الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاضي تاج الدين بن أحمد
بن إبراهيم المالكي المكي
فاضل طوى على الفضل أديمه. وأديب نش به من الأدب حديثه وقديمه. فاستخدم من الكلام حره ورقيقه. وأصبح وهو القاضي الفاضل على الحقيقه. طلعت شمس محتده من المغرب. وطارت بنظيره عند كمال بدره عنقاء مغرب. فلم يكن في آخر الوقت من علماء الحرمين من يجاريه أو يباريه. فأقر بوحدانيته في الأدب لسان القلم وهو باريه. نظم ونثر. وأحسن العين والأثر. فدبج الطروس بوشي يراعه. وأبهج النفوس بحسن اختراعه. إلى دماثة أخلاق تستنير بها الليالي الجون. وطيب شيم أرجت نفحته أرجاء الصفا والحجون. وكان امام المالكية بالمسجد الحرام. ومرجعهم في مسائل الحلال والحرام. وقد رأيته بمكة شرفها الله تعالى. وهو كافوري الشعر مسكي الثناء. يبهر العيون والقلوب سنا وسناء. ولم يزل في جاه وجيه. وعز لا يقنط مرتجيه. حتى وافته منيته. وانقطعت من الحياة أمنيته. فتوفى سحر يوم الخميس لثمان مضين من شهر ربيع الأول عام ست وستين وألف وحضرت الصلاة عليه وشيعت جنازته مع جميع أكابر مكة المعظمة إلى مدفنه ودفن بالمعلاة عصر ذلك اليوم. وها أنا مورد من سجعه وقريضه. ما يقصر طويل القول عن نعته وتقريظه. فمن انشائه ما كتبه عن لسان سلطان مكة المشرفة الشريف زيد بن محسن إلى مولانا السلطان خلد الله ملكه. وأجرى في بحار النصر فلكه. في شان الوالد عام دخوله الديار الهنديه. وكان قد تكرر من مولانا السلطان طلب إرسال الوالد إلى حضرته من الشريف المذكور ونصه ما صدع خطيب اليراعه. ولا صدح عندليب البراعه. بأحسن من سلام يغدو من أهله إلى محله. ويبلغ بلوغ الهدى الواجب إلى محله. مشفوعاً بثناء ينفح عند نشره الوجود. ويفضح ببشره الروض المجود. يتلوهما بث اشتياق ووداد. واخلاص واتحاد. إلى الحضرة التي شيد على أساس العز بنيان مجدها. وأشرق في أوج الجلالة طالع سعدها. والذات التي هي جوهرة تاج الملك. وواسطة عقد ذلك السلك. خلاصة الملوك الذين خفقت على مفارقهم البنود. وتشرفت بالسير في ركابهم العساكر والجنود. وخضعت لهيبتهم الضواري من الأسود. وتواضع لجلالتهم السيد والمسود. حائز فضيلتي الفخر والجلاله. وحاوي منقبتي الكرم والبساله. ووارث العظمة التي لم يك يصلح إلا لها ولم تك تصلح الإله. وراقي معارج المجد الذي جر على المجرة أذياله. ومجرى أنهار الكرم التي واردها لا يظما. وناظم شمل المعاني التي أعجز البلغاء وصفها نثراً ونظماً. مولانا السلطان أبو المظفر عبد الله قطب شاه لا زالت رايات إقباله منشوره. ولا برحت آيات إجلاله على صفحات الدهر مسطوره. وبعد فان السيد الجليل. العريق الأصيل. الفائز عند الاستهام على الفضائل بالقدح المعلى. القائم على قدم أسلافه في سلوك الطريق المثلى. ذا القدم الراسخ في جميع العلوم. السيد الجليل أحمد بن معصوم. هو كما علمتم قد غذى لبان الفخر والجلاله. وورث العلوم عن غير كلاله. وروى حديث العظمة عن أسلافه بالسند الموصول. وبهر العقول في المعقول والمنقول. ومهر في تحقيق العلوم. وملك أزمة المنثور والمنظوم. وجمع ذلك إلى ما اتصف به من شرف النسب. واحتوى على طرفي الكمال الغريزي والمكتسب. فهو الذي إن افتخر بنفسه كان له منها عليها شواهد لكل راء وسامع. أو إن فاخر بآبائه قال
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وقد أحلته فضائله لدينا من المكانة أعلى مكان وأرفع محله. وحلته أوصافه وشمائله بحلى الكمال الذي احتسى به منا صفوة الاصطفاء واكتسى به حلة الخله. بحيث كنا لا تخطر مفارقتنا له في الأوهام. ولا نجوز أن نتصور بعده عنا ولو في الأحلام. ولكن لما تكرر الطلب منكم له المرة بعد المره. وفهمنا الرغبة منكم في وفوده على تلك الحضره. وعلمنا أن تصوركم لصورة أدبه وكماله لا ينفك عن التصديق. وتحققنا إن مقدمات أفضاله وفضائله لمقدمة لديكم بديهية الانتاج لكونها مسلمة بالتحقيق. وجزمنا بأن الخبر عند ملاقاتكم له سيصغر الخبر. وإن الأذن لم تكن سمعت بأحسن مما قد رآه البصر. سمحنا له بالتوجه إلى ذلك السوح المعشب المراد. والنادي الذي يبلغ الأرب مريده فكيف بمن كان هو المراد. فالمأمول مقابلته بما يجب له من الاجلال. ومعاملته بما يقتضيه ما اشتمل عليه من كرم الصفات والخلال. بحيث يكون لديكم في منزلة دونها السها. ورتبة ليس وراءها منتهى.
ومنه ما كتبه عن لسان الشريف المذكور أيضاً إلى السيد محمد بن الحسن القائم بالدعوة في الديار اليمنية وقد أجاد ما وشى. في هذا الانشا. ما روضة غناء جادها الغمام. وسجع على أفنانها الحمام. وتفتقت فيها كمائم الزهر. وتبخترت فيها نسائم السحر. وتمايلت أغصانها. وتمايدت أفنانها. وجرت في جداولها الأنهار. وشدت في خلالها بلابل الأطيار. بأطيب أرجا. وأطرب هزجا. من صفات مولانا حين تنفح روائحها. وترنم صوادحها. بأنه الذي أوتي من الكمال ما لوحظى به البدر لما سيم بالخسوف. أو الشمس لما تطرقت غليها أيدي الكسوف. وحاز من الشمائل ما لو حوته الشمول لما شينت بالتحريم. أو تمسكت بأذياله القبول لما فضلها النسيم. وحوى من الفضائل ما تشتت. وفصم قلوب الحساد وفتت. فكسيت أعطافه حلة الشرفين. وجمع بين طرفيها المستظرفين. فأضحي واسطة عقد آل بيت النبوة. ورابطة قضايا المكارم والفتوه. واعترف بالعجز عن أوصافه أرباب الفصاحة واللسن. مولانا الامام محمد بن الحسن. أدام الله سعوده. وجدد في معارج المعالي صعوده. اهداء نوافح السلام المبثوثه. وارجاء ركائب الشوق المحثوثه. فقد ورد الكتاب المحمدي الفائق بسبكه وصياغته. فآمنت به البلغاء ولا بدع في الايمان بالكتاب المحمدي وبلاغته. وكيف لا يفوق صنعاً. وهو من وشى صنعا. وموشيه البليغ الذي اعترف له خطيب عكاظ. ومنشيه الفصيح الذي استعبد حر المعاني ورقيق الألفاظ. ولعمري إنه لروض تفاوحت عباهره. وكست النسيم طيباً أزاهره. وسقت غرائسه أنهار الاخلاص. وزفت عرائسه في حبر الاختصاص. وجلاها على كفئها خير أب. بمقتضى ما أشار إليه مولانا من الاتحاد في النسب. والتحلي بحمد الله بفضيلته التي لا تكتسب. فيا حبذا ذلك الاتحاد والاتفاق. والتساوي عند الاستباق. شعر
ما بيننا يوم الفخار تفاوت
…
أبدا كلانا معرق ومطوق
وهذا جرياً على مقتضى الظاهر وسياق الكلام. والافانك المقدم في محراب الجلالة تقدم الامام. والسلام.
ومنه ما كتبه عن لسان مولانا الشريف المذكور أيضاً إلى سيدي الوالد مراجعاً ومعزياً له في والدته الشريفه المرحومة واتفقت وفاتها ليلة الاثنين لسبع عشرة خلون من جمادي الأولى سنة اثنين وستين وألف رحمها الله تعالى بعد إهداء سلام يتبخبر النسيم من عطره في غلاله. ويتعنبر كافور البطاح إذا جر عليه أذياله. إلى من تفرع من دوحة العظمة والجلاله. وترعرع في روضة سقاها المبدأ الفياض سلسبيل الفضل وسلساله. وتطلع في مرآة الزمان فرأى مثاله. ولم ير فيها أمثاله. فلا جرم لو كان العلم في الثريا لقال أناله فناله. ولا غرو إذا أقر الضد لسموه بقصوره عن أن يناله. كيف لا وهو الذي كسيت أعطافه حلة الشرفين فنشأت فيهما مختاله. وأضحى نسيب الطرفين أباً وعماً وأماً وخاله. وأحاطت بنير شهابه من ضياء العلوم هاله. وود البدر انهاله. السيد السند الأمجد الذي كمل الله كماله. الأمير نظام الدين أحمد. أدام الله إقباله. وبلغه من خيري الدنيا والآخرة آماله. وبعد فلا يخفاكم إن الله خلق النوع الانساني وقدر آجاله. ولم يجعل الخلد لبشر فليس البقاء والدوام الإله وجعل أعظم دليل يتاسى به المصاب وفاة خاتم النبوة والرساله. ولما كان ممن حان موافاة أجله وقدر الله انتقاله. الشريفة المدفونة قبل الترب في كرم الخلال صيلة وجلاله. الوالدة التي تفرعت من أزكي عنصر وتفرع منها أطي بسلاله. أجابت داعي الله وآثرت نزله ونواله. فأعظم الله لكم فيها الأجر وأفاض عليها سحائب غفرانه الهطاله. وأفرغ على فؤادكم ملابس الصبر وقضي لعمركم بالاطاله. وأدام لكم الصحة المشعر بها كتابكم الذي اشتمل من بديع البيان على سلافة وترك لسواه جرياً له. واحتوى على زلال المعاني وأبقى لما عداه الحثاله. ففهمنا مضمونه منطوقاً ودلاله. وسررنا بما احتوى عليه من كونكم تتفيؤن من روض الصحة والسرور ظلاله. وما ذكرتموه من وصول هديتنا إلى ناشر لواء العداله وحائز فضيلتي الكرم والبساله. ومقابلتها بالقبول من المهدي له. فذلك المأمول من مكارم أخلاقه أدام الله أفضاله. وعرفتم بوصول الحصان المرسل منا إليكم. فجعله الله مركوب المعزة التي لا تزال سابغة عليكم. وما أشرتم إليه من تشوقكم إلى المشاعر المكيه. والأباطح المسكيه. وتشوقكم للاجتماع بنا في تلك الأماكن الزكية. فالله تبارك وتعالى في حضرة قدسه. يختار للعبد ما لا يختاره لنفسه. ونرجو أن يختار لكم ما هو الأولى. في الآخرة والأولى. والسلام.
ومنه ما كتبه إلى الوالد أيضاً
يا نسيماً يفوق نسمة نجد
…
طالما هجت لي غرامي ووجدي
ولقد رابني شذاك فبالله
…
متى عهده باطلال هند
ربما ظن من ليس له طبع وزان. إن رتبة بيدقه في رقعة الاعتراض رتبة الغرزان فبادر بالملام. واعترض بأن المقام يستدعى تحلية هند بالألف واللام. فكأني أنظر إلى مولانا وهو يبين له خطأ ظنه. ويعين له بإقامة الوزن سقوط وزنه. ويجرعه مرارة تلك التحليه. ويذيقه حلاوة هاتيك التخليه. ولما كان هذا العاثر ومثله لا يقال. تصورت إن المولي يتبع المقال السابق بلا يقال. إن هند كناية عن المخصوص بالوداد. لما علم قصد المحبين بمثل دعد وزينب وسعاد. لأنا نقول طريقتهم التي لا انقضاض لها ولا انتكاث. الكناية بتلك الأسماء عن المخصوص بالوداد من الاناث. اللهم إلا أن يقال نزل البيت منزلة الأمثال. التي لا تغير عند الاستعمال. فيمكن حينئذ أن نسلم. كما يمكن أن نريد بهند القطر المعروف مضافاً لياء المتكلم. وتكون الاضافة حينئذ لدنى ملابسه. والمعنى على هذا غير خاف على من له علم بأحوال القلوب وممارسه. ولما انتهى تصوري لكلام ذلك النحرير. وما أراده وأورده من الرد والتقرير. أفقت من سكرة التصور والتصوير وعلمت إني جنيت بتقديم ما حقه التأخير. واستغفرت من وقوع الحاجب. عن تقديم ما هو الواجب. من تقبيل أياديك. وإهداء شريف التحية لناديك. وبذل الدعاء لك وعلى أعاديك. وبث الشوق الذي طما بحره. والأسف على الشمل الذي تحلي بالعطل نحره. على أني أعتقد أن سيدنا الذي هو بطرق البلاغة أدري. يقيم للمملوك بقصد التفنن في التعبير عذراً ويرفع عن وجوه استحسان ذلك ستراً. ولا أقول يسبل ستراً. أدام الله تعالى ذاتك للأيام شمساً ولليالي بدراً. وأطلع نجوم سعادتك في سماء المعالي زهراً. والسلام. ومنه ما كتبه إلى الشيخ محمد بن حكيم الملك وهو باليمن وصدره بهذه الأبيات من شعره
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا
…
علينا فقد أضحى هواناً يمانيا
هلموا فلو أني استطعت لزرتكم
…
وحق أكيد الود رجلان حافيا
ولكن عدت عن ذاك بل عن كتابتي
…
إليك عواد أمرها ليس خافيا
أقم بجميل الظن لي عذر مخلص
…
فإن عهود الود منى كما هيا
وإن عز شرحي ما لقيت من الأسى
…
فهذا لسان الحال قام مناجيا
فحث مطايا الحزم في العزم نحونا
…
سراعاً لعل الله يدني التدانيا
فقد يجمع الله الشتيتين بعد ما
…
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
يا مولانا شغلني البداءة بالأهم من استجلابك. وافهام ما هو الواجب لك والأولى بك. عن رد السلام. واداء الواجب من تقبيل أياديك الكرام
فشغلت عن رد السلا
…
م فكان شغلي عنك بك
فأهدي بعد أداء الفرض. من تقبيل الأرض. ثناء كالروض المجود. وسلاماً يتأرج منه الوجود. وأنهى ما من الله به سبحانه وتعالى بعد تلك الشدائد. من تداركه بجزيل فضله وجميل العوائد. وكان من أجل ذلك خبر سلامة مولانا وبقائه. رافلاً في مطارف عزه وارتقائه. والتباشر بقدومه ووصوله. وبلوغ المرام وحصوله. وطالما أجلسا الافهام. وأحلنا الأوهام. في سبب تأخير الوصول. فنقع بعد تحصيل الحاصل على غير محصول. لا سيما بعد أن صدرت إليكم الكتب الجالبه. ولكن مقادير الله تعالى هي الغالبه. والغائب حجته راجحه. ومحجته في التأنى واضحه. وإن سألتم عن حال الأولاد والعيال. فهم في أسر حال وأنعم بال. مشمولين بنظر سيدنا ومولانا الحرز المنيع. والكهف الرفيع. والمقام الباذخ. والمرام الشامخ. مولانا السيد رضوان. المقلد بمآثره جيد الزمان. أمتع الله الوجود بحياته. ولا أخلى من شريف ذاته. فإنه يا مولانا قد فعل الفعل الذي يبقى ذكره. ويؤرج الأرجاء نشره. وأربى على من سبقه من الكرماء الأوائل. وطار صيت ثنائه في العشائر والقبائل. لم يترك طريقاً من طرق الامكان إلا سلكه. ولا وجهاً من وجوه الاجتهاد إلا استدركه. وبذل فيما يعود نفعه عليكم الرغائب. والحاضر يرى ما لا يرى الغائب وبالجملة فقد سعي في أمركم سعي الأب الشفوق. في مصالح الولد البار البري من العقوق. فنسأل الله تعالى أن يخلد سعادته. ويؤيد سيادته. ويفتح له أبواب الخير ويقيه كل مكروه وضير. وإن سألتم عن المملوك فهو بحمد الله بخير وعافيه. ونعمة من الله ضافيه. بعد تقلب أحوال. وتغلب أهوال. وفيما قدمناه كفايه. لمن له سمع ودرايه. كتبت على عجل. والمسؤل من الله عز وجل. أن يجمع الشمل بكم على أحسن الأحوال. ويسمعنا عنكم ما يقر به البال. والسلام.
ومنه ما كتبه تقريظاً على تصدير وتعجيز لشيخ تقي الدين السنجاري. الآتي ذكره في هذا الفصل لقصيدة المتنبي التي مطلعها شعر
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
وقد استعمل في بعض فقراته الابهام من البديع. الحمد لله الذي جعل روضة الأدب جنة جارية الأنهار فلا تزال رياً. وأورث تلك الجنة من عباده من كان تقياً. أحمده على أن زين سماء الفضائل بنجوم كلما انقض كوكب منها اطلع كوكباً سنياً. وأشكره على أن أكسب المتحلى بها شرفاً يحيي به ذكراً. ويحيي قدراً. ومكاناً علياً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي أنزل على عبده قرآناً عربياً. وأعجز البلغاء أن يأتوا بسورة من مثله حصراً وعياً. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث هدى ورحمه. القائل إن من الشعر لحكمه. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه. وشيعته وتابعيه وأنصاره وذريته وأحزابه. صلاة وسلاماً دائمين متلاحقين تلاحق الأفكار. متعاقبين تعاقب العشي والأبكار. ما صدح عندليب البراعه. وصدع على منبر البيان خطيب اليراعه. وبعد فقد وقفت على هذا التصدير الذي تصدر صاحبه على أقرانه. والتعجيز الذي أعجز ببرازته في مضمار رهانه. المجعول بيت قصيده وواسطة در فريده. أعظم سلاطين العصر. أشرف الأساطين الحاف بألوية النصر. ملك الحجاز وابن ملوكه. حلية جيد الفخر وواسطة عقد سلوكه. ذي الشيم التي أنبأت عن كرم العناصر. والهمم التي أنالته من المناقب ما تعقد عليه الخناصر. والهيبة التي تركت الأسود وأجمة في الآجام. وطرقت حتى قلوب الأجنة في الأرحام. ليث السراة الصيد من بني هاشم. غوث الطريد فما لجاره من حاشم. الشجاع الذي تحدث عن وقفاته الخيل والرجل. وتكاثر مآثره الحصى والقطر والرمل. الملك المفتخرة بدولته الأيام والليالي. الجواد المجمع بتشتت شمل ماله شمل المعالي. الطود الذي لا يعتصم منه بشوامخ الجبال ولو تحصن فيها الأعصم لا نصدع. الهمام الذي ما تناهيت في وصي مناقبه إلا وأكثر مما قلت ما ادع. سلطان الحرمين الشريفين. الذاب ببيضه وسمره عن المحلين المنيفين. سيدنا ومولانا السيد الشريف المحسن بن الحسين بن الحسن. خلد الله ملكه على توالي الزمن. آمين. فإذا منشيه قد أجاد في النظم والانشا. وما كل من أخذ القلم وشى. ووفق بعجيب تصرفه بين معوج المعاني ومعتدلها وطابق. وكأنه قصد الرد على الطغرائي في قوله وهل يطابق. ولعمري لقد نسق ذلك التصدير نسق التسطير. وسبك ذلك التعجيز سبك الابريز. فتراه إذا أخرج بيتاً عن معناه. تلاعب به فيما اخترعه من مبناه. وإذا طبق المعني بالمعنى وأبقاه على أصله. أوصله إلى غاية الاعجاب بفعله. وألف بينهما ائتلاف اللحم والعظم. ودل بذلك على علو رتبته في النظم. وكيف لا وهو الفاضل الذي فاق الأقران. وطلع نجمه في أسعد قران. الشيخ الأوحد. ذو الكمالات التي لا تجحد. أبو الفلاح تقي الدين بن الشيخ يحيى شرف الدين السنجاري. المكاثر بمآثره الدراري. فلقد حقق فيه الظنون. وشارك في شتى من الفنون. وغذى لبان حب الكمال في المهد. وخطب عروس الفضيلة فأجابته سافرة الوجه بادية النهد. وأمهرها تطليق النوم ومواصلة السهر. في اكتساب ما تتشنف به المسامع ويطيب معه السمر. فلم يزل فيما يشرف الفكر. ويصل على تلك الحال عشياته بالبكر. ويداب في الاشتغال والتحصيل. ويتعب نفسه في التفريع والتأصيل. ويطابق بينهما مطابقة الاجمال للتفصيل. إلى أن حصل من ذلك على ما ترجم عنه لسان حاله. وبرهن عليه ببيان مقاله. وسودته النفس العصامية على أقرانه وأمثاله. وسولت له همته العلياء حكاية حياكة ما لم ينسج على منواله. فقصد أن يسبك درر الأسلاك. ويتصرف فيها تصرف الملاك. أو المنجم الماهر في إدراك الأفلاك. فانتبذت منه مكاناً قصياً. وقالت لعلمها بقدرته على تصرفه كيف شاء أني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً. فما فتئ حتى سبكها في قالب الألفاظ. وسبكها في سوق العبارة لا في سوق عكاظ. وأماط عن وجوه المعاني البديعة النقاب. وأتى في ذلك بالعجب العجاب. فالله أسال. وبنبيه أتوسل. إن تبلغه من خيري الدنيا والآخرة ما أمله. ويسهل له كل طريق أم له. آمين. والحمد لله رب العالمين.
وكتب إليه أيضاً مراجعاً وضمنه لغزاً في خوخ أهداه إليه وقد أبدع. فيما أودع.
لم أؤخر عمن أحب كتابي
…
لقلىً فيه أو لتركي هواه
غير إني إذا كتبت كتاباً
…
غلب الدمع مقلتي فمحاه
تشوقاً إلى تلك الذات. وتشوقاً إلى شهى تلك الفاكهة التي لا يعد لها شيء من اللذات وهذا تماد من المخلص مع أهل الظاهر خشية الانتقاد. وإلا فقد قضى امتزاجه بك أن يقول وهو أشعري العقيدة بالاتحاد.
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
…
نحن روحان حللنا بدنا
كيف أقول لمن هذه حالتي معه أوحشني. أم كيف أدعي شوقاً إلى من إذا أبصرني مبصر أبصره وإذا أبصره أبصرني. أم كيف يصح أن أسلك باطناً هذه الطريقه. فيمن إذا دعوت له كان الدعاء لنفسي في الحقيقه. فلا غرو إذاً إذا قلت أدام الله تقلبه في رياض السلامه. مع انتظام أحواله في سلك الاستقامه. وأحيا به رفات العلوم. ولا برحت أفنان أقلامه تثمر فنون المنثور والمنظوم. آمين. وبعد فقد وصل ما تفضلتم به من الفاكهه. التي أملت علي صفاتها ما سطرته في صحيفة المفاكهه. وذلك إن كمام طرفها تفتح عن ثمر مستوي الأول والآخر. تشتمل جملته على مضمر مباين للظاهر. جمعت بعض أفراده بين لوني الخجل والوجل. ودلت على بديع صنع الله عز وجل. طالما فارق وطنه عند ما لعب به الهوى. وانقاد لسلطانه مع ما في أحشائه من مرارة النوى. ربما أشكل على أرباب الهندسه. حيث خلق كروي الشكل وهو ذو أجزاء مسدسه. له فك وليس بحيوان. وفي القلب منه سر إذا قلب أدرك حقيقة الانسان باللسان. لا يغيب شيء منه عنك في سفرك وهو في أبان عدمه. وترى له أبداً شامة على رأسه واخرى تظهر أحياناً على قدمه. إن جوز ترخيمه النحوي فهو في يده بقى فرساً يمرح على رؤس الأصابع. وإن عكس صياغة لفظه اللغوي رأى منه السادس بغير سابع. وإن صوغ خرمه العروضي كان تصحيف باقيه آلة جماع وإن صير الحلاج كلا من حاشيتيه مكان الاخرى طاب على ما حشى به الاضطجاع. وإن تصرفت فيه بالذوق فسكر. ومن عجيب أمره إنه يؤنث المذكر. وترى حليلة آكله حصرم عنقودها لا يتزبب. فتطلب من حليلها الفراق وتتسبب. وله اسمان يقرا أحدهما طرداً وعكساً في الكلام. لأنه ثلاثي والمبتدا منه كالختام. فشكر الله تعالى فضل مهديها. وأدام بسطة يده التي ساقت مهراً لأبكار طال تعنيسها في فكر مبديها. والسلام. ومن إنشائه أيضاً خطبة نكاح خطب بها لعقد سلطان الحرمين زيد بن محسن على ابنة السيد حمزة ابن موسى بن بركات وهي الحمد لله الذي بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم هدى ورحمه. وفضل أمته بنص الكتاب فقال سبحانه كنتم خير امه. وميز من شاء منها بالمزايا التي اقتضتها الحكمة الالهية والقسمه. فاختص زيداً من الأمة بكونه أفرضها. وأملكه بذلك زمام الجلالة التي أسندها إليه وفوضها. واصطفى أهل البيت الذين اطلعهم في سماء الشرف زهراً. ونفحهم بعطر ريحانتي الروضة الزهرا. ثم اجتبى من أهل البيت آل الحسن والحسين. وخول محسنهم سيادة الدنيا وسعادة الاخرى ففاز بكلتا الحسنيين. فأحمده على أن جعل بيتهم الشامخ بيت القصيد. واصطفى منهم لحماية هذا البيت السراة الصيد. وحض على طلب ودادهم من عباده عجماً وعرباً. بآية قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى. وطهرهم من الرجس بنص الكتاب فتقدس باطنهم وظاهرهم. وألبسهم لباس التقوى فصدق إذ قال شاعرهم.
آل بيت النبي طبتم وطاب المدح
…
لي فيكم وطاب الثناء
سدتم الناس بالتقوى وسواكم
…
سوّدته الصفراء والبيضاء
ولا غرو إن أنشد لسان مفاخرهم مفاخرهم من الورى
هم الأولى إن فاخروا قال العلى
…
بغى امروءٌ فاخركم عفر الثرى
هم الذين جرّعوا من ما حلوا
…
أفاوق الضيم ممرات الحسا
إذا الأحاديث انتضت أبناءهم
…
كانت كنشر الروض غاداه الندى
لا يسمع السامع في مجلسهم
…
هجراً إذا خالطهم ولا خنا
عمر الله بوجودهم الوجود. وخلد فيهم ملك أسلافهم الموروث عن آبائهم والجدود. شعر
آمين آمين لا أرضى بواحدة
…
حتى أضيف إليها ألف آمينا
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي جدع بالحلال أنف الغيره. وبين بما شرعه لعباده الحلال وغيره. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله الذي غاضت عند بعثته بحار للجهالة متلاطمه. وفاضت أنهار شريعته التي أضحت عن ارتضاع ثدي المحرمات فاطمه. صلى الله عليه وآله وسلم الذين منهم أسد الله حمزه. وعلى أصحابه الذين بهم أيد الله الدين وأعزه. صلاة وسلاماً دائمين ما هبت الشمال والقبول. متقارنين تقارن مقارنة الايجاب للقبول. أما بعد فإن النكاح جنة. يتقى بها الفتنة. وجنة يتلى على متفيىء ظلالها اسكن أنت وزوجك الجنة تثمر رياضه الرحمة بين الزوجين والوداد. وتطلع زينة الحياة الدنيا إذا حملت غرائسه ثمرة الفؤاد. وتسفر ليلته عن طرة صبح تحت أذيال الدجى. ويتبلج يومه عن شمس تتوارى بحجاب الحجال والحجى. وهو الغرض الذي لا يخطىء قاصده الاصابه. والعرض الذي لا يقوم إلا بجوهر أفخر عصابه. والحصن الذي يعتصم به عن الوقوع في حمى الحرج. ويحتمي به من مصارع الفحول لتي هي ما بين معترك الأحداق والمهج. والوسيلة التي يتوسل بها الآخذ بزام التقوى إلى مطلوبه. وينشده بلبل الأفراح هنيئاً لمن أمسى سمير حبيبه. وناهيك في فضلها ما ورد فيه من الآيات. والأحاديث الثابتة في صحيح الروايات. فقال عز من قائل. " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل ". وقال تعالى علواً وقدراً. " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً ". وقال تعالى مبيناً ما فيه من الفوائد الجمه. " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ". وقال صلى الله عليه وآله وسلم وهو القائل خذوا عني. النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني. وقال صلى الله عليه وآله وسلم مبيناً ما فيه لهذه الأمة من سني الكرامه. تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامه. وقال صلى الله عليه وآله وسلم مبيناً ما له من سني الرتب. ركعتان من المتزوج أفضل من سبعين ركعة من العزب. وقال صلى الله عليه وآله وسلم منبهاً على مزية الابكار وفضلهن الكثير. تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وانتق أرحاماً وأرضى باليسير. وقال صلى الله عليه وآله وسلم مظهراً لفضله ومبدياً. أربع من سنن المرسلين التعطر والنكاح والسواك والحيا. وقال صلى الله عليه وآله وسلم مرغباً فيه ومنفراً عن الطلاق لما فيه من الارش. تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز منه العرش. وقال صلى الله عليه وآله وسلم منبهاً على ما يرغب فيه لتلتمس أيها الشخص هداك. تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. وقال صلى الله عليه وآله وسلم محذراً من رد الاكفاء أشد تحذير. إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. والآيات الواردة في شأنه كثيره. والأحاديث الناطقة بفضله أظهر من شمس الظهيره. وفيما ذكرناه من ذلك كفاية ومقنع. لمن كان بمرأى من التوفيق ومسمع. هذا وأمر الله تعالى يجري إلى قضائه. وقضاؤه يجري إلى قدره. ولكل قضاءٍ قدر. ولكل قدر أجل. ولكل أجل كتاب. يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. ولما قضى الله تعالى باجتماع النيرين في أسعد البروج. وأخذت سعود هذا القران في العروج. رغب سيدنا ومولانا سلطان الحرمين الشريفين. حامي حمى المحلين المنيفين. شرف التخوت والمنابر. وإرث الملك كابراً عن كابر. إنسان عين الملوك وعين إنسانها. سلطان هذه الأقطار المشرفة به وابن سلطانها. الملك الذي ألقت إليه الخلافة مقاليدها. وكتبت باسمه تقاليدها. ممهد قواعد الدولة التي ابتهجت بها الأيام. وحسنت حتى كأنها في فم الزمن ابتسام. ليث السراة الصيد من بني هاشم. غوث الطريد فليس لجاره من حاشم. ذو المواقف التي تحدث عنها الخيل والرجل. والحملات التي لا تثبت لها الابطال ولو إنهم عدد الرمل شعر
لو مثل الحتف له قرناً لما
…
صدته عنه هيبة ولا انثنى
ولو حمى المقدور منه مهجة
…
لرامها أو يستبيح ما حمى
تغدو المنايا طائعات أمره
…
ترضى الذي يرضى وتأبى ما أبى
الشهم الذي جمع أشتات المعالي فلم يترك شيئاً ولم يدع. الهمام الذي ما تناهيت في وصفي مناقبه إلا وأكثر مما قلت ما أدع. بدر أفق الملك الذي لم يكن في غرة الشهر هلال. حائز أزمة المجد بيمينه ولو شاء حازها بالشمال. قادح زناد السعاده. ساحب ذيل الفخر والسياده. طراز العصابة الهاشمية الأسمى. فرع الشجرة الزكية التي أصلها ثابت وفرعها في السما. واسطة عقد المجد والشرافه. تاج الشرفاء وصدر الخلافه. ناشر لواء العدل والفضل والمنن. سيدنا ومولانا الشريف زيد بن محسن بن الحسين بن الحسن
نسب كان عليه من شمس الضحى
…
نوراً ومن فلق الصباح عمودا
نسب تحسب العلى بحلاه
…
قلدتها نجومها الجوزاء
خلد الله دولته الفاخره. وأفاض شآبيب الرحمة على أصوله الظاهره. فرغب في السيدة الجليله. الشريفة المثيله. المحجبة في كلل المجد حتى عن أعين الكواكب. المحروس حجابها المنيع بسمر القنا وبيض القواضب. الممدود عليها ظل والدها سيدنا ومولانا المقام الكريم العالي. الراقي بحسبه ونسبه إلى أوج المعالي. واسطة عقد الفخر الثمين. رافع راية المجد باليمين. جامع شيم العز المنيع. حائز سجايا الجلالة والمهابة والشرف الرفيع. خلاصة بني الزهراء البتول. فرع الشجرة المتصلة بالوصي والرسول. راوي حديث الجلالة عن أسلافه الكرام حاوي قديم المجد عن أجداده ملوك هذا البيت الحرام. الذابين عن حريم حرمه بالسمهري والحسام صفوة السادة الأشراف وخلاصة آل عبد مناف ذي البسالة التي لا تضاهي. والصرامة التي لا تذيب الصوارم إذا انتضاها. والمناقب التي يعترف المدره البليغ بالعجز عن استقصاها. سيدنا ومولانا السيد حمزة بن موسى بن بركات. صان الله حجابها وأطال بقاء والدها وأفاض على أسلافه سحائب الرحمات. الآذن لي في تزويجها على كتاب الله وسنة رسوله وعلى مهر أمثاله المعلوم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من جميع الذنوب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم الحمد لله إن الحمد لله نحمده ونشكره. ونستهديه ونستنصره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا. وسيآت أعمالنا. من يهد الله فلا مضل له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده خير نبي أرسله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما هبت الرياح المرسله. ومن نظمه قوله مادحاً سيد البشر. والشافع المشفع في المحشر. صلى الله عليه وآله وسلم وسماها جواهر التاج. في مديح صاحب المعراج. وكان نظمه لها في عام زيارته وهو عام أربع وخمسين وألف.
طال المقام على ارجوحة الصغر
…
وبالغ الشيب في التحذير والنذر
وجيش ليل الصّبا فرت كتيبته
…
لما أتى جيش صبح الشيب بالبتر
فأغسل بدمعك جفناً بات مكتحلاً
…
بنومه واكتحل من إثمد السهر
وانهض لتصقل مرآة البصيرة من
…
غين الغشاء وما للذنب من أثر
إن الذنوب وإن جلت فإن لها
…
إيتاء ساحة طه سيد البشر
فشد حزم مطايا قصده وأنخ
…
ببابه والثم العتاب واعتذر
وقف تجاه شريف الوجه منه وقل
…
أسندت ظهري من وزري إلى وزر
ولذ بمن تفد الأملاك محدقة
…
به كما تحدق الهالات بالقمر
وناد يا نفس هذا البحر منهله
…
عذب الورود روى صفواً بلا كدر
مدى شباك الرجا في مدّ لجته
…
وادعى الإله لدى الشباك وانتظر
واستمطري غيث سحب الجود من يده
…
وأذرى المدامع لا تبقي ولا تذر
فهو الشفيع المرجي يوم لا أحد
…
سواه يشفع من خوف ومن خطر
أسرى به الله ليلاً ثم قرّبه
…
وأم في ليلة الاسراء كل سرى
وشرف الملأ الأعلى وجاوزه
…
يخب من خلع التشريف في حبر
ساد الخلائق من جن ومن ملك
…
والرسل والناس من بدو ومن حضر
كم معجزات له جلت وأعظمها
…
ما أفحم البلغاء اللسن بالحصر
أغناه عن مدح المدّاح قاطبة
…
ما كان من ذاك في الآيات والسور
وجاء من جاء مستغفراً محيت
…
ذنوبه في الكتاب الصادق الخبر
وعنك يروى صلاة الله دائمة
…
عليك يا صادق الأقوال من يزر
فيا نبي الهدى وافيت مرتجياً
…
منك الذي جاء في القرآن والأثر
أرجوه منك ومالي غير حبك قد
…
جعلته في معادي خير مدخر
حب أزمته قادت إليك فتى
…
طوى بأيدي المطايا شقة السفر
جاب المهامه من سهل إلى جبل
…
شوقاً لمنظر تلك الروضة النضر
وها أنا الآن ضيف قد حللت بها
…
والضيف يقرى وأرجو أن يكون قرى
ولي مطالب حسبي العلم منك بها
…
إذ أنت أدرى بما في النفس من وطر
فامنن بها منّ ذي عطف على وجل
…
بالباب يرجف من خوف ومن حذر
ما زال يطعمه طوراً ويؤنسه
…
حسن الرجاء وذنب قاصم الفقر
فامح الاياس وحقق في الرجا طمعي
…
وامنح بحسن ختام آخر العمر
فاشفع تشفع وقل يسمع ومنّ بما
…
للقلب والعين من سؤل ومنتظر
واقبل هدية ذي فقر لرب غني
…
يرجو جوائز ذي جود لمفتقر
أذاب تبر المعاني ثم أبرزها
…
في اللفظ مفرغة من بوطة الفكر
لولا صفاتك لم تصبح قوالبها
…
تضئ كالزهر في الأفلاك والزهر
بها تطفل تاج دره صدف
…
فكلل التاج يا ذا التاج بالدرر
والظن إنك قد حليته فلقد
…
أتى بذا شاهد حق لمعتبر
أتت جواهر تاج الدين تفصح عن
…
تاريخها وهو وجه أبلج الطرر
فيه دليل بنيل القصد أجمعه
…
يا من مرجيه بالمأمول منه حر
دامت صلات صلاة كل آونة
…
تزف وهي من الأملاك في زمر
تغشاك والآل والأصحاب ما غذيت
…
أرواحنا بشميم الروضة العطر
ومنه قوله في المناجاة
يا بارىء الخلق ايجاداً من العدم
…
يا باديء العبد بالاحسان والنعم
يا ساتر العيب يا مبدي الجميل ويا
…
ذا الحلم واللطف والتدبير والحكم
أنت اللطيف فلا ينفك لطفك عن
…
قضائك المبرم المحتوم في القدم
فالطف بذي أسف يدمي أنامله
…
عضّاً ويقرع منه سن ذي ندم
فاغفر وسامح وقابل بالرضا كرماً
…
والعفو عن سالف التقصير في الخدم
واجعل على قدم التوفيق سيري في
…
مستقبلي واحمني من زلة القدم
ولا تكلني إلى نفسي ولا عملي
…
واجعل مماتي على الاسلام مختتمي
واملأ فؤادي ايماناً يضىء إذا
…
أمسيت فرداً رهين الرمس والظلم
وارض عني خصومي يوم لا ولد
…
يغني عن الأب عند العادل الحكم
يا ذا العطاء الذي قد عم نائله
…
للجن والأنس من عرب ومن عجم
لنا إليك افتقار كامل ولك
…
الغنى وعلمك يغنينا عن الكلم
فامنن بادخالنا يا رب قاطبة
…
جنات عدن بمحض الفضل والكرم
هذا الرجاء وحسن الظن فيك فلا
…
تقطع رجانا بطه شافع الأمم
عليه أزكي صلاة عرف نفحها
…
أزكي من الروض عرفا غب منسجم
والآل والصحب ما دام الرجا وما
…
دام التوسل للمولى من الخدم
ومنه قوله متوسلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم لضر نزل به فشفى منه
لذ بطه في جميع النوب
…
وانخ نجب الرجا واحتسب
وادعه أن مسّك الضر الذي
…
عجزت عنه الأطبا تطب
قائلاً يا رحمة الله ويا
…
كاشف الغم المجلى للكرب
يا رسول الله يا من خصه
…
مجتبيه بزكي النسب
أنا يا خير الورى مستشفع
…
بك عند الله فاشفع تجب
في شفا دائي وأمراضي التي
…
أوهنت عظمي وأوهت عصبي
لا تخيب أملي يا سيدي
…
لذنوبي ولسوء الأدب
فأنا عبد مسيىءٌ مذنب
…
مستقيل عثرتي فاستجب
ولك الحلم الذي تياره
…
لم تكدره ذنوب المذنب
قل أجبنا غير مأمور فيا
…
خيبة المسعى إذا لم تجب
وشفعنا وقبلناك وقد
…
جاءك البر ونجح المطلب
وافض ما في النفس لي من ارب
…
لم أزل من شانه في تعب
وصلاة الله مع تسلمه
…
أبداً في سبب معتقب
يستهلان على سوحك ما
…
عقب الصبح ظلام المغرب
وعلى آلك والصحب الأولى
…
أسسوا دين الهدى بالقضب
وقوله مادحاً شريف مكة المشرفة الشريف ادريس بن الحسن لما عرض له في وظيفة الخطابة بالمسجد الحرام والبسه القفطان يوم مباشرته لها وذلك لتسع عشرة خلون من شهر رمضان عام ثمان وعشرين وألف
زها بك دست الملك والتاج والعقد
…
غداة إليك الحل أصبح والعقد
مطاعاً بعطف الله بعد رسوله
…
أولى الأمر فالعاصي لأمرك مرتد
أبا شرف ادريس منتخب العلى
…
أبا الشرف الوضاح غيرك والمجد
لقد حظيت شمس الخلافة بدرها
…
فقارنها في الأوج والطالع السعد
قنصت العلا بالراغبية واللهي
…
هما شركاها لا الأماني والوعد
وقمت بملك ما لغيرك حمله
…
منال المهاوي ليس تدركه الرّبد
وشرفت دست الملك حين حللته
…
ومرقاتك المرقال والفرس النهد
فكنت به ادريس ادريس اذرقي
…
مكاناً علياً خصه الصمد الفرد
وكنت ولم تفتن سليمان إذ دعى
…
فأوتيت ما لا ينبغي لفتى بعد
وما لم ينله غير آبائك الأولى
…
ربوع الندى شادوا وأنف العلا شدوا
ملوك هم الأنياب للملك والسوى
…
إذا نسبوا كانوا الزوائد أو عدوا
تولوا وأفضى ملكهم لمحجب
…
تصادم تيجان الملوك إذا يبدوا
تأخر عصراً فاستزاد من العلى
…
كما زاد بالتأخير ما تُرغم الهند
وأصبح عطلاً جيد من رام عقدها
…
سواء وأضحى يستضيء به العقد
تفرد طود الملك بالمجد جامعاً
…
مزاياه فهو الجامع العلم الفرد
رأى أن عدته خلت منه خلة
…
فصيره قصراً عليه فلا يعدو
فيا ملكاً بالفضل أذعن ضده
…
وما الفضل إلا ما أقربه الضد
بك الدست يزهو يوم سلمك والبرد
…
ويوم الوغي يزهو بك السرج والسرد
وما زلت في حاليك سلما وضده
…
عليك رواق المجد يرفع والبند
فيشقى بك الجاني ويسعد مخفق
…
ويأمن مطرود وترهبك الأسد
إذا بيت الأعداء أمراً تضاءلت
…
لدى خطبه الآراء واستتر الرشد
وترّت قويم الفكر قوساً لوترهم
…
من العزم لم يكهم له أبداً حد
وقدت من القود الجياد مقاتباً
…
إذا طلبت يدنو بتقريبها البعد
وغلى إلى الأعناق أيدي بطشهم
…
من الرعب جيش لا تشام له جند
فأحياؤهم في الأرض موتى كأنها
…
عليهم وقد ضاقت بما رحبت لحد
سجايا أبيّ لايجار طريده
…
ولا راع يوماً جار عقوته طرد
مليك هو الطود الأشم للائذ
…
هو البطل الطعان والأسد الورد
جواد له في المال ثروة ثائر
…
تحكم في الجاني واحفظه الحقد
طوت نحوه بالوقد كل تنوقة
…
نجاة بخد الأرض من وخدها خد
وجاد فلم تفقد مراماً بجوده
…
فقل عوضاً عن جاد قد فقد الفقد
هو البحر عذب للموالي والعدا
…
عذاب لهم من لجه الجزر والمد
هو الغيث يهمي للولي وليته
…
فينبت إلا أن منبته الحمد
ويعدو العدا وسميّ هامي ربابه
…
وتبلغها منه الصواعق والرعد
أخا الجود قد قلدت جيدي ودون ما
…
لقلدت أعناق المطامع تنقد
وامطيتني من كاهل العز مركباً
…
تريني ذكا كالغور صهوته النجد
فقمت خطيباً في المحافل بالثنا
…
وبالشكر اتلو ذا وذاك به اشدو
ينافسني قوم شأوت وقصروا
…
وما كظليع ظالع خلفه يعدو
وينحس منهم در لفظي زعانف
…
فوا عجباً من أين للنقد النقد
سماء سماة الفضل لفظي نجمها
…
ولم يخفه إن لم ترى ضوءه الرمد
وني لما خوّلت أهل ولم أكن
…
كقول حسود إنما أسعد الجد
ولست به لا غير أسمو وإن يكن
…
هو الفخر يوم الفخر والشرف العد
ولكن بنفسي والعبودية التي
…
بها شرف الآباء من قبل والجد
وإني لأرجو منك ما نال من مضي
…
ولا عجب أن عز بالسيد العبد
بقيت بقاء الدهر فينا مملكاً
…
بك التاج يزهو والغلائل والبرد
وقوله مادحاً سلطان الحرمين الشريفين. الشريف محسن بن الحسين. في سنة تسع عشرة وألف بقوله
لقد جرى بالذي تختاره القدر
…
فمر بما شئت إن الدهر مؤتمر
وضر من شئت وانفع من تشاء ففي
…
أكفك الواكفان النفع والضرر
والدهر من جيشك المنصور قائده
…
القى يد السلم خوفاً وهو يعتذر
فاغفر جنايته العظمى لتوبته
…
إن العظيم عظيم الذنب يغتفر
وقد أتى معلناً عن جرمه ملكاً
…
يطوي انتقاماً ويعفو وهو مقتدر
ذاهيبة راب ريث الدهر فانقلبت
…
تغزو عداه صروف الدهر والغير
وسطوة تترك الآساد واجمة
…
لم يفر من رعبها ناب ولا ظفر
به تبلج صبح الملك وابتسمت
…
ثغوره ودياجي الخطب يعتكر
وأصبح الدست معموراً وكافله
…
ملك به أضحت الأملاك تفتخر
أخباره استصغرت أخبارهم عظماً
…
كما برؤيته يستصغر الخبر
ليث إذا خط سطراً نصل قاضبه
…
مالت لتعجمه الخطية السمر
كأنه لاعب يرمي الرؤس به
…
بالصولجان وتلك الأرؤس الأكر
ما كرّ بعد ورود الحرب قط وهل
…
يكر من ليس من وزر له صدر
ولم يفر وهل يدنو الفرار فتى
…
بالعزم مدرع بالنصر معتجر
فتى له جيش عزم قد أحاط من الس
…
ت الجهات به التأييد والظفر
نمى إلى دوحة للملك زاكية
…
قد طاب عنصرها والفرع والثمر
أغر ثبت الجنان الفارس البطل الل
…
يث الهمام الشجاع الصارم الذكر
القائد الخيل إن رامت مدى وضعت
…
في خطوها يدها حيث انتهى البصر
من كل أدهم يكسي من دم حللاً
…
كأنه بلظى الهيجاء يستعر
وكل أشهب محجول قوائمه
…
أغر أبلق ما في باعه قصر
وكل ظرف يدك الصخر حافره
…
وطأ تطاير من صدماته الشرر
كأنما تطرد الأقدام أيديها
…
فلا تقر ولم يلحق لها اثر
تخال تصهالها رعداً يزمجر في
…
سحاب نقع مثار برقه البتر
مهذبات إذا ثار الوغى استعرت
…
لا بالعنان ولا بالشكل تنحجر
عليهم الأسد فرساناً مصوّرة
…
تطيعهم كيفما شاؤا وتنزجر
من كل شهم شديد البأس متصل
…
كالسهم إن ثارت الهيجاء يبتدر
وكل أصيد مرّ الجد ذي جلد
…
ما مسه سأم فيها ولا ضجر
وكل ذي لمة سوداء حالكة
…
كالليل في جنحه قد أشرق القمر
قوم إذا التمسوا كانوا الأهلة وال
…
لأقمار أن يسفروا والأسدان زاروا
كأنهم والصبا تسرى بنشرهم
…
في محكم الزرد الأكمام والزهر
بهم حوى الفخر أبناء الرسول كما
…
به على العرب فخراً قد حوت مضر
يسوسهم صادق الآراء فطنته
…
تقضي بما هو آت قبل والفكر
متوّج هو فيهم مثلهم شرفاً
…
في قوسهم وهم في قومهم غرر
إذا بدا بينهم في موكب نزه
…
كأنه ابدر دارت حوله الزهر
صفات أورع لا تحصى محامده
…
وليس يحصرها قول فتنحصر
وكيف يحصر بالألفاظ فضل فتى
…
مطوّل القول في معناه مختصر
سمح الكف كريم عم نائله
…
يعطى الجزيل ابتداءً وهو يعتذر
كأنما كفه تهمى بنائله
…
غمامة بوليّ الجود تنهمر
أو دوحة غضة الأغصان دانية
…
قطوفها بنسيم العرف تنهصر
يلقى النضار لديه المقتفون قوى
…
كأنما لقراهم تنحر البدر
تريك جدواه جدوى حاتم بخلا
…
إذ كل جود لدى جدواه محتقر
فيا أبا الجود يا جم المواهب يا
…
أخا الندى مفخر الأقوام إن فخروا
يا ابن الحسين لقد وافتك واصلة
…
عذراء قد فات منها غيرك النظر
لم ترض غيرك كفؤاً والصداق لها
…
صدق القبول فما لي غيره وطر
فلست ممن يقول الشعر مبتغياً
…
كسباً وفقراً وما بالشعر يفتخر
ولست ممن إذا ما جاء مفتخراً
…
ما فخره غير آباءٍ له غبروا
وإنما أنا ذو الفضل الشهير ولي
…
نفس عصامية ما نالها بشر
هذا وآبائي الشم الكرام فهم
…
في المجد أخبارهم تزهى بها السير
سلني وسل عني الأقوام مختبراً
…
لا يعرف المرء إلاّ حين يختبر
عمري ولولاك يا حامي الذمار لما
…
صغت المدائح أبديها وأبتكر
فسرّح الطرف فيها روضة أنقا
…
غناء تقصر تحكي نظمها الدرر
واسمّله عذبة الألفاظ مفردة
…
يصد سحبان عنها العيّ والحصر
قد أحرز السبق منشيها فلو ركضت
…
فوارس الفضل في مضماره قصروا
وعش ودم بالغاً ما أنت آمله
…
يجري القضاء بما تختار والقدر
وقوله مادحاً سلطان مكة المشرفة الشريف مسعود بن الشريف ادريس لما وليها سنة تسع وثلاثين وألف وعارض بهذه القصيدة قصيدة القاضي أحمد بن عيسى المرشدي المقدم ذكرها
غذيت درّ التصابي قبل ميلادي
…
فلا ترم يا عذولي فيه ارشادي
غيّ التصابي رشاد والعذاب به
…
عذب لديّ كبرد الماء للصادي
وعاذل الصب في شرع الهوى حرج
…
يروم تبديل اصلاح بإفساد
ليت العذول حوى قلبي فيعذرني
…
أو ليت قلب عذولي بين أكبادي
لو شام برق الثنايا والتثني من
…
تلك القدود انثنى عطفاً لاسعاد
ولو رأى هادي الجيداء كان درى
…
أن اشتقاق الهدى من ذلك الهاد
كم بات عقداً عليه ساعدي ويدي
…
نطاق مجتمع المخفّى والبادي
إذ أعين العين لا تنفك ظامئة
…
لورد ماء شبابي دون أورادي
فيا زمان الصبا حُييت من زمن
…
أوقاته لم نرع فيها بانكاد
ويا أحبتنا روّى معاهدكم
…
من العهاد هتون رائح غادي
معاهداكن مصطافي ومرتبعي
…
وكم بها طال كم قد طاب تردادي
يا راحلين وقلبي إثر ظعنهم
…
ونازحين وهم ذكرى وأورادي
إن تطلبوا شرح ما أيدي النوى صنعت
…
بمغرم حلف ايحاش وايخاد
فقابلوا الريح إن هبت شآمية
…
تروى حديثي لكم موصول اسنادي
والهف نفسي على مغنى به سلفت
…
ساعات صفو لها كانت كأعياد
كابها وأدام الله مشبهها
…
أيام دولة صدر الدست والناد
ذو الجود مسعود المسعود طالعه
…
لا زال في برج اقبال واسعاد
عادت بدولته الأيام مشرقة
…
تهتز مختالة أعطاف ميّاد
وقلد الملك لما أن تقلده
…
فخراً على مرّ أزمان وآباد
وقام بالله في تدبيره فغدا
…
موفقاً حال اصدار وايراد
حق له الحمد بعد الله مفترض
…
في كل آونة من كل حماد
أنقذتهم من يد الاعدام متخذاً
…
عند الاله يدافيهم بانجاد
داركتهم سهدا رمقي فعاد لهم
…
غمض لجفن وأرواح لأجساد
بشراك يا دهر حاز الملك كافله
…
بشراك يا دهر أخرى بشرها بادي
عادت نجوم بني الزهراء لا أفلت
…
بعودة الدولة الزهرا لمعتاد
واخضل روض الأماني حين أصبحت ال
…
أجواد عقداً على الأجياد أجياد
وأصيح الدين والدنيا وأهلهما
…
في حفظ ملك لظل العدل عداد
يبيح هام الأعادي من صوارمه
…
ما استحصدت بالتعاصي كل حصاد
شهم أيادي أياديه ونائله
…
على الورى أصبحت أطواق أجياد
يفضي ميمم جدوى راحتيه إلى
…
طلق المحيا كريم الكف جوّاد
بذل الرغائب لا يعتدّه كرماً
…
ما لم يكن غير مسبوق بميعاد
والعفو عن قدرة أشهى لمهجته
…
صينت واشفي من استيذاء ابعاد
مآثر كالدراري رفعة وسنا
…
وكثرة فهي لا تحصى لعدّاد
تسمو مناقب من كل الكمال حوى
…
وأنت ذلك عن حصر باعداد
فأنت من معشر إن غادرت عرضت
…
خفوا إليها وفي النادي كأطواد
كم هجمة لك والأبطال محجمة
…
ووقفة أوقفت ليث الشري العاد
بكل أبيض مقصود لمضطهر
…
وللمرائر والمران قصاد
وكل مجتمع الأطراف معتدل
…
لدن لعرق نجيع القرن فصاد
فخر الملوك الأولى فخر الزمان بهم
…
دم حائزاً ملك آباء وأجداد
وليهن حلته إذ رحت لابسها
…
إذ أصبحت خير أثواب وابراد
واستجل ابكار أفكار مخدرة
…
قد طال تعيينها في فكر نقاد
كم رد خطابها حتى رأتك وقد
…
أمتك خاطبة يا نسل أمجاد
أفرغت في قالب الألفاظ جوهرها
…
سبكا بذهن وريّ الزند وقاد
وصاغها في معاليكم واخلصها
…
ودّ ضميرك منه عدل اشهادي
يحدو بها العيس حاديها إذا زرجت
…
من طول وخد وارقال واساد
كأنها الراح بالباب لاعبة
…
إذا شدا بين سمار بها شادي
بفضلها فضلاء العصر شاهدة
…
والفضل ما كان عن تسليم أضداد
فلو غدت من حبيب في مسامعه
…
أو الصفى استحالاً بعض حسادي
واستنزلا عن مطايا القول رحلهما
…
واستوقفا العيس لا يحدو بها الحادي
وحسبها في التسامي التقدم في
…
عدّ المفاخر إذ تغدو لتعداد
تقريظها عند ما جاءت معارضة
…
عوجا قليلاً كذا عن أيمن الوادي
وقوله مهنئاً للشريف محسن بن الحسين ومؤرخاً عام ولايته مكة المشرفة
بشراك دار الملك قد صرت في
…
حوزة سلطان الملوك العظيم
من أصبحت من وطء أقدامه
…
رؤسنا تغبط منك الأديم
ملك زهت أم القرى عندما
…
أصبح للملك الكفيل الزعيم
أن يمش في بطحائها فاح من
…
هـ فتيت كافور البطاح الشميم
يكاد من عرفان كفيه أن
…
يمسك البيت وركن الحطيم
فرع زكا من دوحة المصطفى
…
أكرم بفرع وبأصل كريم
فخر بني عبد مناف وهم
…
فخر بني الدنيا أساة الكليم
شهم وفي الوعد ذو فطنة
…
ادراكها يكفي الكلام الكليم
مطاع حكم نافذ أمره
…
حتماً بتنزيل حميد حكيم
شبت كهول عنده مثل ما
…
شاب برعب منه فود العظيم
امدّ بالرعب فأعداؤه
…
عندهم المقعد منه المقيم
يرد عنه كيدهم خوفه
…
وأسهم من قوس رامي قويم
والبيض والسمر ومن فوق ذا
…
وقاية الله السميع العليم
تبلج الملك به مسفراً
…
عن طلعة غرّا ومراي وسيم
واعتدل الدست به وازدهى
…
غداة أضحي ملكه مستقيم
وتاه قصر الملك مذ حله
…
كالروح حلت جسم عظم رميم
كل مهنيك بما نلته
…
قصر العلا من ذا يسل القديم
بشراك ألبست ثياب البها
…
والعز والسعد الذي لا يريم
عز حكى التاريخ تأييده
…
إذ صح فيه بيت درّ نظيم
بمحسن دام علا ملكه
…
حل بدار الملك عز مقيم
وقوله مؤرخاً عمارة دار بناها القائد ياقوت وزير الشريف حسن
مجلسك المشرق النفيس
…
في حسنه حارت النفوس
يخاله من يراه يزهو
…
بمن به أنه يميس
ليس له في البها شبيه
…
ومن يضاهيه أو يقيس
وهو بياقوت أشرقت من
…
آفاقه للعلا شموس
لا زال ذا طالعاً سعيداً
…
وجدّ أعدائه تعيس
تحفه دائماً سعود
…
كما لأضداده النحوس
فهو الفتى الحامد المرجى
…
القائد المكرم الجليس
أكرمه واصطفاه ملك
…
يحمى به الجار والخميس
ليث الوغى إن عرا ملم
…
مدبر الملك إذ يسوس
المحسن الاسم والمسمى
…
من أوقرت من نداه عيس
ليس إذا شب نار حرب
…
في جنبها تذكر البسوس
ألبسه الله تاج ملك
…
وتوجت باسمه الطروس
إذا بدا للملوك يوماً
…
تصادمت منهم الرؤس
يحفه منهم سراة
…
صيد وغلب الرقاب شوس
سهل شديد الجلاد ثبت
…
مجدّل قوته فريس
أصيد ذو لبدة هصور
…
له حبيك الرماح خيس
لبوسه في الهياج مما
…
يديمه في العدا لبيس
حسب عدا الذي عراهم
…
من باسه أنهم يئيس
قد خسروا دينهم ودنيا
…
كأنهم في الورى مجوس
وحسب من ينتمي إليه
…
أنهم قادة رؤس
أجلهم من سما فابقي
…
مآثراً مالها دروس
أبو سليمان ذو المعالي
…
ياقوت من لم يزل يريس
علا على الفرقدين قدراً
…
وهو على ذاك لا يئيس
طلق المحيا لمعتفيه
…
فلا ضجور ولا عبوس
يكسبه جوده انتشاء
…
كأنما الجود خند ريس
مناقب للعيان أضحت
…
واضحة ما بها طموس
لئن تكن في الخميس تقضى
…
مآرب ربها يؤوس
فأين سليمان سائلوه
…
أيامهم كلها خميس
لا زال في رفعة وعز
…
وصحة لا عراه بوس
تزف من كل ما تمنى
…
في كل وقت له عروس
فليهن بالمنزل الذي قد
…
للسعد فيه تمت غروس
والعز والحظ والتهان
…
خلاله لم تزل تجوس
فروضه يانع نضير
…
وربعه آهل أنيس
منزل سعد ودار عز
…
لها رداء البقا لبوس
من رام أوصافها بحصر
…
منطقه منطق حبيس
فلا تقسها بما سواها
…
بل ما سواها هو المقيس
أما ترى صادح التهاني
…
قام بها والملا جلوس
يسجع في روضها وكل
…
منا بتغريده ميوس
موجها نحو كل فرد
…
متالة نظمها نسيس
إن أنت أرخت دار مجد
…
شيدها القائد الرئيس
فقل محل به بهاء
…
ياقوته جوهر نفيس
ومن مقاطيعه النابغة قوله مقتبساً
مذ واصل الخل شمس الراح قلت له
…
الشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا
فقال معتذراً لوحيل بينهما
…
وفى الخسوف لبدر التم مبتدرا
يشير إلى ما بزعمه المنجمون من أن سبب خسوف القمر حيلولة الأرض بينه وبين الشمس وقوله أيضاً
انظر لشمس المحيا وهي مشرقة
…
والشمس من ضوئها في الأفق قد كسفت
قد قلدت بالنجوم المشرقات سنا
…
والشمس تخفي النجوم الزهر إن ظهرت
وقوله في البرقع الشرقي المعروف بالحجاز وهو أول من ابتكر هذا المعنى
بدا البرقع الشرقيّ كالشفق الذي
…
على فرقه لاح الهلال بلا فرق
وأبدى عجيباً في عجيب لأنه
…
أرانا هلال الأفق يبدو من الشرق
وقوله وهو معني غريب أيضاً.
لا تحسبوا ما قد بدا في جسمه
…
شجراً وحاشا أن يكون مقدّرا
ما ذاك إلا أعين العشاق قد
…
ومقته وهو مجرد فتأثرا
وقوله في مليح اسمه ياقوت
رشيق براه الله قوت قلوبنا
…
فما أحد يدعوه إلا بياقوت
تجول حميا سلسبيل رضابه
…
على عقد درّ صين في حق ياقوت
إذا شبه الساقي المدام مشعشعاً
…
كما ريق ياقوت فقل ريق ياقوت
وقلت في مثل ذلك مسولاً
إلا إنما الياقوت أحسن جوهر
…
وأحسن منه في البرية ياقوت
على أنه قوت القلوب بأسرها
…
ألم تر كل الخلق يدعوه ياقوت
رجع ومنها قوله في الزهر المعروف بالصد برق
قدم الربيع على الرياض فاطلعت
…
لقدومه صد برقها العبق الندى
فكأنها لسرورها نثرت دنا
…
نير النثار على كؤس زبرجد
وقوله في ذلك شعر
كان خمائل الصد برق لما
…
أراد وصالها فصل البهار
صنعن من الزبرجد كل كاس
…
نثرن به دنانير النثار
وقوله وقد كتب على عنق كمنجة لمسمعة اسمها قمراء من مسمعات الشريف ادريس
كمنجة غردت قمراء دوحتها
…
على أفانين أوتار لهن نبا
والشمس من كفها المخضوب قد قرنت
…
ببدر دارتها في القوس واصطحبا
شمس أشعتها الأوتار تكسبها
…
سنا بسمعك لا بالطوق مكتسبا
إذا شدت في حجاز سار في رمل
…
ركب العراق إلى نغماتها طربا
في روضة ظل من عشاق ساحتها
…
سعد لادريس فيها ضارب طنبا
وقوله في نحو ذلك وكتب بها على عنق كمنجة أخرى لمسمعة اسمها زهراء
وكمنجة قد أغربت ألحانها
…
وغناؤها ما قط عنه غناء
قرن السرور بها كما قرنت به
…
زهراء طلعة بدرها الغراء
سعد لدى ادريس سلطان الورى
…
دامت لا أيامه الزهراء
أعلى الملوك فهم إذا نسبوا إلى
…
علياه كانوا الأرض وهو سماء