الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تراه هشاً إذا ما جئت ساحته
…
وذاك شأن رسول الله لا سلبا
وإن ترد نظرة تحظى بها أدباً
…
فانظر إلى وجهه واستحضر الأدبا
إذا بدا في بنيه دام مجدهم
…
تراه بدراً وهم من حوله شهبا
فيا ابن طه أدام الله نعمته
…
عليك إذ كنت أولى من وفى وحبا
فقت الأنام فما أبصرت من بشر
…
ساواك يا خير من أجدي ومن وهبا
يا سائلي عن سليل المصطفى حسن
…
خذ مدحه مجملاً منى ومنتخبا
بالغ بما شئت فيه بالمديح وقل
…
الله أكبر قلبي نال ما طلبا
وقوله مشجراً في أحمد
استودع الله ظبياً في مدينتكم
…
سلامه كان لي في الحال توديعا
حلو المراشف إلا أن مبسمه
…
قد رصعته لآلئ الثغر ترصيعا
مهفهف القد إلا أن عاشقه
…
على الوداد له ما زال مطبوعا
دنوت منه فحاباني بمنطقه
…
فأنتج الفكر تأصيلاً وتفريعا
وقوله
مذ غبت عن ساكني تلك المضارب ما
…
أبصرت شيئاً يروق العقل والبصرا
يا رب عجل بلقياهم فلي أمل
…
بصدقه لم أزل للوصل منتظرا
قوله في بعض المدائح
فتى يروي المكارم عن يديه
…
زكى عن زكي عن زكيّ
سيول عن حياء عن بحور
…
عن الأفضال عن كف مليّ
وهذا من قول ابن رشيق في الأمير تميم
أصح وأقوى ما رويناه في الندى
…
عن الخبر الماثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا
…
عن البحر عن كف الأمير تميم
ولكن أين الثريا من الثرى وحين وقف على قول البدر الدماميني في أهل مكة
يا ساكني مكة لا زلتم
…
أنساً لنا أنى لم أنسكم
ما فيكم عيب سوى قولكم
…
عند اللقا أوحشنا أنسكم
أجابه بقوله
ما عيبنا هذا ولكنه
…
من سوء فهو جاء من حدسكم
لم نعن بالايحاش عند اللقا
…
بل ما مضى فابكوا على نفسكم
ولما خدم الامام المذكور الشريف حسناً سلطان الحرمين الشريفين بشرح الدر يديه الذي سماه الآيات المقصوره. على الأبيات المقصوره. وقال في ديباجته مادحاً له
سليل النبي المصطفى خير صفوة
…
مهذبة قد أنتجتها العناصر
هو الحسن المعدود في الناس أولاً
…
لذا عقدت حقاً عليه الخناصر
فلا زال منصور اللواء مؤيداً
…
وأنت له يا مالك الملك ناصر
اتفق إن حكم له تاريخ تأليفه في بيتين كتبهما على ظهره وهما
أرخني مؤلفي
…
ببيت شعر ما ذهب
أحمد جود ماجد
…
أجازني ألف ذهب
فأنعم له بما طلب. وأجازه ألف ذهب. ومن غريب ما يحكي من بديهته إنه أم ذات يوم بالمسجد الحرام. فلما خرج من المقام. اعترضه رجل من زهاة الغرباء. وقال له يا مولانا أئمة مكة لا يجيدون مخرج الذال المعجمة فقال له نحن فقال نعم قال تكذب تكذب تكذب ثلاث مرات وبالغ في إبانة الذال وقال له إسمع الآن هل نجيد مخرجها أم لا فانقطع الرجل خجلاً والله أعلم
الإمام زين العابدين
بن عبد القادر الطبري الحسني المكي
هو شبل ذلك الأسد. ونجله الأكبر الأسد. سلك سبيل سلفه الصالح. وتهلل بوجوده وجه البدر الكالح. وورد منهل الفضل نميرا. وتصدر في مجالس أربابه أميراً. وشحذ مرهف طبعه الباتر. فوشي بنتائجه الطروس والدفاتر. وأذكى نار قريحته وأوقد وأتى من خالص الكلام بما لا يعترض ولا ينقد. ولم تزل ناطقة ببراعته السن الكلام. شاهدة بسبق يراعته الجلة الأعلام. إلى أن استأثر به الواحد العلام. فأنقضت أيامه كأنها أحلام. وكانت وفاته لثلاث بقين من شهر رمضان المعظم سنة ثمان وسبعين وألف وقد أثبت له ما تستحليه الأذواق. وتباهي بحسنه القلائد والأطواق. فمنه ما كتبه إلى القاضي تاج الدين المالكي ملغزافي محمود.
يا مفرد العصر في جمع العلوم ومن
…
غدا مثنى المثنى صفوة الرؤسا
عين الأماثل مفقود المماثل مق
…
صود الأفاضل في تبيين ما التبسا
وكيف لا وهو تاج الدين ناصره
…
بالقول والفعل محيي منه ما درسا
ما البدر ما البحر ما الدر الثمين سوى
…
مرآه أو نفعه إن جاد أو درسا
استغر الله من هذا الكلام فقد
…
أخطأت إذ جئت بالتشبيه منعكساً
فهل يشبه بالبدر المصور من
…
كساه نوراً وأضحى منه مقتبسا
كذلك البحر لولا بسط راحته
…
ما امتد والدر لولا نظمه بخسا
لا زال خدن المعالي في الأنام على
…
مر الليالي ومن عين العدا حرسا
ما قوله في معمى حار فيه أولو
…
الأبصار إذ كان فيه الأمر ملتبسا
وقد رأى ربعك المأهول ذا شرف
…
فأمّ أبوابه لا الأربع الدرسا
محيل ما حل من أشكاله فعسى
…
بعد التحلل يبدو منه ما احتبسا
هذا ومن عجب أن المشار له
…
هو اسم خل ودود تحفة الجلسا
ذي طلعة تخجل الأقمار طالعة
…
وتترك الكوكب الوضاح منطمساً
رأيته ورأيت الشمس فاشتبها
…
عليّ حتى توهمت الصباح مسا
وذاك بالمحو والاثبات حيث كسى
…
منها وألبسها من حسنه وكسا
كم زارني والدجى يربد من حنق
…
منا فأشعل في ظلمائه قبسا
وكم جلينا عروساً من محاسنه
…
تلك الليالي فكانت كلها عرساً
وكم لبسنا حرمدان الشطارة في
…
رد المخالف حتى عاد منتكساً
ومن محاسنه حسن التلاوة بال
…
صوت الرخيم الذي قد زاده أنساً
سألته سورة من فيه أسمعها
…
وصورة تطرد الوسواس والهوسا
فعند ما رام أسماعي قراءته
…
وجاد لي بالذي قد كنت ملتمسا
بدا بآخر ما في الروم ثم رعى
…
ودي فلما تلى حم مت أسى
فيا أخا الود من يحيي القتيل ومن
…
يشفي الغليل ومن ينشي الذي درسا
فهل ترى ما يداويه ويبعثه
…
حيا وينفخ فيه الروح والنفسا
سوى تدارك الطاف بشم هوى
…
أرواحه فعساها أن تهب عسى
فآجابه القاضي تاج الدين بقوله
أزهر روض أرى في الظرف قد غرما
…
حتى كأن الصبا أهدت لنا نفساً
أم الجواهر في الأسلاك تنضد أم
…
أماط ريم الخبا عن ثغره اللعسا
أم ذاك نظم امام لو يعاصره
…
قس البلاغة أو سحبانها خرسا
ألفاظه ومعانيها كؤوس طلا
…
رشفتها فأرتني الأمر ملتبساً
قد صاغها من زمام النظم في يده
…
والنثر تاجا لتاجي قط ما لبسا
بحر العلوم فلو أقوت مدارسها
…
أحيا به الله منها كل ما اندرسا
وفارس البحث في ميدانه فإذا
…
جاري مناظره في حلبة فرسا
وألمعي يرى بالفكر قبل غد
…
ماذا يكون غدا أن ظن أو حدسا
راوي حديث العلا والمجد عن سلف
…
حلوا الصدور فكانوا ارؤس الرؤسا
تفردوا بمقام من يرمه يعد
…
عنه حسيراً بحول الله منتكسا
مضوا وآل له إرثاً فحاك على
…
منوال نسجهم فيه وما وكسا
يهدي إلى السمع في محرابه طربا
…
وللقلوب خشوعاً عمها وكسا
حتى تقول أزين العابدين به
…
أم ذاك داود في محرابه درسا
فيا هماما رقى في الفضل منزلة
…
ما ظنها فكر راقٍ لا ولا هجسا
طار حتنى بمعمى ما برحت به
…
أردد الفكر محتاراً صباح مسا
وجهت فكرك في أوصافه قيدت
…
وجيهة زاد توجيهها قدسا
ما سمته الفهم الأعزّ مدركه
…
لولا سنا منك أبدى منه ما التسا
فلاح لي من خلال الرمزحين بدا
…
بآخر الروم معني عز ملتمسا
إن اصطبارك محمود ودل على
…
محموده مرة أخري كما التمسا
حيث المقدم من حم صيره
…
عين المؤخر فأنظر مدعاه عسى
وبالمقدم والتالي أشار إلي
…
نتيجة هي ودّ بعد ذاك رسا
فأعجب له من معمي وهو ذو بصر
…
قد حله كحل يجلوه فانطمسا
وزال إذ ذاك كل الكحل منه ولم
…
تكن له قدم للسعي فاحتبسا
وبعد ذا فله وعد وليس يرى
…
انجازه وهو محمود بكل لسان
وقد أشار لسان الاكتفاء إلى
…
إني أرد لسان القول منحبسا
ستراً على متى باريت سحبك من
…
عجزي ومن ذا يباري الغيث منجسا
فأغفر جناية بخسي درّ نظمك إذ
…
من قابل الدر بالأصداف قد بخسا
بقيت ما حملت ريح الصبا نفساً
…
من نشر زهر بروض الطرس قد غرسا
فراجعه الامام المذكور بقوله
قلدت من درك المنظوم لابخسا
…
جيد الفضائل عقداً قظ ما لبسا
وصغت منثوره تاجاً علا وغلا
…
قدراً وسعراً ولا والله ما وكسا
لأنه تاج تاج الدين من فخرت
…
به الرياسة وازدادت به قدسا
قس الفصاحة سحبان البلاغة بل
…
أعلى فلو جارياه فيه ما تعسا
من راض صعب المعاني بالحجا فغدا
…
سهلاً وكنا نراه جامحاً شرسا
وزمّ أنف ألقوا في حين مارسها
…
فطاوعت إذ رأته ماهراً مرسا
رب الشهامة والقدر الرفيع فلا
…
يرى على الضيم والاذلال منكبسا
فخذ حديث المعالي عنه متصلا
…
ثم أروه عالي الاسناد للجلسا
عن نفسه عن أبيه طاب مضجعه
…
عن جده الندب عن أسلافه الرؤسا
فياله مفرداً في الجمع مرتفعاً
…
عن أن يثني به من كان مشتكسا
وألمعياً فلا تخطي فراسته
…
في كل أمر ويأتي طبق ما حدسا
أجل ومصداق هذا ما أجاب به
…
عن مشكل في معمى جن والتبسا
في ضمن بستان نظم فائق صنع
…
يسمو على الدر والياقوت حين يسار
سرحت طرفي وقلبي في خمائله
…
ليقطفا لي مما فيه قد غرسا
فألفيا زهرة الدنيا التي اقتطفت
…
يدا زهير واخرى حسبما التمسا
فأنعش الروح مني بعد ما خمدت
…
إذا نشقا فيّ من أرواحه نفسا
عود لبدء وقد كان المشار له
…
في لجة اللبس والأشكال منغمسا
فحل ما فيه مولانا بحكمته
…
فرقّ طبعاً وأضحي ليّناً سلسا
وفاز بالأجر حقّاً حين عامله
…
بالصبر حتى برى من بعد ما يئسا
فها هو الآن محمود وحيث غدا
…
دواؤه منه لم يمسسه قط أسا
لكنه وافق الداعي وخالفه
…
ولم يجبه إلى ما ظن أو هجسا
فأبرز العنصر المائي منهمراً
…
وخلف العنصر الريحيّ متخبسا
فالحمد لله رب العالمين على
…
سلامة الناس منه عند ما انبجسا
هذا وقد لاح من تلويح سيدنا
…
وجه لهذا المعمى زاده أنسا
إذ صارت العين عين الكحل منه وقد
…
ألقي عصاه وأبدى عدّ منطمسا
فجاء يشكي ويبكي حيث فارقه
…
عكازه فتراه حائراً عبسا
فأعجب لهذا المعمي في تنقله
…
في كل طور وشكل بكرة ومسا
وكل شكل بدا فيه له لقب
…
أعرضت عن ذكره كيلا بذاك يسا
وانظر إلى خده إذ مده شركا
…
للصيد فاقتنص الألباب وافترسا
وزان إذ بان من محمرّه طرف
…
للورد فاستل منه الطرف واحتبسا
وكيف لا وهو ذو الطرف الكحيل وذو
…
الوصف الجميل وممدوح بكل لسان
ما فيه عيب سوى أخلاف موعده
…
فالقلب عن مطله ما زال منفحسا
والوعد كالرعد منه ليس فيه سوى
…
فراقع تشبه البوقات والجرسا
لكنه إن أتى يوماً بحربته
…
تزلزل الكون خوفاً منه وارتجسا
وحيث قد صار مجلواً بأثمدكم
…
قد زاد نوراً على نور فلا انطمسا
لأجل ذا ما مسحنا الكحل أجمعه
…
بل قد بقى منه شيء يذهب الغمسا
وأسلم ودم في مقام قد سما شرفاً
…
على السها وبعين الله قد حرسا
وأعجب لتحرير رام في أصابته
…
عين المعمى وإن أخطا به وأسا
بقيت مستخدماً عين العلا أبداً
…
ولم يزل كل فضل منك مقتبسا
فكتب إليه القاضي راجعاً ثانياً
تتابعت من أياديك التي غرست
…
رياض مدحي سحب غيثها انبجسا
لم أقض وسميّها شكراً فكيف وقد
…
أولت فعلت ووالى العدّ من غرسا
ثم انثنى لمحاجاتي بتعمية
…
ما نال فكري من مصباحها قبسا
ظناً بأني في يوم الرهان له
…
ندّ وإني وإياه به فرسا
رفقاً فما مدرك شأ والضليع ولا
…
غباره ضالع من شمه يئسا
ولا ذبالة فهم جوّه حلك
…
تحكى ذكاء ذكاء جوّه شمسا
كلا ولا ذو لسان قائل طلق
…
كذى لسان بسجن العيّ قد حبسا
أخرستني فاقم لي منك معذرة
…
إن لم أفه فمحال نطق من خرسا
لكن أشير إلى كشف الغطا لترى
…
مذكراً قد يرى أنثى إذ التمسا
تأنيثه صفة محمودة عهدت
…
كم نفّست قبض طبع لم يجد نفسا
ومن بدا ذكراً في زي ذات حرٍ
…
لم يلتحق برجال لا ولا بنسا
فأعجب له من معمى مشكل أبدا
…
وانظر لأشكاله بعد البيان عسى
وقد أزاحت لنا أشكاله صفة
…
له تزيل الخفا عنه إذا التبسا
يحنو حشاه إذا يا صاح لاذ به
…
أبو ابن آوى لفقد ابن له ومسا
ثم التناسب لا يخفاك بينهما
…
وعلة الضم إذ هذا بذا أنسا
هذا واستغفر الله العظيم فقد
…
جرى اللسان بما أخطا به وأسا
ولما نظم الشيخ غرس الدين الخليلي قوله في أهل مكة عام وروده إليها ورأى عدم التفاتهم إليه وهو
جيران مكة جيران الآله لذا
…
لا يعبؤن بمن قد غاب أو حضرا
لولا الطبيعة عاقتهم لكان لهم
…
إسراء روح بسر السر قد ظفرا
انتدب لجوابه أكثر علماء العصر وأدبائه فكان ممن أجابه الامام المذكور بقوله
أم القرى معدن التقوى بروضتها
…
ذات المحاسن غرس الدين قد ظهرا
ولاح زهر رباه عند ما انفتقت
…
أكمامه وأرانا الأنجم الزهرا
وفاح عطر شذاه من خمائله
…
فأصبح الكون من أرواحه عطرا
وأينعت بالهدي أثماره بكراً
…
وغردت بالتقى أطياره سحرا
وأهل مكة غرس الدين فاجتن من
…
أغصانه ثمر التقوى وكن ثمرا
فإنهم صفوة المولى وخيرته
…
من خلقه ولهم في الفضل ما اشتهرا
سموا فخاراً وطابوا محتداً وزكوا
…
أصلاً وعلماً وطالوا مرتقى وذرى
وكل فضل فعنهم قد روى ورؤى
…
وكل سر فمنهم في الوجود سرى
وكيف لا وهم أهل الآله وفي
…
جواره وقد امتازوا بما ذكرا
لا يشهدون سوى مولاهم فلذا
…
لا يعبؤن بمن قد غاب أو حضرا
وحيث كانوا كما قد قلت حق لهم
…
أسراء روح بسر السر قد ظفروا
وإن يكونوا مع الأملاك في قرنٍ
…
لولا الطبيعة أعني كونهم بشرا
فخذ حديثاً قديماً مسنداً لهم
…
عنهم صحيحاً صريحاً واقتف الأثرا
والقط فرائد در من فوائدهم
…
فإنهم بحر علم يلفظ الدررا
أما تراه بجيد الدهر منتظماً
…
وفي ذوي المجد والعليآء منتثرا
ولو نشاء نظمنا من جواهره
…
قصائداً في معاني فضلهم غررا
تفوق نظم اللآلي من بلاغتها
…
لكن يقول لسان الحال والشعرا
ومن شعره أيضاً قوله في فتاة تسمي عربية مشجراً
غارت بدور التم من كاعب
…
هام بها المفتون بين الأنام
رنت بطرف فاتر ناعس
…
يرشق من ألحاظه بالسهام
بديعة الشكل ولكنها
…
بعيدة الوصل على المستهام
يود لو زار حماها على
…
رغم العدا مختفياً في الظلام
هذا ورؤباه إلى وجهها
…
غاية ما يخطي به والسلام
وقوله في مثل ذلك أيضاً
غارت غصون البان من غادة
…
غابت لمرآها بدور التمام
رقت معاني لطفها مثل ما
…
رقت محلاً في البها لا يرام
بطلعة لوان الشمس الضحى
…
بدت لها لاستترت بالظلام
يا عاذلي في حبها خلني
…
يكفيك ما بي من صنوف السقام
هل شاهدت عيناك من عاشق
…
هداه قلبي مثل هذا الكلام
ولما وقف على قول بعض المتأخرين في القهوة
هات أسقني قهوة قشرية فضحت
…
بكر المدام وشنف لي الفناجينا
تدعو إلى نحو ما فيه البقاء ولو
…
دعت إلى نحو ما فيه الفناجينا
لو أن ألفاً أحاطوا حول ساحتها
…
قصد النجاة رأيت الألف ناجينا
ذيله بقوله
يا ربة الأنس حلينا حماك فإن
…
نطلب فجودي وإن نسأل فناجينا
وقرأت في تذكرة القاضي تاج الدين ما نصه مما اتفق لنا أنا ركبنا في صحبة الشيخ عبد الصمد بن محمد العمودي وزير مكة للأشراف على عمارة داره بمني ومعنا شخص يسمى الشيخ محمود على حصان فأجرى حصانه في أثناء الطريق مع بعض الجماعة فسقط إلى الأرض فأرخت سقطته ارتجالاً بقولي طاح الشيخ محمود ثم جعلت لهذا التاريخ توطئة نظماً فقلت
لله يوم أتينا فيه خيف منى
…
لقصد دار لها بالسعد تشييد
وبيننا رب تلك الدار واسطة
…
بها لنا ولعقد المجد تنضيد
سرنا على صهوات الخيل تمرح في
…
مسيرها ولطير السعد تغريد
وكان في الركب محمود على فرس
…
يقول إني من الفرسان معدود
فخر عند استباق الخيل منجدلاً
…
وما ادعى بلسان الحال مردود
فقلت مرتجلاً في حال سقطته
…
تاريخ ذلك طاح الشيخ محمود
ووطأ لهذا التاريخ الامام زين العابدين المذكور أيضاً فقال
رام التقدم من لا يستحق علا
…
فخف يطرد ركضاً وهو مطرود
فخر ملقى على الرمضآء مكتئباً
…
يرثيه شامته والضد موجود
فكان تاريخه إذ خر يضبطه
…
حروف قولك طاح الشيخ محمود
فلما بلغت هذه الأبيات الشيخ محموداً تكدر خاطره فقال الامام ثانياً متلافياً لذلك
الشيخ محمود محمود الفعال ومن
…
أهل الكمال أولى الأحوال معدود
نودي من الجانب الغربي إنك بالو
…
ادي المقدس حيث الحق مشهود
فغاب عن حسه وجداً فخر على الا
…
قان وهو على ما كان محسود
فشاهدت ما جرى تلك البطاح له
…
فارخته بطاح الشيخ محمود
هذا هو الوجه في توجيه سقطته
…
وما سواه من الأقوال مردود
أخوه الامام علي بن عبد القادر الطبري سابق فرسان الاحسان وعين أعيان البيان. المشار إليه في المحافل. والحالب ضرع الأدب الحافل والباهر الألباب والعقول بفوائد المعقول والمنقول. غاص في بحور الأدب فاستخرج درره. وسما إلى مطالعه فاستجلى غرره. فنظم اللآلئ والداري ونثر. وجدد ما درس من مغاني المعاني ودثر. وهو وأخوه فرسا رهان. وشريكا عنان. ورضيعا لبان. وفلذتا جنان. ما منهما إلا محسن مجيد. ومقدم في الفضل مجيد. وقد شنفت مسامعك بفرائد أخيه. وسأتلو عليك من بدائع هذا ما يشد البديع بأواخيه. فمن نثره ما كتب به إلى الملا علي بن الملا قاسم المكي وهو بالمخا
إن أرضا بها أنخت المطايا
…
هي دار النعيم من غير شك
نشرت طيبها فضمخت الكو
…
ن فأغنت عن طيب ند ومسك
أرضاً تساق إليها يعملات الرجا. وتناخ بها مطي من قصد وجا. سقي وسيمها صادي الأكباد. وعم وافر فضلها كل حاضر وباد
نبتت زهور المكرمات بروضها
…
فغدا عديم مشابه ونظير
سرّح بيانعها النواظر تكتحل
…
منها بزهر يانع ونضير
أرضا خفقت أعلام بشائرها بالهنا. وأغدقت سحائب نعمها من هنا ومن هنا. أرضاً يممت ربوعها المانوسة وجوه الأماجد. وقصد جهتها المحروسة كل فاضل وماجد.
يا من يعز علينا أن نفارقهم
…
وجد أننا كل شيء بعدكم عدم
فقرب الله ساعات الاجتماع بعد قضآء المطالب. وأدنى ليلة القرب لكل قاصد وطالب. ووجه وجهك أينما توجه. وسهل لك من سبيل الخير واديه وفجه. فالله كريم وعد بالأجابة من رفع أكف دعائه. وبشر بالقبول خصوصاً من ابتهل في صباحه ومسائه هذا والمعروض بعد طيب صوت الأطناب. وأداء ما يجب لذلك المقام والجناب. على حضرة المولى الذي أعلى الله مقامه. وشغل بإفادة العلوم لياليه وأيامه. إن الدعآء مبذول لحضرته العلية. ومسؤل ممن حضر هذه الأماكن البهية. وإن الشوق ما برح تزايده. وما انفك كثيره وزائده. وإن لسان الحال ما زال ينشد ذوي الآداب. بيتين يرقمان على وجه الدهر بالتبر المذاب
من لقلب به البعاد مضر
…
وبه من جوى النوى تبريح
وفؤادي روى حديث وداد
…
حسناً وهو مسند وصحيح
إلى غير ذلك ومنه ما رفعه إلى القاضي تاج الدين المالكي سائلاً. سيدنا المقتدي بآثاره. المهتدي بأنواره. امام محراب العلوم البديعه. وخطيب منبر البلاغة التي أضحت مذعنة له ومطيعه. قمر سماء المجد الأثيل. فلك فخر كل ذي مقام جليل. المميطة يد بيانه حواجز الأشكال عن وجوه المعاني. المعترف بمنطقه الفصيح القاصي من هذه الأمة والداني. عمدة المحققين قديماً وحديثاً. ملاذ المدققين تفسيراً وتحديثاً. والصاعد معارج العليا بكماله. المنشد في مقام الافتخار لسان حاله
لنا نفوس لنيل المجد عاشقة
…
ولو تسلت أسلناها على الأسل
لا ينزل المجد إلا في منازلنا
…
كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
والقائل عند المجادله. في مقام المناهله.
نحن الذين غدت رحا أحسابهم
…
ولها على قطب الفخار مدار
المملوك يقبل الأرض التي ينال بها القاصد ما يؤمله ويرتجيه. وينهى إنه نظم بعض الجهابذة الأعيان بيتين في التشبيه. والسبب الداعي لهما. والمعنى المقتضي لنظمهما. إنه أبصرت العين ظبياً يرتع في رياضه. ويمنع بسيوف جماله عن ورود حياضه. يرى العاشق سيآته حسنات جاد بها وأحسن. ويعترف له في الحسن كل حسن في الأنام وابن أحسن. بدا وهو الجوهر السالم من العرض. وظهر وعليه أثر من آثار المرض. فأراد المشبه تشبيهه في هذه الحاله. فشبهه بغصن ذابل قائلاً لا محاله. ونظم ذلك المعنى. فشدا بما قاله صادح الفصاحة وغنى. وهو
بدا وعليه أثر من سقام
…
كمكحول من الآرام ساهي
فخيل لي كبدر فوق غصن
…
ذوي للبعد من قرب المياه
فاعترض معترض عالم بالاصدار والايراد. قائلاً إن البيت الثاني لا يؤدي المعنى المراد. إذ القصد تشبيهه بالغصن الموصوف. وليس المراد تشبيهه بالبدر إذ البدر لا يوصف إلا بالخسوف. فطالت بين المعترض والمعترض عليه المنازعه. ولم يسلم كل منهما للثاني ما جاد له فيه ونازعه. فاختارا القاضي الفاضل حكماً. وراضياً سيدنا حاكماً ومحكماً. فليحكم بما هو شأنه وشيمته من الحق. وليتأمل ما عسى أن يكون قد خفى عن نظرهما ودق. والاقدام مقبله. وصلي الله على سيدنا محمد وآله ما هبت المرسله فأجابه القاضي بما هو صورته. سيدنا الهمام الذي أضحى علم الأئمة الأعلام. الامام المقتدي به وإنما جعل الأمام الحبر الذي قصرت عن استيفاء فضائله الأرقام.
ولو إن ما في الأرض من شجرة أقلام. وارث الجلالة عن آبائه الذين زهت بذكرهم الأخبار والسير. لتقيم من نفسه العصاميه على ذلك أوضح دلالة يصدق فيها الخبر الخبر. بما استشهد به في شأن المملوك. السالك من الكمال طريقة عز على غيره فيها لعزتها السلوك. مالك أزمة المنطوق والمفهوم. ملك أئمة المنثور والمنظوم. الفاضل الذي هو مرجع الفضلاء في التحقيق. الفاصل بين الأدلة إذا أعوز الترجيح والتوفيق. جامع شمل العلوم العقلية والنقلية. مقتطف ثمرات الفرعية من الأصليه. يقبل المملوك الأرض بين يديه. ويؤدي بذلك ما هو الواجب عليه. وينهى وصول المثال العالي. الفائقة جواهر كلماته على فرائد اللآلي. يتضمن السؤال عن بيتي ذلك الجهبذ. في الشادن الذي قضى حسنه أن تسلب الأرواح ويؤخذ. ومنع حبه الكلام الألسن. وكان الدليل على ذلك اعتراف ابن أحسن. فإنه ذو النظر العالي المدرك حقيقة الكنه. فإذا تنور من أذرعات أدني ما تنوره إلي قيد شبر منه. فتأمل المملوك ما وقع من تلك المعارضة. التي أفضت إلي التحكيم والمفاوضه. فإذا المتعارضان قد مزجا في حلو فكاهتهما شدة الباس في البحث برقة الغزل. وأخرجا الكلام لبلاغتهما على مقتضى حال من جد وهزل. وجرياً إلي غاية حققا عند كل سابق إنه المسبوق. وأريا غبارهما لمن أراد اللحوق.
وكان الأحرى بالمملوك ستر عوار نفسه. وحبس عنان قلمه أن يجري في عنان طرسه. لكن لما كان ترك الجواب من الأمر المحظور. لم يلتفت إلي ما يترتب على الجواب من المحذور. فقال حيث كان الأمر على ما أسنده مولانا عن الناظم وروى. من إنه قصد التشبيه في حال بقايا أثر السقام بغصن ذوي. فعدل إلى سبكه في قالب صياغته. وسلكه في سلك بلاغته. فلا شك إنه أتي بما لا يدل علي المراد دلالة أولية ظاهرة. وكان كمن شبه الأغصان أمام البدر ببنت مليك خلف شباكها ناظرة. وحينئذ فاطلاق القول بان البيت الثاني لا يدل على ما أريد. ربما تمسك الخصم بعدم ثبون الحكم بأنه اطلاق في محل التقييد. كما ان للمعترض أن يتمسك في ذلك بانتفاء الدلالة الأولية فيكون المحكوم به هو التعارض في القضية. وهذا أجدى ما رآه المملوك في فصل الخطاب وأحرى ما تحري فيه إنه الصواب.
مع اتهامه نفسه بعدم مطابقة الواقع في الفهم. لعلمه بدقة نظر مولانا إذا قرطس أغراض المعاني من فهمه بسهم. وتجويزه علي نفسه العجز عن الوصول إلى فهم مولانا ومدركه. واعترافه بأنه لا يجاري في نقد الشعر لأنه فارس معركة. انتهى. قوله في أثناء الجواب كان كمن شبه الأغصان أمام البدر ببنت مليك خلف شباكها ناظره يشير به إلى الصلاح الصفدي حيث قال
كأنما الأغصان لما انثنت
…
أمام بدر التم في غيهبه
بنت مليك خلف شباكها
…
تفرجت منه على موكبه
وقال في ذلك أيضاً.
كأنما الأغصان في روضها
…
والبدر في أثنائها يسفر
بنت مليك سار في موكب
…
قامت إلى شباكها تنظر
قال النواجي لا يخفى ما في هذين المقطوعين من ضعف التركيب وكثرة الحشو وقلب المعنى وذلك إنه جعل الأغصان مبتدا واخبر عنه ببنت المليك وهو فاسد وإن كان قصده تشبيه المجموع بالمجموع إلا أن الأعراب لم يساعده على إنه لم يخترع هذا المعني بل سبقه إليه القاضي محيي الدين بن قرناص فقال
وحديقة غناء ينتظم الندى
…
بفروعها كالدر في الأسلاك
والبدر من خلل الغصون كأنه
…
وجه المليح يطل من شباك
فانظر إلى حشمة هذا التركيب وانسجامه وعدم التكلف والحشو واستيفاء المعنى في البيت الثاني فحسب والصفدي لم يستوف المعنى إلا في بيتين مع ما فيهما فلو قال في المقطوع الأول.
كأن بدر التم لما بدا
…
من خلل الأغصان في غيهبه
بنت مليك خلف شباكها
…
تفرجت منه على موكبه
وفي المقطوع الثاني.
كأن بدر التم في روضة
…
من خلل الأغصان إذ يسفر
بنت مليك سار في موكب
…
قامت إلى شباكها تنظر
انتهى كلام النواجي ومن شعر الامام المذكور قوله في فتاة تسمى غربية مشجراً
غيداء كالبدر بليل التمام
…
غادرني الحب لها كالغلام
رشيقة الأعطاف كالغصن كم
…
رمي بقلبي طرفها من سهام
بخدها روض وفي ثغرها
…
بالمرشف الألعس كم من مدام
يكاد بدر التم من فرعها
…
يخفى إذا لاحت له بالظلام
هي التي من بين كل المها
…
هام بها قلبي بوادي الغرام
وقوله فيها
هيفاء كالشمس ولكنها
…
غربية يا قوم عند الشروق
يفتر منها الثغر عن لؤلؤ
…
رطب ويبدو منه لمع البروق
بالله يا عذال عني فذا
…
بارده السلسل فيه يروق
رفقاً فما في العذل لي طاقة
…
يمكن منها لعذولي الطروق
غبت عن العاذل فيها فما
…
هزل وجد لذوات الفروق
وقوله فيها
غزال كبدر التم لاح بوجهه
…
هلال رأته العين من أفق الشمس
رنى طرفه الفتان يوماً لناظر
…
يهيم به من حيث يصبح أو يمسي
بدا لي في خضر الرياض بأسمر
…
به سود هاتيك الحدائق في لبس
يعلل بالتسويف قلبي فليته
…
رأى دنفاً ما زال يقنع باللمس
هلكت جوى منه فمن لمتيم
…
غريب عن الأوطان يدنو من الرمس
وقوله فيها
هذي رياض الحسن أغصانها
…
غرّد بالدوحة منها الهزار
يهتز فيها قدّ ذات الربى
…
رقيقة الخصر على الاختصار
بت ونار الشوق قد أضرمت
…
بمهجة أحرقها الاستعار
رام عذولي هدّ ركن الهوى
…
يا كعبة الحسن بك المستجار
غضيت ذاك الطرف عن ناظر
…
هيجه الوجد عفيف الأزار
وقوله مصدراً ومعجزاً أبيات الشيخ أبي بكر الحانوتي فيها
أي شمس لنا من الغرب لاحت
…
فأضاءت أنوارها المشرقيه
وتراءت لعاشق مستهام
…
في عقود من اللآلي السنيه
غادة كالقضيب قداً إذا ما
…
جر ذيلاً في الروضة السندسيه
ياله من قوام لطف رشيق
…
ماس بالروض في حلاه البهيه
هي شمس فكيف بالغرب تبدو
…
مع فقد العلامة الأخرويه
فألحظن بألحاظ أمراً عجيباً
…
إن في ذاك عبرة للبرية
كل شمس شرقية غير شمسي
…
إذ لها مطلع بعكس القضيه
جعلت مشرق المحاسن غرباً
…
فهي والله لم تزل غربيه
وقوله مشجراً فيها
غانية تخجل بدر التمام
…
غاية سؤلي من جميع الأنام
رقيقة الخصر حوى لفظها
…
رقي فأصبحت لها كالغلام
بين ثناياها وذاك اللمى
…
برق تلا لا في دياجي الظلام
يحسدها المسك على لونها
…
يا للهوى والريق يحكي المدام
همت بها حباً وكم في الهوى
…
هام بها في العشق مثلي همام
وقوله فيها
ولي جهة غربية أشرقت بها
…
لعيني شمس الأفق من غير لا حجب
ولاح بها بدر التمام لناظري
…
ومن عجب شمس وبدر من الغرب
وقوله فيها
إن الأهلة مذ بدت غربية
…
فالغرب منه ضيا المسرة يشرق
والشرق دعه فليس منه سوى ذكا
…
تحترّ في وسط النهار وتحرق
وقوله في صدر كتاب
على الحضرة العلياء دام مقامها
…
علياً سلام طيب النشر والعرف