فكيف تعلك الدنيا بشيء

وأنت المستغاث لم ينوب

وكيف تنوبك الدنيا بداء

وأنت لعلة الدنيا طبيب

فوعزتك القعسا. وصحتك التي أطابت للمعالي نفساً. لئن اعتللت فقد اعتلت لعلتك السماء والأرض. وتمارض لمرضك الباس والكرم المحض. بل اعتل لعلتك في العيون الغمض. وذوى لذلك شباب الزمان الغض. فالحمد لله الذي أزال العرض بعد حصول الانتفاع بثوابه. وابعد المرض عن ذلك الجسم اللطيف وما ثوى به. فقد رفعت في ساحات التهاني رايات البشاير. وتليت في منازل الأماني آيات الأشاير وظهر برهان البعد الباهر. وأنشد لسان المجد معبراً عن ضميره باسمه الطاهر. فقال. واطلب المقال.

المجد عوفي مذ عوفيت والكرم

وزال عنك إلى أعدائك الألم

صحت بصحتك الغارات وابتهجت

بها المكارم وانهلت بها الديم

وراجع الشمس نور كان فارقها

كأنما فقده من جسمها سقم

فنوسع المنعم على هذه النعمة حمداً وشكراً. ونصير الثناء على ذلك اللسان ذكراً وللجنان ذكراً. إذ من علينا بشفاء سيد تفرد في شأو المعالي. وارتفع شأنه على الأثير العالي. وتفرع غصنه من دوحة النبوة والخلافة. وتضوع نشره من سوحة الفتوة والشرافة وأحيا الله به مآثر آبائه الصيد من آل هاشم. وأعيابه الغلب الصناديد من كل غاشم. وحمي بكلاءته حمي البيت المطهر. وحرس بإيالته سوح حرمه الأطهر. واختاره على الخليقة خليفة. وامتازه بكل سجية شريفة. وجمع له بين فحامة القدر. ولطافة الخلق السبط الحسن. وأتاح له مآثر جده الكامل الخلق السبط الحسن. ومنحه الشفقة على رعيته. والرأفة عند استجاشة شهامته وحميته. فالله تعالى يبقيه وساحته عن تطرق الغير محروسة. وباحته بكل عزأ ولعز مانوسة. فالحمد لله على بلوغ الأمل باجابة الدعا وقبول العمل ممن تبتل ودعا. وقد كان الواجب على العبد المثول بنفسه إلى تلك الحضرة العالية. والحلول بتلك الرحبة السامية. ليتملى بطلعة مولانا وقد تسربل بسربال الصحة. ولبس ثياب الشفا فتلك أعظم منحه. غير إن العجز أقعده. وسوء الحظ أبعده فأناب كتابه منابه. وأقامه سفيراً يبلغ ما نابه. مهنياً مولانا بالصحة والعافية. ومصح جسده الشريف بيد الله الشافية

وما أخصك في بر بتهنئة

إذا سلمت فكل الناس قد سلموا

ص: 40

فالله تعالى يبقيك محروساً بجناب مأنوس القباب. متلفعاً من الجلالة بأشرف جلباب. مستقراً على كراسي الملك. وأعداؤك في الهلك. بجاه جدك عليه السلام. وآله البررة الكرام. وصحبه الخيرة الأعلام. ومنه ما كتبه مراجعاً للشيخ أبي المواهب البكري في سنة اثنين وعشرين وألف أن أشرف ما تتوج به المفارق والرؤس وأبهر ما تبتهج به المهارق والطروس. وأبهي ما ينظم في سلوك السطور. من الدرر الباهرة لدرر النحور. وأنهي ما يرقم في صكوك الصدور. من الغرر المضاهية للآلى البحور. تحيات نظمت بأنامل الاخلاص عقودها. وتسليمات رقمت بطراز الاختصاص برودها. تشفعها الأدعية التي على السن المقربين تتلى. وتشيعها الأثنية التي في مناص الكروبيين تجلى. مرفوعة في الموقف الأعظم. متلوة في المستجاد والملتزم. صادرة من قلب منيب أواه. ناظرة أن ليس في الوجود إلا الله. فها ملائكة الاجابه. تحفها بالقبول والانابه. بأن يديم الله للعلم وأهله. ويبقى للفروع وأصله. بقآء مولانا الاستاذ الأعظم. والملاذ الأعصم. والجهبذ النقاد. والكوكب الوقاد. والبحر الزخار. والليث الزءار. عالم الاسلام على الحقيقه. الجامع للشريعة والطريقه. كشاف مشكلات العلوم. حلال معضلات الفهوم. شعر

علامة العلمآء واللّج الذي

لا ينتهي ولكل لج ساحل

الامام العلامه. الهمام الفهامه. شيخ الاسلام. ملجاء الأنام. مفتي المسلمين. صدر المدرسين. الحبر النحرير. امام الفقه والتفسير. وما يخدمهما من أصول وفروع. وما يتبعهما من مرفوع ومشروع. مولانا الشيخ أبي المواهب محمد الصديقي البكري. مفتي السلطنة الشريفة. بالقاهرة الزاهرة المنيفه. أدامه الله للاسلام ملاذاً. وللأنام ملجأ ومعاذاً. ورفع به عماد البيت الصديقي. وأسطع به منار المحتد العتيقي. هذا والمنهى إلى حضرته بعد اتجافه بتحف تحيات مسكية الأرج.

واشفاعها بطرف تسليمات مكية المنعرج. البقاء على أكيدود يشهد الله بحقيقته. وأطيد عهد لم يحل ولم يحل عن طريقته. لم يزل ماداً أكف ضراعة لم ترد. وألسنة شفاعة لا يكفح صاحبها ولا يصد. في مواقف عرفه. ومزالف مني ومزدلفه. وسوح البيت والملتزم. وخلف المقام وزمزم. بأن يمتع الله الاسلام والمسلمين ببقآء مولانا الذي هو بركة العالمين. فإن في وجوده جمال هذا الوجود. وشهوده كمال كل شاهد ومشهود. وقد وصل الكتاب المبين. والخطاب الذي جاء به الأمين. فياله من كتاب أعجز سائر البلغا. فاضمحل عنده وجودهم ولغا. فاتخذه المملوك عوذة من سطوات الدهر. وخوذة من صدمات القهر. وأحله مواضع الحواس الخمس من الرأس. وجعله من أحزابه المتلوة لدفع البؤس والبأس. فالله تعالى يبقيه ماناً على كل عبد رقيق بالمكاتبه. ومنعماً على كل صديق راسله أو كاتبه. وإن تلفت إلى أحوال هذه الديار. وآثار هذه الأقطار.

فهي بحمد الله بغاية من الأمان. ونهاية من الرفاهة والاطمئنان. وذلك لما بين عميدي السادة الأشراف. من الاتفاق والائتلاف. وإنما ذلك ببركة شمول أنفاسكم الطاهرة لأهل هذه البقاع بالدعا. وملاحظتهم بالخاطر الذي حفظ الله به عبوده ورعا. وقد كان الجمع في هذا العام كبيراً والحج أكبر. وشملت المغفرة إن شآء الله تعالى كل فاجر فما بالك بالبر. ودعونا لكم في تلك المشاهد. وذكرنا كم في تلك المعاهد. وكان من جملة من حج في هذا العام. أسعد الموالي الكرام. فسعدنا برؤياه. وحظينا بلقياه. فياله من عالم عامل. وصالح كامل. وكان مما اخترعه على ولاة هذه الديار. أبطال بيع التنباك واطفاء هاتيك النار. فأجيب على ذلك. ونودي بمنعها في الأسواق والمسالك.

ص: 41

ومنه إنه التمس أن لا يكون خطيب الجمعة الأحنفيا في أيام الموسم لأن غالب الحجاج من طائفة الأروام. وخطر بباله هذا المعنى في أول جمعة بعد الحج وهي الموافقة للسادس عشر من ذي الحجة الحرام. فأرسل إلى حضرة مولانا الشريف وقد ناهزت الشمس الزوال. والتمس من حضرته ذلك فأجابه إلى السؤال. وكان الخطيب ذلك اليوم شافعياً وقد عقد طيلسانه. واصلت لادآء الخطبة منصله ولسانه. فأرسل حضرة مولانا الشريف إلى حضرة هذا الفقير. وأمره بمباشرة الجمعة وقد أدرك وقتها غير يسير فقابل الأمر بالامتثال. وبرز على غير أهبة في الحال. فجمله الله ببركة ملاحظتكم وسدده. وكان الاستمداد في ذلك اليوم من أنفاسكم مدده. فخطب خطبة ارتجلها على المنبر. وكان المشار إليه في مقام إبراهيم البر. وكان الخطيب بذلك المجمع. بمرأى من أسعد ومسمع. فتعجب من تلك البديهه. وقرض المحب بما يقتضي تنويهه. فالله تعالى يمددنا بمدكم. ويطيل لنا في مددكم. والسلام ومنه هذه الخطبة التي أنشأها لعقد جدي السيد الأمير محمد معصوم ببنت عمه السيد الأمير نصير الدين حسين رحمهم الله تعالى. الحمد لله الذي بعث محمداً المعصوم بالدين القيم والشريعة القائمه. وجعل ملته لسائر الملل عن ارضاع ثدي البقآء فاظمه. أحمده على أن أقام بأحمد نظام الدين فزاد تعظيماً وتشريفاً. وأوحى إليه في الكتاب المبين أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا. وأشكره على أن أذهب عن أهل بيته الرجس وطهرهم تطهيرا. وتولى نصره على الأعدآء وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيرا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تطيب بها النفس وتقربها العين. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله المجعول ذريته من نسل الحسن والحسين. صلى الله عليه وعلى آله الذين من تمسك بولائهم فقد ازدلف إلى الله قربا. وعمل بمضمون قوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى. وعلى أصحابه الذين دلت سورة الفتح على مناقبهم. وقلت الأنجم عن بلوغ شأو مراتبهم. صلاة وسلاماً يتقارنان تقارن الايجاب والقبول. ويتواردان عليه مع نسائم الصبا والقبول. أما بعد فإن العنصر النبوي لا يزال ظاهر النمر طاهر الانتماء. كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. ناهيك بنتيجة مقدمتاها الوصي والبتول. فلا غرو إن زكت الفروع لزكا هاتيك الأصول. فمن ثم وجب أن تصرف الهمم العلية إلى تكثير فروعها وثمارها.

وتوجه الشيم الأبية إلى تقريرها واستقرارها. وذلك بالنكاح الذي به تحفظ الأنساب. ويكون لبقائه ثم من أتم العلل وأقوى الأسباب. كيف وقد نطق الكتاب العزيز بمشروعيته. ودلت الأحاديث النبوية على سنيته. قال الله تعالى علواً وقدراً. وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهرا. وقال تعالى مهنياً لعباده بهذه النعمة. ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. وقال تعالى وهو أعز قائل. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم مبيناً يمنه لهذه الأمة. التزويج بركة والولد رحمة. وقال صلي الله عليه وعلي آله وسلم معرضاً بمن لم يكن بشأنه معني. النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم منفراً عن العزوبية والايامة. تناحكوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم مبيناً الاقتداء به والائتساء. حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وفضل صلي الله عليه وعلى آله وسلم الأبكار على غيرهن بكثير.

ص: 42

فقال تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وأشق أرحاماً وأرضي باليسير. وعاتب صلي الله عليه وآله وسلم جابراً. حيث لم يكن على النكاح يثابر. فقال هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك يا جابر والأخبار الواردة في فضله كثيرة وهي في مظانها معروفة وشهيرة. وفيما أوردنا من ذلك كفاية ومقنع. سيما من كان بمرأى من الاصغاء ومسمع. ولما ذكرناه من فضائله. وسردناه من براهينه ودلائله. مال إلى التحلي بعقوده. والتجلي في موشيات بروده. السيد السند. الأصيل الأوحد المعتمد. الجليل الأمجد. خلاصة الصدور الأجلاء الأكابر. سلالة السادة الأعزاء ذوي المفاخر. المتفرع من دوحة السيادة. المترعرع في روضة السعادة. ذي الفضائل العديدة. والشمائل الحميدة. المقتفي آثار أسلافه الكرام. المرتقي بهمته العلية إلى أشرف مقام. السيد محمد معصوم ابن الصدر الأجل الكبير. ذي القدر الأشم الخطير. فخر السادة الذين تجملت بهم المحافل والمجالس. وتكملت بهم الصدور والمدارس. ونظموا بجيد الوجود عقود فرائدهم.

ونثروا على بساط المناظرة جواهر فوائدهم. وأحيوا مآثر علوم الأوائل. وأقاموا على المطالب العلية مسلمات البراهين والدلائل. وسارت مصنفاتهم في سائر الآفاق. وأذعن لهم بالتسليم أهل الخلاف والوفاق جمال ذا العصر كانوا في الحياة وهم. بعد الممات جمال الكتب والسير. الامام العالم العلامة. الهمام الكامل الفهامة. ناشر لوآء التحقيق. جامع معاني التصور والتصديق. السيد الأعظم الأمجد. مولانا نظام الدين أحمد. سقي الله ضريحه شآبيب الرحمة. وأسكنه الفراديس مع آبائه الأئمة. فرغب في نكاح مخطوبته الحرة الطاهرة المصونه. الدرة الفاخرة الثمينه. ذات الجناب الرفيع. والحجاب الضافي المنيع. السيدة الجليله. المثيلة الأصيله. العفيفة الصينه. المتفرعة من دوحة السيادة والسلطنه. المتربية في مهود العقل والصيانه. الموفية بعهود الاتصاف بالديانه. الشريفه فاطمة ابنة سيدنا ومولانا الذي انعقد على جلالته الاجماع. واعترف له بالتقدم في ميدان الفضائل بلا نزاع. كشاف مشكلات المسائل. حلال معضلات الدلائل. اللامعة أساريره بأنوار التنزيل. الجامعة تقاريره لآثار التأويل. المعترف بالعجز عن مداركه العلمآء الجهابذة. المغترف من بحار فوائده الأساتذه. فضلاً عن التلامذه. الجامع بين شرفي العلم والنسب. الحائز لفضيلتي المجد الموروث والمكتسب. شعر

علامة العلمآء واللج الذي

لا ينتهي ولكل لج ساحل

سيد العلمآء المحققين. سند الفضلاء المدققين. جامع المعقول والمنقول. مستنبط الفروع من الأصول. قطب دوائر التحقيق صدر صدور المدرسين. فخر السادة الصلحآء المقدسين. مولانا السيد نصير الدين حسين. لا زال بالنظر إلى وجه ربه قرير العين. وصان ابنته المشار إليها. وأسبل ستر الصيانة والديانة عليها. وذلك على كتاب الله وسنة رسول الله. ومهر قدره والمقدم ما وقع التراضي عليه. مما المقام في غنى من الاشارة إليه.

ومن أحسن شعره قوله مادحاً سلطان مكة المشرفة الشريف حسن بن أبي نمي بن بركات وابنه الشريف أبا طالب ومهنياً لهما بظفر الثاني منهما بأهل شمر وهو جبل بنجد وعارض بهذه القصيدة كما زعم قصيدة محمد بن هانيء المغربي الآتي ذكرها

نقع العجاج لدى هياج العثير

أزكى لدينا من دخان العنبر

وصليل تجريد الحسام ووقعه

في الهام أشدى نغمة من جؤذر

وسنا الأسنة لامعاً في قسطل

أسنى وأسمى من محيا مسفر

وتسربل في سابغات مزرّد

أبهى علينا من قباء عبقري

وتتوج بقوانس مصقولة

أزهى علينا من سدوس أخصر

وكذاك صهوة سابح ومطتهم

أشهى إلينا من أريكة أحور

ولقا الكمى مدرعاً في مغفر

كلقا العرين بمقنع وبمخمر

ألفت أسنتنا الورود بمنهل

علقت به علق النجيع الأحمر

وسيوفنا هجرت جوار غمودها

شوقاً لهامة كل أصيد أصعر

فتخالها لما تجرد عند ما

هاج القتام بوارقاً بكنهور

ص: 43

وصهيل جرد الخيل خيل كأنه

رعد يزمجر في الجدي المثعنجر

ودم العدا متقاطراً متدفقاً

كالوبل كالسيل الجزاف الجوّر

ورؤسهم تجري به كجنادل

قذفت به موج السيول الهمرّ

غشيتهم في العام منا فرقة

تركت فريقهم كسبسب أقفر

أودتهم قتلاً وأجلتهم إلى

أن حطم الخطى ظهر المدبر

تركت صحاراهم موائد ضمنت

أشلآء كل مسوّد وغضنفر

ودعت ضيوف الوحش تقريها بما

أفنى المهند والوشيج السمهري

فأجابها من كل غيد زمرّة

تحدو منار عملّس أو قسور

وأظلها ظلل نشاص صحابها ال

مر المركوم أجنحة البزاة الأنسر

فبراثن الآساد تضبث في الكلى

ومخالب العقبان تنشب في المرى

شكرت صنيع المشرفية والقنا

إذ لم تضفها الهبر غير مهبر

فغدت قبورهم بطون الوحش من

ها يبعثون إذ دعوا للمحشر

وخلت ديارهم وأقوى ربعهم

وسرى السرى مشمراً عن شمر

أُنفت من استقصآء قتل شريدهم

كيما يخبر قائلاً من مخبري

فثنت أعنة خيلنا أجيادها

عن قتل كل مزند وحزوّر

حتى إذا حان القطاف ليانع

من أرؤس تركت ولما تؤبر

عصفت بها ريح المنون فالقحت

وتحركت بزعازع من صرصر

فدعت سراة كماتنا لقطافها

بأنامل القصب الأصم الأسمر

ملأ تشوق إلى الكفاح نفوسهم

توقانها للقا الرواح المعصر

يغشون أبطال الوطيس بواسماً

كالليث أن يلق الفريسة يكشر

وتخالهم فوق الجياد لوابساً

سدّا يمور من الحديد الأخضر

فأذاهم ازدحموا بجزع وانثنوا

أورى زناد دروعهم ناراً يرى

جيش طلائعه الأوابد ان تصخ

لوجيبه من قيد شهر تنفر

يقتاده الملك المشيح كأنه

بين العوالي ضيغم في مزأر

ملك تدرع بالبسالة فاغتنى

يوم الوغا عن سابغ وسنور

ملك تتوج بالمهابة فاكتفى

عند الطعان لقرمه عن مغفر

ملك تذكرنا مواقع عضبه

في الهام وقعة جده في خيبر

ملك إذا ما جال يوم كريهة

لم تلق غير مجدل ومعفّر

ملك يجهز من جحافل رأيه

قبل الوقيعة جحفلاً لم ينظر

ملك تسنم ذروة المجد التي

من دونها المريخ بل والمشتري

ملك نداه البحر إلا أنه

عذب أهذا البحر نهر الكوثر

ملك إذا ما جاد حدث مسنداً

عن جوده جود الغمام الممطر

ملك علا قدراً فكنته العلا

بأبي على فهو أعلى مفخر

ملك سما عن أن أصرح باسمه

لسموه عن كل وصف مشعر

ملك قفا سنناً سنياً سنه

للمجد والده الزكي العنصر

الأشرف الشهم الذي خضعت له

شم الأنوف وكل جحجاح سرى

الأفضل السند الذي بجنابه

لاذ الغطارفة الأولى من حمير

الأكمل الندب الذي أوصافه

أنست سما الوضاح وابن المنذر

الأكرم المفضال من إحسانه

أربى على كسرى الملوك وقيصر

ذو الهمة العليا الذي قد نال ما

عنه تقصّر همة الاسكندر

شرفاً تقاعست الكواكب دونه

لو لم تمد بنوره لم تزهر

هبها بمنطقة البروج مقرها

أمنا هزٌ هذا بنوة حيدر

كلا فكيف بمن حواها جامعاً

نسباً سما بابوة المدثر

ص: 44

أعظم بها من نسبة نبوية

علوية تنمي لأصل أطهر

قد شرّفت بدءاً بأشرف مرسل

ونهايةً بالسيد الحسن السرى

فخر الخلائق درة التاج الذي

بسواه هام ذوي العلا لم تفخر

بشر ولكن في صفات ملائك

جليت لنا أخلاقه فاستبصر

لم تلقه يومي وغاً وعطا سوى

طلق المحيا في حلي المستبشر

يلقى العفاة وقد تلألأ وجهه

بسنا السرور وذاك أنضر منظر

يعفو عن الذنب العظيم مجازياً

جانيه بالحسنى كان لم يوزر

يا سيد السادات دونك مدحة

نفحت بعرف من ثناك معطر

قد فصلت بلآلئ المدح التي

وقف ابن أوس دمنها والبحتري

وافتك ترفل في برود بلاغة

وراعة ببرود صنعا تزدرى

صاغت حلاها فكرة قد صانها

شمم الاباء عن امتداح مقصر

ما شانها نظم القريض تكسبا

لولا مقامك ذو العلا لم تشعر

ما شانها إلا اكتساب فضائل

تغنيه عن شرف العظام النخر

فوردت منهلها الروى فلم أجد

أحداً فنلت صفاه غير مكدر

فنهلت منه وعلني بنميره

وطفقت وارده ولما أصدر

وطفقت فيه غائضاً للآلئ

في غير نظم مديحكم لم تنثر

لا تدعني العليا رضيع لبانها

إن كنت في تلك المقالة مفترى

خذها عقيلة كنز خدر فصاحة

سفرت نقاباً عن محيا مسفر

جمعت بلاغة منطق الأعراب مع

حسن البيان ورقة المستحضر

لو سامها قس لما سمعت له

بعكاظ يوماً خطبة في منبر

شرفت على من عارضته بمدح من

أضحى القريض به كعقد جوهري

فاستجلها وافت تهني بالذي

نفحت بشائره بمسك أذفر

نصر تهز بنوده ريح الصبّا

خفقت على هام الأشم الحزمري

هو نجلك المنصور دام مؤيداً

بك أينما يلق العزيمة يظفر

لا زلتما في ظل ملك باذخ

وجنود ملككم ملوك الأعصر

مستمسكين بهدى جدكم الذي

بالرعب ينصر من مسافة أشهر

أهدى الآله صلاته وسلامه

لجنابه في طي نشر العبهر

ولآله ولصحبه والتابع

ين لهم باحسان ليوم المحشر

ما استنشق الأبطال في يوم الوغا

نقع العجاج لدى هياج العثير

قلت ربما تشوق الواقف على هذه القصيدة إلى قصيدة ابن هانيء المعارضة لها فيحب الوقوف عليها فلا يجدها وها هي قد أوردتها بجملتها وقد نقلتها من ديوانه قال أبو القاسم محمد بن هانيء الأندلسي يمدح جعفر بن علي أمير الزاب من المغرب

فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر

وأمدكم فلق الصباح المسفر

وجنيتم ثمر الوقائع يانعاً

بالنصر من ورق الحديد الأخضر

وضربتم هام الكماة ورعتم

بيض الخدور بكل ليث مخدر

ابنى العوالي السمهرية والسيو

ف المشرفية والعديد الأكثر

من منكم الملك المطاع كأنه

تحت السوابغ تبع في حمير

القائد الخيل العتاق شوازياً

خزراً إلى لحظُ السنان الأخزر

شعث النواصي حشرة آذانها

قب الأياطل داميات الانسر

تنبو سنابكهن عن عفر الثرى

فيطأًن في خد العزيز الأصعر

جيش تقدمه الليوث وفوقها

كالفيل من قصب الوشيج الأسمر

وكأنما سلب القشاعم ريثها

مما تشق من العجاج الكدر

وكأنما شملت قناه ببارق

متألق أو عارض مثعنجر

ص: 45

ويقوده الليث الغضنفر معلماً

من كل شثن اللبدتين غضنفر

تخذ القبول من الدبور وسار في

جمع الهرقل وعزمة الاسكندر

في فتية صده الدروع عبيرهم

وخلقوهم علق النجيع الأحمر

لا يأكل السرحان شلو طعينهم

ما عليه من القنا المتكسر

أًنسوا بهجران الأنيس كأنهم

في عبقري البيد جنة عبقر

يغشون بالبيد القفار وإنما

تلد السنبتي في اليباب المقفر

فرواية الصنديد تخبر عنهم

وأسامة الصديق أصدق مخبر

قد جاوروا أجم الضواري حولهم

فإذا هم زأروا بها لم تزأًر

ومشوا على قطع النفوس كأنما

تجري سنابك خيلهم في مرمر

قوم يبيت على الحشايا غيرهم

ومبيتهم فوق الجياد الضمر

وتظل تسبح في الدماء قبابهم

فكأنهن سفائن في أبحر

فحياضهم من كل مهجة خالع

وخيامهم من كل لبدة قسور

من كل أهرت كلح ذي لبدة

أو كل أبيض واضح ذي مظفر

حي من الأعراب إلا أنهم

يردون ماء الأمن غير مكدر

راحوا إلى أم الريال عشية

وغدوا إلى طيب الكثيب الأعفر

طردوا الأوابد في الفدافد طردهم

للاعوجية في مجال العثير

ركبوا إليها يوم لهو قنيصهم

في زيهم يوم الخميس المصخر

إنا لتجمعنا وهذا الحي من

بكر أذمة سالف لم تخفر

أخلاقنا فكأننا من نسبة

ولداتنا فكانتا من عنصر

اللابسين من الجلود الهبر ما

أغناهم عن لامة وسنور

لي منهم سيف إذا جردته

يوماً ضربت به رقاب الأعصر

وفتكت بالزمن المدجج فتكة

البراض يوم هاجين ابن المنذر

صعب إذا نوب الخطوب استصعبت

متنمر للحادث المتنمر

فإذا عفا لم تلق غير مملك

وإذا سطا لم تلق غير معفر

وكفاك من حب السماحة إنها

منه بموضع مقلة من محجر

فغمامه من رحمة وعراصه

من جنة ويمينه من كوثر

يحكى أنه أنشد هذه القصيدة وممدوحه راكب في جيشه فلما أنشد قوله

بني العوالي السمهرية والمواضي

المشرفية والعديد الأكثر

من منكم الملك المطاع كأنه

تحت السوابغ تبع في حمير

ترجل العسكر كله ولم يبق أحد راكباً سوى الممدوح فلا يعلم سؤال كان جوابه نزول عسكر جرار غيره ومن الغريب ما توهمه بعض أهل العصر إن ابن هانيء مدح بهذه القصيدة سيف الدولة بن حمدان ممدوح المتنبي ويستدل على ذلك بقوله فيها

لي منهم سيف إذا جردته

يوماً ضربت به رقاب الأعصر

كيف وابن هانىء لم يدخل المشرق قط كما ذكره القاضي ابن خلكان وأما الاستدلال بالبيت فليس بشيء فإن الشعراء تشبه الممدوح بالسيف والسنان وبالسهم كما قال ابن هانىء من قصيدة أخرى في جعفر

إذ عيشنا في مثل دولة جعفر

والعدل فينا ضاحك والنائل

ندعوه سيفاً والمنية حده

وسنان جد والكتيبة عامل

وقد وقفت في ديوان حسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم على قصيدة في وزان قصيدة ابن هانيء الرائية ورويها يفتخر فيها بقومه ويعدد أفعالهم وقد رأيت ايرادها هنا فإنها في غاية الحسن وديوانه قليل الوجود وهي

أنسيم ريقك أختٍ آل العنبر

هذا أم استنشاقه من مجمر

أبديد ثغرك ما أرى أم لمحة

من بارق أم معدن من جوهر

أودعتني بلحاظ ثغرك حرقة

الهبت جمرتها بطرف أحور

ونشرت فرعك فوق متن واضح

وطويت كشحك فوق خصر مضمر

قولي لطرفك أن يكف عن الحشا

سطوات نيران الهوى ثم اهجري

ص: 46

وانهي جمالك أن ينال مقاتلي

فينال قومك سطوة من معشري

إني من القوم الذين جيادهم

طلعت على كسرى بريح صرصر

وسلبن تاج الملك قسراً بالقنا

واخذن قهراً درب آل الأصفر

آبائي من كهلان أرباب العلا

وبنو الملوك عمومتي من حمير

قدنا من اليمن الجياد فما انثنت

حتى حوت بالصين مهجة يعبر

ورمت سمرقنداً بكل مشقف

لهج باحشاء الفوارس أسمر

ووطأَن أرض الشام ثم وفارساً

بالحارث اليمني وابن المنذر

صبحت بلاد الهند بالبيض التي

صبحت بها كسرى صبيحة دسير

ونصرن في الأحزاب حزب محمد

وكسون مومة ثوب موت أحمر

وطلعن من رجوى حنين شرباً

يحملن كل سليل قوم مسعر

ماذا يريد إذا الرماح شجرنه

درعاً سوى سربال طيب العنصر

يلقى الرماح الشاجرات بنحره

ويقيم هامته مقام المغفر

ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا

فهدمت ركن المجد إن لم تعقر

وإذا تأَمل شخص ضيف مقبل

متسربل أثواب خل مقفر

أومى إلى الكوماء هذا طارق

نحرتني الأعداء إن لم تنحر

كم قد ولدنا من نجيب قسور

دامي الأظافر أو ربيع ممطر

سدكت أنامله بقائم مرهف

وثبير فائدة وذروة منبر

كم فوق وجه الأرض من ذي ثروة

لولا فواضل رفدنا لم يذكر

لولا صوارم يعرب ورماحها

لم تسمع الآذان صوت مكبر

نحن الذين نذل أعناق القنا

ونعز بالمعروف قل المعسر

قحطان قومي ما ذكرت فخارهم

إلا علوت على سنام المفخر

السابقون إلى المكارم والعلا

والحائزون غدا حياض الكوثر

فإذا أردت بأن ترى مسعاتنا

فصل النواظر بالسماك الأزهر

لو أَمت الجوزاء أن تعلو إلى

أعلى ذؤَابة مجدنا لم تقدر

ثم الصلاة على النبي وآله

ما لاح برق في غمام ممطر

قال المؤلف عفا الله عنه لما وقفت على هذه القصائد أحببت النظم عليها فقلت مادحاً الوالد في سنة ثلاث وسبعين وألف

لمن الكتائب في العجاج الأكدر

يخطرن في زرد الحديد الأخضر

ضربت عليهنَّ الرماح سرادفاً

دُعمت بساعد كل شهم أصعر

والبيض تلمع في القتام كأنها

لمع البوارق في ركام كنهور

وصليل وقع المرهفات كأنه

رعد يجلجل في أجش مزمجر

والراية الحمراء يخفق ظلها

يهفو عليها كل ليث مزئر

والخليل قد حملت على صهواتها

من كل أصيد باسل ذي مغفر

متسربل بالقلب فوق دلاصه

متلثم بالنقع لما يسفر

في موقف كسف الظهيرة نقعه

فأضاءها بشروق وجه مقمر

يختال في حلق الدلاص كأنه

يختال منها في مفوّف عبقر

في فتية أَلفوا الأسنة والقنا

فقبابهم قصب الوشيج الأسمر

يغرون بيضهم الرقاب وينهلوا

زرق الأسنة من نجيع أحمر

شادوا عمادهم بكل مثقف

لدن ومجدهم بكل مشهر

حلّوا من العلياءِ قمة رأسها

وحووا بسالة أكبر عن أكبر

من منهم الملك المهيب إذا بدا

خضعت له ذلاً رقاب الأعصر

فخر المفاخر والمآثر والجحا

فل والمحافل والعلا والمنبر

القائد الجيش العرمرم معلماً

من كل ليث ذي براثن قسور

السائق الجرد المذاكي شزبا

تخطو وتخطر بالرماح الخطر

ص: 47

الفالق الهامات في يوم الوغا

والسمز بين محطم ومكسر

الشامخ النسبين بين ذوي العلا

الباذخ الحسبين يوم المفخر

الواهب البدرات يتبعها الندى

من جوده بسحاب تبر ممطر

يجلو دجى الآمال منه بنائل

متلأليء وبوجه جود مسفر

ولكم جلا رهج القتام بباتر

متألق وسنان أسمر سمهري

ملك إذا ما جاد يوماً أوسطا

فالخلق بين مملك ومعفر

من دوحة المجد الرفيع عماده

والفرع يعرب عن زكي العنصر

ما ينقضي يوماً شهير نواله

إلا واتبعه بآخر أشهر

هذا الذي صدع القلوب مهابة

وأذل كل عملس وغضنفر

هذا الذي غمر الأنام سماحة

من جوده الطائي الجليل الأبهر

هذا الذي حاز المكارم قعساً

وسواه يلطم خد حزن أقفر

هذا نظام الدين وابن نظامه

نسب يؤَل إلى النبي الأطهر

لمعت أسرة نوره في وجهه

فازور عنها كل لحظ أخزر

يجلو لنا من حلمه في حزمه

أخلاق ثدى العارض المثعنجر

لله جدك أي مجد حزته

فشأوت كل مقدّم ومؤخر

أنت الذي أحرزت كل فضيلة

ووردت بحر الفضل غير مكدر

ظميت أماني الرجال لدى العلا

فوردت منهلها ولما تصدر

واليكها غرآء قد أبرزتها

تجلى بشكرك في ندىّ المحضر

أحكمت نظم قريضها فتناسقت

كالعقد يزهو في مقلد جؤْذر

يزكو بمدحك نشرها فكأنني

أزكيتها منه بمسك أذفر

ما ضاع نشر ثنائها في مجلس

إلا تفتق عن ذكي العنبر

واسلم على درج المعالي راقياً

يا جل أخبار وأصدق مخبر

وما أحسن قول بعضهم على هذا الوزن والروي

من كل أبلج واضح ذي صورة

يمشي إلى الهيجاء مشي غضنفر

يلقى الرماح بوجهه وبنحره

ويقيم هامته مقام المغفر

رجع إلى شعر الشيخ عبد الرحمن صاحب الترجمة فمنه أيضاً مادحاً السيد ثقبه ومهنئاً له بعافية ابنه السيد قتادة ومتشكراً من انعام أنعمه عليه

أقبل أرضاً حفها الله بالسعد

والثم ترباً عرفها فائق الند

وأهدى سلاماً عبّق الكون نشره

وفاق شذ النسرين والآس والورد

صخيب ثناء فصلت در عقده

وفضله الرائي على الجوهر الفرد

وحاكته أيدي غانيات فضائل

تحجبن إلا عن لقاء ذوي المجد

ووشته حتى خيل برداً منمنماً

عل منكب العلياء طرّز بالحمد

ومذ نشرته فاح في الكون عرفه

وأهدى إلى الأرواح رائحة الند

وأنشد من أضحى لرياه ناشقاً

إلا يا صبا نجد متى هجت من نجد

رديف دعاً هزت معاطف غصنه

قبول قبول فهي مائسة القد

تبختر في روض الانابة ساحباً

مطراف أذيال الاجابة بالقصد

إلى حضرة عليا مقدسة سمت

وجلت عن التعريف بالرسم والحد

وناف عن الألفاظ كنه احاطة

بمعني معاليها العلية عن عد

وقصر عنها الواصفوها وإن يكن

خطيب عكاظ وامريء القيس والجعدي

وإني وإن كنت المقصر عنهم

سأبذل في مدحي وتقريضه جهدي

وهيهات أن أحصى ثناء لقائل

تشرف جبريل بخدمته جدي

مليك له هام الفراقد منزل

تبوأه ارثاً عن الأبّ والجد

مليك سنا الاجلال لاحت بوجهه

مخايله مذ كان في حوزة المهد

مليك إذا ما جال في حومة الوغا

ترى الهام تهوى في الرغام على الخد

ص: 48

تخيلها خرت لتقبيل حافر ال

صوافن كيما تستجير من الحد

فإن شمت برقاً لاح في أفق غيهب

من النقع قل ذا سيفه سل من غمد

وإن سمعت إذناك صوت قعاقع

من الرعد قل ذا صوت أفراسه الجرد

وإن أبصرت عيناك سيلاً عرمرماً

يسيل فقل هذا نداه لمستجدي

وإن عبق الأكوان نشر معنبر

فقل ذا شذا أوصافه الفائق الند

وإن تر شمس الأفق قد أشرقت فقل

سنا وجهه الوضاح لاح لمستهدي

وإن تر بدر الجو بين كواكب

فقل هو في ابنائه الغراذ يبدي

وإن تر نوراً في المجرة لاح قل

محجته البيضاء تهدي إلى الرشد

فمن كأبي عجلان في العلم والحجا

وفي الفضل والتقوى وفي العلم والزهد

ومن كأبي عجلان للسيف والقنا

وللحرب إذ قال العدا أزمة اشتدي

ومن كأبي عجلان في البأس والندى

وفي الشرف البذاخ والعز والمجد

فيا سيد السادات دونك مدحة

تفاخر در السمط بل جوهر العقد

قريض محب لم يزل متمسكاً

بعروتك الوثقى المنوطة بالعهد

شكور لنعماك التي ألبسته من

نسج يد الأفضال من أفخر البرد

وهيهات لا أسطيع شكر صنيعها

ولكن على مقدار ما يقتضي جهدي

ولا سيما إن ذكرته مدائحي

بسابق وعد كان من صادق الوعد

فلا زال محروس الجناب ممتعاً

بابنائه الصيد الغطارفة الأسد

ولا سيما السامي لا فخر رتبة

تسمنها بالعزم والحزم والجد

بهي الصفات الغر والمجد والسنا

سمى السمات الساميات عن العد

قتادة حاوى المكرمات ومن علا

على هامة الجوزاء من فلك السعد

ومن في سماء المجد أشرق نجمه

وأضحت به الأكوان وردية الخد

وهزت له العليا معاطف بشرها

وغنت حمام الايك في عذب الرند

تهنيه إذ حاكت له بيد الشفا

معاطف تغنيه عن السابغ السرد

لعمري لقد عم الهنا كل مهجة

لما ضمنته في مخبأة الود

فلا زال في ثوب المسرة رافلاً

يجرر أردان السعادة والمجد

بسوح أبيه السيد المالك الذي

تقلد من حلى السيادة بالعقد

وتوجه نور النبوة مغفراً

تطرز بالاقبال والعز والسعد

وألبسه جاش الخلافة سابغاً

تدرعه من سطوة الدهر إذ يعدى

فلا زال في عز السعادة مالكاً

زمام العلا والدهر من جملة الجند

بجاه النبي الطهر مستنصراً وبالا

ئمة أعني من ختامهم المهدي

عليهم صلاة الله ثم سلامه

يدومان ماهز الصبا عذب الرند

وما حكت في مدح المليك قصائداً

وطرزتها بالشكر والمدح والحمد

ومن شعره أيضاً وقد المس منه الاغا بهرام الشريفي تاريخاً لقاعته التي أنشأها بمكة المشرفة بمنزله المعروف الطلب على المسعى تجاه باب السلام فقال

غنى على عود السعود هزارى

وشدا على الأوتار بالأوطار

في قاعة حل السعود بقائها

وبقاعها حلى اللجين الجاري

قد شرفت بجوارها لمعاهد

هي سوح بيت الله ذي الاستار

فلها الأمان بيمن من قد جاورت

والأكرمون يرون حق الجار

مدت على المسعى الشريف ظلالها

لتفيؤ الحجاج والعمار

ورنت إلى باب السلام مشيرة

بسلامة من سائر الأكدار

طاف الطراز بها كمنطقة حوت

لجواهر قد رصعت بنضار

ص: 49

ومياه بركتها المباركة التي

قد أشبهت صرحاً من البلار

طرحت أشعتها كواكب سقفها

فيه وقام الماء بالفوّار

يحكي عموداً من لجين قائماً

في أرض تبرأ ونضار جاري

سال النضار بها وقام الماء في

هذا فحار بها أولو الأبصار

بسطت بها البسط التي من وشيها

حاكت رياض خمائل الأزهار

وغدت نمارقها بها مصفوفة

بأرائك مسدولة الأستار

هي من منازل جنة لمشيدها

عنوان منزله بعقبي الدار

وهو الأمين أبو المعالي من غدا

عين الوجود وناظر النظار

فحر الأماثل عمدة الوزراء في

دول الملوك السادة الأطهار

المستشار المستضاء برأيه

عند اجتلا الآراء والأشوار

بهرام أغا لا زال دهراً آمناً

من سائر الأسواء في الأسوار

فإشارة التاريخ لفظي قالها

بالأمن من صرف الزمان الضاري

إن صح عند الضبط فيه قولنا

بجوار بيت الله أمن الجار

وعلى النبي وآله وصحابه

صلى وسلم ذو الجلال الباري

ما غردت ورق الرياض بدوحها

وترنحت بنسائم الأسحار

وقال مخاطباً ومداعباً الشيخ أحمد بن حكيم الملك في يوم النيروز ومستدعياً منه بعض لوازمه

يا حكيماً أيامه نيروز

وعظيماً من دونه فيروز

وكريماً به المكارم تسمو

ولجم النوال منه تحوز

دم مهنا بيوم نيروز سعد

أنت فيه معظم وعزيز

لترجى نوالك العذب فيه

فتية للسماك حقاً تجوز

نورزونا مما تنورزتموا منه

إذ كان ذاك شيئاً يجوز

واطفئا بالنمير قلباً تلظى

بلهيب من دونه تموز

وابق في رفعة ترى الشمس حسري

من علاها وما بذاك تفوز

وانعمن بالجواب منك شتابا

بمرامي ولا تقل لي هنوز

فائدة ذكر سيبويه النيروز في باب الأسماء الأعجمية وقال نيروز بالياء المثناة من تحت وحكي غيره بالواو وقال علي كرم الله وجهه ورضي عنه نوروزنا كل يوم وليس فيه حجة على سيبويه لأن العرب إذا استعملت الأسماء الأعجمية تصرفت فيها كيف شاءت قاله العكبري وقال الواحدي يقال لهذا اليوم نوروز على العجمية ونيروز تقريباً من التعريب ومثله من العربية ديجور وهذا أولى بالاستعمال لنه على أوزان كلامه انتهى. وقال في مليح سقط عن حصانه في السباق

لا تظنوا السقوط منه لعجز

منه بالسبق فهو بالسبق عارف

إنما كان ذاك بالقصد لما

رامت الأرض لثم تلك المعاطف

وقال مضمناً

أدار لنا الساقي الرشيق مدامة

إذا نفحت شيحاً روائحها شبا

كبدر أحاطته من الشهب هالة

ولم أر بدراً قبلها قلد الشهبا

ومن شعره أيضاً قوله

من كان صاحب قدر

أو كان صاحب قدره

فليتخذ من نضار

لطابة الأنس قدره

فالشيء يزداد ظرفاً

إن ناسب الشيء قدره

وفي مثل هذه الصنعة من الجناس قول الربيع البلخي في الشاس وهو بلد بما وراء النهر

الشاس في الصيف جنه

ومن أذى الحر جنه

لكنني تعتريني

فيها لدى البرد جنه

وقول أبي بكر الخوارزمي في النسيب

يا شادناً مت قبلهقد صار في الحسن قبلهامنن على بقبله

رجع ومن شعره قوله مضمناً

إذا الحبشي راوده مريد

أجاب ولو تسمط بالعذار

فلا تمنعك من أرب لحاهم

سواء ذو العماة والخمار

وقوله وقد كتب على مائدة أهديت إلى الشريف محسن بن حسين

مائدة قد أصبحت

بكل خير مائده

قد بسطت في مجلس

فيه الوفود وافده

تؤم من بفضله

كل الملوك شاهده

ص: 50

المحسن المفضال من

بالبشر يلقى قاصده

انسى نداه حاتماً

ومعنا ابن زائده

دامت سعوده على

طول الزمان صاعده

ما شكر العفاة في

يوم الندى محامده

وما تلونا ربنا

انزل علينا مائده

وقوله مؤرخاً قاعة السيد عبد المحسن بن حسن والقافية موقوفة

يا من أجال اللحظ في

حسنى المنزه عن قسيم

متأملاً في بهجتي

وبديع أسلوبي الحكيم

حصّن بهاء محاسني

بالآي والذكر الحكيم

وانظر لانجم عسجد

في لازورديّ الأديم

قد أشرقت ككواكب

يسطعن في الليل البهيم

بل كالزهور تبسمت

في الروض باكره النسيم

بل كالعقود تنظمت

من خالص الدر اليتيم

تبدى سروراً بالذي

هو في مغانيها مقيم

نجل الملوك الصيد آ

ل المصطفى البر الرحيم

الذائدين بعضبهم

عن بيت ربك والحطيم

حاوي المفاخر والعلا

مغني المؤمل والعديم

مولى الندى مولاي عبد

المحسن الندب الكريم

نجل المليك أبي المعالي

المحسن الحسن الحليم

لا زال في تخت الخلا

فة دائماً وبها مقيم

ولما لكى دام الهنا

والسعد والمجد المقيم

وقوله في أثناء كتاب

ربما تجتني النفوس ذنوباً

مع رشاد إلى طريق الصواب

لاجتلاب العتاب وهو لذيد

مع حفظ العهود للأحباب

وقوله

أحبابنا طال عمر البين بين شج

أودى به الشوق والذكرى وبينكم

وخانه لصبر لما رام هجركم

فلا توالوه أشواقاً وبينكم

وقوله

أقول وقد شمت الدرارى تناسقت

تناسق عقد قد تفصل بالدر

بعثت لنا در الكلام قلائداً

ولا عجب أن يصدر الدر من بحر

ويعجبني من معمياته قوله في أحمد وحله بعمل التشبيه

وغصن من الكافور أبصرت تجته

شويخاً من الركبان أصبح راكعاً

وقد شد زناراً بحقويه وانثنى

على قوسه لما توكا خاشعاً

ولنكتف من نظمه ونثره بهذا المقدار على أنه قطرة من دأماء. ونجمة من سماء. وكتابه الأشعار. كافل بجميع ما قاله من الانشا والأشعار فصل ولما نعي الشيخ المذكور إلى سميه الشيخ عبد الرحمن العمادي مفتي الشام كتب إلى علامة عصره الشيخ أحمد المقري من جملة كتاب. وأما مصيبة من كان وليتي وسميتي ومنجدي. السعيد الشهيد المرحوم عبد الرحمن المرشدي. فإنها وإن أصابت منا ومنكم الأخوين. فقد عمت الحرمين. بل طمت الثقلين. ولقد عد مصابه في الاسلام ثلمه. وفقد به في حرم الله من كان يدعى للملمه. ولم يبق بعده إلا من يدعى إذا انحاس الحيس. واستحق أن ينشد في حقه وإن لم يقس به قيس.

وما كان قيس هلكه هلك واحد

ولكنه بنيان قوم تهدما

وقال الأديب الشيخ محمد بن عبد الله باقشير يرثيه

سائل الربع عن يمين الجسر

خبر الظاعنين إن كان يدري

منزل طالما استهاجك فيه

علق الوجد أو هديل القمري

امنحاه بعد الخليط ركام الودق

عن أعين السحاب الغر

نال منه الزمان ما نال والقد

رة لله من امام العصر

الذي كان رزؤنا فيه رزؤا

ضم اعشار كل قلب وصدر

مأتم انحب المقام وأبدى

جزع الركن والنوى بالحجر

واهيضت قوادم العلم والتا

ع فؤاد النهي لنظم ونثر

تلكم النكبة التي أذن الله

بايفائها غداة النحر

اقشعرت لها جلود اناس

أنزل الله نعتهم في الذكر

ابن عيسي بن مرشد والذي نال

وإن كانت المقادير تجري

غصة انحبت لهات المعالي

بشج ضم نصبها بالكسر

ص: 51

أي ثاوٍ قد غيب الترب منه

طود مجد مقلل مشمخر

خلق يفضح المدام وعرم

قسوري واريخية بدر

وسجايا تقاعست دون شأوي

نيلها طلع النجوم الزهر

فهي لله من عفاف وتقوى

وهي للناس من حفاظ وبر

لم يزل رائد المنون إلى أن

نال أسنى فروعها بالهصر

فقضت ما القضاء مجريه قسراً

والردى اثر كلنا يستقري

يتبع اللاحق المؤم ولم يأ

ل اجتهاداً في أن يبيد ويدري

والجناب الذي أبى الله إلا

أن ينال الرضى بأعظم أجر

استخيرت له الشهادة والخلد

أبي من أن يحل بقسر

وهو من عاش لا ذميم المساعي

وقضى مؤجراً بما الله يدري

فليصب مضجعاً توالاه من مغد

ودق السحب ذو وشأبيب تمري

وضروب من رحمة الله تغشي

جدثا ضمه ليوم الحشر

أخوه القاضي شهاب الدين أحمد بن عيسى المرشدي شهاب الفضل الثاقب، الشهير المآثر والمناقب. سطع في سماء الأدب نوره. وتفتق في رياضه زهره ونوره. وامتد في البلاغة باعه. فشق على من رام أن يشق غباره أتباعه. لا تلين قناة فضله لغامز. ولا يلمز أدبه المبرأ من العيب لامز. كان قد ولى القضاء بمكة المشرفة. فنال به من أمله ما طمح بصره إليه واستشرفه. ولما حصل أخوه في قبضة الشريف أحمد بن عبد المطلب. ومنى منه بذلك الفادح الذي قهر به وغلب. حصل هو أيضاً القبض والأسر. وأردف معه على ذلك الأدهم بالقسر. حتى جرع أخوه تلك الكاس. وأنعم عليه بالخلاص بعد اليأس. فراش الدهر حاله. وأعاد منها ما غيره وأحاله، ولم يزل فارغ البال. من شواغل النكد والبلبال. إلى أن انقضت أيامه. وتنبه له من دواعي المنون نيامه. فتوفى لخمس خلون من ذي الحجة الحرام سنة سبع وأربعين وألف واتفق تاريخ وفاته صدر هذا البيت

من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر

وله نظم بديع الأسلوب. يملك برقته المسامع والقلوب. فمنه قوله يمدح سلطان الحرمين الشريف مسعود ابن ادريس عام تسع وثلاثين وألف

عوجا قليلاً كذا عن أيمن الوادي

واستوقفا العيس لا يحدو بها الحادي

وعرجا بي على ربع صحبت به

شرخ الشبيبة في أكناف أجياد

واستعطفا جيرة بالشعب قد نزلوا

على الكثيب فهم غيي وارشادي

وسائلاً عن فؤادي تبلغاً أملي

أن التعلل يشفي غلة الصادي

واستشفعا تشفعاً تسآلكم فعسى

يقدر الله اسعافي واسعادي

واجملا لي وحطا عن قلوصكما

في سوح مردي الأعادي الضيغم العادي

مسعود عين العلا المسعود طالعه

قلب الكتيبة صدر الحفل والنادي

رأس الملوك يمين الملك ساعده

زند المعالي جبين الجحفل البادي

شهم السراة الأولى سارت عوارفهم

شرقاً وغرباً بأغوار وانجاد

نرد عمار العلا في سوحه ونرح

أيدي الركائب من وخد وايساد

فلا مناخ لنا في غير ساحته

وجود كفيه فيها رائح غادي

يعشو شب العز في أكناف عقوته

يا حبذا الشعب في الدنيا لمرتاد

ونجتني ثمر الآمال يانعة

من روض معروفه من قبل ميعاد

فأي سوح يرجى بعد ساحته

وأي قصد لمقصود وقصاد

ليهن ذا الملك إن ألبست حلته

محيي مآثر آباء وأجداد

لبستها فكسوت الفخر مرسلها

مشهراً يبهر المصبوغ بالجادي

علوت بيتاً ففاخرت النجوم علا

والشهب فخراً بأسباب وأوتاد

ولحت بدراً بأفق الدست تحسده

شمس النهار وهذا حرها بادي

وصنت مكة إذ طهرت حونتها

من ثلة أهل تثليث والحاد

ص: 52

قد غرّ بعضهم الاهمال يحسبه

عفواً فعاد لاتلاف وافساد

فذدتهم عن حمي البيت الحرام وهم

من السلاسل في أطواق أجياد

كأنهم عند رفع الزند أيديهم

يدعون حياً لمولانا بامداد

وما ارعووا فشهرت السيف محتسباً

يا برد حرهم في حر أكباد

غادرتهم جزراً في كل منجدل

كان أثوابه مجت بفرصاد

وأثمر السدر من أجسادهم ثمراً

حلواً بأفواه أجداث وألحاد

سعيت سعياً جنيناً من خمائله

نور الأمان لأرواح بأجساد

فكم بمكة من داع ومبتهل

ومن محب ومن مثن ومن فادي

وعاد كل عصي مصلحاً وغدت

أيامنا بالهنا أيام أعياد

وقاد كل قصى ذله وهلا

وكان من قبل صعباً غير منقاد

نفى لذيذ الكرى عنهم تذكرهم

وقائعاً لك بين الخرج والوادي

أباح سرحك أن يرعى منازلهم

مهملاً كل معوج ومنآدي

من كل أبيض قد صلت مضاربه

لما ترقي خطيباً منبر الهادي

وكل أسمر نظام الكلا وله

إلى العدا طفرة النظام مياد

وصان وسمك في حاش مخالطة

عن رب غزو تنضّاه بأحساد

أسكنت قلبهم رعباً تذكره

ينسى الشفوق الموالي ذكر أولاد

أقبلتهم كل مرقال وسابحة

يسرعن عدواً إلى الأعدا بأطواد

من كل شهم إلى الأعداء منتسب

بسادة قادة للخيل أجواد

فهاك يا ابن رسول الله مدحة من

أورت قريحته من بعد إخماد

فأحكمت فيك نظماً كله غرر

ما أحرزت مثله أقيال بغداد

أضحت قوافيه والاحسان يشرحها

روض البديع لأرصاد بمرصاد

ترويه عني الثريا وهي هازية

بالأصمعي وما يروى وحماد

وتستحث مطايا الزهران ركدت

كأنها إبل يحدو بها الحادي

وتوقظ الركب ميلاً من خمار كرى

والليل من طول تدآب السرى هادي

أمتك تشفع إذلالاً لمنشئها

فأقبل تذللها يا نسل أمجاد

وأسبل الستر صفحاً أن بدا خلل

تهتك به ستر أعداء وحساد

وقل تقرب إلينا تستعز بنا

ماحق مثلك أن يقصي بابعاد

لا زلت يا عز آل البيت في دعة

تحف منهم بأنصار وأنجاد

مسعود جد سعيد الفال طالعه

سعد السعود ملقيًّ كل إسعاد

بحق طه وسبطيه وأمهما

والمرتضى والمثنى الطهر والهادي

صلى عليهم إله العرش ما سجعت

قمرية أو شدا في أيكة شادي

وهذه القصيدة تجارت في مضمار معارضتها أدباء العصر. فمنهم من نكص على عقبيه ومنهم من فاز بالنصر. وسيأتي بعض أخواتها مثبتاً في محله إن شاء الله تعالى ومن شعره أيضاً قوله في شداد ناقة الشريف المذكور وكتب عليه وفي كل من البيتين تورية لطيفة

أفق الشداد بدت به

شمس الخلافة والهلال

ومن العجائب جمعه

ليث الشرافة والغزال

وقوله وهو معنى مبتكر

ألا أنظر إلي هذا الصفاء لبركة

تقول لمن قد غاب عنها من الصحب

لئن غبت عن عيني وكدرت مشربي

تأمل تجد تمثال شخصك في قلبي

وقوله يستدعي جماعة من الفضلاء وهم بجبل النور الكائن بالمعلاة وهو بمنى

عليكم من محب حشواً ضلعه

ودٌّ أرق إلى الظامي من النطف

تحية يرتضيها الفضل إن نفحت

أربت على نفحات الروضة الأنف

حواكم الجبل العالي بكم شرفاً

على المعالي التي تعلو على الشرف

ص: 53

نظمتم فيه نظم العقد متسقاً

على تليل كعاب ظاهر الترف

وغادرت عبدكم أيدي مؤلفه

مكبلاً وحده في ربقة الصدف

مني هي الصدف المومى إليه منيً

للنفس فيها وفي أفنائها الورف

ولا أنيس لكم إلاّ مماثلكم

على بثين جميل السفح والسعف

يجيبني بصدى صوتي فأرفعه

من قلة الألف أو من كثرة الشغف

فهل وفيّ من الخلان يسعدني

في الفجر أو بعدما صلى مع الحنفي

يجيبني أو يجيب الضير عنه وما

يجيبني غير محيي الدين أو شرف

كفؤآن يرضاهما الاحسان إن نطقا

أو ارعفا لدن الأقلام في الصحف

وقوله وكتب به إلى القاضي تاج الدين من الطائف

لا هاج قلباً همّ من

برح الفراق بالانصداع

غيم أرق حواشياً

من برد ضافية القناع

زجل الرعود كأنها

نغمات آلات السماع

والهمع مثل الدمع من

عيني مراءٍ أو مراع

يهمى ويسكن كي يع

مّ بريه سعف التلاع

والبرق يخفق مثل قل

ب الصب في يوم الوداع

ونسيمه قد رق من

حر اشتياقي والتياعي

لفراق تاج الدين ما

ضي الأمر قاضينا المطاع

من جمعت فيه العلا

وتوفرت فيه الدواعي

ذي الفضل بالمعنى الأع

مّ ولا أخص ولا أراعي

سبقت أنامله الأ

نام فأحرزت قصب اليراع

لخجلت إذ فاتحته التر

سيل من سوء اصطناعي

من ذا يباري ذا لسا

ن راقم ويدٍ صناع

إن حاك وشّي ما يحو

ك بالابتكار والاختراع

لا زال محمود الخصا

ل ودام مشكور المساعي

فإليكها ابنة خاطر

أصفى من الذهب المماع

تزهو على درر النحو

ر وتزدري ودع الوداعي

وعلى شهاب الدين من

يهوى النزوع إلى نزاعي

مني تحية شيق

مزج الخلاعة بالخلاع

فراجعه القاضي تاج الدين بقوله

إن همّ قلبك صين من

برح الفراق بالانصداع

فالقلب قد غادرته

شذراً بمعترك الوداع

أوهاجك الزجل الرعو

د سرى وأصبح في اندفاع

وسمعت من نغماته

رنات آلات السماع

فلقد رحلت بمقلة

عميا وسمع غير واعي

ولئن يكن رق النسي

م بما تجن من التياع

فبزفرتي اشتعل الهوا

ء من العنان إلى اليفاع

كم قلت للقلب المص

دع بالنوى جد بارتجاع

فأحال ذاك على انتظا

م الشمل في سلك اجتماع

عهدي به لما ان اس

تولت عليه يد الضياع

أضللته في موقف التود

يع من دهش ارتياعي

ناشدتكم نشداته

لي بين هاتيك الرباع

تحت المواطئ من مم

ر صديقي الخل المراعي

بل سيدي وأخي هوى

وجلالة وأخي وباعي

من أصبحت شمس العلا

بسناه ساطعة الشعاع

فخر القضاة وفيصل الأ

حكام في يوم التداعي

بحر العلوم فإن أفا

د ترى له سعة اطلاع

قل للمحاول شأوه

قصر خطا هذي المساعي

فأنظر لمرآة الزما

ن وقد غدت ذات اتساع

لا غير صورة مجده

فيها تراه ذا انطباع

يا محرزاً ببيانه

قصب السباق بلا دفاع

وموشياً حبر البلا

غة واليراعة باليراع

إني يحاكي وشيها

بحياكتي ذات الرقاع

كان الحريّ بي اشتما

لي ثوب صمتي وادّراعي

ص: 54