الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) - (801) - بَابُ مَنْ وَقَفَ
(21)
- 2356 - (1) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
===
(11)
- (801) - (باب من وقف)
والوقف لغةً: الحبس، يقال: وقفت الدابة بمعنى أوقفتها ومنعتها من المشي، وأوقفت السيارة: عطلتها من السير.
واصطلاحًا: حبسُ مال معين قابل للنقل يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، وقطعِ التصرف فيه، على أن يصرف في جهةِ خير؛ تقربًا إلى الله تعالى.
وأركانه أربعة: واقف، وموقوف، وموقوف عليه، وصيغة. انتهى "ب ج".
(21)
- 2356 - (1)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي (الجهضمي) البصري، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا معتمر بن سليمان) بن طرخان التيمي البصري، ثقةٌ، من التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني مولاهم البصري، ثقةٌ ثبت، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته؛ لأنه من مسند ابن عمر، بخلاف الرواية الآتية؛
قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْمَرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أَصَبْتُ
====
فإنه جعله من مسند عمر، فيكون من سداسياته؛ كما سيأتي، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (أصاب عمر بن الخطاب) أي: أخذ (أرضًا) وصارت إليه (بـ) قسم أرض (خيبر) بين الغانمين لها حين فتحت خيبر عنوة، وقسمت أرضها بينهم (فأتى) عمر (النبي صلى الله عليه وسلم حالة كون عمر (فاستأمره) أي: استشار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعل فيها، وفي رواية مسلم زيادة:(فيها) أي: يستشيره فيما يفعل بتلك الأرض من البيع أو الوقف أو المساقاة لأهلها، طالبًا في ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى فيها من إمساكها أو وقفها أو هبتها أو بيعها، وفي هذا استحباب أن يستأمر الرجل أهل العلم والدين والفضل في طرق الخير، سواء كانت دينية أو دنيوية، واستحباب أن يشير المستشار بأحسن ما يظهر له في جميع الأمور، وأن مثل هذا السؤال لا يدخله الرياء، بخلاف ما يقوله جهال المتقشفة، كذا في "مبسوط السرخسي"(12/ 21).
وقد وقع في رواية صخر بن جويرية عند البخاري في الوصايا أن اسم الأرض: شمغ، وكانت نخلًا، وذكر الحموي في "معجم البلدان" (2/ 84): أنه بسكون الميم، وقيده بعض المغاربة بالتحريك.
وأخرج عمر بن شبة في أخبار المدينة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عمر رأى في المنام ثلاث ليال أن يتصدق بشمغ، حكاه الحافظ في "الفتح".
(فقال) عمر في الاستشارة: (يا رسول الله؛ إني أصبت) أي: أخذت
مَالًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ .. حَبَسْتَ أَصلَهَا وَتَصدَّقْتَ بِهَا"،
===
في نصيبي من الغنيمة (مالًا) أي: أرضًا (بخيبر) ذات نخل، تسمى: شمغًا (لم أصب) -بضم الهمزة- من أصاب الرباعي؛ أي: آخذ (مالًا) أي: أرضًا (قط) أي: في زمن من الأزمنة الماضية من عمري (هو) أي: ذلك المال (أنفس) أي: أجود وأطيب (عندي منه) أي: من المال الذي حصلته بخيبر، وكان مقتضى السياق أن يقول: منها، ولكنه ذكَّره؛ نظرًا إلى أنها بمعنى المال، وفي "العون": الضمير يرجع إلى قوله: (أرضًا) ولعل تذكيره باعتبار تأويلها بالمال. انتهى.
والأنفس بمعنى النفيس؛ لأنه اسم فاعل من نفس المضموم، لا اسم تفضيل، والنفيس: الجيد المغتبط به، يقال: نفس المال؛ من باب كرم نفاسة؛ إذا كان جيدًا، قال الداوودي: سمي نفيسًا؛ لأنه يأخذ النفس ويجذبها إليه، كذا في "فتح الباري".
(فما) ذا (تأمرني به) فيها؟ أي: في تلك الأرض، فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن شئت .. حبست) -بتخفيف الموحدة وتشديدها- أي: وقفت (أصلها) أي: نخلها وأرضها على ملك الله تعالى، وهذا على قول الجمهور، وقال أبو حنيفة: معناه: حبسته على ملكك؛ فلا تخرجها عن ملكك بالبيع والهبة (وتصدقت بها) أي: بغلتها وحاصلها من حبوبها وثمارها وتصدقت بمنافعها.
وفي قوله: "حبست
…
" إلى آخره .. استيفاء الشروط والأركان، فأشار بالحبس إلى الصيغة، وهو يستلزم الواقف والموقوف عليه والموقوف.
قَالَ: فَعَمِلَ بِهَا عُمَرُ عَلَى أَلَّا يُبَاعَ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبَ وَلَا يُورَثَ، تَصَدَّقَ بِهَا لِلْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ،
===
وقوله: "وتصدقت بها" أي: جعلت منافعها للفقراء، وقد وقع ذلك صريحًا في رواية يحيى بن سعيد عند الطحاوي، ولفظها:"تصدَّقَ بثمرِه، وحَبَسَ أصلَهُ"، وفي رواية عبيد الله بن عمر عند النسائي:"احبس أصلها، وسبل ثمرتها".
والتسبيل: الإباحة؛ كأنك جعلت عليها طريقًا مطروقة، كذا في "مجمع البحار"، وقال السندي: قوله: "وسبل" - بتشديد الباء - أي: اجعل ثمرتها في سبيل الله، ومنه يقال: الوقف المسبل؛ يعني: المباح لكل أحد.
(قال) ابن عمر: (فعمل بها) أي: تصدق بها (عمر) أي: وقف أرضه رضي الله تعالى عنه (على) شرط (ألا يباع أصلها) أي: أرضها ونخلها وأشجارها؛ أي: لا يبيعه الواقف ولا الناظر (ولا يوهب) أصلها: أي: لا يهبه الواقف ولا الناظر (ولا يورث) أصلها لوارث الواقف، وظاهره أن هذا الشرط من كلام عمر رضي الله تعالى عنه، وفي رواية مسلم زيادة:(قال) ابن عمر: فـ (تصدق بها) أي: بتلك الأرض عمر على أن تصرف غلتها (للفقراء) أي: تقسم حبوبها وثمارها للفقراء الذين لا مال لهم ولا كسب يقع موقعًا من حاجاتهم.
(و) على أن تصرف (في) ذوي (القربى) للواقف، أي: وفي الأقارب له، والمراد: قربى الواقف؛ لأنهم الأحق بصدقة قريبهم، ويحتمل -على بعد- أن يراد به: قربى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في الغنيمة (و) على أن تصرف (في الرقاب) أي: في فك الرقاب وعتقهم وإخراجهم من رقهم؛ بأن يشترى من غلتها رقاب فيعتقون (و) على أن تصرف (في سبيل الله) تعالى؛ أي: في
وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ.
===
مؤن الجهاد، وهو أعم من الغزاة ومن شراء آلات الحرب وغير ذلك (و) على أن تصرف في حوائج (ابن السبيل) والمسافرين (و) في حوائج (الضيف) والمراد به: مريد السفر.
وأطلق عليه ابن السبيل؛ لشدة ملازمته للسبيل؛ وهي الطريق، ولو بالقصد، وبالضيف: من نزل بقوم وهو يريد القرى منهم، قال العيني في "العمدة": وهو من قبيل عطف العام على الخاص؛ لأن الضيف يكون من المسافر ومن المقيم.
(لا جناح) أي: لا ذنب ولا إثم (على من وليها) أي: ولي أمر هذه الصدقة وسياستها وعملها (أن يأكل منها) أي: من غلتها وثمرتها (بالمعروف) أي: بالوجه المعروف شرعًا، وبالذي يتعارفه الناس فيما بينهم؛ بحيث لا ينسبون فاعله لإفراط فيه ولا تفريط، قال القرطبي: جرت العادة بأن العامل يأكل من ثمرة الوقف حنى لو اشترط الواقف أن العامل لا يأكل منه .. يستقبح ذلك منه.
والمراد بالمعروف: القدر الذي جرت به العادة، وقيل: القدر الذي يدفع به الشهوة، وقيل: المراد: أن يأخذ منه قدر أجرة عمله، والأول أولى، كذا في "فتح الباري".
(أو يطعم) معطوف على يأكل؛ أي: لا جناح على من وليها أن يأكل هو بنفسه منها بالمعروف أو أن يطعم (صديقًا) له منها بالمعروف، والصديق - بفتح الصاد وكسر الدال المخففة - ضد العدو.
وقوله: (غير متمول) منها حال من فاعل يأكل ويطعم؛ أي: له أن يأكل