الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ محمد بن الشيخ أحمد
حكيم الملك رحمه الله تعالى
فاضل تأزر بالفضل وارتدى. وسلك سبل المكرمات واهتدى. سام في فنون العلم وصرح. وأوضح متون الأدب وشرح. فقوم منه ما آده. وقام بعباه فما آده. وهو من بيت رياسة وجلاله. وقوم لم يرثوا المجد عن كلاله. وكان لسلفه عند ملوك الهند التيموريه محل تستضوع المراتب رياه. وتستسقى المناصب ريه. ولما وفد جده على السادة الملوك من بني حسن. قابلوه مقابلة الجفن المسهد للوسن. فأكرموا لديهم نزله. وقلدوا بأيادي مننهم برله. وولد سبطه هذا بمكة المشرفة فنشأ في حجر الفضل والمجد. وانتشق عرف خزامي تهامة وشميم عرار نجد. فجمع بين تليد المجد وطارفه. ورفل من فضفاض الأدب في أبهى مطارفه. ولم يزل متبوأ تلك الدرا. محمود الايراد والاصدار. مع تمسكه من سلطانها الشريف محسن بالعروة الوثقي التي لا تنفصم. وحلوله لديه بالمكانة التي ما حلها ابن داود لدى المعتصم. حتى حصل على مكة شرفها الله تعالى من الشريف احمد ما حصل. وانحل عقد ولاية الشريف محسن منها وانفصل. فكان الشيخ محمد المذكور ممن أنهب الشريف داره وماله. وقطع من الأمان أمانيه وآماله. فالتجأ مستأمناً إلى بعض الأشراف. فأمنه على نفسه بعد مشاهدته الوقوع على الهلاك والأشراف. فلما قتل الشريف أحمد وتولى بعده الشريف مسعود. رأى الشيخ من الأغراض منه ما تحقق معه انجاز الوعيد لا الوعود. فهاجر إلى الديار الهندية مثقلاً. وهجر تلك المواطن المشرفة لا عن قلي. وذلك في آخر سنة تسع وثلاثين وألف فألقى بالديار الهندية عصاه إلى أن بلغ من أمد العمر أقصاه. فتوفى بها سنة خمسين وألف رحمه الله تعالى. ومن مشهور نثره ونظمه. الذي دل على اشراق بدره في سماء الأدب وعلو نجمه. رسالته التي كتب بها من الهند في سنة سبع وأربعين. إلى القاضي تاج الدين. شاكياً من كربة الغربة بعبارات تصدع معانيها قلوب المخلصين. وألفاظها قلوب الحاسدين وهي قوله
سقى الدمع مغنى الوابلية بالحمى
…
سواجم تغنى جانبيه عن المحل
ولا برحت عيني تنوب عن الحيا
…
بدمع على تلك المناهل منهل
مغاني الغواني والشبيبة والصبا
…
ومأوى الموالي والعشيرة والأهل
سقاها الحيا من أربع وطلول
…
حكت دنفي من بعدهم ونحولي
سقى صوت الحيا دمناً
…
بجرعاء اللوى درسا
وزاد حلك المأنو
…
س دار للهوى أنسا
لئن درست ربوعك فال
…
هوى العذري ما درسا
سقى بالصفا للرتع ربعاً به الصفا
…
وجاد بأجياد ثرى منه ثروتي
مخيم لذاتي وسوق مآربي
…
وقبلة آمالي وموطن صبوتي
إنما المحافظة على الرسوم والآداب. والملاحظة للعوائد المألفة في افتتاح الخطاب. لمن يملك أمره إذا اعتن ذكر زينب والرباب. ولم تحكم عقال عقله يد النوى والاغتراب. وليس لمن كلما لاح بارق ببرق تهمد. فكأنه أخو جنة مما يقوم ويقعد. لتقاذفه أمواج الأحزان. وتترامى به طوامح الهواجس إلى كل مكان. فهو وإن كان فيما ترى العين قاطن بحي من الأحياء يوماً بالعقيق وبالعذيب يوماً ويوماً بالخليصاء. لا يأتلي مقسم العزمات. منفصم عرى العزيمات. لا يقر قراره. ولا يرجى اصطباره. إن روح القلب بذكر المنحنى. أقام الحنين حنايا ضلوعه. أو استروح روح الفرج من ذكر ليالي الخيف ومنى. أو مضت بوارق زفراته تحدو بعارض دموعه شعر
من تمنى مالاً وحسن مآل
…
فمناي منى وأقصى مرادي
فياله من قلب يهدأ خفوقه. ولاقني لامعة بروقه. ولا يبرح من شمول شمول الأحزان صبوحه وغبوقه. يساور هموماً فما مساورة ضئيلة من الرقش. ويناجي أحزاناً لولا مس بعضها الصخر الأصم لانهش. ويركب من أخطار الوحشة أهوالاً دونها ركوب النعش. يحن إلى مواضع ايناسه. ويرتاح إلى مواقع غزلان صريمه وكناسه. ويندب أياماً يستثمر الطوب من افنان أغراسه
أيام كنت من اللغوب مراحا
…
أيام كنت من اللغوب مراحا
أيام لا الواشي يعدّ ضلالة
…
ولهى عليه ولا العذول يؤنب
أيام ليلى تريني الشمس طلعتها
…
بعد الغروب بدت في أفق أزرار
أيام شرخ شبابي روضة أنف
…
ما ريع منه بروع الشيب ريعاني
أيام غصي لدن من نصارته
…
أصبو إلى غير جاراتي وحاراتي
ثم انقضت تلك السنون وأهلها
…
فكأنها وكأنهم أحلام
لم يبق مني لمشتاق إذا ذكرا
…
إلاّ لواعج وجد تبعث الفكرا
ولم يبق مني الشوق إلاّ تفكري
…
فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرا
لم أكن على مفارقة الأحباب جلداً. فأقول وهي تجلدي. وإنما وهي جلدي. مما حملت النوائب على كتدي. فتتت صرفة البين المشتت من أفلاذ كبدي
جبرت من صرف دهري كل نائبة
…
أمرذ من فرقة الأحباب لم أجد
فراقاً قضى أن لا تأسى بعد ما
…
مضي منجداً صبري وأوغلت متهما
وفجعة بين مثل صرعة مالك
…
ويقبح بي أن لا أكون متمما
خليلي إن لم تسعداني على البكا
…
فلا أنتا مني ولا أنا منكما
وحسنتما لي سلوة وتناسيا
…
ولم تذكرا كيف السبيل إليهما
آليت لا أفتح لسرور على قلبي المعنى باباً. ولا أعير طرفي قاصرات الطرف كواعب أتراباً. ولا أجيل نظري في رياض نضره. ولا أسرح فكري في الأخفار إلى حدائق خضره. ولا أحور إلى محاورة أنيس. ولا أحضر لمحاضرة جليس. ولو أنه الشيخ الرئيس. لأني لي أياماً من ذلك فعلت. وعلي أي واحد منهما لتنفيس الكرب عولت. تذكرت به عهد الأحبة فاعولت. وصدع الحنين والتذكار أعشار فؤادي فولولت. فما أطبى عيني مذ فارقتهم. شيء يروق الطرف من هذا الورى. إن كنت أبصرت لهم من بعدهم. مثلاً فأغضيت على وخز السفا. فعكفت همتي على مساورة الهموم. ومسامرة النجوم. والاتساء بشيخ كنعان. في اتخاذ بيت الاحزان. فحزني ما يعقوب بث أقله. وكل بلاء أيوب بعض بليتي. رحلت عن كعبة البطحاء والحرم. ونزلت بساحة قوم لا يدرون ما حماية الحرم. مثل من هو خارج من الأنوار إلى الظلم. ونقلت من جوار البيت وسدنته. إلى حيث خوار العجل وجوار عبدته. واستبدلت بالوقوف والركن والمقام. الفوف بين يدي عبدة الأصنام. وهجرت مهابط الوحي والتنزيل. ومتردد الروح الأمين جبريل. إلى مساقط أنداء الكفر والضلال. ومرابط الانعام والأفيال. وعوضت بالمشاعر الاسلامية حيث فرض الفروض والسنن. معتكف أقوام يجرون في رفض الفرائض على سنن. وبدلت بزمزم والحطيم. ومقام إبراهيم. زمزمة البراهمة على الحطيم. بديار لا تطيب إلا لمن خلع ربقة الاسلام من عنقه. ولا ينعم بها سو من أمعن في تخريده إلى ميادين الضلالة وعنقه. لا يصفو لي بها عيش. ولا التذ بالحياة في نعيم ولو أنه على ما يقال ايس وايش شعر
كيف يلتذ بالحياة معنى
…
بين أحشائه كورى الزناد
في قري الهند جسمه والاصيحا
…
ب حجازاً والقلب في أجياد
يقاسي من متاعب الوحدة كل محنة وشده. وايعاني من أهوال الغربة كل غمة وكربه شعر
فما غربة الانسان في شقة النوى
…
ولكنها والله في عدم الشكل
وإني غريب بين بست وأهلها
…
وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي
كنت ممن قد أتى على حين من الدهر متخلياً بأشجاني. متسلياً ممن شانه في اعتيام الحوادث شاني. حزيناً لما منيت به من مفارقة جيرتي وأوطاني. حتى طرق الطارق. وما أدراك ما الطارق. بناء هائل. وخبر واعيه ذاهب اللب ذاهل. وهو وصول الأتراك من اليمن. واجهازهم على رمقي تلك الفتن السابقة والمحن. ومصارع السادة الأشراف الصفوة من بني الحسن. فزاد كما يعلم الله الفؤاد جمراً إلى جمر. وغادر الأحشاء كأنما تشك بأطراف المثقفة السمر. فهل يا مولاي على مغمور بغمرات هذه الأحوال. ومطمور من سهام النوائب بين أنياب أغوال. من لائمة إذا ذهب عما يجب من تقديم الثناء على تلك الشمائل. وتقويم ماهية الرسائل التي هي إلى قوام الأرواح أعظم الوسائل. ببث يسير من حميدات الخصائل. لتلك الذات الجامعة لجميع الفضائل. بعد تقبيل أرضها التي تعشو شب بأكنافها العلوم والآداب أعشاب الأعشاب. وتشرق بساحتها شموس الحقائق والمعارف. فتؤمن من الضلال بظلمات الشبه في مسالك الهداية المخاوف. الامام الذي غذى بلبان الكمالات والفضائل. الهمام الذي نصت عليه مخدرات العلوم. فكل أجل كفء بحل عويصاتها كافل. العلامة المبرز على أقرانه. بفضائل غير متناهية تشكك في امتناع التسلسل وصحة برهانه. كالشمس قلت وما للشمس أقران. خلاصة العلماء الاعلام. سلالة العظماء الذين سادوا بمجدهم الأنام. مولانا وسيدنا القاضي تاج الدين زاد الله اجلاله. ثم ينهي أنه قد تبين من شرح نبذة من أحواله. بما بثه من مقاله. وهجر به هجر الواله. ما هو جواب عن سؤال مقدر. واستفهام يقتضيه المقام مضمر. فيعطف عن استقصاء ذلك عنان القلم خاسئاً وهو حسير. ويصرفه إلى استعطاء ذي الفضل الكبير مبتهلاً سائلاً. ومتضرعاً قائلاً. اللهم فبحق من انتخبتهم لتبليغ رسالاتك. وأيدتهم بحججك البالغة وآياتك. وبحق المقتدين بآدابهم. من ذرياتهم وأصحابهم. وبحق الصافين في طاعتك أقدامهم. المستغرقين في جلال هدايتك لياليهم وأيامهم. وبحق سمواتك وما فيها من آيات للمتبصرين. وبحق مجاوري بيتك الحرام حجاجاً ومعتمرين. إلا ما رزقتني العود إلى حرمك. وقضيت لي بالرجوع إلى جوار بيتك المحرم بجودك وكرمك. ويلتمس من فضلكم هذا الدعاء في الملتزم والمستجار. وفي ادبار الصلوات وبالاسحار. لعل الله سبحانه يمن عليه بالخلاص من هذه الديار. والاياب إلى تلك المشاعر المشرفة الاوطار. إنه على ما يشاء قدير. وبالاجابة لمن دعاه جدير. والمأمول من فضلكم أن تؤنسوا وحشته بمكاتباتكم الكريمه. وتصلوا وحدته بمراسلاتكم التي هي من داء الهيام أعظم عوذة وتميمه. فإنه في دار وحشة ليس بها أنيس. وفي جيل أنس منهم اليعافير والعيس. لا يتسلى إلا بأبيات من الشعر سمح بها فكر قد صلد زناده. وصرد ايقاده. وحم بشآبيب الحوادث احماده. في مكان اعرابه اهناده. فهو لا يستأنس إلا بانشادها في الخلوات. واسعادها بالمسامرة إذا جنت الظلمات. لا لأنها لذلك أهل. بل لكون الهشيم يرعى لا محالة في المحل. وعند الضرورة يعتاض تمايل الأغصان بالنسيم عن الهيف ويقتنع لفقد محيا الحبيب بالبدر على ما فيه من الكلف. والجوع يرضي الأسود بالجيف وقد أداه ما ادعاه من الوله والهيام إلى اثباتها. كيلا تكون دعواه مجدرة عن بيناتها وهي
صوادح البان وهنا شجوها بادي
…
فمن عذير فتى في فت أكباد
صب إذا غنت الورقاء أرّقه
…
تذكيرها نغمات الشادن الشادي
فبات يرعف من جفنيه تحسبه
…
يزبرج المدمع الوكاف بالجاد
جافي المضاجع الف السهد ساوره
…
سم الأساود أو أنياب آساد
له إذا الليل واراه نشيج شج
…
وجذوة في حشاه ذات ايقاد
سمّاره حين يضنيه توحشه
…
فيشرئبّ إلى تانيس عوّاد
وجدوهم وأشجان وبرح جوى
…
ولوعة تتلظى والأسى ساد
أضناه تفريق شمل ظل مجتمعاً
…
وصو من بالعود دهر خطبه عاد
فالعمر ما بين ضن ينقضي وضنا
…
والدهر ما بين ابعاد وايعاد
لا وصل سلمي وذات الخال يرقبه
…
ولا يؤمل من سعدي لاسعاد
أشجى فؤادي واستوهى قوى جلدي
…
أقوى ملاعب بين الهضب والوادي
عفت محاسنها الأيام فاندرست
…
واستبدلت وحشة من أنسها البادي
وعطلتها الرزايا وهي حالية
…
بساكنيها وروّاد وورّاد
وعاث صرف الليالي في معالمها
…
فما يجيب الصدى فيها سوى الصادي
دوارج المور مارت في معاهدها
…
فغادرتها عفى الساحات والنادي
وناعب الموت نادي بالشتات بها
…
فأهلها بين أغوار وأنجاد
وصوّحت بالبلى أطلالها وخلت
…
رحابها الفيح من هيد ومن هاد
أضحت قفاراً تجري الرامسات بها
…
ريحاً جنوب وشمل ريحها الخادي
كأنها لم تكن يوماً لبيض مها
…
مرتعاً قد خلت فيهن من هاد
ولم تظل مغانيها بغانية
…
تغني إذا ما ردى من بدرها راد
ولا عطا بينها ريم ولا طلعت
…
بها بدور دجي في برج مسطاد
ولا تثنت بها لمياء ساجته
…
ذي النعيم دلالاً بين أنداد
فارقتها فكأني لم أظل بها
…
في ظل عيش يجلي عذر حساد
أجني قطوف فكاهات محاضرة
…
طوراً وطوراً أناغي زينة الهاد
هيفاء يزري إذا ماست تمايلها
…
بأملد من عصون البان ميّاد
بجانب الجيد يهوى القرط مرتعداً
…
مهواه جد سحيق فوق أكتاد
شفاهها بين حق الدر قد خزنت
…
ذخيرة النحل ممزوجاً بها الجادي
إذا نضت عن محياها النقاب صبا
…
مستهتراً كل سجاد وعبّاد
وإن تحلت ففي ما قد جلته دحي
…
لتائه في الدآدي أيما هادي
وميض برق ثناياها إذا ابتسمت
…
بعارض الدمع من مهجورها حاد
وناظران لها يرتد طرفهما
…
مهما رن عن قتيل ما له وادي
وصبح غرتها في ليل طرتها
…
يوماي من وصلها أو هجرها العاد
تلك الربوع التي كانت ملاعبها
…
أخنى عليها الذي أخنى على عاد
إلى مراتع غزلان الصريم بها
…
يحن قلبي المعنى ما شدا شاد
بعد الدهر رماني بالفراق لها
…
ولا سقى كنفيه الرائح الغادي
عمري لقد عظمت تلك القوادح من
…
خطوبه وتعدت حد تعدادي
فقد نسيت وأنستني توائقه
…
تلك التي دهدهت أصلاد أطواد
مصارع لبني الزهرا وأحمد قد
…
اذكرن فخاء من أردى به الهادي
لفقدهم وعلى المطلول من دمهم
…
تبكي السماء بدمع رائح غادي
وشق جيب الغمام البرق من حزن
…
عليهم لا على أبناء عبّاد
كانوا كعقد لجيد المجد مذ فرطت
…
من ذاك واسطة أودي بتبداد
وهو المليك الذي للملك كان حمى
…
مذ ماس من برده في خير ابراد
كانت لجيران بيت الله دولته
…
مهادها من لسرح الخوف ذوّاد
وكان طوداً بدست الملك محتبياً
…
ولات ناص المعالي أي نهاد
ثوى بصنعا فيا لله ما اشتملت
…
عليه من مجده في ضيق الحاد
فقد حويت به صنعاء من شرف
…
كما حوت صفدة بالسيد الهادي
فحبذا أنت يا صنعاء من بلد
…
ولا تغشى زياداً وكف رعاد
مصابه كان رزالاً يوازنه
…
رزء ومفتاح ازراء وآساد
وكان رأساً على الأشراف منذ هوى
…
تتابعوا أثره عن شبه ميعاد
لهف المضاف إذا ما أزمة أزمت
…
من خطب نائبة للمتن هداد
لهف المضاف إذا ما أقلحت سنة
…
يضن في محلها الطائيّ بالراد
لهف المضاف إذا كرّ الجياد لدى
…
حر الجلاد اثار النقع بالوادي
لهف المضاف متى ما يستباح حمى
…
لفقد حام بورد الكر عوّاد
لهف المضاف إذا جلى به نزلت
…
ولم يجد كاشفاً منها بمرصاد
لهف المضاف إذا حمل المغارم في
…
نيل العلا أثقل الأعناق كالطاد
لهف المضاف إذا نادى الصريخ ولم
…
يجد له مصرخاً كالغيث للصادي
لهف المضاف إذا الدهر العسوف سطا
…
بضيم جار لنزل العز معتاد
بل لهف نفس ذوي الآمال قاطبة
…
عليهم خير مرتاد لمرتاد
كانت بهم تزدهي في السلم ندبة
…
وفي الوغى كل قداد ومنآد
على الأرائك أقمار تضيىء ومن
…
تحت الترائك أسباد لمساد
تشكو عداهم إذا شاكي السلاح بدا
…
شد القنا ماضغاً من نسج ابراد
إلى النحور وما تحوي الصدور وما
…
وارته في جنحها ظلمات أجساد
جنا جنا قلقاً تحوي جآجؤها
…
مما يقصد فيها كل قصاد
بادوا فباد من الدنيا بأجمعها
…
من كان فكاك أصفاد بأصفاد
وقد ذوت زهرة الدنيا لفقدهم
…
وألبست بعدهم أثواب أحداد
واجتث غرس الأماني من فجيعتهم
…
وانشد الدهر تقييظاً لروّاد
يا ضيف اقفى لبيت المكرمات فخذ
…
في جمع رحلك واجمع فضلة الزاد
يا قلب لا تبتئس من هول مصرعهم
…
وعز نفسك في بؤس وانكاد
بمن غدا خلفاً يا حبذا خلف
…
في الملك عن خير آباءٍ وأجداد
فحائز ارثهم حاو مفاخرهم
…
كما حوى الألف من آحاد اعداد
وذاك زيد أدام الله دولته
…
وزاده منه تأييداً بامداد
سما به النسب الوضّاح حيث غدا
…
طريقه جامعاً اشتات اتلاد
لقد حوى من رفيعات المكارم ما
…
يكفي لمفخر أجداد وأحفاد
أليس قد نال ملكاً في شبيبته
…
ما ناله من سعي اعمار آباد
أليس في وهج الهيجا مواقعه
…
مشكورة بين أعداءٍ وأضداد
أليس أسبح بالشعميم سابحه
…
لج المنايا ليحيى فل أجناد
أليس يثبت يوم الليث أن هل
…
وثبات ليث يزجى ذود نقاد
أليس يوم العطا تحكى أنامله
…
خلجان بحر نقيص التبر ميداد
أليس قد لاح في تأسيس دولته
…
من جده المصطفى رمز بارشاد
دامت معاليه والنعمى بذاك له
…
مصونها وهو ملحوظ باسعاد
ما لاح برق وما غنت على فنن
…
صوادح البان وهناً شجوها باد
وحسبي يا مولانا التصديع بهذا الهذيان. وإنما أوجبه القصد إلى إقامة البرهان. على ما ادعاه من الوله والهيمان. لا زلتم محفوفين بعين الله من طوارق الحدثان. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تنبيه قوله
أليس قد لاح في تأسيس دولته
…
من جده المصطفى رمز بارشاد
يشير به إلى ما وقع للشريف المذكور فإنه لما وردت الأوامر السلطانية بولايته الحرمين الشريفين وكان إذ ذاك بالمدينة المنورة قصد زيارة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فأراد الخدام أن يفتحوا له الباب فوجدوه مفتوحاً وكانوا قد أغلقوه من قبل فعلم الناس أنه إشارة إلى الفتح والظفر فكان كذلك. فأجابه القاضي تاج الدين عن هذا الكتاب بهذا الجواب
بقبل الأرض اجلالاً ويشرح ما
…
لاقى من الوجد والأشواق والحرق
يشتكي بعض ما لاقى وأعجب ما
…
رآه أن تخمد النيران في الورق
محب جرعه الدهر مرارة الثوى. وأضرم في أحشائه حرارة الجوى. فهو يشكي النوى طوراً. فيتمالأ في طورها ويتغالا. ويرجع باللوم على نفسه فوراً. فينشد بقايا ثناء ليس هي ارتجالاً. هجيراه سقيا معاهد الأحبة من عهاد دموعه. وسميراه التلهف على ذلك العهد وتمنى رجوعه شعر
أرى آثارهم فأذوب شوقاً
…
واسكب في مواطنهم دموعي
واسأل من بفرقتهم رماني
…
يمنّ عليّ منهم بالرجوع
قد حارب جفنه الرقاد فليس بينهما صلح. ودجى عليه ليل الفراق فلم يتبلج له صبح شعر
وطال عليّ الليل حتى كأنه
…
من الطول موصول به الدهر أجمع
لا يزال يسامر النجوم والقمر. وياسور الهموم والفكر. وتتلاعب فيه لواعج الأشواق تلاعب الصوالج بالاكر. وينشد إذا هجع النوام وطلب المسعد على السمر
أيها النائمون حولي أعينو
…
ني على الليل حسبة وائتجارا
حدثوني عن النهار حديثاً
…
وصفوه فقد نسيت النهارا
كيف لا ينسى النهار. وينكر سائر الأغيار. من لم يرتسم في مرآة تصوره غلا تصور تلك الذات. ولا يجول في فكره إلا تذكره سابق تلك الأيام المستلذات. ولا يغير وده لقادم العهد. ولا يسوغ أن يسيغ ماء السلو ولو أداه تعطشه إلى اللحد
ولي نفس حر لو بذلت لها على
…
تناسيك ما فوق المنى ما تناست
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا
…
إذ طالما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أرواحنا بدلاً
…
عنكم ولا انصرفت فيكم أمانينا
وليس عهدكم عهد الغمام فما
…
كنتم لأرواحنا إلاّ رياحينا
ولولا تعلل النفس بعل وعسى. ورجوي جمع القادر على جمع الشتيتين لقضيت اسا. شعر
ما قدر الله أن يدني على شحط
…
من دار الحزن ممن داره صول
رجع يا مولانا فقد أجرى المملوك جوار قلمه مرخي العنان. وشرح من انموذج حاله ما هو عند مولانا كالعيان. واسناه بث شوقه ما هو الواجب من تصدير السلام. وتقديم الثناء الذي لا تستوفيه الأرقام. ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام. ولئن شغل المملوك عما هو الأحرى. فقد أقام له البيت المشهور عذراء شعر
وشغلبت عن رد السلا
…
م فكان شغلي عنك بك
فهو يحمل العبودية هذه من التحيات ما يتضوع قبل نشرها نشره. ومن الأثنية ما يضاهي الأفق زهره. ويباهي الرياض زهره. إلى ذلك المقام الذي سحب على فرقد الفراقد ذيل عقوه. وأورد نهر المجرة خيل مجده وسموه. وسلم له أهل الحل والعقد. وأذعنت لبلاغته جهابذة النقد. وألقت إليه الفصاحة مقاليدها. وكتبت ملوك البراعة باسمه تقاليدها. وأقر بفضله حتى الحسود. وأجمع على سودده السيد والمسود. وأرى الناس مجمعين علي فضلك ما بين سيد ومسود. امام جماعة الصناعتين. ومالك زمام براعة البراعتين. العلامة الذي خاض بحراً وقفت بساحله العلماء. وقفت اثره فانتهت إلى حدها من نقطة العلم وشكلة الحكم الحكماء. سلالة الوزراء الذين اقتعدوا صهوة الجلالة والمجد. وخلاصة العلماء الذين تركوا الغير في الغور وافترعوا من المكانة المكان النجد. مولانا الشيخ محمد بن حكيم الملك. لا زال محروساً بعناية مجري الفلك والفلك. بمحمد وآله آمين. وينهي ورود الكتاب الذي استهلت البراعة استهلاله. وأتى بالسحر الذي لا حرج في القول باستحلاله. وحرم على الأدباء حكاية حياكته والنسج على منواله.
أني تجاريه فرسان القريض ومن
…
غباره في هواديهن ما نقضوا
يجرم المتأمل في فاتحته إنها فريدة وقتها. ويتلو عليه ما بعدها وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها. فقبل المملوك منه مواقع الأقلام. شوقاً لتقبيل مواضع الأقدام. وقراه سطراً سطراً. ولم يكن يستطيع مجاوزة فقرة منه إلى الأخرى. وسرح الفكر في معانيه التي هي إلى الافهام أجرى من الماء تحدر في صبب. وافعل بالالباب من ابن غمام زوج بابنة العنب. فاضحك المملوك بما تضمنه من تقلب مالكه في رياض البقا. وشغله في مراتب العز والارتقا. وأبكى بما انطوى عليه من شرح الحال التي عند المملوك شاهدها. والغربة التي يعالج لواعجها المملوك وإن كان في وطنه ويكابدها.
يودّ من عمره أن لا يفارقكم
…
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
فصبراً يا مولانا على ما جرت به الأقدار. ورضا بإرادة الله واختياره فإنهما خير مما يريده العبد لنفسه ويختار. ولا أبلغ في الوعظ والتنبيه لمن طلب منهما الغايه. من قوله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئاً الآيه. وعذراً يا مولانا فأنا بهذه المواعظ كمن جلب التمر إلى هجر. وأهدى إلى البحر الدرر. ولكنني أتيقن أن مولانا لا يرى ذلك بحسن الظن والنظر. ثم انتهي المملوك إلى تلك القصيدة التي كل بيت منها ببيت القصيد. فكلل تاجه من جواهر عقدها الفريد. واستخرج من بحرها البسيط فرائد الفضل المديد. وعلم أن مولانا أراد اثبات عجز من عارضه فتم له ما يريد. وأكدت صوادح البان بشجوها أشواقه ولا أقول زادت فليس عليها مزيد.
وترنمت ذات الجناح بسحرة
…
بالواديين فهيجت أشواقي
ورقا تعلمت البكا والبث من
…
يعقوب والالحان من اسحاق
إني تضاهيني هوى وصبابة
…
وأسا وفرط جوىً وفيض ماقي
وأنا الذي أملي الهوى من خاطري
…
وهي التي تملى من الأوراق
وكيف يا مولانا يقبل المزيد شوق هو أعظم مما تصف الألسن وتشرح الأرقام. وفوق ما يتصوره الفكر وتتخيل الأوهام. ووراء ما يمكن أن يرى في الأحلام. أطفا الله حر النوى بالمشافهه. وأغنى عن المراسلة بالمواجهه. وعجل لكم الاياب إلى حرمه الشريف. والاقامة بسوح بيته المنيف. إنه على ما يشاء قدير. وبالاجابة جدير. والسلام ومن اشناء الشيخ محمد المذكور ما كتبه مراجعاً إلى بعض أصحابه من سادات العجم وقد كتب طلبه كتاباً يتضمن اظهار تلك المودة وأهدى إليه مرآة وعصا لو تطاولت إلى الأفلاك. وتناولت عن الأملاك. وسخرت لي الدراري المؤتلقه. ونضدت لي الدرر المونقه. فسولت لي الأمارة. والقريحة وقد غدت ببديع البيان سحاره. معارضة الدر المنثور في الكتاب المسطور. الذي ردت بلاغته دعوى معارضه رد الغيور بد الجابي عن الحرم. لكنت أورى في رابعة النهار. وأريه السها وقد أراني طوالع الأقمار. فاقسم بالشفق. والليل وما وسق. والقمر إذا اتسق. إن منشىء تلك الحديقه. وموشى هاتيك الروضة الأنيقه. ممن أوتي الحكمة وفصل الخطاب. وجليت عليه من مخدرات عرائس البلاغة ما توارت عن غيره بالحجاب. كيف لا وهو الفرع المتهدل من دوحة أفصح من نطق بالضاد. وأوتي جوامع الكلم فآمن بمعجزها كل حاضر وباد. فاعجاز البلاغة تراثه. وإن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكمة ميراثه. ثم أبت نفسه الأبيه. وأنفت همة كماله العليه. أن يتقصر على تليد مفاخره العديده. حتى شفعها بطريف مآثره الحميده. فبلغ في المعاني الغايات. واخرس من تصدى لاحصاء ما أعطى من الكمالات
فإن قميصاً حيك من نسج تسعة
…
وعشرين حرفاً عن علاه قصير
فعلى رسلك يا مولاي فجدك صلى الله عليه وآله وسلم القائل. أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم. وقد خاطبت الملوك بما يرد شقاشق البلغاء المبرزين في لهاة فحولهم. فكيف به وليس هو منهم في عير ولا نفير. ولا يعد منهم في قبيل ولا دبير. وقد الجأته الضرورة إلى ارتكاب أول القبيحين مقابلة الدر بالخشب. واغلاق باب المكاتبة فيعود نهاره لذلك كليل فتى الفتيان في حلب. ثم ما طرز به الكتاب. وحبر بوشيه الخطاب. من فقد المحبة الذي لا يزال المملوك به مثرياً. ولحديثه راوياً. ولعطاش الفقراء إليه مروياً. فقد يحمد الله غذى بلبانها. ورتع في ميدانها. وكرع من غدرانها. وتمسك بأشطانها. وضربت عنده بجرانها. فصار بها مذ كان في المهد صبياً صبا. وتلقاها في ضمن كريمة قل لا أسالكم عليه أجراً إلا المودة في القربى.
إن المودة في قربى النبي غني
…
لا يستميل فؤادي عنه تمويل
فهي لا تنفك كما ذكر مخدومي تزداد كثره. فيزداد بها القلب مسره. والعين قوه تتأكد كل حين. وتتجدد على تقادم السنين.
ويزيدها مرّ الليالي جدة
…
وتقدم الأيام حسن شباب
لا يغشى سنا قمرها سحاب نقصان. ولا فصمت عروتها الوثقى يد الحدثان. فيزحزح المولى أيده الله سحابها. ويوثق أسبابها. باسداء الهدايا. واهداء المزايا شعر
تملك بعد حبك كل قلبي
…
فإن ترد الزيادة هات قلبا
لكن سمعاً لما أمر به وطاعه. وقبولاً وامتثالاً لما أمر جهد الاستطاعه فشكر الاياديه. وهطلاً لفؤاديه. وسقيا لناديه. وسحقاً لأعاديه. ولا زالت فواضله مغدقة دائمة الهمول وفضائله مشرقة لا يدانيها أفول. والسلام.
ومن نظمه قوله مادحاً لقائد أحمد بن يونس وزير الدولة الحسينية الادريسية ومهنئاً له بالنيروز
إلى علاك اشارة أنجم الأفق
…
فظل طرف الثريا شاخص الحدق
وأشرقت بك شمس المجد لا أفلت
…
ونضدت بك زهر السعد في نسق
وعفرت لك آساد الشرى وعنت
…
لك الوجوه وأضحت منك في فرق
كل لطولك يرجو وهو ذو أمل
…
كل لباسك يعنو فهو في قلق
قد استكانت لك الأضداد واشتعلت
…
لما طعلت شهاباً باهر الفلق
شهاب باس به كف العلى قذفت
…
فأحرقت بسناه كل مسترق
به استقامت قناة الملك من أود
…
وأصبح العدل منه واضح الطرق
يا من به أبدت الأيام زخرفها
…
وراق من صفوها ما كان لم يرق
قد شرفت أمة أصبحت قائدها
…
وأصبحت بك في أمن وفى غدق
ألقت مقاليدها والله أرشدها
…
إليك يا محرز الغايات في السبق
قد طوّفت جيدها منك الجميل يد
…
تعدّ فعلك هذا أحسن الخلق
قد ذل من لم تكن للخطب عدّته
…
وخب من بعرا علياك لم يثق
مهابة لك نابت في تطوّقها
…
أقصى البلاد مناب الصارم المزق
رعى حشاشة قوم دارهم نزحت
…
ثم انثنى وهو محمر من العلق
فأنت تعمل رأياً والقضاء به
…
يجري وفاقاً له يا طيب متفق
من ظن وصفك يحصى أو يحاط به
…
دعه فما فيه يكفيه من الحمق
أو رام يثنى بما أنت الجدير به
…
لم يستطع وهو رب المنطق الذلق
نعم المغيث ونعم الغوث أنت لدى
…
كر الحوادث بين الصبح والغسق
ما زلت تدرك ما تنويه عن أمم
…
فلو تروم منال النجم لم يعق
بهمة أرغمت من تحت أخمصها
…
أنف الثريا وخداً غير منفلق
وهيبة ترهب الآساد سطوتها
…
وجود كف كموج اليم مندفق
وحسن رأى يسوس الملك تعضده
…
عناية يقتفيها فتح منغلق
وطيب ذكر لك الركبان تنقله
…
تفض عنه ختام العنبر العبق
وغيرها من صفات قد خصصت بها
…
كأنها الدهر إذ يزهى على العنق
لا زلت ترقى إلى ما أنت آمله
…
توق ذلك والأعداء في نعق
مهنئاً بك يوم شمسه وزنت
…
بنور هديك فانحطت عن الأفق
ممتعاً بك دهراً أن يرم أحد
…
وكان ينمي إلى علياك لم يطق
وكتب القاضي تاج الدين المالكي للشيخ محمد المذكور وهو بالطائف. في سنة سبع وعشرين وألف قوله
سلام كنشر الروض تنفحه الصبا
…
سلام كعرف المسك أو زهر الربا
سلام كأنفاس المتيم رقة
…
سلام كايناس المزمزم مطربا
سلام كعرف الراح فض ختامها
…
سلام كما يستنشق الثغر اشنبا
سلام كتسليم الأغن مواصلاً
…
سلام كتلحين المطوّق معربا
سلام كوصل بعد يأس من اللقا
…
سلام كوعد بالتواصل أو نبا
سلام كعصر الوصل في الطيب لا المدى
…
سلام كأيام الشبيبة والصبا
سلام كقرب الدار بعد نزوحها
…
سلام كبشرى من حبيب وقد نبا
سلام كغمض الجفن بعد سهاده
…
سلام كطيف زار من ربة الخنا
سلام كأشكاء الحبيب محبه
…
سلام كعتب عنده الصب اعتبا
سلام كبرء عند يأس من الشفا
…
سلام كأمن المرء للقتل قربا
تحية مشتقا يبث تشوّقاً
…
أقام بساحات الفؤاد وطنبا
وإني أبث الشوق وهو موزع
…
نهاي وفكري والضمير المحجبا
وبي من سوى هذا عن البث غنية
…
فعندك لي قلب مناجيك معربا
يسير إذا ما سرت شرقاً مشرقاً
…
ويسري إذا ما سرت غرباً مغرباً
كحرباء شمس لا تزال تؤمها
…
ولكن في ودّه ليس قلبا
وإن بجسمي منه أعظم غيرة
…
على كونه رهناً لديك مطنبا
ومن قلم يسعى إليك براسه
…
يؤديك قبلي مالك الود أوجبا
واغبط طرسي إذ يقبل انملا
…
سيضحى بها عما قليل مقلبا
فدونكه سجفاً لعذراء قلدت
…
عقوداً تسامي درّها أن ينقبا
ممنعة لم ترض غيرك كفأها
…
من الخلق طرا حيث كنت لها أبا
فأسبل عليها بعد رفعك سجفها
…
من الستر ما يضفو وزدها تقربا
فما زلت محمود الشمائل من راي
…
كمالك حدث السن ظنك أشيبا
بقيت على مرّ الجديدين سالماً
…
وربعك مأهولاً ومغناك مخصبا
فكتب إليه الجواب بسرعة يكاد كون بديهة وهو
لعمرك يا رب البلاغة والحبا
…
ومالك رق الفضل شرقاً ومغربا
وبدر سماء المجد بل شمسها التي
…
أنارت بها طرق الرياسة والابا
وراقي ذري العلياء بالهمة التي
…
تعدّ لها شهب المجرة مشربا
وجامع أشتات المفاخر كلها
…
تراثاً وكسباً رائضاً كل أصعبا
لقد ظلت تهدي من بحار فضائل
…
جواهر تاج درها لن يثقبا
وأبرزت من خدر القريحة كاعباً
…
عروساً عن المملوك لن تتحجبا
وكم رامها غيري فعز لقاؤها
…
ولم يحظ من ممنوعها بسوى نبا
يقل لها بذل النفوس صداقها
…
وتكبر عن قولي تحل لها الحبا
فشرفت قدري إذ بعثت أخا العلا
…
إليّ بها عقداً من الدر معجبا
وروضاً مريعاً يانعاً متضوّعا
…
شذاه يرد المسك من نافج الظبا
بل كل بيت منه روض مدبج
…
بأفنانه غنى هزار فأطربا
طفقت بها جذلان يرتع ناظري
…
بجنات حسن يالها متقلبا
بها كل معنى تشتهي النفس أو به
…
تلذ عيون أبصرت ثم مأربا
فمن لي بشكوى يا ابن ودّي ومن له
…
يظل لسان الدهر بالمدح مطنبا
ومن هو أشهى من حياتي التي إذا
…
أراه لها روحاً إليها محبباً
ومن بجميل الراي فيه تملكت
…
مودته منى الضمير المحجبا
يقوم ببعض من حقوق تتابعت
…
عليّ وفضل من هوى النفس أطيبا
فلا زلت تولينا الجميل مشنفاً
…
مسامعنا يا من له الله قد حبا