المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(55) - (845) - باب: إذا وقعت الحدود .. فلا شفعة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْهِبَاتِ

- ‌(1) - (791) - بَابُ الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَ

- ‌(2) - (792) - بَابُ مَنْ أَعْطَى وَلَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ

- ‌(3) - (793) - بَابُ الْعُمْرَى

- ‌(4) - (794) - بَابُ الرُّقْبَى

- ‌(5) - (795) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌(6) - (796) - بَابُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابِهَا

- ‌(7) - (797) - بَابُ عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌بشارة عظيمة

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَاتِ

- ‌(8) - (798) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌(9) - (799) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا تُبَاعُ هَلْ يَشْتَرِيهَا

- ‌(10) - (800) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا

- ‌(11) - (801) - بَابُ مَنْ وَقَفَ

- ‌تتمة

- ‌(12) - (802) - بَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌(13) - (803) - بَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌(14) - (804) - بَابُ الْأَمِينِ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَرْبَحُ

- ‌(15) - (805) - بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌(16) - (806) - بَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌تتمة

- ‌تتمة

- ‌(17) - (807) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ

- ‌(18) - (808) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا لَمْ يَنْوِ قَضَاءَهُ

- ‌(19) - (809) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌(20) - (810) - بَابٌ: مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا .. فَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ

- ‌(21) - (811) - بَابُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ

- ‌فائدة

- ‌(22) - (812) - بَابُ حُسْنِ الْمُطَالَبَةِ وَأَخْذِ الْحَقِّ فِي عَفَافٍ

- ‌(23) - (813) - بَابُ حُسْنِ الْقَضاءِ

- ‌(24) - (814) - بَابٌ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ سُلْطَانٌ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (815) - بَابُ الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَالْمُلَازَمَةِ

- ‌(26) - (816) - بَابُ الْقَرْضِ

- ‌(27) - (817) - بَابُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(28) - (818) - بَابٌ: ثَلَاثٌ مَنِ ادَّانَ فِيهِنَّ .. قَضَى اللهُ عز وجل عَنْهُ

- ‌كتاب الرّهون

- ‌(29) - (819) - بَابُ رَهْنِ الدِّرْعِ

- ‌فائدة

- ‌(30) - (820) - بَابٌ: الرَّهْنُ مَرْكوبٌ وَمَحْلُوبٌ

- ‌(31) - (821) - بَابُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ

- ‌(32) - (822) - بَابُ أَجْرِ الْأُجَرَاءِ

- ‌(33) - (823) - بَابُ إِجَارَةِ الْأَجِيرِ عَلَى طَعَامِ بَطْنِهِ

- ‌(34) - (824) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَقِي كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ وَيَشْتَرِطُ جَلْدَةً

- ‌(35) - (825) - بَابُ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(36) - (826) - بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ

- ‌(37) - (827) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌(38) - (828) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُزَارَعَةِ

- ‌(39) - (829) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(40) - (830) - باب اسْتِكْرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ

- ‌(41) - (831) - بَابُ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌(42) - (832) - بَابُ مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ

- ‌فائدة

- ‌(43) - (833) - بَابُ تَلْقِيحِ النَّخْلِ

- ‌(44) - (834) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ

- ‌(45) - (835) - بَابُ إِقْطَاعِ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ

- ‌(46) - (836) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ

- ‌(47) - (837) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ

- ‌(48) - (838) - بَابُ الشُّرْبِ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَمِقْدَارِ حَبْسِ الْمَاءِ

- ‌(49) - (839) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَاءِ

- ‌(50) - (840) - بَابُ حَرِيمِ الْبِئْرِ

- ‌(51) - (841) - بَابُ حَرِيمِ الشَّجَرِ

- ‌(52) - (842) - بَابُ مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ

- ‌كتاب الشُّفْعة

- ‌(53) - (843) - بَابُ مَنْ بَاعَ رِبَاعًا .. فَلْيُؤْذِنْ شَرِيكَهُ

- ‌(54) - (844) - بَابُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ

- ‌(55) - (845) - بَابٌ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ .. فَلَا شُفْعَةَ

- ‌(56) - (846) - بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌(57) - (847) - بَابُ ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ

- ‌(58) - (848) - بَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(59) - (849) - بَابُ الْتِقَاطِ مَا أَخْرَجَ الْجُرَذُ

- ‌(60) - (850) - بَابُ مَنْ أَصَابَ رِكَازًا

- ‌كتابُ العتق

- ‌(61) - (851) - بَابُ الْمُدَبَّرِ

- ‌تتمة

- ‌(62) - (852) - بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌(63) - (853) - بَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌(64) - (854) - بَابُ الْعِتْقِ

- ‌(65) - (855) - بَابٌ: مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(66) - (856) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ

- ‌(67) - (857) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ

- ‌(68) - (858) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌(69) - (859) - بَابُ عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(70) - (860) - بَابُ مَنْ أَرَادَ عِتْقَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ .. فَلْيَبْدَأْ بِالرَّجُلِ

الفصل: ‌(55) - (845) - باب: إذا وقعت الحدود .. فلا شفعة

(55) - (845) - بَابٌ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ .. فَلَا شُفْعَةَ

(121)

- 2456 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ

===

(55)

- (845) - (باب: إذا وقعت الحدود .. فلا شفعة)

(121)

- 2456 - (1)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(وعبد الرحمن بن عمر) بن يزيد بن كثير الزهري أبو الحسن الأصبهاني، لقبه: رُسْتَه - بضم الراء وسكون المهملة وفتح المثناة - ثقة له غرائب وتصانيف، من صغار العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، وله اثنتان وسبعون سنة. يروي عنه (ق).

(قالا: حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين (212 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، إمام الفروع، ثقة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الزهري) محمد بن مسلم ابن شهاب، ثقة إمام، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن سعيد بن المسيب) بن حزن، ثقة، من الثانية، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).

ص: 370

وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ .. فَلَا شُفْعَةَ.

===

(وأبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

كلاهما رويا (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى) وحكم (بالشفعةِ فيما) أي: في كلِّ مشترك مشاع قابل للقسمة (لم يقسم) قَبْلُ (فإذا) قسم و (وقعت الحدود) أي: العلامات التي تميز كل نصيب عن الآخر، والحدود: جمع حد؛ وهو هنا: ما تتميز به الأملاك بعد القسمة، وأصل الحد: المنع؛ ففي تحديد الشيء منع خروج شيء منه، ومنع دخول غيره فيه، (وصُرفت الطرق) كما في "الصحيحين" - بضم الصاد المهملة وكسر الراء المخففة وتُشدَّد - أي: بُينت مصارفها وشوارعها .. (فلا شفعة) لأنه لا مجال لها بعد أن تميزت الحقوق بالقسمة.

والعلة في مشروعية الشفعة: دفعُ ضررِ مؤنةِ القِسْمَةِ بين الشريك القديم والشريك الحادث، وضرر استحداث المرافق في الحصة الصائرة إليه؛ أي: إلى الشفيع؛ كمَصْعَدٍ ومِتْوَرٍ وبَالَوعةٍ، فإذا قُسم أولًا .. فلا ضرورةَ إلى الشفعة.

وهذا الحديث أصل في ثبوت الشفعة، وقد أخرجه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر بلفظ: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شِرْكٍ لم يقسم رَبْعة أو حائطٍ، ولا يحل له أن يبيع حتى يُؤْذِنَ شريكَه، فإن شاء .. أخذ، وإن شاء .. ترك، فإذا باع ولم يؤذنه .. فهو أحق به.

والربعة - بفتح الراء -: تأنيث الربع؛ وهو المنزل والحائط البستان.

ص: 371

(121)

- 2456 - (م) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ،

===

وقد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار وبما فيه، ومشهور مذهب المالكية والشافعية والحنابلة تخصيصها بالعقار؛ لأنه أكثر الأنواع ضررًا.

والمراد بالعقار: الأرض وتوابعها المثبتة فيها للدوام؛ كالبناء وتوابعه، الداخلة في مطلق البيع من الأبواب والرُّفُوف والمسامير وحَجَرَي الطاحونِ والأشجار؛ فلا تَثْبُتُ في منقولٍ غيرِ تابع، ويشترط أن يكون قابلًا للقسمة، واحترز به عما إذا كان لا يقبلها، أو يقبلها بضرر؛ كالحمام ونحوها؛ لما سبق أن علة ثبوت الشفعة دفع ضررِ مؤنة القسمة واستحداثِ المرافق في الحصة الصائرة إلى الشفيع. انتهى من "الإرشاد".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه؛ ولكن قد جاء في "البخاري" وغيره من حديث جابر، وله شاهد أخرجه أبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، والنسائي في كتاب البيوع، باب الشفعة.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:

(121)

- 2456 - (م)(حدثنا محمد بن حماد الطِّهْرانيُّ) - بكسر الطاء المهملة وسكون الهاء - ثقة حافظ لم يُصب مَن ضعَّفه، من العاشرة، مات سنة إحدى وسبعين ومئتين (271 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري، ثقة، من

ص: 372

عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ:(سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَّصِلٌ).

===

التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن مالك) بن أنس المدني.

(عن الزهري) محمد بن مسلم.

(عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة) بن عبد الرحمن.

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، غرضه بسوقه: بيان متابعة محمد بن حماد لمحمد بن يحيى وعبد الرحمن بن محمد في رواية هذا الحديث عن أبي عاصم.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق الطهراني (نحوه) أي: نحو حديث محمد بن يحيى وقريبه في اللفظ؛ والمعنى: وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه.

(قال أبو عاصم) بالسند السابق: حديث (سعيد بن المسيب مُرْسَل) لأنه أسقط عنه الصحابي الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهو أبو هريرة (وأبو سلمة) أي: حديثه بقوله: (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم (متصل) أي: موصول السند لم يسقط عنه الصحابي الذي روى له.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث أبي رافع رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 373

(122)

- 2457 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّرِيكُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ".

===

(122)

- 2457 - (2)(حدثنا عبد الله بن الجراح) بن سعيد التميمي أبو محمد القُهُسْتَانِيُّ - بضم القاف والهاء وسكون المهملة ثم مثناة - نزيلُ نيسابور، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة اثنتين، ويقال: سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه: (د ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة، ثبت حافظ، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمرو بن الشريد) - بفتح المعجمة - الثقفي أبي الوليد الطائفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(خ م د س ق).

(عن أبي رافع) إبراهيم القبطي، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه، مات في أول خلافة علي على الصحيح. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو رافع: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشريك) في المال المُشْتَرَكِ الذي لم يُقسم (أحق) أي: مستحق (بـ) أخذ (سقبه) أي: بأخذ نصيب شريكه المتصل بنصيبه إذا باعه شريكه.

والسقب - بفتح السين والقاف وبعدها موحدة، وقد يقال بالصاد بدل السين، ويجوز فتح القاف وإسكانها - وهو القرب والمجاورة؛ أي: بأخذ نصيب شريكه القريب بنصيبه المتصل به المشاع مع نصيبه (ما كان) الشريك حاضرًا وإن كان

ص: 374

(123)

- 2458 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

===

غائبًا يُنْتظر إلى حضوره إن أمكن، وقيل: معناه: أيًّا كان ذلك النصيب قليلًا كان أو كثيرًا.

وثبوت الشفعة للشريك لا خلاف في ثبوته بين المذاهب، وإنما الخلاف في ثبوته للجار؛ فإنه ما قال به إلا أبو حنيفة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع والأجارات، باب في الشفعة، ولكن بلفظ الجار أحق بسقبه.

ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(123)

- 2458 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الزهري، عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن الزهري المدني.

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

ص: 375

قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ؛ فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ .. فَلَا شُفْعَةَ.

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) جابر: (إنما جَعَل) وحَكم (رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما) أي: في كل مشترك شائع (لم يقسم) بين الشركاء من قَبْلُ (فإذا) قُسم مِن قَبْلُ و (وقعت) وحصلت (الحدود) والعلامات التي تبين كل نصيب من أنصباء الشركاء (وصرفت) أي: بينت (الطرق) والشوارع لكل نصيب من الأنصباء.

قال القاري: أي: بينت الطرق؛ بأن تعددت وحصل لكل نصيب طريق خاص به وبِيعَ واحدٌ من تلك الأنصباء المعيَّنةِ .. (فلا شفعة) ولا أَخْذَ لباقي الشركاء في الأصل ذلك النصيبَ المبيعَ مِن مُشْتَرِيه، قال القاري: بعد القسمة؛ فعلى هذا إنما تكون الشفعة للشريك لا للجار، وهو مذهب الشافعي.

وأما من يرى الشفعة بالجوار لأحاديث وردت في ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه .. يقول: إنَّ قولَه: "فإذا وقعت الحدود" ليس من الحديث، بل شيء زاده جابر من عند نفسه. انتهى.

قلت: رُدَّ ذلك بأن الأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل، وورود ذلك في حديث غيره مُشْعِرٌ بعدم الإدراج؛ كما في حديث أبي هريرة الماضي في أول هذا الباب.

وقال المناوي: وقوله: "الحدود" جمع حد؛ وهو الفاصل بين شيئين؛ وهو هنا: ما يَتميَّز به الأملاكُ بعد القِسمة، فإذا وقعت الحدود؛ أي: بُيِّنت أقسامُ الأرض المشتركة؛ بأن قسمت وصار كل نصيب منفردًا .. فلا شفعة؛ لأن الأرض بالقسمة صارت غير مشاعة، دل على أن الشفعة تختص بالمشاع، وأنه لا شفعة للجار، خلافًا للحنفية. انتهى.

ص: 376

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال الإمام الخطابي: وهذا الحديث أبين وأوضح في الدلالة على نفي الشفعة لغير الشريك من الحديث الأول.

وكلمة (إنما) تعمل بركنيها في الإثبات والنفي؛ فهي مثبتة للشيء نافية لما سواه، فثبت أنه لا شفعة في المقسوم. انتهى من "العون".

وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب الشركة، باب الشركة في الأرضين وغيرها؛ وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في الشفعة، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء إذا حُدت الحدود ووقعت السهام .. فلا شفعة.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه بعضهم مرسلًا عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وبه يقول بعض فقهاء التابعين؛ كعمر بن عبد العزيز وغيره، وهو قول أهل المدينة؛ منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك بن أنس، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق؛ لا يرون الشفعة إلا للخليط، ولا يرون للجار شفعة إذ لم يكن خليطًا.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 377