الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(37) - (827) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
(81)
- 2416 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ إِكْثَارَ النَّاسِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ:
===
(37)
- (827) - (باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة)
(81)
- 2416 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة إمام حجة قرين مالك، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج) الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن طاووس) بن كيسان اليماني، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنه) أي: أن ابن عباس (لما سمع إكثار الناس في) رواية النهي عن (كراء الأرض) ببعض ما يخرج منها؛ يعني: المخابرة .. (قال) ابن عباس،
سُبْحَانَ اللهِ! إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا مَنَحَهَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ"، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كِرَائِهَا.
===
وجملة قال جواب لما؛ أي: لما سمع إكثار الناس الكلام في رواية النهي عن المخابرة .. قال تعجبًا من إكثارهم رواية ما لا يعلمون: (سبحان الله! ) أي: تنزيهًا لله عن كل ما لا يليق به (إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) هذه الكلمة فيها تحريف من النساخ والصواب: (لأن) منحها - بتقديم لام الألف على الهمزة - والرواية: (منحها أحدكم أخاه)، وعلى تقدير ما صوبناه فإن اللام لام الابتداء، وجملة أن المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء، وخبره محذوف؛ كما تدل عليه الرواية الآتية؛ والتقدير: لأن يمنح ويعطي أحدكم أرضه الفارغة الفاضلة أخاه المسلم؛ لينتفع بها؛ أي: لثواب منيحته له .. خير له من أن يؤجرها ويأخذ عليها أجرةً معجلةً معينة (ولم ينه) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن كرائها) ومخابرتها ببعض ما يخرج منها.
وليس الإخبار عن خيرية منيحتها نهيًا عن كرائها، فكيف يقولون: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كرائها ببعض ما يخرج منها؟ ! ولفظ "مسلم" مع شرحه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يمنح) ويعطي (أحدكم أخاه) المسلم (أرضه) أي: مزرعته منيحةً له عارية؛ أي: لمنيحة أحدكم أرضه ومزرعته لأخيه منحةً له عارية .. (خير له) أي: أكثر أجرأ له (من أن يأخذ عليها) منه (خرجًا معلومًا) أي: أجرة معينة معلومة، فالرسول صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن خيرية المنيحة على المزارعة بالثلث أو الربع ولم ينه عن المزارعة، فلذلك زارعت على أرض وخابرت عليها. انتهى.
(81)
- 2416 - (م) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحرث والمزارعة، باب حدثنا علي بن عبد الله، ومسلم في كتاب البيوع، باب الأرض تمنح، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في المزارعة والثمر، والترمذي في كتاب الأحكام، باب من المزارعة، قال أبو عيسى: هذا الحديث حسن صحيح، وحديث رافع فيه اضطراب، والنسائي: في كتاب المزارعة، باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، وسيذكره المصنف.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فقال:
(81)
- 2416 - (م)(حدثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل (العنبري) أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا معمر) بن راشد العبدي البصري، ثقة، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله (بن طاووس) بن كيسان اليماني أبي محمد، ثقة فاضل عابد، من السادسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضَهُ .. خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ"، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:(هُوَ الْحَقْلُ؛ وَهُوَ بِلِسَانِ الْأَنْصَارِ الْمُحَاقَلَةُ).
===
(عن أبيه) طاووس بن كيسان اليماني أبي عبد الرحمن الحميري مولاهم الفارسي، يقال: اسمه ذكوان، وطاووس لقبه، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، غرضه: بيان متابعة ابن طاووس لعمرو بن دينار في الرواية عن طاووس.
(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يمنح) ويعطي (أحدكم أخاه) المسلم (أرضه) الفاضلة عنه الفارغة من الزرع والشجر منيحة له بلا عوض .. (خير له) أي: أكثر أجرًا له (من أن يأخذ) منه (عليها) أي: على تلك الأرض، قال السندي: قوله: "لأن يمنح" اللام فيه لام الابتداء، والمصدر المؤول من أن المصدرية مبتدأ، خبره "خير"، وقوله:(كذا وكذا) من الأجرة.
وقوله: (لشيء معلوم) تفسير من بعض الرواة لكناية كذا وكذا؛ أي: يعني النبي صلى الله عليه وسلم بـ (كذا وكذا) لشيء معلوم من الأجرة؛ كالربع والثلث، أي: خير له من أن يأخذ عليها (كذا) أي: ثلث ما يخرج (وكذا) أي: أو ربع ما يخرج منها (وقال ابن عباس) في تفسير كرائها: (هو الحقل؛ وهو) أي: الحقل (بلسان الأنصار) ولغتهم (المحاقلة) أي: المخابرة؛ أي: كراء الأرض ببعض ما يخرج منها؛ كالثلث والربع، والبذر من العامل.
(82)
- 2417 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَثَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ
===
والمراد من هذه الرواية: بيان المتابعة؛ فالحديث هو نفس الأول، وإنما كرر المتن؛ لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(82)
- 2417 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).
(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أبي سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن حنظلة بن قيس) بن عمرو بن حصن بن خلدة الزرقي المدني، ثقة، من الثانية، قيل: له رؤية. يروي عنه: (خ م د س ق).
(قال) حنظلة: (سألت رافع بن خديج) الأنصاري الأوسي المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَكَ مَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلي مَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ، فَنُهِينَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِمَا أَخْرَجَتْ، وَلَمْ نُنْهَ أَنْ نُكْرِيَ الْأَرْضَ بِالْوَرِقِ.
===
(قال) رافع: (كنا) معاشر الأنصار أو معاشر أهل دارنا (نكري الأرض) أي: المزارع ونزارع عليها (على أن لك) أيها العامل على الأرض (ما أخرجت) أي: زرعًا أخرجته وأنبتته (هذه) القطعة من المزرعة (و) على أن (لي) يريد مالك الأرض (ما) أي: زرعًا (أخرجتـ) ـه وأنبتته (هذه) القطعة من المزرعة، وفي رواية مسلم زيادة:(فربما أخرجت) وأنبت (هذه) القطعة التي شرطت لصاحب الأرض (ولم تخرج) أي: لم تنبت (هذه) القطعة التي شرطت للعامل، فوقعت بينهما المخاصمة (فنهينا) نحن معاشر أصحاب المزارع من (أن نكريها) أي؛ من أن نكري المزارع ونؤجرها (بـ) عوض يكون من (ما أخرجتـ) ـه الأرض؛ أي: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ أي: عن كراء الأرض بهذا الشرط المذكور؛ لما فيه من الغرر واستبداد أحد الجانبين بالزرع المؤدي إلى التخاصم.
(ولم ننه) - بضم النون الأولى وسكون الثانية على صيغة المبني للمجهول المجزوم - أي: لم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من (أن نكري الأرض) والمزارع ونؤجرها (بالورق) أي: بالفضة أو بالذهب أو بالطعام المعين حالة العقد غير الخارج من الأرض؛ لعدم الغرر والاستبداد المذكورين فيه.
قال الخطابي: قد أعلمك رافع بن خديج في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم، وأنه كان من عادتهم أن يشترطوا فيها شروطًا فاسدةً، وأن يستثنوا من الزرع ما على السواقي والجداول فيكون خاصًّا لرب الأرض والمزارعة شركة، وحصة الشريك لا يجوز أن تكون مجهولة، وقد يسلم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ما على السواقي ويهلك سائر الزرع، فيبقى المزارع لا شيء له، وهذا غرر وخطر. انتهى من "العون".
وقال الخطابي أيضًا: وضعف أحمد بن حنبل حديث رافع بن خديج، وقال: هو كثير الألوان؛ يعني: اضطراب هذا الحديث واختلاف الروايات عنه؛ فمرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرة يقول: حدثني عمومتي عنه، وجوز أحمد المزارعة؛ يعني: المخابرة، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى اليهود أرض خيبر مزارعة، ونخلها مساقاة، وأجازها ابن أبي ليلى ويعقوب ومحمد، وهو قول ابن المسيب وابن سيرين والزهري وعمر بن عبد العزيز، وأبطلها أبو حنيفة ومالك والشافعي.
قال الخطابي: وإنما صار هؤلاء إلى ظاهر الحديث من رواية رافع بن خديج ولم يقفوا على علته؛ كما وقف عليها أحمد، فالمزارعة على النصف والثلث والربع وعلى ما تراضى به الشريكان جائزة إذا كانت الحصص معلومة، والشروط فاسدة معدومة، وهي عمل المسلمين في بلدان الإسلام شرقها وغربها. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحرث والمزارعة، باب ما يكره من الشروط في الزراعة، ومسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض بالذهب والورق، وأبو داوود في كتاب البيوع، باب المزارعة، والنسائي في كتاب المزارعة، باب ذكر الأحاديث المختلفة، ومالك في "الموطأ".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والأخير للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم