الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لله مجلسنا والغصن يعطفه
…
من نسمة الصبح تقديم وتأخير
والنهر جسم بثوب الزهر ملتحف
…
والزهر برد من الريحان مزرور
فصل الربيع إذا ما العشق وافقه
…
للقلب فيه وللأشجار تقطير
وللسماء التباس بالرياض لما
…
حكت كواكبها منها التصاوير
فالزهرة الورد والسعد الشقائق والم
…
جرة النهر والجوزاء منثور
تصرفت بي أيامي لتنقصني
…
فما تغيرت والتصريف تغيير
لا ينفع المرء تدبير يهذبه
…
إلا إذا عضد التدبير تقدير
وقال أيضاً
شهودي على أني لاذن العلى قرط
…
لباس التقى والعلم والشعر والخط
فإن قبلت مني الشهادة أثبتت
…
مرادي وإلا فالصوارم والخط
حويت ملاك المجد من قبل أن يرى
…
لمسك عذاري في صفا عارضي خط
ولم يقض لي الدهر الخوون مطالبي
…
وها قد بدا للشيب في لمتي وخط
ألا أتشكى من زماني وقد غدا
…
سلاحاً به يسطو على الأجدل البط
وتفترس الضان احتقاراً أسوده
…
ويقصر عما يدرك الجعفر الشط
وتخضع شمس الأفق منه لدى السهى
…
ويسجد لليل النهار وينحط
تخالف حكم الفضل والنقص عنده
…
فهذا به قبض وهذا له بسط
وليس لأهل النظم فيه محرك
…
فلا ماجد يعطى ولا شاذن يعطو
إلى الله أشكو جور دهري وجيرة
…
نأوا بالجفا عني ولم ينأهم شحط
تباين ما بيني وبين أحبتي
…
كان لم يكن وصل لدينا ولا ربط
نصيبهم مني دنو إذا جفوا
…
رضا ونصيبي منهم أبداً سخط
ولو صوبوا أنظارهم بي وحاولوا
…
خطا وصواباً لم يصيبوا ولم يخطوا
وقال
بدا شيب المحب فبان لما
…
عذار حبيبه في الخد لاحا
فهذا صبحه أمسى مساءً
…
وذاك مساءه أضحى صباحاً
وقال
دع الدنيا ولا تركن إليها
…
فزخرفها سيذهب عن قليل
وإن ضحكت بوجهك فهو منها
…
كضحك السيف في وجه القتيل
وأنشدني له شيخنا الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني في مرثية له في السيد مبارك بن مطلب قال وهو مما زعم أنه لم يسبق إليه وكان يقول لو لم يكن لي من الشعر إلا هذان البيتان لكفى
سفها توهم ما أرقن من الظبا
…
أيدي القيون من الأشعة جوهرا
هذا عمود الماء طلقاً جارياً
…
وافاه ما صدع العلى فتكسرا
قلت فإني لأعجب من زعمه أنه لم يسبق إليه وليس فيه غير تشبيه فرند السيف بالماء المتكسر وهذا المعنى في قول أبي العلا المعري من قصيدته المشهورة
وكل أبيض هندي به شطب
…
مثل التكسر في جار بمنحدر
وقلت أنا في السيف وأظن أني لم أسبق إليه والله أعلم
لا تحسبن فرند صارمه به
…
وشياً أجادته القيون فأبهرا
هذا ندى يمناه سال بمتنه
…
فغدا يلوح بصفحتيه مجوهرا
الشيخ جمال الدين محمد
بن عبد الله النجفي المالكي من أولاد مالك الأشتر
ذو النسب الأشتري. والأدب البحتري. سماء فضل مشرقة البروج. وحديقة دب مزهرة المروج وطود حلم لا تزعزعه الرياح وبحر علم لا يفيض الامتياح طلع في سماء البيان سراجاً وعلي في سبع الطباق منها معراجاً ونهد إلى معاقل المعاني ببلاغته ففتحها وشرع أرشية أقلامه إلي قلب البديع فمنحها. ونظم في أسلاك القريض درة المنتقى. وأجرى سلسال ترسله بين العذيب والنقي إلى أخلاق وشمايل قال منها في رياض وخمائل. وصفاء سريرة وضمير. كرع منه في عذب نمير. إن ذكرت الفتوة فهو شيخها وفتاها. أو المروة فهو مصيفها ومشتاها. ولقد عاشرته حضراً وسفراً. فألفيته على العسر واليسر كما قال الشنفري.
فلا جزع من خلة متكشف
…
ولا مرح تحت الغنى متجيل
وهو ممن دخل الهند وخدم سلطانها. وبوأته الجلالة في غربته أوطانها. وها أنا مثبت من قلايد عقيانه. وفرائد بيانه. ما تهتز له الأعطاف طرباً. وترشفه الأذواق ضرباً. فمن انشائه ما كتبه إلي مراجعاً في سنة ثلاث وسبعين وألف. الله يعلم أني لم أخم بفكرتي مبسم القلم. لا رسم خد القرطاس باسم ذلك العلم. إلا وبسطت الحيرة بناني. وقبض الحصر بياني. وصدرت بين أن أصدر الكلام بالسلام. أم أفتح الكتاب بالعتاب. وهل أقدم ثنائي عليه. أم أذكر أشواقي إليه. أحد كل أليف بصدر الكلام. من الكواكب في صدر الظلام. وأحلى بوجه الكتاب. من العقد في نحر الكعاب. إلا أن للنوي شيطاناً يوسوس في الصدور. ويبهم واضح الأمور. فلم أعلم أيهما أحسن موقعاً لديه. وأكرم موضعاً بين يديه. لعلي أنثر ألفاظاً تشرق بمعانيها. شرق الجواهر بمائها وتشرق بمبانيها. اشراق الزواهر بسمائها. وانظم كلاماً تذوب له حدا ثغور الحور. وتنقد غيرة منه عقود النحور. هيهات أن دون هذه المسرة. ورود نهر المجرة وقبل إدراك تلك المطالب. اجتناء نرجس الكواكب. وأي بليغ يتسع ذراعه. ويطول باعه. لئن يحرر ما يحسن وقعه. ويحمل ما يحمل رفعه. إلى الجناب الذي لو طاف به خطباء الأوائل. وأنكروا فصاحة سحبان وائل. ولو وقف به ابن ساعده. لتبؤ من العي مقاعده. ولعلم ثم كيف تشبه الألفاظ بالجواهر. والمعاني بالنجوم الزواهر. ولم ينسب النثر إلى الفرائد. والشعر إلى العقود والقلائد. ومتى يبرز الرق المسطور. بنضارة الروض الممطور. حرس الله تلك السماء التي تبهر بسهاها البدر. ولو أقلعت عنها تلك السحابة التي تغمر بقطرها البحر. ولا برح ذلك النادي الذي خزمت خلقته عرنين الندى. وتزينت بكواكبه سماء الهدى. وأضحى لبحر العلم قراره. وأمسى لبدر الفضل داره. حرماً لا يلجه صرف الزمان. إلا مقلداً بعهود الأمان. ولا زال تمر عليه الليالي حوالي الأجياد. والأيام في ذي الأعياد. أسأل الله أن يثني على ما أعانيه من ظماء القلب. إلى ورود ذلك المنهل العذب. وما أقاسيه من فحول الخاطر. لبعد ذلك الغمام الماطر. عودة يخضر لها عودي. ويورق بها غصن سعودي. وأن يوفقني لشكر الغمامة التي صدرت عن لج ساحته. والروضة التي وردت من سحابة راحته. فقد أحييت بقطر وأنهار. وحبيت برياحين وأزهار. إنه أرحم الراحمين. وكان كتب إلي كتاباً أخلى فقراته من السجع. وجرى فيه من استرسال الطبع. فكتبت. إليه. ما هذه البلاغة الفروية. وما هذه البديهة والروية. أكلما نشرت يمينك ورقة وضمت قلماً جلوت من الصحيفة ثغراً ومن المدام لمى. مهلاً أيها الخطيب المدرى. كم تحرص علي التلاعب بالكلام ونثره طوراً تبعثه سجعاً مقفى. وعسلاً مصفى. وتارةً فرائد امداداً. وطرايق قداداً. أما والبراعة وما وضعت. واليراعة وما رضعت. لقد رعت الدراري والدرر. وأرعبت الحجول والفرر. أملاعب يراع أنت أم ملاعب أسنه. وصاحب كتب أم كتايب مطلقة إلا عنه. لا بل الفضل أصبح لك وصفاً ونعتاً. وسمر اليراع انفردت بها برياً ونحتاً. فسللت من البلاغة سمتاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتى عذراً أيها العلم. مما ظغى به القلم. فقد بهرني نور كلامك. عن رد سلامك وشغلت عن رد السلام. فكان شغلي عنك بك. وقد وصل الكتاب الذي ألبس الثناء. وسلب العناء. وأشكى البث والحزن. وأنهل انهلال المزن. فلم أداري اليدين منه وأشكر. وأي الحسنين أصف وأذكر. أيد مبانيه التي أهدت الدر. أم يد معانيه التي كشفت الضر. فجدد المقلة. وأكد الثقة. إلى غير ذلك. فكتب إلي مجيباً. وسلك من البلاغة نهجاً عجيباً. أيد المخدوم بنصره. ودفع إلى يد اختياره زمام عصره. ما زلت أظن أن رحى البلاغة. تدور على قطب براعتي. وأن رياض الفصاحة. تشفى من رشح براعتي. وأن سحر البيان من نفثات أقلامي. وأن نور البديع من أكمة كلامي. حتى وقفت على ديباج الفضل. ودرج الكلام الفصل. وعقود يتيمات اللآل. وعقد السحر الحلال. وروضة الأدب الأنف. وعقيلة الرسائل والصحف. فتبين ثم صدى الأبنية. من رعد الغمام. وطنين الذباب من رنين الضرغام. وتميز رضاض الغبرا. من دراري الخضرا. فسرحت سوام نظري في ذلك الروض الأغن. وأكثرت من تلاوة أن بعض الظن. وجعلت أقلب في ممر تلك الأنامل الوابلية. وممشى تلك البراعة البابلية. التي ما للجداول رسوم مشيها ولا لمساقط الوسمي أثر لعابها. ولا لمحاجة
النحل حلاوة رضا بها أحداق دهش بدايع منيعها. طرب برايق بديعها. وأعجب بحسن تزودي راغباً في لطيف تنميقها حلاوة رضا بها أحداق دهش بدايع منيعها. طرب برايق بديعها. وأعجب بحسن تزودي راغباً في لطيف تنميقها
يا طالب العلم العجاب
…
لا تعد في هذا الكتاب
وانظر به يم الفضائل
…
وهو ملتظم العباب
في سجعه سجع الحما
…
م وفصله فصل الخطاب
والسطر سمط الدر متسقاً
…
على نحر الكعاب
والحرف كالقنديل والمعنى
…
به مثل الشهاب
يغنيك عن كاس المدامة
…
والنقاط عن الحباب
مثل الرياض وينتمى
…
لأنامل مثل السحاب
أكرم بمنتسب ومنتسب إلي
…
هـ وانتساب
جعل الله تلك اليد التي أهدت لنا في الحرف. نزهة الطرف. وفي السطر. برد السحر. وفي الفصل. روض الفضل. وفي السجع. فرط السمع. مصونة لا تمد إلا لتقبييل حاقد. أو موآساة وافد. إنه السميع المجيب. ومن انشائه أيضاً ما كتبه إلى الشيخ مخدوم المخاطب بفاضل خان وقد أنعم عليه مولانا السلطان بسيف في سنة إحدى وسبعين وألف. مخدومي الذي روايته أمضى في مجال الحجى. من صارم الفجر في أهاب الدجى. وآثاره الجسام. أليق في طرفه الوسام. من الفرند في متن الحسام. الذي إن نابني حادث غمدت نصلي وجردت ذكره. وإن استلامت لمازق نبذت حمايلي وتقلدت من شكره. على أن قبضي على وده أشد لمصادمي. من قبضي على قايم صارمي. وحملي منه على عاتقي في برازي. أكثر هيبة من نجاد جوازي. سد الله بفضله كل خلل. وفصل مجده كل أمر جلل. بلغني أن السلطان الذي أقام هذا الدين بالسيف. وقطع بعزاز لذبات الجنف والحيف. لا زالت سيوفه سواطع الحدود قلده من نداه بحسام يروق حسنه العيون. وتغبط جفنه الجفون. ويحد الهلال نعله. والقضاء المبرم فعله. ويدهش البوارق لمعه. ويشداء الصواعق فعله. كأنه شواظ نار. يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار. وأيم الله لق جاد ببرق لامع. على سحاب هامع. وتفضل بنهر على ذي ماء. بل بمجرة على سما. فقلت وإني متوحشاً أنسه. وأفضل ما يهدي إلى الشيء جنسه. فإنه إن عد هذا الفضل الرقاب. نقل عد هذا لفصل الخطاب. وإن هز ذاك لقرع المجن. فقد هز هذا لقطع المجن.
ثم إن كانت التهنئة لمن روى زنده. وسعد جده. ونفذ فيما أراد حده. فنحن بأن نهنى المهدي أليق وأولى. من أن نهنى بذلك المولى. أجل بذلك مولى. أجل بارك الله له بكف هو منها بمنزلة الشعاع من البدر. والخليج من البحر. والذوآبة من الشهاب. والشواظ من ذات الالتهاب. وجعله فيها آية الفتح والنصر. وحرزا واقياً من آفات العصر. وجعل بأعدائه ما بفرنده من النوا. وبأودايه ما بمتنه من استوا. إن شاء الله تعالى. ومن شعره ما كتبه من أصبهان إلى أصحابه بالعزي
أياريج هل باكرت حي بنى بكر
…
فقد هاج شوقي ما بطيك من نشر
هززت قدوداً ثم رنحها الصبا
…
خلال الرماح السمر والأغصن الخضر
وجزت رياضاً خلتهن ليالياً
…
تفتح فيها النور كالأنجم الزهر
خليلي قد عاشت بصبري يد الهوى
…
وأحلى الهوى ما مر يلعب بالصبر
لقد راعني فعل السحاب بدارها
…
ورب مريب فعله وهو لا يدري
أسايلكم عن بارق تأنسونه
…
أمتقد الأحشاء أم باسم الثغر
سقى العهد من أرض العزي معاهداً
…
بها يتقي ليث الوغى ظبية الخدر
فيا لك من أرض تتيه حصاتها
…
على الدرة الزهر أو الكوكب الدري
بها قاتل القرنين عمرو ومرحب
…
مروي المواضي في حنين وفي بدر
عليّ وليّ الله صنو محمد
…
أبو ولديه زوج فاطمة الطهر
مراكز سمر تخطر السمر بينها
…
كفاها جلاد البيض عن بيضها الغر
تذكرني هدي الكواكب معشراً
…
أناروا ضراب السمر في العثير الكدر
أنادم من حاسى المدامة عنهم
…
شهاباً يعب الشمس من راحة البدر
هزبراً إذا ضاق المكر به سطا
…
من اللدن والصمصام بالنار والظفر
إذا ما ثغور البيض يوماً تبسمت
…
يكلم من يرضى بالسنة السمر
إذا ما انتضى الصمصام هزته نشوة
…
فتحسبه غصناً تلوى على نهر
ستثنى على تلك البحار قصايدي
…
ثناء أزاهير الرياض على القطر
إذا ما نجوم الشعر باتت لوامعاً
…
طلعن على أفرادها طلعة الفجر
وما كان لفظي في القوافي نفاسة
…
أخا الدر حتى كان قلبي أخا البحر
ومنه ما ما كتبه إلي مادحاً. ولزند البلاغة قادحاً
أتاك بها الهوى تختال كبراً
…
فتاة من سلاف الدل سكرى
تكلف جفنها المخمور نهضاً
…
فيطفح كاسه غنجاً وسحرا
فمن نظم النجوم الزهر عقداً
…
وقدّ لها أديم البحر نحرا
ومن جعل السحاب لها جفوناً
…
وصاغ لها وميض البرق ثغرا
إذا خطرت سقاك الدل كأساً
…
وإن نظرت سقاك الغنج أخرا
تخيل ثغرها حبباً إذا ما
…
رشفت من الرضاب العذب خمرا
رأتني فاعتراها الوروع جهرا
…
وما علمي بما تخفيه سرا
أرتني الدر من ثغر وطرف
…
غداة وداعنا نظماً ونثرا
كشفت لها إذاً عن صبر حر
…
تظل النائبات لديه أسرا
فهزته النوى فرأته طوداً
…
وزاحمه الهوى فرآه صخرا
سلي غيداً لهوت بهن دهراً
…
وخضت الحب ضخضاخاً وغمرا
عدلهن فهل شكوت لهن وصلاً
…
وجرن فهل شكوت لهن هجرا
شربت الصبر شهداً في مساغ
…
يرى فيها الوقور الشهد صبرا
أعد فتوّتي في المجد فرعاً
…
واذكر مالكاً في الفخر بحرا
نجيب لم يلد إلا نجيباً
…
أغرّ لم يلد إلا أغرا
أب درّ له أبناء حرب
…
غدوا لو طيسها شرراً وسعرا
وخاث لهم بنجد كل صقر
…
مضي لم يرض غير المجد وكرا
يموت بكفه الطيّ رعباً
…
فيودعه فؤاد الشهم قبرا
ويغشى عثير الهيجاء ليلاً
…
فيفلق فيه للصمصام فخرا
هم سبكوا السجايا الغر تبراً
…
وأبقوهن للأبناء ذخرا
سرى في نحو روض العز عزم
…
يريني الشهب بين يديّ زهرا
فاقحمني حبات البحر شهباً
…
وأوطاني حصى المغراء جمرا
إذا ما لحت في أفق هلالاً
…
فسرعته عساك تصير بدرا
وجز كالسيل ساحة كل واد
…
عساك تموج حيث أقمت بحرا
نعم لولا اجتناب الفلك سيراً
…
لما أمسى لجين الشمس تبرا
فمن ذم النوى فلها برجلي
…
أياد لا أقوم بهن شكرا
أرتني يا ابن أحمد خلق حر
…
رأينا كل خلق فيه حرا
رأيت عليّ أهل الفضل طرا
…
يداً واسماً ومرتبةً وقدرا
فقل صافحت بعد البحر بحراً
…
بناديه وبعد البر برا
فتى أروى من الذاماء قلباً
…
وأوسع من فضاء البيد صدرا
وابرد من فؤاد الثلج عيشاً
…
والهب من شواظ النار فكرا
وأمضى من ذباب السيف عزماً
…
وأسرى من خيال الطيف مجرى
عزايم لّهنّ فكن بيضاً
…
وهز متونهن فكن سمرا
ترى غيث المكارم مبتهلاًّ
…
بساحته وروض المجد نضرا
يزدن قرونه منه ذكاءً
…
ويلقى قرنه منه هزبرا
فتى يقضي على الأيام حتى
…
له والأبيض الهندي ظفرا
أعد الأسمر الخطيّ ناباً
…
تكاد تخاله للدهر دهرا
ويورق طامسات السمر صفرا
…
فيصدرهن بعد الري حمرا
تشاهد حربه الأولى عواناً
…
وتلقى جوده المأثور بكرا
بعزم أفعم الغبراء فخراً
…
وعدل أثقل الخضراء خضرا
فيا من لم أقل بنداه إلا
…
وانحلت الورى بدواً وحضرا
تركت بحبك الأحشاء بحراً
…
وقلت بمدحك الألفاظ درا
أطعت الحب فيك وكنت مراءً
…
أبياً لم يطع للحب أمرا
فدم واقصر هواك على المعالي
…
وطل بدوامها باعا وعمرا
وقال مادحاً السيد حسين بن علي بن شدقم الحسيني المدني
زفت إلى ابن المزنة الخمر
…
والشرط أن عقولنا مهر
حمراء يلقاك الحباب بها
…
متبسماً فكأنه ثغر
وكأنه شمس يطوف بها
…
زاهي الجبين كأنه بدر
وكأنه ما بيننا قمر
…
دارت عليه الأنجم الزهر
ساق تكاد تسيل من سرف
…
أعضاؤه وفؤاده صخر
أنفقت عمري في سياسته
…
وبمثل ذلك ينفق العمر
غنىّ وقال لي اصغ مستمعاً
…
إن كان يحفظ قلبك الصدر
واسرق مرادك آمناً فلقد
…
أغفي على تفريدي الدهر
ما زال يسقيني ويشربها
…
حتى تسهل خلقه الوعر
فحتى إذا أخذت مآخذها
…
منه ومال بقده السكر
قبض الحجاب من الحياء يداً
…
فمضى به وتهتك الستر
فتلمست شفتاي وجنته
…
خلساً كما يتلمس الجمر
وجرى لنا سر أضن به
…
والسر لم يسمح به الحر
حتى أمال البدر حجفته
…
عنا وسلّ حسامه الفجر
يوم هو الأضحى وصلت به
…
من وصله ليلاً هو القدر
في بقعة تزهو جوانبها
…
فكأنهن مطارف خضر
عشق السماء رياضها فبكي
…
فيها الحيا وتبسم الزهر
يجري بها نهر تدفقه
…
ويد الحسين كلاهما غمر
للجود ذا ماء براحته
…
وبكل راجية له نهر
ما ضر سبروتا يمر بها
…
إلا بصوب بحيها القطر
أنست در كلامه فأنا
…
بالله أشهد أنه بحر
زره تعد صبا بحضرته
…
قد يتّمتك فعاله الغر
وانظر سحاباً فطر جبهته
…
ماء الحياء وبرقه البشر
واغضض جفونك إذ تقابله
…
كيلاً يطيش بلبك الذعر
كم نلت منه يداً خدلجة
…
جاءت تخلخل شوقها العذر
يا دوحة والمكرمات لها
…
فرع نما والمصطفي عتر
تنظيم وصفك فوق مقدرتي
…
والشهب لا يصطادها الصقر
وصف يطل به الحجى دمه
…
ويضل بين شعابه الفكر
كن في السماء فتلك مرتبة
…
جلت وأوجبها لك القدر
شهدي مشاهدتي جمالكم
…
والصبر عنكم كاسمه صبر
أنا مغرم ذابت ضمائره
…
حباً ووافق سره الجهر
نطقت بما تولى قريحته
…
مدحاً كما يتنظم الدر
دخرت لجودك شكرها زمناً
…
ولمثل جودك يدخر الشكر
كم حاولت تثني عليك هوى
…
فإذا ذكرتك هابك الشعر
واستدعيته ليلة إلى مجلس اجتمع فيه جمع من الأجلا وانتظم فيه عقد شمل من الأخلا فكتب إلي معتذراً ولأفنان البلاغة مهتصراً قوله
يا بارعاً في حيازة الحسب
…
وبارزاً في شرافة النسب
وحاوياً نور كل مكرمة
…
فضيها بين نرجس الشهب
عز على عبدك المتيم إن
…
دعوته مكرماً فلم يجب
عارضه من زكامه حصر
…
أصبح منه الفؤاد في لهب
فخاف إن زاركم بعارضه
…
يمنعه من رعاية الأدب
فأجبته بقولي وكانت أبياته الغراء مكتوبة في ورقة صفراء
يا بالغاً من بلاغة العرب
…
أقصى الأماني ومنتهى الأرب
ويا بليغاً حوت بلاغته
…
در المعاني وجوهر الأدب
ويا اماماً سمت فصاحته
…
قيساً وقساً في الشعر والخطب
ما الراح في صفوها ورقتها
…
مفترة عن مباسم الحبب
ولا عروس الكعاب ضاحكة
…
تبسم عن لؤلؤءٍ من الشنب
أشهى وأبهى من نظم قافية
…
أهديتها للمحب عن كثب
أفادت النفس من مسرتها
…
ما لم تفده تلافة العنب
ألبستها نظمك البديع وقد
…
وافت بليل عقداً من الشهب
فبت منها في نشوة عجب
…
معتبقاً للسرور والطرب
وفزت منها بوصل غانية
…
ترفل في حلة من الذهب
فأي قلب لم توله طرباً
…
وأي عقل دعته لم يجب
ضمنتها العذر فاستلبت بها
…
فنون هم من قلب مكتئب
إن لم تجب دعوتي فأنت فتى
…
يملا دلو الرضى إلى الكوب
سبحان موليك فطرة العتب
…
بالنظم والنثر أيما لعب
دمت من العيش في بلهنية
…
تجر أذيالها مدى الحقب
ولما وقف على مرثيتي للوالد التي شنفت المسامع وألفت بين نار الأحزان وماء المدامع عارضها بقصيدة تركت الجوهر عرضاً وشبت في الأحشاء نار الغضا وها أنا مثبت للقصيدتين وجامع بين الخريدتين وقد اجتمعا ويشوقك استماعهما فالأولى قصيدتي وهي هذه
هدّ الحمام لآل عبد مناف
…
جبلاً أناف علاه أي مناف
أودى بأبلج من ذوآبة هاشم
…
يجلو بغرته دجى الأسداف
بالجوهر الشفاف بل بالوابل
…
الوكاف بل باللهذم الرعاف
من لم يزل من بأسه ونواله
…
مردي العداة ومورد الأضياف
من لم يزل للقاصدين جنابه
…
رحب الفناء وموطأ الأكناف
من لم يزل للواردين حياضه
…
ذا ماء يرويهم بعذب صاف
من لم يزل للطالبين علومه
…
بالكشف بغنيهم عن الكشاف
من لم يزل يملى جليل جميله
…
أوصافه العليا على الوصاف
من كان يطرب من سؤال عفاته
…
طرب النشاوى من كؤوس سلاف
لله أي رزية رزأت به
…
لا يستقال تلافها بتلاف
رغمت أنوف السمهرية والظبي
…
لما أصبن بمرغم الاناف
بالمورد السمر العطاش من الكلي
…
يوم النزال ومطعم الأسياف
وتقوضت عمد المواهب والندى
…
لما رزئن بواهب الآلاف
ومطوق الأعناق من أفضاله
…
بثقال أطواق عليه خفاف
أقريش قد ذهب الآلاف فمن لكم
…
من بعد أحمد في الورى بالاف
ابني الهواشم إن طودكم هوى
…
وأرى النفوس على هواه هرافي
ذهب الذي أحيى وجدد فضله
…
لبني النبي مآثر الأسلاف
وطوى الردى من كان ينشر في الوغى
…
حلل الردى قصراً على الأعطاف
إني لأقسم عن يمين برة
…
قسم المحق ولست بالحلاف
ما خص رزؤك يا ابن هاشم عصبة
…
لكنه عم الورى بتلاف
هذي جموع المكرمات بأسرها
…
فصم المنون وفاقها بخلاف
عادت بحار المجد بعدك والعلى
…
يبساً وأذّن ماؤها بجفاف
وغدت نفوس أولي العلى مغفلّة
…
لما ذهبت ولم تجد من شاف
وبنوا الرجال تبدلت أنوارها
…
بغياهب وشهادها بدعاف
وتضعضعت أركان كل قبيلة
…
وتشبه الأذناب بالأعراف
والأسد قد فقدت لأجلك بأسها
…
فغدت براثنهن كالأظلاف
من يرتجى للجود بعدك والندى
…
والفضل والاسعاد والاسعاف
هيهات إن المكرمات جميعها
…
طارت بهن قوادم وخوافي
يا درة سمح الزمان لنا بها
…
حيناً وأرجعها إلى الأصداف
لا كان رزؤك في الرزايا إنه
…
شرف الكرام وغصة الأشراف
عجباً لوجهك كيف إذ غشوه لم
…
يغش العيون بنوره الخطاف
عجباً لنعشك كيف لم يره الطلى
…
لما غدا يعلو على الأكتاف
عجباً لموعدك المقابر كيف لم
…
يودعك بين جوانب وشغاف
عجباً لقبرك كيف لا يعلو على
…
القمرين في الاشراق والاشراف
فجيء الأنام عشاً بنعشك سائراً
…
فتبادروا أركانه بطواف
وقروا جيوبهم عليك وبادروا
…
من حسرة عضا على الأطراف
ومروا من الأجفان سحب مدامعٍ
…
تبكي عليك بها طل وكاف
لا غرو إذ كانوا بسوحك في غنى
…
عن مربع خضر وعن مصطاف
إن كفنك فإن جسمك لم يزل
…
يجتال في بردي تقي وعفاف
أو غسلوك فلن تزال مطهر ال
…
أقوال والأفعال والأوصاف
أو حنطوك فلن تزال مطيباً
…
طيباً تضوع به قرى وفيافي
صلى عليك الله قبل صلاتهم
…
وحباك بالرضوان والألطاف
يا سيد الاباء سمعاً لابنك المض
…
نى فقد أضناه طول تجافي
قد كنت بي براً وكنت مواصلاً
…
وجميل برك كافل لي كافي
فاليوم مالك قد أطلت تجنبي
…
وهجترني هجر الحبيب الجافي
أجفا وما عودتني منك الجفا
…
وعظيم حزني ليس عنك بخاف
لا بل طوتك يد البلي ومنعت عن
…
رد الجواب لسائل ولعاف
ولو استطعت لك الفداء لكنته
…
ووقيت جسمك من ثرى الأجداف
لكنني باق على حسن الوفا
…
حتى أراك به على الأعراف
لا زال يتحفك الاله برحمة
…
من فضله بلطائف الاتحاف
وعليك مني ما حييت تحيةً
…
تغشى ضريحك دائماً وتوافي
هذه قصيدة الشيخ الأجل. التي حنى نورها من روض الأدب المخضل وأعار رقتها أنفاس النسيم المعتل
أودي أخو الاسعاد والاسعاف
…
فتيقظ العاني ونام العافي
أودى فما المجد الأثيل من العلى
…
أولى بصوب المدمع الزراف
وتجاذب الأحداث أهداب المنى
…
جذلاً برحلة سيد الأشراف
من آيس الأخلاق من درك المنى
…
وأباك نقض أفاضل الأسلاف
من يعتفيه المجتدى بعزيمة
…
ثقة بنائله الكفيل الكافي
من لم نجد من غيره منّاً بلا
…
منّ ولا وعداً بلا اخلاف
ما اخضر روض علائه الأعلى
…
سحب الندى وجداول الأسياف
ما دام انصاف الزمان يد الورى
…
والدهر ليس بدايم الانصاف
فمضى ومن درر المدايح عزه
…
مثل السماء مكوكب الأطراف
أبقى الجفون سحائب منهلة
…
ومضى مضيّ البارق الخطاف
يا من إذا ما استنهضوه لحادث
…
نهض الغمام مهدل الأكناف
ومتى تربع للعطاء بمحفل
…
وقف الزمان هناك للاتحاف
سعدت بك الآلاف إلا أنه
…
كان الندى بك أسعد الآلاف
كم ماجد نسل الزمان جناحه
…
قد رشته بقوادم وخوافي
صدروا يجرون الذيول غنى وقد
…
وردوا عليك عواري الأكتاف
أغفو هنالك في ظلال بشاشة
…
عنها عيون الحادثات غوافي
مزقت أسداف الشدايد عنهم
…
بعزايم ككواكب الأسداف
فلأبكين عليك يا بحر الندى
…
بمدامع كجواهر الأصداف
فلئن بقى للمجد عندك ذمة
…
فعليّ ابنك بالأذمة وافي
أبقيت منه للمعالي ماجداً
…
فرساً تلافاهنّ قبل تلافي
قمراً تركت لهالة وغزالة
…
لطفاوة ومهنداً لغلاف