المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(58) - (848) - باب اللقطة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْهِبَاتِ

- ‌(1) - (791) - بَابُ الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَ

- ‌(2) - (792) - بَابُ مَنْ أَعْطَى وَلَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ

- ‌(3) - (793) - بَابُ الْعُمْرَى

- ‌(4) - (794) - بَابُ الرُّقْبَى

- ‌(5) - (795) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌(6) - (796) - بَابُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابِهَا

- ‌(7) - (797) - بَابُ عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌بشارة عظيمة

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَاتِ

- ‌(8) - (798) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌(9) - (799) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا تُبَاعُ هَلْ يَشْتَرِيهَا

- ‌(10) - (800) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا

- ‌(11) - (801) - بَابُ مَنْ وَقَفَ

- ‌تتمة

- ‌(12) - (802) - بَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌(13) - (803) - بَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌(14) - (804) - بَابُ الْأَمِينِ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَرْبَحُ

- ‌(15) - (805) - بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌(16) - (806) - بَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌تتمة

- ‌تتمة

- ‌(17) - (807) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ

- ‌(18) - (808) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا لَمْ يَنْوِ قَضَاءَهُ

- ‌(19) - (809) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌(20) - (810) - بَابٌ: مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا .. فَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ

- ‌(21) - (811) - بَابُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ

- ‌فائدة

- ‌(22) - (812) - بَابُ حُسْنِ الْمُطَالَبَةِ وَأَخْذِ الْحَقِّ فِي عَفَافٍ

- ‌(23) - (813) - بَابُ حُسْنِ الْقَضاءِ

- ‌(24) - (814) - بَابٌ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ سُلْطَانٌ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (815) - بَابُ الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَالْمُلَازَمَةِ

- ‌(26) - (816) - بَابُ الْقَرْضِ

- ‌(27) - (817) - بَابُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(28) - (818) - بَابٌ: ثَلَاثٌ مَنِ ادَّانَ فِيهِنَّ .. قَضَى اللهُ عز وجل عَنْهُ

- ‌كتاب الرّهون

- ‌(29) - (819) - بَابُ رَهْنِ الدِّرْعِ

- ‌فائدة

- ‌(30) - (820) - بَابٌ: الرَّهْنُ مَرْكوبٌ وَمَحْلُوبٌ

- ‌(31) - (821) - بَابُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ

- ‌(32) - (822) - بَابُ أَجْرِ الْأُجَرَاءِ

- ‌(33) - (823) - بَابُ إِجَارَةِ الْأَجِيرِ عَلَى طَعَامِ بَطْنِهِ

- ‌(34) - (824) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَقِي كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ وَيَشْتَرِطُ جَلْدَةً

- ‌(35) - (825) - بَابُ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(36) - (826) - بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ

- ‌(37) - (827) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌(38) - (828) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُزَارَعَةِ

- ‌(39) - (829) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(40) - (830) - باب اسْتِكْرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ

- ‌(41) - (831) - بَابُ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌(42) - (832) - بَابُ مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ

- ‌فائدة

- ‌(43) - (833) - بَابُ تَلْقِيحِ النَّخْلِ

- ‌(44) - (834) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ

- ‌(45) - (835) - بَابُ إِقْطَاعِ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ

- ‌(46) - (836) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ

- ‌(47) - (837) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ

- ‌(48) - (838) - بَابُ الشُّرْبِ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَمِقْدَارِ حَبْسِ الْمَاءِ

- ‌(49) - (839) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَاءِ

- ‌(50) - (840) - بَابُ حَرِيمِ الْبِئْرِ

- ‌(51) - (841) - بَابُ حَرِيمِ الشَّجَرِ

- ‌(52) - (842) - بَابُ مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ

- ‌كتاب الشُّفْعة

- ‌(53) - (843) - بَابُ مَنْ بَاعَ رِبَاعًا .. فَلْيُؤْذِنْ شَرِيكَهُ

- ‌(54) - (844) - بَابُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ

- ‌(55) - (845) - بَابٌ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ .. فَلَا شُفْعَةَ

- ‌(56) - (846) - بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌(57) - (847) - بَابُ ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ

- ‌(58) - (848) - بَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(59) - (849) - بَابُ الْتِقَاطِ مَا أَخْرَجَ الْجُرَذُ

- ‌(60) - (850) - بَابُ مَنْ أَصَابَ رِكَازًا

- ‌كتابُ العتق

- ‌(61) - (851) - بَابُ الْمُدَبَّرِ

- ‌تتمة

- ‌(62) - (852) - بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌(63) - (853) - بَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌(64) - (854) - بَابُ الْعِتْقِ

- ‌(65) - (855) - بَابٌ: مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(66) - (856) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ

- ‌(67) - (857) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ

- ‌(68) - (858) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌(69) - (859) - بَابُ عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(70) - (860) - بَابُ مَنْ أَرَادَ عِتْقَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ .. فَلْيَبْدَأْ بِالرَّجُلِ

الفصل: ‌(58) - (848) - باب اللقطة

(58) - (848) - بَابُ اللُّقَطَةِ

(129)

- 2464 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ

===

(58)

- (848) - (باب اللقطة)

أي: لقطة غير الحيوان؛ كما يفهم مما سيأتي.

* * *

(129)

- 2464 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد بن الصلت (الثقفي) أبو محمد البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن خالد) بن مهران (الحذاء) أبي المنازل - بفتح الميم، وقيل: بضمها وكسر الزاي - البصري، وهو ثقة يرسل، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي العلاء) يزيد بن عبد الله بن الشخير. يروي عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري البصري، ثقة تابعي، من الثانية، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ)، أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن مطرف) بن عبد الله بن الشخير العامري الحرشي أبي عبد الله البصري، ثقة عابد فاضل، من الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عياض بن حمار) - بكسر المهملة فيهما - التميمي المجاشعي الصحابي

ص: 399

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً .. فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ، ثُمَّ لَا يُغَيِّرْهُ وَلَا يَكْتُمْ؛ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا .. فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا .. فَهُوَ مَالُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ".

===

الشهير رضي الله تعالى عنه، سكن البصرة، وعاش إلى حدود الخمسين (50 هـ). يروي عنه:(م عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عياض: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وجد لقطة) غير حيوان؛ أي: مالًا ضائعًا عن صاحبه .. (فليشهد) من الإشهاد.

قال الخطابي: هو أمر تأديب وإرشاد؛ لخوف تسويل النفس والشيطان وانبعاث الرغبة فيها، فتدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة، وربما يموت فيدعيها ورثته. انتهى "سندي".

أي: فليشهد على أخذها (ذا عدل) أي: رجلًا واحدًا صاحب عدالة وثقة.

(أو ذوي عدل) قال النبي صلى الله عليه وسلم، أو الراوي، فالشك من الراوي فيما قاله صلى الله عليه وسلم أو ممن دونه فيما قاله الراوي:(ثم) بعد أخذها والإشهاد عليها (لا يغيره) عن الصفة التي وجدها عليها بتبديل عفاصها أو وكائها أو ذاتها (ولا يكتمـ) ـها عن الناس فيخبرها لهم (فإن جاء ربهما) أي: صاحب تلك اللقطة ومالكها، ووصفها بذكر جنسها ونوعها وصفتها وعفاصها ووكائها وقدرها .. (فهو) أي: صاحبها الذي وصفها (أحق بها) أي: مستحق لأخذها؛ لثبوت كونه مالكًا لها بوصفها فأدها إليه (وإلا) أي: وإن لم يجيء صاحبها ويعرف بها .. (فهو) أي: فذلك الملقوط (مال الله يؤتيه) سبحانه (من يشاء) فتملك به وانتفع به بقصد ضمانها إذا ظهر صاحبها يومًا من الأيام.

ص: 400

(130)

- 2465 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عياض بن حمار بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(130)

- 2465 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام حجة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سلمة بن كهيل) - بضم الكاف مصغرًا - الحضرمي أبي يحيى الكوفي، ثقة، من الرابعة، يتشيع. يروي عنه:(ع).

(عن سويد) مصغرًا (ابن غفلة) - بفتح المعجمة والفاء - ابن عوسجة أبي أمية الجعفي، ثقة مخضرم، من الثانية، من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلمًا في حياته، ثم نزل الكوفة، ومات سنة ثمانين (80 هـ)، وله مئة وثلاثون سنة. يروي عنه:(ع).

ص: 401

قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعُذَيْبِ الْتَقَطْتُ سَوْطًا فَقَالَا لِي: أَلْقِهِ، فَأَبَيْتُ،

===

(قال) سويد: (خرجت) أنا (مع زيد بن صوحان) - بضم الصاد المهملة - اختلف في صحبته: فأنكرها ابن عبد البر، وأثبتها الرشاطي وغيره، فروى عن أبي عبيدة أن له وفادةً وصحبةً، وقد أخرج أبو يعلى وابن منده عن علي رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى من سبقه بعض أعضائه إلى الجنة .. فلينظر إلى زيد بن صوحان" ذكره الحافظ في "الإصابة"(1/ 566) ولم يتكلم في إسناده بشيء، ثم قطعت يد زيد رضي الله تعالى عنه في القادسية، ثم استشهد سائر جسده في وقعة الجمل، حيث كان مع علي رضي الله تعالى عنه.

(وسلمان بن ربيعة) مختلف في صحبته أيضًا، قال أبو حاتم: له صحبة يكنى أبا عبد الله، وقال أبو عمر: ذكره العقيلي في الصحابة، وهو عندي كما قال أبو حاتم: له صحبة، وأنكر ابن منده صحبته، ويقال له: سلمان الخيل؛ لخبرته بها، وذكر ابن حبان أنه أول من استقضي على الكوفة، وكان يلي الخيول أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، كذا في "الإصابة"(2/ 59 - 60).

أي: قال سويد: خرجنا معهما من المدينة غازين؛ أي: حالة كوننا مريدين الغزو والجهاد، ولم أقف على اسم تلك الغزوة (حتى إذا كنا) نحن متلبسين (بالعذيب) - مصغرًا - اسم موضع .. (التقطت سوطًا) أي: وجدت في ذلك المكان سوطًا فأخذته (فقالا لي) أي: فقال زيد وسلمان لي: (ألقه) أي: ألق هذا السوط وارمه؛ أمر من الإلقاء (فأبيت) وامتنعت من إلقائه ورميه.

ولفظ رواية مسلم مع عبارة "الكوكب": (قال سويد: خرجت أنا وزيد بن صوحان وسليمان بن ربيعة) من المدينة حالة كوننا (غازين) أي: مريدين الغزو

ص: 402

فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ .. أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَصَبْتَ، الْتَقَطْتُ مِئَةَ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:"عَرِّفْهَا سَنَةً"، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:"عَرِّفْهَا"،

===

والجهاد ولم أقف على اسم تلك الغزوة (فوجدت) أنا (سوطًا) ساقطًا عن صاحبه، زاد أحمد من طريق سفيان عن سلمة:(حتى إذا كنا بالعذيب) مصغرًا (وجدت سوطًا، فأخذته فقالا) أي: قال (لي) زيد وسليمان: (دعه) أي: دع هذا السوط واتركه ولا تأخذه (فقلت) لهما: (لا) أتركه (ولكني) آخذه و (أعرفه) من التعريف (فإن جاء صاحبه) وظهر أؤديه له (وإلا) أي: وإن لم يظهر صاحبه .. (استمتعت) أي: انتفعت (به) أي: بهذا السوط بعد تملكه بقصد ضمانه لصاحبه إذا ظهر. انتهى لفظ "مسلم".

قال سويد: (فلما) رجعنا من تلك الغزاة و (قدمنا المدينة .. أتيت) أي: جئت أنا (أبي بن كعب) بن قيس الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنه (فذكرت ذلك) أي: أخبرت ذلك الذي وقع لي من أخذ السوط، وقولهما لي: دعه ولا تأخذه (له) أي: لأبي بن كعب (فقال) لي أبي بن كعب: (أصبت) أي: وافقت الصواب في أخذك السوط، ثم قال لي أبي بن كعب: ولكن أذكر لك مصداق ما قلته لك، فأقول لك: إني (التقطت) لقطة (مئة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته) صلى الله عليه وسلم عن حكمها.

(فقال) لي: (عرفها سنة) من التعريف، أي: استخبر عن صاحبها حولًا كاملًا، قال أبي:(فعرفتها) أي: فعرفت تلك المئة (فلم أجد) بعد تعريفي إياها (أحدًا يعرفها) من المعرفة؛ أي: يعرف تلك المئة، قال أبي: ثم بعد تعريفي سنة أتيته صلى الله عليه وسلم فأخبرته بتعريفي إياها سنة (فسألته) صلى الله عليه وسلم عن حكمها ثانيًا (فقال) لي: (عرفها) من التعريف؛

ص: 403

فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهَا، فَقَالَ:"اعْرِفْ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا وَإِلَّا .. فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ".

===

أي: عرفها ثانيًا (فعَرَّفْتُها) حولًا ثانيًا (فلم أَجِدْ) أيضًا (أحدًا يعرفها) من المعرفة، قال أبي: ثم أتيته في الثالثة، فأخبرته بشأني وشانها.

(فقال) لي في الثالثة: (اعرف وعاءها) هل من جلد أو خرقة (ووكاءها) أي: خيطها الذي ربطت به (وعددها) أي: عدد تلك الدنانير (ثم) بعدما عرفت صفاتها المذكورة .. (عَرِّفها سنة) كاملة؛ (فإن جاء) ووجد (من يعرفها) بصفاتها المذكورة .. فأدها إليه وجوبًا أو ندبًا على الخلاف المذكور في ذلك (وإلا) أي: وإن لم يجئ صاحبها .. (فهي) أي: فتلك الدنانير سبيلُها (كسبيل مالِكَ) أي: حكمها كحكم مالك الذي كَسَبْتَه في الانتفاعِ بها بقصدِ ضمانها إن جاء صاحبها، وهذا أمر إباحة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة، ومسلم في كتاب اللقطة، وأبو داوود في كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به على الترجمة.

قال القرطبي: استدلال أبي بن كعب بحديث المئة دينار؛ حيث سئل عن التقاط السوط .. يدل على أن مذهبه التسوية بين قليل اللقطة وكثيرها في وجوب التعريف بها سنةً، وأنه يستظهر بعد ذلك بحولين، وهذا لم يقل به أحد في الشيء اليسير، وقدمنا أنه لم يأخذ أحد من العلماء بتعريف ثلاثة أعوام في الشيء اليسير، إلا شيء روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه والجمهور على

ص: 404

(131)

- 2466 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ

===

أن التعريف فيما له بال سنة؛ لأن صاحبها إن كان حاضرًا .. تنبه لها وتذكرها، وظهر طلبه لها في هذه السنة، وإن كان غائبًا .. أمكن عوده وطلبها في هذه السنة، أو يسمع خبره فيها، فإذا لم يأت بعد السنة .. فالظاهر الغالب أنه هلك، وأن هذا المال ضائع، فواجده أولى به؛ لما تقدم في الشيء الكثير.

فأما في الشيء اليسير .. فيمكن أن يكون تركه استسهالًا واستخفافًا، وأنه غير محتاج إليه، وهذا في التمرة والكسرة واضح، فلا يحتاج إلى تعريف، وألحق بعض أصحابنا أقل من الدرهم بذلك.

وأبعد أبو حنيفة فقال: لا تعريف في أقل من ثمانية دراهم، وأبعد من هذا قول إسحاق: إن الدينار لا يحتاج إلى تعريف؛ تمسكًا بحديث علي رضي الله تعالى عنه، وقد قدمنا أنه لا حجة فيه، وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأُبيّ بزيادة التعريف على سنة بسنة أو سنتين على اختلاف الرواية .. فذلك مبالغة واحتياط على جهة الاستحباب، لا سيما استغناء الملتقط عن الانتفاع، قالوا: وكذلك كان أُبَيٌّ رضي الله تعالى عنه مستغنيًا عنها. انتهى من "المفهم".

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عياض بن حمار بحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(131)

- 2466 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا أبو بكر) الصغير عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله (الحنفي) البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:

ص: 405

ح وَحَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ

===

(ع)، وأما أبو بكر الحنفي الكبير .. فاسمه عبد الله بن عبيد الله، قال الأثرم عن أحمد: ثقة.

(ح وحدثنا حرملة بن يحيى) بن حرملة بن عمران أبو حفص التجيبي المصري صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(قالا) أي: قال أبو بكر وعبد الله بن وهب: (حدثنا الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام (القرشي) الأسدي الحزامي - بكسر أوله وبالزاي - أبو عثمان المدني صدوق يهم، من السابعة. يروي عنه:(م عم).

(حدثني سالم) بن أبي أمية (أبو النضر) مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني، ثقة ثبت وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن بسر بن سعيد) - بضم الموحدة وسكون المهملة - المدني العابد مولى ابن الحضرمي، ثقة فاضل، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن زيد بن خالد الجهني) المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.

وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

ص: 406

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإِنِ اعْتُرِفَتْ .. فَأَدِّهَا، فَإِنْ لَمْ تُعْتَرَفْ .. فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا

===

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن) حكم (اللقطة) واستظهر الحافظ في "الفتح" أن اسمه سويد الجهني، قال: وهو أولى ما يفسر به هذا المبهم؛ أي: سئل عن حكمها من أخذها أو تركها؛ وهي المال الضائع الملقوط من لقط الشيء؛ من باب قتل، والتقطه إذا أخذه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك السائل:(عرفها) من التعريف؛ أي: استخبر عن صاحبها (سنة) في مواضع التقاطها وعلى أبواب المساجد (فإن اعترفت) بالبناء للمفعول؛ أي: عرفها واحد من الناس .. (فأدها) إلى الذي عرفها (فإن لم تعترف) أي: لم يعرفها أحد من الناس .. (فاعرف) أنت بنفسك (عفاصها ووكاءها) أي: وعاءها؛ والعفاص - بكسر العين -: الوعاء الذي يكون فيه النفقة جلدًا كان أو خرقةً أو غير ذلك.

قال الحافظ في "الفتح": وقيل له: العفاص؛ من العفص؛ وهو الثني؛ لأن الوعاء يثنى على ما فيه، والعفاص أيضًا: الجلد الذي يكون على رأس القارورة، وأما الذي يدخل فم القارورة من جلد أو غيره .. فهو الصمام - بكسر الصاد المهملة - فحيث ذكر العفاص مع الوعاء .. فالمراد به الثاني، وحيث لم يذكر العفاص مع الوعاء .. فالمراد به الأول. انتهى من "الفتح"(5/ 81).

يعني: الجلد الذي تكون فيه النفقة، وفي رواية مسلم:(ووكاءها) وهو الخيط الذي يشد به رأس الكيس والجراب والقربة ونحو ذلك؛ أي: اعرف عفاصها ووكاءها؛ لتعلم صدق واصفها من كذبه، ولئلا تختلط بماله وتشتبه عليه؛ والمراد: أن ذلك يكون علامة لما التقطه؛ فمن يعرفها أو يطلبها بتلك الصفة .. دفعت إليه، كذا في "جامع الأصول" لابن الأثير.

ص: 407

ثُمَّ كُلْهَا؛ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا .. فَأَدِّهَا إِلَيْهِ".

===

وقال الحافظ: والغرض معرفة الآلات التي تحفظ اللقطة، ويلتحق بما ذكر معرفة الجنس والصفة والقدر والكيل فيما يكال، والوزن فيما يوزن، والذرع فيما يذرع، وقال جماعة من الشافعية: يستحب تقييدها بالكتابة خوف النسيان.

(ثم) تملكها و (كلها) أي: انتفع بها بقصد ضمانها إن جاء صاحبها (فإن جاء صاحبها) يومًا من الدهر .. (فأدها) أي: فأد بدلها (إليه) إن أكلت، أو نفسها إن لم تأكل.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها إليه، ومسلم في كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة، وأبو داوود في كتاب اللقطة، باب التعريف باللقطة، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل، وقال: حديث زيد بن خالد حسن.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 408