المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ابنهالقاضي عبد الجواد المنوفي - سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر

[ابن معصوم الحسني]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة المؤلف

- ‌الوالد الأمير نظام الدينأحمد بن الأمير محمد معصوم الحسيني ناشر علم. وعلم. وشاهر سيف وقلم

- ‌السيد أحمد بن مسعودبن سلطان مكة المشرفة الشريف حسن بن بركات الحسني نابغة بني حسن. وباقعة

- ‌السيد عماد الدين بن بركاتبن جعفر بن بركات بن أبي غي الحسني رحمه الله تعالى: عماد أبنية المجد

- ‌السيد محمد يحيىبن الأمير نظام الدين أحمد الحسيني

- ‌الامام عبد القادر محيي الدينبن يحيى الطبري الحسني الشافعي المكي

- ‌الإمام زين العابدينبن عبد القادر الطبري الحسني المكي

- ‌الفضل بن عبد الله الطبريخلف ذلك السف. والمعيد من عهد مجدهم ما سلف. الفضل اسمه وسمته. النافحة

- ‌الشيخ حنيف الدينبن الشيخ عبد الرحمن المرشدي

- ‌السيد عمر بن السيد عبد الرحيمالبصير الحسيني الشافعي المكي

- ‌القاضي جمال الدين بن محمدبن حسن وراز المكي

- ‌الشيخ عبد الملكبن الشيخ جمال الدين العصامى

- ‌الشيخ محمد بن أحمد المنوفيهو جدي لأمي. ومن ملت به من عريق النسب كمي. إمام الأئمة الشافعيه. ورب

- ‌ابنهالقاضي عبد الجواد المنوفي

- ‌القاضي تاج الدين بن أحمدبن إبراهيم المالكي المكي

- ‌الشيخ محمد بن الشيخ أحمدحكيم الملك رحمه الله تعالى

- ‌الملا علي بن الملا قاسمبن نعمة الله الشيرازي المكي

- ‌ابنهشهاب الدين أحمد بن الملا علي

- ‌الشيخ عبد العزيز بن محمد الزمزميالشافعي المكي

- ‌الشيخ فخر الدين أبو بكر الخاتوني

- ‌الشيخ أحمد بن محمد عليالجوهري المكي

- ‌شهاب الدين أحمد بن الفضلبن محمد باكثير المكي

- ‌الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الشاهد

- ‌الشيخ عبد الله بن سعيد باقشير

- ‌أخوه الشيخ محمد بن سعيد باقشير

- ‌القاضي محمد بن الخليلالإحسائي المكي

- ‌الشيخ تقي الدين بن يحيى السنجاري

- ‌الشيخ أحمد بن عبد اللهبن عبد الرؤف المكي

- ‌عفيف الدين عبد الله بن حسينبن جاشل الثقفي

- ‌أبو الفضل بن محمد العقاد المكي

- ‌إبراهيم بن يوسف المهتار المكي

- ‌السيد حسن بن شدقم الحسيني المدني

- ‌ابنهالسيد محمد بن حسنبن شدقم الحسيني

- ‌السيد حسين بن عليبن حسن بن شدقم الحسيني

- ‌السيد محمد بن عبد الله الموسويالمشهور بكبريت المدني

- ‌الخطيب أحمد بن عبد الله البريالحنفي المدني

- ‌الشيخ إبراهيم بن أبي الحسن المدني

- ‌الخطيب محمد بن الخطيب الياس المدني

- ‌أخوهالخطيب عبد الله بن الخطيب الياس

- ‌أخوهالشيخ حسين بن عبد الملك العصامي

- ‌الأديب أبو حميدة المدني

- ‌الشيخ فتح الله بن النحاسنزيل المدينة المنورة

- ‌الشيخ درويش مصطفىبن قاسم الطرابلسي نزيل المدينة المنورة

- ‌الشيخ محمد بن مبارك باكراعالحضرمي محتداً المدني مولداً

- ‌السيد نور الدين عليابن أبي الحسن الحسيني الشامي العاملي

- ‌الشيخ حسن زين الدين الشهيدالشامي العاملي

- ‌سبط الشيخ زين بن الشيخ محمدبن الشيخ حسن بن زين الدين الشامي العاملي

- ‌الشيخ نجيب الدين عليبن محمد بن مكي الشامي العاملي

- ‌الشيخ محمد بن عليبن أحمد الحرفوشي الحويزي الشامي العاملي

- ‌شيخناالعلامة محمد بن علي بن محمودبن يوسف بن محمد بن إبراهيم الشامي العاملي

- ‌الشيخ حسين بن شهاب الدينبن حسين بن خاندار الشامي الكركي العاملي

- ‌الشيخ محمد بن علي الحرالأديب الشامي العاملي

- ‌السيد أحمد الصفديالدمشقي‌‌ الشامي

- ‌ الشامي

- ‌الشيخ حسن بن محمد البوريني

- ‌الشيخ عبد الرحمن العاديمفتي الحنفية بدمشق المحمية

- ‌المولى أحمد بن شاهين الشامي

- ‌الشيخ خضر بن عطاء اللهالموصلي الشامي

- ‌أبو الطيب بدر الدينبن رضى الدين الغري العامري الشامي

- ‌حسين جلبيبن الجزري الشامي

- ‌الأديب عبد اللطيف بن شمس الدينمحمد المنقاري

- ‌الأديب محمد الجوهريالشامي

- ‌الشيخ محمد بن سعيد الكاشنيالدمشقي الصوفي

- ‌أبو الفتح محمد بن حمدبن عبد السلام التونسي الأصل الدمشقي المنشأ

- ‌الشيخ محمد خضير الدمشقي

- ‌الشيخ فتح الله بن محمودبن بدر الدين البيلوني الحلبي

- ‌الشيخ مصطفى الفرفوري

- ‌الشيخ عرس الدين الحمصيالخليلي

- ‌السيد محمد بن موسىالجوادي الحسني

- ‌فمنهمالشيخ أبو المواهبمحمد بن الشيخ الاستاذ محمد بن أبي الحسن البكري

- ‌ومنهم ابن أخيهالشيخ أحمد بن زين العابدين‌‌البكري

- ‌البكري

- ‌ومنهم أخو المذكور قبلهلشيخ عبد الرحمن بن زين العابدين

- ‌الشيخ تاج العارفين بن محمدبن أمين الدين

- ‌الشيخ جمال الدين المصري

- ‌الشيخ شرف الدين يحيى الأصيلي

- ‌الشيخ محمد بن أحمد الحثاديالمصري

- ‌بدر الدين حسينالشهير بباشا زاده

- ‌شهاب الدين أحمد الخفاجيالمصري صاحب الريحانة

- ‌السيد محمد وفابن زين العابدين الحسيني المصري

- ‌الشيخ داود الأنطاكيالحكيم المشهور بالبصير

- ‌السيد محمد بن عبد اللهبن الامام شرف الدين يحيى الزيدي اليمني

- ‌السيد محمد بن عبد اللهبن الهادي

- ‌السيد حسين بن المطهر اليمني

- ‌السيد حاتم بن السيد أحمد الأهدلالحسيني

- ‌السيد زيد بن علي بن إبراهيمالحجاف

- ‌السيد محمد بن أحمدبن الامام حاكم بندر المخا سابقاً

- ‌السيد إسماعيل بن إبراهيم الحجاف

- ‌السيد محمد بن عبد القادرالمقاطعجي اليمني

- ‌الشيخ عبد الصمد بن عبد اللهباكثير

- ‌الشيخ عبد الرحمن بن المهديالعقبي اليمني

- ‌الشيخ علي بن حسن المرزوقياليمني

- ‌شهاب الدين أحمد بن محمد الأنسياليمني

- ‌بدر الدين محمد بن سليمانأبو فاضل المرهبي اليمني

- ‌الأديب صارم الدين إبراهيم بن صالحالمهتدي الهندي اليمني

- ‌الميرزا بن الميرزا إبراهيمالهمداني

- ‌الحكيم أبو الحسن بن إبراهيمالطبيب الشيرازي

- ‌الملا فرج الله الشوشتري

- ‌بن علي بن المرتضى بن علي بن ماجد الحسيني البحراني أنا ابتدى هذا الفصل

- ‌السيد أبو محمد حسين بن حسنبن أحمد بن سليمان الحسيني الغريفي البحراني

- ‌السيد أبو عبد الله محمد بن عبد اللهالحسيني بن إبراهيم بن شبابه البحراني

- ‌ابنهالسيد عبد الله بن محمد البحراني

- ‌السيد ناصر بن سليمانالقاروني البحراني

- ‌السيد عبد الرضا بن عبد الصمدالولي البحراني

- ‌أخوهلسيد أحمد بن عبد الصمد‌‌البحراني

- ‌البحراني

- ‌السيد علوي بن إسماعيل

- ‌السيد عبد الله بن السيد حسين‌‌البحراني

- ‌البحراني

- ‌الشيخ داوود بن أبي شافين

- ‌أبو البحر جعفر بن محمد حسنبن علي بن ناصر بن عبد الامام الشهير بالخطي البحراني العبيدي أحد بني

- ‌السيد أبو الغنايم محمد الحلي

- ‌السيد حسين بن كمال الدينبن الأبرز الحسيني الحلي

- ‌الشيخ عبد علي بن ناصربن رحمه الحوزي

- ‌الشيخ جمال الدين محمدبن عبد الله النجفي المالكي من أولاد مالك الأشتر

- ‌جمال الدين محمد بن عوادالحلي الشهير بالهيكلي

- ‌الشيخ عيسى بن حسينبن شجاع النجفي

- ‌وايراد شيء من نثرهم ونظمهم المطرب

- ‌أبو العباس أحمد المنصور باللهبن أبي عبد الله المهدي القاسم بأمر الله الشريف الحسني سلطان المغرب

- ‌السيد أحمد الحسني المغربي

- ‌السيد علي المغربيالمعروف بالأخضري

- ‌أبو فارس عبد العزيز محمد الفشتالي

- ‌الشي أحمد بن محمدالشهير بالمقري المغرب المالكي

- ‌أبو الحسن علي بن أحمد الشاميالمغربي أديب له في الأدب مذهب. طرازه بحسن البلاغة مذهب. وشعره ألطف من

الفصل: ‌ابنهالقاضي عبد الجواد المنوفي

وتحلى بدره عاطل الجي

د فحلّيت في بروح العلاء

ولساني لما تلا لفظه الد

رّ اكتسى لفظي الحلا بالحلاء

فأتاكم عن استعارات قلبي

مذ بعثنا بالشرح للحلوائي

‌الشيخ محمد بن أحمد المنوفي

هو جدي لأمي. ومن ملت به من عريق النسب كمي. إمام الأئمة الشافعيه. ورب

الفطنة الألمعيه. ملك للعلوم ذماماً. وتقدم في مقام الفضل إماماً. فصلت الأفاضل خلفه. وظلت الفضائل حلفه. لا يشق له غبار في مضمار سباق. ولا يباريه مبار في اصطباح واغتباق. ولا سوى الأدب والفضل صبوح وغبوق. وهو السابق فيهما ومن عداه مسبوق. وكان قد شد لرحلة الروم ركابه وابله. يريد بسطة كف يستعين بها على قضاء حقوق للعلى قبله. فأسفرت سفرته عن وجوه آماله. وأهب عليه الاقبال نسائم قبوله وشماله. فتلقاه ملكها بأهل ومرحب. وأنزله من ألطافه واسعافه افسح منزل وارحب. ونفحه بنسمات عنايته المسكيه. حتى قلده أكثر المناصب المكيه. فلما عاد قافلاً إلى وطنه. بقضاء أمله ووطره. نصبت له المنون أشراكها في طريقه. وأغصه إذ ساغت له أمانيه بريقه. فتوفي بالشام عام أربع وأربعين وألف. ولا يحضرني الآن من شعره غير ما رأيته منسوباً له بخط سيدي الوالد وهو شعر

عتبت على دهري بأفعاله التي

أضاق بها صدري وأضنى بها جسمي

فقال ألم تعلم بأن حوادثي

إذا أشكلت ردت لمن كان ذا علم

وهذان البيتان لا يشيد مثلهما إلا من شاد ربوع الأدب وسارع لاقتناص شوارد القريض وانتدب وهما انموذج براعته وبلاغته. واقتداره على سبك ابريز الكلام وصياغته. وقد صدرتهما وعجزتهما فقلت

عتبت على دهري بأفعاله التي

براني بها برى السهام من الهم

ليصرف عني فادحات نوائب

أضاق بها صدري وأضنى بها جسمي

فقال ألم تعلم بأن حوادثي

وأخطارها اللائي تلم بذى الفهم

يضيق بها ذو الجهل ذرعاً وإنما

إذا أشكلت لمن كان ذا علم

‌ابنه

القاضي عبد الجواد المنوفي

جواد علم لا يكبو. وحسام فضل لا ينبو. سبق في ميدان الفضل أقرانه. واجتلى من سعد جده ومجده قرانه. ولي القضاء مرة بعد أخرى. فكسى بمنصبه شرفاً وفخراً. وأنفذ الأحكام وأمضاها. وأسخط من خالف الشريعة وأرضاها. ثم تقلد منصب الفتوى. فبرز فيها إلى الغاية القصوى. مع تحليه بالامامة والخطابه. والهمة التي ملأ بها من الثناء وطابه. وكانت له عند شريف مكة المنزلة العليا. والمكانة التي تنافسه فيها الدنيا. ولم يكن يفارقه في حضر ولا سفر. وشهوره ربيع وشهور حساد صفر. وما زال راقياً ذرى العز والجلاله. ساحباً على قمم المعالي أردانه وأذياله. حتى انقضت أيامه وسنونه. ودعاه داعي الأجل فأجاب منونه. فتوفى خامس شوال سنة ثمان وستين وألف بالطائف الميمون ودفن به. وأما أدبه فروض تبسمت أزهاره. وجرت بسلسبيل الاحسان أنهاره. تحسد النثرة نثره. وتغبط الشعرى شعره. فمن نثره ونظمه ما راجع به الوالد من مكة المشرفة وهو بالطائف سنة إحدى وخمسين وألف صورته

يا ابن الأئمة من ذؤابة هاشم

شرف سما بفروعه وأصوله

ماذا يقول المادحون وقد أتى

بمديحك القرآن في تنزيله

أقبّل الأرض من بُعدٍ وإن سمحت

له الليالي بقرب قبّل القدما

وأنهى إلى حضرته العلية التي هي قطب دائرة الكمال محط الرحال. ومحيط بحور الشعر الذي هو السحر الحلال. لا زالت الفضلاء تستمد من عناياته. وتقابل نسخ المعارف على صقيل مرآته. آمين. أنه وصل إلى العبد الداعي النظم الرائق. واتصل بشاكر جميل تلك المساعي النظام الفائق. الذي نثر من أسرار أوصافكم درراً. ونشر من آثار أنصافكم حبراً. فسرح الناظر طرفه في در منثوره. فتمتع في أنيق رياض سطوره. فلم يدر أروض نشر فروع ورد وعبهر. أم يلد بليغ رصعت عقود در وجوهر. فارتشف من زلال أسراره. ما زاده إخلاصاً وتمكيناً. وتحقق صدق ما قيل

ورب غراء لم تنظم قلائدها

إلا لتحمد فيها الهاشميينا

أغناهم عن صفات المادحين لهم

مدائح الله في طه وياسينا

ص: 74

إن ادّعوا جاءت الدنيا مصدقة

وإن دعوا قالت الأيام آمينا

لا زالت فضائلكم على منصات عرائس الفوائد تجلى. ولا برحت فواضلكم على منابر جوامع مجامع الذكر تنشر وتتلى

قسماً بما أوليت من حسن الشيم

وجنيت من غرر المعارف والهمم

لم أرض من اكبار نظمك عندما

قابلته أني أقبله بغم

بل صغته تاجاً لمفرق جبهتي

ووضعته حاشاه من وضع علم

وبدت بديهتي العجولة إذ زهت

بعلاه قائلة تفاءل من نظم

هذا نظام الدين فزت بنظمته

أم سجع قمري نعمت بنغمته

أم زهر نسرين تدلى نوره

فسرى النسيم لنا بطيّب نفحته

أم جيب غزلان اللوى والمنحنى

أبدى ضياء الفجر أبيض صفحته

أم وجه ليلي العامرية أسفرت

لما بدت ليلاً براقع غرته

أم شامة المحبوب في وجناته

شامت بروقاً أو مضت عن طرته

أم نقش معصم ذات حسن أبرزت

بيض الليالي في دياجي خضرته

أم سمط ياقوت بسلك دمقسه

بهر العقول بدائع في صنعته

أم نظم مولى راق إذ فاق الورى

بكمال ما أوتيه موشى رقعته

نظم إذا ما دار كاس سلافه

في رأسي الراسي سكرت بخمرته

نظم إذا ما فاح نشر عبيره

بين الورى عبق الوجود بعطرته

غنى به ركب الحجاز وزمزمت

بين الصفا أهل الصفا ومروته

وحدت به وفاد موشى طرسه

فبدت تخبرنا عالي رفعته

هو مجمع البحرين بحر حقائق

ومحيط كنز الفقه صدر شريعته

مغنى اللبيب بفضله وبفهمه

يسرى إليه منه سرّ سريرته

وخلاصة الفضلاء عمدتهم إذا

ما أشكل الأشكال كشف حقيقته

ومساعد النبلا بكشف غوامض

كشفت على عالي علىّ قريحته

نجني الفواكه من رياض قد نمت

وتنمنمت في روض رائض روضته

شرح الصدور ينال من تلقائه

وشفاؤها منه بلامع فطنته

لا أستطيع لفضله وصفاً ولو

بالغت في مدحي ببالغ مدحته

خمدت صحاح الفكر إذ ألفيته

قاوس فضل فاز منه ببلغته

فحجلت أن أبدي نظامي عنده

وخشيت منه أن يبوأ بخجلته

لكن هجمت على فواضل فضله

وجعلته هدياً لعالي حضرته

لا زال للطلاب خير مؤمل

فينال كل منه كامل بغيته

تبدي له الأيام رونق صفوها

وتنيله ما رام من أمنيته

ما سجع القمري فوق إراكة

وترنم العصفور وسط أريكته

نعتذر لسيدنا فيما أبديناه من هذيان تمجه المسامع ولا لقبله الطباع فغايته الحيلة على تحريك سلاسل مراسلاتكم العذبة لتتشرف بالنظر إليها العيون وتتشنف بسماعها الأسماع. يسر الله لكم العود إلى أشرف البقاع ومتعنا بمشاهدة تلك الطلعة الشريفة المتفق على شرفها الاجماع. والله يبقى المولى ومقامه مقام إبراهيم رزقاً وأماناً. محفوظاً ومحروساً مؤيداً بالله معاناً. مصوناً في الخمس من الست بالسبع. عالياً مكانه علو الشمس وحماه المفرد محفوظ وما حواه من سالم الجمع. آمين. وقد وصل ما تفضل به مولانا وكان من أعز ما وصل. وحصل به من أنواع المسرة والفرح ما حصل فالله تعالى يجزل لسيدنا المنه. ويطعمه بعد العمر الطويل من ثمار الجنه. والأيادي الكريمة والاقدام. مقبلة على الدوام والسلام. حرر في 22 ثاني الربيعين لسنة 105 وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

فراجعه سيدي الوالد عن هذه القصيدة بقوله

يا طائراً أشجي الفؤاد بنغمته

ما هاج نوحك يا هتوف بدمنته

هل هبت الأرواح من ذي ضارج

أم ذا نسيم الغور عاد بنفحته

أم قد ذكرت فروع بانات الحمى

وتجاوب الأطيار فيه بسحرته

إذ رحت تذكرني بلحن مسجع

زمناً حويت الأنس فيه برمته

ص: 75

زمناً أطعت الغيّ فيه وطالما

عاد العذول مكنباً في غصته

زمناً قضيت من الحبيب لبانتي

وجنيت ورداً فائقاً من وجنته

وغديت أسحب في ميادين الهوى

برد الشباب كرائق من سفرته

في كل وقت ألثم القمر الذي

بهر الشموس بنوره وبطلعته

وأقبل الزند الذي شبهته

في نقشه الباهي وكامل بهجته

ببديع طرس مستنير لفظه

جمع المعاني والبيان بصنعته

فكأنه سحر لهاروت غدا

يسبي العقول بسبكه وبرقته

خلت الكواكب أنزلت من أفقها

كيما تعود قلائداً في لبته

أم بدرها العالي تذلل خاضعاً

حتى تراءى غرة في جبهته

إذ كان منشيه وصائغ حليه

علم الأئمة كالشهاب بلمعته

زاكي الشمائل والخصائل منيع

للفضل والأفضال زاخر لجته

مفتاح أبواب المكارم والهدى

نفاح أرواح العبير بشيمته

ومهذب الأخلاف أوار الهدى

حاوي العلوم معظم في رتبته

ارشاد غاويها ومنهاج الذي

منها تعمس فاستنار بفكرته

كشاف مشكلها وقاضي حقها

مصباح عيهبها روائق فطنته

وجواهر البحر المحيط فرائد

سمحت بها أنظار عالي فطرته

ومقلد الأعناق أطواق الندى

من جوده الوافي ووافر منحته

ماذا أقول مجاوباً عن محكم

حار البليغ لما رأى من فطنته

فالعجز درك حيث عز مناله

من كل ذي أدب سما في همته

لكنني أظهرت عيّي راجياً

كتمانه كيلا يبوأ بخجلته

ومؤملاً ستر القبيح بفضل من

حاز الكمال بذاته وبشيمته

فاستر على العبد المؤمل صفحكم

كرماً وفضلاً ما بدا من زلته

لا زلت توليني الجميل تكرماً

وتنال من ذي العرش أوفر نعمته

ما لاح برق في الدجى أو غرد ال

شحرور وهنا في بواسق دوحته

ومن شعر القاضي المذكور قوله مادحاً سلطان الحرمين الشريفين. زيد بن محسن ابن الحسين. ومهنئاً له بالظفر بأهل غمد وهي من غرر القصائد الطنانة

العز تحت ظلال السمر والقضب

يوم الوغى ومساعي البيض لم تخب

والعزم ما خضعت صعب الرقاب له

صغراً وصارت به الأفكار في تعب

والحزم ما دان صعباً عز مدركه

وما بنى شرفاً يبقى مدى الحقب

ما عز غير فتى عضب يقوم إذا

نام العدا ويقدّ العصب أن يثب

ولا اجتنى العز من أفنان مثمرة

بالهام في ماقط من جحفل لجب

إلا امرؤ همه كسب العلا وله

سعى يقصر عنه كل ذي حسب

قد طلقت للوغى أجفانه وسناً

وسن حداً وجاز الحد في الطلب

ذو غرة كغرار السيف ماضية

وهمة في العلا تسمو على الشهب

مثل الشريف أبي عجلان من شرفت

به المعالي ونالت منتهى الأرب

أبي الحسين يمين الملك ساعده

شريف مكة عالي المجد والحسب

حامي حمى الحرم الأعلى وطيبته

زيد بن محسن رجوى كل ذي طلب

خير الملوك وخير الناس قاطبة

روح الزمان وروح الواهن الوصب

الأشرف النسب ابن الأشرف النسب ابن

الأشرف النسب ابن الأشرف النسب

الهاشمي الذي سارت مكارمه

سير الكواكب في عجم وفي عرب

ملك إذا ثوّب الداعي وقد لقحت

حرب اجاب ونار الحرب في لهب

ملك إذا ما بدا في الناس بارقه

اربي نداه على الهطالة السحب

ملك إذا راية يوم الفخار سمت

سمالها وعليها غير محتجب

ص: 76

ذو المجد كالمجد ما زادت قواضبه

أرضاً وأبقت عليها غير منتخب

ينال بالسعد إن عدت مفاخر من

بالسعي نال مرامات ولم يخب

يرى العواقب في مرآة فكره

عيناً فيدرك مرمى كل مطلب

تقضي كل مهج الأعداء رؤيته

بصارم من نجيع القوم مختضب

ويمتطى كأهل العليا على مهل

إذا سعى غيره أوجد في الخبب

عزت مساعيه عن إدراك طالبها

إن السعادة شيء غير مكتسب

رقى إلى غاية في المجد سامية

ورتبة فذّة نافت على الرتب

ما زال يسمو لها والله يسعفه

بما أراد على أمن بلا رهب

حتى أتت نحوه تسعى مطالبه

فنالها لأعلى خيل ولا نجب

فقام بالأمر شهماً دارعاً بطلاً

ممنعاً برقاق البيض واليلب

بنى ربوع المعالي بعد ما انهدمت

وشادها بكمال الفضل والأدب

ونال باللين ما أعيا تطلبه الملوك

دهراً وما نالوا سوى التعب

يلقى العدوّ بوجه مسفر طلق

فيستحيل ولا يلجبه للغضب

إذا أتاه عثور عف عن كرم

عنه إذا تاب تحقيقاً ولم يؤب

أكرم به من مليك سيد سند

بالحلم مشتمل باللطف منتقب

عليه من شيم المختار عارفة

تغنى علاه عن الأمداح والخطب

فخراً وعزا بنى الزهراء إن لكم

بفضله نسبة من أفضل النسب

يا ابن الملوك الأولى أرسوا ممالكهم

على قواعد أعيت كل منتدب

لما حموها بأطراف الأسنة عن

من ليس كفؤاً من الأطراف والوشب

واصدروا البيض حمراً بعدما وردت

من العدا كل شيخ أسود وصبي

حتى غدت ملة الاسلام وهي بهم

مكفولة أبداً منهم بخير أب

لله درك من حام ومن بطل

وخير نجل لخير العجم والعرب

أوصافك الغر في بأس وفي كرم

تنوّعت بين طعم الصبر والضرب

عقل وحلم واقدام وهزقنا

في مجمع حفل أو محفل لجب

الضيف والسيف في سلم ويوم وغى

ترجى وتخشى لبذل أو لدى غضب

غضنفر جسد في مأزق حسد

وفي السماحة غيث سح بالذهب

لو شئت قلت وخير القول أصدقه

البئر بئري وإن الماء ماء أبي

فدم وجد واسم واسلم واستقم وعلى

كيد العدو أقم وأحكم وطل وطب

وليهنك الفتح والنصر المبين على

أعدائك الغبر أهل الشر والشغب

لما عصوك وعقبي الصبر كافلة

نيل النجاح ونيل السؤل والارب

صبرت صبر كريم قادر يقظ

مدبر أمره بالحزم محتزب

وجئتهم بخميس لواتيت به

حنود عاد لعادوا منه في تعب

في مقنب من عتاق الخيل ذي رهج

مدرع بدروع الروع والرعب

وفتية ألفوا حرّ المصاع به

كأنهم تحت ظل السمر في قبب

من سادة قادة شم غطارفة

من آلك الغر أهل المجد والحسب

بيض الوجوه جحاجيح لهم أنف

عن أن يقيموا على ضيم ولا نصب

شم الأنوف من القوم الذين هم

وما لهم في سوى العلياء من أرب

تفرعت عن صميم المجد دوحتهم

من معدن الوحي مثوى خير كل نبي

معنى الرسالة مغناهم ومعهدهم

أعظم بذلك من بيت ومن سبب

فحين شاموا جيوش النصر مقبلة

شانوا ديارهم بالحتف والخرب

وقوّضوا خيم التسليم وأشجعوا

غمداً وما استعصم المسلوب بالسلب

ص: 77

وشجعوا أنفساً منهم قد امتلأت

جبنا وظنوا بان الظن لم يخب

ظنوا بأن الجبال الشم نافعة

وإنهم فئة غلب ذوو غلب

فخيب الله ما ظنوا وقد خذلوا

حقاً ولم يجدوا منجاً سوى الهرب

قلوبهم خشيت أبصارهم عميت

شاهت وجوههم خوفاً من العطب

سطا بهم فتراهم ذا يفر وذا

غدا يقر بما لاقاه من شجب

أين المفر وخيل الله طالبة

والسعد يغتالهم كالصيد من كتب

فمن يبلغ عني غير معتذر

سكان غمد مقالاً ليس بالكذب

بني عفيف وعبساً ثم خلفهم

ثقيف ترعة من ناءٍ ومقترب

ما أنتم والمعالي يا بني لكعٍ

ونسل حجاج شرابن وشرأب

ما أنتم وقراع البيض يوم وغى

في مقنب حفل أو محفل لجب

أتحسبون الوغي حرثاً بمزرعة

أو سقى أرض بها شيء من العنب

حتى وطئتم على ذل ومنقصة

مواضياً ما لكم فيهن من ذرب

وقمتم قومة الشيطان في منع

من قنّة لا على أمن وفي رعب

ان تنكروا لأبي عجلان فرسته

فيكم وفيمن مضى منكم مدي الحقب

سلوا مواضيه عن أبناء عمكم

ثقيف يوم لقيتم معشر الوشب

تنبيكم كيف ناشتهم بواتره

عن دارهم نوش قرم دارع ذرب

ما زال يركض مع أبنا أبيه بها

والنصر يقدم معواناً على النوب

حتى إذا أينعت للقطف ارؤسهم

وحان بالسيف منهم منتهى النجب

أمست ديارهم للوحش معتركاً

وأصبح الرأس منهم موضع الذنب

سلوا الحريبة عن صبح ووقعته

وقت الضحى ومثار النقع في الكثب

لما تعدوا على شاووش خلعته

ونابذوه ولم يخشوه في العقب

فدكهم بخميس لو تدك به

هضاب رضوى لعادت منه في خرب

حتى استقامت له فيهم أوامره

بالسيف واستنقذ الأرواح بالنشب

سلوا بجيلة عما كان في نضد

فوقعة الرجل ترميكم على الركب

نسيتم أو تناسيتم وقائعه

وقرعه البيض بالخطية السلب

هلا رجعتم وتبتم قبل سطوته

فيكم وسرتم إلى علياه في رغب

وسقتم المال في مرضاته فعسى

يفضي قليلاً ومن للقرع بالزغب

فللحروب رجال يعرفون بها

وللدواوين حساب ذوو كتب

لكنكم حين أيقنتم بفرسته

حقيقة واستلاب الروح والعقب

وشمتم الذبح في أخلافكم وغدت

ديارهم مأتماً للويل والحرب

وأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم

وكل منجدل منهم ومنتحب

لنتم إليه وجئتم باذلين له

طوعاً على رهب من أخذة الريب

فجاد بالعفو إحساناً ومكرمة

عن اقتدار وما هذا من العجب

فما القضاء بكم يشفى ضمائره

إن القضاء من الأكفاء في الطلب

والعفو عن مجرم من بعد مقدرة

والصفح عن ذنبه نوع من القرب

فدتك نفسي أبا عجلان من ملك

ترى المكارم فيه علة السبب

مننت بالعفو مذ دانوا إليك ولو

دانوا سواك إليه الدهر لم يجب

فحزت فيهم ثواب العفو عن كرم

وفزت بالنصر والآمال والأرب

فلا برحت قرير العين في دعة

مبلغاً ظافراً بالسعد كل أبي

وأنت ملك بفعل الخير تأمر من

بغى وتنهاه عن شر وعن شغب

مؤيداً برسول الله جدك والولي

وابنيه والزهرا وكل نبي

ص: 78

ما فاز بالنصر من رب السما ملك

وحاز بغيته عفواً بلا تعب

وأصبحت ألسن الأفراح منشدة

العز تحت ظلال السمر والقضب

وقوله مؤرخاً هذا الظفر

نزلوا بغمد أهل ترعة إذ أتى

شرف الملوك أبو علي وانتدب

زعموا بأنهم إذا نزلوا به

أنجاهم والدهر يغلب إن طلب

وتحركوا خوفاً وظنوا إنه

إن حاربوا عاف القتال وما حرب

فدعاهم للصلح واستدعى بهم

فأبوا فأرسل نحوهم جيش الطلب

فجفوا منازلهم وخلوا دورهم

قفراء خالية وجدوا في الهرب

فنحاهم جند الشريف ونكلوا

بهم وأبقوا كل دار في خرب

فاستصغروا ذلاً وعز شريفنا

فلذا أتى تاريخه زيد غلب

ومن شعره قوله أيضاً

أتزعم أنك الخدن المفدي

وأنت مصادق أعداي حقا

إليّ إليّ فاجعلني صديقاً

وصادق من أصادقه محقا

وجانب من أعاديه إذا ما

أردت تكون لي خدنا وتبقى

وهو ينظر إلى قول الأول

إذا وافى صديقك من تعادي

فقد عاداك وانقطع الكلام

وما أحسن قول الآخر

تريدين أن أرضى وترضي وتمسكي

زمامي ما عشنا معاً وعناني

إذن أبصري الدنيا بعيني واسمعي

بأذني فيها وانطقي بلساني

ص: 79