الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.
===
(أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي) اسمه أبو الشحم الظفري، كذا رواه الشافعي والبيهقي؛ كما في "التلخيص الحبير"(3/ 35)(طعامًا) ورد عند البخاري في الجهاد والمغازي أنه كان ثلاثين صاعًا من الشعير، وكذا رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما عن ابن عباس، وأخرجه الترمذي عن ابن عباس فذكر عشرين، وجمع بينهما الحافظ في "الفتح" في الرهن (5/ 99) بأنه كان فوق العشرين ودون الثلاثين، فجبر الكسر تارة، وألغى أخرى بثمن مؤجل (إلى أجل) معلوم؛ يعني: إلى سنة؛ كما في "تنبيه المعلم"(ورهنه) أي: وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي (درعه) أي: درعًا له صلى الله عليه وسلم من حديد رهنًا لليهودي؛ لتكون وثيقةً للثمن المؤجل، قيد الدرع بالحديد؛ إخراجًا لدرع المرأة وهو قميصها. انتهى "كوكب".
قال السندي: قوله: (اشترى من يهودي
…
) إلى آخره، يدل على جواز البيع بالأجل، وعلى جواز الرهن، وعلى جواز المعاملة مع الكفرة، وعلى أن الذمي يمكَّن من السلاح، والظاهر أن الأجل كان معلومًا في العقد إلا أن التعبير وقع منه في الحديث بلفظ النكرة. انتهى منه.
وهذا الحديث في البيع بثمن مؤجل، وأخذ الرهن لذلك المؤجل.
فائدة
والرهن لغةً: الثبوت والدوام، ومنه الحالة الراهنة، وشرعًا: جعل عين ماليةٍ وثيقةً لدين يستوفى من ثمنها أو من أجرة منافعها عند تعذر الوفاء.
ويلزم الرهن بالعقد، ويجبر الراهن على دفع الرهن للمرتهن؛ كما هو مبسوط في كتب الفروع.
(62)
- 2397 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ،
===
قال الحافظ في كتاب السلم من "الفتح"(4/ 358): وفي هذا الحديث رد على من قال: إن الرهن في السلم لا يجوز، وقد أخرج الإسماعيلي من طريق ابن نمير عن الأعمش أن رجلًا قال لإبراهيم النخعي: إن سعيد بن جبير يقول: إن الرهن في السلم هو الربا المضمون، فرد عليه إبراهيم بهذا الحديث، ورويت كراهة ذلك عن ابن عمر والحسن والأوزاعي، وهي إحدى الروايتين عن أحمد، ورخص فيه الباقون، والحجة فيه قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} إلى أن قال: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (1)، واللفظ عام، فيدخل السلم في عمومه؛ لأنه أحد نوعي البيع. انتهى من "التكملة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر كالسفر، والنسائي في كتاب البيوع، باب الرجل يشتري الطعام إلى أجل ويسترهن البائع منه بالثمن رهنًا.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(62)
- 2397 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) البصري، ثقة ثبت، طلب للقضاء بين الناس فامتنع، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(1) سورة البقرة: (282، 283).
حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَقَدْ رَهَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ، فَأَخَذَ لِأَهْلِهِ مِنْهُ شَعِيرًا.
===
(حدثني أبي) علي بن نصر بن علي بن صهبان الجهضمي البصري، ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا هشام) بن أبي عبد الله سنبر - بوزن جعفر - الدستوائي البصري، ثقة ثبت، وقد رمي بالقدر، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، ولكنه يدلس كثيرًا، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أنس: (لقد رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: وضع (درعه) الحديد (عند يهودي) يسكن (بالمدينة) رهنًا له بسبب ما اشترى منه من الطعام بثمن مؤجل (فأخذ) رسول الله صلى الله عليه وسلم قوتًا (لأهله) وزوجاته (منه) أي: من ذلك اليهودي (شعيرًا) نحو ثلاثين صاعًا؛ كما صرح به في حديث ابن عباس الآتي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب البيوع، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب البيوع، باب الرهن في الحضر.
(63)
- 2398 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِطَعَامٍ.
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة رضي الله عنها.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عائشة بحديث أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(63)
- 2398 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام) الفزاري المدائني صاحب شهر بن حوشب، صدوق، من السادسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن شهر بن حوشب) الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، صدوق كثير الإرسال والأوهام، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أسماء بنت يزيد) بن السكن الأنصارية، تكنى بأم سلمة، ويقال: أم عامر، صحابية لها أحاديث. يروي عنها:(عم) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه شهر بن حوشب، وهو مختلف فيه، وثقه أحمد ويعقوب بن شيبة والدوري والعجلي، وضعفه شعبة وأبو حاتم والنسائي في كتاب "الضعفاء والمتروكين".
(أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي) بالبناء للمجهول (و) الحال أن (درعه مرهونة عند يهودي بطعام) اشترى النبي صلى الله عليه وسلم منه بعلة
(64)
- 2399 - (4) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ،
===
صرفه إلى أهله؛ وهو ثلاثون صاعًا من شعير كما هو مصرح به في حديث رواه ابن عباس في هذا الباب.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث أسماء أيضًا، وكذا ابن أبي شيبة، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"، والعجلي في "تاريخه" من حديث ابن حوشب، وله شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة في "البخاري" وغيره، انظر التخريج السابق، ومن حديث أنس بن مالك.
قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله وبما بعده، وإن كان سنده حسنًا؛ بسبب شهر بن حوشب، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة السابق أول هذا الباب.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(64)
- 2399 - (4)(حدثنا عبد الله بن معاوية) بن موسى (الجمحي) أبو جعفر البصري، ثقة معمر، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(د ت ق).
(حدثنا ثابت بن يزيد) الأحول أبو زيد البصري. روى عن: هلال بن خباب، وعاصم الأحول، وسليمان التيمي، ويروي عنه:(ع)، وعبد الله بن معاوية الجمحي، ومعاوية بن عمرو، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ثقة، أوثق من عبد الأعلى، وأحفظ من عاصم، ووثقه
حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَدِرْعُهُ رَهْنٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.
===
أبو داوود، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة تسع وستين ومئة (169 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا هلال بن خباب) - بخاء معجمة وموحدتين - العبدي مولاهم أبو العلاء البصري نزيل المدائن، صدوق تغير بأخرة، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عكرمة) البربري الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس أبي عبد الله المكي، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، حكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه) أي: قميصه من الحديد، يلبس في حالة الحرب؛ أي: مات والحال أن درعه (رهن) أي: مرهونة (عند يهودي) اسمه أبو الشحم؛ كما مر (بـ) سبب شراء النبي صلى الله عليه وسلم منه (ثلاثين صاعًا من شعير) بثمن مؤجل إلى سنة، كما في "تنبيه المعلم"، فأبى اليهودي إلا برهن، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي درعًا له، وهي ذات الفضول، والدرع زرد ينسج من حديد، وهو من لباس الحرب.
والحديث دليل على جواز الشراء بالنسيئة، وعلى جواز الرهن بالدين، وعلى جوازه في الحضر وإن كان الكتاب قيده بالسفر، وعلى جواز المعاملة مع أهل الذمة وإن كان مالهم لا يخلو عن الربا وثمن الخمر. انتهى من "المرقاة".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شواهد؛ منها: ما أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب (89)، رقم (2916)، ومنها: ما أخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب (7) ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل، رقم (1214)، وفيه عشرين صاعًا، والنسائي في كتاب البيوع (83)، باب مبايعة أهل الكتاب، وأحمد في "المسند"، والدارمي في كتاب البيوع، باب في السلف، وأبو يعلى في "مسنده".
فدرجته: أنه صحيح؛ لأن له شواهد ولصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
فالأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد، وكلها صحيحة.
والله سبحانه وتعالى أعلم