الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن رعايتكم للغرب تحملهم
…
على تجاوزهم للحد في الأدب
فكان الجواب عن ذلك بلسان الحال
مولاي إن صروف الدهر قد حكمت
…
وأعوزت أن يذل الرأس للذنب
كم من مقبّل كف لو تمكن من
…
قطع لها كان ممن فاز بالأرب
الخطيب محمد بن الخطيب الياس المدني
أحد الفضلاء الأكياس. المؤثرين من نقود الأدب الفائقة على نقود الأكياس. طابت أنفاسه بأنفاس طابه. وملا من نفائس الفضائل والآداب وطابه. فهو إذا خطب خطب عرائس الفصاحة فأجيب إليها. وفضت عليه في أرايك البلاغة فبنى عليها. وإذا كتب كبت العدو والحسود. وأقر بفضله السيد والمسود. ولم يزل في جوار رسول الله. حتى انتقل إلى جوار الله. وكتب إلينا الخطيب أحمد بن عبد الله البر بخبر وفاته وأنه توفى ليلة الأحد الثاني من شهر ربيع الثاني سنة ست وسبعين وألف وله شعر سني النظام. بديع الانتظام. لم يحضرني منه الآن. ما أجمل به هذا الديوان. غير أبيات قليلة. لا تنفع من قلب غليله. وهو ما راجع به القاضي تاج الدين المالكي وقد كتب إليه مع هدية أهداها إليه.
مولاي قدرك أعلى
…
من كل شيء وأغلى
وقد بعثت بما أن
…
ينسب لقدرك قلا
ولا أراه يوازي
…
نداك حاشا وكلا
من ذا يباري كريماً
…
في الجود حاز المعلا
أم من يجاري جواداً
…
في حلبة الفضل حلا
فأقبل لتشفع فضلاً
…
به تطولت فضلا
يا سيداً واماماً
…
قد طاب فرعاً وأصلا
فأجابه بقوله
حزت المكارم قدماً
…
وطبت قولاً وفعلا
غمرت بالجود عبداً
…
لا زلت للفضل أهلا
ودمت مولي كريماً
…
فأنت أحرى وأولى
أخوه
الخطيب عبد الله بن الخطيب الياس
أديب يرفل في حلل الجال. ويرتع في رياض الكمال. إلى شمائل لرقة الشمول ناسخه. وآداب في مقر الاحسان راسخه. رأيته فرأيت البشر مجلواً من صورته. والظرف متلواً من سورته وله نثر ونظم يملكان المسامع لطفاً. ويشبهان قائلهما رقة وظرفاً. فمن نثره ما كتبه إلى الوالد وصورته. ما طلعت شمس البلاغة من آفاق الأفكار. ولا صدحت ورق الفصاحة الفائقة على ورق الأطيار. بأحسن من خطاب تضمن تحية وسلاماً. واستودع أريحية تفوق عرف الخزامي. حاكتها أيدي الوداد بأنامل الاخلاص وسبكتها في قوالب الاتحاد. فما حاكتها سبائك الخلاص تزفها نسمات الأشواق. طيبة الشميم. وتحفها ثمرات الأوراق. بما هو ألطف من النسيم. إلى الحضرة التي بحق لي أن أحن إليها وأشتاق. ويليق بي أن أطير إليها مع حمام الطائف لافد عليها لو أن ذلك مما يطاق. هي حضرة مولانا التي تهدلت أغصان دوحة رياسته. وتهللت جباه جلالته ونفاسته. الوارث المجد عن آبائه وأجداده. الشائد الفضل على أرفع عماده. ذي الشمائل المنبئة عن نصاعة الأعراق. والفضائل المعلنة بأن بدر الفضائل لم يزل باهر الاشراق. من حل من الرياسة أعلى رواق. وحاز في مضمار السياسة قصب السباق. وارتوى منى بحار العلوم فلم تزل كؤوسه دهاق. ورجح فضلاً وجوداً على سادة أهل عصره وفاق. فجميع الخلائق على فضائله ومدائحه وفاق. المتحلي بحلى الفضل والكمال. والمتوج بتاج الرفعة والعظمة والجلال. مولانا وسيدنا السيد الشريف أحمد ابن مولانا السيد معصوم. لا زال مكلؤا بعين الحي القيوم. ما ارتفعت الشمس وظهرت النجوم. ولا برحت سوق المكارم بوجوده. قائمة على ساق. ودولة المحامد بشهوده. مشدودة النطاق. ولا انفك ولطف الله عنه لا ينفك. وعين الله ترعاه أينما حل من غير شك. هذا وينهى المخلص الوداد. والمتخصص المعهود بين العباد. حباً موثوق العرى. وقلباً منبوذاً بالعرى. وشوقاً يجل عن الوصف. ولا يعبر عنه باسم وفعل وحرف
أأتخذ العراق هوى ودارا
…
ومن أهواه في أرض الشام
بيد أن له في سعة الفضل رجا. وفي اجتماع الشمل ما تحار فيه عقول أولى الحجى. ولا يزال يتذكر سويعات مرت ما كان أحلاها. وأويقات ليس في يده إلا أنه يتمناها
فيا ما كان أحسنه زماناً
…
ويا ما كان أطيبه وياما
وبعد كل حال فسلامتكم هي منتهى المطلب
إذا كنتم في صحة وسلامة
…
فما نحن إلا فيهما نتقلب
ومن مشهور شعره قوله في علم العروض وقد أجاد في التورية
إن العروض لبحر
…
تعوم فيه الخواطر
وكل من عام فيه
…
دارت عليه الدوائر
وقرأت بخط السيد محمد كبريت السابق الذكر ما نصه أنشد في إجازة لنفسه النفيسة سيدي العفيف عبد الله بن الخطيب الياس. سلما من المكروه والباس.
يا سيدي قم لي ولا
…
من غير أن أخشى العتب
كيلا يقال مقصر
…
فأكون فيه أنا السبب
فقلت وإن لم يبلغ الظالع شأو الظليع
لم لا أقوم لسيدي
…
من غير أن أخشى العتب
وهو الذي قامت له
…
بثنائها عليا الرتب
وقلت في المعنى من بحر الحبب
أقوم على الرأس مهما بدا
…
جمالك لا لاجتناب العتب
ولم لا أقوم وأنت الذي
…
لعلياه قامت كرام الرتب
انتهى ولبعضهم في المعنى
قيامي والعزيز إليك فرض
…
وترك الفرض ما لا يستقيم
فهل أحد له عقل ولب
…
ومعرفة يراك ولا يقوم
وما الطف قول بعضهم معتذراً عن عدم القيام
علة سميت ثمانين عاماً
…
منعتني للاصدقاء القياما
فإذا عمرواً تمهد عذري
…
عندهم بالذي ذكرت وقاما
ذكرت بهذا ما حكاه أرباب السير عن الصاحب اسمعيل بن عباد رحمه الله تعالى أنه لما كان ببغداد وقصد القاضي أبا السائب عتبة بن عبيد لقضاء حقه فتثاقل في القيام له وتحقز تحقزاً أراه به ضعف حركته وقصور نهضته فأخذ الصاحب بضبعه وأقامه وقال نعين القاضي على حقوق اخوانه فخجل القاضي واعتذر إليه. وبخط السيد محمد كبريت كتبت إلى سدته العلية يعني الخطيب المذكور
يا أيها المولى الذي فاق الورى
…
ببيان منطقه البديع الزين
هات افتنا في زيد المخفوض في
…
ما قام إلا زيد المسكين
فكتب مجيباً.
يا من بشمس علومه زال الكرى
…
فغدا بمصباح الهدى كالعين
إني أقول جوابكم وبي الجوى
…
في فرد بيت زان في العينين
زيد تصور جره باضافة
…
للالّ وهو العهد للاثنين
الشيخ شرف الدين يحيى بن عبد الملك العصامي
سبق ذكر والده في الفصل الأول. وهذا فاضل عليه في الفضل المعول. لما توفى والده بالمدينة المنورة اختار هو وأخوه الاقامة في تلك الدار. ورجحا جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فجرا ذيل الخفض من العيش بذلك الجوار. والطبع الذي ما شان سلسال قريحته جمود. وناهيك بعصامى النفس والجد. وفاضل جد في كسب الفضائل فساعده على نيلها الحظ والجد. وقد وقفت له على تأليف سماه انموذج النجبا من معشارة الأدبا. تكلم فيه شارحاً لقول الشاعر
حاشا شمائلك اللطيفة أن ترى
…
عوناً علي مع الزمان القاسي
غير أنه لم يعرف قائله فقال لعمري أنه وإن جهل بانيه من البيوت التي أذن الله أن ستكن. فما اللفظ إلا بمعانيه وإن كان قائله الكن. ثم قال وهذا البيت مما يكثر الاستشهاد به أهل الآداب في محاضرة الأصدقاء والأحباب وهو من أربعة أبيات معمورة بلطيف العتاب. وتنزيه شمائل الانجاب. مبرورة بصدق المنطق واقتضاء الصواب. محاسنها غرر في جياد القصائد. ولمعاني البديع بها صلة ومن مفرداتها عائد. تشرق شموس التهذيب في سماء بلاغتها. وترشف الأسماع على الطرب من رقيق سلافتها. فما أحقها بقول القائل
أبيات شعر كالقصور
…
ولا قصور بها يليق
ومن العجائب لفظها
…
حر ومعناها رقيق
وهي
إني لأعجب من صدودك والجفا
…
من بعد ذاك القرب والايناسي
حاشي شمائلك اللطيفة أن ترى
…
عوناً علي مع الزمان القاسي
أو ثغرك الصافي يرد حشاشة
…
تشكو لهيباً من لظى أنفاسي
تالله ما هذي فعالك في الهوى
…
لكن حظوظ قسمت في الناس
انتهى كلامه. قلت وقد وقفت أنا بالديار الهندية على مجموع قديم بخط أبي البقا الوفائي الوداعي الحنفي يقول فيه القاضي علاء الدين بن فضل الله أبي الحسن صاحب ديوان الانشا أخو القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري وقف على بيتين للصلاح الصفدي وهما
إني لأعجب من صدودك والجفا
…
من بعد ذاك القرب والايناسي
حاشا شمائلك اللطيفة أن ترى
…
عوناً عليّ مع الزمان القاسي
فقال مجيزاً لهما
أو ثغرك الصافي يرد حشاشتي
…
تشكو لهيباً من لظى أنفاسي
تالله ما هذي طباعك في الهوى
…
لكن حظوظ قسمت في الناس
انتهى. فعلم بهذا أن البيت الذي شرحه للشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي وقوله أنه من أربعة أبيات ليس بصواب لايهامه أن الأربعة أبيات قائلها واحد وقد علمت أنها لشاعرين والله أعلم ومن شعر الأديب المذكور. الفائق على تغريد السواجع في المساء والبكور. قوله من قصيدة امتدح بها بعض الأعيان. موجهاً بأسماء الكتب
أضحى لمشكاة العلوم محرراً
…
كشافها من غير ما الباس
ولديه مفتاح العلوم فمن يرم
…
اتقانه يقصده بين الناس
وبصدره مغن وكافي كل ذي
…
لب عن التوضيح بالكراس
درر الهداية من بحار علومه
…
كنز ومنفقة نديم الباس
لا زال يسبقني فوارس فضله
…
فجزاه عندي مكين أساس
لكن عجزي عنه أقعدني ولي
…
س لمقعد محوى ذوى الأقراس
وقوله موجهاً بأسماء الأنغام فيمن اسمه حسين وقد ورد إلى المدينة المنورة من مكة المشرفة قوله
أقول لمعشر العشاق لما
…
بدا ركب الحجاز وقر عيني
أمنتم من نوى المحبوب فاسعوا
…
له رملاً وغنوا في حسيني
وما ألطف قول محمد بن جابر الأندلسي في مثل ذلك
يا أيها الحادي اسقني كاس السرى
…
نحو الحبيب ومهجتي للساقي
حي العراق على النوى واحمل إلى
…
أهل الحجاز رسائل العشاق
ذكرت بهذا أبيات كنت نظمتها في الأنغام. واستعملت فيها الجناس والاستخدام. وإن لم تكن من باب التوجيه إلا أنها بديعة في بابها وهي
أنالت منى قلبي المنى حين غنت
…
فلم أدر هل غنته أم هي أغنت
وشاقت فؤادي للحجاز وأهله
…
عشية غنت بالحجاز ورنت
وجنت بها العشاق لما شدت به
…
وأبدت من الأشجان ما قد أجنت
وسارت ركاب القوم ترمل عندما
…
شدت رملاً حتى إلى الرمل حنت
وإن غنت الركبي والركب سائر
…
غدا حائراً ما كررته وثنت
ومن بديع التوجيه بأسماء الأنغام أيضاً قول الشيخ جمال الدين العصامي جد الأديب المذكور مادحاً الشيخ عبد النافع بن عراق وقد وصل إلى مكة المشرفة من الروم بمنصب خطابة الشافعية وكانت تلك السنة مجدبة فدعا واستسقى في أول خطبة خطبها فغيمت السماء وأمطرت وهو يخطب وحصل بذلك خصب عظيم فكان يقال الشيخ عبد النافع وهو
ظرف الحجاز بمقدم ابن عراق
…
من بعد ما قاسى نوى العشاق
فاليوم نيروز الحجاز وعيده
…
إذ صام فيه وعيد ابن عراق
قال الشيخ جمال الدين واتفق أن جاء القاضي حسين المالكي في موكبه إلى بيت الشيخ عبد النافع زائراً فذيل الشيخ عبد النافع البيتين السابق ذكرهما بقوله موجهاً أيضاً
وله أتى الركب الحسيني زائراً
…
سعياً على الآماق والأحداق
ومن شعره أيضاً قوله مضمناً
قد قلت لما رثا لي إذ رأى شجني
…
مليك حسن علا قدراً وطاب شذا
أفسدت يا منيتي قلبي فانشدني
…
قد قال سبحانه إن الملوك اذا
والتضمين من قول الأول
مليكة الحسن جودي بالوصال على
…
متيم قلبه قد ذاب منك اذا
أفسدت قلبي فقالت تلك عادتنا
…
قد قال سبحانه إن الملوك اذا
ومن شعره أيضاً قوله
رأى سقم الكتاب فمال عنه
…
سقيم الجفن ذو حسن بديع
فقلت له فدتك الروح هلا
…
مراعاة النظير من البديع