الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تمطلي بالوعد شباً معذباً
…
وإن قيل إن الشيء يعذب بالمطل
وقوله
أقول لها هل تسعفين بزورة
…
مريضاً كواه البين بالهجر والسقم
فقالت إذا ما فارق الروح زرته
…
لأن محالاً جمع روحين في جسم
وقوله في الجناس
هواك مازج روحي قبل تكويني
…
وأنت ظلماً بنار الهجر تكويني
صبرت فيك على أشياء أيسرها
…
ذهاب نفسي وقوم عنك تلويني
وكلما قلت صحت لي محبتها
…
أرى ودادك مزوجاً بتلويني
قد حل عقد اصطباري طول هجرك لي
…
وليس غير وصال منك يبريني
إذا شممت شذا رياك منتشقاً
…
فما نسيم أتى من نحو يبرين
وقوله
أفدي فتاة فتنت مهجتي
…
وقد أذيب القلب من صدها
مالي وللدنيا إذا لم تزر
…
وليس يحلو العيش من بعدها
يقول لي الأسى وقد راعه
…
ما بفؤادي من جوى بعدها
خذ ماء ورد ولسان معاً
…
واشربه بالماء ذي من شهدها
قد صدق الأسى فهذا الدوا
…
هو الشفا لو كان من عندها
بان يكون الشهد من ثغرها
…
يجني وماء الورد من خدها
وقوله موجهاً بأشكال الرمل
سألتها عن بياض. في وجنتيها وحمره.
…
إذا طريق اجتماع. قالت وراية قصره
وأحسن منه قولي
وذو هيف ما زال بالرمل مولعاً
…
إذا ما سالت الوصل منه تبلدا
ووشى نقي الخد منه بحمرة
…
فقلت طريق للوصال تولدا
قال المؤلف عفى الله عنه هذا ما تيسر ذكره واثباته من محاسن أهل مصر والقاهرة. واقتطافه من رياض آدابهم الزاهرة. مع علمي بأنه قطرة من ماء. ونجمة من سماء وقل من جد وغيض من فيض وكيف وفي مصر وأهلها يقول القائل
قل للذي سار بلاد الورى
…
وأظهر القوة والباسا
من لا أرى مصر ولا أهلها
…
فما رأى الدنيا ولا الناسا
ولكن بعد ديارنا من ديارهم أوجب عدم الوقوف على آثارهم والاطلاع على محاسن أحبارهم. وأين الديار المصرية. من الديار الهندية. وفيها يقول ابن القريه. أرض الهند شاسعة نائية. بلد كفرة طاغية. على أني لم آل جهداً. ولم أهمل شيئاً من ذلك هداً
إذا بذل الانسان غاية جهده
…
فليس عليه بعد ذاك ملام
والله سبحانه أعلم. القسم الثالث في محاسن أهل اليمن. المقلدين بدر أشعارهم جيد الزمن
السيد محمد بن عبد الله
بن الامام شرف الدين يحيى الزيدي اليمني
سيد تفرع من دوحة النبوة والرسالة. وأيد ترعرع في روضة الفتوة والبسالة. زبدة سلالة السراة من لؤي بن غالب. ونتيجة مقدمات القضايا التي هي للعدل والجور موجبات سوالب. تاط طرف مجده بين الرئاسة والسيادة وجمع بين كرم الأصل والخطاب الفصل فاجتمعت له الحسنى والزيادة وآباؤه من سادات كوكبان الأعظمين وأئمة الزيدية المتسمين بأمرة المؤمنين الذين أرغموا أنف الدهر بشمم أقدارهم واركوا أديم الخطوب بهمم اقتدارهم فطلعوا في آفاق الشرف شموساً وأقماراً واقتطفوا من حدائق الرئاسة زهوراً وماراً وما زالوا هناك مستولين على تلك الحصون والأطراف منازل الأشراف حتى غزت جيوش بني عثمان اليمن واستولت على القصور منها والدمن فنازلوهم في ديارهم وحصونهم وظهروا على ظاهرهم ومصونهم وشددوا حصارهم وفرقوا أنصارهم إلى أن جنحوا للسلم قسراً فتركوهم في مواطنهم كأنهم أسرى ثم دالت الدول ونال أواخرهم ما لم ينله الأول كما سيأتي ذكره مجملاً إن لم يكن مفصلاً وكوكبان هذا مقر ملكهم ومستقر ملكهم وهو حصن على جبل باليمن ينيف بقلة سماء ويخوض براسه في عنان السماء تسقط قوادم الأبصار قبل الوقوع عليه وتهمي خوافي اللحاظ دون التلحيق إليه وأخبرني من رأه أنه يرى من مسيرة ثلاثة أيام ولما دخلت العساكر العثمانية إلى الأقطار اليمنية كان كبير السادة المذكورين الامام شرف الدين جد السيد محمد المذكور ثم عمه السيد مطهر بن شرف الدين فأظهرا الطاعات للسلطان واذناً في الخطبة له في تلك الأوطان وكتبا بذلك إليه وعرضا طاعتهما عليه ثم وقع بينهما وبين الأمراء الرومية جدال أفضى بهم لى جلاد وقتال.
ولما بلغ ذلك السلطان سليمان كتب إلى السيد مطهر بن شرف الدين هذا الكتاب وضمنه شديد التهديد والعتاب وصورته هذا مثالنا الشريف السلطاني وخطابنا المنيف الخاقاني لا زال نافذاً مطاعاً بالعون الرباني والمن الصمداني أرسلناه إلى الأمير الكبير العون النضير الهمام الظهير الشريف الحسيب الأديب النسيب فرع الشجرة الزكية طراز العصابة العلوية نسل السلالة الهاشمية السيد مطهر ابن الامام شرف الدين نخصه بسلام أتم وثناء أعم ونسند لعلمه الكريم أنه لم يزل يتصل بمسامعنا الشريفة العالية المنيفة اخلاصه لدينا وقيامه بقلبه وقالبه في مرضاة سلطنتنا والانقياد لجنبانا وبمقتضى ذلك كان حصل شكرنا التام وثناؤنا العام على مناصحته ولما برزت أوامرنا الشريفة سابقاً بتعيين وزيرنا الأعظم والدستور المكرم سليمان باشا إلى البلاد الهندية لفتح تلك الولاية السنية احياء لسنة البلاد وقطعاً لدائرة أهل الكفر والعناد فاستبشر لذلك كل مسا فرحاً وسروراً ووقع ما قدر الله وكان أمر الله قدراً مقدوراً فرجع وزيرنا المشار إليه ووجد طائفة من اللوتدية تملكوا بلاد زبيد من المملكة المحمية وحصل منهم غاية المشاق وأذى الرعية وزاد ظلمهم وجورهم على العباد وعم ضررهم كل حاضر وباد فتتبع آثارهم وقطع دابرتهم واستنقذ الرعايا من أيديهم وصارت مملكة زبيد من جملة ممالكنا الشريفة وعادت إلى أعتابنا العالية المنيفة.
وأبرز بريده مكتوبكم ومكتوب والدكم يتضمنان الاخلاص في طاعتنا واتباع مرضاتنا وأنهما صارا من أتباعنا ومن اللائذين بأعتابنا وتحققنا ما بلغنا عنهما من الأخبار على السنة المترددين إلى شرائف أعتابنا من تلك الديار وأنهما صارا من توابعنا ومملكتهما من جملة ممالكنا ثم بلغنا عنهما خلاف ذلك وتغيير ما كاتبانا عليه في السابق وأنه وقع بينهما وبين أمرائنا بتلك الجهات خلف كبير ووقائع متناقضة عم ضررها المأمور والأمير وهذا عين الخطأ المحض المترتب عليه ذهاب الأرواح لمن عقل وفهم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فإن مقامنا الشريف السلطاني الخنكار الخاقاني قد ملك بعون الله بساط الأرض شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً وصارت سلطنتنا الباهرة كالابريز المصفى والخلاص المستسفى ورقم سجل سعادتنا بآيات النصر وختم لنا في شرقها وغربها على أهل العصر واستديم فخرنا على سائر الملوك باحياء سنة الجهاد إلى يوم العرض ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وعساكرنا المنصورة حيث سلكت ملكت وحيث حلت فتكت لا يعجزهم صغير ولا كبير ولا هم جليل ولا حقير ولو شئنا لجاءكم منا شرذمة قليلون مائة ألف أو يزيدون ونتبع العسكر بالعسكر والجيش بالجيش حتى تصير عساكرنا المنصورة أولهم في البلاد اليمنية. وآخرهم في مملكتنا المصرية. ولا يخفاه قدرة سلطتنا. وتشييد أركان دولتنا. وإن أكابر الملوك ذو التيجان. وأصحاب القوة والامكان. لا يزالون خاضعين لمرتبتنا العالية. مطأطئين رؤسهم خشية مما يحل بهم عند المخالفة من القضايا القاضية. وذلك مشهور معلوم. ظاهر ليس بمكتوم. لكن غلب حلمنا عليه كونه من سلالة سيد المرسلين. ومن آل بيت النبوة الطاهرين. فلزمنا أن ننبهه قبل اتساع الخرق عليه. ونعرفه بما يؤول أمره إليه. وكونه أوى إلى جبال يتحصن بها ويزعم أن ذلك ينجيه عين المحال. وتدبيره تدميره على كل حال. جهل ذلك أو علم. لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم. أين المفر ولا مقر لها. وقد اقتضت أوامرنا الشريفة تعيين افتخار الأمراء الكرام. محترم. ذوي القدر والاحترام. مصطفى باشا أن يكون باشا على العساكر المنصورة من المشاة والرماه. والعادة والحماه. معونة للأمير إذ دمر باشا بلغه الله ما شاء. وحال وصوله إلى تلك الديار. لا بد لك من الحضور إلى خدمته. والسعي إلى مقابلته. بقلب منشرح. وصدر منفسح. وتمشي تحت صنجقنا الشريف. العالي المنيف. وتدخل تحت طاعتنا المعظمة. وأحكامنا المكرمة. وتكون مع عساكرنا المنصورة على قلب رجل واحد. موالياً لمن والانا. معادياً لمن عادانا. من كل معاند وجاحد. فإن مصطفى باشا رأس عساكرنا المنصوره. وأمير جنودنا المبرورة. خليفتنا في أمرنا. كلامه من كلامنا. وحكمه من حكمنا. ومن أطاعه فقد أطاعنا. ومن خالفه فقد خالفنا. والعياذ بالله من المخالفة. فليتفكر العاقل لنفسه. ويتدبر بآراء حسه. قبل حلول رمسه. وينبه من رقدته. ويصح من غفلته وسكرته. فمن انضم إلى سلطنتنا. وانقاد لامرتنا. فقد رحم نفسه وصان مهجته. وحقن دمه وحفظ حرمته. وله في دولتنا العادلة كل جميل ورعاية. وما يتمناه من الزيادة إلى حد النهاية. وقد أمرنا مصطفى باشا بأنه إذا دخل تحت طاعتنا. ومشى على الاستقامة وانضم إلى عساكرنا. أن ينعم عليه بأمرنا الشريف. بسنجق منيف. لا معارض له في ذلك. وليكن مستقلاً فيما هنالك. فإن فعلت فأنت من الفائزين. لا تخف ولا تحزن أنك من الآمنين. وإن حصل والعياذ بالله مخالفة واستمر في العناد والضلال. وخاض في بحر الوبال. فاثمه في رقبته. وهو المهلك نفسه بطلبته. ويكون من الداخلين. في قول أصدق القائلي. يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. وينتقل من الوجود إلى العدم. ويندم حيث لا ينفعه الندم. وقد حذرناه رأفة به وتحنناً عليه. فإذا خالف أتيانه بجنود لا قبل له بها. وأخرجناه منها ذليلاً صاغراً لا ملجأ له من سلطنتنا إلا إليها. ومثله لا يدل على صواب فليعتمد ذلك وعلامتنا الشريفة حجة عليه. وهذا آخر ما انتهى منا إليه. حرر بمعمورة قسطنطينية بأوائل شوال سنة سبع وخمسين وتسعمائة وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. فراجعه السد بما صورته. نور الله شموس الاسلام واطلعها. وفجر عين معين الشريعة النبوية ومتعها. وفتح أكمام ثمار السعادة الأبدية
وأينعها. ولألأ كواكب الدين الحنيف وأسطعها. وأعلى منار الملة الحنيفية البيضاء ورفعها. وكسر نواجم قرون الشرك والبغي وقمعها. وزلزل جموع الظلم والعدوان وزعزعها. وأرعد قلوب الجبابرة المردة وأفزعها. وألف بين قلوب المؤمنين والمسلمين وجمعها. بدوام دولة مولانا السلطان العظيم. ذي الملك الباهر القاهر العقيم. القاطع بسيوف عزمه عنق كل جبار أثيم. هماز مشاء بنميم. الهادي بأوامره ونواهيه إلى سواء الصراط المستقيم. الذي أوتي الحكمة والتحية والله يؤتي من يشاء من فضله العميم. شمس سماء الخلافة وقمرها المضيىء في الليل البهيم. ظل الله في أرضه. القائم بإحياء سنته وفرضه. ودينه القويم. حجة الله الواضحة. ودلالته الناصحة. للخلق على التعميم. امين الله على خلقه. وخليفته القائم بحقه. بتقدير العزيز العليم. المستنم بحماية آل الرسول. وأبناء فاطمة البتول. وسلالة النبي الكريم. الباسط عليهم ظلال عدله فلا ينالهم حر الجحيم. فهم راتعون في رياض من إحسانه لها نبت ونسيم. وكارعون من حياض امتناعه التي لا يشوب صوفها صرف الدهر المليم. سامي الفخار. وزاكي الأصل والنجار. الفائز بحوز قصبات السبق في الحسب الصميم. الكاف لأكف من تجافى عن الهداية. وسلك مسالك الغوايه. وكان له في الجهالة والعجوفة تصميم. الذي لا تحصى صفاته تعداداً. ولو أن الشجر أقلام والبحر مداداً. وسل بذلك كل خبير عليم. الخنكار الكبير. والخاقان الأعظم الشهير. سليمان بن سليم. واصل إلى جنابه الشريف نجائب ركائب التحية والتسليم. ورحمته الطيبة. وبركاته الصيبة. الموصولة بنعيم دار النعيم. حرس الله مقامه العالي. ولألأ كواكب الدين الحنيف وأسطعها. وأعلى منار الملة الحنيفية البيضاء ورفعها. وكسر نواجم قرون الشرك والبغي وقمعها. وزلزل جموع الظلم والعدوان وزعزعها. وأرعد قلوب الجبابرة المردة وأفزعها. وألف بين قلوب المؤمنين والمسلمين وجمعها. بدوام دولة مولانا السلطان العظيم. ذي الملك الباهر القاهر العقيم. القاطع بسيوف عزمه عنق كل جبار أثيم. هماز مشاء بنميم. الهادي بأوامره ونواهيه إلى سواء الصراط المستقيم. الذي أوتي الحكمة والتحية والله يؤتي من يشاء من فضله العميم. شمس سماء الخلافة وقمرها المضيىء في الليل البهيم. ظل الله في أرضه. القائم بإحياء سنته وفرضه. ودينه القويم. حجة الله الواضحة. ودلالته الناصحة. للخلق على التعميم. امين الله على خلقه. وخليفته القائم بحقه. بتقدير العزيز العليم. المستنم بحماية آل الرسول. وأبناء فاطمة البتول. وسلالة النبي الكريم. الباسط عليهم ظلال عدله فلا ينالهم حر الجحيم. فهم راتعون في رياض من إحسانه لها نبت ونسيم. وكارعون من حياض امتناعه التي لا يشوب صوفها صرف الدهر المليم. سامي الفخار. وزاكي الأصل والنجار. الفائز بحوز قصبات السبق في الحسب الصميم. الكاف لأكف من تجافى عن الهداية. وسلك مسالك الغوايه. وكان له في الجهالة والعجوفة تصميم. الذي لا تحصى صفاته تعداداً. ولو أن الشجر أقلام والبحر مداداً. وسل بذلك كل خبير عليم. الخنكار الكبير. والخاقان الأعظم الشهير. سليمان بن سليم. واصل إلى جنابه الشريف نجائب ركائب التحية والتسليم. ورحمته الطيبة. وبركاته الصيبة. الموصولة بنعيم دار النعيم. حرس الله مقامه العالي.
وحرمه المحرم من صرف الأيام والليالي. بما حفظ به الأيات والذكر الحكيم وبعد فإنه ورد إلينا من تلقائه أطال الله للاسلام والمسلمين في بقائه. مرسوم سطعت أنواره وطلعت للمسرات شموسه وأقماره وتضاحكت في عرصات المجد كمائمه وأزهاره. وجرت في جداول رياض المحامد أنهاره وزخرت بما تقربه العيون وتصلح به الأحوال إن شاء الله تعالى والشؤن بحاره وتحاسد على شرفه ليل الزمان ونهاره فوجدناه أشفى من الدرياق وأبهى من الاثمد في دعج الأحداق. يتبلج تبلج البرق ويتحلب بالخيرات تحلب الودق يفوق اللؤلؤ الثمين منثوراً ويفضح شقائق النعمان زهوراً. ويجعل ممدود الثناء عليه مقصوراً. فتعطرت الأفئدة بنشره. وأعلنت الألسن بحمده وشكره. وهب في البوادي والأمصار نسيم ذكره. ودخلت الناس أفواجاً تحت نهيه وأمره. حبذا مدرج كريم جليل. زانه منشا كريم جليل
لفظه الدر في السموط وفحوا
…
ومعناه سلسل سلسبيل
فإذا المدرجات كانت ملوكاً
…
فهو فيها وبينها اكليل
مدرج فيه للبهاء غدو
…
ورواح ومسرح ومقيل
فلله أنامل رصعته بجواهر البلاغة. وضمنته ما يعجز عنه قدامة وابن المراغة. لو رآه الملك الضليل لطأطأ خاضعاً. أو لبيد البليغ لخر ساجداً أو راكعاً. وعرفنا ما ذكره سلطان الأمم. ومالك رقاب العرب والعجم. المختص بحماية الحرم المحترم. من الاحاطة بطاعتنا لجداله. ودخولنا تحت لواء أقواله وأفعاله. فالحمد لله الذي وفقنا لطاعته. وذادنا عن السلوك في مسالك مخالفته. وإن لنا بذلك الأسنى. والنصيب الأوفر من الخير الحسني. ونرجو إن شاء الله تعالى نيل الشرف الكامل وبلوغ المنى. ومن استمسك بعروتكم الوثقى فاز بمطالبه. وحاز الغاية القصوى من مآربه. وكان في أمن من حوادث الدهر ونوائبه. تختضع له رقاب البرية. وترفع له الدرجات السامية العلية. وتمم له كل مسؤل ومأمول وأمنية. ويحظى بعيشة هنيئة راضية مرضية. لا يخاف دركاً ولا يخشى من قضية. وهذه طريقة لنا معروفة. وشنشنة قديمة مألوفة. لا نميل عن الوفا. ولا نكدر من ذلك المشرب ما صفا. وكيف وطاعتكم من طاعة الملك الخالق. ومعصيتكم تظلم منها المغارب والمشارق. ونحن من مودتكم على يقين. ونرجو أنكم لا تصغون إلى قول الفاسقين. ولا تهملون رعاية الصالحين والمتقين. ولا تقطعون حقاً لذرية النبي الأمين.
وأبناء على الأنزع البطين. كرم الله وجهه في عليين. قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ذلك نص الكتاب المبين. وأنتم أولى برعاية ما أمر الله به أن يرعى. وأحق من أولى ما تقربه عترة النبي عيناً وسمعاً. وكم لكم من محامد مذكورة. ومفاخر مشهورة. ومعال حميدة منثورة. نؤمل أن تشقوا بحسامها. يوافيخ الوشاه. وتقطعوا طوق الواصلين بالأكاذيب والمشاه. وتردوا كيد كل كائد لا يراقب الله ولا يخشاه. والذي نقله إليكم أرباب الزور. وذووا الأفك من الناس والفجور. من تحولنا عن طاعة السلطان الأعظم. ومخالفتنا لما سبق من مودتنا وتقدم. كذب يعلمه الداني والقاص ومعنى للين الذي لناقله اشد الاختصاص. وحاشا الله وكلا أن نرضى مخالفة. أو نميل عن تلك الأحوال السالفة. أو ننكر تلك المعارف العارفة. نعوذ بالله من الحور بعد الكور. أو نكون من تعدي الحد والطور. أو نتقاعد عن طاعتكم وهي التي يجب السعي إليها على الفور. فتكون كمن اشترى الضلالة بالهدى. والتحول عن مواقف السلامة إلى مخاوف الردى. وآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعرف الناس بالصواب. وأدراهم بمعاني السنة والكتاب. أطيعوا الله وأطيعوا السلطان الحديث. فكل من نسب إلينا خلاف ما ذكرناه فهو مأمن خبيث. فتقوا بالمودة الراسخة أطنابها. والمحبة الشامخة قبابها. والرعاية المفتحة أبوابها. والذي أشرتم إليه في ساقة الكتاب. وبطاقة الخطاب. من بلوغ مخالفتنا لعساكركم المنصورة. وكتائبكم الواسعة الموفورة. ليس له صحة ولا ثبات. ولا كان منا إلى حربهم تعد ولا التفات. بل قصدونا إلى هذه الأقطار والجهات وجلبوا علينا تركاً وأرواماً. وهتكوا عهوداً بيننا وبينهم وذماماً. وما راعوا لأوامركم الشريفة فينا أحكاماً. وضيقوا علينا مسالك المعيشة خلفاً واماماً. ورمونا بمدافع لا يرمى بها إلا الذين يعبدون أوثاناً وأصناماً. ولم يعلموا أنا ممن أوجب الله له رعاية واحتراماً. نحيي الشرائع ونميت البدائع. ولم نلق اثاماً. ومن الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. فدافعنا عن نفوسنا وأولادنا ما أمكن من الدفاع. وذدنا عن محارمنا وترك الذيادة عنها لا يستطاع. وأخذنا بدينار الحكم مع الصبر طريقاً. وقرأنا بها أن الباطل كان زهوقاً. ونحن في مهاجر يسير. ومكان يأوى إليه الضعيف من الأنام والصغير. لا يناقش من اعتصم به. واقتصر فيه على طاعة ربه. ولو أن عساكركم المنصورة الألوية. المسلمة إن شاء الله تعالى من صروف الأقضية. وجهوا هممهم العلية. وعزائمهم الصلبة القوية. إلى الجهات العاصية الكفرية. اذن لنالوا من الخير نيلاً عظيماً. وسلكوا إلى السعادة صراطاً مستقيماً. واصلوا أفئدة الكفار ناراً وجحيماً. وأدركوا من فضل الله سبحانه وتعالى جنة ونعيماً. غير أنهم تشاغلوا بحربنا عن جميع الحروب. وفوتوا بذلك كل غرض مطلوب. وأهملوا جهاد الكفار حتى سقط للجنوب. وهب في ديار الاسلام صباً للشرك وجنوب. وحين وصل المرسوم المشرف. والمثال الكريم المغوف. والخطاب الفخيم المزخرف. طبنا به نفوساً. وسكنا به محلاً من الأمن مأنوساً. ودفعنا به عن وجه المسرة ظلاماً وعبوساً وبوساً. فإن امتثل من حولنا من الأمراء الأكابر. ما صدر منكم من النواهي والأوامر. وثبتوا ما ذكرتم من الموارد والمصادر. فذلك البغية المقصودة. والضالة المنشودة. والدرة الثمينة المفقودة. والنعمة الشاملة المحمودة. وإن خالفوا أوامركم المطاعة. وقابلوا نواهيكم اللازمة بالاضاعة. فحسبهم عذابكم الوبيل. وما تعدونه لمن خالفكم من التنكيل. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وحرر ثالث عشري رجب الحرام سنة ثمان وخمسين وتسعمائة ثم لما توفى السلطان سليمان. وقع بين السيد المذكور والأمراء خلف في العهود والايمان. فخرج السيد عليهم ثائراً. وقصدهم في جموعه سائراً. فقتل منهم كثيراً. وأصبح لنار الحرب مثيراً. واستولى على أكثر البلاد. وصدقهم الجهاد والجلاد. حتى أرسل السلطان سليم وزيره سنان باشا وجهز معه من الجيوش فورد اليمن وأسر من أسر واسترد ما ذهب. وأطفأ ثائرة ذلك اللهب. ولم تزل الأقطار اليمانية. في حوزة العثمانية. حتى قضى الله للأئمة الزيدية بالنصر. فغلبوهم عليها في أوائل هذا العصر. وأخرجوا جميع الأروام منها. وكفوا أكف المتغلبين عنها. بعد أن قتلوهم القتل الذريع. وتركوهم بين سليب وصريع. وكان آخر وزير دخل اليمن من الأروام قانصوه الوزير فإنه قدم مكة المشرفة لعشر بقين من حرم الحرام افتتاح عام تسع وثلاثين وألف فقتل الشريف أحمد بن عبد المطلب وتوجه إلى اليمن فلم يتم له مرام. ولا صح له نقض ولا ابرام. فرجع راضياً من الغنيمة بالاياب. لا يملك إلا ما عليه من الثياب. فاستبدت الزيدية. بالممالك اليمنية. وقضت ما في أنفسها من الأمنية. فهم اليوم ولاتها حزناً وسهلاً. ورؤساؤها فتى وكهلاً. وامام اليمن في عصرنا هذا وهو سنة اثنين وثمانين وألف الامام المتوكل على الله إسمعيل بن القاسم وقد ذكرت نسبه في سلوة الغريب. وأسوة الأريب وهذا وإن كان خارجاً عن غرض الكتاب.
إلا أن الاستطراد اقتضى ذكره ولا يخلو مع ذلك من فائدة. ولنعد الآن إلى ما نحن بصدده. وللسيد محمد بن عبد الله صاحب الترجمة من النظم والنثر ما يبهر الألباب. ويدخل إلى المحاسن من كل باب. فمن نثره ما كتبه إلى والده السيد عبد الله وهو يشتمل على شيء من شعره وصورته بسم الله الرحمن الرحيم مطالعة المملوك وطليعة باله. ولسان حاله وترجمان بلباله. وحديث سره. وبيان خبيئة صدره. مظهر جليل برجائه. ومصدر دخيل دائه. عبرة أجرتها عين جنانه. في عبارة لسانه. وزفرة صعدها لوعة أشجانه. في اشارة بيانه. ومهجة أهدتها في أثناء سلامه. لهبة أوامه. وحشاشة أثارتها نار غرامه. في لسان أقلامه
هي نفسي أودعتها نفس الشوق
…
وقلبي تجري به الأفلام
وهي دمع تفيض من لوعة البين
…
وفي أدمع المشوق الكلام
بل هي رجع صدى وساوس الشوق الكلام والنزوع. ومجرى الزفرات المرددة من وهيج الضلوع. برهان ما أكن من الداء الدفين. وعنوان ما أحسن من كلف الفؤاد الحزين
هي مرآة صفائي إنما
…
أترآى لك في مرآتها
فإذا ما شاهدتها مقلة
…
شاهدت نفسي على علاتها
مرآة نفس رقت وجداً وكآبه. ولم يدع منها صبابة الفراق غير صبابه. فلو أنها عرض لكانت هوى في فؤاد مهجور. أو لوعة في ترائب مصدور. ولو كانت قلباً لثوى في جوانح عاشق. أو دمعاً لما جرى إلا من محاجر وامق. ولو أنها جرم لكان ياقوتة راح. أو جوهر لما كان إلا من جوهر الأفراح. شمس الفضل المستوي على عرش الكمال. وقمر الفخر السائح في فلك السؤدد والفعال. مركز السماحة والحماسة. ومعدن الكرم والرئاسة. وقدوة الملوك الساسة
فتى من طينة المجد
…
وما السودد العد
جواهر مجده انتظمت
…
نظام جواهر العقد
كريم عرف رياه
…
يفوح بنفحة الند
مساعيه مشغفة
…
يواقيت من المجد
شمائله مقتدة من برد النسيم. وأخلاقه منتسخة من الروض الوسيم. ومحاورته مختلسة من الدر النظيم. وأنواره يقتبس منها محيا البدر في الليل البهيم. ذكره أطيب من نفس الحبيب. وروحه أخف من مغيب الرقيب. ومفاكهته أشهى من رشف الثغر الشنيب. وصدره أوسع من الأفق الرحيب.
رحيب فناء الصدر ليس يضيق
…
ولا حرج لكن يعيد كما يبدي
ففيه مجال للتواضع والعلى
…
وفيه نصيب للفكاهة والجد
نور العثرة وفخرها. وملاك الأمة وسرها. وسيد الأسرة بأسرها. ابن نجدتها وأبو عذرها. الطب اللب. السري الندي. الواضع الهنا مواضع النقب. الندس المهذب الحول القلب. غذيقها المرجب. وحجيرها الماوب. حسنة الدهر. ودرة تقصار الفخر. الرحلة العلامة الشهير مصباح زيت النبوة. وسيدار باب الفتوة. كريم الحرولة والابوه فحسبه صميم. ونسبه كريم. واباؤه أهلة المحامد. وأقمار المشاهد. وشجي فؤاد الحاسد فهم المجلون في حلبات العليا. والفائزون من أزلام الدين والدنيا. والمحلقون في قضاء الغوالي الغاية القصوى.
بيض لها ليل يستسقى الغمام بهم
…
في المحل إن ضن يوماً هاطل الديم
يفوق عرف المعالي إن ذكرتهم
…
ويعبق المسك من حديثهم
هم أرومة سيد الأسره. وجرثومة سرة السره. من علماء العتره. غرة أبناء البطين. ناظورة أهل بيت النبي الأمين. محيي الدين. المفضل عبد الله ابن أمير المؤمنين. يحيى شرف الدين. سلسلة من ذهب. منوطة بالشهب. ونسبة ترددت بين وصي ونبي سبحان من قدسها من سيآت النسب. لا برح نسبه تميمة في أجياد الحسب. ولا انفك حسبه رقية في لبات المكارم والأرب. ولا زال أدبه حلياً لعاطل الأدب. وجمالاً لشرف الأسماء والنسب. ولا فتئت أردية العلماء محبرة بمساعيه. ومطارف المحامد مفوفة بمعاليه. وريطة الفضل معلمة بأياديه. وركاب الفضائل والفواضل معكوفة بناديه. ولا برح عاكفاً تحت سرادق الكرم. واقفاً في رواق من حسن الشمائل والشيم. تخفق عليه أعلام العلم. وتنشر أماه ألوية الحلم. ما طلع نجم في برجه. ولاح نوره. ونجم طلع في مرجه. وفاح نوره.
دام في روضة النعيم تغنيه
…
على ايكة الهنا الأفراح
لا خلا من هلاله فلك المجد
…
ولا غاب نجمه الوضاح
فلجيد العليا منه عقود
…
ولعطف الفخار منه وشاح
فلا أصابته عين الكمال. ولا سلب الدهر بفقده ثوب الجمال. ولا برح كعبة للجود. وعصرة للمنجود. ونوراً يلوح في أثناء الوجود. فإنه لما نفحت سمات الأشواق. ودارت على كؤوسها دون الرفاق. قدمت كتابي إلى الحضرة ينهى. إلى مولاي أن شوقي إلى مرآه البهي. ومحياه السني. شوق الغريب إلى الوطن. والنازح إلى السكن والمهجور إلى العناق. والمخمور إلى الدهاق. والصديان إلى الماء القراح. والحيران إلى تبلج الصباح. يحدثه أني من بينه فقيد الجلد. عميد الخلد. جديد الكمد. بالي الصبر والجسد. تهزني إليه نسائم الأصيل. وتبكيني مباسم البرق الكليل. وتشجيني نوح الحمام على الهديل. وإني لا أزال من فراقه متلفعاً بأبراد الضنى. متعلقاً بأذيال المنى لا يجمعني والسلوان فنا. ولا يفرق بيني وبين الأسف إلا القرب وإلا الفنا. ولعمري لولا رأفة سيدي بولده. وبضعة جسده. وفلذة كبده. قد أبر على كل مألوف. وأربى على عطف كل أب عطوف. لارخيت عنان القلم في ميدان الشكوى. ولكني ثنيته طاوياً الكشح على البلوى. فرقاً أن تالم نفس مولاي. وإشفاقاً أن يلتاح قلبه من جواي. وأمرته أن يرد فناء سيدي مسروراً فرحاً. وأن يسحب ذيله في ساحاته مرحاً. ويسفر طلاقة وبشراً. ويفتر ثمة عن ثغر خريدة عذراً. ملتثماً للأرض بين يديه. قاضياً بعض ما يجب من الثناء عليه. إذ ليس بممكن أداء الثناء بوجهه. ولا بلوغ غايته وكنهه. هيهات هيهات ذاك أعز من بيض الأفوق. وأبعد من العبوق. والا بلق العقوق. غير أن الحياء من عظمة تلك العفوه. والجلال لابهة تلك الربوه قد كسر من نشاطه. لما ضرب الحيا بسياطه. فلم يقدم إلا مدهوننا فشلاً. مصوباً بناصيته خجلاً. فليصرف سيدي زنديه صفحاً. ويضرب عن تتبع تبعاته عفواً وصفحاً. فقد جاء ملقياً للمعاذير. معترفاً بالقصور لا التقصير. وسيدي أكرم الناس شنشنه. وأولى من ستر سيئة ونشر حسنه. فلعل سيدي أن يغمض عن قذاه عين التغاضي. ويلحظه بعين محب راضي. فإن الرضى عينه عن العيوب حسيره. كما أن عين السخط بالذنوب بصيره. والكريم من أقال عثرة الكرام. واللئيم على هفوة المعترفين نمام. والانسان إلى شاكلته يجمح. وكل اناء بالذي فيه يرشح
ما كريم من لا يقيل عثارا
…
لكريم ويستر العوراء
إنما الحر من يجر على الزلات
…
منه ذيلاً ويغضي حياء
هذا وأنا أهدي إلى سيدي سلاماً رقيق الورود دقيق البرود. ألطف من ورد الخدود وأحسن من تفاح النهود. وأعذب من ماء البارق. وأرق من فؤاد العاشق. وأزهى من نور غيضه. وأبهى من روضة في بيضه. وأبهج من خريدة مشنفه. في حبرات مفوفه. وأحلى من رشف الثغور. وأسنى من الدر في نحور الحور. سلاماً لو تصور لكان مسكاً فائحاً. ونوراً لائحاً. يفوح في مقعد صدق قدسي. ويلوح من فوق عرش وكرسي. تهبط السكينة بأسراره المصونة. وتنزل به الملائكة والروح. إلى تلك الربوات والسوح. ويغشى تلك النفوس. التي لا يتلوث بها رحيق رجس النفوس. ويحيها عن الحي القيوم. بختام الرحيق المختوم. ورحمة الله سبحانه. وروحه وريحانه. فراجعه والده بقوله
رجوع شباب أم ورود كتاب
…
أزال خطوباً للنوي بخطاب
وأبدل وهني قوة وأعاد لي
…
وقد كنت شيخاً عنفوان شبابي
سطور بها شرح الصدور وجدتها
…
طلاسم قد جاءت بكل عجاب
فعلقها عند الكروب تميمة
…
لتفريج هم أو لنيل طلاب
وما ذاك نفث السحر إذ هو باطل
…
وهذى أنت ملأي بكل صواب
فلا غرو أن غاضت مياه قريحتي
…
وتاه بها عقلي وغاب صوابي
فإني ترى لي في الاجابة مسلكاً
…
يناسبها إن رمت رد جوابي
فبسطاً لعذري أيها الولد الذي
…
بخفض جناح منه رفع جنابي
روضة بلاغة أنيقه. وحديقة فصاحة غديقه سقت سماء المعاني أرض ألفاظها كإنباتها وهبت عليها لواقح البيان فنتجت في أحسن الصور أبناؤها وبناتها. وتبختر فيها ربيع البديع بزخرف حلل أنوار أنواره. فاهتزت وربت بزواهي زواهر مكنونات أسراره. فأوراقها من ورق الجنه. وأزهارها ضاحكة مفتنه. مفترة عن كل ثغر بديع. فكل فصولها دائمة الفواكه دانية القطوف وكل فصل منها ربيع. تتبادر فرسان نفائس المعاني على مضمرات سراكيب تراكيبها من يكون المجلى والسابق. ويتنافس منظومها ومنثورها في السبق إلى ما بين العذيب وبارق. فكلها مجل هناك لا مقبل ولا لاحق. فقر تبالغت في البلاغة إلى أن غدت لفوائد أساليبها خوارق. موشحة بسموط نظم لها معبد من نفسها ومخارق. خآر يد لم ترض همة منشيها من أبكارها إلا ما هو مبتكرها. وأبت أنفة قريحته التزين بعواري العواري وألذ لذوقه. مكررها. فبرزت للجنان جنان حور عين لم يمطمثهن أنس قبله ولا جان. فلا ينفعك المتنعم بها كل آن هو في شان.
حتى ينتهي إلى ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على الأذهان. ولم لا يكن كذلك ومنشئها ذو اليد البيضاء في معجزات البلاغة الذي آنس من جانب الطور نارا. والضارب بقلمه بحرها فلم يقبل الدر إلا كباراً. فلذلك رجع وهو من نفثة سحرها الكريم الكليم. وأصبح وعصى حجته تلقف ما صنع منهم كل سحار عليم. حتى ألقى سحرتها سجداً ومؤمنين برب حديثها القديم. قد رأوا من آياته عجباً من أسرار كهف صدره والرقيم بل هو ناموس البلاغة خاتمهم الأحمد المحمد. وكيف لا يكون كذلك وهو من العترة المحمديه ابن عبد الله محمد. فعليه من السلام أسناه. ومن الثناء أنماه وأهناه. وبعد فإن الولد الفذ البذ. المتخلق من طيب الخلال بما طاب وعذب ولذ. نور مصابيح زجاجات القلوب وروح الأرواح. وهز معاطف الأعطاف ورنح أغصان الأشباح. وسر أسرار نفيس الأنس وشرح سطور الصدور. بنفائس عرائس حور المعاني المقصورات من الاعجاز في القصور. التي اقتعدت مقاعد الصدق من صدور تلك الدور. التي كل موضع مفرداتها ومركباتها من المنظوم والمنثور. لملوك معانيها العزيزة في مقاعد اعجاز العزيزة كلها صدور. فهي سماوات فضل دارت أفلاك فخرها بدراري أنوار فصلا لخطاب.
وازدان رفيع منيع رقيمها بمصابيح السليقة العربية التي اختارها الله لأفضل نبي وأجل كتاب. فلا برحت قريحته السمحة السليمة عذيب بارق نصاح ينابيع الأدب. ولا انفكت مجلية تصلي وراها لواحق آداب من تأدب. وذلك أنها أخذت بجميع مجامع أحاسن أجناس القول وفصوله. ولم تدع نوعاً من محاسن الاحسان إلا وأحاطت بذاتيته وعرضيته ومقطوعه وموصوله. ولا غادرة بهيج زخرف بديع إلا وسحبت فواضل حبر حسنه في ميادين ايحاز الاعجاز وتطويله. محيطه بفنون الافتنان فلذلك انتظمت في أساليب الحسن. في كل فن منعمة بلطيف الادماج المسير بلطيف طرقه إلى استتباغ كل معنى حسن. لم تترك طريقاً من البلاغة إلا طرقته. ولا معنى من الفصاحة إلا خرقته. فلم تدع لمتكلم في قوس المعاني مترعاً. ولا أبقت لمنطيق في مواضع الاحسان موقعاً. فبماذا يجي من حاول الجواب لذلك القول الجامع. وقد أخذ من جميع طرق الاحسان بالمجامع. إلا عسى بالاغارة على ما حوته من اللفظ والمعنى. والقنوع بأنواع هنات السرقات ومن ذا بالسرقات استغنى. ولو شاء موشيها لترك للاجابة طريقه. ووسع لمخاطبه في الاشتفاء بمطارحته طريقه. فكم أردت ذلك فتبين بعد المناسبة بين بيانه وبياني. وكنت كلما حاولت ذلك يضيق صدري ولم ينطق به لساني. فلم أر في شرع البلاغة مجيزاً. لأن أقابل بحديد فكري من معدن ذهب منشيها ابريزاً. لكن لزوم الاجابه. أوجبها مع الاصابه وغير الاصابه. ولو اشترط استواء الابتدا والجواب في حسن المخاطبه. وأن لا يتفاوتا في كمال المناسبة.
لما سمى رجع الصدا جواباً ولا عدت حركات الحواجب وغمزات الجفون بين الأحباب خطاباً لكن ذلك عجز لماء حوض ملىء سري سروراً به حتى قال قطنى فلم أفزع منه على ما فاتني من الاحسان سنى. إذا كان عجزاً ممن يقول أنا منك وأنت مني وأقول له أنا أبوك وأنت ابني وإني لي بالشكر على ذلك وهو ممن يقول أنت شجري وأقول له أنت ثمري فغير بدع أن تفضل الشجرة الثمره فليجعل الولد البر من بره أن يعذر أباه عن عجزه في الاساءة فضلاً عن الاحسان فان أباه ولكنه عجزاً عاد الفرح به شباب السرور. وشب نار الحياة في القلب فشب شيخ السرور والحبور. فلا برحت غريزتك في العلوم النون. ولسانك في البيان القلم وصدرك اللوح وما يسطرون. والله سبحانه أسال أن يجعلك ممن هو على خلق عظيم وأجره غير ممنون. وأن لا يقطع عنك وعنا المراعاة بمعقبات رعايته إنه حميد مجيد. صبور رشيد. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين. والسلام ومن نظم السيد محمد المذكور هذه القصيدة الطائيه التي خاطب بها ابن عمه السيد عز الدين محمد بن شمس الدين بن شرف الدين وعاتبه فيها لكلام بلغه عنه
أعاتبه وهو المليك المكرم
…
وقبل افتتاحي بالعتاب أسلم
سلام على أخلاقك الغر كلما
…
تألق علويّ السنا المتبسم
سلام كزهر الروض صافحه الصبا
…
وراح بريا نشره يتنسم
كماء الصبا يجري بخد خريدة
…
فيزهو به ورد الخدود المنعم
سلام كأنفاس الحبيب اعتبقنه
…
ففاح به ثغر شهي ومبسم
على حضرة الملك الأعز الذي له
…
على صهوات النجم خيم مخيم
له شرف تهوى الدراري لوانها
…
لها شرف والشأو أعلى وأعظم
وبيت تملى فيه ذرارة ما أحبتي
…
ولا نهشل فيه يسوح مفخم
ولكنه بنيان مجد يشيده
…
امام محن أو مليك معظم
قواعد مجد للفخار قديمة
…
تأخر عن أدنى مداها المقدم
ليحيى أمير المؤمنين أساسها
…
وفيها لشمس الدين مثوى وملزم
وقفاهما في بيت رفع علاهما
…
فيقضي عليهم ما يشاء ويحكم
هو الفارس الحامي الذمار محمد
…
حميد الثنا بدر الكمال المتمم
بدا في سماء الفخر شمساً منيرة
…
تطيف به من آله الغرم أنجم
همام له فوق المجرة همة
…
مضت حيث لا يمضي الحسام المصمم
وليث هصور يتقى جيشه به
…
وطيس الوغى والحرب نار تضرم
علا للمعالي حد أرفعها على
…
وشيدها إذ أوشكت تتهدم
صبا قلبه بالمجد والمجد دمية
…
وما مهرها إلا بمعترك دم
ومن عشق العليا شاق فؤاده
…
حسام وخطى وطرف يحمحم
فيا حائز الغايات آياتك التي
…
سبقت بها مكشوفة ليس تكتم
رداء المعالي كان غفلاً فحيثما
…
ترديته حبرته فهو معلم
أمولاي يا خير الأنام نداء من
…
مودته ما عاش لا تتصرم
نداء أخ ما زال يسدي لسانه
…
عليك ثناء كالعبير ويلحم
ثناء يغير الوشى وهو مفوف
…
ويخجل منه الدر وهو منظم
ويفتر عن زهر الفراديس هرها
…
وباكرها دمع من المزن مثجم
كأجنحة الطاوس حسناً وبهجة
…
يذل له الروض الربيع المنمنم
ثناء لو أن الدهر ألبس برده
…
لما كان منه ماجد يتجرم
ثناء فتى شاقته منك شمائل
…
حلت فهي شهد أثملت فهي عندم
ودقت فكانت كالنسيم لطافة
…
وراقت فليست كالشمائل تسأم
وطابت ففاحت عنبراً وتنسمت
…
عبيراً فكادت في الوجوه تبسم
فما بالها في وجه ودي قطبت
…
وكاد محيا بشرها يتجهم
وقول أتاني عنك قلبي بسيفه
…
كليم وبعض القول كالسيف يكلم
تبيت له في القلب مني قوارض
…
تورقني والناس حولي نيم
يهيم ببحر الفكر منذ سمعته
…
فؤادي إذا السمار ناموا وهوموا
أقول أخي قد أصبح اليوم واجداً
…
ووجد أخي يشجي فؤادي ويؤلم
وكيف يظن السوء في لنيرب
…
نماها إليه شيخ سوء مذمم
وماذا الذي إن كان حقاً كلامه
…
ستحويه كفى ساء ما يتوهم
فتبت يداه كيف يعزو إليّ في
…
مقامك أسراً ليس لي فيه ملزم
وبعد معاداة المعادين غبطة
…
بلى علة ينحو عليها فتحسم
كآدم إذ عاداه ابليس عامداً
…
وليس له دخل عليه ولا دم
سعى بي واش لا سعت قدم به
…
وزخرف أقوالاً فقال وقلتم
اما قسماً بالمسبحن بطيبة
…
وحلفي عن حنث ابر وأكرم
لئن كان قد بلغت مني جنابة
…
لمبلغك الواشي أغش وأظلم
فرقاً ورعياً للاخاء فإنني
…
أخوك الذي يلوى عليك ويرام
يصون ويرعى سالفات عوارف
…
وينبى عن مكنونها ويترجم
فيا مالكاً قد جاني عنك انة
…
تمر بسمعي وهي صاب وعلقم
يقول فلان أنتم تعلمونه
…
وهل علموا إلا الذي أنت تعلم
وهل ذمتي إلا الحسود فإنه
…
ليعلم ما يشجيه عني ويرغم
ولو جاز اطرائي لنفسي سمعته
…
ولكن مدح المرء للنفس يحرم
عليك فسل عن شيمتي غير حاسد
…
يبث جميل الذكر لا يتلوم
يقل هو لا جعد على الوفر كفه
…
إذا ناله من بذله يتبرم
ولا ضرع إن فاقة فوقت له
…
سهاماً وللنعي وللبؤس أشهم
ولا هو إن نال الغنى قصر الغنى
…
على نفسه بل وفره متقسم
ولا هو منه إن راح عطلاً من الثرى
…
يرح وهو عطل من جلى القصد معدم
يكف جماح القول لا عن فهاهة
…
وإن قال لاعى ولا هو مفجم
وياتلق النادي بسحر بيانه
…
كان سناه في دجي الخط أنجم
وتحوى الغواني إن منظوم فكره
…
ومنثوره في حليهن ينظم
طغى قلمي فاصفح فإنك هجته
…
بمالكة فيها عليّ تحكم
تجنيت لي ذنباً لتعذر جانياً
…
كذا الغر إذ يكوى صحيحاً ويسلم
فلا غرو إن فار الاناء بمائه
…
ومن تحته نار الفضا تتضرم
وإن كمالي منتم ونقيصتي
…
إليك وإن أثلم فإنك تثلم
فعرض أخي عرضي وعرضي عرضه
…
ولي لحمه لحم ولي دمه دم
أمولاي يا من خلقه الروض ناظراً
…
يروح له يرتاح من يتوسم
أعيذكما لا حزت خصل رهانه
…
فجاوزت شاؤاً دونه النجم يحجم
وحلماً تزول الراسيات وركنه
…
شديد المباني لا كمن يتحلم
وقلباً ذكياً مشرباً المعية
…
اياس لديها أغلق القلب أفدم
أعيذك أن تصغي إلى قول كاشح
…
يحبر زوراً وشيه ويسهم
يوافيك في برد التملق كاذباً
…
وتحسب غفلاً برده وهو أرقم
وكيف وأنت الفحل جاز محاله
…
عليك لعمري أنت أذك وأعلم
وهل في قضايا العقل مولاي أنه
…
لديك يصدي صارمي ويكهم
أخي إن كففت الخير فالشر كفه
…
كفافاً يكن إن الكفاف لمغنم
فرفقاً بنفس من مقالك أوشكت
…
تذوب وكادت حسرة تتصرم
أقول إذا جاشت عليه وأزرمت
…
وعادتها من جفوة الخل ترزم
هنيئاً مريئاً غير داء مخامر
…
لمولاي مني ما يحل ويحرم
أمولاي من يرضيك كل خلاله
…
وأي فتى في الناس قدح مقوم
كفى المرء نيلاً أن تعد ذنوبه
…
فتحصى ومن ذا من أذى الناس يسلم
وإني على ما كان مثن وشاكر
…
مدى الدهر لا أشكو ولا أتظلم
ولست بناس ذكر أخلاقك التي
…
بها أنا مهما عشت مغرى ومغرم
فلا تحسبني صارماً للثناء إن
…
ثناك من الواشين ظن مرجم
وحقك إني ما حييت لوامق
…
شمائلك الحسنى محب متيم
وهل يقلع الانسان مقلة نفسه
…
وإن بات من هوارها لا يهوم
وليس انتزاحي عن جنابك جاحداً
…
عوارف يدري حقها اللحم والدم
ولكن اخواناً أبوا لي فراقهم
…
فطاوعتهم والقلب بالشوق مقيم
ولا صارفاً ودي لغيرك صادقاً
…
به عنك يابي لي الوفا والتكرم
فؤادك أبغى أن يكون مكانتي
…
به حيث لا يوفى وشاة ولوم
إذا صح لي من قلبك الود وحده
…
ظفرت فلا أسى ولا أتشدم
وما لي إلى ماء سوى النيل حاجة
…
ولو أنه استغفر الله زمزم