الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(15) - (805) - بَابُ الْحَوَالَةِ
(28)
- 2363 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ،
===
(15)
- (805) - (باب الحوالة)
الحوالة - وهي بفتح الحاء، وحكي كسرها - لغةً: التحول؛ أي: الانتقال.
وشرعًا: نقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.
وأركانها خمسة، بل ستة: محيل، ومحتال، ومحال عليه، ودينان: دين المحتال على المحيل، ودين المحيل على المحال عليه، وصيغة؛ كما في البيع؛ كأحلتك على فلان بالدين الذي لك عليَّ، على الدين الذي لي على فلانٍ، وهي رخصة؛ لأنها بيع دين بدين، جوز للحاجة على الأصح، وقيل: إنها استيفاء. انتهى "ب ج".
(28)
- 2363 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا سفيان بن عيينة) الهِلَالِيُّ الكوفي ثم المكي، ثقة إمام مدلس، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الظُّلْمُ مَطْلُ الْغَنِيِّ،
===
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظلم مطل الغني) في الكلام تقديم وتأخير؛ تقديره: أي: مطل الغني ظلم؛ لأن المحكوم عليه هو المطل، والظلم محكوم به؛ كما في رواية حديث ابن عمر الآتي.
وفي حديث أبي هريرة في رواية مسلم: (مطل الغني) أي: تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال وتأخيره عن أدائه (ظلم) منه لرب الدين، فهو حرام، بل كبيرة.
قال القاضي وغيره: المطل: منع قضاء ما استحق أداؤه.
فمطل الغني؛ ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام؛ لمفهوم الحديث، ولأنه معذور، ولو كان غنيًا، ولكنه ليس متمكنًا من الأداء؛ لغيبة المال أو لغير ذلك، فيجوز له التأخير إلى وقت الإمكان.
قال القرطبي: المطل: منع قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن من ذلك، وطلب المستحق حقه، يقال: مطل الدين؛ من باب نصر؛ إذا امتنع من أدائه مع تمكنه منه.
وقوله: (مطل الغني) من باب إضافة المصدر إلى فاعله، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه في أصل اللغة، وهو في الشرع محرم مذموم.
ووجهه هنا: أنه وضع المنع موضع ما يجب عليه من البذل، فحق به الذم والعقاب.
وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ .. فَلْيَتْبَعْ".
===
(وإذا أتبع أحدكم) بالبناء للمفعول؛ من الاتباع؛ وهو أن يجعل غيره يطالب ثالثًا؛ وهو إحالة الدين على الثالث؛ أي: إذا أحيل أحدكم بدينه (على) محال عليه (مليء) - بهمز آخره - فعيل من ملؤ الرجل بوزن كرم؛ إذا صار غنيًا، فهو مليء، ورواه بعضهم بتشديد الياء، فكأنه الهمزة؛ ولهذا قال الكرماني: الملي كالغني لفظًا ومعنىً، ورد بأن أصله مهموز.
(فليتبع) - بفتح الياء وإسكان التاء أمر من باب سمع - أي: إذا أحيل أحدكم على محال عليه موسر .. فليحتل؛ وذالك لما فيه من التيسير على المديون.
والأمر فيه محمول على الندب عند الجمهور؛ لأنه من باب المعروف والتيسير على المعسر.
وحمله داوود على الوجوب؛ تمسكًا بظاهر الأمر، فليس بصحيح؛ لأن ملك الذمم كملك الأموال، وقد أجمعت الأمة على أن الإنسان لا يجبر على المعاوضة بشيء من ملكه بملك غيره، فكذلك الذمم.
وأيضًا فإن نقل الحق من ذمة إلى ذمة تيسير على المعسر وتنفيس عنه، فلا يجب، وإنما هو من باب المعروف بالاتفاق.
وإذا تقرر ذلك .. فالحوالة معناها: تحويل الدين من ذمة إلى ذمة، وهي مستثناة من بيع الدين بالدين؛ لما فيها من الرفق والمعروف، ولها أركان وشروط مبسوطة في الفروع. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحوالة، باب إذا أحال على مليء .. فليس له رد، وفي كتاب الاستقراض، باب مطل الغني ظلم، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغني، وأبو داوود في كتاب
(29)
- 2364 - (2) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
===
البيوع، باب ما جاء في المطل، والنسائي في كتاب البيوع، باب مطل الغني، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في مطل الغني أنه ظلم، ومالك في كتاب البيوع، والدارمي في كتاب البيوع.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(29)
- 2364 - (2)(حدثنا إسماعيل بن توبة) بن سليمان بن زيد الثقفي أبو سليمان الرازي، أصله من الطائف، ثم نزل قزوين، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا هشيم) بن بشير بن القاسم أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يونس بن عبيد) بن دينار العبدي أبي عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات، إلا أنه منقطع؛ لأن يونس بن عبيد لم يسمع من نافع شيئًا.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُحِلْتَ عَلَى مَلِيءٍ .. فَاتْبَعْهُ".
===
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني) أي: تسويفه وتأخيره أداء الدين الذي حل أجله بلا عذر (ظلم) أي: تعد على صاحب الدين حرام من الكبائر (وإذا أحلت) أيها الدائن بدينك، وهو بضم الهمزة مبني للمفعول؛ من الإحالة؛ أي: أحالك المحيل (على) محال عليه (مليء) أي: غني بما يدفعه في قضاء الدين الذي أحيل عليه .. (فاتبعه) - بفتح الفاء ودرج الهمزة وسكون التاء وفتح الموحدة وسكون العين - لأنه أمر مبني على السكون؛ أي: فاحتل على ذلك الغني؛ أي: فَاتْبَعْ المحيلَ ووافق إحالتَه إياك على المحال عليه الغني؛ تيسيرًا عليه في قضائه دينك، والهمزة في قوله:(وإذا أحلت) همزة قطع.
وفي قوله: (فاتبعه) همزة الوصل.
قوله: (مطل الغني) أي: تأخيره أداء الحق من وقتٍ إلى وقتٍ بغير عذرٍ (ظلم) فإنَّ المَطْلَ منعُ أداء ما استحق أداؤه، وهو حرام من المتمكن، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا .. جاز له التأخير إلى الإمكان، ذكره النووي.
قال الحافظ: المراد بالغني هنا: من قدر على الأداء فأخره، ولو كان فقيرًا.
قال: وقوله: "مطل الغني" هو من إضافة المصدر للفاعل عند الجمهور، والمعنى: أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه، بخلاف العاجز.
وقيل: هو من إضافة المصدر للمفعول، والمعنى: يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيًّا، ولا يكون غناه سببًا لتأخير حقه عنه، وإذا كان كذلك في حق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الغني .. فهو في الفقير أولى، ولا يخفى بُعْدُ هذا التأويل. انتهى، انتهى من "التحفة".
قوله: "إذا أحلت على مليء" أي: وإذا جعلت محتالًا تابعًا للغير بطلب الحق وأخذه منه.
قوله: "على مليء" أي: غني، قال في "النهاية": المليء - بالهمزة - الثقة الغني، وقد أولع الناس فيه بترك الهمزة وتشديد الياء. انتهى.
قوله: "فاتبعه" أي: فاتبع المحال عليه والحقه؛ لتأخذَ منه حقَّك؛ أي: فلتحتل؛ أي: فلتقبل الحوالة. انتهى باختصار من "التحفة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي.
فدرجته: أنه صحيح بما قبله وإن كان سنده منقطعًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم