الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبراهيم بن يوسف المهتار المكي
شويعر بذي اللسان. كثير الاساءة قليل الاحسان. شر ما شعر فهدر ولم يذر. سمينه غث. وجديده رث. لا يلتقي من مختاره طرفاه. ولا يسمع رديه سامع الأقال فض الله فاه. لم يزل قذف الأعراض بهجوه. ويلفظ فوه بمثل ما تلفظه وجعاؤه من نحوه. حتى ألبسه الردي ردآه. وطهر الله الوجود من تلك الجناية والردآه. ولما هلك بقي يومين في بيته. لا يعلم أحد بموته. حتى دل عليه نتن ريحه. فالق وهو جيفة في ضريحه. ولقد تصفحت ديوانه الذي جمعه. وليت من واراه حفرته أواه معه. فلم أر فيه إلا ما تمجه الأسماع. وتحقر ألفاظه ومعانيه عن السماع. إلا كلمات كادت أن تصفو من الشوائب. ومع الخواطي سهم صائب. فمنها قصيدته التي سماها بدر النظم. في وقوع أركان بيت الله المعظم. وأولها
ماجت قواعد بيت الله واضطربت
…
واهتزت الأرض من أقطارها وربت
وأمست الكعبة الغراءُ واقعة
…
فما أشك بأن الساعة اقتربت
فأي خطب به أحشاؤنا انصدعت
…
وأي هول به ألبابنا سلبت
وأي دهر لقينا من نوائبه
…
ما لو علي الشامخات الشم لانسربت
أنا إلى الله من دنيا منغصة
…
أيامها مستردات لما وهبت
أبدت عجائب لا تقوي العقول لها
…
وأي نفس من الأيام ما عجبت
هي التي لعبت جدت وفت غدرت
…
قست ألانت أبت دانت نأت قربت
كم رام أهل النهي من قبل أعصرنا
…
صفوا لعيشهم من شوبها فأبت
وكم أرادوا بإدراك ومعرفة
…
تقويم منّادها بالرأي فاضطربت
فما نرجّي وقد ولت بشاشتها
…
وأوجه الأنس من لذاته شجبت
ما بعد منظر بيت الله منهدماً
…
تلفى حشاشة حرّ في البقا رغبت
فأي عين على ما كان ما انسكبت
…
وأي روح لما قد صار ما وصبت
لهفي على كعبة الله التي افترقت
…
احجارها بعد ما في حبها اصطحبت
لهفي على تلكم الأركان كيف هوت
…
وكيف أوهت حصاة القلب إذ قلبت
لهفي على تلكم الأستار كيف غدت
…
أيدي سبا وبوحل السحب قد سحبت
لهفي على تلك الآثار كيف عفت
…
وكيف شادت ربوع الحزن إذ خربت
لهفي على تلكم الأطفال كيف قضت
…
وكيف جذت حبال الصبر واقتضبت
لهفي على تلكم الأقمار ما شرقت
…
بالماء إلا بآفاق الثرى غربت
لهفي ولست لعمري منشداً أبداً
…
سقى مني وليالي الخيف ما شربت
فكم بأكفافها من مهجة ذهبت
…
وكم جنوب على ساحاتها وجبت
وكم بذلك من ذكرى ومعتبر
…
لمن تذكر لكنّ النهى غربت
يا خالق الخلق عفواً عن جرايمنا
…
فخوف أنفسنا مما قد ارتكبت
وقوله في صدر قصيدة
قف بالمعاهد من ميثاء ملحوب
…
شرقيّ كاظمة فالجزع فاللوب
واستلمح البرق إذ تهفو لوامعه
…
على النقا هل سقى حي الأعاريب
يا حبذا إذ بدا يفتر مبتسماً
…
أعلا الثنية من شم الشناخيب
والجو مضطرم الأرجاء تحسبه
…
برداً أصيب حواشيّه بالهوب
يا بارقاً لاح وهناً من ديارهم
…
كأنه حين يهفو قلب مرعوب
اذكرتني معهداً كنا بجيرته
…
نستقصر الدهر من حسن ومن طيب
لم أنس بالتّلّعات الجون موقفنا
…
والحي ما بين تقويض وتطنيب
وقد بدا لعيون الصحب سرب ظبا
…
حفت بظبي ببيض الهند محجوب
لم تبد تلك الدمى إلا لسفك دمى
…
ولا العذاب اللمى إلا لتعذيبي
وقوله في صدر أخرى
أذكى بقلبي لاعج الأشجان
…
برق أضاء على ربي نعمان
أجرى مدامع مقلتي أورى زنا
…
د صبابتي أشجى فؤادي العاني
ما شاقني إلا لكون وميضه
…
بربي الهوى ومعاهد الخلان
يا برق جد بالدمع في أطلالهم
…
عنى فسح الدمع قد أعياني
لم أسأل الأجفان سقى عهودهم
…
إلا وجادت لي بأحمر قان
واها لأيام العذيب إذ اللوى
…
وطنى وسكان الحمى جيران
إذ كنت طوعاً للهوى واللهو في
…
ظل الشبيبة ساحب الأردان
تشجيني الورقاء إن صدحت على
…
تلك الغصون بنغمة الألحان
ويشوقني بأن النقاء وحلول وا
…
ديه وحسن الدار بالسكان
ومن خمرياته قوله
أرح فؤادي من العذاب
…
بالراح والخرد العذاب
وعاطنيها عروس دنّ
…
كالنار كالعسجد المذاب
من كف لمياء إن تبدت
…
توارت الشمس في الحجاب
دعجاء بلجاء ذات حسن
…
لكل أهل العقول سابي
على رياض مدبجات
…
حاكت سداها يد السحاب
بها القمارى مفردات
…
على الأفانين والروابي
فبادر الأنس يا نديمي
…
وقم إلى اللهو والتصابي
أعط زمان الشباب حظاً
…
فلذة العيش في الشباب
واجسر ولا تيأسن يوماً
…
من رحمة الله في الحساب
وقوله
قم إلى بنت الكروم
…
واسقنيها يا نديمي
ما ترى الليل تولى
…
وانطفي ضوء النجوم
وأضاء الصبح ما ب
…
ين مطاريف الغيوم
وبدا الطل على الأغ
…
صان كالعقد النظيم
وشدت قمرية الاي
…
ك على الغصن القويم
وسرت ريح الخزامي
…
من ربي ظبي الصريم
فأدرها خمرة ت
…
نبي عن العصر القديم
واسقنيها لتنزيل ال
…
يوم عن قلبي همومي
هاتها لي قهوة من
…
عهد لقمان الحكيم
واملأ الكاسات إني
…
في الصبي غير ملوم
أيها النفس تصابي
…
ثم في العصيان هيمي
وعن الذل تولى
…
وعلى العز أقيمي
واكثري الذنب فربى
…
غافر الذنب العظيم
وقال موجهاً بأسماء الأنغام
سلام الله من صب مشوق
…
جريح القلب باكي المقلتين
على من حل في قلبي السويدا
…
لعزته وحل سواد عين
نائي بالصبر لما بان عنى
…
وخلفني سمير الفرقدين
فليت الركب قد وقفوا قليلاً
…
على العشاق يوم نوى الحسين
ومن مقطوعاته قوله
طفل من العرب أحوى
…
خدن الصبي والبطاله
بدا بوجه كبدر
…
في جيده الطوق هاله
وقوله مقتبساً في مليح فقير الحال
تصد وكم تصدى منك كف
…
لمن لم يدر قدرك يا مفدّي
وصدك عن أولى أدب وأما
…
من استغنى فأنت له تصدى
وقال أيضاً
اسأل الرحمن ذا الفضل له العرش ربي
…
حسن نظم الآن حاني ثم خط المتنبي
وقال مؤرخاً أيام ولاية الشريف نامي بن عبد المطلب
تأمل لديناك التي بصورفها
…
أبادت على ملك تاطد سامي
بدا فاضا ثم اعتدى الحق فانقضي
…
فمدة نامي مثل عدة نامي
وقال أيضاً
ألا لا تغضبن لمن تعالى
…
ولا تبدي الوداد لمن جفاك
ولا تر للرجال عليك حقاً
…
إذا هم لم يروا لك مثل ذاك
وقال أيضاً
كم ذا أغمض عيني ثم أفتحها
…
والدهر ما زال والدنيا بحالتها
فليت شعري ما معنى مقالتهم
…
ما بين غمضة عين وانتباهتها
وقال مضمناً
وظبي رماني عن قسى حواجب
…
بأسهم لحظ جرحها في الهوى غنم
على نفسه قليبك من ضاع عمره
…
وليس له منها نصيب ولا سهم
قال مؤلف الكتاب عفى الله عنه هنا انتهى الفصل الأول من القسم الأول من سلافة العصر. من محاسن أعيان العصر. بعون الله تعالى وفضله. وبقي علي ذكر جماعة من أهل مكة شرفها الله تعالى لم تحضرني أشعارهم كالشيخ علي بن جاد الله بن ظهيره وأخيه القاضي عبد القادر بن جار الله بن ظهيره وهما أرفع طبقة من الشيخ عبد الرحمن المرشدي والقاضي محمد بن عبد المعطي بن ظهيرة والقاضي أبو سعيد محمد بن علي الجم وهما في طبقة الشيخ عبد الرحمن وقوم آخرين في طبقتهم وجماعة من المعاصرين الموجودين الآن ولعل الله تعالى ييسر لي الحاق ما يصلح من ملح أشعارهم وطرف أخبارهم بهذا الفصل إن شاء الله تعالى وكان الفراغ من اتمام هذا الفصل يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقين من محرم الحرام عام اثنين وثمانين وألف أحسن الله ختامها وهذه قصيدة كتبها إلى بعض الأصحاب من مكة المشرفة ممن لا يتعاطى الشعر نظمها على لسان بعض أصحابه من أدباء العصر يحسن الحاقها بهذا الفصل ولا أعرف ناظمها بعينه وهي
عدنا وأعين كل الناس تنتظر
…
شوقاً لما عنكم يأتي به الخبر
وعندما سألوني قمت مرتدياً
…
بثوب احسانكم أزهو وأفتخر
وقلت حدثت ما أرويه من خبر
…
عن ابن مقلة عنه ثم فاقتصروا
إن تسألوا عن علي فهو في نعم
…
جلت ولكن لدى علياه تحتقر
أما الرباء فقد القت مقالدها
…
في سوحه وبدا في روضها زهر
وأقبلت نحوه الدنيا بأجمعها
…
تقول هب ما تشا مني وتعتذر
واليمن خيم في يمناه حين رأى
…
لليسر يسراه لم يخطر له سفر
قطعت بحراً إليه كنت أعظمه
…
خوفاً فألفيت بحراً ليس ينزجر
ولاح لي فازدريت البدر حين بدا
…
من ليس يحجبه غيم ولا فتر
أغر ذا همة علياء لو بلغت
…
إلى ذرى زحل للرفع تنتظر
يبشر البشر منه كل مفتقر
…
بما يروم ويلفي عنده الظفر
فنلت ما أرتجيه من مواهبه
…
صفواً كعيش له ما شابه كدر
فالله للمعتفي يبقى سيادته
…
ففي بقاه حياة كلها سحر
فسطروا من معالي مجدكم جملاً
…
لم تحو أمثالها عمراً مضى السير
والكل اثني بخير عنكم وغدا
…
يقول لي هكذا السادات إن ذكروا
فلا برحتم وألفاظ الورى مدحاً
…
فيكم إذا نظموا الأشعار أو نثروا
ما استحسن الناس زهراً للثنا عبقاً
…
من روض شكر له معروفكم مطر
يتلوه الفصل الثاني من القسم الأول في محاسن أهل المدينة المنورة على ساكنها وآله الكرام. أفضل الصلاة والسلام. مع أصحابه الأعلام.
الفصل الثاني
محاسن أهل المدينة المنورة